توضيحات قانونية حول سلطات الرئيس الأمريكي المتعلقة بالحرب

أ/ عبد الله كامل محادين

يعتبر الكونغرس دستورياً، هو الوحيد المخول بإعلان الحرب. و لكن على الرغم من ذلك فإن الولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر أخذت تدخل في المنازعات العسكرية بناء على قرار الرئيس وحده، الذي يتخذه في نطاق صلاحياته كقائد أعلى للقوات المسلحة بهدف حماية الأمة و رعاياها ضد أي اعتداء خارجي داهم. هذه المبادرات الرئاسية فيما يتعلق بالحرب غالباً ما تكون متوافقة مع الرأي العام الأمريكي، حيث يكون الكونغرس مجبراً على التصديق عليها بصورة شكلية. و إعلان الرئيس لحالة الحرب بقراره المنفرد أخذ يتعاظم منذ منتصف القرن العشرين :

ففي حزيران 1950 و بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرر الرئيس ترومان إرسال القوات الأمريكية إلى كوريا بدون الرجوع إلى الكونغرس، وفي تشرين الأول من عام 1962 و بعد إعلام زعماء الكونغرس وجه الرئيس كيندي إنذاره الشهير إلى الاتحاد السوفيتي فيما عرف بقضية كوبا، الذي كان من الممكن أن يجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة، كذلك فإنه في التدخل الأمريكي في الحرب الفيتنامية لم يوافق الكونغرس على هذا التدخل إلا بشكل لاحق…الخ. و لكن منذ المأساة الأمريكية في الحرب الفيتنامية و فضيحة وترغيت Watergate، فإن الكونغرس حاول إيجاد نوع من الرقابة على سلطات الرئيس المتعلقة بالحرب و ذلك من خلال قانون أقر عام 1973.

قانون سلطات الحرب War Powers Act الذي أقر في 7 تشرين الثاني 1973 رغم معارضة الرئيس نيكسون، يهدف إلى التوفيق أو التنسيق بين سلطات الرئيس و الكونغرس المتعلقة بالحرب. فهذا القانون يلزم الرئيس في حال إرسال قوات عسكرية أمريكية إلى بلد أجنبي أن يستشير الكونغرس مسبقاً إذا كان بالإمكان، و في كل الأحول الرئيس ملزم بتقديم تقرير إلى الكونغرس خلال /48/ ساعة محدداً الأسباب و الظروف التي تستدعي تدخل القوات الأمريكية. عندما يتلقى الكونغرس هذا التقرير يكون أمامه ثلاثة خيارات :

1-إما أن لا يعمل شيء، و في هذه الحالة للرئيس الحق في الاستمرار في العمل العسكري خلال مدة /70/ يوماً كحد أقصى، قابلة للتجديد /30/ يوماً إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
2-أو الموافقة على العمل العسكري، و هنا يملك الرئيس أن يمدد العمل العسكري إلى ما لا نهاية.
3-و إما أن يأمر الكونغرس بسحب القوات الأمريكية بناء على قرار يصوت عليه بنفس الوقت من قبل المجلسين (الشيوخ و النواب) غير خاضع للفيتو الرئاسي.

و لكن الكونغرس لا يعارض عادة الرئيس في هذا المجال و نادراً ما يطلب سحب القوات الأمريكية، و ذلك حفاظاً على هيبة الرئيس، و بالتالي الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة العالم. و لو حدث و اعترض الكونغرس على التدخل العسكري فإن الرئيس لا يأبه لهذه المعارضة : ففي أيلول من عام 1994 و بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة و رغم معارضة الكونغرس، أرسل الرئيس كلينتون القوات الأمريكية إلى هاييتي Haïti من أجل إعادة الرئيس المخلوع أرستيد Aristide إلى منصبه بعد انقلاب عسكري دام سنتين، و رغم أن الكونغرس كان قد صوت على قرار يأمر القوات الأمريكية بالانسحاب و العودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فإنّ هذه القوات بقيت بناء على قرار الرئيس و لم تنسحب حتى أتمت مهمتها.
إضافة لقانون الحرب المشار إليه آنفاً، هناك قانون آخر أقر عام 1976 حول بيع و تصدير الأسلحة حيث أخضعت هذه الأنشطة لرقابة الكونغرس.