فسخ العقد في القانون

يقصد بفسخ العقد هو حل الرابطة العقدية التي تجمع بين المتعاقدين وإزالة كل أثارها بحيث يصبح العقد منعدما كأنه لم يكن وبهذا المدلول فان انحلال العقد مثله مثل البطلان يرمي إلى زوال الرابطة العقدية غير أنهما يتميزان عن بعضهما البعض من حيث الأسباب التي تبرر كلا منهما فيبطل التصرف القانوني لكونه لم ينشأ صحيحا ، كان يتخلف احد أركانه أو شرط من شروطه بينما يرد الانحلال او الفسخ على العقد الصحيح بسبب عدم تنفيذه كليا ويمكن القول ان الفسخ او الانحلال يتعلق بمرحلة تنفيذ العقد.

ويترتب على فسخ العقد بحكم القضاء او بحكم الاتفاق او بحكم القانون زواله بأثر رجعي واعتباره كأن لم يكن ووجوب إعادة الحال بين المتعاقدين الى ما كان عليه قبل التعاقد ورد ما قُبض تنفيذاً للعقد، ويسري ذلك فيما بين المتعاقدين وبالنسبة للغير.

وبهذا فان اثر فسخ العقد هو وجوب إعادة الحال الى ما كان عليه قبل التعاقد فمن قبض شيئاً فعليه رده ، فإذا فسخ عقد البيع مثلاً، فإن على المشتري إذا كان قبض المبيع أن يرده وعلى البائع أن يرد الثمن إن كان قد قبضه، ومن لم ينفذ التزامه لا يجبر على تنفيذه، وهذا ما نصت عليه المادة 180 من القانون المدني الاتحادي رقم 40 لسنة 1951 .

وكذلك يجب رد الثمرات والزوائد التي أنتجها الشيء المقبوض تنفيذاً للعقد من وقت أن صار المتعاقد الذي قبضه سيء النية، وفي كل الأحوال من وقت إقامة الدعوى بالفسخ. والبائع إذا قبض الثمن فيرد معه فوائده من وقت المطالبة القضائية ، وأساس الرد على الرأي السائد هو الكسب من دون سبب ، اما الاثر الثالث لفسخ العقد هو الحكم بالتعويض عن الأضرار التي أحدثها إخلال المتعاقد بتنفيذ التزامه والذي أدى الى فسخ العقد، ويشمل ذلك الخسارة اللاحقة والكسب الفائت، كما يشمل نفقات الدعوى التي أقامها الدائن للحصول على حكم الفسخ. ويترتب على فسخ العقد اثار اخرى بالنسبة للغير والتي تتمثل بزوال الحقوق التي رتبها القابض على الشيء قبل الفسخ.

فالمشتري يعد كأن لم يملك المبيع أبداً، فيسترده البائع خالياً من أي حق رتبه المشتري عليه ، والأساس القانوني لذلك هو أن المشتري لمّا كان كأن لم يملك المبيع أبداً بسبب الأثر الرجعي للفسخ، فإن تصرفه يعتبر صادراً من غير مالك، فلا ينفذ في حق المالك الأصلي وهو البائع، فالإنسان لا يستطيع أن ينقل الى غيره من الحقوق أكثر مما يملك هو.

ولكن هذه القاعدة ليست مطلقة اذ يرد عليها عدة استثناءات وذلك في حالة : عقود الإدارة المبرمة بحسن نية ، فهذه العقود المبرمة بحسن نية وثابتة التاريخ، كعقد الإيجار الثابت التاريخ فإنها تبقى بعد الفسخ ، والاستثناء الثاني هو قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية فهذه القاعدة تعطل الأثر الرجعي للفسخ، ذلك لأن المشتري الثاني حسن النية إذا قبض المبيع يستطيع أن يتمسك بهذه القاعدة إذا أراد البائع الأول استرداد الشيء منه، وذلك استنادا الى نص المادة 1163 من القانون المدني العراقي .

اما بالنسبة لاثر الفسح في العقود المستمرة حيث الزمن عنصر جوهري في هذه العقود ، ولاستحالة إعادته الى الوراء فإنه لا يكون للفسخ – على الرأي الراجح – أثر رجعي ويزول العقد من وقت الفسخ لا من وقت إبرامه، فيظل ما نفذ منه قائماً وما يدفع مقابل الانتفاع يكون أجرة وليس تعويضاً ويضمنه امتياز المؤجر ، ويطلق بعض الفقهاء على هذا النوع من الفسخ انهاء .

ولابد ان تتوفر عدة شروط لامكانية فسخ العقود وهي : أن يكون العقد ملزم لجانبين حيث تترتب التزامات متقابلة على عاتق الطرفين وعليه فإن إخلال أحدهما بتنفيذ التزامه يبرر طلب الفسخ من قبل الطرف الآخر ، وكذلك لابد من إخلال أحد الطرفين بتنفيذ التزامه على أن لا يكون هذا الإخلال ناشيء عن سبب أجنبي لا إرادة للمدين منه ، واخيرا استعداد طالب الفسخ لتنفيذ التزامه مع قدرته على إعادة الحال إلى ماكانت عليه.

المحامية: ورود فخري