بحث قانوني عميث عن مسؤولية فرنسا عن جرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري

مقدمة:

خضعت دول شمال إفريقيا للاستعمار الذي حاول سلب هوية شعوبها واستنزاف ثرواتها،فارتكب مجازر في حق هذه الشعوب.وتعد الجزائر واحدة من هذه الدول التي ابتليت بهذا البلاء الذي جثم على صدرها أزيد من قرن .
لقد ارتكبت فرنسا أبشع الجرائم في حق هذا الشعب ضاربة عرض الحائط قوانين وأعراف الحرب.وبالرغم من استقلال الجزائر بعد أن دفعت الغالي والنفيس ومطالبة المجتمع المدني خصوصا مساءلة فرنسا بلد الحريات عما اقترفته من جرائم في حق الشعب الجزائري ومطالبنا على الأقل بالاعتذار،إلا أن الماضي الاستعماري لهذه الدولة لازال يسري في عروقها معتقدة أن ما ارتكبته قد طوي مع الاستقلال.
وعليه سنحاول من خلال هذا الموضوع البحث في مسؤولية فرنسا عن جرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري ،وذلك في ضوء قواعد القانون الدولي

المطلب الأول: الوضع القانوني لحرب تحرير الجزائر

يحظر القانون الدولي الإنساني العديد من الأفعال المرتكبة زمن النزاعات المسلحة و التي تتنافى والطبيعة الإنسانية، واعتبرها من قبيل الجرائم الدولية التي توجب العقاب أو التعويض أو كليهما على حسب الأحوال.وعليه فان البحث في موضوع مسؤولية فرنسا عن جرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري يستوجب الوقوف على التكييف القانوني الصحيح لهذه الحرب،وتحديد طبيعة المخالفات الجسيمة لقوانين وأعراف الحرب التي وقعت أثناءها.

المطلب الثاني: التكيف القانوني لحرب “تحرير الجزائر

كانت الجزائر حتى عام 1830 دولة مستقلة كاملة السيادة (1)، ولم تكن مرتبطة بسلطة الباب العالي إلا برباط روحي، وهي رابطة الولاء نحو خليفة المسلمين(2)، وكانت بهذا الوصف عضو في الجماعة الدولية.
في الخامس من يوليو 1830 قادت فرنسا حملتها الاستعمارية لاحتلال الجزائر، وأنزلت قواتها على شاطئ سيدي فرج. وعلى إثر ذلك عقدت اتفاقية هدنة مؤقتة بين قائد الجيش الفرنسي والداي حسين. وفي 22 يوليو 1834 أصدر الملك لويس فليب أمرا بضم الجزائر، إلا أن الوجود الفرنسي لقي مقاومة شديدة والدليل على ذلك أن بعض المدن الجزائرية لم يتم احتلالها إلى حوالي سنتي 1843-1844(3) ، واتخذت المقاومة الجزائرية أشكالا مختلفة منذ دخول المستعمر وإلى حين طرده وإلى الأبد فكانت تارة مسلحة كمقاومة أحمد باي والأمير عبد القادر وغيرهما، وتارة أخرى كانت نفسية، تجلى ذلك في رفض الشعب الجزائري في غالب الأحيان اللجوء إلى أجهزة العدالة التي أقامها المستعمر وتفضيل طرح قضاياه على الجماعة، هذا من جهة، ورفضه الخضوع للقوانين الاستعمارية من جهة أخرى، وتمسكه بهويته الوطنية ورفضه فكرة التجنس.

وإذا كان الأمر قد استتب في النهاية لسلطات الاستعمار، فإن الأمر لم يدم طويلا، إذ جاء يوم الفاتح من نوفمبر 1954 معلنا عن اندلاع ثورة التحرير الكبرى، لتبرهن أن كل ما بني على باطل فهو باطل، ولتؤكد مرة أخرى أن الجزائر للجزائريين.

وبالرغم من توسع العمليات العسكرية لتشمل كافة التراب الوطني، ومسارعة الحكومة الفرنسية لقمعها بشتى الوسائل، إلا أنها اعتبرت الإجراءات التي قامت بها عمل من أعمال البوليس، وأن ما يحدث مسألة داخلية، وتجاهلت بذلك تطبيق أحكام المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف لسنة 1949 (4). فما هو إذن التكيف القانوني لحرب تحرير الجزائر؟ وما مدى تطبيق المادة الثالثة المشتركة عليها؟
لقد كانت حرب تحرير الجزائر فرصة لإبراز التباين في تكيف هذا النوع من النزاعات التي تخوضها الشعوب من أجل تقرير مصيرها ، ودافع إلى إيقاظ الضمير العالمي لوضع هذه النزاعات في مكانها الطبيعي. وسيتضح ذلك جليا من خلال دراستنا لكل من موقف الحكومة والقضاء الفرنسيين (أولا)، ثم استعراض الوضع القانوني للثوار الجزائريين (ثانيا).

