مسؤولية رجل الشرطة عن التفتيش الباطل – الإمارات

مقال حول: مسؤولية رجل الشرطة عن التفتيش الباطل – الإمارات

المسؤولية الجنائية لرجل الشرطة عن التفتيش الباطل

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

تنص المادة (241) من قانون العقوبات الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة أجرى تفتيش شخص أو مسكنه أو محله في غير الأحوال التي ينص عليها القانون أو دون مراعاة الشروط المبينة فيه مع علمه بذلك».

وبهذا النص، يجرم المشرع الإماراتي قيام الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة بإجراء تفتيش باطل مع علمه بذلك. والمصلحة المحمية بهذا التجريم هي ضرورة صيانة الحرية الفردية وحرمة المسكن. بيان ذلك أن الدساتير المقارنة ومن بينها الدستور الإماراتي تحرص على حماية الحرية الفردية وحرمة المسكن، فلا تجيز القبض على أحد أو تفتيشه أو حجزه أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، ولا تجيز دخول المساكن بغير إذن أهلها إلا وفقا لأحكام القانون وفي الأحوال المحددة فيه.

ويبين قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي الأحوال التي يجوز فيها تفتيش الشخص أو المسكن والشروط الواجب مراعاتها عند القيام بهذا الإجراء. فإذا أجرى رجل الشرطة التفتيش بالمخالفة لحكم القانون مع علمه بذلك، فإن التفتيش يكون باطلا ويهدر كل دليل يسفر عنه.

ولا يجوز بالتالي الاستناد إلى هذا الإجراء الباطل أو التعويل عليه. وتأكيدا للحرص على حماية الحقوق والحريات الشخصية،لم يكتف المشرع بتقرير بطلان التفتيش المخالف للقانون، وإنما يقرر كذلك وقوع التفتيش الباطل تحت طائلة التجريم، متى ثبت علم الجاني بالمخالفة وتعمده إتيانها.

وتقوم جريمة إجراء تفتيش باطل على ثلاثة أركان، هي: صفة الجاني، والركن المادي، والركن المعنوي.

صفة الجاني: لا يتوافر النموذج القانوني لهذه الجريمة إلا إذا كان الجاني موظفا عاما أو مكلفا بخدمة عامة

. والمرجع في تحديد صفة الموظف العام إلى المادة الخامسة من قانون العقوبات الاتحادي – معدلة بموجب القانون الاتحادي رقم (34) لسنة 2005م – والتي تنص على أن «يعتبر موظفا عاما في حكم هذا القانون:

1- القائمون بأعباء السلطة العامة والعاملون في الوزارات والدوائر الحكومية.

2- منتسبو القوات المسلحة.

3- رؤساء المجالس التشريعيةوالاستشارية والبلدية وأعضاؤها.

4- كل من فوضته إحدى السلطات العامة القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه.

5- رؤساء مجالس الإدارات وأعضاؤها والمديرون وسائر العاملين في الهيئات والمؤسسات العامة.

6- رؤساء مجالس الإدارات وأعضاؤها والمديرون وسائر العاملين في الجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام».

وتعرف الفقرةالثانية من ذات المادة المكلف بخدمة عامة بأنه «كل من لا يدخل في الفئات المنصوص عليها في البنود السابقة ويقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناء على تكليف صادر إليه من موظف عام يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة وذلك بالنسبة إلى العمل المكلف به».

ورغم أن المشرع ينص على أن صفة الجاني في هذه الجريمة تتحدد في «كل موظف العام أو مكلف بخدمة عامة»، فإن بعض الفقه يرى أن صياغة النص وعنوان الفصل الذي ورد فيه تستلزم القول بأن المشرع قد قصد فئة معينة من ذوي الصفة العمومية هم مأموري الضبط القضائي الذين من اختصاصهم القيام بإجراءات التحقيق الابتدائي والموظفين الذين يسمح لهم بالتفتيش في ظروف معينة مثل حالات التفتيش الإداري. فهذه الجريمة – على حد قول صاحب هذا الرأي – لا يرتكبها أي شخص يحمل لواء الوظيفة أو الخدمة العامة، وإنما طائفة منهم هي تلك القائمة على التحقيق الابتدائي. ومؤدى ذلك أن المشرع قد أراد بهذه الجريمة أن تكون جزاء جنائيا يضاف إلى بطلان إجراء التفتيش([1]).

والواقع أن الجاني في هذه الجريمة – غالبا – مايكون أحد مأموري الضبط القضائي، ولكن ليس ثمة ما يمنع من أن تقع الجريمة من غيرهؤلاء بشرط توافر صفة الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في فاعل الجريمة. ولعل أبرز مثال على ذلك يكمن في حالة تفتيش الأنثى، حيث يستلزم المشرع أن يكون تفتيش الأنثى «بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي بعد تحليفها يمينا بأن تؤدي أعمالها بالأمانة والصدق» (المادة 52 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي). فالأنثى المنتدبة للتفتيش تعد مكلفة بخدمة عامة، ويجوز بالتالي أن تقع منها جريمة التفتيش الباطل.

الركن المادي: عبر المشرع عن الركن المادي لجريمة التفتيش الباطل بقوله «أجرى تفتيش شخص أو مسكنه أو محله في غير الأحوال التي ينص عليها القانون أو دون مراعاة الشروط المبينة فيه». ويستفاد من العبارة السابقة أن الركن المادي لهذه الجريمة يقوم على عنصرين: (الأول) تفتيش شخص أو مسكنه أو محله. (الثاني) أن يكون هذا التفتيش بغير حق، وذلك بأن يتم في غير الأحوال التي ينص عليها القانون أو دون مراعاة الشروط المبينة فيه.

الركن المعنوي: جريمة إجراء تفتيش باطل هي جريمة عمدية، فلا يقع التفتيش الباطل تحت طائلة التجريم والعقاب إلا إذا أتى الجاني فعله عمدا. ويعني ذلك أن الركن المعنوي لجريمة التفتيش الباطل يتخذ صورة وحيدة، هي صورة القصد الجنائي. فلا يعاقب المشرع على هذه الجريمة بوصف الخطأ. وغني عن البيان أن القصد الجنائي يقوم على عنصرين، هما العلم والإرادة المنصرفان إلى كافة عناصر الجريمة.

العقوبة المقررة: يعاقب المشرع على جريمة التفتيش الباطل العمدي بالحبس مدة لا تقل عن سنة. ومؤدى ذلك أن هذه الجريمة ينطبق عليها وصف الجنحة. وقد قيد المشرع الحد الأدنى لعقوبة الحبس بحيث اشترط ألا يقل عن سنة، ولكن أخذ بالحد الأقصى العام وهو ثلاث سنوات.

—————————————————

([1]) د. عمر سالم، الوجيز في شرح قانون العقوبات الاتحادي. القسم الخاص، الجزء الأول،جرائم الاعتداء على المصلحة العامة، مطبوعات كلية شرطة أبو ظبي، دولة الإمارات العربية المتحدة، 1995، ص 44.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.