مدى المقاربة و المفارقة بين الحجز لدى الغير و الإشعار للغير الحائز

مصطفى التراب
الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط

مقدمة:
يطرح الحجز لدى الغير المنصوص عليه في الباب الخامس من القسم التاسع من قانون المسطرة المدنية الذي خصصه المشرع لطرق التنفيذ ، والإشعار للغير الحائز المنصوص عليه في القانون رقم97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، عدة إشكالات قانونية وصعوبات عملية وتطبيقية جعلت المحاكم تختلف في كثير من الأحيان عن بعضها في طريقة معالجتها لها، والخروج منها باتجاهات موحدة، وذلك نظرا لما يكتنف صياغة النصوص التشريعية المنظمة لهذه المقتضيات من غموض وتعقيد من جهة، ولعدم استقرار العمل القضائي خصوصا منه المتعلق بالمجلس الأعلى – عند تطبيقه لهذه النصوص – على مبادئ واحدة وقواعد متواترة من شأنها أن توحد توجهات قضاة الموضوع من جهة أخرى.
فإذا كان كل من الحجز لدى الغير والإشعار للغير الحائز، يشكلان معا آلية قانونية تمكن الدائن بدين خصوصي بالنسبة للأول، والدائن بدين عمومي بالنسبة للثاني من استخلاص دينه من يد الغير، ويتحدان بالتالي في النتيجة التي يرغب كل دائن في الوصول إليها، وهي استخلاص الدين بطريق غير مباشر من يد الغير بدل استخلاصه مباشرة من يد الدائن، ولا يختلفان إلا في التسمية أو المصطلح، فإنهما مع ذلك يتميزان عن بعضهما في كثير من الجوانب.
لذا فإننا سنعمل في هذه المحاولة التأصيلية للموضوع، أن نبين أوجه التشابه والخلاف بينهما، ونتطرق تباعا للحجز لدى الغير في إطاره التحفظي وأيضا حينما يكتسي طابعا تنفيذيا مع بيان الجهة القضائية المختصة بالنظر في المصادقة عليه حسب كل حالة، ونطاق اختصاص قاضي المستعجلات بالنظر في طلب رفعه، ثم نحاول بعد ذلك تأصيل الجوانب المتعلقة بالإشعار للغير الحائز كإجراء تنفيذي لتحصيل الديون العمومية، وإبراز ما إذا كانت المنازعة فيه ذات طبيعة وقتية يختص بالنظر فيها قاضي المستعجلات، أم ذات طبيعة موضوعية يرجع الاختصاص فيها لمحكمة الموضوع، مع بيان ما إذا كان يتعين على المحصل إخضاع الإشعار للغير الحائز لقاعدة تدرج المتابعات، أم يمكن مواجهة الملزم به في أي مرحلة من مراحل مسطرة التحصيل، مع التركيز في كل ذلك على أحدث القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى التي وإن كان بعضها متباينا في التوجه، فإن من شأنها مع ذلك المساهمة إلى حد كبير في إغناء النقاش، والوصول بالإشكالات المطروحة إلى ما يدعو إلى تأصيل وتقعيد الحلول الممكنة لها.
أولا: الحجز لدى الغير
لقد سبقت الإشارة إلى أن المشرع في قانون المسطرة المدنية، أورد الحجز لدى الغير ضمن القسم التاسع الذي خصصه لطرق التنفيذ، فهل معنى هذا أنه إجراء تنفيذي أي طريق من طرق التنفيذ؟ أم يمكن أن يكون إجراء تحفظيا ولو أنه جاء ضمن المقتضيات القانونية المتعلقة بالتنفيذ؟
باستقرائنا للفصل 491 من قانون المسطرة المدنية[1] يتضح لنا أن المشرع المغربي سار في الاتجاه الذي يعطي للحجز لدى الغير طابعا مختلطا، بحيث حتى إذا لم يكن هناك سند تنفيذي، فيمكن للدائن استصدار أمر بالحجز لدى الغير من رئيس المحكمة إذا كان يتوفر على دين ثابت[2] وذلك في إطار الأوامر المبنية على طلب بشرط الرجوع إليه في حالة وجود صعوبة، فالطابع التحفظي للحجز لدى الغير يتجلى في مرحلته الأولى وهو غل يد المحجوز عليه من التصرف في الأموال المحجوزة، وفي نفس الوقت منع المحجوز لديه من تسديد ما بذمته لفائدة المحجوز عليه، بينما يتجلى طابعه التنفيذي في مرحلته اللاحقة المتعلقة بالتصحيح أو المصادقة، بحيث ينقلب هذا الحجز من الطابع التحفظي إلى الطابع التنفيذي.
أما الحجز لدى الغير الذي يتم بناء على سند تنفيذي، فيكون له الطابع التنفيذي منذ أن يتولى مأمور التنفيذ القيام بإجراءات هذا الحجز في إطار قواعد التنفيذ الجبري وذلك بصفة تلقائية أي بدون حاجة إلى استصدار أمر من رئيس المحكمة من قبل الدائن أو طالب التنفيذ، وأن خضوع هذا النوع من الحجز لدى الغير أيضا لمسطرة المصادقة ليس هو الذي يضفي عليه الطابع التنفيذي كما هو الشأن بالنسبة للحجز لدى الغير الذي يتم بناء على أمر قضائي، وبمعنى آخر فإن الحجز لدى الغير حينما يتم مباشرة من قبل مأمور التنفيذ، يكون له الطابع التنفيذي بداية ونهاية أي بدءا بتبليغ محضر الحجز لدى الغير إلى غاية المصادقة عليه مادام قد تم بناء على سند تنفيذي، وحينما يتم بناء على أمر من رئيس المحكمة في إطار الأوامر المبنية على طلب، يكون له الطابع التحفظي بداية أي بمجرد صدور الأمر وتبليغ محضر الحجز للأطراف، بينما يتحول إلى إجراء تنفيذي بعد المصادقة عليه[3].
الحجز لدى الغير بناء على أمر قضائي:
إذا كان الدائن يتوفر على دين ثابث بمعنى أن يكون هذا الأخير محققا في وجوده ولو لم يكن معلوما في مقداره، فإنه يمكن أن يستصدر من رئيس المحكمة[4] أمرا بالحجز لدى الغير في إطار الأوامر المبنية على طلب وذلك عملا بمقتضيات الفصول148 و488 و491 من قانون المسطرة المدنية، ولا يصح الدين الاحتمالي لجعل الحجز لدى الغير ضامنا له، كما لو تعلق الأمر بدعوى تعويض لم يصدر حكم بشأنها بعد، أما الدين المقرون بأجل، فيمكن أن يصدر أمر بالحجز لدى الغير لضمانه ولو قبل حلول أجله وذلك بمسعى من الدائن، إلا أن هذا الحجز يبقى تحفظيا طبقا للفصل 138 من ق ع ل ولا يتأتى تصحيحه ما لم يحل أجل الدين أو يفقد المدين ( المحجوز عليه ) مزية الأجل نتيجة لأحد الأسباب الواردة في الفصل 139 من نفس القانون.
كما يمكن إجراء حجز لدى الغير بناء على أمر قضائي في الحالة التي يكون فيها الدائن قد صدر لفائدته حكم ابتدائي بأداء دين، إلا أنه لا يتم تصحيح هذا الحجز إلا بعد أن يصير الحكم المذكور حائزا لقوة الشيء المقضي به إما عن طريق البت في الاستئناف أو في التعرض إذا كان الأمر يتعلق بقرار استئنافي غيابي.
الأثر القانوني المترتب عن الحجز لدى الغير الصادر بناء على أمر قضائي:
إن من أهم الآثار القانونية التي يمكن ترتيبها على الحجز لدى الغير الذي بني على أمر قضائي، هو أنه يمكن الرجوع فيه إلى رئيس المحكمة عند وجود صعوبة، وهو ما نص عليه الفصل 491 من قانون المسطرة المدنية صراحة، ذلك أن الأمر بالحجز لدى الغير يصدر في غيبة الأطراف تحقيقا لعنصر المباغثة الذي يشكل دورا أساسيا في الحجز، وبالتالي فإنه لا يتأتى للمحجوز عليه إبداء أوجه دفاعه حول الحجز المطلوب في مواجهته، إلا أن المشرع رغبة منه في تحقيق التوازن بين مصلحة الطرفين، منح للمحجوز عليه إمكانية اللجوء إلى رئيس المحكمة المصدر للأمر بالحجز لدى الغير، وهذه المرة بصفته قاضيا للمستعجلات طبقا للفصل 149 من نفس القانون من أجل النظر- في إطار مسطرة تواجهية – في عوارض الحجز التي يطرحها الطالب ( المحجوز عليه) كأن يدعي الوفاء بالدين الذي تقرر الحجز بسببه ، ويطلب تبعا لذلك بالتراجع عن الأمر بالحجز لدى الغير، أو برفع الحجز، ويبقى لرئيس المحكمة بتلك الصفة المشار إليها أعلاه، تقدير ما إذا كانت تلك العوارض جدية أم لا، مع الأخذ بعين الاعتبار طبعا لمدى توافر الشرطين اللذين ينعقد بهما اختصاص قاضي المستعجلات المنصوص عليهما في الفصلين 149 و 152 من قانون المسطرة المدنية وهما: الاستعجال وعدم المساس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر.[5]
مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير الصادر بناء على أمر قضائي:
لقد سبق أن أشرنا من قبل إلى أن الحجز لدى الغير الذي يصدر بناء على أمر قضائي، يبقى محتفظا بطابعه التحفظي، ولا يتحول إلى إجراء تنفيذي إلا بعد المصادقة عليه من قبل الجهة القضائية المختصة، فبعد صدور الأمر بالحجز لدى الغير، يتقدم من صدر هذا الأمر لصالحه (أي طالب الحجز) بطلب تبليغ وتنفيذ هذا الأمر إلى كتابة ضبط المحكمة التي صدر عنها الأمر، فيتم فتح ملف الحجز لدى الغير بقسم التنفيذ، ويتولى مأمور التنفيذ على الفور وبكيفية مستعجلة تحقيقا لعنصر المباغثة وطبقا للفصل 492 من ق.م.م بتبليغ محضر الحجز لدى الغير- مرفقا بنسخة من الأمر بالحجز ونسخة من السند المثبت للدين إن وجد – إلى المحجوز عليه ونفس المحضر يبلغ للمحجوز لديه[6]، ويضمن كاتب الضبط جميع الحجوز لدى الغير في السجل المنصوص عليه في الفصل 493 من القانون المذكور، حتى يمكن التعرف على أسماء وعناوين الدائنين المسجلين به عند استدعائهم لجلسة الاتفاق الودي على توزيع المبالغ المحجوزة المنصوص عليها في الفصل 494 ، وهي الجلسة التي يتولى رئيس المحكمة[7] بصفته هاته – وليس بصفته قاضيا للمستعجلات – باستدعاء الأطراف إليها بعد أن تتولى كتابة الضبط فتح ملف الاتفاق الودي بصفة تلقائية ( أي بدون حاجة إلى تقديم أي إجراء مسطري كطلب أو غيره من قبل طالب الحجز) وذلك خلال الثمانية أيام الموالية للتبليغ المشار إليه أعلاه، ويشعر المحجوز لديه في الاستدعاء الموجه إليه، بضرورة إدلائه بالتصريح الإيجايي الذي يتعين عليه الإفضاء به، وإلى الجزاء الذي يمكن أن يترتب عليه في حالة عدم حضوره الجلسة أو عدم إدلائه بهذا التصريح[8] ، الذي وإن تمت تسميته في النص ” بالإيجابي” فإنه قد يكون سلبيا كأن يصرح المحجوز بين يديه – إن كان مؤسسة بنكية مثلا – بأن المحجوز عليه لا يتوفر على رصيد دائن أو أن هذا الرصيد لا يغطي الدين المضمون بالحجز … كما أن هذا التصريح سواء كان إيجابيا أو سلبيا يمكن أن يفضي به المحجوز بين يديه لمأمور التتنفيذ ساعة تبليغه بمحضر الحجز والذي يعمل على تأكيده في الجلسة المذكورة التي يستدعى إليها.
فإذا حصل الاتفاق في هذه الجلسة بين الأطراف الذين تم استدعاؤهم إليها بمن فيهم الدائنون الذين قد يكونون مسجلين في السجل المشار إليه أعلاه على توزيع الأموال المحجوزة، فإنه يتم تحرير محضر بذلك وتسلم قوائم التوزيع فورا، أما إذا لم يحصل اتفاق فيحرر محضر بذلك أيضا.
ونؤكد هنا على أن الدائن الذي يستصدر الأمر بالحجز لدى الغير من رئيس المحكمة، يكون قد استند في طلبه له إلى سند مثبت للدين الذي قد يكون اعترافا بدين أو شيك أو كمبيالة .. بمعنى أن النزاع حول الدين لم يحسم قضائيا بعد، بحيث إذا لم يقع الاتفاق على توزيع الأموال المحجوزة بين الأطراف بسبب منازعة المحجوز عليه في الدين، فإن رئيس المحكمة لا يمكنه في هذه الحالة الحسم في هذه النقطة، ويتأكد فيما إذا كانت هناك دعوى المطالبة بالدين رائجة أمام المحكمة أم لا، فإن كانت رائجة، فإنه يعمل على توقيف إجراءات المصادقة على الحجز لدى الغير إلى أن يصدر حكم نهائي بشأن تلك الدعوى، أما إذا لم تكن أي دعوى رائجة بالمرة، فهنا ينتهي دور رئيس المحكمة عند الإشهاد للأطراف على عدم حصول الاتفاق بينهم على توزيع الأموال المحجوزة، ويوجه طالب الحجز في المحضر المتضمن لذلك بتقديم دعوى المصادقة على الحجز لدى الغير أمام الجهة القضائية المختصة وهي محكمة الموضوع[9] بصفتها الجهة المؤهلة لحسم النزاع المتعلق بالدين الذي تقرر الحجز ضمانا له، وهذا يؤكد على أن محكمة الموضوع وهي تنظر في دعوى المصادقة على الحجز لدى الغير إذا تبين لها بأن الدين ثابت، فإنها تصدر حكما بالمصادقة على الحجز لدى الغير والذي يتم تنفيذه بعد أن يصير نهائيا وحائزا لقوة الشيء المقضي به وفقا للفصل 428 من ق.م.م.
الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي:
في حالة وجود سند تنفيذي، أمكن لمأمور التنفيذ في إطار التنفيذ الجبري، إجراء حجز ما للمدين لدى الغير باعتباره طريقا من طرق التنفيذ وذلك بصفة تلقائية ومباشرة وبدون حاجة إلى استصدار أمر قضائي عملا بمقتضيات الفصل 491 من ق.م.م، بحيث أن الحجز لدى الغير يكون في هذه الحالة حجزا تنفيذيا يباشره مأمور الإجراءات الجارية مسطرة التنفيذ أمامه[10]، والسند التنفيذي هو السند المذيل بالصيغة التنفيذية[11] المنصوص عليها في الفصل 433 من ق.م.م ، ويدخل في عداده ما يلي:
– الأحكام النهائية أو الأحكام القابلة للتنفيذ كالأوامر الاستعجالية والأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل؛
– الأحكام الصادرة عن محاكم أجنبية بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية طبقا للفصل 430 من ق.م.م؛
– أحكام المحكمين بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية طبقا للفصل 322 من نفس القانون؛
– العقود المبرمة بالخارج أمام الضباط والموظفين العموميين المختصين بعد إعطائها الصيغة التنفيذية طبقا للفصل 432 من نفس القانون؛
الأثر القانوني المترتب عن الحجز لدى الغير بناء على سند قانوني:
إن أهم أثر قانوني يترتب عن الحجز لدى الغير المنجز بناء على سند تنفيذي، هو أن المطالبة برفعه أو بطلانه يقتضي حتما الطعن في إجراءات التنفيذ، فالطعن في هذا الحجز الذي يتسم بالطابع التنفيذي هو طعن موضوعي، وبالتالي فإن دعوى البطلان تقدم أمام محكمة الموضوع،على اعتبار أن رفع الحجز لدى الغير في هذه الحالة يعني القول ببطلان إجراء من إجراءات التنفيذ وهذا الأمر لا يتأتى إلا لقاضي الموضوع للفصل فيه، ولا يتأتى لقاضي المستعجلات لمساس ذلك بجوهر الحق[12] بخلاف المطالبة برفع الحجز لدى الغير الذي يصدر بناء على أمر قضائي، فإنها- كما أشرنا إلى ذلك من قبل – تقدم أمام رئيس المحكمة بصفته قاضيا للمستعجلات الذي يتم الرجوع إليه في حالة وجود صعوبة اعتبارا للطابع الوقتي والتحفظي الذي يتسم به هذا الحجز.
المصادقة على الحجز لدى الغير المنجز بناء على سند تنفيذي:
يتضح من استقراء مقتضيات الفصل 494 من ق.م.م أن المشرع لم يفرق بين الحجز لدى الغير بناء على أمر قضائي، وبين الحجز لدى الغير بناء على سند قانوني، بل جعلهما معا خاضعين لمسطرة واحدة تتعلق بالمصادقة على الحجز، مع أن هناك فارقا أساسيا وجوهريا بينهما يتمثل على وجه الخصوص: في أن الحجز بناء على أمر قضائي وإن كان الدين الذي تقرر الحجز كإجراء تحفظي لضمانه ثابتا، إلا أن النزاع بشأنه غير محسوم، كأن يكون الدين مقترنا بأجل أو معلقا على شرط أو صدر بشأنه حكم لم يصر بعد نهائيا… لذا فإن خضوع الحجز لدى الغير هنا لمسطرة المصادقة، مسألة مستصاغة من الناحية المنطقية، نظرا لما يتطلبه الأمر من ضرورة فسح المجال للمحجوز عليه من أجل إبداء أوجه دفاعه في إطار مناقشة الدين المضمون بالحجز، على اعتبار أن هذا الأخير صدر في غيبته، وهو ما يقتضي من طالب الحجز كما قلنا – بعد أن يتم تحرير محضر عدم الاتفاق على توزيع الأموال المحجوزة- تقديم طلب المصادقة على الحجز لدى الغير أمام محكمة الموضوع وذلك في حالة عدم وجود دعوى رائجة من قبل تتعلق بالدين الذي تقررالحجز بسببه[13]، بحيث أنه تتم في دعوى المصادقة هاته مناقشة الدين والحجج المثبتة له من قبل أطراف النزاع وكأنها دعوى مبتدأة للمطالبة بالدين.
أما بخصوص الحجز لدى الغير الذي يجريه مأمور التنفيذ بناء على سند تنفيذي، فإنه إجراء يدخل في إطار الحجز التنفيذي طبقا لقواعد التنفيذ الجبري للأحكام، بحيث أن هذه المرحلة تأتي بعد استنفاد الأطراف لمرحلة التقاضي التي تمت فيها مناقشة الدين والحجج والسندات المثبتة له، وبالتالي فإن النزاع حول هذا الدين أضحى محسوما بمقتضى السند التنفيذي الذي يشكل مبررا قانونيا لقيام مأمور التنفيذ بهذا الإجراء، وهنا يطرح التساؤل التالي: ما الجدوى من سلوك مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير حتى في حالة وجود سند تنفيذي؟
في تقديرنا أن سلوك هذه المسطرة مع وجود سند تنفيذي هو تحصيل للحاصل ومضيعة للوقت وتأخير في إيصال الحقوق إلى أصحابها، بحيث لا يتصور الرجوع مرة أخرى إلى القضاء بعد أن حسم في النزاع المتعلق بالدين، وبالتالي كان من الأجدى أن يلزم المشرع المحجوز لديه بأن يسلم المبالغ المحجوزة بين يديه إلى مأمور التنفيذ أو أن يحولها لحساب المحكمة – بعد أن يتأكد بأنها كافية لتغطية الدين – ليسلمها بعد ذلك إلى طالب التنفيذ بكل سهولة ويسر وسرعة ونجاعة، وحتى إن كان هناك دائنون متعددون، فيجري توزيع المبالغ المتحصلة من هذا الحجز عن طريق المحاصة كما لو تعلق الأمر بحجز تنفيذي على منقول أو عقار.
والملاحظ أن هذا اللبس والغموض الذي يطال المقتضيات القانونية الواردة في قانون المسطرة المدنية المتعلقة بالحجز لدى الغير،جاء نتيجة لهذا الخلط بين الحجز لدى الغير بناء على أمر قضائي، وبين الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي رغم الفوارق الشاسعة بينهما، ولهذا نرى أنه من الأفيد مسايرة المشرع المغربي للقانون المقارن، لمعالجة هذه الإشكالية القانونية، وخصوصا القانون المصري الذي أتى بقواعد واضحة تفرق بين الحجز لدى الغير في الحالتين المذكورتين، بحيث أنه جعل مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير مقتصرة على الحالة التي يكون فيها الحجز لدى الغير بناء على أمر قضائي،أما حينما يكون الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي فلا ترفع دعوى بصحة هذا الحجز[14].
ولكن في انتظار تدخل المشرع لسد هذا الفراغ التشريعي، نرى من الأنسب أن تعمل محاكمنا على تفعيل ورقة العمل المتعلقة بموضوع ” الحجز لدى الغير ” التي أعدت من قبل اللجينة المنبثقة عن اجتماع اللجنة القضائية المنعقد بمقر وزارة العدل ( مديرية الشؤون المدنية) بتاريخ 06/02/2002 بغية توحيد العمل القضائي في هذه النقطة، والحد من التضارب والاختلاف بشأنه، بحيث أعطت هذه الورقة بعض الحلول العملية والمفيدة والمستقاة جلها من القرارات المتواترة للمجلس الأعلى، التي من شأنها مساعدة السادة القضاة الذين يمارسون قضايا الحجز لدى الغير، على فك اللبس والغموض الذي يطال النصوص المتعلقة به بعد أن حاولت تطويعها على نحو يسهل فهم تلك النصوص وتطبيقها التطبيق القانوني السليم.
إن ما استقر عليه المجلس الأعلى، والذي سارت ورقة العمل المشار إليها أعلاه على هديه ومنواله، هو أن الجهة القضائية المختصة بالنظر في المصادقة على الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي هو رئيس المحكمة بصفته هاته أي بصفته الجهة المشرفة على التنفيذ وليس بصفته قاضيا للمستعجلات، وكمثال على ذلك، فقد أيدت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى في قرارها الصادر بتاريخ 22/05/1997 [15] الحكم الصادر عن رئيس المحكمة الإدارية بالرباط القاضي بالمصادقة على الحجز لدى الغير ( المنجز من طرف مأمور التنفيذ بناء على سند تنفيذي). وقد تواترت قرارات المجلس الأعلى على هذا المنوال مؤكدة على اختصاص رئيس المحكمة كجهة مختصة في المصادقة على الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي، وأن هذه المصادقة تتم تلقائيا أي بدون حاجة إلى تقديم دعوى أو مطالبة بشأنها، بحيث أنه بعد استدعاء الأطراف لحضور جلسة الاتفاق الودي على توزيع الأموال المحجوزة، وعدم حصول الاتفاق بينهم، يصدر رئيس المحكمة مباشرة حكما[16] بالمصادقة على الحجز لدى الغير بعد التأكد من وجود المبالغ المحجوزة بين يدي المحجوز بين يديه، ويأمر هذا الأخير بتسليم تلك المبالغ إلى مأمور التنفيذ الذي يتولى تسليمها بدوره إلى صاحب السند التنفيذي ( طالب التنفيذ)، والشيء المهم الذي أكدت عليه ورقة العمل المذكورة في مثل هذه الحالة، هو أن رئيس المحكمة عند المصادقة على الحجز لدى الغير المبني على سند تنفيذي، يمكنه اعتماد مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 147 من ق.م.م التي توجب شمول الحكم بالنفاذ المعجل وذلك لوجود السند التنفيذي الذي هو بدون منازع سند رسمي ، ولا موجب بالتالي لاحتجاج المحجوز لديه بالفصل 437 من ق.م.م مادامت مقتضياته تتنافى نصا وروحا مع وجود السند التنفيذي الذى حسم الدين بصفة نهائية سواء في علاقة الأطراف بعضهم مع بعض أو في علاقتهم مع الأغيار، وهذا الاتجاه قد أيدته الغرفة الإدارية في قرارها المشار إليه آنفا الذي ورد فيه ما يلي : ” إن جعل الحكم المذكور (وهو الصادر عن رئيس المحكمة القاضي بالمصادقة على الحجز لدى الغير) المطلوب إيقاف تنفيذه مشمولا بالنفاذ المعجل له ما يبرره …” [17]
إلا أنه على الرغم من تواتر قرارات المجلس الأعلى فيما يتعلق باعتبار رئيس المحكمة الجهة القضائية المختصة بالمصادقة على الحجز لدى الغير المبني على سند تنفيذي، فقد صدر قرار بتاريخ 13/10/2004 عن الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى أنكر على رئيس المحكمة هذا الاختصاص، وأرجعنا إلى نقطة الصفر، بل أكثر من هذا أعطى تفسيرا للفصل 494 من ق.م.م من شأنه أن يعمق اللبس والغموض الذي يطاله أكثر مما يزيله، حيث ورد في هذا القرار ” بأن رئيس المحكمة وهو يبت في إطار الفصل 494 من ق.م.م لا يدخل في اختصاصه البت في المديونية والمصادقة على الحجز التي يقتضي البت فيها معاينة المحكمة لوثائق تلك المديونية ومدى صحتها والتأكد من توصل الأطراف لمسطرة التوزيع الودي من عدمه…” [18] ، بحيث اعتبر هذا القرار بأن المقصود برئيس المحكمة الوارد في الفصل 494 المذكور هو قاضي المستعجلات الذي لا يبت فيما يمكن أن يقضى به في الجوهر، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يصادق على الحجز لدى الغير لأن ذلك يتطلب منه البحث في المديونية وفحص وثائقها، في حين أن صفة رئيس المحكمة المقصودة في هذا الفصل هي كونه المشرف على إجراءات التنفيذ الجارية بمحكمته، والتي لا علاقة لها على الإطلاق بصفته كقاض للمستعجلات، هذا فضلا عن أن هذا القرار لم يميز بين دور رئيس المحكمة في الفصل 494 حينما يكون الحجز لدى الغير مبنيا على أمر قضائي، وبين أن يكون هذه الحجز مبنيا على سند تنفيذي وذلك لما اعتبر بأن رئيس المحكمة لا صلاحية له في المصادقة على الحجز لدى الغير في الحالتين معا، بينما رئيس المحكمة في حالة وجود سند تنفيذي – كما هو الشأن في النازلة موضوع القرار المذكور- لا يناقش المديونية ولا يفحص وثائقها عند النظر في المصادقة على الحجز لدى الغير مادام النزاع قد تم حسمه بمقتضى السند التنفيذي، بل إنه يقوم بتصحيح الحجز لدى الغير كإجراء تنفيذي بعد أن يتأكد من سلامة هذا الإجراء من الناحية القانونية، لذا فإن هذا الاتجاه الذي سارت عليه الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى، يخالف ما استقرت عليه الغرفة الإدارية بنفس المجلس في كثير من قراراتها، مما كان يتعين على الغرفة المذكورة ( أي الغرفة التجارية) في نظرنا عندما رغبت في تغيير هذا الاتجاه القار، إحالة القضية إلى غرفتين تفاديا لخلق تضارب وتعارض في الاتجاهات بينها وبين الغرفة الإدارية.
ثانيا: الإشعار للغير الحائز:
تم التنصيص على الإشعار للغير الحائز في المادة 101 وما يليه من القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، وهو وسيلة قانونية تمكن المحاسب المكلف بالتحصيل بصفة مباشرة من استخلاص الضرائب والرسوم وغيرها من الديون المتمتعة بامتياز الخزينة من يد مديني الملزمين بهذه الديون ، وذلك عن طريق توجيه إشعار للأغيار الحائزين لمبالغ يملكها الملزمون من أجل الوفاء عن هؤلاء في حدود ما ترتب في ذمتهم من ديون عمومية، وقد يكون الأغيار الذين يوجه إليهم الإشعار من المحاسبين العموميين أو المقتصدين أو المكترين وبصفة عامة كل الحائزين أو المدينين بمبالغ تعود أو ينبغي أن تعود إلى المدينين بتلك الديون.[19]
ولئن كان الإشعار للغير الحائز هو بمثابة حجز لدى الغير، إلا أنه سمي بذلك الإسم تمييزا له عن هذا الأخير لكونه مخصص فقط لتحصيل الديون العمومية من يد الحائزين الأغيار، وهذا الإجراء الذي هو من ضمن إجراءات التحصيل التي يقوم بها القابض ( المحاسب المكلف بالتحصيل) ليس من مستجدات مدونة التحصيل، وإنما كان قائما قبل ذلك حسب الفصل 62 من ظهير 21/08/1935 والذي يتبين من استقراء مقتضياته أنه يشبه ما ورد في المادة 101 من المدونة، إلا أن الفروق تظهر على وجه الخصوص في الصياغة، وهذا شيء طبيعي لأن مستوى الصياغة أو بالأحرى الترجمة إلى اللغة العربية المستعملة سنة 1935 لا يمكن أن تكون على نفس مستوى الصياغة المستعملة سنة 2000 ، كما جاءت المادة 101 بمصطلح جديد وهو “الإشعار للغير الحائز” الذي لم يستعمله من قبل الفصل 62 المذكور، وأتت المادة 102 بشيء جديد أيضا والذي يتعلق بالنتائج المترتبة عن الإشعار للغير الحائز[20] وهي ” التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار…” ” ويمتد مفعول هذ التسليم إلى الديون بأجل أو الديون المشروطة التي للمدين على الأغيار الحائزين المتابعين”.
وإذا قلنا بأن الإشعار للغير الحائز هو بمثابة حجز لدى الغير مادام كل منهما يستهدف إلى استيفاء الدين من يد الأغيار، إلا أنهما وإن كانا يتفقان مع بعضهما في المبدأ، فهما يختلفان في الإجراءات والمسطرة . فما هي إذن أوجه التشابه والخلاف بينهما ؟
أوجه التشابه بين الحجز لدى الغير والإشعار للغير الحائز:
تتجلى أوجه التشابه بين الحجز لدى الغير والإشعار للغير الحائز في التماثلات التالية:
· يتم في كل منهما استيفاء الدين المترتب في ذمة المحجوز عليه من مدين هذا الأخير في حدود المبالغ التي يحوزها أو المدين بها، وهو من الأغيار لأنه أجنبي عن علاقة المديونية موضوع الدين المستهدف بهذا الإجراء؛
· يشترط في كل منهما أن يكون الدين ثابتا؛
· يشترط في كل منهما أن يكون الدين عبارة عن مبالغ مالية؛
· أطراف العلاقة في الإجراءين معا ثلاثة وهم:
– الدائن بدين خصوصي في الحجز لدى الغير وهو طالب هذا الإجراء في حالة الحجز لدى الغير بناء على أمر قضائي، ومأمور التنفيذ في حالة الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي، والدائن بدين عمومي في الإشعار للغير الحائز وهو المحاسب المكلف بالتحصيل الذي يوجه هذا الإشعار للغير؛
– المحجوز عليه وهو المدين بدين خصوصي في الحجز لدى الغير، وهو نفسه المدين بدين عمومي في الإشعار للغير الحائز؛
– الغير وهو المدين للمحجوز عليه الذي هو المدين بدين خصوصي في الحجز لدى الغير ، والمدين بدين عمومي في الإشعار للغير الحائز؛
· يستوفى الدين في كلا الإجراءين سواء كان دينا خصوصيا أو عموميا بطريقة غير مباشرة من يد الغير وليس بطريقة مباشرة من يد المدين بإحدى هذين الدينين.
· يعتبر الحجز لدى الغير طريقا من طرق التنفيذ الجبري عندما يتعلق الأمر بسند تنفيذي، كما يعتبر الإشعار للغير الحائز طريقا من طرق تنفيذ الأمر بالتحصيل وهو سند تنفيذي أيضا.
أوجه الخلاف بين الحجز لدى الغير والإشعار للغير الحائز:
على الرغم من التشابه القائم بين الحجز لدى الغير والإشعار للغير الحائز الذي يتجلى أساسا في المبدأ كما قلنا، فهما يختلفان عن بعضهما في زوايا متعددة نذكر من بينها ما يلي:
· يكون الحجز لدى الغير طبقا للفصل 491 من قانون المسطرة المدنية إما بناء على أمر قضائي يصدره رئيس المحكمة في إطار الأوامر المبنية على طلب، أو بناء على سند تنفيذي في إطار التنفيذ الجبري الذي يجريه مأمور التنفيذ ، أما الإشعار للغير الحائز فلا يلجأ إليه المحاسب المكلف بالتحصيل إلا إذا كان هناك فعلا أمر بالتحصيل أي سند تنفيذي طبقا للمادة 101 من مدونة التحصيل، وبالتالي لا يتصور استصدار المحاسب المذكور أمرا قضائيا من أجل القيام بهذا الإجراء.
لا يمكن تنفيذ الحجز لدى الغير سواء تم بناء على أمر قضائي أو على سند تنفيذي إلا بسلوك مسطرة المصادقة على هذا الحجز طبقا للفصل 494 من قانون المسطرة المدنية[21] ، أما الإشعار للغير الحائز فإن تنفيذه يتم مباشرة من قبل المحاسب المكلف بالتحصيل، ويترتب عن توجيه هذا الإشعار إلى الغير الحائز وجوب تسليم هذا الأخير تسليما فوريا المبالغ الموجودة في حيازته( أو المدين بها للملزم) إلى المحاسب المذكور وذلك طبق للمادة 102 من مدونة التحصيل، وبالتالي فإن الإشعار للغير الحائز لا يحتاج لتنفيذه سلوك مسطرة المصادقة. وبخصوص هذا الفارق نود أن نبسط الملاحظة التالية: وهي أن كلا من الحكم القضائي القابل للتنفيذ والأمر بالتحصيل يعتبر سندا تنفيذيا، ومع ذلك نجد أن المشرع فرض المصادقة على الحجز لدى الغير ولو تم بناء على سند تنفيذي، ولم يفرض هذه المصادقة عند تنفيذ الإشعار للغير الحائز، فإذا كان لابد من إعطاء الأفضلية للأمر بالتحصيل وذلك من خلال تمتيع الخزينة العامة بحق الأولوية والامتياز عند تزاحم الدائنين وذلك نظرا للدور الكبير والاستراتيجي الذي تلعبه في تمويل ميزانية الدولة [22]، فإن هذه الأفضلية لا يمكن أن تمارس على مستوى الإجراءات والضمانات التشريعية بين الحكم القضائي والأمر بالتحصيل نظرا لصبغة الإلزام والرسمية التي يتمتعان بها معا، لذا فإننا ننادي مرة أخرى بتدخل المشرع من أجل حذف مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير الذي يتم بناء على سند تنفيذي مادام هذا الإجراء يعتبر طريقا من طرق التنفيذ الجبري الذي لا يحتاج مرة أخرى إلى تدخل القضاء من أجل إقرار الدين الذي بوشر الحجز من أجل استيفائه بعد أن تم الحسم في النزاع المتعلق به.
