إجراء المعاينة في القانون الجنائي

المؤلف : بن لاغة عقيلة
الكتاب أو المصدر : حجية ادلة الاثبات الجنائية الحديثة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تعريف المعاينة
يقصد بالمعاينة:” مناظرة وفحص المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة بما يحويه من أشياء وأشخاص بهدف التعرف على كل أو بعض الحقائق الجوهرية التي يستهدفها التحقيق الجنائي، واكتشاف ورفع ما يخلفه الجناة من آثار جنائية”(1) كما يمكن اعتبارها بأنها:” ذلك الفحص الدقيق والمتأني لمكان الحادث وما يتصل به من أشياء وأشخاص، يجريه المحقق أو أحد مساعديه بقصد جمع الأدلة واثبات حالة كل من مكان الجريمة، وشخص المتهم، والمجني عليه، والأشياء التي لها علاقة بالجريمة التي وقعت “(2) والجدير بالذكر أن المعاينة تتم بأية حاسة من الحواس سواء كانت اللمس أو السمع، البصر الشم والتذوق، في حين يكون موضوع إثباتها الآثار المادية المتخلفة عن الجريمة، أو إثبات حالة الأشياء، أو الأشخاص، أو الأماكن التي لها علاقة بالجريمة، وكذلك إثبات الوسيلة أو الأداة المستعملة في الجريمة(3) .
_________________
1- العميد السيد المهدي، مسرح الجريمة ودلالته في تحديد شخصية الجاني، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب الرياض، 1993 ، ص 66
2- أحمد بن دخيل الله الردادي، معاينة مسرح الجريمة بين النظرية والتطبيق، مشروع مقدم استكمالا لمتطلبات الماجستير في العلوم الأمنية، المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، الرياض 1989 ، ص 8
3- أحسن بوسقيعة، التحقيق القضائي، الطبعة السادسة، دار هومة، الجزائر، 2006 ، ص 86

الجهات المختصة بإجراء المعاينة
يتم الحصول على الدلائل المادية اثر قيام جهات التحقيق المختلفة بالمعاينة في مكان ارتكاب الجريمة، لذلك فقد يتصور للذهن أن دور قاضي التحقيق هو مقتصر على التحقيق فيما ينقل إليه من طرف الضبطية القضائية فقط، لكن الحقيقة خلاف ذلك، لأن المشرع خوله مهام أخرى وهي الانتقال إلى مكان الحادث لإجراء معاينات مختلفة، فلقد نص المشرع الجزائري في مادته 79 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه: “يجوز لقاضي التحقيق الانتقال إلى أماكن وقوع الجرائم لإجراء جميع المعاينات اللازمة أو للقيام بتفتيشها، ويخطر بذلك وكيل الجمهورية الذي له الحق في مرافقته، ويستعين قاضي التحقيق دائما بكاتب التحقيق ويحرر محضرا بما يقوم به من إجراءات”.

كما يوجب القانون أيضا على ضابط الشرطة القضائية عند وقوع الجنايات أن يخطر وكيل الجمهورية ويتنقل فورا إلى مكان الحادث لاتخاذ التحريات اللازمة، في حين نجد المادة 49 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه :” إذ اقتضى الأمر إجراء معاينات لا يمكن تأخيرها فلضابط الشرطة القضائية أن يستعين بأشخاص مؤهلين لذلك”.وكذلك ما جاءت به المادة 62 فقرة 01 من نفس القانون أنه : “إذا عثر على جثة شخص، وكان سبب الوفاة مجهولا أو مشتبها فيه سواء أكانت الوفاة نتيجة عنف أم بغير عنف، فعلى ضابط الشرطة القضائية الذي أبلغ الحادث أن يخطر وكيل الجمهورية على الفور وينتقل بغير تمهل إلى مكان الحادث للقيام بعمل المعاينات الأولية”.

الطبيعة القانونية للمعاينة
تشترك المعاينة طبقا لطبيعتها القانونية بين كونها إجراء يبدأ تنفيذه عقب تلقي أجهزة الشرطة البلاغ بوقوع الجريمة والانتقال السريع إلى مسرح الجريمة لمشاهدة وجمع الآثار المتعلقة بالجريمة، والمتطلع إلى قانون الإجراءات الجزائية الجزائري يستشف هذا من خلال نص المادة 235 ق إ ج على أنه: “يجوز للجهة القضائية إما من تلقاء نفسها أو بناء على طلب النيابة العامة والمدعي المدني أو المتهم أن تأمر بإجراء الانتقالات اللازمة لإظهار الحقيقة”، كما ينظر أيضا إلى المعاينة من ناحية طبيعتها القانونية إلى أنها الوسيلة لاستنطاق مسرح الجريمة والحصول على أدلة لإثبات الجريمة، و بين كونها من الناحية القانونية وسيلة إثبات في المسائل الجزائية.(1)
______________
1- عبد الله عبد العزيز المسعد، إجراءات المعاينة الفنية لمسرح الحدث الإرهابي، دراسة مقدمة للحصول على شهادة الماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2006 ، ص 90 .