متى تأخذ محكمة الجنايات تحريات المباحث كدليل إدانة؟

“عدم جدية التحريات”.. سبب رئيسي يجده قضاة محكمة النقض مدون في كافة المذكرات المقدمة للطعن على الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات المختلفة، ويستند إليه المحامون كنقطة جوهرية أساسية في مطالبهم بإصدار حكما لصالحهم بإلغاء إدانة موكليهم بارتكاب الجرائم المنسوبة لهم في القضايا.

ويطعن المحامون دائما أمام النقض في أي اعترافات منسوبة للمتهمين في محاضر الضبط المحررة من قبل الأجهزة الأمنية المختصة، ويطالبون بإلغاء أحكام الجنايات المستندة لاعترافات المتهمين أمام الشرطة، زاعمين أنها تمت تحت إكراه مادي ومعنوي ما يبطل حكم الإدانة ويقضي بإلغاء العقوبات الصادرة ضد موكليهم.

محكمة النقض استحدثت قاعدة قضائية جديدة في حكم صادر في الطعن رقم 45337 لسنة 85 قضائية، انتهت فيه الجدل بشأن هذا البند القانوني الخاص بجدية التحريات المقدمة من الأجهزة الأمنية في الوقائع الجنائية، وجواز اعتماد محكمة الجنايات على إقرارات المتهمين سواء أمام الشرطة أو في أول جلسة تحقيق حتى وإن تراجعوا عن هذا الاعتراف.

وأرست محكمة النقض في القاعدة المستحدثة عدة مبادئ فسرت أسبابها في حيثيات الحكم، أبرزها أنه يجوز الاعتماد على إقرار المتهمين بنوعيه القضائي وغير القضائي، والمقصود به الاعتراف أمام النيابة أو المحكمة أو الشرطة، لإثبات ارتكاب المتهمين للجرائم المنسوبة إليهم، وأن الاعتراف في الجرائم الجنائية من عناصر الإثبات التي تمتلك محكمة الموضوع تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية.

وتضمنت القاعدة أن من حق محكمة الجنايات التعويل على إقرار المتهم في أي مرحلة خلال التحقيقات في القضية والأخذ منه بما تطمئن إليه، فضلا عن أن تقدير جدية التحريات أمر يعود لهيئة المحكمة إذا قررت تكوين عقيدتها بناء على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، واختتمت أن الجدل المثار بشأن سلطة محكمة الجنايات فى تقدير التحريات كدليل إدانة من عدمه أمر غير جائز طرحه أمام محكمة النقض.
وجاء نص القاعدة القضائية كالتالي:

من المقرر أن الإقرار بنوعيه – القضائي وغير القضائي – يعد طريقاً من طرق الإثبات، كما أن الإقرار فى المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصر من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية.

كما أن للمحكمة أن تعول على إقرار المتهم في أي مرحلة من التحقيقات، وأن تأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه، ومن ثم فلا جناح على الحكم أنه استند إلى إقرار المتهم كقرينة يعزز بها أدلة الثبوت ما دام لم يتخذ هذا الإقرار دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام.
وأيدت “النقض” حكم جنايات كفر الشيخ الصادر بالسجن المشدد 7 سنوات ضد 3 متهمين، والسجن المشدد 3 سنوات بحق متهم آخر، لإدانتهم في الجناية المقيدة تحت رقم 1197 لسنة 2014 كلي.

وسبق للنائب العام أن أحال المتهمين الأربعة للمحاكمة أمام جنايات كفر الشيخ، لاتهامهم بتكوين تشكيل عصابي ارتكب جرائم سرقة منقولات مملوكة للمواطنين ليلا بالطريق العام، عن طريق الإكراه باستخدام سلاح أبيض، وبعد صدور حكم الإدانة ضدهم طعنوا عليه أمام محكمة النقض.

وزعم دفاع المتهمين أمام محكمة النقض، أن الحكم المطعون فيه أدان المتهمين بجرائم السرقة بالطريق العام ليلا، دون الإفصاح عن الأدلة التي استخلصت منها محكمة الجنايات الحكم، كما دفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش والاعترافات المنسوبة للمتهمين، وشكك في تحريات الشرطة حيث وصفها بأنها تحريات مكتبية غير جادة تعيب الحكم وتستوجب نقضه وإلغائه.

وردت المحكمة على الطع، بأنها تطمئن إلى جدية التحريات تطمئن إلى وصدق ما أسفرت عنه من معلومات أثبتت ارتكاب المتهمين للجرائم المنسوبة لهم، وأن تقدير جدية التحريات أمر يرجع إليها سواء استندت إليها في حكمها بالإدانة أو لم تتخذها قرينة ضد المتهمين.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت