نشاط الشركة القابضة يتطلب مرونة كبيرة وبذلك يفرض أن تكون ذات خاصية أو صفة في اختيار نوع معين من الشركات لتعمل هذه الشركة في ظله. ونحن نعلم ان الشركات وأشكالها المتعددة بعضها يصلح في ميدان العمل العائلي وهو شركات الأشخاص وبعضها الأخر يمتاز بالمرونة ويسمى بشركات الأموال ، لذا فأن كل نوع من أنواع الشركات له ميزاته التي تحدد مجال نشاطه ومدى صلاحيته لهذا النوع أو ذاك من النشاطات فشكل الشركة القابضة وباعتبارات متعددة كالضخامة في النشاط وامتداده إلى خارج الحيز الوطني أو المحلي . يجعل الاختيار لشركات الأموال شكلاً لممارسة نشاطه وهذا من الجانب الواقعي . ومن المفيد الاشارة الى الجانب القانوني فهو الأخر الذي نجده يحفز هذه الشركات على اختيار الشكل ذو الطبيعة الانفتاحية والتوسعية وهي شركات الأموال وجوانب فعالية هذا النوع من الشركات تكمن في :-

أن الشركة القابضة وستراتيجيتها التوسعية(ونقصد بها خططها في مد استثمارها ليشمل أوسع نطاق ممكن ) تفرض عليها أن تجد في اختيار الوسائل التي تمكنلها من هذهِ الإستراتيجية ، وفي شركات الأموال ميزات تساعد الشركة القابضة على السير في خطواتها نحو التطور دون الانكماش وبالتالي فتكون الشركة المساهمة هي الشكل الأمثل ، كما في نص المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي اللبناني اذ تنص على أن (( تنشا شركات الهولدنغ (القابضة) بشكل شركات مغفلة (مساهمة) وتخضع للأحكام التي تخضع لها الشركات المغفلة في كل ما يتعارض مع أحكام هذا المرسوم . ومن ذلك يتبين أن هناك عوامل لاختيار الشركة المساهمة كنموذج أمثل للشركة القابضة ومن هذه العوامل :-

1.وتسطيع الشركة القابضة عن طريق الاكتتاب العام جذب رؤوس الأموال الضخمة بأجزاء صغيرة القيمة ومتساوية. وقابلية الأسهم للتداول مع تحديد المسؤولية بتلك القيمة (1). والاكتتاب العام هذا ولامكانية مشاركة فئات اجتماعية مختلفة فيكون ملاءة مالية للشركة وقيمة أئتمانيه لها مما يحفز الأشخاص على المشاركة فيها مع علمهم أن هذه الشركات بأغلبية المشاريع التي تقوم بها هي مشاريع عملاقة مما يدعم مشاركتهم بها . ويمكننا القول على ما تقدم ، بانه لا خوف من المساهم على ماله في المشاركة في مثل هذه الشركات إذ أن أغلب تعاريف الشركة المساهمة والتي تمثل الحقيقة القانونية لها بأن الشركاء لا يتحملون من الخسائر آلا بقدر أنصبتهم وهذا القول يمثل حقيقة الشركة وكونها مركزا للتجمع المالي حيث لا يكون للطابع الشخصي وزن في نشاط الشركة ونظراً لتداول الأسهم هو الذي يغلب على الروابط فنجدها منفتحة لكل الاشخاص عموما بمشاركتهم(2).وبهذا تكون جواً مالياً بحتاً مضموناً بالضمانات المالية وحجم المشاركة على قدر الأسهم دون دعم المساهمين عما يضمن الأشخاص .

2. الطبيعة العقدية للشركة تجعل الإفراد غير مندفعين لإبرام عقد الشركة . أما أن كان الأمر هو مجرد الاكتتاب والمشاركة بجزء يسير من المال في الشركة وهو الذي يغلب في شركات الأموال . بمعنى انه يطغى النظام القانوني للشركة على مشاركتهم وتختفي أراده الأفراد عند المشاركة ليظهر الشخص القانوني الجديد وهو الشركة المساهمة لذا لا تظهر نية المشاركة من الأفراد وأنما نية حصول الأرباح(3).

وهذا القول يدلل على مدى صلاحية هذه الشركة ونوعها في الشركة القابضة، من جانب أخر نجد شركات الأشخاص تتضمن جوانب لا تسمح للشركة القابضة باتخاذها نموذجا لعملها كالجانب الشخصي (العائلي) حيث أن امتداد النشاط يتطلب سعةُ في المشاركة غير ذلك الحد القليل من المساهمين، كما أن التزام الذمم بمسؤوليات الشركة(ففي شركات الأشخاص تكون مسؤولية الشريك مسؤولية شخصية أي بكامل ذمته المالية ) قد لا يشجع الجمهور على المشاركة . فضلاً عن أن جاذبية الأموال المطلوبة بالنسبة للشركة القابضة أمر مطلوب لأداء نشاطها وهذا لا يتحقق في شركات الأشخاص وبالتالي تراها عاجزة عن المنافسة في أداء نشاطها مما يعزز من احتمالات انتهائها لأي سبب شخصي أو غيره من الأسباب . ان القول في فعالية الشركة المساهمة دون غيرها أمر يؤيده الواقع بيد أن وجود شركة من شركات الأشخاص ذات ميزات مالية ضخمة لا يوقف هذه الشركة عن اكتساب صفة الشركة القابضة وعليه أن الصفات التي تتضمنها شركات الأشخاص تضل ملازمة للشركة القابضة (الشخصية) بحيث أن الضمان في شركة الأشخاص القابضة عن ديون شركتها التابعة لا يكون بصورة ضمان عام وأنما ضمان على قدر النسبة التي في رأسمال الشركة القابضة (4). السؤال الذي يطرح بصدد ذلك هل تصلـح الشركة المحـدودة أن تكون شركـة قابضة ؟ لقد عرف قانون الشركات العراقي رقم(21لسنة 1997) الشركة المحدودة بأنها ((شركة تتألف من عدد من الأشخاص لا يقل عن شخصين ولا يزيد على خمسة وعشرين يكتتبون فيها بأسهم ويكونون مسؤولين عن ديون الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي يكتتبون بها))(5).

أن الجذور الرئيسية والتاريخية لهذه الشركة تعود لألمانيا وتحديداً في عام 1892م وما هو محدد في هذه الشركة هو المسؤولية أذ أن الشريك يكون مسؤولا في الشركة بمقدار القيمة الاسمية للأسهم التي أكتتب بها (6). ومما يميز النقاش حول طبيعتها أن تتقارب مع شركات الأموال حيناً والأشخاص أحياناً أخرى ، فنجد ان بعض أحكامها ذو اعتبار شخصي مثل كونها ذات عدد محدد وغالباً تكون بين أطراف يعرف بعضهم بعضاً ولا تلجأ للاكتتاب العام وأن يتضمن أسمها التجاري أسم أحد الشركاء (القانون العراقي لايوجب ذلك )، ومن جانب أخر نجد قربها من شركات الأموال بحيث تحدد المسؤولية بمقدار حصة الشريك وصدور القرارات بأغلبية أصوات الجمعية العمومية ( الجمعية العامة للمساهمين ) (7).الذي يحدد ذلك أن الشركة ذات المسؤولية المحددة بالمقارنة في الدور الذي تطمح به الشركة القابضة وخصوصاً على المستوى الدولي لا يناسب الخاصية المغلقة بالمقارنة مع ميزات الشركة المساهمة التي تعد (القاعدة العريضة) للمساهمين والاستثمارات الضخمة(8). وبالإضافة إلى ضعف الائتمان للشركة المحدودة لها سواء بفتح الاعتمادات أو تقديم القروض فغالباً ما تشترط هذه المصارف تقديم الكفالة الشخصية من أعضاء هذه الشركة (9). كما أن هذا النوع من الشركات قصد به المشرع تفعيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهذا أيضاً تحديد لدور الشركة في الأنشطة الضخمة التي لا تتناسب ومسؤولية الشركات المحدودة(10).كما ان جمود هيكلها الرأسمالي الذي لا يتيح تعدد الأنصبة والتي تمنح حق التصويت(11). أي ان الشركة المحدودة وبحكم تركيبتها الإدارية لا توجد مرونة في إدارة المشاريع ذات الطابع الضخم أو بشراكة أجنبية او متعددة الأطراف. وبذلك يتضح ليس لهذه الشركة المحدودة أن تأخذ دوراً لنشاط الشركة القابضة لما ذكرناه من صعوبات واقعية وعقبات نص عليها القانون وقولنا هذا إنما تبيناه من خلال مقومات الشركات العملاقة وطرق سيطرتها فكانت في اغلبها شركات ذات مساهمة مفتوحة على انه اذا توافرت في هذه الشركة مقومات تستطيع ان تواجه بها التحديات فتكون من ضمن الشركات القابضة.

________________________

1- ينظر ،د محمد حسين اسماعيل، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق،ص18.

2- أبو زيد رضوان ، شركات المساهمة والقطاع العام . دار الفكر العربي 1983، ،ص25

3- المصدر نفسه، ص26.

4- ينظر د. محمد حسين إسماعيل ،الشركة القابضة وعلامتها بشركاتها التابعة، مصدر سابق، ص17

5- راجع، قانون الشركات العراقي رقم 21لسنة 1997 المادة (6) ثانياً

6- ينظر د ، موفق حسن رضا ، قانون الشركات أهدافه و أسسه و مضامينهُ ، مركز البحوث القانونية، 1985 ص28-29

7- ينظر د. سميحة القليوبي ، الخصائص المميزة للشركة المحددة ،مطبعة جامعة القاهرة، 1979، ص20

8- ينظر د، موفق حسن رضا ، قانون الشركات اهدافه و اسسه ومضامينه، مصدر سابق، ص27.

9- ينظر د. محسن شفيق ، الموجز في القانون التجاري ،ج1 ، مطبعة دار التأليف ص663

10- ينظر د. سميحة القليوبي ، الخصائص المميزة للشركة المحدودة ، مصدر سابق، ص427

11- ينظر د.عصام الدين مصطفى بسيم ، الجوانب القانونية للمشروعات الدولية المشتركة في الدول الأخذة في النمو،دار النهضة العربية، ط 2 ، 1984 ،ص112.

المؤلف : رسول شاكر محمود البياتي
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني للشركة القابضة
الجزء والصفحة : ص41-46.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .