مبدأ الكفاية الدانية و فكرة الوحدة المادية للمستند

و يقصد بهذا المبدأ هو أن يكون المستند يحتوي على كافة البيانات اللازمة للغرض الذي حرر من اجله فمثلا الشيك يحرر لثلاثة أغراض و هما إثبات ملكية المستفيد للمبلغ المدون فيه و الغرض الثاني هو اعتبار الشيك أداة وفاء يمكن للمستفيد عن طريقها الحصول على حقه ( المبلغ المدون في الشيك) و الغرض الثالث هو إمكانية استعمال الشيك بوصفه ورقة تجارية للتعاملات التجارية التي تتسم بالسرعة و من ثم فوجب أن يشتمل على كل ما يلزم من بيانات دون الحاجة إلى التحقق و المراجعة و البحث و طلب مستندات إضافية لإكمال البيانات الأزمة لإتمام التعامل به .

– وهذا الغرض الثالث غير ملازم فقد تصدر شيك لا يحق تظهيرها كما انه ليس بالضرورة ان يكون مقصودا لدى تحرير الشيك و إنما هو من مستلزمات الشيك بصفته و طبيعته القانونية-

نطاق هذا المبدأ
في المقام الأول و الأهم فان هذا المبدأ مطلوب التطبيق بشدة في مجال المعاملات التجارية لكنه مطلوب أيضا في معاملات أخرى مثل التقارير الفنية الحساسة و المهمة و الوثائق الشخصية مثل الجواز و البطاقة السكانية والشخصية و رخصة القيادة و لذلك يعتبر خطأ فادحا إصدار البطاقة الذكية في البحرين بهذه الصورة إذ أنها تفتقر للبيانات المطلوبة على نحو الدوام و لذلك تقرر توفير جهاز قارئ البطاقات للبيع لمن يرغب و هي خطوة غير عملية على كل حال و تتنافى مع المبدأ المذكور
الوحدة المادية للمستند
يتفرع على المبدأ المذكور مبدأ أو فكرة الاتصال المادي بين أجزاء المستند لكن في كثير من الأحيان يكون ذلك متعذرا أو متعسرا كما في التقارير الفنية و المعاملات التي تتطلب عدة أوراق و في محاولة للتوفيق بين الواقع- وهو أن المعاملة لا يمكن اختزالها في ورقة واحدة- و بين مراعاة المبدأ المذكور تم العمل بعدة حلول منها

1- تدبيس جميع الأوراق مع بعض بنحو يصعب فصله و اعتباره وثيقة واحدة و مثال ذلك جواز السفر

2-أو الختم على كافة أوراق المعاملة و الإشارة كتابيا في كل صفحة إلى أن هذه المعاملة تتكون من كذا صفحة و ترقيم أوراق المعاملة الإشارة في المستند الى ملحقاته و صفاته و أمور أخرى يراها محرر المستند لازمة

3-كما تم اللجوء إلى حل آخر و هو تقرير التراتبية من اجل صدور المستند وفقا لهذا الحل فان الوثيقة المطلوبة لا تصدر إلى طالبها إلا بعد توفير كافة المستندات التي بناء عليها يتم إصدار الوثيقة و مثال ذلك شهادة السجل التجاري في البحرين فلا يمكن إصدار تلك الشهادة إلا بعد استيفاء المستندات المطلوب مثل موافقة الصحة و موافقة البلدية و بعض السجلات موافقة الداخلية و بعض السجلات موافقة وزارة الإعلام و هكذا فمتى تم إبراز شهادة السجل التجاري يعلم المفتش بنحو قاطع أنها ما كانت لتصدر لولا توفر كافة المستندات المطلوبة و هذا الحل يوفر إمكانية إصدار وثائق بحجم صغير و مقاوم للتلف في حجم رخصة السياقة بخلاف ما رأيت في إحدى الدول حيث تم تعليق ورقة بها ثلاثة عشر توقيعا للمسئولين المناط بهم إعطاء موافقتهم على فتح المطعم فكانت الوثيقة معلقة بالمطعم و مكتوبة بخط اليد و كل سطر به توقيع المسئول المطلوب

4- و هذا المبدأ و إن كان يتعلق بالجانب التجاري في المقام الأول و بالمعاملات المدنية في المقام الثاني لكنه يشكل دليلا قاطعا و واضحا متى استعمل في الجانب الجنائي كما في حالة جريمة إصدار شيك بدون رصيد و كذلك أي وثيقة إدانة ضد المتهم متى قدمت و كانت متصلة ماديا و بها كافة البيانات ذات العلاقة بموضوع الدعوى إما لو كانت تالفة جزئيا أو جزء منها مفقود أو تم تمزيقها و لم يمكن جمعها أو اختلطت أجزائها بأجزاء مستندات أخرى بحيث لم يمكن فصلها و فرزها بصورة جازمة فتصبح هناك فرصة لإهدار حجيتها كما يمكن استكمال الحجية بقرائن أخرى
و الخلاصة التي نتوصل إليها
2- على المتعاملين في القضايا الشرعية و غيرها الحرص دوما على مراعاة هذا المبدأ فان لم يمكن فعليهم مراعاة فكرة الاتصال المادي للمستند .
3- في حال لم يوفقوا للعمل بالبند السابق فعليهم العمل بفكرة التراتبية المذكورة أعلاه مع الإشارة إليها
4- و في حال لم يتمكنوا من ذلك فعليهم الحرص على ترقيم المستند و التوقيع أو الختم على كافة أوراقه و أن يذكروا في كل صفحة منه عدد أوراقه بل و الأفضل أن يذكروا عدد نسخه الأصلية و لمن أعطيت و ذلك لأنه لو ظهر أن هناك نسخ أكثر من المنصوص عليه فان ذلك يعني بالضرورة أن بعضها مزور و إن ظهر نسخ من المستند عند غير من تم النص على إعطاءه كان ذلك قرينة على إن نسخته هي المزورة دون غيرها كما يفيد ذلك عند ادعاء التزوير فيستدعى من بيده النسخة الأخرى لتقديم نسخته للمضاهاة. و لقد تم مراعاة ان تكون وثيقتي الزواج و الطلاق مبنية على فكرتي الكفاية الدانية ووحد المادية للمستند كما في النموذج التالي خلافا لبعض البلدان التي جعلت للزواج دفتر متعدد الصفحات .

الشيخ عبد الهادي خمدن
إعادة نشر بواسطة محاماة نت