سوف نبحث في هذا الموضوع ماهية وعناصر النتيجة في نقطتين أولاهما في ماهية النتيجة الإجرامية للاشتراك بالمساعدة ونبحث في الثانية عناصر النتيجة.

أولاً- ماهية النتيجة الإجرامية للاشتراك بالمساعدة

ان النتيجة الإجرامية هي الأثر المترتب على السلوك الإجرامي(1). والأثر المترتب على سلوك الشريك المساعد يكمن في واقعة ارتكاب الفاعل للجريمة محل الاشتراك وتختلف نتيجة الاشتراك عن نتيجة الجريمة محل الاشتراك وعن النتيجة الإجرامية الفردية. ونحن نتناول النتيجة الإجرامية في نشاط الشريك المساعد مقترناً بنشاط الفاعل مما يؤدي الى اختلاف الركن المادي للاشتراك بالمساعدة عنه في الجريمة الفردية فيشترط لتحقق النتيجة الإجرامية في الاشتراك ان يترتب على نشاط الشريك فعل معاقب عليه قانوناً ويستوي على جريمة تامة أو شروع فيها، والركن المعنوي المتوافر عند الشريك يحدد ماهية هذه الجريمة(2)، ففي الجرائم العمدية يجب ان تكون هذه الجريمة التي قصد الشريك وقوعها وفي الجرائم غير العمدية يجب ان يكون الشريك متوقعاً للنتيجة الإجرامية(3)، ولا تقوم جريمة الشريك وان تحققت النتيجة الإجرامية محل الاشتراك لان تحققها لم يكن بناءً على أفعال الاشتراك، فمن يقدم للجاني مسدساً لارتكاب جريمة القتل فينفذها الجاني بوسيلة أخرى كالسكين فرغم تحقق النتيجة الإجرامية ولكن لا يعاقب الشريك لأنها تمت بوسيلة أخرى، خلافاً لوسيلة الاشتراك مما يؤدي الى عدم اكتمال عناصر الركن المادي لجريمة الاشتراك بالمساعدة(4).

وقد تتحقق النتيجة التي يرغب فيها الشريك ولا يعاقب عنها لأنها تحققت من قبل فاعل آخر غير من قام بمساعدته(5). أي بعبارة أخرى … ان النتيجة الإجرامية التي تحققت من قبل الفاعل بصورة تامة أو وقفت عند حد الشروع بناءاً على مساعدة الشريك، تجعل من الشريك المساعد مسؤولاً جنائياً عن اشتراكه ويعاقب تبعاً لذلك. وإلا كانت أعمال الاشتراك مشروعة في حالة عدم تحقق النتيجة الإجرامية ما لم يعاقب عليها القانون بوصفها جريمة مستقلة، ومن ثم فلا يكون الشروع فيها متصوراً لان الشروع لا يكون إلا في جريمة. فقد عاقب الشريك ولو كان فاعل الجريمة غير معاقب بسبب عدم توافر القصد الجنائي لديه(6). وذهب جانب من الفقه… ونحن نتفق معه الى ان المشرع لم يكن موفقاً في صياغة هذا النص حيث ذكر فيها ان أسباب الإباحة إذا تحققت للفاعل فلا يمنع من مساءلة الشريك عن الجريمة، وهذا خطأ محض إذ ان المشرع كان يريد هنا بعبارة أسباب الإباحة هو الغلط في الإباحة، لان أسباب الإباحة تزيل المساهمة الأصلية والتبعية وتحول نشاط الفاعل الى نشاط مشروع وبالتالي تفقد المساهمة التبعية مصدر عدم مشروعية نشاطها وبالتالي فقد ركنها الشرعي(7). إذن نلاحظ ان نتيجة الاشتراك تتمثل في واقعة ارتكاب فعل غير مشروع من الفاعل وهي تختلف عن نتيجة الجريمة التي تحققت بفعل الفاعل. ولكن تجدر الإشارة… الى انه يعاقب الشريك ولو كانت شخصية الفاعل الذي ارتكب فعلاً غير مشروع مجهولة. لان الاشتراك المعاقب عليه يكمن في فعل الفاعل لا في شخصه(8).

وقضت محكمة النقض بان الأصل في الشريك انه يستمد صفته من فعل الاشتراك الذي ارتكبه ومن قصده منه ومن الجريمة التي وقعت بناء على اشتراكه. فهو في الأصل شريك في الجريمة لا شريك مع فاعلها، وانه لا مانع في القانون يمنع من عقاب الشريك إذا كان الفاعل مجهولاً(9 ). أما بالنسبة للاختلاف بين النتيجة الإجرامية المنفردة وبين النتيجة الإجرامية محل الاشتراك، فقد اختلف الفقه بشأن ذلك، فمنهم يذهب الى ان النتيجة الإجرامية في الجريمة محل الاشتراك والجريمة الفردية واحدة، ويذهب آخرون الى ان النتيجة الإجرامية تكون مختلفة في حالة الاشتراك دون تحليل عناصرها. ويرى أصحاب هذا الرأي(10)، ان الاختلاف يتوقف على لحظة اكتساب نشاط الشريك بالمساعدة الصفة غير المشروعة بوقوع السلوك غير المشروع من الفاعل إذ باكتساب هذه الصفة يتميز عن السلوك الأخير ويصبح سلوكين في الجريمة الواحدة لكل منهما خصائصه الذاتية التي تميزه عن الآخر. وهناك من يؤيد هذا الرأي(11) ويرى بان ينظر الى الجريمة على إنها تقوم بفعل تنفيذي واحد يساهم به الفاعل والشريك المساعد، وان النتيجة الإجرامية في الاشتراك لا تختلف من حيث طبيعتها من حيث إنها حقيقة مادية. ولكن الاختلاف يكمن بطبيعة الوسائل ما إذا كانت مادية أو معنوية، أما أصحاب الاتجاه الأول(12) فإنهم يستندون في رأيهم الى نص القانون لبيان أركان الجريمة واستظهار النتيجة باعتبارها احد عناصر ركنها المادي أي بعبارة أخرى يرون ان النتيجة الإجرامية ما هي إلا حقيقة قانونية(13). ونحن نؤيد هذا الاتجاه فلابد من وجود صلة قائمة بين وسيلة المساعدة المقدمة والنتيجة الإجرامية التي حصلت بموجبها تلك النتيجة. إذ توجد نتيجة واحدة ذات عناصر متعددة فالاختلاف يكمن في الركن المعنوي للنتيجة الإجرامية الفردية عنه في جريمة الفاعل والشريك، فالأول يتكون من فعل ونتيجة وعلاقة سببية بينهما، في حين الثاني يتكون من عناصر متعددة، هي فعل الفاعل، وفعل مساعد، والنتيجة التي وقعت بناءً على فعل المساعدة، وعلاقة سببية تربط هذين الفعلين بتلك النتيجة. فان النتيجة الإجرامية تكون واحدة بشأن ذلك.

ثانياً- عناصر النتيجة الإجرامية لإجرام الشريك بالمساعدة

للشريك بالمساعدة نتيجة إجرامية مرتبطة بالنشاط الذي يرتكبه الفاعل وما يترتب عليه من نتائج إجرامية، أي ان الركن المادي لسلوك الشريك بالمساعدة في مجمل عناصره يتكون من واقعتين هما فعل المساعدة وفعل الفاعل ونتيجته. فالنتيجة الإجرامية في سلوك الفاعل هي إزهاق الروح من خلال نشاط الفاعل الموصوف بوصف معين، وهو استعمال المسدس الذي أعطاه له الشريك(14). وعلى ذلك فهناك ثلاثة عناصر ذات أهمية لتحديد المسؤولية الجنائية للشريك بالمساعدة، هي فعل المساعدة، ونشاط الفاعل الموصوف والذي يساهم فيه فعل المساعدة، وأخيراً النتيجة الإجرامية لنشاط الشريك، فإذا اعتبرنا النتيجة الإجرامية للاشتراك بالمساعدة واقعة واحدة وهي النتيجة التي نهى عنها القانون فقط وأهملنا سلوك الفاعل الموصوف فيؤدي ذلك الى مساءلة الشريك بالمساعدة عن فعله فقط دون اقترانه بنشاط الفاعل، بما يناقض مبدأ الوحدة ويؤدي الى عدم مساءلته عن النتيجة المحتملة لاشتراكه، والتي يحققها سلوك الفاعل(15).

_______________________

[1]- د.مصطفى إبراهيم الزلمي، المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية (دراسة مقارنة بالقانون)، ج1، مطبعة اسعد، بغداد، 1982، ص27.

2- علاء الدين راشد، مصدر سابق، ص233. و د.علي حسين خلف، مصدر سابق، ص648.

3- د.احمد فتحي سرور، مصدر سابق، ص454.

4- من يساعد شخص على القتل فيتوجه لتنفيذ الجريمة وقبل وصوله مكان المجني عليه تبين انه قد قتل بمادة سامة فلا عقاب على المساعدة لان الشروع في الاشتراك غير معاقب عليه. انظر مؤلف د.مدحت عبد العزيز، مصدر سابق، ص57. و د.مأمون محمد سلامه، مصدر سابق، ص454. و د.محمود نجيب حسني، مصدر سابق، ص336.

5- د.حسن محمد ربيع، مصدر سابق، ص377.

6- نصت الفقرة (2) من المادة (50) ق.ع.ع ( يعاقب الشريك بالعقوبة المنصوص عليها قانوناً ولو كان فاعل الجريمة غير معاقب بسبب عدم توفر القصد الجنائي لديه أو الأحوال أخرى خاصة به).

7- د.علي حسن خلف، مصدر سابق، ص657.

8- د.حسن محمد ربيع، مصدر سابق، ص379. و د.علي حسين خلف، مصدر سابق، ص655.

9- انظر نقض 27 نوفمبر/1930، مجموعة القواعد القانونية/ج2/ ق114، ص132. وبذات الاتجاه انظر طعن تمييزي رقم 6/85 جزائي، جلسة 11/3/1985 مجلة القضاء والقانون، مجلة تصدر عن المكتب الفني لمحكمة استئناف العليا بدولة الكويت/ فبراير/1989 السنة الثالثة عشر، العدد الأول، ص324.

10- د.محمد رشاد أبو عرام، مصدر سابق، ص165. و د.سمير الجنزوري، الأسس العامة لقانون العقوبات مقارنةً بأحكام الشريعة الإسلامية، مطبعة السعادة، 1977، ص397.

11- د.مأمون محمد سلامه، مصدر سابق، ص470.

12- د.محمود نجيب حسني، مصدر سابق، ص336. وشرح قانون العقوبات، القسم العام، مصدر سابق، ص430. و د. أسامة عبد الله قايد، مصدر سابق، ص279.

13- د.محمود محمود مصطفى، مصدر سابق، ص277.

14- د.مدحت عبد العزيز إبراهيم، مصدر سابق، ص58. و د.محمد هشام أبو الفتوح، شرح قانون العقوبات(القسم العام)، دراسة تطبيقية مقارنة، دار النهضة بالقاهرة، 1990، ص561.

15- د.محمد رشاد أبو عرام، مصدر سابق، ص167 وما بعدها.

المؤلف : تركي هادي جعفر الغانمي
الكتاب أو المصدر : المساهمة بالجريمة بوسيلة المساعدة

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .