دعوى التأمين فى النظام السعودي

بقلم / عبد الحليم عمار

أصبحالتأمين مطلباً شبه ضروري تتوجه به متطلبات الحياة إلى أن يكون في مقدمة الضروريات – إن صح لي التعبير – فلا شك في أن التأمين فى الجانب التجاري أو البحري أو البري أو الصحي جانب مهم تتنوع احتياجاتها منه وذلك لان التأمين يغطي المخاطر التى تتولد فى المستقبل وبما أن المخاطر المستقبلية التى تثير قلق الانسان بشكل أساسي هى المخاطر التجارية الناشئة عن عمليات التجارة وذلك فيما يتعلق بالتجارة والنقل البحري أو البري لذلك فإن إيجاد جهة قادرة على تغطية هذه المخاطر هو الهدف الذى تربو اليه الشركات التجارية أوالافراد في الإستفادة من هذه الخدمة خاصة وانه كلما اتسع نطاق المسئوولية كلما اشتدت الحاجة الى التأمين .

مع إيماننا القاطع بأننا لا نستطيع أن نتناول موضوع التأمين كاملاً ونشمله في مقال أو موضوع واحد ولكن ما لا يدركه كله لا يترك كله على أسوأ تقدير . لذا فينصب إهتمامى هنا على توضيح الجانب العملى لدعوى التأمين وجهة الاختصاص التى تختص بنظر المنازعات الناشئة عن عقود التأمين وفقاللإطار القانوني الخاص بالتأمين في المملكة العربية السعودية الذى يتكون من نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الصدار بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/32) وتاريخ 2/6/1424 هـ ؛ واللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م / 32) وتاريخ 2 /6/1424 ه ؛ وكذلك اللوائح مختصة بموضوعات محددة مثل لائحة سلوكيات البيع والتسويق ولائحة إدارة المخاطر ولائحة مكافحة الاحتيال وقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ونظام مراقبة شركات التأمين التعاوني بالإضافة إلى التعاميم والإرشادات الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي.

فى البداية ولكى نكون بصدد دعوى تأمين يجب أن يكون هناك عقد تأمين يتألف هذا العقد من ( ركن الخطر – ركن قسط التأمين أو الاشتراك – ركن مبلغ التأمين . )

وبكل الأحوال وكقاعدة عامة تتكون دعوى التأمين من ثلاثة أطرافالأول وهو المؤمن له ( حين يطالب بمبلغ التأمين عند تحقق الخطر المؤمن منه) .والثاني وهو المؤمن حينما يطالب بالأقساط المستحقة لأي سبب بما فى ذلك دعاوى الحلول . أما الطرف الثالث وهم الأطراف

ذات العلاقة الناشئة عن عقد التأمين أو العملية التأمينية ( المضرور ؛ وسيط التأمين ؛ المستفيد) .

بعد تحديد أطراف الدعوى نأتى لمرحلة تجهيز وإعداد المستندات المتعلقة بدعوى التأمين التى تقدم الى الجهة المختصة بالنزاع والتى تشمل على :

1-لائحة الدعوىوتكون مكتوبة وموقعه من المدعي أو وكيله ويجب أن تتضمن البيانات التالية

إسم المدعي وصورة هويته ومحل إقامته وعنوانه

إسم شركة التأمين ومقرها وعنوانها مع بيان رقم وثيقة التأمين وتاريخ إصدارها .

بيان وقائع النزاع وتحديد طلبات المدعي وأسانيدها الواقعية والنظامية .

إسم المدعى عليه ومحل إقامته وعنوانه .