لا يمكن المصادقة على الحجز لدى الغير الذي تم بناء على أمر قضائي لضمان دين مقرون بأجل أو معلق على شرط، إلا بعد حلول الأجل أو تحقق الشرط، وبالتالي فإن الحجز لدى الغير، وإن كان يصح أن يكون إجراء تحفظيا بالنسبة للديون المؤجلة والمشروطة، فإنه لا يمكن في مثل هذه الحالة أن يكون إجراء تنفيذيا. أما الإشعار للغير الحائز، فيترتب عنه التسليم الفوري للمبالغ الموجودة في حوزة الأغيار سواء كانت الديون المتعلقة بها ديونا حالة أو مؤجلة أو مشروطة.[23]
في الحجز لدى الغير سواء تم بناء على أمر قضائي أو بناء على سند تنفيذي، يعقد رئيس المحكمة جلسة الاتفاق الودي على توزيع الأموال المحجوزة يحضرها جميع الأطراف بمن فيهم الدائنون المسجلون في السجل المنصوص عليه في الفصل 493 من ق.م.م، ويفضي المحجوز بين يديه بتصريحه الإيجابي الذي يوضح مقدار المبالغ المحجوزة ومدى كفايتها لتغطية الدين، أما في الإشعار للغير الحائز، فإنه لا وجود لمسطرة الاتفاق على توزيع الأموال المحجوزة، مادامت الخزينة تتمتع من أجل تحصيل ديونها بحق الأولوية والامتياز عن سائر الدائنين، كما أن المشرع لم يلزم الغير الحائز بالإدلاء بتصريحه الإيجابي، بل لم يمكنه من إبداء أي ملاحظة أو تحفظ حول المبالغ التي تقرر بناء على الإشعار الموجه إليه تسليمها للمحاسب المكلف بالتحصيل سواء من حيث كفايتها لتغطية الدين العمومي أم لا ، أو من حيث قابلية هذه المبالغ نفسها للحجز أم لا، أو من حيث كون الديون التي للمدين على الغير الحائز ثابتة ومحسوم فيها، أم أنها مازالت محط نزاع بينهما.
طبيعة المنازعة في الإشعار للغير الحائز:
هناك إشكالية قانونية تتمثل في تحديد طبيعة المنازعة في الإشعار للغير الحائز، فهل هي منازعة وقتية يختص بالنظر فيها قاضي المستعجلات، أم هي منازعة موضوعية يرجع فيها الاختصاص لمحكمة الموضوع ؟
من خلال محاولتنا التأصيلية لهذا الموضوع، سنحاول الإجابة عن هذا التساؤل على النحو التالي:
من المؤكد على أن الإشعار للغير الحائز هو وسيلة قانونية تمكن المحاسب المكلف بالتحصيل من تنفيذ الديون العمومية تنفيذا جبريا في مواجهة المدين بها، فهي بمثابة حجز تنفيذي على أموال هذا الأخير، ونحن نعلم بأن الحجز هو من بين المتابعات التي تدخل ضمن سلم إجراءات التحصيل، فإذا نازع الملزم في هذا الإجراء على اعتبار أنه إجراء باطل من الناحية القانونية وطالب برفع الإشعار للغير الحائز، فإن البت في النزاع يقتضي بالضرورة فحص وتقييم هذا الإجراء للقول بمدى صحته أو بطلانه، وهو ما يضفي على هذه المنازعة الطابع الموضوعي المحض نظرا لمساسها الكامل بجوهر الحق وبالتالي تكون المحكمة الإدارية كمحكمة موضوع هي المختصة بالنظر فيها وليس قاضي المستعجلات، على اعتبار أن تلك المنازعة لا علاقة لها بالطابع الوقتي على الرغم من توفر عنصر الاستعجال في المطالبة القضائية مادام هذا العنصر ليس هو الشرط الوحيد الذي ينعقد به اختصاص قاضي المستعجلات، وإنما هناك شرط آخر أساسي وهو عدم المساس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر طبق للفصل 152 من قانون المسطرة المدنية، ولكن مع ذلك يمكن في نظرنا أن ينعقد اختصاص القضاء الاستعجالي للبت في طلب رفع الإشعار للغير الحائز في الحالة التي تكون فيها المراكز القانونية للأطراف واضحة ولا تحتاج إلى فحص هذا الإشعار أو تقييمه من الناحية الموضوعية، كأن يكون الدين العمومي موضوع الإشعار للغير الحائز قد تم تسديده مسبقا من قبل الملزم ولهذا الأخير الدليل المثبت لذلك، فهنا يكون دور قاضي المستعجلات، هو معاينة أن الإشعار للغير الحائز لم يعد له مبرر بعد أن تم تسديد الدين الذي وجه ذلك الإشعار تنفيذا له، كما يمكن لقاضي المستعجلات أن يتدخل في صورة أخرى وذلك من باب إرجاع الحالة إلى ما كانت إليه، بحيث يمكنه حتى يتحاشى الخوض في جوهر الحق، أن يكيف طلب رفع الإشعار للغير الحائز المرفوع إليه، بإيقاف تنفيذ هذا الإجراء وذلك في حالة ما إذا كانت هناك حالة استعجال قصوى لا تتحمل الانتظار فيما لو نظر في النزاع طبقا للإجراءات العادية، كأن انصب الحجز موضوع الإشعار المذكور على راتب الملزم بأكمله أو على جزء منه يفوق ما هو مسموح بحجزه قانونا، فهنا يمكن أن يآمر قاضي المستعجلات بإيقاف الإشعار للغير الحائز و بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل إنجاز هذا الإجراء على الرغم من أن الطالب قدم طلبه على أساس رفع الإشعار للغير الحائز.
وفي غير هذه الحالات، فإنه في نظرنا لا يمكن لقاضي المستعجلات أن يآمر برفع الإشعار للغير الحائز لما في ذلك من مساس بجوهر الحق، فعلى اعتبار أن هذا الإجراء هو حجز تنفيذي فإنه لا يملك قاضي المستعجلات القول ببطلانه وبالتالي الأمر برفعه.
وقد صدرت عدة قرارات عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى تسير في هذا الاتجاه منها القرار الصادر بتاريخ 15/05/2006 جاء فيه ما يلي: ” يعتبر الحجز لدى الغير ( الإشعار للغير الحائز) الذي أوقعه القابض إجراء من إجراءات التحصيل، وأن القول بعدم تطابقه مع القانون، يشكل منازعة موضوعية تمس بجوهر الحق الذي يخرج عن نطاق اختصاص قاضي المستعجلات، وأن الأمر المستأنف حينما اعتبر الحجز المذكور مخالفا للمادة 653 من مدونة التجارة وقضى برفعه على هذا الأساس، يكون قد تجاوز حدود اختصاص قاضي المستعجلات نظرا لمساسه بجوهر الحق، فيكون بذلك غير مصادف للصواب ويتعين إلغاؤه والتصريح من جديد بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبت في الطلب.”[24]
وجاء في قرار مماثل صدر بتاريخ 21/06/2006 ما يلي : ” إن مناط انعقاد اختصاص قاضي المستعجلات، هو توفر عنصر الاستعجال في النازلة وعدم المساس بما يمكن أن يقضى به في الجوهر… إن طلب رفع الإشعار للغير الحائز هو طلب يشكل منازعة موضوعية تقتضي النظر في مدى مشروعية إجراء التحصيل المتخذ من قبل القابض، وهو بذلك يخرج عن نطاق اختصاص قاضي المستعجلات لمساسه بجوهر الحق. “[25]
إلا أن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سبق لها أن سارت من قبل في اتجاه مخالف معتبرة بأن ” قاضي الأمور المستعجلة يختص بالنظر في طلب رفع حجز ما للمدين لدى الغير ( الإشعار للغير الحائز ) باعتباره طلبا يكتسي طابع الاستعجال ولا يتعلق بالمنازعة في الموضوع .” [26] وهذا الاتجاه في نظري وإن أمكن مسايرته عندما تكون المراكز القانونية للأطراف واضحة – كما سبق الذكر – بشرط إعادة تكييف الطلب على أساس إيقاف تنفيذ الإشعار للغير الحائز ، فإنه لا يمكن في نظرنا أخذه كقاعدة وتعميمه على جميع الحالات، وإلا فإنه سيفضي إلى تحميل مؤسسة قاضي المستعجلات أكثر مما تحتمله بمقتضى القانون، ذلك تغليب عنصر الاستعجال لا يمكن أن يكون على حساب العنصر الاخر الذي ينعقد به اختصاص قاضي المستعجلات وهو عدم المساس بما يمكن ان يقضى به في الجوهر.
هل يخضع الإشعار للغير الحائز لتدرج المتابعات ؟
إذا سلمنا بأن الإشعار للغير الحائز يدخل في إطار إجراءات التنفيذ الجبري المباشرة ضد الملزم، وهو –كما قلنا- حجز تنفيذي، فإنه لا يمكن للقابض سلوك هذا الإجراء في أي مرحلة من مراحل مسطرة التحصيل، بل لا بد ان يخضعه للتسلسل الترتيبي للمتابعات المنصوص عليه في المادة 39 من مدونة التحصيل، وبالتالي يكون باطلا كل إشعار للغير الحائز يوجهه المحاسب المكلف بالتحصيل قبل توجيهه إنذارا قانونيا للملزم مادام الحجز يأتي في المرحلة الثانية بعد الإنذار. ومن جهة أخرى فإنه لا يمكن للمحاسب المذكور سلوك الإجراء المتعلق بالإشعار للغير الحائز من أجل تحصيل دين عمومي إذا أمكنه تحصيل الدين بوسيلة قانونية أخرى تغني عن هذا الإجراء، وفي هذا المعنى صدر قرار عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 19/04/2006 جاء فيه ” بأنه إذا كان بإمكان شركة القرض الفلاحي للمغرب بناء على المادة 15 من القانون رقم 99/15 بتاريخ 11/11/2003 المتعلق بإصلاح القرض الفلاحي مواصلة تحصيل مبالغ القروض الممنوحة من لدن الصندوق الوطني للقرض الفلاحي قبل تحويلها إلى شركة مساهمة وفقا للتشريع المتعلق بتحصيل الديون العمومية ، فإنه لا يمكن لتلك الشركة استخلاص الدين العمومي عن طريق سلوك مسطرة الحجز لدى الغير إلا بعد استنفاد مسطرة تحقيق الرهن المنصب مسبقا على عقارات المدين وحصول عدم كفاية الضمانات الرهنية لتغطية مجموع الدين.” [27]
خاتمة :
من خلال هذه المحاولة التأصيلية لموضوع المقاربة والمفارقة بين الحجز لدى الغير والإشعار للغير الحائز الأول من أجل الإجبار على تنفيذ الديون الخصوصية طبقا لقانون المسطرة المدنية، والثاني من أجل الإجبار على تنفيذ الديون العمومية طبقا لمدونة التحصيل ، يتضح فعلا بأن هذين الإجراءين وإن كانا يتحدان في استخلاص الدين من يد الغير عن طريق الحجز على أموال المدين، إلا أنهما يختلفان عن بعضهما في الإجراءات المسطرية، فهي وإن كانت سهلة وميسرة بالنسبة للإشعار للغير الحائز كإجراء يباشره المحاسب المكلف بتحصيل الديون العمومية، فهي طويلة ومعقدة بالنسبة للحجز لدى الغير الذي يباشره مأمور التنفيذ لتنفيذ ديون خصوصية عند وجود سند تنفيذي ، فإن كانت المصلحة العامة تقتضي تفضيل الديون العمومية على الديون الخصوصية، فإن هذه المفاضلة في نظرنا يجب أن تبقى في حدود الأولوية والامتياز التي تتمتع بها ديون الخزينة والديون العمومية بوجه عام، دون أن تتعداها إلى الإجراءات المسطرية التي تمثل الضمانات الأساسية لأصحاب الحقوق سواء منهم الإدارة أو الأفراد، لذا فإننا نأمل تدخل المشرع من أجل حذف مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير حينما يتم إنجاز هذا الأخير بناء على سند تنفيذي وهو الحكم القضائي القابل للتنفيذ الذي لا فرق بينه وبين الأمر بالتحصيل من حيث الصبغة الرسمية وقوة الإلزام التي يتمتع بها كل منهما.

[1] – ينص الفصل 491 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي: ” يتم حجز ما للمدين لدى الغير بناء على سند تنفيذي أو بأمر يصدره رئيس المحكمة الابتدائية بناء على طلب بشرط الرجوع إليه عند الحاجة”.
[2] – ينص الفصل 488 من ق.م.م على انه ” يمكن لكل دائن ذاتي أو اعتباري يتوفر على دين ثابت إجراء حجز بين يدي الغير بإذن من القاضي على مبالغ ومستندات لمدينه والتعرض على تسليمها له”
[3] – في فرنسا ظلت محكمة النقض موزعة الرأي بين الطابع التنفيذي والطابع التحفظي للحجز لدى الغير حقبة طويلة من الزمن، إلى أن صدر قرار بتاريخ 10/08/1881 تبنى موقفا يضفي على الحجز لدى الغير طابعا مختلطا، فهو إجراء تحفظي في إجراءاته الأولى وينقلب إلى إجراء تنفيذي بعد ذلك .. ( للمزيد من التوسع أنظر كتاب ” طرق التنفيذ ” للأستاذ جان فانسان – ساسلة دالوز ص 148)
[4] – إما رئيس المحكمة الابتدائية أو التجارية أو الإدارية حسب نوعية الدين الذي سيكون الحجز لدى الغير ضامنا له.
[5] – هناك إمكانية منحها المشرع المصري للمدين منصوص عليها في المادة 351 من قانون المرافعات للمطالبة بما يسمى ” بعدم الاعتداد بالحجز لدى الغير” يتقدم بها إلى قاضي التنفيذ بصفته قاضيا للمستعجلات الذي يمكنه من خلال الأمر الذي يصدره الإذن للمحجوز عليه في قبض دينه من المحجوز لديه وذلك في الأحوا ل التالية: إذا وقع الحجز بغير سند تنفيذي أو حكم أو أمر – إذا لم يبلغ الحجز إلى المحجوز عليه في الميعاد- إذا لم ترفع الدعوى بصحة الحجز في الميعاد في المادة 333 من نفس القانون ( راجع في هذا الشأن المجلد الثاني من قضاء الأمور المستعجلة للدكتور محمد علي راتب ص 1084 )
[6] – من الناحية العملية يستحسن تبليغ محضر الحجز لدى الغير إلى المحجور لديه قبل المحجوز عليه حتى لا يبادر هذا الأخير إلى سحب ما سيتم حجزه من مبالغ مالية من يد المحجوز بين يديه الذي قد لا يكون عالما وقته بواقعة الحجز.
[7] – وهو إما رئيس المحكمة الابتدائية أو الإدارية أو التجارية أي رئيس المحكمة التي يتم تنفيذ الحجز لدى الغير لديها.
[8] – وهذا الجزاء يتمثل في الحكم على المجوز لديه حكما قابلا للتنفيذ بأداء الاقتطاعات التي لم تقع والمصاريف وذلك طبقا للفقرة الرابعة من الفصل 494 من ق.م.م
[9] – إن هذا الإجراء غير وارد في قانون المسطرة المدنية وإنما ورد في ورقة العمل التي أعدتها اللجينة ( التي كان لي شرف المشاركة في عضويتها) المنبثقة عن اجتماع اللجنة القضائية التي تشرف عليها مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل بتاريخ 06/02/2002 وذلك من أجل وضع حد للخلاف والتباين في التطبيق بين مختلف محاكم المملكة بالنسبة لمسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير بسبب ما يكتنفها من لبس وغموض، وقد وجهت مذكرة وزارية بهذا الخصوص إلى كافة السادة رؤساء المحاكم للاستعانة بها بعد المصادقة عليها من طرف اللجنة القضائية التي كانت تضم في عضويتها عددا من الرؤساء الأولين لمحاكم الاستئناف والوكلاء العامين ونقباء من عدة هيئات للمحامين بالإضافة إلى رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب.
[10] – وفي هذا المعنى يتم الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي أمام المحكمة الجاري التنفيذ أمامها التي قد تكون نفس المحكمة المصدرة للحكم موضوع التنفيذ ( أي الصادر عنها السند التنفيذي ) أو محكمة الإنابة وهي المحكمة التي عهد إليها بتنفيذ الإنابة القضائية الموجهة إليها من قبل المحكمة المصدرة للحكم المقدم طلب التنفيذ أمامها.
[11] – أنظر بحث ذ/ عبد الله الشرقاوي حول ” الحجز لدى الغير ” المنشور بمجلة القضاء والقانون عدد 127 السنة 1978 ص36
[12] – لقد جاء في كتاب ” إشكالات التنفيذ ومنازعات الحجز ” للمستشار أنورطلبة ( المكتب الجامعي الحديث – الأسكندرية ) الطبعة سنة 2006 ما يلي :” إن دعوى رفع الحجز هي دعوى تنفيذ موضوعية شأنها في ذلك شأن باقي دعاوى التنفيذ الموضوعية وترمي إلى إزالة الآثار التي رتبها الحجز فيعود المحجوز عليه والمحجوز لديه إلى ما كانا عليه قبل توقيعه.”
[13] – أما في حالة وجود دعوى سبق أن تقدم بها طالب الحجز تتعلق بالمطالبة بالدين فهنا لا جدوى من تقديم دعوى المصادقة على الحجز لدى الغير ما دامت محكمة الموضوع لم تحسم في مسألة الدين بحكم نهائي
[14] – تنص المادة 333 من قانون المرافعات المصري على أنه ” في الأحوال التي يكون فيها الحجز بأمر من قاضي التنفيذ، يجب على الحاجز خلال ثمانية ايام … أن يرفع أمام المحكمة المختصة ( محكمة الموضوع) الدعوى بثبوت الحق وصحة الحجز وإلا اعتبر الحجز كأن لم يكنن ، وإذا كانت دعوى الدين مرفوعة من قبل أمام محكمة أخرى قدمت دعوى صحة الحجز إلى نفس المحكمة لتنظر فيهما معا” وورد في كتاب المستشار أنور طلبة – المرجع السابق – ص 562 أنه ” يمكن للدائن توقيع حجز ما للمدين لدى الغير دون حاجة لاستصدار أمر بذلك من قاضي التنفيذ إذا كان بيده سند تنفيذي وكذا بدون حاجة إلى تقديمه لدعوى المصادقة على الحجز..”

[15] – قرار عدد 556 بتاريخ 22/05/1997 ( منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين ص447 )
[16] – يصدر رئيس المحكمة عند المصادقة على الحجز لدى الغير حكما وليس أمرا حسب الصيغة الواردة في الفصل 494 من ق.م.م وهو ما يؤكد على أن اختصاصه هنا يختلف عن اختصاصه كقاض للمستعجلات الذي يصدر في هذه الحالة أوامر وليس أحكاما ، ويترتب على ذلك أن أجل استئناف حكم المصادقة على الحجز لدى الغير المبني على سند تنفيذي الصادر عن رئيس المحكمة هو 30 يوما وليس أجل 15 يوما الخاص باستئناف الأوامر الاستعجالية وذلك طبقا للفقرة الخامسة من الفصل 494 من ق.م.م التي تنص على أنه يقع تنفيذ الحكم الذي يصدره رئيس المحكمة في مواحهة المحجوز لديه الذي لم يحضر جلسة الاتفاق الودي ولم يدل بتصريحه الإيجابي بمجرد انتهاء اجل الاستئناف وفقا للفصل 428 من هذا القانون.
[17] – قرار منشور بمنشورات المجلس العلى في ذكراه الأربعين ( المرجع السابق )
[18] – قرار عدد 1108 صدر عن الغرفة التجارية بتاريخ 13/10/2004 في الملف التجاري عدد 195/2004 منشور بمجلة القضاء والقانون العدد63 ص 161
[19] – تنص المادة 101 من مدونة التحصيل على ما يلي : ” يتعين على المحاسبين العموميين والمقتصدين والمكترين وكل الحائزين أو المدينين الآخرين بمبالغ يملكها أو ينبغي أن تعود لفائدة الملزمين بالضرائب والرسوم والديون الأخرى المتمتعة بامتياز الخزينة أن يدفعوا وفاء عن الملزمين بناء على طلب المحاسب المكلف بالتحصيل على شكل إشعار للغير الحائز الأموال التي يحوزها أو التي يدينون بها وذلك في حدود المبالغ الواجبة على هؤلاء الملزمين .
ويخضع للاتزامات المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة مسيرو الشركات أو متصرفوها أو مديروها بصفتهم أغيارا حائزين.”
[20] – الأستاذان عبد اللطيف العمراني و مراد الخروبي في كتابهما ” الإصلاح الجديد في ميدان تحصيل الضرائب والديون العمومية ” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية – سلسلة مواضيع الساعة العدد 22 السنة 2000 ص 135
[21] – أنظر في هذا البحث مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير باء على أمر قضائي وكذا مسطرة المصادقة على الحجز لدى الغير بناء على سند تنفيذي
[22] – الأستاذان عبد اللطيف العمراني ومراد الخروبي – المرجع السابق ص137.
[23] – تنص الفقرة الأخيرة من المادة 102 من مدونة التحصيل على ما يلي : “يمتد مفعول هذا التسليم إلى الديون بأجل أو الديون المشروطة التي للمدين على الأغيار المتابعين “.
[24] – قرار عدد 409 بتاريخ 15/05/2006 في الملف رقم 1441/4/2/2003 ( غير منشور)
[25] – قرار عدد 532 بتاريخ 21/06/2006 في الملف رقم 258/4/2/2003
[26] – قرار صدر عن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى بتاريخ 13/03/2003 تحت عدد 156 في الملف الإداري رقم 2180/4/2/2002 ( منشور في كتاب ” المنازعات الجبائية المتعلقة بربط وتحصيل الضريبة أمام القضاء الإداري ذ/ محمد القصري – منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية- ص 412
[27] – منشور بمجلة القضاء والقانون عدد