القانون الجنائي

سنقسم الدراسة الى جزئين:
– مبادئ اولية للقانون الجنائي العام
– محتوى القانون الجنائي العام

مبادئ أولية في القانون الجنائي العام

1- ماهية القانون الجنائي:

القانون الجنائي هو مجموعة القواعد القانونية التي تضبط فيها الدولة الافعال المجرمة وعقوباتها,وهو مايحمله مسؤولية التصدي لكل فعل مشين يؤدي إلى خلق اضطراب في الوسط المجتمعي
ويستعمل المشرع المغربي مصطلح القانون الجنائي في حين دول المشرق تستعمل مصطلح قانون العقوبات والقانون الجزائي التي تترتب على الفعل المجرّم ويوجه إلى الاصطلاحات مايلي
-مصطلح القانون الجنائي يركز على الجناية دون الجنحة والمخالفة
-مصطلح العقوبات منتشر في مصر يعاب عليه بانه تمتة التدابير الاحترازية والوقائية
مصطلح الجزائي وهو منتشر في الكويت والاردن وسوريا ذكر العقوبات والتدابير معا ويتسم بالعمومية لان هناك جزاء مدني واداري كما يوحي بالزجر والردع وهو قصور يعاب عليه
ويمكننا القول بان مصطلح الجنائي أقرب إلى المنطق القانوني اذ لا بأس ان يعبر عن الكل بالجزء الاساسي
ويتضح من خلال هده الخطاطة مراحل تطبيق القانون الجنائي
الفعل المجرم ← لافعالية للقانون الجنائي بدونها ← اشتعال فتيل العقوبة ← لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ← العقوبة المقررة قانونا
وبذلك يتضح ان القانون الجنائي موضوعي اهتم بالتجريد وتحديد الجرائم وعقوباتها ومختلف التدابير،أما المسطرة الجنائية وهي الجانب الاجرائي وهي قانون الشكل
القانون الخاص ويدرس كل جريمة على حدة من حيت الاركان والظروف التي يترتب عليها
مفهوم الدولة في القانون الجنائي يبين ان تحديد القواعد القانونية الضابطة للا فعال المجرمة وعقوباتها يبقى نسبيا حسب اختلاف الزمان والمكان ومايسوده اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا…..

2-دور القانون الجنائي واهدافه:
تعتبر قواعد القانون الجنائي قواعد قانونية لتوفر الخصائص فيها كما انا قواعد امرة تصبو إلى اهداف حيوية تتصل بالكيان الاجتماعي والسياسي اذ القانون الجنائي فرع من القانون العام
ويتم توظيف القانون الجنائي العام لتحقيق الصالح العام والحفاض على كيان الدولة وعدم المس بها اجتماعيا على صعيد الفرد والاسرة والجماعة
اما من الناحية السياسية فيعمل على احترام المبادئ التي ينشدها دستور الدولة وذلك عن طريق مؤ سسات سياسية وتقافية ودينية ومنه تحقق الجدوى بفعالية تلك القواعد القانونية ومن الفقهاء من يعيب عليه هدا الدور

3-تطور القانون الجنائي:مرالقانون الجنائي من عدة تطورات خلال الحقب الزمنية الممثلة لمختلف أنماط و أشكال التجمعات البشرية,ابتداء من التجمعات البشرية الأولى التي تميزت بضعف مستوى التنضيم بها, اد اتخدالإنسنان انداك العشيرة أوالقبيلة كشكل أو كإطار اجتماعي يخول له الدخول مع غيره في معاملات و علاقات الشيء الدي يعكس الطبيعة الإجتماععية للإنسان.
كما قلت سابقا فإن ما يمكن تسميته قانونا جنائيا لتلك الحقبة قد غلب عليه طابع الإنتقام أي أن فض النزاعات دات الطابع الجنائي كان يتم من خلال تفعيل نضام الإنتقام من كل من يمكن اعتباره محدثا لمساس بشرف فرد من القبيلة بشكل خاص أو القبيلة ككل. ( التتمة فيما بعدد ). أنس

4-التأصيل الفلسفي للقانون الجنائي:

المدرسة التقليدية

قسم بعض الفقه أنصار هذه المدرسة لقسمين :
1. قسم يتزعمه ” بكاريا ” الذي انطلق من فكرة الضرورة ، ذلك أن أساس توقيع العقوبة تحقيق النفع العام لدى الدولة ، فهي وحدها لها صلاحية التجريم والعقاب, إذن وجب خلق تناسب بين الجريمة والعقوبة, وتبعا لذلك يكون ” بكاريا ” أول من نادى بمبدأ قانونية العقوبة.
2. قسم يتزعمه بنتنامر فهو يخالف تماما بكاريا حيث ينطلق من فكرة المنفعة، ذلك أن توقيع العقوبة رهن بمنفعتها لذلك نادى بتوقيع العقوبات حتى أطلق على مذهبه ” مذهب العقوبة الرادعة ”
فالتفريد لدى هذه المدرسة كان مبنيا على مسؤولية موضوعية
مقدرة على أساس جسامة الضرر دون النظر للحالة النفسية لمحدث الضرر
أما وظيفة العقوبة فتكون في الدفاع عن المجتمع عن طريق الردع.

المدرسة التقليدية الحديتة

نشأت هذه المدرسة كرد فعل عن الانتقادات الموجهه لسابقتيها لإهمالها لشخصية الجاني، وحاول أصحاب هذه المدرسة التوفيق بين فكرة المنفعة وفكرة العدالة كما نادى بها ” كانت “.
لكن الخلاف بين المدرستين يأتي من نظرة كل منهما إلى حرية الاختيار لدى الإنسان، فبينما أعلنت المدرسة التقليدية الأولى طابعا مطلقا ومجردا لحرية الاختيار، فإن المدرسة الحديثة إن كانت قد أقرت حرية الاختيار إلا أنها أعطتها طابعا نسبيا قابلا للتدرج من إنسان لآخر، وقد كان لهذه المدرسة تأثيرها الواضح على المشرع المغربي ” الفصل 135 “.
لقد حاولت المدرسة التقليدية الحديثة وضع تجربة لتفريد العقوبة على أساس درجة المسؤولية ، لان هذه الأخيرة تقوم على فكرة الحرية وحتى منطلق العدالة يقتضي ملائمة العقوبة لدرجة الحرية . لكن أهم ما يؤخذ على هذه المدرسة ” التقليدية الحديثة ” عدم وجود مقياس سليم لإثبات الحرية الشيء الذي دفع لإيجاد أسس علمية، لكن ما هي مرتكزات المدرسة الوضعية ؟

المدرسة الوضعية الايطالية

<الربع الأخير من ق 19>
1-التعريف: المدرسة الوضعية الايطالية هي مدرسة ظهرت في القرن التاسع عشر،من أبرز روادها نجد:lombrosoوferriوgaro fallo.ولعل أهم ما جاءت به هذه المدرسة هو التدابير الوقائيةالتي لم تكن معروفة من ذي قبل. 2-أفكار هذه المدرسة: ْْْْان المدرسة الوضعية الايطالية،ظهرت كنتيجة طبيعية وحتمية،وذلك بالنظر للظروف التي كانت تعيشها المجتمعات البشرية من ظلم وقهر واستغلال وتعسف واستبداد.
فقد كان الفرد يعاقب ويحاكم دون أن تكون هناك حقوق للدفاع،دونما مراعاة لانسانيته وكرامته،فقال رواد المدرسة بضرورة الربط بين الجريمة المرتكبة وبين العقوبة التي تطال المجرم أي ضرورة الخضوع لمبدأ الشرعية القائل:(لا جريمةولا عقوبة الا بنص). كما جاءت بفكرة جديدة وهي أن المجرم الذي لا ينفع معه الحبس أو السجن،يخضع لتدبير وقائي أو احترازي الذي يتناسب وحجم الجريمةالتي ارتكبها. غير أن ما يعاب على هذه المدرسة،هو أنها قالت بأن أي شخص تتوفر فيه صفةأو صفات مثلا (نتوءات جمجمية،أنف عريض،فم واسع…)،فان هذا الشخص يجب أن يتعرض لأحد التدابير الوقائية،ولو لم يرتكب أي فعل يعاقب عليه القانون،مخالفة بذلك مبدأ الشرعيةالتي طالما نادت به.

مدرسة الدفاع الاجتماعي

ظهرت هذه المدرسة على يد الفقيه الإيطالي ” فيليو كاراماتيكا” و الفقيه ” مارك انسل” و تأخذ بنفس أفكار المدرسة الوضعية ، كتقسيم المجرمين و اعتماد التدابير و إنكار حرية الاختيار عند المجرم, كما أنها لا تعترف بمسؤولية المجرم الجنائية لرفضها فكرة الذنب, فالمجرم عند هذه المدرسة مريض اجتماعي يجب اصلاحه و تقويمه.
و حتى تتحقق هذه الغايات لابد من تبني سياسة تقوم على الاسس التالية:
• اعتماد معطيات العلوم التجريبية لفحص شخصية الجاني و توقيع التدبير المناسب لكل حالة. • تبقى العقوبة وسيلة ناجحة لحماية المجتمع من الخلل الاجتماعي. • ضرورة تنوع العقوبة و التدابير بما يحقق غاية المجتمع. • إحلال قانون الدفاع الاجتماعي من خلال هيأت اجتماعية و استبعاد القانون الجنائي.
لم تسلم هذه المدرسة من سهام النقد, ذلك أن استبعاد القانون الجنائي باعتباره أداة الدولة القسرية و وسيلة لتدعيم السياسة الجنائية قد يؤدي لزعزعة كيان الدولة .
و الجدير بالذكر أن المشرع المغربي اقتبس بعض مبادئ هذه الحركة عندما نص قانون المسطرة الجنائية على إمكانية فحص المتهم في مرحلة التحقيق أو حتى في مرحلة المحاكمة لكن هذه الإمكانية تبقى جد صعبة. “

محتوى القانون الجنائي العام

القانون الجنائي يختص بالجرائم، أي الأفعال التي تُعَدُّ ضارة بالمجتمع. وتتفاوت الجرائم من حيث الخطورة مابين مجرد السلوك المخل بالنظام والقتل العمد. ويحدد القانون الجنائي هذه الجرائم، ويضع القواعد الخاصة بالقبض على المجرمين، وإمكان محاكمتهم، وعقوبات المذنبين. ويسمى القانون غير الجنائي القانون المدني، بالرغم من أن لذلك معنًى آخرَ ستتم مناقشته لاحقًا. إلا أن بعض الجرائم تُعد أيضًا ضررًا، يجوز للمتضرر فيها المطالبة بتعويض وفقًا للقانون المدني. تتولى الحكومة المركزية في غالبية الدول إصدار معظم القوانين الجنائية. وفي بعض الدول، كأستراليا والولايات المتحدة، لكل ولاية، مثلما للحكومة الاتحادية، مجموعة قوانينها الجنائية. وبالرغم من ذلك، يجب أن تحمي القوانين الجنائية لكل ولاية الحقوق والحريات التي يضمنها القانون الدستوري الاتحادي.

الجريمة

تعريف :

مفهوم الجريمة بتنازعه التعريف القانوني والتعريف الاجتماعي.

فالتعريف القانوني هو الذي أخذ به المشرع المغربي بقوله في الفصل 110 من القانون الجنائي : ” الجريمة هي عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه“.

وعند تفحص هدا الفصل نجد أن المشرع قد أغفل علة التجريم كما أنه لم ينص إلا على الركنين المادي والقانوني مع إغفال الركن المعنوي.
أما التعريف الاجتماعي للجريمة فقد أخذ به الفصل الأول من المجموعة الجنائية حيث ينص على علة التجريم بقوله: ” يحدد التشريع الجنائي أفعال الإنسان التي يعدها جرائم بسبب ما تحدثه من اضطراب اجتماعي و يوجب زجر مرتكبيها بعقوبات أو تدابير وقائية “.
وحتى يكون مفهوم الجريمة أكثر وضوحا لابد وأن يتضمن أركانها الثلاثة. فالجريمة بمعناها القانوني الدقيق لا تقوم إلا بتوافر شروط عامة يطلق عليها أركان الجريمة وهي أركان عامة وإلى جانب هذه الأركان العامة لابد من توافر عناصر خاصة للجريمة تختلف من جريمة إلى أخرى و تسمى بالعناصر الخاصة و يتكفل النص القانوني الخاص بتحديدها

أركان الجريمة:

من الناحية القانونية لا يكون الفعل أو الامتناع جريمة إلا إذا كان منصوصا عليه بنص صريح في القانون (الركن القانوني)، وتم ارتكابه أو محاولة ارتكابه بإخراجه إلى العالم الخارجي (الركن المادي)، وذلك من طرف شخص سليم العقل قادر على التمييز وله إرادة وإدراك بالنسبة للوقائع التي يرتكبها (الركن المعنوي). وهكذا تكون أركان الجريمة ثلاث أركان :

الركن القانوني :
لا يمكن للمشرع أن يخلق جرائم و لا أن يعين لها عقوبات إلا إذا تدخل بنص قانوني يضمن به حقوق الأفراد و المجتمع. وهو بعمله هذا يقرر مبدأ شرعية التجريم والعقاب ومبدأ الشرعية أو القانونية هو مبدأ عالمي تأخذ به كل التشريعات الحديثة وهو مبدأ يحمي الفرد من التحكم ولا يستطيع القضاء معاقبته إلا على الأفعال التي اعتبرها المشرع جرائم ولا معاقبته إلا بالعقوبات التي حددها من حيث النوع والمقدار بنص سابق، وهكذا فتصرفات الفرد لا تعاقب إلا إذا نص القانون على تجريمها وحدد لها عقابا طبقا لمبدأ : “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص ” وهذا المبدأ كان شائعا حتى في النظم والشرائع القديمة كالقانون الروماني واليوناني، وفي الشريعة الإسلامية نجد تطبيقات له من خلال الآية الكريمة : “وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا”، كما أن هذه القاعدة ما هي إلا إعمال للمبدأ الشهير .”الأصل في الإنسان البراءة والأصل في الأشياء الإباحة”.
وفي النظام القانوني المغربي نجد تأكيدا لهذا المبدأ من خلال الفصل 3 من القانون الجنائي بل والأكثر من هذا هو أن هذه القاعدة هي قاعدة يحميها الدستور المغربي عندما نص عليها من خلال الفصل 10.

الركن المادي :
إن القانون الجنائي وخلافا للأخلاق والأديان لا يعاقب الإنسان عن أفكاره ونواياه ولا عن مشاعره وأحاسيسه ما دامت حبيسة مخيلاته. ولا يبدأ عمل القانون إلا إذا تجسدت هذه الأفكار واتخذت شكلا ماديا ملموسا. لأن أساس التجريم هو ما تحدثه الجريمة من اضطراب اجتماعي والأفكار ما دامت في خيال صاحبها لا ينشأ عنها أي خلل في المجتمع بل ينبغي إخراجها إلى العالم الخارجي لأنه في هذه الحالة وحدها يمكن إلحاق الضرر بالمجتمع وهذا السلوك المادي الخارجي المعاقب عنه قد يكون عادة إيجابيا يتخذ صورة القيام بعمل ( النشاط الإيجابي ) كما أنه قد يقتصر على مجرد الامتناع أو عدم القيام بعمل حالة كون القانون يأمر بالقيام به (النشاط السلبي) .

عناصر الركن المادي :
وتختلف طبيعة الأعمال المكونة لهذا الركن حسب صنف الجريمة، ففي الجرائم الشكلية أو جرائم السلوك يتمثل في صورة القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل يحذره القانون بصرف النظر عما قد يترتب عنه من نتائج أما في جرائم النتيجة فلتحقق الركن المادي لابد من إتيان فعل وتحقق نتيجة إجرامية ووجود علاقة سببية بينهما

الركن المعنوي :
ويتمثل في انصراف إرادة الشخص إلى ارتكاب جريمة معينة، فالفعل أو الامتناع المخالف للقانون ينبغي أن يصدر عن الفاعل وهو على بينة واختيار من تصرفه وعلمه بالواقعة المقبل عليها من الناحية المادية والقانونية. غير أن الأفراد قد يرتكبون جرائم خطأ، وهي جرائم غير عمدية لكنها تقترف عن طريق الإهمال أو عدم التبصر أو الاحتياط أو عدم مراعاة النظم والقوانين مثال ذلك “جرائم حوادث السير”.

ترتيب الجرائم :

ترتب الجرائم حسب خطورتها والعقوبات المقررة لها إلى :
أ/- جنايات (الفصل 16 ق.ج) : وهي الجرائم التي يعاقب عليها المشرع بإحدى العقوبات التالية : الإعدام أو السجن المؤبد أو المؤقت من 5 إلى 30 سنة أو الإقامة الإجبارية أو التجريد من الحقوق الوطنية .
ب/- الجنح (الفصل 17 ق.ج) : وهي نوعان : جنح تأديبية وهي الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي يتجاوز حده الأقصى سنتين ولا يتجاوز خمس سنوات، وجنح ضبطية وهي الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالحبس الذي لا يتجاوز حده الأقصى سنتين أو بالغرامة التي تزيد عن 1200 درهم .
ج/- المخالفات : وهي الجريمة التي يعاقب عليها المشرع بعقوبة الاعتقال لمدة تقل عن شهر أو الغرامة التي لا تزيد عن 1200 درهم .

ما يجب القيام به :

الحيلولة دون وقوع جرائم بالشارع العام، وهذا يتطلب الحزم واليقظة في أداء المهمة.
قبل التدخل يجب التأكد أن الفعل المقترف يشكل جريمة.
في حالة ارتكاب الشخص لجريمة وخاصة الجنايات والجنح يتعين إيقافه، حبسه وتجريده من كل أداة خطيرة، التعرف على هويته واقتياده إلى أقرب دائرة للشرطة.
في حالة المخالفة يجب أخذ هوية المخالف وضبط المخالفة المرتكبة دون إيقافه أو سياقته إلى مصالح الشرطة.

المـحــاولة

تعـريـف:

إذا كان القانون الجنائي لا يعاقب على الأفكار والنوايا ولا يعاقب كقاعدة عامة على مرحلة التحضير لارتكاب الجريمة، فإنه يتدخل بالعقاب إذا بدأ الجاني في تنفيذ الركن المادي للجريمة. فإذا نجح في تنفيذ جريمته كنا أمام جريمة تامة. وأما إن تخلفت النتيجة كنا أمام جريمة ناقصة. أو كما يسميها المشرع المغربي ” بالمحاولة ” وقد نص عليها في الفصل 114 ق.ج بقوله : ” كل محاولة ارتكاب جناية بدت بالشروع في تنفيذها أو بأعمال لا لبس فيها تهدف مباشرة إلا ارتكابها، إذا لم يوقف تنفيذها، أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها تعتبر كالجناية التامة، ويعاقب عليها بهذه الصفة.“

عناصر المحاولة:

انطلاقا من النص السابق يمكن استخراج العناصر التالية:

النية الإجرامية : لا بد أيضا أن تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة التامة أي بكل عناصرها، حيث يهدف الجاني إلى إتيان السلوك وتحقيق نتيجة معينة، ومن هنا كانت المحاولة دائما جريمة عمدية ذات قصد جنائي.
البدء في التنفيذ: ويعني أن المجرم يبدأ و يشرع في تنفيذ الركن المادي للجريمة بأي عمل يهدف إلى تحقيق نتيجتها، فلا محاولة إذن إذا لم يبدأ الجاني في تنفيذ الجريمة أو لم يأت أي عمل لا لبس فيه يهدف مباشرة من ورائه إلى تحقيق جريمته.
انعدام العدول الإرادي : هذا العنصر يعني توقف المجرم عن إتمام الركن المادي للجريمة بسبب ظروف لا دخل لإرادة الجاني فيها. فهناك ظرف أو مانع خارجي يتدخل فيحول دون إتمام التنفيذ. وذلك كأن يرى المجرم أثناء قيامه بفعلته رجال الشرطة مقبلين نحو مكان الحادث، فهذا عدول غير إرادي.

صور المحاولة : 

للمحاولة ثلاث صور هي: الجريمة الموقوفة، الجريمة الخائبة، الجريمة المستحيلة.
– الجريمة الموقوفة:
وهي التي تقف فيها أعمال التنفيذ لأسباب خارجية عن إرادة الجاني قبل أن يشغل ما أعده من الوسائل لاقتراف الجريمة. ونحو ذلك أن يصوب شخص بندقيته نحو خصمه، وعندما يهم بإطلاق النار يدركه شخص ثالث فينزع منه البندقية أو يهدده بسلاحه إن هو نفذ جريمته. فهنا إن لم يتم النشاط نكون أمام جريمة موقوفة.
– الجريمة الخائبة:
هي الجريمة التي لا تتحقق نتيجتها الإجرامية دون عدول من الجاني أو تدخل لأي عامل أجنبي رغم أن الفاعل استنفذ كل الأنشطة التي اعتقد أنها سوف توصله إلى النتيجة التي أرادها. ومثال ذاك أن يريد شخص سرقة مال شخص آخر وعندما يضع يده في جيبه يجده فارغا من النقود.
– الجريمة المستحيلة :
وهي الجريمة التي لا يمكن فيها أن تتحقق فيها النتيجة الإجرامية لأن ذلك مستحيل و غير ممكن و مثال ذلك : ” محاولة إجهاض امرأة وهي غير حامل “.
العقـاب:
محاولة الجناية: يعاقب عليها بالعقوبة المقررة للجناية التامة (الفصل 114).
محاولة الجنحة: يعاقب عليها إذا نص القانون صراحة على ذلك بالعقوبة المقررة لهذه الجنحة (الفصل 115).
محاولة المخالفة: غير معاقب عليها إطلاقا (الفصل 116).
مثال: شخص وقف ليلا أمام متجر، فربما فعل ذلك لينظر إلى الملابس المعروضة داخل الواجهة الزجاجية للمتجر، أو ربما لسرقته.
فحارس الأمن لا يمكنه استفسار هذا الشخص عن وقوفه، ولكن إذا شرع في تكسير الواجهة الزجاجية، وجب آنذاك التدخل وإيقافه لأن محاولة الجريمة تحققت.

المساهمة والمشاركة والفاعل المعنوي

قد ينفرد شخص واحد بتصميم وتنفيذ الجريمة، وقد يتم تنفيذها من أكثر من فاعل واحد، ويأخذ تعدد الجناة من الناحية القانونية صورتين:

أ- المساهمة:
لم يعرف المشرع المغربي المساهمة وإنما تعرض للمساهم وذلك من خلال الفصل 128 من القانون الجنائي حيث يقول : ” يعتبر مساهما في الجريمة كل من ارتكب شخصيا عملا من أعمال التنفيذ المادي لها”.
ففي المساهمة يقوم كل واحد من الجناة بتنفيذ بعض الوقائع المكونة للجريمة كأن يقوم شخصان بتكسير باب متجر ويستوليان على محتوياته. وأيضا: شخص يسكب بنزين على دار وآخر يضرم النار فوقها. فالمساهم يكون فاعلا أصليا لأنه قام بعمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة. فالمساهمون يقومون بأعمال رئيسية لإخراج المشاريع الإجرامية إلى حيز الوجود، لذلك فهم فاعلون أصليون. وهم يستعيرون صفتهم الإجرامية من وقائع الجريمة.

