دراسة وبحث حول مسطرة الصلح الزجري في إطار قانون المسطرة الجنائية المغربية

مـــــــــــقـــــــــدمـــــــــــــــة:

لقد عرف المغرب خلال مطلع القرن العشرين تطورات مهمة على مستوى الساحة القانونية، وذلك من خلال تعزيز النصوص القانوني المغربية بأخرى تنسجم مع التطور الذي عرفه العالم في تلك الفترة، و ذلك بهدف تعزيز الدور الذي يلعبه القانون على مستوى حقوق الإنسان،و ضمان حقوق المتقاضين.

و من بين الحقوق التي عرفتها الساحة القانونية المغربية نجد مسطرة الصلح الزجري المؤطرة بموجب المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية المغربية والتي تعطي الحق للأطراف أن يتصالحوا فيما بينهم و ذلك مع احترام مجموعة من الشروط.

و بالنظر إلى الدور الذي يلعبه الصلح في رأب الصدع بين الأطراف فإنه عرف في المجتمع المغربي خاصة و العالمي عامة منذ القدم، رغم أنه لم يكن مؤطرا بنصوص قانونية ملزمة ترتب على أطرافه آثار قانونية محددة،فلقد عرف الصلح في المجتمع الإسلامي على أنه من خلق المحسنين فقد قال عز و جل في محكــم تنزيـــلـه: [فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين][1]،كما قال أيضا[و إن طائفتين من المومنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما،فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلو التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله،فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا،إن الله يحب المقسطين][2]،ومن هنا نلاحظ أن الصلح في المجتمع الإسلامي يعد واجبا من الواجبات الدينية التي يجب أن يقوم بها المسلمون فيما بينهم و ذلك لكونه يعتبر من الوسائل التي تساعد المجتمع للمحافظة على تماسك أفراده و بالتالي سواد الود و الوئام فيما بين المسلمين.

و باعتبار الدولة المغربية هي دولة إسلامية[3]، فإن هذا الإجراء السديد قد تم إقحامه في مختلف النصوص القانونية الوطنية و ذلك تماشيا مع تعاليم ديننا الحنيف و مختلف التوصيات الدولية المرتبطة بهذا الشأن؛

و من بين ما ورد في هذا الإطار نجد إعلانا بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي جاء من ضمن توصياته أنه “ينبغي استعمال الآليات غير الرسمية لحل النـزاعات، بما في ذلك الوساطة والتحكيم والوسائل العرفية لإقامة العدل أو استعمال الممارسات المحلية، حسب الاقتضاء، لتسهيل استرضاء الضحايا وإنصافهم.[4]

و باعتبار الصلح بغض النظر عن المجال الذي اعتُمد فيه آلية حضارية و بديلة لفض المنازعات بين الأطراف،فإن المشرع المغربي عمل على اقحامها في المسطرة الجنائية و ذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف المتعلقة بالمؤسسات من جهة و الأفراد من جهة أخرى،كما أنه و باعتبار هذه المسطرة تدخل ضمن المرحلة ما قبل القضائية،فإنها تعتبر مظهرا من مظاهر السعي الجاد للمشرع المغربي في محاولة تطبيق ضمانات المحاكمة العادلة التي لا تشمل فقط المرحلة القضائية بل تمتد إلى مرحلة ما قبل المحاكمة و تمتد لما بعدها.[5]

و تعتبر مسطرة الصلح التي جاءت بها المسطرة الجنائية المغربية حسب بعض الفقه المغربي[6] وسيلة من الوسائل البديلة لفض النزاعات التي قد تنشأ بين الأطراف، لكن هناك بعض الفقهاء الآخرون يرون بأن هذه المسطرة لا تؤدي دورها في الواقع ويدعمون آراءهم بالإحصائيات التي تصدر عن أجهزة العدالة الجنائية التي تؤكد أن هذه المسطرة تكاد لا تطبق[7]، ويُرجعون ذلك إلى تشبث النيابة العامة بأسلوبها المحافظ كمجرد إطار مؤسساتي لتحريك الدعوى العمومية ولم تستطع لحد الآن أن تتأقلم مع الدور الجديد المتمثل في اعتبارها كمؤسسة لإجراء الصلح بين أطراف الخصومة الجنائية.

وبين الرأي المؤيد لهذه المسطرة التصالحية و الرأي المعارض لها يُطرح الإشكال المتعلق بها و مدى تحقيقها للدور الذي أُنشئت من أجله،و بالتالي نتساءل عن ماهية هذه المسطرة في إطار قانون المسطرة الجنائية المغربية، ومدى انسجام آثارها مع الأهداف التي رُسمت لها؟

للإجابة عن هذه الإشكاليات وجب التطرق لماهية هذه الوسيلة البديلة في القسم الأول و شكلياتها في القسم الثاني.

القسم الأول: ماهية الصلح وأهدافه

سوف نتعرض في هذا القسم لماهية الصلح باعتباره تقنية جديدة وأداة من أدوات فض كل دعوى تأجج الشنآن بين الأطراف مرورا بأهداف الصلح التي منها ما هو مؤسساتي، وما هو زجري تكريسا لأهم المهام المنوطة بالأجهزة المعنية بتطبيق القانون الجنائي ولدراسة هذا القسم يتعين علينا القيام بالتقسيم الميتودولوجي التالي:

الفصل الأول: مفهوم الصلح في القانون المسطري المغربي والمقارن

المبحث الأول: التعريف التشريعي

المبحث الثاني: الصلح الزجري في القانون المقارن

الفصل الثاني: أهداف مسطرة الصلح

المبحث الأول: أهداف مؤسساتية

المبحث الثاني: أهداف زجرية

الفصل الأول: مفهوم الصلح في القانون المسطري المغربي والمقارن

إن الصلح الزجري له أهمية كبرى ظلت مختلف التشريعات تحاول عبر مؤسساتها التنظيمية بكيفية تلاؤم وضعيتها وترسانتها القانونية أن تعملها وكغيره من الأنظمة القانونية ظل المشرع المغربي يشكل له الصلح هاجس وإشكالية كوسيلة لرفع العبء عن الجهاز القضائي في الأمور ذات الطابع التقني أو البسيطة ودأبت اللجان التشريعية على بذل قصارى الجهود بإخراج النصوص القانونية المؤيدة لهذا الاتجاه.

وللخوض في غمار الصلح وآلياته لابد من تحديد مفهومه سواء على مستوى التشريع المغربي أو المقارن.

المبحث الأول: التعريف التشريعي

إن الصلح عادة ما كان يلعب دورا مهما في وضع حد للعديد من النزاعات على مر التاريخ أو لا يزال إلى الآن، ونظرا لما له من أهمية عملت جل التشريعات على تضمينه في قوانينها وهو ما قام به المشرع المغربي من خلال منطوق المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية، وهذا ما سنقوم بدراسته، لكن قبل ذلك لابد من الإشارة إلى أن المشرع المغربي لم يعطي للصلح مفهوما دقيقا كباقي المفاهيم المضمنة في هذا القانون و ذلك ما سنحاول دراسته من خلال المطلبين التاليين:

المطلب الأول: تعريف التشريع المغربي

الفقرة الأولى: في التشريع الجنائي

لم يفرد التشريع المغربي لمفهوم الصلح تعريفا دقيقا شأنه شأن ذلك المشرع الفرنسي الذي يعتبر النص المغربي نسخة طبق الأصل للمادة 41 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسية، وهي من العيوب التي لازالت تأرق مختلف الفاعلين القانونيين، والتي تحتم العمل على ملائمة القوانين للمحيط الاجتماعي الذي تستهدفه، خصوصا وأن القادرة القانونية تخرج من رحم المجتمع الذي تنظمه[8].

ورغم كل هذا سنحاول إعطاء مفهوم للصلح، إذا اتفقت المذاهب الأربع على أن الصلح في الاصطلاح الفقهي “معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم، ويتوصل بها إلى الموافقة بين المختلفين”، فهو عقد وضع لرفع المنازعة بعد وقوعها بالتراضي عندهم[9].

الفقرة الثانية: في قانون الالتزامات والعقود المغربي

الفصل 1098: الصلح عقد، بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقيان قيامه، وذلك بتنازل كل منهما للآخر عن جزء مما يدعيه لنفسه، أو بإعطائه مالا معينا أو حقا.

يتوخى هذا الفصل إعطائنا لمفهوم وتعريف دقيق للصلح، إذ هو عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائما، وذلك في طريق التنازل عن حق، أو بإعطائه مالا معينا أو حقا.

وبملاحظة هذا النص نجد أن للصلح دور هام في القيام بمصالحة الأطراف، وذلك وفق أساليب تنظيم هذا الصلح.

وهذه الميزة بإبراز هذا المفهوم قد تفرد بها المشرع في القواعد العامة عكس ما جيء به في قانون المسطرة الجنائية في المادة 41.

المطلب الثاني: المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية

يجرى الصلح بحضور الطرفين ودفاعهما ما لم يتنازلا أو يتنازل أحدهما عن ذلك.

يحرر وكيل الملك محضرا يتضمن ما اتفق عليه الطرفان، ويشعر وكيل الملك الطرفين أو دفاعهما بتاريخ انعقاد جلسة غرفة المشورة ثم يوقع وكيل الملك و الطرفين المحضر ويصادق رئيس المحكمة بغرفة المشورة على محضر الصلح بحضور الأطراف بأمر قضاء يشعر به وكيل الملك.و يتضمن الأمر القضائي ما اتفق عليه الطرفان، وعن الاقتضاء ما يلي:

– أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا.

– تحديد أجل للصلح.

و تبقى الإشارة في الأخير أن الأمر القضائي المتخذ من قبل رئيس المحكمة لا يقبل أي طعن.

و يمكن لوكيل الملك أن يقترح على المشتكى به سلوك مسطرة الصلح في حالة عدم حضور المتضرر، إذا وجد بالملف تنازل هذا الأخير، أو في حالة عدم وجود مشتك، ويتم الصلح مقابل أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة، أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله، وفي حالة موافقة المشتكى به تتم المسطرة على الشكل السابق.

المبحث الثاني: الصلح الزجري في القانون المقارن

أخذ مفهوم الصلح حيزا مهما في الأنظمة المقارنة و بالخصوص القانون الفرنسي و الانجليزي، وهذا ما سيتم التطرق إليه،من خلال المطلبين المواليين.

المطلب الأول: الصلح في القانون الفرنسي

إن نظام الصلح في فرنسا لم يعط له المشرع الفرنسي تعريفا على المستوى الجنائي إلا أنه أفرد له تعريفا على مستوى القانون المدني، إذ يعرف الصلح في القانون الفرنسي على أنه عقد ينهي به طرفاه نزاعا نشأ أو يتوقيان به نزاعا من شأنه أن ينشأ وذلك بالتنازل كل منهما عن التشدد في جانب من مطلبه يتم التراضي بينهما وينعقد به الاتفاق.[10]

غير أنه يوجد في القانون الفرنسي ثلاث حالات يحدث فيها تصالح قاضي على الدعوى الجنائية.

*الحالة الأولى:بقوة القانون

هي تلك التي يقرر القانون الجنائي فيها صراحة أن شأن التصالح القاضي على الدعوى الجنائية في جرائم الإخلال بنظام الجمارك والتعامل النقدي وبنظام الضرائب غير المباشرة وبنظام البريد ونظام المياه والغابات، ونظام صيد الحيوانات ونظام صيد الأسماك في الأنهار والبحار، ونظام الإذاعة بالراديو والتلفزيون، ومن شأن هذا التصالح أن يحول دون إمكانية النيابة العامة من استمرار. أما إذا كانت في قضاء التحقيق وجب إصدار قرار بالأوجه المبنية لهذا التصالح كذلك.

*الحالة الثانية: الإذعان الاختياري ذو الطبيعة الاختيارية

في فرنسا توجد غرامة جزائيةAmante forfaitaire يؤديها المتهم إلى محرر في بعض الجرائم[11]، وذلك بإيقاف الإجراءات الجنائية بدفع الغرامة الجزافية خلال أجل لا يتجاوز 30 يوما.

ويبرز أوجه الامتياز بين الإذعان الاختياري لدفع الغرامة الجزافية في التصالح الضريبي هي أن المتهم لا يتدخل في تجديد مبلغ الغرامة وإنما يقتصر على القيام بدفعها كما هي محددة له، بينما في التصالح الضريبي يمكن

كما أن التشريع الفرنسي ينص على أن تدبير الصلح ينبغي أن يتضمن أداة غرامة لفائدة خزينة الجمهورية تؤسس استنادا إلى خطورة الفعل الجرمي المقترف بموازنة الدخل الفردي للشخص حسب جدول استحقاق زمني يحدده وكيل الجمهورية لا يتعدى في جميع الأحوال اثنا عشر شهرا[12].

لأن تبادل الرأي مع الإدارة الضريبية بشأن تحديد المبالغ التي يدفعها نظير الصلح.

*الحالة الثالثة: حالة توقف الدعوة الجنائية على شكوى من المجني عليه أو تحريكها بطريق الادعاء المدني المباشر.

هناك حالات في القانون الفرنسي لا تملك النيابة العامة تحريك الدعوى الجنائية فيها دون أن يكون المجني عليه قد تقدم شكوى من قبيل جريمة هجر بيت الزوجية، إذ يلزم منها أن يتقدم الزوج الآخر الباقي في منزل الزوجية بشكواه، وكذلك حال الزوجة التي تساكن بطريق علنية خليلا لها بينما زوجها بعيدا عن بيت الزوجية بسبب ظروف الحرب.

وكذا خاطف القاصر إذا تزوج بها خاطفها،فلا يمكن طلب البطلان إلا بناء على شكوى الأشخاص الذين لهم الصفة لطلب بطلان هذا الزواج.

وكذا الجريمة التي يرتكبها الفرنسي خارج فرنسا إلا بناء على شكوى من المجني عليه أو على بلاغ رسمي يقدم إلى السلطة الفرنسية من سلطة البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة.

المطلب الثاني: الصلح في القانون الإنجليزي والأمريكي

يأخذ مفهوم الصلح في التشريعات الأنجلوساكسونية، دورا أثقل مما هو متعارف عليه في القوانين اللاتينية على رأسها القانون الفرنسي إذ نجد أن القانون الإنجليزي قد استقر على مبدأ تحريم الصلح في المسائل الجنائية، وهذا ما تتضمنه الشريعة العامة الإنجليزيةEnglish Communlow منذ زمن طويل، إلا أنه مع ذلك أخذ القانون الإنجليزي بنظام الصلح في بعض الحالات.[13]

كانت هذه نظرة عن ما تتضمنه الشريعة العامة الإنجليزية حول مفهوم الصلح و على غرار نفس ما قيل عن القانون الإنجليزي، فقد اتخذ القانون الأمريكي نفس المبادئ الأنجلوساكسونية، فقد اعتمدت أغلب الولايات المتحدة الأمريكية بالصلح في الجنح والمخالفات وتطبق بشأنه أحكام الشريعة العامة، كما أن بعض الولايات نصت تشريعاتها على تحريم الصلح، وقد اعتبرت تشريعات بعض هذه الولايات الارتكاب الفعلي للجريمة التصالح فيها عنصرا أساسيا في جريمة الصلح وسار على نفس المنهج المشرع الهندي في المادتين 213، 214 من قانون العقوبات الصادر سنة 1860.[14]

الفصل الثاني: أهداف مسطرة الصلح

إن مسطرة الصلح الزجري التي جاءت بها المسطرة الجنائية المغربية تعتبر سابقة على مستوى الطرق الحديثة المعتمدة في فض المنازعات وتسويتها ولهذه المسطرة جملة من الفوائد التي تهدف إلى تحقيقها، لكي تكون آلية ناجعة على المستوى المؤسساتي.

المبحث الأول: الأهداف المؤسساتية

إن الأهداف التي تصبو إليها مسطرة الصلح من المستوى المؤسساتي تكون بالأساس في تخفيف العبء على الجهاز القضائي، وتحقيق مداخيل مالية من جراء الغرامات المحصلة منها.

المطلب الأول: تخفيف العبء على الجهاز القضائي

إن من أهم المحاور التي يتناولها إصلاح منظومة القضاء هو العمل على تطوير الآليات التي تمكن من التقليل من العبء الحاصل لديها، وذلك لتمكين المتقاضين من عادل وسريع.

حيث يشكل البطء الناتج عن التراكم المتواصل للملفات على المحاكم لإجراءات روتينية تساهم في ضياع حقوق الأفراد.[15]

ولقد أنيطت بمؤسسة النيابة العامة في سياق قانون المسطرة الجنائية الجديد مهمة توفير أجوبة ملائمة وسريعة وفعالة لحسم الخصومات ذات الطابع البسيط والغير الخطير عن طريق الصلح.

ويعتبر هذا الدور الجديد الذي تقوم به النيابة العامة، هو إضافة إلى الدور التقليدي المنوط به الذي يتطلب خلع لباس التشدد الذي يستعمله ممثلها حينما يقدم ملتمساته إلى القضاء من أجل إيقاف العقاب على الجناة وارتداء بردة المصلح الاجتماعي والنظر بعين المرشد الإنساني من أجل عن الدعوة العمومية لتحقيق غاية أسمى قد لا تحققها العقوبة.[16]

المطلب الثاني: تحقيق مداخيل مالية من جزاءات الغرامات

يتمثل هذا الهدف بالأساس في كون أن الغرامة التي يدفعها المشتكى به، هي أفضل من العقوبة التي يترتب عنها مجموعة من الآثار السلبية تجاه المعني بالأمر ومحيطه.

ومادام أن مسطرة الصلح الزجري تتعلق فقط بالجرائم التي لا تفوق عقوبتها بسنتين حبسا، وأداء غرامة 5000 درهم فإن المشرع رتب على إجراء الصلح إعفاء المشتكى به من العقوبة الحبسية، وأبقى على الغرامة، وهذا الأمر يعتبر إيجابيا وموردا ماليا مهما يساهم بشكل فعال في المالية العامة للدولة، بدل الإيقاف على المسطرة، كما هي، وتحريك ومتابعة الدعوى العمومية التي تتطلب مصاريف عديدة، أضف إلى ذلك ما يتطلبه النزيل من مصاريف على مستوى المؤسسة السجنية، من حيث المأكل والمشرب والإدماج، ويتمظهر هذا الأمر بشكل أوضح في الحالة التي يقترح فيها وكيل الملك على المشتكى به أو المشتبه به صلحا يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله.[17]

وذلك في الحالة التي لا يحضر فيها المتضرر، ويكتفي فقط بالتنازل كتابيا عن شكايته، وأيضا في الحالة التي لا يوجد فيها مشتكي.[18]

المبحث الثاني: أهداف زجرية

سبق لنا الحديث عن أهم الأهداف المتوخاة من مسطرة الصلح على المستوى المؤسساتي، إذ تعتبر مناص ومحور مسطرة الصلح الزجري، وبما أن الحديث هنا عن صلح زجري فلابد أن تكون هذه المسطرة متضمنة لمجموعة من الركائز لا على مستوى التقليل وتفادي الحكم على الطرفين بغرامات مالية وجزاءات جنائية أو هما معا، إذ هذه الأخيرة تساهم بشكل فعال في إثقال كاهل جهاز العدالة بالقضايا البسيطة هنا من جهة، أما من جهة أخرى الإبقاء على السجل العدلي للأطراف خاليا من كل ما من شأنه التأثير على المركز القانوني لهم وسنتناول هذه النقاط من خلال مطلبين اثنين.

المطلب الأول: التقليل من الغرامات الجنائية

إن للصلح عدة مزايا في هذا النطاق يمتاز بها عن مسطرة التقاضي العادية التي تتسم بالبطء وهدر الطاقات والجهود البشرية والمعارف بالإضافة لما يصاحبها عادة من طول أمد النزاعات أو إطالتها وتشعبها، ولما تلحقه باقتصاد البلد وبين أطراف الدعوى.

المطلب الثاني: السجل العدلي للأطراف

إن الحديث هنا عن السجل العدلي للأطراف يطرح سؤالا مقاله هل يمكن اعتبار ما أتاه الجاني سابقة قضائية تسجل ضمن سؤال بحثه في سجله العدلي علما بأن الأمر يتعلق بجنحة معاقب عليها بالحبس والغرامة؟[19] ففيما يخص المشرع المغربي، فقد استجوب هذا الأخير أن تسجل المصالحات الجنائية المنفذة بالبطاقة رقم 1 للسجل العدلي للمستفيد من الصلح.[20]

إن إعطاء السجل العدلي هذه الأهمية القانونية باعتباره الوسيلة القانونية للشخص، يمكن الأشخاص من وضع الثقة في مسطرة الصلح حماية لمراكزهم القانونية، وبالتالي محاولة تفادي كل ما من شأنه أن يؤثر على هذه المراكز.

ففيما يخص الآثار فلابد من الإشارة في الأخير إلى أن رغم تنفيذ هذا الصلح في السجل العدلي للأطراف، والتنصيص عليه، فهو لا يأخذ ذلك الدور المؤثر مقارنة مع العقوبة الحبسية.

من أضرار وما يترتب عنها من تدهور العلاقات الاجتماعية بين الفرقاء، وما يتولد عن ذلك من مآسي اجتماعية، وإنسانية خصوصا حينما يتعلق الأمر بنزاع بين أفراد من عائلة واحدة أو من عشيرة، أو وسط اجتماعي واحد[21].

إذ أن أهم مكسب يبقى هو الإعفاء من المتابعة الجنائية التي قد تؤول بصاحبها إلى استصدار حكم قضائي ضده مدينه وبالتالي تبقى هذه المتابعة مساهمة في الزيادة في عدد النزلاء على مستوى المؤسسة السجنية. وهنا تأتي مسطرة الصلح كآلية من الآليات المساهمة في التقليل من مثل هذه المتابعات، إلا أن هذا الإشكال المطروح إلى أي حد يمكن تفعيل هذه المسطرة للوصول إلى هذه النتائج المرجوة.

كما تجدر الإشارة في الأخير أن الشخص الخاضع لمسطرة الصلح يعتبر أنه من الفائدة بمكان عدم السير في إطار الدعوى الزجرية العادية التي تمارسها النيابة العامة والخضوع لمسطرة اتسمت بالسرعة والبساطة والحفاظ على السجل العدلي لكل الطرفين خاليا من كل ما هو مؤثر على مركزهم القانوني.

إن مسطرة الصلح آلية حضارية للتربية وتجاوز شائبة الخطأ ودافع الانتقام والقصاص في السلوك الإنساني، إذ هذه الأطراف تمر عبر مسطرة استثنائية.[22]

القسم الثاني:مسطرة الصلح و أثاره

بما أن الصلح يعتبر كما تم الاتفاق عليه من قبل الفقه آلية حضارية تمكن الجهاز القضائي من التخفيف من العديد من القضايا التي تقل أهمية عن قضايا أخرى، فإن هذه الآلية عرفت جملة من الانتقادات من بعض الفقه،و ذلك بالخصوص في الحالة التي لا ينفذ فيها الملتزم التزاماته المتضمنة في محضر الصلح،حيث يؤدي الأمر إلى ضياع الوقت فقط في سلوك هذه المسطرة أضف إلى ذلك فقدان المتقاضي الثقة في العدالة التصالحية وهكذا تزيد الملفات الواردة على جهاز العدالة و بالتالي تكريس واقع التأخير في حسم الخصومات و ارتفاع حجم الإجرام البسيط و حالات العود،[23]

هذه الانتقادات تجعلنا نتناول هذه الآلية التصالحية من الناحية المسطرية (الفصل الأول)و من ثم دراسة آثارها(الفصل الثاني).

الفصل الأول:مسطرة الصلح

لقد جاءت المادة 41 من ق.م.ج المغربي بالمسطرة المتبعة للقيام بهذا الإجراء،حيث يمكن للمتضرر أو المشتكي أن يقوم بطلب إجراء الصلح مع الطرف الآخر من النيابة العامة،شريطة تراضي طرفين الصلح و قبول النيابة العامة بذلك لتشكل هذه الخطوة نقطة انطلاقة مسطرة الصلح الزجري،و هكذا فإن هذه المسطرة تتعلق أساسا بالمشتكى به والمتضرر، وعليه سنخصص المبحث الأول من هذا الفصل لهاذين الطرفين،في حين سنتطرق لما يترتب عليهما من واجبات و التزامات في مبحث ثاني.

المبحث الأول:أطراف الصلح

كغيره من العقود الرضائية المنظمة من خلال أحكام قانون الالتزامات و العقود، فإن الصلح في إطار المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية يتم بين المشتكى به و المتضرر، لكن أغلب الفقه يرى بأن النيابة العامة تعتبر كذلك طرفا في الصلح الذي يجرى من خلالها، وبذلك فإن هذه الأخيرة تعتبر طرفا أساسيا في الصلح على غرار المشتكى به باعتباره طرفا سلبيا،أما المتضرر فقد خصه المشرع المغربي بحكم خاص و لم يجعل حضوره شرطا لا محيد عنه في المسطرة، بل خول له المشرع إمكانية الاكتفاء بإضافة تنازل إلى أوراق الملف لتقوم النيابة العامة باقتراح الصلح على المشتكى به، وكما يلاحظ أن المشرع المغربي حاول أن يوفق بين مهمتي النيابة العامة باعتبارها طرفا في القضية و ممثلة للمجتمع من جهة،و خصما للمشتكى به من جهة أخرى.

المطلب الأول:المشكى به

يقصد بالمشتكى به ذلك الشخص الذي يتسبب بفعله في الإضرار بغيره على النحو الذي ينسجم مع مقتضيات القانون الجنائي،

و لقد استعمل المشرع المغربي في المادة 41 من ق.م.ج لفظة “المشتكى به” و ذلك لدلالة على الفاعل،أي مرتكب الفعل الجرمي، و بالتالي فإن هذا الأمر يتماشى مع وضع الماثل أمام النيابة العامة في هذه المرحلة[24]،و هو الطرف الذي قد يكون طرفا سلبيا في الدعوى العمومية في الحالة التي تقوم فيها هذه الأخيرة بتحريكها،و يصبح الشخص مشتكى به بمجرد توصل أجهزة العدالة الجنائية بشكاية أو وشاية في حقه.

وتقديم الشكاية أو الوشاية يكون أمام النيابة العامة أو الضابطة القضائية، لكن بعض الفقه يطرح تساؤلات حول إمكانية قيام النيابة العامة بإجراء الصلح قبل أن تحيل الملف على الشرطة القضائية[25].

يشترط في المشتكى به ما يلي:

– أن يكون الفعل الجرمي ثابتا في حقه وذلك بمختلف وسائل الإثبات المتعارف عليها في الميدان الجنائي طبقا للمادة 286 ق.م.ج ومن ذلك اعتراف المشبوه فيه بالفعل المنسوب إليه في محضر الضابطة القضائية والذي يؤخذ بحجيته طبقا لما جاءت به المادة 290 ق.م.ج،أو شهادة مصرح المحضر أو محاضر المعاينة الميدانية الثبوتية وإلى غير ذلك من وسائل الإثبات.[26]

– أن يكون المشتكى به حاضرا و ذلك بشكل إلزامي،على عكس المتضرر الذي يمكن أن يعفي نفسه من الحضور متى تقدم بتنازل مكتوب في الملف[27]،أو في الحالة التي لا يوجد فيها متضرر مباشر من الفعل الجرمي الذي قام به المشبوه فيه.

– أن يكون راضيا على التصالح مع المتضرر[28]، كما جاء في المادة 41 ما يدل على ذلك، حيث يستوجب أن يُضمن ما اتفقا عليه في المحضر الذي يتم انجازه من قبل النيابة العامة وكذا في الأمر القضائي.[29]

هذا يتعلق بالمشتكى به،فهل نفس الأمر ينطبق على المتضرر؟

المطلب الثاني:المتضرر

المتضرر هو الشخص الذي يلحقه ضرر من جراء الفعل الذي قام به المشبوه فيه،و المراد بالمتضرر في هذه المادة المتضرر من جرائم النتيجة،و يكفي لاعتبار الشخص متضررا أن يتم الإشارة إليه في محضر الضابطة القضائية كضحية[30]،لكن قد يتساءل البعض حول ضرورة و جود ضحية للقيام بالصلح في إطار المادة 41،أي أن هناك مجموعة من الجرائم التي تستجيب للشروط المنصوص عليها في الفصل 41 لكن لا يترتب عنها مساس بشخص معين حتى يتسنى لنا الحديث عن مفهوم الضحية.

هنا لابد من الإشارة إلى أن المادة 41 من ق.م.ج شملت كذلك الجرائم التي لا يوجد فيها ضحية مباشر، مثل التجاهر بالإفطار في شهر رمضان من طرف مسلم-و ذلك واضح من خلال الفقرة السادسة التي و رد فيها:(…أو في حالة عدم وجود مشتكي…)

و يرى الأستاذ رشيد مشقاقة أن المراد من هذا التعبير ليس فقط تلك الجرائم التي لا تتعلق بشخص معين تقدم بشكاية لأجهزة العدالة الجنائية بل كذلك كل الجرائم التي تبلغ إلى علم النيابة العامة عن طريق الوشاية،حيث لم يشأ الطرف المتضرر أن يقدم شكاية بها،أو ظل المتضرر غير معروف.[31]

وعلى العموم يُشترط في المتضرر أساسا أن يكون راضيا على هذا الصلح الذي سيجريه من المشتكى به.[32]

المبحث الثاني:مسطرة الصلح

إن الصلح يعتبر آلية حضارية لفض النزاعات،و لقد عرِف الصلح منذ القدم ولو لم يكن مؤطرا بنص قانوني محدد،لكن الآن أصبح الصلح محددا في ظل قانون المسطرة الجنائية،و لم يبقى قاصرا فقط على حالات الصلح النصوص عليها في بعض النصوص الخاصة ونذكر منها:

* المحاضر التي ينجزها موظفو الجمارك، في حدود اختصاصاتهم،وفقا للفضل242 من مدونة الجمارك الصادرة بتاريخ 9 أكتوبر 1977

* الفصلين 65-66 من قانون 10 أكتوبر 1917 بشأن مخالفات المياه و الغابات؛

* والفصل 28 من ظهير 11 أبريل 1922 المتعلق بالصيد في المياه الداخلية[33]؛

* الفصل 89 من الظهير المنظم لاحتكار الدخان بالمغرب[34].

كل هذه الفصول تخول للإدارات المعنية إجراء الصلح مع المتهم بشأن ما ارتكبه من مخالفات للقانون الجنائي، و بغض النظر عن كل هذه الحالات يمكن التساؤل حول المسطرة التي تتم من خلالها عملية الصلح الزجري في إطار المادة 41 من ق.م.ج.

المطلب الأول:مرحلة النيابة العامة

تعتبر النيابة العامة هي الجهاز الذي يتلقى طلبات الصلح من الأطراف،و تنطلق هذه المسطرة بطلب الأطراف منها القيام بالصلح (المطلب الأول)،و ينتهي هذا الإجراء بالمصادقة عليه من قبل رئيس المحكمة (المطلب الثاني).

الفقرة الأولى:طلب محضر الصلح

لقد ورد في المادة 41 من ق.م.ج أنه (يمكن للمتضرر أو المشتكى به قبل إقامة الدعوى العمومية و كلما تعلق الأمر بجريمة…)،و هذا يفيد أن انطلاقة مسطرة الصلح في إطار المادة 41 ق.م.ج تنطلق عن طريق تقديم طلب من طرف الأطراف،لكن يتساءل البعض عن شكلية هذا الطلب،هل من الضروري كتابته أم يكفي التصريح به شفويا؟

يرى الأستاذ رشيد مشقاقة أنه يُستحسن كتابة هذا الطلب و ذلك لكي لا يحتج لاحقا على الجهة التي تتلقى الطلب بأن أطرافه أو أحدهم على الأقل لم يلتمس الصلح،كما يضيف أنه من الفائدة صياغة مطبوع موحد لمثل هذه الطلبات تفاديا لأي إشكال[35].

و يشترط لقبول هذا الطلب أن يتم قبل إقامة الدعوى العمومية وليس بعد قيامها[36]، كما و رد في مطلع المادة41 من ق.م.ج.

الفقرة الثانية:تضمين الصلح

بعد تقدم الأطراف أو أحدهما إلى النيابة العامة تنظر هذه الأخيرة في الطلب،حيث يختار بعد ذلك و كيل الملك إما الاستجابة للطلب و فتح مسطرة الصلح أو رفض القيام بذلك.

و مؤسسة النيابة العامة يرجع أصلها إلى القانون الفرنسي حيث بدأت إرهاصاتها الأولى على شكل محامين متخصصين أُنيطت بهم مهمة الدفاع عن مصالح الملك أمام المحاكم.

و قد كان هؤلاء على الخصوص يهتمون بتوقيع العقوبات المالية على المدانين و يسهرون على تنفيذها الفعلي.

أما في الوقت الراهن أصبحت تعتبر هيئة قضائية من نوع خاص.[37]و تتمثل مهمتها الأساسية حسب المادة 36 ق.م.ج في إقامة و ممارسة الدعوى العمومية و مراقبتها و المطالبة بتطبيق القانون،كما أن المشرع أعطى لها الحق في تسخر القوة العمومية أثناء قيامها بمهامها.[38]

و تتلخص المهام المنوطة بوكيل الملك على مستوى هذه المسطرة التصالحية في القيام بتحرير محضر الصلح الذي يتضمن ما اتفق عليه الطرفان بعد موافقته على طلب الأطراف،ثم بعد ذلك يشعر الطرفان أو دفاعهما بتاريخ انعقاد جلسة غرفة المشورة،و أخيرا يوقع إلى جانب الأطراف على المحضر الذي تم تحريره.[39]

إذن فهذه هي المراحل التي يمر منها الصلح على مستوى النيابة العامة،و كما يلاحظ فإن الفاصل بين هذه المرحلة و مرحلة المصادقة القضائية هو عميلة الإحالة من طرف النيابة العامة على رئيس المحكمة، و هذا ما سوف نعالجه في المطلب الموالي.

المطلب الثاني:المصادقة القضائية

تعتبر المرحلة القضائية بمثابة المرحلة التي تتميز بتدخل القضاء في مسطرة الصلح الزجري وذلك من خلال غرفة المشورة التي أُنيط بها هذا الاختصاص إلى جانب الاختصاصات الأخرى،و يبت في الصلح رئيس المحكمة الذي يخرج عن الاختصاص الاستعجالي المنوط به و ينظر إلى جانبه في الموضوع مطبقا في ذلك قانون المسطرة المدنية.[40]

الفقرة الأولى:المصادقة القضائية في غرفة المشورة

إن الأصل أن قاضى المستعجلات يبت في القضايا التي تدخل ضمن اختصاصه بشكل فردي،لكن في الحالة التي يقوم فيها بالمصادقة على الصلح يقوم بذلك بحضور النيابة العامة،و يرى الفقه أن المغزى من حضور النيابة العامة في جلسة غرفة المشورة هو مساعدة رئيس المحكمة على وضع تصور فعلي لفحوى النزاع.[41]

من هنا نخلص، إلى أن دور المحكمة يسمح بالتوفيق بين مبادئ قانونية متعددة،كما أن المصادقة على مقرر الصلح لا تعتبر حكما باتا ومبرما، بل هي تصديق قضائي من نوع خاص من أهدافه تطويق النزاعات والتخفيف على القضاء .

و هكذا تتجلى الغاية المنشودة من المصادقة على محضر الصلح هي إعطاء هذا المحضر الحجية الكافية عليه و كذا التأكد من سلامة مسطرة الصلح شكلا و موضوعا.

لكن أليس من الممكن ألا تقوم النيابة العامة بحفظ الملف دون الدخول في دهاليز مسطرة الصلح ما دام أنه في كلتا الحالتين يمكن تحريك الدعوى العمومية مجددا؟ هذا الأمر يجعلنا نتساءل عن حجية الأمر القضائي القاضي بالمصادقة على الصلح بين الأطراف،و ذلك ما سوف نعالجه في النقطة الموالية.

الفقرة الثانية:الأمر القضائي

فبخصوص إسناد الاختصاص للمحكمة للمصادقة على مقرر الصلح ذهب البعض إلى القول إنه بهذا الإجراء لم يتم تخفيف العبء على المحاكم لكون القاضي الذي سيبت في النزاع ويصدر حكما بالإدانة أو بالبراءة سوف يكلف بالمصادقة على محضر المصالحة وفق ما انتهت إليه إرادة الأطراف، مما يفيد استمرار عرض الملفات على المحاكم وبقاء ظاهرة الكثرة والعرقلة والزمن وعدم حرق أية مرحلة من المراحل بتطبيق المادة 41 من ق.م.ج.

عموما قد يبدو هذا الانتقاد سليما للوهلة الأولى سيما وأن المحضر المنجز بالصلح أمام السيد وكيل الملك يعد من قبيل التوثيق التعاقدي الرسمي ، إلا أنه للجواب عليه يمكن القول إن القانون المقارن لم يعط كله الاختصاص في الصلح كاختصاص فريد للقضاء الجالس لأنه لكي يعطى هذا الاختصاص للقضاء لابد من تحريك الدعوى العمومية وهو اختصاص أصلي للنيابة العام علما بأن الاختصاص الممنوح للقضاء تمت إحاطته بضمانات وشروط تتمثل في وجوب عرض مقرر الصلح على رئيس المحكمة لكي يصادق عليه، وإذا لم تتم المصادقة عليه يصبح الصلح لاغيا، وفي ذلك تفعيل لمبدأ ملائمة المتابعة وجبر للنيابة العامة على عدم حفظ المسطرة، أما إذا نجح الصلح فإن المسطرة تحفظ بنص القانون .[42]

و المقرر القضائي القاضي بالمصادقة على مسطرة الصلح من قبل رئيس المحكمة لا يقبل الطعن، فلقد و رد في المادة 41 من ق.م.ج أنه:( يحيل وكيل الملك المحضر على رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه للتصديــق عليه بحضور ممثل النيابة العامة و المعني بالأمر أو دفاعه، بمقتضى أمر قضائي غير قابل للطعن)

و بذلك يتبين أنه يشترط لمصادقة رئيس المحكمة على الصلح أن يحال عليه هذا المحضر من قبل وكيل الملك،و الوقوف على أقوال الطرفين و التأكد من اعتراف المشتكى به بما نسب إليه،و كذا التأكد من التكييف القانوني للفعل و انسجامه من المادة 41.[43]

أما فيما يخص الأمر القضائي فيلزم أن يصدر باسم جلالة الملك،مع الإشارة إلى الصفة القضائية للجهة المصدرة للأمر القضائي و الإحالة الصادرة عن وكيل الملك و تاريخها وكذا الإشارة إلى محضر الضابطة القضائية و موجز الوقائع و تكييف الفعل و موافقة وكيل الملك،و في الأخير تتم الإشارة إلى تصديق رئيس المحكمة.[44]

وغابا ما يتم التصديق على الصلح من قبل رئيس المحكمة عمليا في نماذج معدة مسبقا لذلك.[45]

إذن فبعد التطرق للشكليات المتطلبة مسطريا للقيام بالصلح،و جب الحديث عن الآثار التي تترتب عن هذا الصلح متى توفرت فيه كل الشكليات المتطلبة و كلل بمصادقة رئيس المحكمة عليه.

