يرتب مبدأ سنوية الضريبة شأنه شأن أي مبدأ آخر نتائج معينة يكون لها بالغ الأثر في التطبيقات العملية ، وهي بقدر ما تعتبر نتائج فان كلاً منها يعدّ مبدأ قائماً بذاته ، منها ما تنظمه التشريعات ومنها ما يستقر على الأخذ به استناداً إلى الواقع العملي واتفاق الرأي بشأنه ، وتتمثل هذه النتائج بحالتين:

آ. استقلال السنوات المالية عن بعضها البعض :

يقصد باستقلال السنوات المالية أن تشكل كل سنة وحدة زمنية منفصلة بذاتها عن السنوات السابقة لها أو اللاحقة عليها ، بحيث تكون لها حساباتها الخاصة من الايرادات والمصروفات أو النفقات ولها تعليماتها المستقلة فيكون ربحها مستقلاً عن أرباح غيرها من السنوات وخسارتها كذلك، فلكل منها ظروفها الخاصة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بالنسبة إليها فقط في تقدير الضريبة وفرضها والتي لا تشكل حجة لغيرها من السنوات(1). ويترتب على الأخذ بهذا المبدأ عدة نتائج منها(2):-

1-عدم جواز اعتماد التقدير الذي تم عن سنة سابقة ليسري على السنة اللاحقة ، أو حتى الاتفاق على ذلك بين المكلف والسلطة المالية.

2-لا يجوز أن تحمل نفقات سنة معينة على إيرادات سنة أخرى ، كما لا تضاف إيرادات سنة معينة إلى إيرادات سنة أخرى.

3-ترتيباً على عدم حجية الضريبة لسنة ما على الضريبة لسنوات لاحقة فان الحكم الصادر في مسألة متنازع فيها ، ويتعلق بتقدير الضريبة في سنة من السنوات لا يعد حجة لغيره من السنوات إذا عرضت ذات المسألة بصدد أرباحها لتغير الظروف أو تغير أحكام القانون. ويقر بهذا المبدأ الفقه المالي والمحاسبي والتطبيقات العملية(3). من معظم التشريعات الضريبية ومنها تشريعنا العراقي والتشريعات محل المقارنة ، كما تؤيده أحكام القضاء أيضاً(4). ولكن هذا المبدأ لا يعد مطلقاً ، حيث ترد عليه الاستثناءات الآتية(5):-

1-حالة ترحيل الخسائر الضريبية من خلال اعتبار السنوات التي يتم الترحيل إليها حلقات متصلة لأجل الحفاظ على أموال المشروعات وإعانتها في حال واجهت أزمات اقتصادية ، ويدخل ضمن هذا الاستثناء حالة ترحيل الضرائب المدفوعة للبلد الأجنبي في العراق متى تجاوزت الضريبة المدفوعة لهذا البلد القيمة المحددة للضريبة في العراق(6).

2-حالة استحقاق الديون المعدومة ، من خلال جواز تقدير وفرض الضريبة عليها خلال السنة التي تم استيفاؤها فيها وهي سنة لاحقة لسنة نشوء الدين .

3-حالة تدوير الاستهلاكات ، ويبدو الاستثناء فيها من ناحيتين الاولى تتمثل بعملية تنزيل الاستهلاك ذاتها التي تعدّ استثناء على مبدأ استقلال السنوات المالية على اعتبار أن تنزيل الاستهلاك بوصفه نفقة يتم بنسب توزيع على سنوات الاستهلاك ، في حين أن هذه النفقة تتعلق أصلاً بسنة دفعها ولما كانت جميع التشريعات الضريبية تقر بمبدأ تنزيل الاستهلاك، فهذا يعني تقرير هذا الاستثناء في جميعها . لكن قد تقرر بعض التشريعات حالة مماثلة لحالة ترحيل الخسارة تجيز فيها تدوير الاستهلاك لعدد من السنوات فتحمل نسب سنوات معينة على سنوات أخرى ، مما يشكل استثناءً آخر ، وهذا جاء به منفرداً قانون ضريبة الدخل الأردني عندما قرر “إذا كان إجمالي الدخل اقل من قيمة الإستهلاكات في أي سنة يدور رصيدها إلى السنة أو السنوات التالية(7). فضلاً عن تضمن هذا القانون حالاتٍ أخرى كثيرة مثل حالة الدخل المتعلق بعدة سنوات وتوزيعه على سنوات لاحقة ، وحالة تنزيل النفقات العائدة إلى عدة سنوات سابقة، وحالة استهلاك الديون المعدومة.

3-تقادم الدفاتر التجارية ، يتعلق هذا الاستثناء بالمدد التي تحددها القواعد العامة لتقادم الدفاتر التجارية ، حيث يعد من الجائز أن تحتج الشركة بالدفاتر التي تمسكها عموماً استثناءً من مبدأ استقلال السنوات المالية خلال السنوات اللاحقة التي تدخل ضمن المدة المحددة لتقادم هذه الدفاتر ، وتتحدد هذه المدة بـ 7 سنوات(8). في القانون العراقي و 10 سنوات في القانون الأردني و 5 سنوات في القانون المصري(9).

ب. وجوب الانتظار إلى حين انتهاء فترة الضريبة :

تقضي هذه النتيجة بضرورة انتظار الدخل أو الربح الذي يحققه المكلف في نهاية السنة المالية والذي يمثل في الوقت ذاته الواقعة المنشئة للضريبة(10). فمن المفروض أن الضريبة لا تفرض على المكلف إلا إذا حقق ربحاً صافياً ، وإن هذا الربح الصافي لا يكون على حقيقته إلا إذا انتهت السنة المالية حيث يكون نتاج الاعمال والأنشطة التي قامت بها الشركة خلال السنة المنقضية نهائياً وغير صوري.

___________________________

[1]- هشام صفوت العمري ، اتجاهات المشرع العراقي ، مصدر سابق ، ص268.

– السيد عطية عبدالواحد ، مصدر سابق ، ص184.

2- ريا زكي عبدالله الدوري ، مصدر سابق ، ص 93 .

3- انظر قرار الهيئة التمييزية في دائرة ضريبة الدخل في العراق المرقم (بلا) / 1997 في 21/10/1997 مشار إليه لدى : المصدر السابق، ص93 .

4- على سبيل المثال جاء في حكم لمحكمة النقض المصرية أن “… ويكون تحديد وعاء الضريبة من واقع الأرباح الفعلية التي حققها الممول خلال سنة النزاع لا بطريق القياس على أرباح سنة سابقة لأن كل سنة مالية للمنشأة التي تخضع للضريبة تعتبر وحدة قائمة بذاتها ومستقلة عن غيرها ….” ، الطعن المرقم 551 لسنة 51 / ق / جلسة 6/6/1988 ، الموسوعة الذهبية ، الملحق المرقم (6) ، مصدر سابق ، ص 642 .

5- يتناول البحث التعريف بهذه الحالات في المبحث الثاني من هذا الفصل .

6- التعديل بالأمر المرقم (49) الخاص بالاستراتيجية الضريبية لسنة 2004 ، القسم 12 منه

7- البند (4) ، ف (ي) من المادة (9) من قانون ضريبة الدخل الأردني النافذ .

8- انظر م(18) من قانون التجارة العراقي النافذ.

9- المواد (7) ، (26) من قوانين التجارة النافذة في هذه التشريعات .

0[1]- ريا زكي عبدالله الدوري ، مصدر سابق ، ص106.

– د. أحمد نور ، مصدر سابق ، ص 16 .

المؤلف : زينب منذر جاسم الوائلي
الكتاب أو المصدر : ضريبة الدخل على الاشخاص المعنوية
الجزء والصفحة : ص155-156

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .