القواعد الفقهية، وبعض تطبيقاتها في القانون

الفقرة الأولى: مفهوم القاعدة الفقهية

القاعدة لغة : الأساس و الأصل و الركن وهي أصل الشئ و أساسه قال تعالى : ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ﴾. وقال الزمخشري : “الأساس لما فوقه وهي صفة غالبة و معناها الثابتة، ومنه قعدك الله أي أسال الله أن يقعدك أي يثبتك بمعنى الثابت.

إصطلاحا : قال الجرجاني في التعريفات : قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها. وقال التهانوي أن القاعدة تطلق على معنى مرادف الأصل و القانون و المسألة و الضابطة و المقصد. وعرف كذلك المقري المالكي القاعدة الفقهية أنها : كل كلي هو أخص من الأصول و سائر المعاني العقلية العامة أعم من العقود وسائر الضوابط الفقهية الخاصة. وهناك من يعرفها بأنها الأمر الكلي المنطبق علي جميع جزئياته.

أما التعريف الأدق هو تعريف الحموي : حكم أكثري ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه، أما تعريف القاعدة الفقهية عند عموم الفقهاء فهي حكم أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه.

الفقرة الثانية:مصادر القواعد الفقهية

إن القواعد الكلية في الفقه الإسلامي بصيغتهـا الأخيرة من وضع الفقهـاء وصياغتهم وترتبيهم، وقد قاموا بذلك على مر العصور وحتى العصر الحاضر.

أما أصلها ونشأتها مستقاة من ثلاثة مصادر هي:

قواعد فقهية مصدرها القرآن الكريم

لقد جاء القرآن الكريم بمبادئ عامة، وقواعد كلية، وضوابط شرعية، في آياته ونصوصه، لتكون منارا وهداية للعلماء في وضع التفاصيل التي تحقق أهــــداف الشريعـة، وأغراضهـا العامـة، وتتفـق مع مصالـح النـاس، وتطور الأزمــــان و اختلاف البيئات.

ولقد حققت هذه المبادئ العامة في القرآن الكريم هدفين أساسيين؛ الأول يتجلى في تأكيد الكمال في دين الله تعالى الذي ورد في قوله عز وجل: “اليوم أكملت لكـــم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”. و الثـاني: بيان ميزة المرونة في التشريع الإسلامي لمسايرة جميع العصور و البيئات، ليبقى صالحا للتطبيق في كل زمان و مكان.

و هذه المبادئ العامة في القرآن الكريم ، كانت مصدرا مباشرا للأئمة و الفقهاء في صياغة القواعد الكلية في الفقه الإسلامي ، و إرشادهم إلى المقاصد و الغايات من الأحكـام ، و الإستعانة بها لتشمل جميع الفروع التي تدخل تحتـها ،مثل ” و أمرهـم شورى يينهم ؛ فالآية تصف المؤمنيـن بالتشـاور في جميــع الأمور، سواء كانت عائلية أو إدارية أو اجتماعية أو سياسية، و تركت كيفية التنفيذ و وسائله بحسب الأحوال و الأزمان ، و مثل قوله تعالى : ” و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف ” ، التي تعتبر قاعدة عامة لتحديد الحقوق والواجبات بين الزوجيين ومثل قوله تعالى: ” إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم “، التي تقر مبدأ التراضي في العقود والتصرفات، واحترام سلطان الإرادة، وهناك العديد غيرها من القواعد الفقهية التي يرجع أصلها إلى آيات الذكر الحكيم.

قواعد فقهية مصدرها السنة النبوية

السنة النبوية هي المصدر الثاني والمفصلة للكتاب، فلقد أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، واختصر له الكلام اختصارا، وكان عليه الصلاة والسلام ينطق بالحكمة القصيرة التي تخرج مخرج المثل وتكون قاعدة كلية، ومبدأ عاما، ينطوي على الأحكام الكثيرة، والمسائل المتعددة.

ومن الأحاديث الشريفة الجامعة التي جرت مجرى القواعد : قوله صلى الله عليه وسلم:” كل مسكر حرام”، فدل الحديث على تحريم كل مسكر من العنب أو غيره مائعا أو جامد، نباتي أو حيواني أو مصنوع.

وكذلك قوله عليه السلام :” إنما الأعمال بالنيات ” ومعناه أن أعمال المكلف وتصرفاته من قولية أو فعلية تختلف نتائجها وأحكامها الشرعية التي تترتب عليها باختلاف مقصود الشخص وغايته وهدفه من وراء تلك الأعمال والتصرفات.

وقوله :”الدين النصيحة “فهذه القاعدةتنص على أن عماد الدين وقوامه النصيحة فبوجودها يبقى الدين قائما بين المسلمين ، وبعدمها يدخل النقص على المسلمين في جميع شئون حياتهم.

ا قواعد فقهية مصدرها الإجتهاد

وذلك عن طريق الإستدلال واستنباط القواعد الكلية من الأصول الشرعية السابقة، ومن مبادئ اللغة العربية، ومسلمات المنطق، ومقتضيات العقول، وتجميع الفروع الفقهية المتشابهةفي علة الإستنباط، فالعالم الفقيه يرجع إلى هذه المصادر، ويبذل جهده فيها، ويجمع بين الأحكام المتماثلة، والمسائل المتناظرة، ويستخرج قاعدة كلية منها، تشمل كل ما يدخل تحتهاأو أغلبه، وكما فعل علماء الأصول في وضع القواعد الأصولية، سار الفقهاء في القواعد الفقهية.

وكمثال على الإجتهاد، نذكر قاعدة ” الأمور بمقاصدها ” المأخوذة من مجموعة أحاديث في النية، أهمها حديث ” إنما الأعمال بالنيات “، ومثل قاعدة ” الضرر يزال “، ومثل قاعدة ” السؤال معاد في الجواب ” المأخوذة من مبادئ اللغة العربية، وقاعدة ” التابع تابع ” المأخوذة من مسلمات المنطق، وقاعدة ” إذا زال المانع عاد الممنوع ” المأخوذة من لوازم التفكير ومبادئ العقل.

بعض القواعد الفقهية وتطبيقاتها في التشريع.

الفقرة الأولى: قاعدة”الأمور بمقاصدها”.

أولا :معنى القاعدة.

الأمور جمع أمر ، وليس المراد به طلب فعل، وإنما المراد بالأمر هنا الشأن سواء كان فعلا أو قولا، كقول الله تعالى :” إليه يرجع الأمر كله “، وكقوله صلى الله عليه وسلم : ” كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ” .

والمقاصد : جمع مقصد، والمقصد هو مراد الإنسان وغايته من فعل شيء معين أو تركه. وقصد الشيء إذا أمه واتجه إليه، والمراد به : الغاية التي أرادها بقوله أو بفعله .

فمعنى القاعدة أن العبرة والمؤاخذة ، بالغاية التي أراد الفاعل تحقيقها بقوله أو فعله، فإما أن يثاب أو يعاقب، أو يقبل منه أو لا، أو يسقط عنه الواجب أو لا . فالأعمال مرتبطة بالنيات ومعتبرة بها، فالنية هي التي يحكم بها على العمل وعلى حسب النية تكون المجازاة على الأعمال ، وهي الميزان الذي توزن به الأعمال وسائر التصرفات الإنسانية ، وكل عمل لم تصحبه نية فهو ساقط لا حساب له فالحكم المترتب على أمر يكون على مقتضى ما قصد من ذلك الأمر.

ثانيا : أدلة القاعدة .

من أهم أدلتها وأصرحه قوله صلى الله عليه وسلم:” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى” ، وهو في الحقيقة، ليس دليلاً للقاعدة بل يمكن أن يقال هو أحد ألفاظ القاعدة . وكذا قوله عليه السلام : ” من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل ، فغلبته عينه حتى يصبح كتب له مانواه “. وقد انبنى على هذه القاعدة كثير من الأحكام ، ومن ذلك أن من بلغه خبر سار وهو في الصلاة فقال : الحمد لله ، إن قصد بذلك الرد على من أخبره بطلت صلاته، وان قالها اتفاقا من غير ذلك القصد لم تبطل ، ومن انقطع عن أخيه فوق ثلاث ، إن قصد بذلك هجره وقطيعته حرم .