وكالة شرعية رسمية سارية المفعول تمنح حق التقاضى فى دعوي التأمين
وثيقة التأمين
مستندات الإثبات الأخري والمستندات المؤيدة للدعوى والطلبات مثل ( أراء أو تقارير الجهات المختصة أو الخبراء او شركات تقدير الخسائر او الخبير الاكتواري ) .
ترجمة معتمدة للمستندات المحررة بغير اللغة العربية .
فيما يخص دعوى الحلول تحديداً يجب أن يُقدم خطاب الحلول وتوكيل رسمى من المؤمن له لشركة التأمين . علما بأن خطاب الحلول هذا فى دعاوى الحلول فى التأمين يعتبر المستند الرئيسى لقبول الدعوى حيث تتضح أهميته فى أنه بمثابة نقل الحق الذى التزم به المؤمنتجاه المؤمن له وفقا لعقد التأمين وذلك فى الرجوع على المسؤول عن الحادث ( ولأهمية هذا الموضوع سوف أتطرق إليه بقدر من التفصيل فى المقالة القادمة ) .
بعد الانتهاء من إعداد لائحة الدعوي ومستنداتها نتناول الأختصاص القضائي بنظر دعوي التأمين

تختص عدة جهات بنظر دعوي التأمين وذلك لتشابك العلاقة بين أطراف العملية التأمينية ( مؤمن له أو وسيط أو وكيل تأمين أو مؤمن ) فتنحصر الجهات ذات الاختصاص بنظر دعاوى التأمين فى

اللجنة الابتدائية واللجنة الاستئنافية بالأمانة العامة للجان الفصل فى منازعات المخالفات التأمينية بالاضافة الى اختصاص ديوان المظالم فى بعض قضايا التأمين كما ورد فى نص (22) من نظام مرافقبة شركات التأمين التعاوني وخاصة فيما ورد فى الفقرة الأولى من هذه المادة والتى تنص على الفصل قى جميع المنازعات التى تقع بين شركات التأمين وشركات إعادة التأمين أو فيما بين كل منها .

كما حددت المادة (20) من نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الجهات المختصة بنظر المنازعات والمخالفات التأمينية والتى تنص

على (تشكل لجنة أو أكثر بقرار مجلس الوزراء بناءً على توصية من وزير المالية من ثلاثة أعضاء من ذوي الإختصــاص يكـون أحــدهـم علــى الأقــل مستشـــــاراً نظامياً تتولى الفصل في المنازعات التي تقع بين شركات التأمين وعملائها , أو بين هذه الشركات وغيرها في حالة حلولها محل المؤمن له , والفصل في مخالفة التعليمات الرقابية والإشرافية لشركات التأمين وإعادة التأمين المرخص لها , وفي مخالفات مزاولي المهن الحرة المشار إليها في المادة (الثامنة عشر) من هذا النظام . ويمثل الإدعاء أمام هذه اللجنة – فيما يتعلق بهذه المخالفات – الموظفون الذين يصدر بتعيينهم قرار من وزير المالية .

ويجوز التظلم من قرارات هذه اللجان أمام ديوان المظالم(تم تعديل التظلم من قرارات اللجان أمام ديوان المظالم بموجب الأمر الملكي الكريم رقم ( أ / 148) وتاريخ 03/12/1431ه

والذى نقل هذا الاختصاص الى لجنة استئنافية تشكل من مستشارين قانونيين متخصصين فى فقه المعاملات والتأمين للنظر فى التظلمات المقدمة من ذوي الشأن على قرارات اللجان المشار اليها فى الفقره (1) من الأمر الملكى وتكون قراراتها نهائية غير قابله للطعن . ( علما بأنه إلى الان لم يتم تشكيل هذه اللجنة ) .

فوفقا لما ورد فى المادة (20) من نظام التأمين التعاوني تم إنشاء الأمانة العامة للجان الفصل فى المنازعات والمخالفات التأمينية والتى يقع مقرها بمؤسسة النقد العربى السعودي وتشكل هذه اللجنة من ثلاثة اعضاء من ذوى الاختصاص يكون أحدهم على الأقل مستشاراً نظامياً ويمثل الادعاء أمام هذه اللجنة الموظفون الذي يصدر بتعيينهم قرار من وزير المالية . وتختص هذه اللجنة ( تسمى اللجنة الابتدائية ) بالفصل فى المنازعات التى تقع بين بين شركات التأمين وعملائها وكذا الفصل فى المنازعات بين هذه الشركات وغيرها فى حالة حلولها محل المؤمن له .

ومن التجربة العملية لى أثناء إقامة دعوى تأمين أمام الأمانة العامة فإن الدعوى تمر بمراحل ثلاث المرحلة الأولى وهى مرحلة تسجيل الدعوى وإعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى وتلقى كافة مذكرات الدفاع من أطراف الدعوى والأطلاع على المستندات ودراسة القضية على ضوء ما قدم من مذكرات الاطراف والمستندات ومن ثم يتم بعد ذلك إحالة الدعوى الى اللجنة الابتدائية للجان الفصل فى المنازعات والمخالفات التأمينية وذلك كى يتمكن اطراف الدعوى من المثول امام اللجنة وابداء الدفوع والمذكرات إلى ان تنتهى اللجنة الى قراروفى حالة قيامأحد طرفى النزاع بالطعن على هذا القرار ويكون ذلك أمام اللجنة الاستئنافية التى سيتم إنشاؤها بموجب الامر الملكى السابق ذكره والتى تم ايضاح اختصاصاتها سابقا على أن يكون الطعن على

القرار بالاستئناف أمام اللجنة وفقا لما ورد فى نظام المرافعات الشرعية بأن مدة الاعتراض على الأحكام هى ثلاثين يوماً .

الطرق البديلة لنظر دعوى التأمين .

وهو التحكيم وهو مسار خاص استثناء عن المسار العام لحل المنازعات (القضاء) إذ يتيح إمكانية مباشرة الفصل في المنازعات ومن المعروف أن التحكيم يطلق عليه بعض الفقهاء القانونيين ” القضاء الخاص” وذلك لانه لا يدخل في تشكيله (أى في تشكيل محكمة التحكيم ) سلطان الدولة ونفوذها رغم تطبيق قوانينها، فيرأس محكمة التحكيم محكمين وليس قضاة.

وتتضح مميزات التحكيم فى دعاوى التأمين و بشكل عام في

حرية الخصوم فى اختيار المحكمين

سرعة الفصل فى الدعوى مقارنه بالقضاء العادى

إمكانية إتفاق الخصوم على سرية النزاع

يكتسب حكم التحكيم ذات حجية الأحكام القضائية ومن ثم لا يجوز طرح النزاع مرة أخري أمام أي جهة قضائية .

توافر المعرفة والتخصص فى جانب المحكمين مما يساعد على سرعة الفصل فى الدعاوى .

وغالبا ما تفضل الشركات العالمية ذات الأصول الضخمة والتعاملات التجارية الدولية اللجوء الى التحكيم

وأخيراً ننطرق الى نقطة فى غاية الأهمية فى دعاوى التأمين ألا وهى عدم سماع دعوي التأمين لمرور الزمن ( التقادم ) .

نصت المادة التاسعة فقرة (ب)من الوثيقة الموحدة للتأمين الإلزامي على المركبات والتى تم أصدارها إستناداً الى نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني على أنه ( لا تسمع الدعوى الناشئة عن هذه الوثيقة بعد إنقضاء ثلاث سنوات على حدوث الواقعة التى تولدت عنها أو على علم ذوي المصلحة بوقوعها ؛ إلا إذا ثبت وجود سبب مقتنع لهذا التأخير ) .

وعلى الرغم من أن معظم التشريعات قد أخذت بمبدأ التقادم ومنها المشرع المصري حيث نصت المادة 752 من القانون المدني ( عقد التأمين ) على أنه – تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين بإنقضاء ثلاث سنوات منوقت حدوث الواقعة التى تولدت عنها هذة الدعاوى.

وعلى الرغم من ذلك فإن فى الواقع العملى نجد أن القضاء السعودى وقضاء التحكيم لا يقيمون وزناً كبيراً لمبدأ عدم سماع دعوى التأمين لمرور الزمن .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت