بقلم ذ محمد يوسف
منتدب قضائي

إن التبليغ في العمل القضائي هو الأس الرفيع لتحقيق العدالة وحماية الحقوق، بدءا بمقال الدعوى إلى غاية تنفيذ أحكام القضاء.

ومن الأحكام القضائية ما يكون منطوقها مصرحا بإجراء قسمةَ تصفية لإنهاء حالة الشياع ببيع العقار بالمزاد العلني.

أو يكون مؤداها حجزا عقاريا ينتهي بين يدي مأموري إجراءات التنفيذ لإعمال مسطرة البيع بالمزاد العلني للعقار المحجوز ضمانا لأداء مبلغ أو دين أو نفقة… امتنع المنفذ عليه عن أدائها فحجز عقاره تلقائيا أو حول الحجز التحفظي على عقاره إلى حجز تنفيذي.

كما أن من البيوعات القضائية ما يكون بناء على إنذار عقاري بمثابة حجز تنفيذي على عقار انصرم أجل خمسة عشر يوما ولم يبرأ المدين ذمته بأداء دينه. فضلا عن بيوعات أخرى كبيع الأصول التجارية وبيع السفن والطائرات.
ومحل التحرير في هذا المقام هو مسطرة تبليغ الأطراف الشركاء في الشياع لحضور جلسة بيع عقارهم بالمزاد العلني.

والبيع القضائي لعقار إما يكون بناء على حكم قضى بإجراء قسمة تصفية لإنهاء حالة الشياع، أو بناء على حجز تنفيذي على عقار المدين أو على حصته في المشاع.

وإذا كان المشرع قد فصل في إجراءات بيع عقار المدين بناء على حجز تنفيذي، فإنه سكت تماما عنها في قسمة التصفية لإنهاء حالة الشياع، وأن قياسها على الاجراءات الواردة في سياق بيع عقار القاصر والحجوزات العقارية أثار أمام المحاكم شكايات وطعون في مسطرة البيع، واختلاف بين القضاء والدفاع وكتابة الضبط.

ولرفع اللبس الحاصل في المسألة وددت أن أقارب محل الخلاف بمنهجية ميسورة من خلال مطلبين أساسيين:

المطلب الأول: تحرير محل الخلاف في مسطرة التبليغ لبيع عقار الشركاء بالمزاد العلني
المطلب الثاني: تأصيل وتقصيد مسطرة التبليغ لبيع عقار الشركاء بالمزاد العلني

المطلب الأول: تحرير محل الخلاف في مسطرة التبليغ لبيع عقار الشركاء بالمزاد العلني

إن البيع القضائي لعقار بالمزاد العلني كما ذكرت، إما يكون بناء على حكم قضى بإجراء قسمة تصفية لإنهاء حالة الشياع بين الشركاء، أو بناء على حجز تنفيذي على عقار المدين ضمانا لأداء ما بذمته للدائن.

لكن المشرع المغربي بسط الفصول الاجرائية في مسألة البيع بناء على حجز تنفيذي وسكت عنها في تنفيذ قسمة التصفية.

فكان المصرح به سندا بالقياس للمسكوت عنه

. ولذلك جرى عمل المحاكم في تبليغ البيع بالمزاد العلني بناء على حكم بقسمة التصفية لانهاء حالة الشياع بتبليغ جميع أطراف الحكم أو القرار إعلانا عن جلسة البيع بالمزاد العلني قياسا على القواعد العامة في التنفيذ وكذا الفصول 209 و 473 و 476 من قانون المسطرة المدنية، والمادة 219 من مدونة الحقوق العينية.

ومحل الخلاف في المسألة هو الفهم المتباين للفصل 473 من قانون المسطرة المدنية الذي نص على أنه “يخطر في حالة الشياع عون التنفيذ في حدود الإمكان شركاء المنفذ عليه في الملكية بإجراءات التنفيذ المباشرة ضد شريكهم حتى يتسنى لهم المشاركة في السمسرة”.

فبعض المتقاضين أو من ينوب عنهم يستنبطون من الفصل 473 من قانون المسطرة المدنية قولهم بعدم تبليغ إجراءات البيع بالمزاد العلني لأطراف الحكم في قسمة التصفية الذين وإن كانوا مالكين في الشياع فلا يمكن تنزيلهم منزلة الشركاء كما ورد في سياق البيع الجبري لنصيب أحدهم.

فهم يعتبرون أن إخطار الشركاء في الشياع وتبليغهم يكون فقط في حالة البيع الجبري لحصة أحد شركائهم حتى يتسنى لهم شراء حصته، ولا يستحقون شفعتها. أما في حالة الحكم بقسمة التصفية لإنهاء الشياع بينهم فلا يصح تبليغهم بإجراءات البيع بالمزاد العلني لأنه لا نص فيه.

وهذا فهم لا وجه له حتى ولو كان الدفع به بحسن نية.

وإلا فما وجه القول بعدم تبليغ جميع الشركاء أطراف الحكم في قسمة التصفية؟ وما الضرر اللاحق في تبليغهم لحضورهم جميعا جلسة بيع عقارهم بالمزاد العلني؟ أليس في تبليغهم زيادة في عدد المتزايدين وفي فرص بيع عقارهم لإنهاء حالة الشياع بينهم؟.

فكم من قسمة تصفية نفذت مزايدة بشراء أحد الشركاء حظوظ باقي شركائه. فَلِمَ نفوت على ميسور منهم فرصة شراء عقارهم وإنهاء حالة الشياع بينهم؟ وقد يكون الشريك المشتري أخ لباقي الشركاء. والأنفس السليمة تهنأ وترضى بشراء أحد الاخوة عقارهم الذي ورثوه عن أبائهم وأجدادهم، فتطمئن قلوبهم باستمرار أثر الأجداد بين يدي أحدهم.

في حين تتملك الحسرة والندامة أنفس بعضهم إذا سار هذا الأثر بين يدي مشتر غريب.

ومنطوق النص 473 من قانون المسطرة المدنية هو إخطار أو تبليغ الشركاء في الشياع في حدود الامكان بإجراءات التنفيذ المباشر حتى يتمكنوا من المشاركة في السمسرة وشراء نصيب شريكهم، لأن هذا البيع القضائي لنصيب شريكهم يسقط عنهم حق الشفعة بمقتضى الفصل 302 من من مدونة الحقوق العينية الذي ينص على أنه “إذا بيعت الحصة المشاعة في المزاد العلني وفق الإجراءات المنصوص عليها في القانون فلا يجوز أخذها بالشفعة”.

أما المفهوم المخالف لمنطوق النص 473 من قانون المسطرة المدنية أو ما يسمى “دليل الخطاب” فهو عدم تبليغ من ليس شريكا للمنفذ عليه عند البيع الجبري لعقاره أو نصيبه المحجوز، ولا يفهم منه عدم تبليغ الشركاء في قسمة التصفية لانهاء حالة الشياع بينهم.

كما أن تعليل تبليغ الشركاء في الشياع أو عدم تبليغهم، بسقوط حق الشفعة بنص الفصل 302 من مدونة الحقوق العينية، ينسحب على الحالتين معا. فحق الشفعة تسقط عند البيع القضائي لحصة المنفذ عليه بناء على حجز عقاري، كما تسقط إذا بيع العقار بناء على حكم بقسمة التصفية لإنهاء حالة الشياع.

وكتاب السيد وزير العدل حول مسطرة البيع بالمزاد العلني في تاريخ: 17 يناير 2017 الذي طلب من خلاله احترام الاجراء المنصوص عليه في الفصل 473 من قانون المسطرة المدنية. وذلك بإخطار شركاء المنفذ عليه في الملكية بإجراءات التنفيذ المباشرة ضد شريكهم حتى يتسنى لهم المشاركة في السمسرة، تلافيا للمطالبة بالشفعة طبقا لمقتضيات المادة 302 من مدونة الحقوق العينية.

هو قول توجيهي سديد لأن أغلب الشكايات والطعون في البيع بالمزاد العلني إنما تثار من قبل الشركاء عند البيع الجبري لنصيب شريكهم بناء على حجز تنفيذي.

ولكن لا يفهم من هذا التوجيه الاكتفاء فقط بالتبليغ للشركاء في إجراءات البيع الجبري لنصيب شريكهم. أو أنه يستثني بموجبه التبليغ للشركاء عند البيع القضائي بناء على حكم بقسمة التصفية لإنهاء حالة الشياع.

المطلب الثاني : تأصيل وتقصيد مسطرة التبليغ لبيع عقار الشركاء بالمزاد العلني

أولا: تأصيل وتقصيد مسطرة تبليغ الشركاء ببيع عقار بناء على حجز تنفيذي

ألزم المشرع المغربي مأمور إجراءات التنفيذ بتبليغ الأطراف في البيع الجبري للعقارات المحجوزة بالاطلاع على دفتر التحملات، وتاريخ إجراء السمسرة العمومية بإعلان محرر عن البيع بالمزاد العلني أو بإنذار.

وحدد المشرع في الفصول 473 و 474 و 475 و 476 من قانون المسطرة المدنية، والفصل 219 من مدونة الحقوق العينية، الأطراف الذي يجب تبليغهم كما يلي:

* تبليغ المحجوز عليه: يتعين على مأموري التنفيذ تبليغ المحجوز عليه بتاريخ السمسرة في العشرة أيام الأولى الموالية لتحديد تاريخ البيع و تنبيهه إلى وجوب حضور عملية السمسرة، ثم يعاد نفس الإجراء في العشرة أيام الأخيرة السابقة عن تاريخ البيع. وإذا تعلق الأمر بإنذار عقاري تعين استدعاء المحجوز عليه للإطلاع على دفتر التحملات والشروط داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ إيداع هذا الدفتر.

دليله: الفصل 476 من قانون المسطرة المدنية. والمادة 219 من مدونة الحقوق العينية.

مقصده: إشعار المحجوز عليه بجدية القضاء وعزمه على عرض عقاره أو حظه منه للبيع الجبري ضمانا لأداء ما بذمته للدائن أو الدائن المرتهن، فقد يدفعه ذلك إلى الاسراع بأداء دينه قبل خسارة عقاره أو نصيبه منه.

* تبليغ شركاء المحجوز عليه: يتعين على مأمور التنفيذ في حالة الشياع وفي حدود الامكان إخطار شركاء المنفذ عليه في الملكية بإجراءات التنفيذ المباشرة ضد شريكهم حتى يتسنى لهم المشاركة في السمسرة.

وكذلك أوجب المشرع تبليغ الشركاء إذا تعلق الأمر بإنذار عقاري حيث يتعين استدعاءهم للإطلاع على دفتر التحملات والشروط داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ إيداع هذا الدفتر.

دليله: الفصل 473 من قانون المسطرة المدنية، والمادة 219 والمادة 302 من مدونة الحقوق العينية.

مقصده: الزيادة في عدد المتزايدين وفي فرص بيع نصيب المنفذ عليه لأحد الشركاء، فهم أكثر إقبالا على شراء نصيب شريكهم وكف الغير عن الدخول معهم في الشياع. كما قد يدفعهم الاشعار بالبيع إلى حث شريكهم على أداء ما بذمته، وقد يكون ذلك مدعاة للتضامن بينهم لتخليصه من الدين المسبب للحجز على أحد الحظوظ المشاعة بينهم.

والمقصد أيضا من استدعاء الشركاء أن البيع القضائي الجبري طبقا للقانون يسقط عنهم حق الشفعة طبقا للفصل 302 من مدونة الحقوق العينية.

* تبليغ العموم: يتعين تبليغ العموم بإعلان البيع الجبري لعقار بالمزاد العلني عبر التعليق على باب مسكن المحجوز عليه وعلى كل واحد من العقارات المحجوزة وكذا في الأسواق المجاورة لكل عقار من هذه العقارات، وباللوحة المخصصة للإعلانات في المحكمة الابتدائية التي يوجد مقرها بمحل التنفيذ، وبمكاتب السلطة الإدارية المحلية. وعبر الإشهار في الصحافة والإذاعة… المأمور بها عند الاقتضاء من طرف الرئيس حسب أهمية الحجز.

دليله: الفصل 474 من قانون المسطرة المدنية.
مقصده: إعلام العموم بالبيع للرفع من عدد المشاركين في السمسرة وزيادة في فرص بيع العقار.

* تبليغ المكتري لعقار المحجوز عليه: يبلغ مأمور التنفيذ الاشعار بالبيع الجبري لعقار المكري المحجوز عليه.
دليله: الفصل 475 من قانون المسطرة المدنية.

مقصده: يعتبر التبليغ للمكتري بمثابة حجز لدى الغير بين يديه على المبالغ التي سيؤديها للمكري المحجوز عليه خلال المدة الموالية لهذا التبليغ.

* تبليغ أصحاب الحقوق العينية: إذا تعلق الأمر بإنذار عقاري، فإنه يتعين توجيه إنذار لجميع أصحاب الحقوق العينية الواردة على الملك، داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ إيداع هذا الدفتر.

دليله: المادة 219 من مدونة الحقوق العينية.

مقصده: اطلاع أصحاب الحقوق العينية على دفتر التحملات والشروط.
* تبليغ المتزايدين الذين قدموا عروضهم بكتابة الضبط: يحق لكل راغب في المشاركة في المزايدة تقديم عرضه لدى مأمور إجراءات التنفيذ، ويجب استدعاء كل من قدم عرضا في العشرة أيام الأخيرة قبل المزايدة.

دليله: الفصل 474 والفصل 476 من قانون المسطرة المدنية.

مقصده: الرفع من عدد المشاركين في السمسرة زيادة في فرص بيع العقار.

ثانيا: تأصيل وتقصيد مسطرة تبليغ الشركاء ببيع عقارهم بناء على حكم بقسمة تصفية

إن تنفيذ حكم قضى بقسمة تصفية لإنهاء حالة الشياع بين الشركاء يتم عن الطريق البيع بالمزاد العلني انطلاقاً من الثمن الذي حددته الخبرة وقرره القضاء في منطوق حكمه ثم يوزع الثمن الذي رسى عليه المزاد بين الشركاء كل بحسب حصة ما يملكه في الشياع. لكن المشرع المغربي سكت تماما عن إجراءات تنفيذ قسمة التصفية بالبيع بالمزاد العلني لانهاء حالة الشياع بين الشركاء.

فجرى عمل محاكم المملكة بالإحالة على قانون الالتزامات والعقود وقانون المسطرة المدنية في الفصل 209 المتعلق ببيع عقار القاصر والفصول من 473 إلى 487 المخصص لاجراءات البيع الجبري للعقارات المحجوزة، والمواد 219 و220 و221 و302 من الحقوق العينية…

وكان سكوت المشرع المغربي عن إجراءات تنفيذ قسمة التصفية مدعاة لاجتهاد المحاكم بالقياس على الاجراءات الواردة في البيع الجبري للعقارات المحجوزة مما سبب الاختلاف في مسألة تبليغ الشركاء باجراءات البيع بالمزاد العلني لانهاء حالة الشياع بينهم.

فقالت طائفة بوجوبه. وذهبت طائفة إلى القول بالاكتفاء بتبليغ الشركاء بالحكم الذي به فتح آجال الطعن بالاستئناف أو النقض، وأنه لا وجه لتبليغهم بإجراءات البيع بالمزاد العلني إذ لا نص فيه، فيكون تبليغهم باطلا لا سند له. إلا أن من هذه الطائفة من يدفع ببطلان التبليغ للشركاء عن حسن نية ومنهم من يدفع به عن سوء نية، إما تحايلا على القضاء حتى لا يتم البيع، أو لإبعاد شريك ميسور قادر على شراء العقار وفسح المجال لغيره شريكا كان أم أجنبيا.

لكن مع إمكانية قولنا بصحة عدم تبليغ إجراءات البيع بالمزاد العلني للشركاء في قسمة التصفية، لأن المشرع لم يلزم به المكلف بالتنفيذ مثل ما ألزمه في البيع الجبري لعقار المحجوز.

مع اعتبار أن قضية قسمة التصفية قبل تنفيذها سلكت سبل التقاضي كلها وبلغ الأطراف بجلساتها، كما بلغوا بالحكم حتى اكتسب قوة الشيء المقضي به فنكتفي به مع افتراض أن القسمة لانهاء الشياع مصلحة مشتركة بين أطرافها.

إلا أن الراجح من القول عندي هو إلزام المكلف بالتنفيذ بتبليغ إجراءات البيع بالمزاد العلني قبل كل جلسة للشركاء في قسمة التصفية لإنهاء حالة الشياع بينهم بقيود أحددها كما يلي:

1- بمجرد صدور حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به في قسمة التصفية وتقديم طلب تنفيذه يحرر مأمور إجراءات التنفيذ محضرا بمثابة تقييد احتياطي أو عقل أو حجز تحفظي يبلغ إلى السيد المحافظ على الأملاك العقارية إذا كان العقار موضوع القسمة عقارا محفظا فيمنع بيعه أو رهنه أو تفويته أو كرائه.

وإذا كان العقار غير محفظ يبلغ إلى السيد رئيس المحكمة الإبتدائية التي يوجد العقار في دائرة نفوذها للقيام بالمتعين.
2- يلزم المكلف بالتنفيذ بتبليغ الشركاء الواردة أسماؤهم في حكم قسمة التصفية بإجراءات البيع بالمزاد العلني. ولا يلزم بتبليغ أي شريك يدخل في الرسم العقاري بعد صدور الحكم.

3- لا يلزم المكلف بالتنفيذ بالقيام بإجراءات قسمة التصفية قبل كل جلسة للبيع بالمزاد العلني بما فيها التبليغ لأطراف الحكم إلا بناء على تقديم طالب التنفيذ أو من ينوب عنه طلبا إلى كتابة الضبط بتحديد تاريخ الجلسة والسهر على اجراءاتها.

* أدلة القول بتبليغ الشركاء ببيع عقارهم بناء على حكم بقسمة تصفية:
أ- بما أنه قد جرى عمل المحاكم في إجراءات البيع بالمزاد العلني في قسمة التصفية من إعداد دفتر التحملات وتحرير الاعلان عن البيع بالمزاد العلني وتعليقه وإشهاره قياسا أو إحالة على الاجراءات المنصوص عليها في البيع الجبري للعقارات المحجوزة في قانون المسطرة المدنية ومدونة الحقوق العينية، فإن تبليغ الشركاء في قسمة التصفية أولى بالإحالة والقياس. فيكون تبليغ الشركاء في قسمة التصفية كتبليغ المحجوز عليه وشركائه في البيع الجبري للعقار المحجوز مع مراعاة القيود المذكورة أعلاه.

ب- القرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 2673 الصادر بتاريخ 8 يونيو 2010 في الملف رقم 2008/1/1/2847 أن القاعدة: “ما دام الأمر يتعلق بتنفيذ حكم صادر قبل شراء الطاعن قضى بالقسمة قسمة تصفية فعون التنفيذ في هذه الحالة إنما يجب عليه استدعاء أطراف الحكم الذي يجري تنفيذه وليس الطاعن الذي دخل للرسم العقاري بعد الحكم الذي يجري تنفيذه”.

وأضاف القرار في التعليل قولا بأنه “لا مجال في النازلة للاستدلال بالفصل 456 من قانون المسطرة المدنية لتعلقه بالحائز لمنقول أو عقار موضوع حجز تحفظي حين أوجب المشرع تبليغه محضر الحجز حتى لا يخرج الشيء المحجوز من يده، ولا بالفصل 473 المتعلق بحجز العقار حجزا تنفيذيا حيث أوجب المشرع إخطاره بالحجز ليتسنى له المشاركة في السمسرة، والأمر في نازلة الحال يتعلق بتنفيذ حكم صادر قبل شراء الطاعن قضى بالقسمة قسمة تصفية، فعون التنفيذ في هذه الحالة إنما يجب عليه استدعاء أطراف الحكم الذي يجري تنفيذه إذ لا علم له بطرف آخر دخل للرسم العقاري بعد الحكم الذي يجري تنفيذه”.

كما أضاف أيضا القول بأنه “…مادام الأمر كذلك فإن كتابة الضبط لم تخرق القانون بعدم استدعاء المدعي لحضور عملية البيع فهي مقيدة بالحكم الموكول إليها تنفيذه وقسمة التصفية لا تهم سوى طرفي هذا الحكم”.

نستنبط من القرار أن المكلف بالتنفيذ ملزم بتبليغ الشركاء أطراف الحكم بقسمة التصفية لحضور جلسة البيع بالمزاد العلني.