ثالثا : تطبيقات القاعدة في التشريع.

لقاعدة الأمور بمقاصدها تطبيقات عديدة في التشريع الإسلامي و التشريع المغربي والمقارن نذكر منها مثلا :

مسألة الزواج ، فالزواج في أصله له مقاصد أوجبها الشرع الحكيم لابد من مراعاتها ، منها أن يكون بنية الدوام، واستمرار النسل البشري وتكثير سواد الامة ، وعفة النفس و سكينتها، فهذه بعض مقاصد الزواج العامة التي يجب أخذها بعين الإعتبار، ويجب تحقيقها والوصول إليها، فمن تزوج امرأة بقصد التحليل للمطلق ثلاثا كان زواجه فاسدا، وعليه لعنة الله تعالى ، عملا بقاعدة ” الأمور بمقاصدها ” ، لأن مقصده من أمره ذلك ليس الزواج بمقاصده الشرعية

و كذا من اقترب تمام الحول على ماله فاشترى به شيئا فرارا من الزكاة بعد أن بلغ النصاب فنيته من ذلك الفعل باطلة، لأنه يتحايل على الله بعمله ذلك، لكن القاعدة واضحة في إثبات عمله على وفق مقصده

أما بالنسبة للتشريع المغربي فيمكن اعطاء مثال الفصلين 101 و 103 من ظهير الإلتزامات والعقود المغربي الذي رتب حكمين مختلفين لحيازة الشئ، بين الحائز حسن النية و الحائز سيئ النية، كما يلي:

ينص الفصل 101 على أن : “الحائز سئ النية ملزم بأن يرد ، مع الشئ، كل الثمار الطبيعية و المدنية التي جناها،.أو التي كان يستطيع أن يجنيها لو أمه أدار الشيء إدارة معتادة وذلك من وقت وصول الشيء إليه …”

أما الفصل 103 فينص على أن : “الحائز عن حسن نية يتملك الثمار ، و لا يلزم إلا برد ما يكون منها موجودا في تاريخ رفع الدعوى عليه برد الشيء وما يجنيه منها بعد ذلك ….”

ويتضح من خلال هذين الفصلين أن الحكم على حائز الشئ يختلف باختلاف قصده و نيته، رغم أن فعل الحيازة هو نفسه في الفصلين معا.

كذلك فنظرية الإثراء بلا سبب تعد من تطبيقات قاعدة ” الأمور بمقاصدها ” ، ويتجلى هذا واضحا في الفصل 75 من قانون الإلتزامات والعقود ، حيث ينص على أنه : ” من أثري بغير حق إضرارا بالغير لزمه أن يرد له عين ما تسلمه، إذا كان مازال موجودا أو أن يرد له قيمته في يوم تسلمه إياه ، إذا كان قد هلك أو تعيب بفعله أو بخطئه، وهو ضامن في حالة التعيب والهلاك الحاصل بقوة قاهرة من وقت وصول الشيء إليه إذا كان قد تسلمه بسوء نية . والمحرز بسوء نية يلتزم أيضا برد الثمار و الزيادات والمنافع التي جناها وتلك التي كان من واجبه أن يجنيها لو أحسن الإدارة وذلك من يوم حصول الوفاء له أو من يوم تسلمه الشيء بغير حق . وإذا كان المحرز حسن النية ، فإنه لايسأل إلا في حدود ما عاد عليه من نفع، ومن تاريخ المطالبة “. .

وكمثال آخر نذكر ما يتعلق بالإلتزام بالتصريح بالخطر في عقد التأمين ، حيث ينبني هذا الالتزام على مبدأ حسن النية بصفة أساسية ويعتبر هذا المبدأ أساس تدرج الجزاءات في حالة الإخلال بالالتزام بالتصريح بالخطر، ذلك أن المشرع يميز بين مخالفة هذا الالتزام بسوء نية، وعاقبه ببطلان عقد التأمين في المادة 30 من مدونة التأمين ، ومخالفته عن حسن نية، وعاقبه بجزاء أخف يتمثل في التعويض النسبي بعد وقوع الكارثة في المادة 31 من مدونة التأمين .

وفي نفس الإطار فقد نصقانون الموجبات والعقود اللبناني في المادة 981 في هذه الحالة على ما يلي : ” …. على أن كتمان المضمون أو تصريحه الكاذب لا يؤديان إلى بطلان عقد الضمان ، إذا لم يقم البرهان على سوء نية المضمون ، إذا ظهر الكتمان أو الكذب قبل وقوع طارئ ما ، حق للضامن أن يفسخ العقد بعد مرور عشرة ايام من تاريخ تبليغ الإنذار الذي يرسله إلى المضمون بكتاب مضمون ، إلا إذا رضي الضامن بأن يبقى العقد مقابل زيادة على القسط يرضى بها المضمون ، وإذا لم يظهر الكتمان أو الكذب إلا بعد وقوع الطارىء فيخفض التعويض بنسبة الفرق بين معدل القسط التي دفعت ومعدل الأقساط التي كان أن تدفع فيما لو كانت المخاطر قد أعلنت على وجه صحيح تام “.

وكمثال آخر لقاعدة ” الامور بمقاصدها ” نجد ما يتعلق بتفسير النصوص، فكما هو معروف فالتفسير هو تلك العملية الذهنية التي يقوم بها القاضي من اجل الوقوف على الإرادة الحقيقية للمتعاقدين معتمدا على الاساليب القانونية التي من شأنها أن تساعده على ذلك. فالقاضي هنا ينقب في عالم النية أي في الواقع ليقتنع في آخر المطاف بما قصدت الإرادة تحقيقه من غرض معين . ونظرا لانه يعتد في العقود بالمقاصد والمعاني و ليس بالألفاظ والمباني، فإنه يتعين البحث عن الغرض المقصود أثناء التعاقد، لاسيما و أن المشرع كرس هذا المبدأ بقوله: ” عندما يكون للتأويل موجب، يلزم البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند تركيب الجمل “.

وانتحى المجلس الأعلى نفس النهج في العديد من قراراته، منها مثلا قراره الصادر بتاريخ 20 أبريل 1966، الذي ورد فيه أن :” لمحكمة الموضوع الحق في ألا تعتبر في العقود إلا معناها دون مبناها. وإنها حينما تقرر أن العقد المبرم بين الطرفين هو عقد كراء لا عقد شركة تصحح الوضع بالنسبة للتعبير الفاسد”.

كذلك فيما يتعلق بدعوى الصورية بطريق التستر ، وتتناول نوع العقد لا وجوده، وذلك كهبة في صورة بيع. العقد الظاهر هو البيع وهو عقد صوري، والعقد المستتر هو الهبة وهو العقد الحقيقي . ويكون الغرض من الصورية عادة في مثل هذه الحالة الهرب من رسمية العقد ، فيما لو ظهرت الهبة في ثوبها الحقيقي

أما بالنسبة لمسألة جوازالتمسك بالعقد الصوري من قبل الدائن والخلف الخاص إذا كانا حسني النية فنجد المادة 147 من القانون المدني العراقي وبالضبط الفقرة الأولى منها تنص على أنه : ” إذا أبرم عقد صوري ، فلدائني المتعاقدين وللخلف الخاص إذا كانوا حسني النية أن يتمسكوا بالعقد الصوري ، كما أن لهم أن يثبتوا صورية العقد الذي أضر بهم وأن يتمسكوا بالعقد المستتر .

وفي القانون التجاري اليمني، نجد الفصل 286 ينص على أنه : ” لا يحتج بانتهاء الوكالة على الغير حسن النية الذي تعاقد مع الوكيل قبل علمه بانتهائها ” .

وفي القانون المدني العراقي نجد المادة 1200 تنص على أنه : ” إذا غرس احد اشجارا أو أقام أبنية في أرض أميرية ليس له فيها حق التصرف ، وكان ذلك بحسن نية وبزعم سبب شرعي ثم استحقت الأرض فإن كانت قيمة المنشآت القائمة أكبر من الأرض، فوضت الأرض لصاحب المنشآت ببدل المثل وإذا كانت قيمة الأرض لا تقل عن قيمة المنشآت قائمة تملك صاحب الأرض المنشآت بعد دفع قيمتها.

الفقرة الثانية: قاعدة”المشقة تجلب التيسير”.

أولا : مفهوم القاعدة في اللغة والاصطلاح.

تعتبر هذه القاعدة من القواعد الكبرى المتفق عليها في كل المذاهب. قال تعالى:” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”.وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ” ان الله وضع على امتي الخطأ و النسيان وما استكرهوا فيه”.و قاعدة “المشقة تجلب التيسير”قاعدة مركبة لغويا سنشرحها كما يلي:

لغة:

المشقة:من شق عليه الشيء يشق شقا، إذا أتعبه، وأجهده وعنّاه، كقوله تعالى ﴿وتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وقوله صلى الله عليه وسلم:﴿ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة(.
تجلب:الجلب، سَوقُ الشيء من موضع إلى موضع، ومنه نهيه صلى الله عليه وسلم عن تلقي الجَلَب.
التيسير:التسهيل والتخفيف، والسهل ضد الصعب

.

اما في الاصطلاح:

تفيد هذه القاعدة أن ما يحصل على المكلف من مشقة بسبب العبادة، فإن هذه المشقة توجب له التسهيل والتخفيف، إما بسقوط العبادة برمتها، أو التخفيف من بعض تكاليفها.

عموما المراد بالمشقة هنا بالمشقة الزائدة عن الحدود العادية، أما المشقة المعتادة

فلا تمنع منها لتأدية التكاليف الشرعية. كمشقة العمل و اكتساب المعيشة و الجهاد،ومشقة قتل البغاة و المفسدين و الجناة.

أسباب التخفيف:

لقد علم بالاستقراء أن أسباب التخفيف سبعة وهي:

1-النقص:وبسببه رفع التكليف عن الصغير و المجنون، ورفعت الجمعة

والجماعة والجهاد عن النساء.

2-الجهل: وبسببه يرد المبيع بالعيب، ويفسخ عقد الزواج.

3-المرض:وبه أبيح التيمم، والصلاة من قعود، والفطر في رمضان، ونظر

الطبيب إلى عورة المريض .

4-السفر:وبسببه أبيح قصر الصلاة، وجمعها، والفطر في رمضان، وترك الجمعة والجماعة.

5-النسيان :وبه لا يؤاخذ المرء بالمعصية، ولا يفطر الصائم بالأكل والشرب .

6-الإكراه :وبه أبيح التلفظ بكلمة الكفر، وأكل الميتة، وشرب الخمر.

7-عموم البلوى :وبسببه يعفى عما يصيب المرء من غبن يسير في المعاملات.

ثانيا:أمثلة تطبيقية للقاعدة:

من تمثلتها في التشريع ماجاء به التشريع المدني المصري في المادة 147 منه كالتالي: “العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله الا باتفاق الطرفين أو للاسباب التي يقررها القانون.

ومع ذلك اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها،وترتب على حوادثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي،وان صبح”

ومن أمثلتها كذلك نظرية الظروف الطارئة في القانون المغربي المتمثلة في الفصل 243 من قانون الالتزامات و العقود في الفقرة الثانية منه :”…. يسوغ للقضاة،مراعاة منها لمركز المدين،و مع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق ،أن يمنحوا آجالا معتدلة للوفاء،وأن يوقفوا إجراءات المطالبة مع إبقاء الأشياء على حالها.” ويتم من خلال هذا الفصل إعمال نظرية الظروف الطارئة التي تفترض أن عقدا تراخى تنفيذه الى أجل و يطرأ عند حلوله تغيير في الظروف الاقتصادية بسبب حوادث استثنائية غير متوقعة يصبح معها التنفيذ مرهقا يهدد المدين بخسارة فادحة.

الفصل 268 من قانون الالتزامات والعقود ” لا محل لأي تعويض، إذا أتبث المدين أن عدم الوفاء بالالتزام أو التأخر فيه ناشئ عن سبب لا يمكنان يعزى إليه كالقوة القاهرة و الحادث الفجائي أو مطل الدائن”.