أولا: موقف الحكومة والقضاء الفرنسيين:
لما كانت الجزائر في نظر السلطات الفرنسية بمثابة الامتداد الطبيعي لإقليمها(5) ، فقد اعتبرت الثورة ما هي إلا:”Quelque malfaiteurs et bandits”، “Une poignée de rebelles”، “Une Dizaine de groupes de mauvaise garçon”(6) ، وأن الإجراءات المتخذة من قبل القوات الفرنسية عقب أحداث أول نوفمبر 1954لا تخرج عن إطار إعادة النظام المضطرب جراء أحداث ذات طابع محلي ومعزولة(7).

هذا الوضع يعد انعكاس للأكذوبة التاريخية التي تمسكت بها فرنسا، وعبر عنها سياستها أمثال إدغارفو “رئيس الحكومة سنة 1955 الذي قال في حق هذه الدولة إنها لم تكن أبدا أمة ولا دولة في التاريخ”، وديغول ، حينما قال “لم تكن هناك أبدا في أي ظرف من التاريخ وتحت أي شكل، دولة جزائرية، ودافع Antoine Piney” وزير خارجية فرنسا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها العاشرة عن هذه الأطروحة بقوله:”إن الجزائر جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي، ولم تكن أبدا دولة منفصلة. هذه الأكذوبة التاريخية ساندها –للأسف- بعض الفقه العربي أمثال حسين هيكل حينما فال عنها في سنة 1965″ إنها لم تكن أبدا أمة في التاريخ” بل وكتب عنها أحد أبنائها وهو المرحوم فرحت عباس سنة 1936″ لا وجود لشيء اسمه الوطن الجزائري، وعليه فلا داعي للموت من أجل شيء لا وجود له…”، إلا أنه تراجع عن هذه المقولة ودافع عن استقلال الجزائر وبشدة حيث قال سنة 1953 “ليس هناك حل آخر إلا الرشاشات”، وكان بعدها أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة(8).

لقد تجاهل هؤلاء الساسة وأتباعهم بذلك تلك المعاهدات والعلاقات الدبلوماسية التي كانت مقامة بين الجزائر وفرنسا قبل 1830، إلا إذا كان لهم أن يثبتوا أن “فرنسا تعاقدت مع فرنسا”، وأن “فرنسا كانت لها علاقات دبلوماسية مع فرنسا”(9، هذا من جانب، ومن جانب آخر، ما جاء في البيان الفرنسي الموجه إلى الشعب الجزائري غداة الاحتلال، والمتضمن إقرار صريح باحترام سيادة الشعب الجزائري، وهو تصريح بإرادة منفردة مشكلا لالتزام دولي(10)، وأخيرا، وردا على ما كتبه شارل زورغبيب”… ولو افترضنا أنها كانت موجدة فإن الاحتلال و128 عاما من السيطرة الفعلية كانت كافية لنقل السيادة إلى فرنسا”(11)، فإن ذلك يعد ادعاء بلا أساس في القانون الدولي، ذلك لان الاحتلال لا ينقل السيادة (12)، أما الاستناد إلى التقادم فهو فكرة منبوذة في القانون الدولي فقها وقضاء(13، فضلا عن عدم توافر مقوماته، فالجزائر لم تكن أرضا خالية من السكان، كما أن سكانها قاوموا التواجد الأجنبي طيلة مدة الاحتلال، مما يحجب شرط الاستمرارية والثبات(14).صحيح أن هناك في العقبة الطويلة فترات متقطعة من الهدوء، ولكنها كانت فترات من وقف إطلاق النار15)، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، عدم ثبوت فعالية الإدارة الفرنسية في الجزائر، إذ أن الرأي السياسي في فرنسا وقوانينها تجاه الجزائر تبين أن “التراب الجزائري له وضع خاص يختلف عن التراب الفرنسي(16).
وعليه فإن السيادة لم تنقل إلى فرنسا طبقا لمبادئ الديمقراطية وقواعد القانون الدولي فالديمقراطية ترمي إلى أن السيادة لا تنتقل إلا برضى أصحابها، وهو ما لم يحصل أبدا في الجزائر، إلى جانب ذلك، فالقانون الدولي يؤكد أن الاحتلال لا ينقل السيادة ما لم تتم إجراءات ضم شرعية، وهو ما لم تنجح فيه فرنسا(17)

ولقد تأكد الطابع الدولي لحرب تحرير الجزائر مرة أخرى، بالإعلان عن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في 19سبتمبر 1958(18)، والتي تتضح من تسميتها أنها مستجدة وليست منشأة لأول مرة كما تزعم فاليري جيسكار ديستان عندما قال “إنها ولدت أخيرا” أو مسبيل جوبير وزير الشؤون الخارجية الفرنسية في عهد بومبيدو الذي قال أن “الجزائر ولدت في 5 يوليو 1962”. (19)

إذا كان ذلك، هو موقف السلطة فإن القضاء الفرنسي لم يكن أقل منه تطرفا في هذا المجال، حيث أنكر الطابع الدّولي على المقاومة الشعبية المسلحة واعتبرها مجرد حرب أهلية وهو التكيف الذي أخذ به الفقه الدولي بصفة عامة.
ومع ذلك فمحكمة النقض الفرنسية اتجهت في المراحل الأخيرة للنزاع نحو التفرقة بين الثوار أعضاء التشكيلة العسكرية المنظمة، من جهة، والقائمين بالأعمال الإرهابية من جهة أخرى، حيث أفادت المتمردين المنتمين إلى الفئة الأولى والذي يقعون في قبضة العدو نفس الضمانات المقررة لأسرى الحرب20).
ولكن هذه القرارات تبقى محتشمة، بل كما يقول شارل روسو أبقت على المشكلة كاملة(21).
لأن الأصل في حروب المقاومة الشعبية هو استخدام أسلوب حرب العصابات.
والواقع أن هذا الموقف الذي اتخذته محكمة النقض كانت له أهدف سياسية وإنسانية، الغرض منه معاملة الجنود الفرنسيين المعتقلين من طرف السلطات الجزائرية كأسرى حرب، هذا من جانب وإدخال عنصر انفراج نفسي في الوقت الذي قد بدأت فيه المفاوضات بين الطرفين، من جانب آخر22).

إلا أننا من جانبنا نرفض تكيف حرب تحرير الجزائر على أنها حرب أهلية، فهذه الأخيرة توجد حينما يلجأ طرفان متضادان إلى حمل السلاح داخل الدولة الواحدة، ولم تكن الثورة الجزائرية كذلك، ولكنها كانت نضالا من جانب الشعب الجزائري ممثلا في جيش التحرير الوطني ضد قوات أجنبية من أجل تقرير مصيره، وبذلك كانت هذه الثورة نموذجا للمقاومة الشعبية المسلحة في ظل نزاع مسلح ذي طابع دولي .وعليه نخالف ، ما ذهب إليه الدكتور صلاح الدين عامر وبريتون فيليب في هذا الصدد إلى التمييز بين مرحلتين في تكيفهما لحرب تحرير الجزائر، المرحلة الأولى من دخول الاستعمار وإلى حين إعلان الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية كانت الثورة نموذجا للمقاومة المسلحة في ظل نزاع مسلح ذي طابع دولي. (23)

ثانيا: الوضع القانوني للثوار الجزائريين:
لم تعترف فرنسا رسميا بحالة الحرب في الجزائر، ولا بالمحاربين الجزائريين الذين أظهروا للعالم مركزهم كطرف محارب طوال فترة الاحتلال وحتى توقيع اتفاقية إيفيان في 18/03/1962، حيث ذهب جانب كبير من الفقه الفرنسي إلى الادعاء بعدم توافر وصف المحاربين لثوار الجزائر، ومن تم فإن الأحداث التي جرت لم تكن إلا عصيانا داخليا(24، مما يخضع لقانون العقوبات إذ وبالرغم من اعتراف هؤلاء لما تقول جيش التحرير الوطني تنظيم إلا أنهم أنكروا عليه شرط رقابة جزء من الإقليم واحترامه لقوانين وأعراف الحرب(25.

والواقع أن هذا الرأي تنقصه الكثير من الموضوعية، ذلك لأن جيش التحرير الوطني كان على مستوى من التنظيم (26)، وكان يجري القتال بينه وبين القوات الفرنسية بوصفه جيشا نظاميا (27)، حقيقة أن بعض وحداته تقوم بعمليات تستخدم فيها أسلوب حرب العصابات، إلا أن ذلك لم يكن ليغير من الأمر شيئا حتى ولو اقتصر نشاط المقاومة المسلحة على هذا الأسلوب باعتبار أن استخدامه الأصل بالنسبة لها، والتي هي حرب الضعفاء ضد عدو متفوق استعان بقوات الحلف الأطلسي لإبادة وإرهاب الشعب الأعزل، وعليه فالمقاومة بالإرهاب ضد الإرهاب ليس إرهابا (28). بل وبالرغم من ذلك احترم قوانين وأعراف الحرب فلم يكن قطاع طرق كما ادعت فرنسا بل كان خاضعا للقضاء العسكري إلى جانب المحكمة الثورية العليا التي لعبت دورا بارزا في هذا المجال (29)، ومما يؤكد النضج السياسي لديهم قبولهم لتطبيق مجموع اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949.

أما بالنسبة لشرط الرقابة الفعلية بمفهومها التقليدي، فإننا نعترف أنا جبهة التحرير الوطني لم يكن لها ذلك إلا على بعض المناطق النائية، ومع ذلك وكما ذهب -وبحق- الدكتور عبد المجيد بلخروبي إلى القول” بان تواصل المقاومة على كل الإقليم الجزائري، ومظاهرات الشعب كالإضراب ومقاطعة الانتخاب،… فحرب الإستتراف الداخلية، والتأييد الدبلوماسي المحرز عليه من العديد من الحكومات الأجنبية شكلت عنصري الفعالية، هذه الأخيرة من نوع جديد لم يتم دراستها من قبل، لكن رجل القانون مجبر على أخذها في الحسبان لأنها فرضت في الواقع، وكان لها آثار على المستوى القانوني” (30)

ونضيف من جانبنا التأييد الكبير الذي كان يحضى به جيش التحرير الوطني من طرف الشعب، فقد لقي نداء المشاركة في المقاومة المسلحة استجابة كاملة من جانب هذا الأخير واتخذ ذلك النشاط الشعبي شكلا عسكريا تجسد في جيش التحرير الوطني واكتمل تكوينه في مؤتمر الصومام في 20 أغسطس 1956، مع تدرج واضح في الرتب وتحت قيادة مسؤولة، كما كان له لباس رسمي وعلامة مميزة، حيث يحمل كل جندي على كتفة شارة تمثل العلم الجزائري نقشت عليها عبارة جيش التحرير الوطني، وعلى صدره علامة هلال ونجمة. كما أصدر مؤتمر الصومام قرار يمثل القيم الخلقية للشعب الجزائري، حيث حرم الاعتداء ذبحا وتحريم جميع أنواع التمثيل بالجثث، وأن تنفيذ الإعدام لا يتم إلا بعد محاكمة شرعية قانونية يتمكن فيها المتهم من الدفاع عن نفسه، كما أمر بوجوب العناية بالأسرى. (31) وهو ما يشكل عنصر آخر من عناصر الفعالية في مفهومها الجديد، ألا وهي الرقابة على السكان.

وفي المقابل فإن وجهة النظر الجزائرية في شأن الاعتراف للثوار الجزائريين بوصف المحاربين دافع عنها من الناحية القانونية الفقيه محمد بجاوي في كتابه La révolution algérienne et le droit (32)،فحسب هذا الأخير فإن فرنسا قد اعترفت ضمنيا للثوار بوصف المحاربين مستدلا عن ذلك بمسلك الحكومة الفرنسية إزاء نشاطهم؛ حيث اعتبره بمثابة الاعتراف، ومن ناحية ثانية اللجوء إلى القوانين الاستثنائية والذي سلم عمليا سلطات الدولة في الجزائر إلى يد المؤسسة العسكرية، ومن ناحية ثالثة، المصطلحات الحربية المستعملة من طرف الجنرال ذي غول في نداءاته للثوار “Sagesse guerriée, Pais des braves” وأخيرا محاولة التفاوض مع جبهة التحرير الوطني والتي تعد قرينة أخرى على الاعتراف بحالة المحاربين.

وواصل الدكتور محمد بجاوي في طرحه أن سماح بعض الدول بفتح مكاتب لجيش التحرير الوطني على إقليمها، وإرسال ممثلين دائمين لعدد من كبريات العواصم العربية اعتراف من قبل الأغيار بذلك الوصف للثوار الجزائريين(33).

ويضيف الفقهيين محمد بوسلطان وحمان بكاي من جانبيهما في شأن الاعتراف للثوار بوصف المحاربين إلى الاستدلال بحق المتابعة لضرب الثوار في إقليم دول أخرى(34)، كما حدث في ساقية سيدي يوسف في 8 فيفري 1958(35) ونضيف من جانبنا الأمر الذي أصدره الجنرال Salan الحاكم العسكري الفرنسي في 19 مارس 1958 بإنشاء معسكرات للمقاتلين الجزائريين الذين وقعوا في الأسر أثناء حملهم للسلاح كقرينة أخرى في شأن الاعتراف للثوار بوصف المحاربين.
وعليه فإننا نرى أن وضع المحاربين يمكن الاحتجاج به لدى الحكومة الفرنسية للأسباب السابقة ذلك لان الاعتراف الضمني لا يختلف في آثاره عن الاعتراف الصريح بل ذهب الكثير من الفقه الدولي آنذاك إلى الاعتقاد بان حرب الجزائر قد خرجت من إطار كونها مشكلة داخلية(36)، ثم وبعد 37 سنة تخرج فرنسا من ضمتها وتعترف رسميا بحالة الحرب بالجزائر كبديل لما أسمته بعمليات حفظ الأمن في شمال إفريقيا (37) مما يؤكد حقيقة تاريخنا الذي تجاهلته السلطات الفرنسية آنذاك ولجأت إلى القوة لتخلق الحق الذي طالما حلمت به –الجزائر فرنسية- والذي عجزت عن تجسيده وفقا لأحكام القانون الدولي، فتجاهلت بذلك أدنى مقتضيات الإنسانية التي تضمنتها المادة الثالثة المشتركة.

المطلب الثاني: مدى تطبيق قواعد القانون الدّولي الإنساني على حرب تحرير الجزائر:

بغض النظر عن اعتبار مسلك فرنسا إزاء نشاط الثوار يعد اعتراف ضمني أم لا، وآيا كان تكييف الحكومة الفرنسية للثورة الجزائرية، فإن حد أدنى من مقتضيات الإنسانية التي تضمنتها المادة الثالثة المشتركة تكون واجبة التطبيق (38) خاصة وأن فرنسا صادقت على اتفاقيات جنيف الأربعة في 28 يونيو 1951، وبالتالي فإنها تصبح جزء من القانون الداخلي طبقا للدستور الفرنسي(39).

أولا: مدى تطبيق أحكام المادة الثالثة المشتركة على حرب تحرير الجزائر
بالرغم مما سبق، فإن فرنسا رفضت بادئ الأمر تطبيق المادة الثالثة المشتركة(40) ، بدعوى أن تلك الحوادث لم يكن لها طابع النزاع المسلح الداخلي، إلا أن واقع الثورة ومقتضياتها كشف على حقيقة هذا الكفاح الذي واجهته مختلف الحكومات الفرنسية.
وإذا كانت الحكومة الفرنسية قد تراجعت واعترفت بإمكانية تطبيق أحكام المادة الثالثة المشتركة على حرب تحرير الجزائر فإن جبهة التحرير الوطني لم تتأخر بدورها في الإعلان عن نيتها في تطبيق مجموع اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 في فبراير 1956، وأعطت تعليماتها لـ جيش التحرير الوطني.

إلا أن ما تعهدت به فرنسا بقي حبرا على ورق، ونكلت بنود المادة الثالثة المشتركة، وارتكبت بذلك أبشع الجرائم ضد الإنسانية في حق الشعب الجزائري، مجازر جماعية تعذيب بشتى الوسائل كان مرتكبها خريجي مدارس عسكرية مختصة في تكوين الجلادين(41)انتهاك للأعراض وبقر بطون الحوامل، ذبح النساء والشيوخ والأطفال الترحيل القسري للمدنيين من قراهم، وقصفها بأكملها(42) وممارسة الحصار الاقتصادي عليها، وإتباع سياسة الأرض المحروقة فضلا عن الاعتداء على ممتلكاتهم(43)واستنزاف ثروات البلد، كما لجأت فرنسا إلى أبشع أنواع القرصنة، لا يمكن أن يقوم بها إلا الإرهابيون كحادثة اختطاف الزعماء الجزائريين الخمس جوا وهم في طريقهم لتحقيق غاية سليمة وذلك في أكتوبر 1956(44). هذا إلى جانب استعمال قنابل النابالم المحرمة دوليا، وذهب الأمر بالسفاح موريس بابون حاكم باريس ورئيس شرطتها إلى الأبعد من ذلك لينقل تقتيل الجزائريين إلى قلب فرنسا، عندما خرج هؤلاء المهاجرين بمسيرة سليمة للمطالبة برفع حالة الطوارئ المفروضة عليهم، لكن السلطات الأمنية الفرنسية قمعتهم ورمت بآلاف الجزائريين من على نهر السين مرتكبة بذلك جرائم في حق المدنيين .وقد أكدت ذلك مؤخرا شهادات المؤرخ الفرنسي “جون لوك إينودي” الذي اتهم فيها صراحة موريس بابون بالضلوع في هذه الأحداث وإخفاء الحقائق عنها. وقد عرضت هذه القضية لأول مرة على العدالة سنة 1996، وقد جاء في تقرير مستشار الدولة “ماند لكيرم” المسلم لوزير الداخلية جون بيار شوفانمان، ” أؤكد أنه في أكتوبر 1961 شهدت باريس مجزرة اقترفتها قوات تعمل تحت إمرة موريس بابون”. (45).

ولذلك كان من الواجب على أولئك الذين حاكموا النازيون في نور نمبرغ أن يحاكموا الفرنسيين أيضا على ما اقترفوه من أعمال فاقت وحشيت النازية، أما عن المحاكمات فلم تكن تكفل فيها أدنى الضمانات القضائية(، حيث كانت المعلومات تنتزع غالبا تحت التعذيب وهو ما يشكل مخالفات جسيمة ترقى إلى جرائم الحرب. فضلا عن زراعة الألغام المضادة للأفراد بصورة عشوائية، والتي لا تزال إلى اليوم تحصد أرواح الجزائريين، ولم تتوقف عشوائية استخدام الأسلحة المحظورة إلى هذا الحد وإنما تعدى إلى تفجير قنبلتها الذرية في الصحراء الجزائرية برقان.

كل الأعمال السابقة وغيرها لم توجه لمحاربين فقط –والذين عجزت المادة 3 عن كفالة الحماية الدولية لهم- بل طالت إلى المدنيين العزل، وبذلك لم يجد مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين وليد أفكار جون جاك روسو الشهيرة طريقة إلى التنفيذ، وبذلك تأكد مرة أخرى أنه لم يكن إلا وصفة محلية تنقلب إلى عكسها إذا تعلق الأمر بالشعوب الأخرى، مما أثار عدة استنكارات دولية بل ومن داخل فرنسا أيضا (46) ولتهدئة الوضع سارعت حكومة Guy Mollet إلى تكليف لجنة الحقوق والحريات الشخصية للتحقق من احتمال تعسف السلطات المدنية والعسكرية في الجزائر، وقد أشار التقرير الشامل المقدم من طرف رئيسها Pierre Betiélle إلى عدد كبير من حالات الانتهاك الواضحة لهذه الأحكام(47). وبهذا تكون فرنسا قد خرقت قانونها الداخلي والدولي معا.

ثانيا:طبيعة المسؤولية المترتبة عن الجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري
تعرف المسؤولية الدولية بأنها النتائج الحقوقية المترتبة على عاتق شخص من أشخاص القانون الدولي نتيجة انتهاكه أو خرقه التزاما قانونيا (48).وعليه فإن المسؤولية الدولية ترتبط ارتباطا وثيقا بالشخصية القانونية.وإذا كان المتفق عليه إلى يومنا هذا أن مسؤولية الدولة مسؤولية مدنية تنحصر في التعويض والاعتذار وجبر الضرر متى كان ذلك ممكنا.لان الواقع العملي يجعل مسألتها جنائيا أمرا مستحيلا ولهذا السبب فان الأفراد هم فقط من يسأل جنائيا متى ثبت تورطه بأي شكل من الأشكال في ارتكاب الجريمة الدولية.
وعليه فإنه يحق للجزائر المطالبة بالتعويض عن الجرائم المرتكبة في حق شعبها ومسألة مقترفيها الذين لا يزالون على قيد الحياة ،لان الجريمة الدولية نظرا لطبيعتها الخطرة التي تتميز بها أقر مبدأ عدم تقادمها ،وعليه لا يوجد أي قيد زمني للدول لتحمي مواطنيها من العقاب.
كما يحق للدولة الجزائرية مطالبة فرنسا بالتعويض عن ما استنزفته من ثروات طيلة فترة الاحتلال ،والتي تعد جزء من أسباب تخلفنا وذلك استنادا إلى مبدأ الإثراء بلا سبب.

خاتمة

لقد كانت حرب تحرير الجزائر فرصة لإقرار الصفة الدولية لحروب التحرير الوطني من جهة، ودافع إلى إيقاظ الضمير العام العالمي نحو شرعية هذه الحروب من جهة أخرى. لحسم ذلك الجدل القائم في الفقه والقضاء حول التكيف القانوني لمثل هذه الحروب.
وفي خضم التنكر الفرنسي للتكييف الصحيح لهذه الحرب ضربت فرنسا بعرض الحائط جميع الأعراف والاتفاقيات الدولية التي كانت فرنسا آنذاك طرفا فيها. بل وتجاهلت حتى أحكام المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949، والتي تعد الحد الأدنى من مقتضيات الإنسانية المتطلبة في الحرب أيا كانت صفتها. وبذلك ارتكبت أبشع الجرائم ضد الإنسانية في حق شعب أعزل، جرائم لا تقبل التقادم ولا التنازل، كان على المجتمع الدولي أن يحاكم مرتكبوها على أفعالهم الشنعاء، ومن حق الشعب الجزائري أن يطالب بذلك في المحافل الدولية لأنه وإن كانت صفحة الاستعمار قد طويت فإنه لا يمكن أن يطوى معها حق هذا الشعب في مقاضاة مجرمي الحرب خاصة بعد اعتراف فرنسا ذاتها بحقيقة الصيغة الدولية لهذه الحرب بعد 38 سنة من الاستقلال، لأن الإنسانية لا تفرق بين دماء المسلمين والفرنسيين، فللدم لون واحد كما يقول المفكر جان بكتيه.

*—————————-*

الهوامش

(1): كانت الجزائر قبل 1830 دولة تتوافر فيها سائر الشروط المقررة لاكتساب ذلك الوصف، من Territoire، شعب Peuple، وسلطة سياسية Pouvoir، وهي ذات الشروط التي أكدتها محكمة التحكيم المختلطة في الفاتح من أغسطس 1929 في قضية Deutsche Kontinental Gras-Cesellschaft ضد بولونيا جاء فيه:
«un état n’existe qui à la condition de posséder un territoire une collectivité d’hommes habitant ce territoire une paissance publique s’exerçant sur cette collectivité et ce territoire»
أنظر في ذلــك:
Belkherroubi «A» : La naissance et la reconnaissance de la république algérienne, lausanne, 1971, P 71.
وللمزيد من المعلومات حول شخصية الدولة الجزائرية قبل 1830 أنظر: د/ علي أجقوا: “الدولة الجزائرية الأولى PEA 1514-1830” مجلة العلوم الاجتماعية والإنسانية، العدد 2، ديسمبر 1994، ص137: وما بعدها. وأنظر أيضا: نصر الدين ريموش:”حروب التحرير الوطنية، نزاعات دولية بين الدول”، المجلة الجزائرية للعلاقات الدولي، العدد 15، 1989، ص58.
(2):منذ سنة 1671، والداي الجزائري ينتخب محليا من طرف الديوان “البرلمــان” وذلك مدى الحياة، كما كانت الجزائر تبرم المعاهدات الدولية والتي تعد مظهرا من مظاهر سيادتها دون الرجوع إلى الباب العالي حيث أبرمت على سبيل المثال بين (1619-1830) 57 معادة مع فرنسا وحدها. كما أنها أول من اعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1776 وعقدت معها معاهدة سلم وصداقة في 5 سبتمبر 1975، فضلا عن ذلك فهي أول من اعترف بالجمهورية الفرنسية الأولى، وأقرضتها مبالغ مالية لأنقاضها من المجاعة.
للمزيد من المعلومات أنظر : د/أبو القاسم سعد الله: أبحاث في تاريخ الجزائر، ج1، الجزائر، 1981، ص245.
وأيضا، د/أحمد القشيري: قصة الثورة الجزائرية، دار العودة؛ بيروت، د.ت، ص15-18، د/ ملوود نايت بلقاسم: شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، ج1، ط1، دار البحث للطباعة والنشر، قسنطينة، 1985، ص87-88.
(3): أنظر في ذلك: نصر الدين ريموش: المرجع السابق، ص58.
(4): لأن فرنسا رفضت اعتبار ما يجري في الجزائر بأنه مسلح حسب مضمون المادة الثالثة المشتركة أنظر في ذلك
Bothe «M» : «conflits armés interne et droit international humanitaire», R.G.D.I.P, Tome 82, 1978, P 84.
(5): أنظر في شأن الشخصية القانونية للجزائر داخل الجمهورية الفرنسية
Belhherroubi «A». Opm Cit , PP. 20-21.
(6): Ibidm P 51.
(7): Sioties «J»: le droit de la guerre et les conflits armes d’un caractère non –internationale,
(8): وللمزيد من المعلومات حول هذه المواقف أنظر: د/مولود قاسم نايت بالقاسم: شخصية الجزائر الدولية وهيبتها العالمية قبل 1830، ج1، المرجع السابق، ص 30-38، ود/ بسام العسلي: الصراع السياسي على نهج الثورة الجزائرية، دار النفائس بيروت، 1982، ص78، ود/سعيد شعير: النظام السياسي الجزائري، دار الهدى للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، 1986، ص16.
(9): د/أحمد الشقيري: المرجع السابق، ص18.
(10): لقد أكدت محكمة العدل الدولية في قضية التجارب النووية في المحيط الهادي سنة أن التصريح بإرادة 1973 منفردة “La déclaration de volonté unilatérale” مصدر للالتزام الدولي، وهو ما أكدته من قبلها المحكمة الدائمة للعدل الدولية في قضية جيريلاندا الشرقية سنة 1933، أنظر حكم العدل الدولية في قضية التجارب النووية في المحيط الهادي:
C.I.J , Recueil, 1974, PP, 267-270.
(11): د/شارل زورغيب: الحرب الأهلية، ترجمة أحمد برو، منشورات عويدات، بيروت، ط1، 1981، ص 176.
(12): فكما يقول مونتسيكو “Montesauieu” في هذا الصدد”… إن سلطة الاحتلال الناجمة عنه، وإن كان لها الفعل فليس لها الحق، ” أو كما يقول الدكتور محمد بجاوي رئيس محكمة العدل الدولي”… إن الاحتلال لا يعطي أبدا سندا اكتساب قطعي”.
أنظر عن هذه الآراء: د/نصر الدين ريموش: المرجع السابق، ص55.
(13): يستند الفقه الرافض لفكرة التقادم كسبب من أسباب اكتساب الأقاليم أمثال “De Martens” إلى عدم وجود أي حكم صادر من المحاكم الدولية يستند في أسبابه إلى هذه الطريقة من طرق اكتساب الأقاليم.
أنظر في ذلك: د/منى محمد مصطفى: الاعتراف بالدولة الجديدة، دار النهضة العربية القاهرة، 1989، ص49.
(14): د/ نوري مرزة جعفر: المنازعات الإقليمية في ضوء القانون الدولي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1992، ص78.
(15): د/أحمد القشيري: المرجع السابق، ص18.
(16): د/محمد بو سلطان وحمان بكاي: القانون الدولي العام، وحرب تحرير الجزائر، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص119-124.
(17): المرجع نفسه، ص124.
(18): للمزيد من المعلومات حول الـحكومة الجزائرية المؤقتة أنظر: د/ زهير الحسين: المرجع السابق، ص178-180.
(19): د/ مولود قاسم نايت بلقاسم: شخصية الجزائر الدولية، وهيبتها العالمية قبل 1830، ج1، المرجع السابق، ص31-41.
(20): حيث عبرت المحاكم الفرنسية بنوعيها-العادية والإدارية- عن وجهة نظرها فيما يخص تكيف حرب تحرير الجزائر على النحو الآتـــي:
La Jurisprudence… sur les aspects internationaux de l’affaire algérienne et hésitante et nuancée, elle peut cependant être ordonnée autour de deux traits principaux… la guerre d4algérien nest pas un conflit international mais elle est une guerre civile”
Belkherroubi «A» : Op.Cit, P 52.
(21) :Brettons «P» . Le droit de la Guerre, L.A.G Paris, 1971, P 10.
(22) : Belhherroubi «A». Op.Cit P 53.
Brettons «P». Op.Cit P 53.
(23): د/شارل زورغيب: المرجع السابق، ص249، وأنظر أيضا:
Brettons «P» Op.Cit, P 53.
وهذا ما حدث غداة الحرب العالمية الثانية، حيث عومل أعضاء الجيش الهندي بكثير من التساهل لأن معظم المحاكمات كانت تدور في الوقت الذي كانت تجري فيه مفاوضات حول استقلال الهند.
(24): أنظر في ذلك: د/صلاح الدّين عامر: المقاومة الشعبية المسلحة في القانون الدولي العام، دار الفكر العربي، القاهرة، د.ت ص394و Brettons «P» : Op, Cit, P 9.
(25): د/زهير الحسني: مصادر القانون الدولي، منشورات جامعة قار يونس، بنغازي، 1993،ص 166.
(26): يقول M-Lauvent lucchini في هذا الصدد.
” L’affaire d’Algérie étant une affaire interne française, les opérations militaires qui s’y déroulaient ne constituaient pas juridiquement t des faits de guerre”
Belkherroubi «A» : Op, Cit ; P 55, Note (3).
(27): Belkhrroubi «A»: Op.Cit, P 64.
(28): Bedjaoui «M»: la Révolution Algérienne et le droit, Edition de l’association international des juriste démocrates, Bruxelles, 1961, P 50ss.

(29): لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع أنظر:
د/بسام العسلي : الثورة الجزائرية، ط1، دار الشورى، بيروت، د.ت، ص415.
وأيضا، د/محمد العربي الزبيري: الثورة الجزائرية في عمها الأول، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1984، ص399.
(30): د/صلاح الدين عامر: المقاومة الشعبية في القانون الدولي، المرجع السابق، ص 498.
(31): د/محمد بو سلطان وحمان بكاي: المرجع السابق، ص129.
(32) : Belkherroubi «A» : Op.Citm P 87-90.
(33): ويظهر ذلك في مساعدة الشعب للثوار بالمعونة وبالانخراط في صفوفه، بحيث لم تكن الحاجة إلى إعلان التعبئة العامة بل ثارت مشكلة عكسية وهي رفض ALN طلبات للانخراط في صفوفهم تقدم بها أفراد الشعب بدافع وطنيتهم. فضلا عن الاستجابة الواسعة للإضراب الأسبوعي.
للمزيد من المعلومات أنظر في ذلك:
Belkherroubi «A» : Op.Cit, P 48-49.
(34) :Ibid , PP 153-178.
(35): باشرت البحرية الفرنسية أثناء حرب الجزائر تفتيش العديد من السفن الأجنبية في أعالي البحار وفي كثير من الأحيان كانت تحولها إلى ميناء الجزائر، وقد كيفت الحكومة الفرنسية تلك الإجراءات بأنها دفاع “شرعي Défense légitime”
والواقع أن هذا التكيف غير مؤسس لأن شروط الدفاع الشرعي غير متوفرة.
Belkherroubi«A» : Op.Cit, PP 53-56.
(36): Bedjaoui «A» : Op.Cit, PP190-204.
(37): د/محمد بو سلطان وحمان بكاي: المرجع السابق، ص138-139.
(38): أنظر في تقدير تلك الأسس المقدمة من طرف الدكتور محمد مجاوي:
Belkherroubi «A» : Op.Cit, PP 65-68.
(39): Green «L-G»: Le statut des forces rebelles ent droit internationale, » R.G.D.I.P 1962, P 33.
(40): لقد صادقت الجمعية الوطنية الفرنسية يوم الخميس 10 يونيو 1999 على مشروع قانون قدمته المجموعة الاشتراكية يعوض في النصوص التشريعية والنظامية عبارة العمليات التي تم القيام بها بشمال إفريقيا بتسمية “حرب الجزائر” وسيطرح هذا القانون على مجلس الشيوخ قبل تقديمه من جديد أمام الجمعية الوطنية، ويعتبر كاتب الدولة المكلف بقدماء المحاربين” جون بيار ما سري” هو الذين أعطى دفعا لهذا الملف على مستوى الحكومة، حيث قال مؤخرا:”1.7 مليون فرنسي عبثوا في الجزائر وقتل 24 ألفا منهم، وجرح 60 ألفا ولا أجد سوى كلمة الحرب لوصف كل هذا”.
فهل من شأن هذا الاعتراف تحديد المسؤوليات؟، وإجبار فرنسا على فتح الأرشيف بعد 37سنة من التغاضي، أم هو نوع من الاستعراض؟
أنظر عن هذا الموضوع: فرنسا تعترف بـ “حرب الجزائر”، جريدة الخبر الجزائرية، السبت 12 جوان 199، ص4.
(41) :C.I.J Recueil P 114.
(42): طبقا للدستور الفرنسي فإن المعاهدة الدولية عند التصديق عليها تصبح جزء من القانون الداخلي، كما قرر سموها عن قواعد القانون الداخلي.
أنظر في ذلك :
Siotis «J» :: Op.Cit, P 216, et, Bothe «M» : Op.Cit, P 84.
(43) : abada «A» : « les guerres de libération nationale et le droit humanitaire contemporain », R.A.R.Im 1986m N02m P 125.
(44): وفي 20 جوان 1960 قدمت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى المجلس الفيديرالية عن طريق الحكومة الليبية وثائق انضمامها إلى اتفاقات جنيف الأربعة لسنة 1949، وقد قبل هذا الانضمام من طرف فرنسا بالرفض.
أنظر في ذلك: د/محمد سلطان وحماي بكاي: المرجع السابق، ص 145.

(45 أنظر للمزيد من المعلومات حول سبل التعذيب: د/علي تابليت: ” من جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر”، مجلة الذاكرة، العدد2، 1995، ص57، وأيضا، د/ عمار قليل: ملحمة الجزائر الجديدة، دار البعث، الجزائر، ج1، ط1، 1991، ص41-46، ود/ يحي بوعزيز: ثورات الجزائر في القرنين 19-20، دار البعث للطباعة والنشر، الجزائر، 1980، ص401.

(47): أنظر في ذلك:
Bedjaoui «M» :Op.Cit, PP 244-246.
(48)بن عامر التونسي،أساس مسؤولية الدولة أثناء السلم في ضوء القانون الدولي المعاصر،رسالة دكتوراه،جامعة القاهرة،كلية الحقوق،1989،ص1

* إعداد الدكتورة/رقية عواشرية *
أستاذة محاضرة”أ” بكلية الحقوق
جامعة باتنة-الجزائر