* تقصيد القول بتبليغ الشركاء ببيع عقارهم بناء على حكم بقسمة تصفية:
إذا كان المقصد الغالب كما بينت سابقا من التبليغ في البيع الجبري لعقار المحجوز عليه فضلا عن إبراء ذمته بأداء دينه، هو زيادة عدد المشاركين في السمسرة وخلق فرص البيع وتمكين الشركاء من شراء نصيب شريكهم وإسقاط حق الشفعة عنهم.

فإن المقصد أيضا من تبليغ الشركاء أطراف الحكم بتنفيذ قسمة التصفية هو إتاحة الفرصة لمشاركتهم في السمسرة ورفع عدد المتزايدين، كما قد يكون من بينهم ميسورا قادرا على شراء عقارهم وإنهاء حالة الشياع بينهم، وقد يكون هذا الشريك المشتري أخ لباقي الشركاء. والأنفس في الغالب تطمئن وتهنأ وترضى بشراء أحد الاخوة عقارهم الذي ورثوه عن أبائهم وأجدادهم.

ومن المقاصد أيضا من تبليغ الشركاء أطراف حكم قسمة التصفية لحضور جلسة البيع بالمزاد العلني هو إسقاط حق المطالبة بالشفعة أو التعرض عن تمام البيع وإن سكت عن هذا المشرع المغربي، فإننا نحيل عليه قياسا على نص الفصل 473 من قانون المسطرة المدنية، والمادة 302 من مدونة الحقوق العينية.

إن تمام البيع بالمزاد العلني في قسمة التصفية المستوفي لإجراءاته من تبليغ لأطرافه وإشهار وتعليق يسقط عن الشركاء حق التعرض كما يسقط عنهم حق الشفعة.

ويبقى الحق قائما بزيادة أحدهم أو غيرهم سدس الثمن الذي رسى عليه المزاد داخل أجل عشرة أيام من تاريخ وقوع البيع بالمزاد العلني (الفصل 479 من ق م م)، حتى إذا انصرم الأجل أصبح البيع نهائيا وسار محضر البيع بالمزاد العلني منهيا لأي خلاف أو تعرض وناقلا ملكية العقار للراسي عليه المزاد العلني (الفصل 480 من ق م م)، ولا طعن فيه إلا بالزور طبقا للفصل 211 من ق م م.

كما أن أي قرار قضائي بالموافقة على إمضاء البيع بالمزاد العلني سواء بناء على حجز تنفيذي أم بناء على حكم بقسمة التصفية، لا نفاذ له إلا إذا تمت إجراءات كتابة الضبط من تبليغ وتعليق وإشهار.

رغم أني أميل إلى القول بأن إرساء البيع والموافقة على إمضاءه يجب أن يختص به رئيس كتابة الضبط ومأمور إجراءات التنفيذ المدني المكلف بالبيوعات القضائية، وأن قرار رئيس المحكمة أو من ينوب عنه ليس شرطا لإرساء البيع بالمزاد العلني،

كما ذهبت إليه محكمة النقض في قرارها عدد 8/322 المؤرخ في 04/06/2013 في ملف مدني عدد: 2012/8/1/3664 أنه “ليس من شروط صحة البيع لا تعدد المتزايدين ولا موافقة رئيس المحكمة عليه، إذ أن سلطة هذا الأخير في إطار البيع بالمزاد العلني تنحصر، طبقا للفصل 478 من قانون المسطرة المدنية، في تغيير التاريخ المحدد للسمسرة تبعا لمقال الأطراف أو لعون التنفيذ، ولا يكون ذلك إلا لأسباب خطيرة ومبررة بصفة كافية وخاصة إذا لم تكن هناك عروض أو كانت العروض المقدمة غير كافية بصفة واضحة. والقرار الذي اعتبر موافقة الرئيس شرطا لرسو المزاد يكون قضاؤه غير مرتكز على أساس قانوني”.

إن أهمية البيع القضائي بالمزاد العلني وحساسيته، وما يعتريه من إشكالات وصعوبات تعطل تحقيق الغاية والمقصد من العدالة، تتطلب التعجيل بتحيين إجراءاته وتفصيلها حتى تستغرق كل مكامن الاختلاف والخلل والنقص، وجمعها في مدونة خاصة بالحجز والتنفيذ.