ب- المشاركة:
إذا كان المشارك وخلافا للمساهم لا يرتكب أي عمل من أعمال التنفيذ المادي للجريمة، ولكن عمله يقتصر على مساعدة المساهم كأن يقوم بأعمال ثانوية غير داخلة في عناصر الجريمة مثال: أن يقدم سلاحا لشخص آخر ليستعمله في جريمة القتل. وهكذا يمكن القول أن المشاركين هم من يقومون بأعمال ثانوية في إخراج المشروع الإجرامي إلى حيز الوجود، وهم دائما يستعيرون صفتهم الإجرامية من الفاعلين الأصليين.
والمشرع المغربي تطرق للمشاركة في الجريمة من خلال الفصل 129 من القانون ج الذي ينص على أنه: ” يعتبر مشاركا في الجناية أو الجنحة من لم يساهم مباشرة في تنفيذها، ولكنه أتى أحد الأفعال الآتية:
أمر بارتكاب الفعل أو حرض على ارتكابه، وذلك بهبة أو وعد أو تهديد أو إساءة استغلال سلطة أو ولاية أو تحايل أو تدليس إجرامي؛
قدم أسلحة أو أدوات أو أية وسيلة أخرى استعملت في ارتكاب الفعل مع علمه بأنها ستستعمل لذلك؛
تساعد أو أعان الفاعل أو الفاعلين للجريمة في الأعمال التحضيرية أو الأعمال المسهلة لارتكابها مع علمه بذلك؛
تعود على تقديم مسكن أو ملجأ أو مكان للاجتماع لواحد أو أكثر من الأشرار الذين يمارسون اللصوصية أو العنف ضد أمن الدولة أو الأمن العام أو ضد الأشخاص أو الأموال مع علمه بسلوكهم الإجرامي
وانطلاقا من النص يمكن القول أن للمشاركة شروطا إن انعدمت إحداها انتفت المشاركة وهذه الشروط هي:

شروط المشاركة: 

تحقق إحدى الحالات المنصوص عليها في الفصل 129 من القانون ج.
علم المشارك بما يعتزم القيام به الفاعل الأصلي، فيقدم له الأداة أو المسكن، أو المساعدة، أو غيرها من الحالات المذكورة، وهذا أمر ضروري ليتوافر لديه القصد الجنائي لقيام المسؤولية الجنائية.
وجود فعل رئيسي منصوص على تجريمه في القانون الجنائي من نوع جناية أو جنحة.
العقوبة:
ينص الفصل 130 من القانون ج على أن : ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة”. ويضيف الفصل 131 أن الظروف الشخصية لا تؤثر إلا على من تتوفر فيه، أما الظروف العينية المتعلقة بالجريمة فإنها تنتج مفعولها بالنسبة لكل المساهمين أو المشاركين حتى ولو كانوا يجهلونها.
أما المشاركة في المخالفات فلا عقاب عليها مطلقا كما ينص على ذلك الفصل 129 من القانون ج في فقرته الأخيرة.

ج- الفاعل المعنوي:
ينص الفصل 131 من القانون ج على أنه:” من حمل شخصا غير معاقب، بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، على ارتكاب جريمة، فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة التي ارتكبها هذا الشخص”.
فقد يعمد شخص، سيئ النية إلى استغلال الوضع القانوني لشخص آخر بسبب ظروفه أو صفته الشخصية، فيسخره لارتكاب الجريمة، وذلك كأن يكون هذا الأخير عديم المسؤولية إما لجنون أوعته أو صغر في السن، فيأمره على ارتكاب جريمة اعتقادا منه أنه لن يتعرض للعقوبة لأن من ارتكب الفعل غير مسؤول، لكن المشرع توقع هذه الحالة وقرر معاقبة المحرض من أجل الجريمة، وهذا موقف طبيعي ومنطقي لأن الفاعل الحقيقي هو المحرض، أما الشخص الغير المسؤول والذي سخر لارتكاب الفعل ففعله، فإنه يعد مجرد أداة للتنفيذ مسخرة من طرف المحرض الذي يسمى في هذه الحالة بالفاعل المعنوي ويوصف أيضا في الكتابات الجنائية بالمجرم الجبان.

ما ينبغي القيام به:
إذا تعلق الأمر بجرائم متلبس بها فعلى حارس الأمن أن لا يوقف الفاعل الأصلي بمفرده بل ومشاركيه أيضا إن أمكن ذلك أو أن يسجل أوصافهم بدقة إذا لاذوا بالفرار. خاصة وأننا نعلم أن هناك جرائم ترتكب من عدة أشخاص بالشارع العام كالسرقات بالخطف والسرقات من داخل السيارات.

