إصدار الشيك تصرف قانوني ينشئ التزاما في ذمة الساحب.

وللشيك ثلاثة اطراف، الساحب وهو الذي يصدر الشيك على المسحوب عليه وهو البنك لأمر المستفيد الذي يصدر الشيك باسمه، ومقابل الوفاء هو المبلغ من النقود الذي حدده الساحب في الشيك، والذي يجب ان يكون موجودا لدى البنك المسحوب عليه، حتى يتمكن من صرفه، لذلك يعتبر مقابل الوفاء من اهم الضمانات التي تكون سببا لقبول المستفيد الشيك كأداة وفاء.

أهمية أهلية الإصدار

وبالتالي يعتبر مقابل الوفاء في الشيك ملكا للمستفيد، له حق التصرف فيه كما يشاء كحوالته بالتظهير والاسقاط والابراء.

ولا يعتبر توافر مقابل الوفاء شرطا لصحة الشيك، حيث ان الشيك يكون صحيحا بتحقق جميع الشروط الموضوعية والشكلية التي نص عليها قانون التجارة، فالشروط الموضوعية اللازم توافرها لصحة الشيك تتمثل في ضرورة توافر الارادة السليمة قانونا الخالية من اي عيب يشوبها كالتدليس والغش والنصب، وتكون صادرة عن اهلية كاملة، فلا يحق لمن لم يبلغ السن القانوني او ناقص الاهلية لأي سبب كان ان يصدر الشيك.

لا يهم الشكل

هذا فضلا عن وجوب صدور الشيك ممن له حق التوقيع عليه كما يجب ان يكون السبب والالتزام الذي صدر بناء عليه الشيك مشروعا.

اما عن الشروط الشكلية فأولها ان يكون الشيك مكتوبا في ورقة حتى يفي الغرض منه بالدفع والوفاء، فلا يمكن للساحب الاتصال بالبنك ليطلب منه الوفاء للمستفيد بمبلغ معين من رصيده، ولا يهم بعد ذلك ان يكون الشيك مكتوبا باليد او بالآلة الطابعة او بواسطة الغير ما دام يحمل توقيع الساحب او وكيله المفوض بذلك. ومن الشروط الشكلية ايضا انه يجب ان يشتمل الشيك على عبارة شيك مكتوبا في متن الصك. وكذلك تاريخ الشيك ومكان اصداره واسم البنك المسحوب عليه واسم المستفيد وان لا يكون الوفاء معلقا على شرط ومكان الوفاء.

شروط يجب توافرها

وهناك شروط يجب توافرها في مقابل الوفاء اذ يجب ان يكون مقابل الوفاء نقودا قابلة للصرف لدى البنك المسحوب عليه، ولا يهم مصدر هذه النقود القابلة للسحب من البنك سواء كانت اموال الساحب المودعة في الحساب الجاري او التوفير، او وديعة نقدية او ناتجا عن تسهيلات وقروض يحصل عليها بالاتفاق مع البنك شريطة جواز سحبها عن طريق اصدار الشيكات.

ولذلك فإنه لا يعتبر مقابلا للوفاء الديون التي تكون للعميل على البنك، انما يجب ان تكون هناك مبالغ نقدية في الحساب قابلة للسحب.

العبرة في التاريخ

كما يجب ان يكون مقابل الوفاء موجودا وقت انشاء الشيك اي وقت كتابته وتسليمه للمستفيد، وهذا ما نص عليه قانون التجارة، اما قانون الجزاء فلم يسبغ الحماية الجزائية للشيك الا من تاريخ المبين به، ومعنى ذلك ان العبر في التاريخ المدون على الشيك كتاريخ استحقاق له، فإذا اصدر الساحب شيكا مؤجل التاريخ،

ولم يكن له وقت تحرير الشيك رصيد يقابله واستطاع ان يوفر قيمة الشيك قبل تاريخ الاستحقاق المدون فيه فإنه لا عقوبة عليه. الا انه اذا كان هناك رصيد قائم وقابل للسحب ولم يكن تاريخ استحقاق الشيك قد حل، فإنه وفقا للمادة 532 من قانون التجارة وجب وفاء الشيك يوم تقديمه ولا يحق للبنك المسحوب عليه ان يمتنع عن الوفاء بحجة ان تاريخ الاستحقاق لم يحل اجله.

ومن الشروط الاخرى ايضا لمقابل الوفاء بالشيك ان يكون قابلا للتصرف فيه بموجب شيك، كما يجب ان يكون محقق الوجود وخاليا من اي نزاع وليس عليه اي حجوزات ومعين المقدار اي انه يجب ان يكون جاهزا للوفاء بدون اي معوقات، هذا اضافة الى انه وكما سبق ان اشرنا يجب ان يكون مقابل الوفاء قابلا للسحب بواسطة شيك بالاتفاق بين الساحب والبنك المسحوب عليه.

ومن الزيادة في القول انه يجب ان يكون مقابل الوفاء مساويا على الاقل لقيمة الشيك، فإذا لم يكن كافيا للوفاء بقيمة الشيك فإنه لا يعتبر قائما، ويتعرض الساحب للعقوبة الجزائية ويجب ان يتوافر مقابل الوفاء منذ انشاء الشيك ويستمر هذا المقابل قائما الى ان ينقضي الالتزام بالوفاء.

وجوب الرصيد الكافي

والمسؤول عن توافر مقابل الوفاء هو الساحب الاصلي وليس من قام بتظهير الشيك وان كان الاخير ضامنا مع الساحب الاصلي بالوفاء بقيمته اضافة الى مسؤوليته الجزائية ان كان يعلم بعدم توافر الرصيد في الشيك وقام بتظهيره واذا ثار خلاف بين البنك المسحوب عليه والساحب على توفر مقابل الوفاء وانكر البنك بتوافر الرصيد المقابل لقيمة الشيك فإن على الساحب دون غيره حسب الفقرة الثالثة من المادة 514 من قانون التجارة ان يثبت ان كان لديه رصيد كاف قابل للسحب وقت انشاء الشيك فإذا لم يثبت ذلك كان ضامنا للوفاء به،

ويكون اثبات وجود المقابل بجميع وسائل الاثبات سواء بالكتابة او البينة او القرائن او غير ذلك من وسائل الاثبات باعتبار الاعمال المتعلقة بالشيك من الاعمال التجارية، وهذا خلاف للقواعد التي يقع فيها عبء الاثبات على المدعي وذلك حماية للمستفيد الاول والمظهرين، ولا يحق للساحب ان يتمسك بسقوط حق حامل الشيك سواء كان المستفيد الاول او الثاني الا اذا اثبت توفر مقابل الوفاء لدى البنك المسحوب عليه وظل قائما الى ان نقضت المواعيد الخاصة بتقديم الشيك وان ما طرأ بعد ذلك، من فقد المقابل كان لسبب اجنبي لا دخل للساحب فيه.

لم يعد ملكا للساحب

وملكية مقابل الوفاء تنتقل للمستفيد بمجرد تسليمه الشيك وتنتقل هذه الملكية ايضا الى الحق الشخصي المترتب في ذمة البنك المسحوب عليه، وبناء على ذلك فإن الساحب يمتنع عليه التصرف في مقابل الوفاء بجميع انواع التصرفات والا تعرض للعقوبة فلا يجوز له المعارضة بالوفاء بأن يطلب من البنك بعد اصداره للشيك استرداد كل او بعض مقابل الوفاء او ان يطلب تجميده او حبسه لانه لم يعد مملوكا له، ويتعرض للعقوبة الجزائية، الا ان هناك استثناءين يحق فيهما المعارضة بالوفاء بالشيك وهما في حالة ضياع الشيك او في حالة افلاس حامله، اما في حالة افلاس الساحب او المظهر او وفاته او الحجز عليه بعد اصدار الشيك او تظهيره فلا يجوز استرداد مقابل الوفاء من البنك حتى لو كان مقابل الوفاء موجودا اذ يجب على الاخير الوفاء به.

.. واذا وقع حجز؟

اما اذا وقع حجز على مقابل الوفاء قبل اصدار الشيك فإن الحجز ينفذ في مواجهة حامل الشيك ويتم صرف الشيك اما اذا كان ا لحجز لاحقا على اصدار الشيك فلا يعتد به ويجب صرف قيمة الشيك، واسبقية الحجز او اصدار الشيك يخضع للاثبات من ذي مصلحة، وقبل الختام نود الاشارة الى ان الشيك لا يفقد قوته على الرغم من انعدام مقابل الوفاء، فكما سبق القول فإن وجود مقابل الشيك عند الوفاء لا يعتبر شرطا لصحة الشيك، فلا يبطل الشيك بل يبقى صحيحا ويلتزم الساحب بالوفاء بقيمته،

وذلك ضمانا للحامل وعدم الحاق الضرر به وتأكيدا لحقه ذلك انه لا يبين من ظاهر الشيك ان المقابل غير موجود وحيث استند الحامل الى هذا الظاهر، فإذا لم يكن الشيك فاعلا رغم عدم وجود رصيد يقابله، فإنه يفقد ثقته كأداة وفاء، لذلك فإنه يحق له ايضا المطالبة بالتعويضات والفوائد القانونية، وتجدر الاشارة الى ان المادة 554 من قانون التجارة في الفقرة الاخيرة منها قررت عقوبة اجتماعية او تجارية على من اصدر شيكا لا يقابله رصيد وذلك بأن تقوم النيابة العامة بنشر اسماء الاشخاص الذين تصدر عليهم احكام بالادانة في احدى جرائم الشيك في الجريدة الرسمية مع بيان مهنهم وموطنهم ومقدار العقوبات المحكوم بها عليهم، حيث ان هذا الاجراء يكشف اسماء التجار والمتعاملين الذين ليسوا اهلا لكسب الثقة والمصداقية في التعامل التجاري، وليأخذ المتعاملون معهم الحذر والحيطة وعدم منحهم الائتمان والثقة.
__________________