الفصل الثاني:آثار مسطرة الصلح

بعد القيام بكافة هذه الإجراءات المسطرية من قبل الجهات التي تختص بها فإن محضر الصلح يصبح حاملا لقوة الشيء المقضي به،حيث تترتب عليه جملة من الآثار القانونية التي تميزه عن الصلح الذي قد يجريه الأطراف بمعزل عن القيام بإجراءات الصلح في إطار المادة 41 من ق.م.ج حيث قد يقوم الأطراف بالتراضي فيما بينهم دون اللجوء إلى النيابة العامة و طلب القيام بإجراء الصلح تحت إشرافها.

يعتبر مبدأ الصلح أو المصالحة من التقاليد النافذة في التراث الديني والثقافي المغربي،حيث كان رب القبيلة أو رب الأسرة يلعب دور الوسيط في حل النزاعات العائلية والمالية والفلاحية التي تنشأ بين أفراد الأسرة أو القبيلة.[46]لكن الصلح في هذه الحالات لا يترتب عليه أي التزام قانوني، مادام أنه يتم بين الأطراف بشكل صوري.أما الصلح في إطار قانون المسطرة الجنائية فيترتب عليه مجموعة من الآثار الملزمة لأطرافه،فما هي هذه الآثار التي قد تترتب عن إبرام المصالحة؟

المبحث الأول:الآثار تجاه الأطراف

إن الآثار التي تترتب عن الصلح في قانون المسطرة الجنائية تتعلق بطرفي الصلح و النيابة العامة، ففي ما يخص الأطراف يعتبر الصلح ملزما لهما بتنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة و على الخصوص ما التزم بتنفيذه مرتكب الفعل،أما فيما يخص النيابة العامة فالصلح يلزمها بعد القيام بدورها التوفيقي إحالة المحضر على رئيس المحكمة و كذا التأكد من تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة.

لكن يبقى توقيف الصلح للدعوى العمومية أهم الآثار المترتبة عليه بعد اكتسابه لقوة الشيء المقضي به.

المطلب الأول:تجاه المتضرر

لقد مسطرة الصلح بالأساس لرأب الصدع و الشقاق الذي قد يحدث بين طرفي النزاع،أضف إلى ذلك تحقيق الأهداف المؤسساتية و الزجرية التي تتغياها،[47]و ذلك مقابل مجموعة من الالتزامات التي تقع بالأساس على مرتكب الفعل الذي كان سببا في تحريكها،و لذلك فإن المتضرر هو الذي يستفيد من هذه المسطرة بما يلي:

الاستفادة من سرعة الإجراءات و مرونتها؛

إرضاءه و إعادة الاعتبار إليه لأنه لولا رضاه لما تمت المسطرة؛

وضع حد لآثار الجريمة أو التخفيف تلك الآثار بسرعة؛و ذلك بمقتضى ما قد يحصل عليه من تعويض أو باسترجاع حيازته أو إصلاح الضرر الذي ألحقته الجريمة به أو بمَصالحه.[48]

لكن رغم ذلك فإن المتضرر له بعض الالتزامات،لأنه قد قبِل القيام بالصلح مسبقا في إطار المادة 41 من ق.م.ج.

الفقرة الأولى:التزامات المتضرر

من بين ما يلتزم به المتضرر من خلال إجراءات الصلح هو الحضور لإجراء الصلح مع المشتكى به،لكن يمكن ألا يحضر و يكتفي في هذه الحالة بكتابة تنازل،و هنا يقوم وكيل الملك على المشتكى به صلحا يتمثل في أداء نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة للجريمة أو إصلاح الضرر الناتج عن أفعاله.

و هذا الإجراء يتم كذلك في الحالة التي لا يوجد فيها متضرر كما سبق التطرق إلى ذلك سابقا،و كما يلاحظ فإن المتضرر لا تقع عليه التزامات تبلغ أهميتها تلك التي تقع على المشتكى به.

الفقرة الثانية:حقوق المتضرر

إن أهم ما يستفيده المتضرر من مسطرة الصلح هو رد الاعتبار له و إصلاح الضرر الذي قد يكون ناشئا عن الفعل الذي ارتكبه المشتكى به،هذه الحقوق قد لا يستطيع الاستفادة منها لولا سلوك مسطرة الصلح و هنا تكمن أهمية هذه الأخيرة،لأنه لو لم يتم تحريك هذه المسطرة لقامت النيابة العامة إما بحفظ الملف ،إحالته على قاضي التحقيق[49]أو إحالته على قضاء الحكم،ففي الحالتين الأخيرتين قد يستفيد المتضرر عن الضرر الذي لحقه لكن بعد القيام بإجراءات عديدة قد تطول لشهور عديدة،أما في الحالة الأولى لا يستفيد من أي تعويض عما لحقه من ضرر إلا إذا أثيرت الدعوى مرة أخرى.

و كما أن المتضرر ملزم بكتابة تنازل مكتوب فإنه له أن يستغني عن حضور الصلح،و يبقى ذلك من حقه ما دام قد تنازل عن شكايته التي سبق له أن تقدم بها في حق الفاعل.

المطلب الثاني:تجاه المشتكى به

الفقرة الأولى:التزامات المشتكى به

يلتزم المشتكى به بعدة التزامات تتمثل في تنفيذ ما هو متضمن في المحضر الذي صادق علية رئيس المحكمة و ذلك داخل الأجل المحدد لذلك و ذلك تحت إشراف النيابة العامة؛

ففيما يخص الالتزامات التي ينفذها الفاعل قد تتخذ عدة أشكال ومن ذلك:

1)الحضور:لأن المشتكى به ملزم بالحضور على عكس المتضرر الذي يمكنه ألا يحضر و يكتفي فقط بكتابة تنازل و يترك الباقي على النيابة العامة التي تتكفل بتتمة إجراءات الصلح؛

2) القيام بإصلاح الضرر الناتج عن أفعاله: و المقصود بالضرر هنا ذلك الضرر المتعلق بالحالة التي يوجد فيها متضرر قدم تنازلا مكتوبا عن شكايته،فالنيابة العامة ملزمة بالتقيد بمحتويات التنازل لأنه من الممكن ألا يرغب المتضرر في إصلاح الضرر.و بالتالي فإن المشتكى به يُعفى من هذا الالتزام.[50]

3)أداء غرامة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للغرامة المقررة قانونا:و ينفذ المشتكى به هذا الالتزام متى اقترحه عليه وكيل الملك.

و يرى الفقه أن هذا الإجراء يشجع المشتكى به على تنفيذ هذه الالتزامات وإنجاح مسطرة الصلح.[51]

3)كما يلتزم المشتكى به بتنفيذ كل الالتزامات الواردة في المقرر القضائي الذي صادق عليه رئيس المحكمة داخل الأجل المحدد في هذا الأخير،

و يترتب على إخلال المشتكى بكل الالتزامات مجموعة من الآثار التي تعتبر من الأسباب التي تعتمدها النيابة العامة لتحريك الدعوى العمومية، وتبقى حينها إجراءات الصلح بدون جدوى،و هذا ما انتقده الفقهاء بشدة حيث اعتبروا أن مسطرة الصلح في هذه الحالة مجد مسطرة ساهمت في الزيادة في الضغط على المحاكم بدل التخفيف عنها.[52]

إذا كانت هذه كلها التزامات واقعة على عاتق المشتكى به فهل له حقوق يستفيد منها من خلال هذه المسطرة التصالحية؟

الفقرة الثانية:حقوق المشتكى به

من أبرز ما يحق للمشتكى به من خلال مسطرة الصلح الزجري هو إمكانية مؤازرته من طرف محام أثناء سريان هذه المسطرة،و ذلك ما لم يتنازل عن ذلك فلقد ورد في المادة 41 من ق.م.ج في فقرتها الثانية على أنه:(…يحرر وكيل الملك محضرا بحضورهما و حضور دفاعهما،ما لم يتنازلا أو يتنازل أحدهما عن ذلك،…)و يعتبر هذا الأمر من ضمانات المحاكمة العادلة الذي تحدثت عنه ديباجة القانون رقم 22.01،و الملاحظ هو كون هذا المقتضى ينسجم مع المادة 73 من نفس القانون.[53]

أضف إلى هذا الحق فإن المشتكى به يعفى من العقوبة الحبسية،و يرى الفقه بأن هذا الإجراء جاء به المشرع لتحبيب هذه المسطرة للمواطن لكي يقبل عليها،طالما أنه سيعفى من العقوبة الحبسية، وإذا كان هذا الإجراء يعتبر مكسبا للمشتكى به إلا أنه يعتبر تجاوزا على نظام السوابق القضائية،بحيث إن المجرم العائد يستعصي عمليا تطبيق حالات العود على العود المنصوص عليها في القانون الجنائي عليه.[54]

المبحث الثاني:الآثار تجاه النيابة العامة

إن النيابة العامة و كما سبق القول تقوم بالدور الأساسي في مسطرة الصلح حيث يتبين من خلال الدور المسنود لها أنها تستمر في تتبع مسطرة الصلح حتى بعد تحرير محضر الصلح ،و لعل السبب الكامن و راء ذلك هو كونها الجهاز المسنود إليه أساسا أما رئيس المحكمة فهو يتجسد دوره فقط في التصديق على هذا الصلح و إعطاءه الحجية القانونية،ثم بعد ذلك تقوم النيابة العامة بمراقبة تنفيذ الالتزامات التي تم الاتفاق عليها في محضر الصلح المحرر من قبل النيابة العامة و الصادق عليه في غرفة المشورة من قبل رئيس المحكمة.

إذن و بما أن النيابة العامة هي الجهاز الذي يُعمد إليه بتنفيذ مسطرة الصلح التي تترتب عليها آثار مهمة تجاه النيابة تتمثل في الإحالة على رئيس المحكمة بعد تحرير المحضر و بعد ذلك العمل على مراقبة تنفيذ الالتزامات المسطرة في محضر الصلح بعد المصادقة عليه من قبل رئيس المحكمة(المطلب الأول)،كما أن مسطرة الصلح توقف الدعوى العمومية التي تختص النيابة العامة بإقامتها و متابعتها(المطلب الثاني)

المطلب الأول: الإحالة و التأكد من تنفيذ الالتزامات

هاذين الأثرين يدخلان في زمرة الالتزامات الواقعة على جهاز النيابة العامة في ظل مسطرة الصلح الزجري بعد القيام بالدور المنوط بها و المتعلق بالتوفيق بين الطرفين، ويتجلى كل من هاذين الأثرين في قيام النيابة العامة بإحالة المحضر على رئيس المحكمة و كذا تتبع تنفيذ الالتزامات المتفق عليها.

الفقرة الأولى:إحالة النيابة العامة المحضر على رئيس المحكمة

بعد قيام وكيل الملك بتحرير محضر الصلح و توقيعه، يقوم بإحالته على رئيس المحكمة للمصادقة عليه في غرفة المشورة[55]،و يتمثل دور رئيس المحكمة على هذا المستوى في إعطاء الحجية القانونية لمحضر الصلح و ما تم التراضي بشأنه في هذا الأخير،خصوصا و أن تنفيذ تلك الالتزامات مراقب من لدن النيابة العامة،كما سيتم التطرق إليه في النقطة الموالية.

وتجدر الإشارة إلى أنه عند إحالة محضر الصلح يتم إرفاقه بما يلي:

محضر الضابطة القضائية؛

شكاية المشتكي؛

الصلح إذا كان مكتوبا؛

كل الأوراق المفيدة الأخرى.

و يتم تداول هذا المحضر بين النيابة العامة و رئاسة المحكمة بمقتضى سجل معد لهذه الغاية حرصا على توثيق هذه العملية، و يعمل رئيس المحكمة من جهته على التأكد من إرفاق محضر الصلح بباقي الوثائق المفيدة، و له أن يطلب تتميم ما نقص منها قبل أن يدرج الملف بغرفة المشورة.[56]

الفقرة الثانية:التأكد من تنفيذ الالتزامات

إن النيابة العامة ملزمة التأكد من تنفيذ الالتزامات المصادق عليها من فبل رئيس المحكمة، فقد و رد في المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية أنه” يتأكد وكيل الملك من تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها الرئيس”[57]ويرجع السبب في إسناد كل هذه المهام للنيابة العامة هو كونها الجهة الوحيدة التي تملك الدعوى العمومية تفعيلا لمبدأ ملائمة المتابعة الذي يعد مبدأ أخذ به المشرع المغربي منذ سنة 1959 إلى الآن.[58]

المطلب الثاني:توقيف الدعوى العمومية

بعد التطرق للالتزامات التي تقع على عاتق النيابة العامة إبان مسطرة الصلح وبعدها، يأتي دور الأثر الذي يلحق الدعوى العمومية التي تختص النيابة العامة بإقامتها ومتابعتها والمتمثل أساسا في توقيف الدعوى العمومية.

و سنتطرق لهذا الأثر في الفقرة الأولى،على أن يتم التعريج على الاستثناءات التي قد ترد عليه في الفقرة الثانية.

الفقرة الأولى:توقيف الدعوى العمومية

إن مسطرة الصلح و الأمر القضائي القاضي بالمصادقة عليها توقف الدعوى العمومية[59]، فقد نصت الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 41 على أنه” توقف مسطرة الصلح والأمر الذي يتخذه رئيس المحكمة أو من ينوب عنه”و الغاية من هذا الإجراء هو تشجيع الأطراف على سلوك مسطرة الصلح الودي و رغم أن المشرع قرر توقيف الدعوى العمومية و الحيلولة دون قيام النيابة العامة دون إمكانية متابعة المشتكى به،فإنه قد أجاز للنيابة العامة القيام بإثارة الدعوى العمومية في بعض الحالات،[60]

و للإشارة فأن الصلح لا يؤدي إلى سقوط الدعوى العمومية بل إلى إيقافها فقط بصريح المادة 41 من ق.م.ج. فإذا ما ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية يمكن للنيابة العامة تحريك المتابعة رغم مقرر الصلح ما لم يطل التقادم المسقط الجريمة موضوع المقرر الصادر[61]، و هذا يدخل ضمن الاستثناءات الواردة على مبدأ توقيف الدعوى العمومية إلى جانب استثناء آخر.

الفقرة الثانية:الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ

طبقا للفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 41 يتبين أن هذا الصلح يوقف الدعوى العمومية، لكن يمكن رغم ذلك وكيا الملك أن يثير هذه الأخيرة في حالة عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة أو من ينوب عنه داخل الأجل المحدد، أو إذا ظهرت عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية ما لم تتقادم؛

إذن فالحالات التي يمكن فيها للنيابة العامة إثارة الدعوى العمومية رغم المصادقة على الصلح هي:

عدم تنفيذ الالتزامات التي صادق عليها رئيس المحكمة داخل الأجل المحدد لذلك في الأمر القضائي،لأنه من المشتملات التي قد يحتوي عليها الأمر القضائي خاصة و أن هذا الإجراء يبقى هو الضمانة الوحيدة للمشتكي الذي قبل سلوك هذه المسطرة،إذ في المقابل يجب أن يتمتع بهذه الضمانة و إن لم تخول له مباشرة بل اقتصرت فقط على جهاز النيابة العامة وأعطتها الحق في إثارة الدعوى العمومية.[62]

ظهور عناصر جديدة تمس الدعوى العمومية؛ و المقصود بهذه العناصر كل ما من شأنه أن التأثير على الدعوى العمومية من حيث و ضعها أو ظروف التشديد المتصلة بها أو تكرارها، لكن يشترط لقيام النيابة العامة بإثارة الدعوى العمومية عدم مرور مدة التقادم الذي يعتبر من الأمور التي تسقط الدعوى العمومية.[63]

خــــــــاتمة:

يعتبر مبدأ الصلح أو المصالحة من التقاليد النافذة في التراث الديني والثقافي المغربي، حيث كان رب القبيلة أو رب الأسرة يلعب دور الوسيط في حل النزاعات العائلية والمالية والفلاحية التي تنشأ بين أفراد الأسرة أو القبيلة. وأسوة بالعديد من التشريعات المقارنة عمد المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية إلى تبني مبدأ الصلح بالمادة 41 من ق.م.ج كآلية حديثة وحضارية لاستبدال العقوبة السالبة للحرية ولفض النزاع قبل تحريك الدعوى العمومية، وتكمن إيجابيات هذه المسطرة في عدة مزايا منها تخفيف العبء على المحاكم وربح الوقت، وجعل القضاء يركز مجهوده على القضايا الأساسية، وتخفيف الاكتظاظ الذي تعاني منه السجون وتحقيق نوع من التوازن بين حقوق الإنسان وحقوق المجتمع.

و لقد أثار هذا الموضوع الذي يعتبر من الآليات البديلة حفيظة العديد من المؤيدين و النقاد؛ و من بين ما تم تسجيله من إيجابيات على الصلح في المجال الزجري نجد أنه يمكن المشتكى به من الإعفاء من المتابعة و متاعب المحكمة و نفقاتها، و في المقابل فالضحية يستفيد من سرعة هذا الإجراء و مرونته و إرضاءه و إعادة الاعتبار له لأنه لولا رضاه لما تمت المسطرة، أضف إلى ذلك إعفاءه من المصاريف القضائية المرتبطة بالدعوى العمومية و المدنية التابعة و استعمال الطعون، كما أن هذه المسطرة لها فائدة –حسب هذا الاتجاه- في سواد الود و الوئام بين أفراد المجتمع،و تهدئة النفوس وجبر الخواطر و إزالة الأحقاد والضغائن.[64]

في حين يذهب أغلب الفقهاء[65]إلى القول بأن هذه المسطرة لا تخلو من سلبيات أجملوها في ما يلي:

تضخم الملفات والمحاضر المحالة على النيابة وتعدد مساطر الاستنطاق والاستماع للمعتقلين كما أن إنجاز الإنابات القضائية مسؤولية تستغرق معظم وقت عمل النيابة العامة، وإذا ما تمت إضافة مسطرة الصلح لهذا العمل أمام الخصاص الملحوظ في وسائل العمل المادية والبشرية فإن من شأن ذلك أن يؤثر سلبا على فعالية وسرعة هذه المسطرة؛

إمكانية قيام سوء فهم هذه المسطرة من لدن مرتكبي الإجرام، واعتبارها من طرفهم أداة تسهل اقترافهم للجرائم؛

إمكانية اعتماد الضغط من لدن النيابة العامة على الأطراف لاعتماد الصلح

استلزام مسطرة الصلح لملكات فنية وذهنية ولقدرة عالية على المحاورة والإقناع لإيجاد أرضية للتصالح قد لا تتوفر دوما في قضاة النيابة لعامة؛

إسناد الصلح للنيابة العامة مسألة تحمل تناقضا صارخا لأنه يجعل من هذه الأخيرة خصما وطرفا في نفس الوقت فهي من جهة تمارس الصلح مع المشتكي والمشتكي به، ومن جهة أخرى تملك سلطة تحريك المتابعة ضد هذا الأخير.

و في ظل هذا السجال تأتي الممارسة العملية لتبرهن على أن مسطرة الصلح الزجري المؤطرة بموجب المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية لم تتمكن من القيام بتحقيق الأهداف التي تصبو إليها و لعل الإحصائيات المتعلقة بتوزيع الأشخاص المقدمين على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بفاس خلال سنة 2012 و كذا تلك المتعلقة بالأشهر الأولى لسنة 2013 خير دليل على هذا القول حيث تبين أنه لم تستفد أي حالة من الصلح.[66]

و في ظل هذه السلبيات التي تعاني منها مسطرة الصلح، قال السيد و زير العدل والحريات في معرض رده على سؤال شفوي بمجلس المستشارين حول “تفعيل مقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية”. تقدم به الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية. أنه روعي في مراجعة هذا القانون اقتراح وسيط يتولى مهمة تسهيل إبرام الصلح بين الأطراف وتوسيع نطاق الأفعال التي يمكن مباشرة الصلح بشأنها لتشمل حتى الجرائم المعاقب عليها بأكثر من سنتين حبساً وكذا الأفعال المعاقب عليها بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى مائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين وإحداث مؤسسة لقاضي الصلح على مستوى المحاكم الابتدائية في شخص القاضي المكلف بالصلح.

وقال إن هذه التدابير تتوخى الإسهام في تفعيل المسطرة المنصوص عليها في الفصل 41 من المسطرة الجنائية وتشجيع مختلف أطراف الدعوى على اللجوء إليها كبديل لحل النزاعات خارج المساطر القضائية التقليدية.

وفي هذا الصدد. أكدالسيد مصطفى الرميد أن النيابات العامة تعمل على تفعيل مسطرة الصلح كلما أمكن ذلك في القضايا التي تعرض عليها. وذلك وعيا بأهمية هذا التدبير في حل النزاعات. مشيرا إلى أن عدد الأشخاص المستفيدين من مسطرة الصلح بلغ 2569 شخصا سنة 2011.

كما اعتبر أنه بالرغم من الجهود التي تبذل من أجل تفعيل مسطرة الصلح. فإنه على المستوى العملي يتعذر أحيانا تفعيلها بالشكل المطلوب. مشيرا في هذا الصدد إلى عدد من الأسباب التي تحول دون ذلك منها عدم رغبة أطراف النزاع أحيانا في الالتزام بمضمون الصلح المتفق عليه وإصرار بعض المتنازعين على عرض النزاع على أنظار المحكمة بدل سلوك مسطرة الصلح.

وأضاف أن ثمة أسباب أخرى ترجع إلى القانون نفسه الذي ضيق من المجال المسموح فيه بإبرام الصلح حيث تم حصره في إطار النص الحالي في الأفعال المعاقب عليها بسنتين حبسا أو أقل أو الأفعال المعاقب عليها بغرامة لا يتجاوز حدها الأقصى 5000 درهم.[67]

محضر صلح في قضية جنحية

(الفقرة 1 و 2 من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية)[68]

نحن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بـ:………………………………….

– بناءا على مقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.

– وبناءا على تراضي الأطراف على الصلح.

و حيث اتضح من دراسة القضية المسجلة بهذه النيابة العامة تحت عــــــــدد:

……………….أن الأفعال المرتكبة يعاقب عليها بعقوبة لا تتجاوز سنتين حبسا و خمسة آلاف درهم غرامة .

حضر أمامنا السادة:

1)المشتكي(ة):……………..رقم البطاقة الوطنية:…………..يؤازره الأستاذ:

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

2)المشتكى به:……………..رقم البطاقة الوطنية:…………..يؤازره الأستاذ:

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

و صرحا بأنهما قد تصالحا بشأن القضية المشار إليها أعلاه،

و اتفقا على ما يلي:

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

كما وافق المشتكى به على أداء غرامة قدرها……………………………….

و بعد موافقتنا على ما ذكر، نشعر الأطراف أن هذا المحضر سيحال على السيد رئيس المحكمة الابتدائية ليقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بجلسة غرفة المشورة المنعقدة بتاريخ:……………………على الساعة:…………. بالقاعة رقم…………….

حرر بتاريخ:………………….

المشتكي المشتكى به وكيل الملك

المملكة المغربية

—–

وزارة العدل

—–

محكمة الاستئناف

بـ…………..

——

المحكمة الابتدائية

بـ…………..

——

ملف:…………….

رقم:………………

رقم الإرسالية:…….

نموذج…/2003محدث

محضر صلح في قضية جنحية

(الفقرة 6 من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية)[69]

نحن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بـ:………………………………….

– بناءا على مقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.

– وبناءا على تراضي الأطراف على الصلح.

و حيث اتضح من دراسة القضية المسجلة بهذه النيابة العامة تحت عــــــــدد:

……………….أن الأفعال المرتكبة يعاقب عليها بعقوبة لا تتجاوز سنتين حبسا و خمسة آلاف درهم غرامة .

و حيث تبين من وثائق الملف و جود تنازل مكتوب صادر عن المتضرر(1)…

…………………………………………………………………………….

وحيث لا يوجد أي مشتكي في القضية(1)

حضر أمامنا المشتكى به المشتبه فيه(2):……………………………………

……………………………………………………………………………..

يؤازره الأستاذ:…………………….المحامي بهيئة:……………………….

أو تنازل عن حضور دفاعه(1).

الذي وافق على اقتراحنا بإجراء الصلح وفق الشروط الآتية:

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

و أشعر أن هذا المحضر سيحال على السيد رئيس المحكمة الابتدائية ليقوم هو أو من ينوب عنه بالتصديق عليه بجلسة غرفة المشـورة المـنعقدة بتاريخ…….

على الساعة:……………………بالقاعة رقم:………………………………

حرر بتاريخ:………………….

المشتكى به أو المشبوه فيه وكيل الملك

المملكة المغربية

—–

وزارة العدل

—–

محكمة الاستئناف

بـ…………..

——

المحكمة الابتدائية

بـ…………..

——

ملف:…………….

رقم:………………

رقم الإرسالية:…….

(1)شطب على ما لا فائدة فيه.

(2)الهوية الكاملة و رقم بطاقة الهوية.

نموذج…/ محدث

باسم جلالة الملك

أمر قضائي بالمصادقة

أو بعدم المصادقة على الصلح[70]

بتاريخ:…………………………………………………………………….

نحن……………………….رئيس المحكمة الابتدائية ب: ………………….

و بمساعدة السيد:……………………………………………..كاتب الضبط.

بحضور السيد:…………………………………………..ممثل النيابة العامة.

و بناءا على مقتضيات المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.

وبناءا على محضر الصلح المحرر من قبل السيد وكيل الملك لدى هذه المحكمة تحت عدد:………………………………………………………………

بتاريخ:……………………………………………………بين النيابة العامة:

و المشتكي: (1) (2) ……………………………………………………..

…………………………………………………………………………….

و المشتكى به أو المشتبه فيه: (1) ………………………………………….

…………………………………………………………………………….

حيث حضر أمامنا الأطراف أعلاه و أكدوا ما جاء في محضر الصلح المشار إليه أعلاه و الذي تم الاتفاق بمقتضاه على ما يلي:

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

-……………………………………………………………………………

و حيث إن………………………………………………………………….

…………………………………………………………………………….

…………………………………………………………………………….

لأجـــــــلــــه

نصرح بالمصادقة-عدم المصادقة(2) على الصلح موضوع المحضر المشار إليه أعلاه.

رئيس المحكمةكاتب الضبط

المملكة المغربية

—–

وزارة العدل

—–

محكمة الاستئناف

بـ…………..

——

المحكمة الابتدائية

بـ…………..

——

ملف:…………….

رقم:………………

(1) الهوية الكاملة و رقم بطاقة الهوية.

ويشار إلى حضور الدفاع عند الاقتضاء.

(2)التشطيب على ما لا

فائدة فيه.

نموذج…/محدث

قائمة المراجع:

*الكتب

– الحبيب بيهي،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية،الجزء الأول؛

– المصطفى ناظر بوعبيد،الوسيط في الإجراءات القضائية و الإدارية بالنيابة العامة؛

– جلال ثروت،نظم الإجراءات الجنائية، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 1997؛

-رشيد مشقاقة، دليل النيابة في مسطرة الصلح الزجري،مكتبة دار السلام،الطبعة الأولى،مارس ؛2004

-محمد بوخنيف: “المدخل لدراسة القانون الوضعي”، محاضرات موجهة لطلبة السداسي الأول 2010/2011

– محمد سمير عبد الفتاح،النيابة العامة و سلطتها في إنهاء الدعوى الجنائية بدون محاكمة،منشأة المعارف بالاسكندرية،ط:1976

– يوسف بنباصر، أزمة مسطرة الصلح في القانون و القضاء المغربي:-رصد ميداني لحصيلة التطبيق، و قراءة في أسباب الأزمة المقترحة لمعالجتها.

-يونس العياشي، المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق على ضوء المواثيق و المعاهدات الدولية و العمل القضائي،سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين،العدد الرابع،المعهد العالي للقضاء،مكتبة دار السلام،ط:2012.

*النصوص القانونية و التشريعية

الدستور المغربي لفاتح يوليز 2011،ج.ر5964.

قانون الالتزامات و العقود المغربي

قانون المسطرة الجنائية

القانون المدني الفرنسي

*المقالات

– محمد عبد النباوي: “الصلح دور إنساني واجتماعي جديد للنيابة العامة”، عرض ألقي بندوة الطرق البديلة لتسوية المنازعات المنظمة، بتعاون بين وزارة العدل وشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس وهيئة المحامين بفاس، بمقر عمالة فاس المدينة بتاريخ 04-04-2003

-اصلح الزجري، قسم الدراسات و التشريع، مديرية الدراسات و التعاون و التحديث، وزارة العدل

– الطاهر الكركري: مقال منشور بجريدة أخبار اليوم، العدد 131، الجمعة 19 أبريل 2013

*المواقع الإلكترونية

Øwww.justic.gov.ma

Øwww.umn.edu

Øwww. soussonline.com

الفهرس

4

القسم الأول:ماهية الصلح و أهدافه……………………………………………….

5

الفصل الأول:مفهم الصلح في القانون المسطري المغربي و المقارن………………

5

المبحث الاول:التعريف التشريعي………………………………………………..

6

المطلب الأول:تعريف التشريعالمغربي…………………………………………..

6

الفقرة الأولى:في التشريع الجنائي………………………………………………..

6

الفقرة الثانية:في قانون الالتزامات و العقود المغربي………………………………

7

المطلب الثاني:المادة41 من قانون المسطرة الجنائية………………………………

7

المبحث الثاني:الصلح الزجري في القانون المقارن……………………………….

8

المطلب الأول:الصلح في القانون الفرنسي………………………………………..

10

المطلب الثاني:الصلح في القانون الانجليزي و الأمريكي………………………….

10

الفصل الثاني:أهداف مسطرة الصلح……………………………………………..

11

المبحث الأول:أهداف مؤسساتية………………………………………………….

11

المطلب الأول:تخفيف العبء على الجهاز القضائي……………………………….

12

المطلب الثاني:تحقيق مداخيل مالية من جزاءات الغرامات………………………..

12

المبحث الثاني:أهداف زجرية…………………………………………………….

13

المطلب الأول:التقليل من الغرامات الجنائية………………………………………

13

المطلب الثاني:السجل العدلي للأطراف…………………………………………..

15

15

القسم الثاني:مسطرة الصلح و أثره……………………………………………….

15

الفصل الأول:مسطرة الصلح…………………………………………………….

16

المبحث الأول الأول:أطراف الصلح……………………………………………..

16

المطلب الأول:المشتكى به……………………………………………………….

18

المطلب الثاني:المتضرر…………………………………………………………

18

المبحث الثاني:مسطرة الصلح……………………………………………………

19

.المطلب الأول:مرحلة النيابة العامة………………………………………………

19

الفقرة الأولى:طلب محضر الصلح……………………………………………….

20

الفقرة الثانية:تضمين الصلح……………………………………………………..

21

المطلب الثاني:المصادقة القضائية………………………………………………..

21

الفقرة الأولى:المصادقة القضائية في غرفة المشورة………………………………

22

الفقرة الثانية:الأمر القضائي……………………………………………………..

24

الفصل الثاني:آثار مسطرة الصلح………………………………………………..

25

المبحث الأول:الآثار تجاه الأطراف………………………………………………

25

المطلب الأول:تجاه المتضرر……………………………………………………

26

الفقرة الأولى:التزامات المتضرر…………………………………………………

26

الفقرة الثانية:حقوق المتضرر…………………………………………………….

27

المطلب الثاني:تجاه المشتكى به………………………………………………….

27

الفقرة الأولى:التزامات المشتكى به………………………………………………

28

الفقرة الثانية:حقوق المشتكى به………………………………………………….

29

المبحث الثاني:تجاه النيابة العامة…………………………………………………

29

المطلب الأول:الإحالة و التأكد من الالتزامات…………………………………….

30

الفقرة الأولى:إحالة النيابة العامة المحضر على رئيس المحكمة…………………..

31

الفقرة الثانية:التأكد من تنفيذ الالتزامات…………………………………………..

31

المطلب الثاني:توقيف الدعوى العمومية………………………………………….

31

الفقرة الأولى:توقيف الدعوى العمومية…………………………………………..

32

الفقرة الثانية:الاستثناءات الواردة على هذا المبدأ………………………………….

34

خاتمة…………………………………………………………………………..

38

الملاحق…………………………………………………………………………

39

أولا:ملاحق محاضر الصلح……………………………………………………..

40

محضر صلح في قضية جنحية (الفقرة1 و 2 من المادة 41 من ق.م.ج)…………..

41

محضر صلح في قضية جنحية (الفقرة 6 من المادة 41 من ق.م.ج)………………

42

أمر قضائي بالمصادقة على الصلح………………………………………………

43

ثانيا:ملاحق الإحصائيات………………………………………………………..

44

إحصائيات سنة 2012…………………………………………………………..

45

إحصائيات النصف الأول من سنة 2013………………………………………..

50

قائمة المراجع……………………………………………………………………

52

الفهرس………………………………………………………………………….

– سورة المائدة،الآية13.[1]

– سورة الحجرات الآية 9.[2]

– أنظر الفقرة الثانية من الديباجة و الفصل الثالث من الدستور المغربي الجديد لفاتح يوليز 2011،ج.ر5964.[3]

[4]-www.umn.edu,المؤرخ في 29 نوفمبر 1985،مطلع عليه يوم 05/05/2013،ص:1

يونس العياشي،المحاكمة العادلة بين النظرية و التطبيق على ضوء المواثيق و المعاهدات الدولية و العمل القضائي،سلسلة رسائل نهاية تدريب الملحقين القضائيين،العدد الرابع،المعهد العالي للقضاء،مكتبة دار السلام،ط:2012،ص:3.[5]

-محمد عبد النباوي،ص:108.[6]

– أنظر الملحق،ص:44-49.[7]

[8]- محمد بوخنيف: “المدخل لدراسة القانون الوضعي”، محاضرات موجهة لطلبة السداسي الأول 2010/2011،ص:20.

[9]- الطاهر الكركري: مقال منشور بجريدة أخبار اليوم، العدد 131، الجمعة 19 أبريل 2013، ص. 14.

[10]- م 2046 من القانون المدني الفرنسي.

[11]- مثال جرائم التي ينص عليها أمر 5 ماي 1945 بشأن مخالفة قواعد البوليس خدمات النقل العام للمسافرين.

[12]- يوسف بنباصر: “أزمة مسطرة الصلح في القانون والقضاء المغربي”، رصد ميداني لحصيلة التطبيق وقراءة في أسباب الأزمة والحلول المقترحة لمعالجتها، 2006، ص. 11.

[13]- محمود سمير عبد الفتاح،النيابة العامة، وسلطاتها في إنهاء الديون الجنائية بدون محاكمة، منشأة المعارف الإسكندرية، 1986، ص. 306.

[14]- محمود سمير عبد الفتاح، مرجع سابق، ص. 306.

[15]- يوسف بنباصر، مرجع سابق، ص. 7.

[16]- محمد عبد النباوي: “الصلح دور إنساني واجتماعي جديد للنيابة العامة”، عرض ألقي بندوة الطرق البديلة لتسوية المنازعات المنظمة، بتعاون بين وزارة العدل وشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق بفاس وهيئة المحامين بفاس، بمقر عمالة فاس المدينة بتاريخ 04-04-2003، ص. 114.

[17]- الفقرة 6 من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.

[18]- مثال: جريمة التجاهر بالإفطار في شهر رمضان المؤطرة بالفصل 222 من القانون الجنائي.

[19]- مشقاقة، مرجع سابق، ص. 54.

[20]- بنباصر، مرجع سابق، ص. 14.

[21]- الطرق البديلة لتسوية المنازعات، مرجع سابق، ص. 111.

[22]- منشور لدى جلال ثروت: “نظم الإجراءات الجنائية”، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية 1997، ص. 230.

[23]- يوسف بنباصر، أزمة مسطرة الصلح في القانون و القضاء المغربي:-رصد ميداني لحصيلة التطبيق، و قراءة في أسباب الأزمة و الحلول[23]المقترحة لمعالجتها-،نسخة الكترونية،ص: 19.

– رشيد مشقاقة، دليل النيابة في مسطرة الصلح الزجري،مكتبة دار السلام،الطبعة الأولى،مارس 2004،ص:19.[24]

-رشيد مشقاقة، المرجع السابق،ص19.[25]

– يوسف بنباصر،مرجع سابق،ص:9.[26]

الصلح الزجري، قسم الدراسات و التشريع، مديرية الدراسات و التعاون و التحديث، وزارة العدل، الموقع الرسمي لوزارة العدل و الحريات -[27]

، ص:9.www.justic.gov.ma،23/04/2013

– يوسف بنباصر،مرجع سابق،ص:9[28]

– الفقرتان 2 و4 من المادة 41 من القانون 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية،الجريدة الرسمية عدد5078،بتاريخ 30 يناير 2003،ص:328.[29]

-رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:18.[30]

-رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:56[31]

-يوسف بنباصر،مرجع سابق،ص:9.[32]

– الحبيب بيهي،شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد،منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية،الجزء الأول،ص:301.[33]

– محمد عياط،مرجع سابق،ص:130.[34]

-رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:28.[35]

-الطرق البديلة لتسوية المنازعات،مرجع سابق،ص109[36]

-محمد عياط،دراسة في المسطرة الجنائية المغربية،شركة بابل للطباعة و النشر و التوزيع،الطبعة الأولى،1991،الجزء الأول،ص:66.[37]

-أنظر المواد 36-37-38 من قانون المسطرة الجنائية.[38]

-محمد عبد النباوي،مرجع سابق،ص:110.[39]

-رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:41[40]

-نفس المرجع،ص:41[41]

– الصلح الزجري،مرجع سابق،ص:10.[42]

– رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:44.[43]

– رشيد مشقاقة،نفس المرجع،ص:48-49.[44]

– انظر الملاحق ص :40-43.[45]

– الصلح الزجري،مرجع سابق،ص:2.[46]

– أنظر أهداف مسطرة الصلح.[47]

– محمد عبد النباوي،ص:111.[48]

– حسب الإمكانية المتاحة لها بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 83 من ق.م.ج.[49]

-رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:55.[50]

-رشيد مشقاقة،نفس المرجع،ص:54.[51]

-يوسف بنباصر،مرجع سابق،ص:19[52]

– والتي تعطي للمتهم المتابع في حالة تلبس الحق في تنصيب محام عنه حالا و إلا عين له تلقائيا من طرف رئيس غرفة الجنايات.[53]

-يوسف بنباصر،مرجع سابق،ص:61.[54]

– محمد عبد النباوي،مرجع سابق،ص:110.[55]

– رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:40.[56]

– الفقرة الأخيرة من المادة 41 من قانون المسطرة الجنائية.[57]

[58]-www.justice.gov.ma,op cit,p:6.

– محمد عبد النباوي،مرجع سابق،ص:110.[59]

– رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:75.[60]

[61]www.justice.gov.ma,op cit,p10-.

– رشيد مشقاقة،مرجع سابق،ص:78.[62]

– أنظر المادة 4 من قانون المسطرة الجنائية.[63]

– محمد عبد النباوي،مرجع سابق،ص:111.[64]

– رشيد مشقاقة،يوسف بنباصر.[65]

– أنظر الملاحق ص:45-49.[66]

[67]- www. soussonline.com,15/05/2013

– المصطفى ناظر بوعبيد،الوسيط في الإجراءات القضائية و الإدارية بالنيابة العامة،ص:363.[68]

– المصطفى ناظر بوعبيد،الوسيط في الإجراءات القضائية و الإدارية بالنيابة العامة،ص:362.[69]

– المصطفى ناظر بوعبيد،مرجع سابق،ص:365.[70]