الأسباب الموضوعية لانعدام المسؤولية الجنائية
قد تقوم الجريمة وتتحقق المسؤولية عنها وفقا للمبادئ العامة التي سبق التطرق لها، ومع ذلك ترفع الصفة الإجرامية عن الفعل ولا يلحق مرتكبه أي جزاء جنائي، حيث يعود الفعل أو الامتناع إلى أصلهما من الإباحة، وتسمى الأسباب التي من شأنها السماح بارتكاب أفعال هي في الأصل جرائم دون إمكانية مؤاخذة فاعليها عليها بأسباب التبرير أو الإباحة أو أسباب رفع المسؤولية الجنائية وهذه التسميات كلها هي بمعنى واحد.
وقد تعرض المشرع المغربي لأسباب التبرير في الفصول 124 و125 من القانون الجنائي فنص في الفصل 124 على أنه : “لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال الآتية:
إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية؛
إذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة، أو كان في حالة استحال عليه استحالة مادية اجتنابها وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته؛
إذا كانت هذه الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن نفس الفاعل أو غيره أو عن ماله أو مال غيره بشرط أن يكون الدفاع متناسبا مع خطورة الاعتداء.

التبرير الناتج عن أمر القانون وإذن السلطة الشرعية:
إذا قام شخص بتنفيذ عمل يأمر به القانون وتأمر به السلطة الشرعية، فإن عمله هذا يكون مباحا ولو كان معاقب عليه. لكن ما الحكم إذا ارتكب الشخص الفعل استجابة لواجب القانون دون أمر السلطة الشرعية أو العكس؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من الإشارة إلى أن القانون يؤخذ بمفهومه الواسع بحيث يشمل الإذن الصادر عن الهيئة التشريعية أو الهيئة التنفيذية بل وحتى ما يستنبط من العرف وقواعد المعاملات وكذا الشريعة الإسلامية وذلك لبساطتها والتي لا تتعدى حدود التأديب وما تفرضه بعض المهن والألعاب الرياضية .

بعد توضيح مفهوم القانون المقصود في الفصل 124 نشير إلى مسألة مهمة وهي:
هل المقصود من الفصل 124 الفقرة 1 من إذن القانون وأمر السلطة الشرعية توفر حالة دون أخرى ؟ أم ينبغي توفرهما معا؟ على اعتبار أن واو العطف تفيد الجمع وليس الاختيار ؟ ان ظاهر النص لا يتماشى مع الواقع ذلك أن هناك حالات كثيرة يكفي فيها توافر أحد الشرطين لوجود حالة التبرير. وهذا ما يتطلب منا التمييز بين حالة أمر القانون وحده، وحالة إذن السلطة الشرعية وحدها.

أولا: أمر القانون دون إذن السلطة الشرعية:
إن الأمثلة على ذلك كثيرة منها:
الطبيب الذي يقوم بناء على أمر القانون بالتبليغ عن مرض معد، لا يعد مرتكبا لجريمة إفشاء السر المهني، لأن الأمر القانوني موجه إليه مباشرة ولا يحتاج في ذلك أمرا صادرا من السلطة الشرعية.
قاضي التحقيق الذي يقوم بتفتيش منازل الأشخاص المتهمين، فهو لا يعتبر ماسا بحرمة المسكن لأن أفعاله تكون بأمر القانون
ضابط الشرطة القضائية الذي يمكنه أن يضع المشبوه فيه تحت الحراسة النظرية خلال المدة القانونية (الفصل 66 من ق.م.ج).
ضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس يمكنه أن يمنع كل شخص يرى ضرورة في الاحتفاظ به من مغادرة مكان الجريمة إلى أن ينتهي من تحرياته(الفصل 65).
يمكن لكل شخص ضبط شخصا آخر متلبسا بجناية أو جنحة أن يلقي عليه القبض وأن يسوقه إلى أقرب ضابط للشرطة القضائية (الفصل 76 ق.ج).

ثانيا: إذن السلطة الشرعية دون أمر القانون.