ضرورة تطوير قوانين التعاملات العقارية
سعيد بن ناصر الحريسن

لعله من أهم المواضيع على الساحة الاقتصادية السعودية الأسبوع الماضي، إضافة بدل غلاء المعيشة لرواتب موظفي الدولة، للتصدي لظاهرة غلاء الأسعار، التي باتت مؤرقة للكثير، خاصة في جانب المواد الغذائية، والتكاليف السكنية وبمعنى أدق (الإيجارات العقارية) والتي كانت أحد أهم محاور ملتقى جدة للعقار وهو الملتقى الأول، الذي بحق تطرق لكثير من المسائل الإقتصادية العقارية والقانونية المهمة على حد سواء، روحه في ذلك روح التطوير وإرادة تقنين تلك التعاملات المهمة في حياة الناس. ولا يغيب عن كل صاحب اختصاص سواء اقتصادي أو قانوني، ما أولته القوانين العالمية لهذا الجانب من قدر كبير من الاهتمام، فقعدت لأجلها قواعد وقوانين تعمل على تنميتها وتطويرها، فظهرت قوانين ملكية الطبقات، واتحاد الملاك، والجمعيات السكنية، والتسجيل العيني للعقار، وقوانين عقود الإيجار الموحدة، والتمويل العقاري، والرهن العقاري وغيرها.

قوانين مختلفة تهدف إلى تنمية الحقل العقاري، والتي أحسب من أهمها (التمويل والرهن العقاري) والذي نترقب إشراقة نظامه قريباً، وكما هو معلوم فإن قرب صدوره صار بمثابة المحرك والدافع لإنشاء شركات التمويل العقارية، إذاً كيف نتصور رهناً بدون وجود تمويل. نرتقب صدوره، وليس صدوره فحسب، بل العمل على تطبيقه ليساهم في تسهيل التملك للوحدات السكنية.

وقد كان مما تناوله الملتقى أيضاً وهو من المسائل المهمة (التسجيل العيني للعقار) والصادر عام 1423ه، الذي حتى الآن لا زال يرتقب التفعيل بشكل فعلي، ولم نلحظ له في أرض الواقع أي نتيجة تذكر، وقد أعجبني ما سطره قلم الزميل عثمان العيسى، في زاويته (رؤى عقارية) يوم الأثنين 1429/1/19، حينما تحدث في مقاله عن قضايا حجج الاستحكام وما تجره من إشكالات مادية واجتماعية قد تتطور إلى جنائية. وأن من أهم حلول هذه الإشكالات، تفعيل نظام التسجيل العيني للعقار، ولا نقول (إن الزمن كفيل بالتطبيق).

ونأتي كذلك على قضية مهمة للكثير وهي قضية الزيادة في الإيجارات العقارية، وأحسب أن الملتقى لم يغفل عن طرح هذه القضية ونقاشها، فبنظرة عامة لصورة الواقع العقاري يظهر لنا أن أكثر من نصف المتعاملين بالعقود العقارية هم عبارة عن مستأجرين، فيتصدر عقد الإيجار على باقي تلك العقود، إلا أنه مع أهميته نجده لا يزال يعاني من فراغ تنظيمي مخيف، وزيادات مطردة، لا تخضع لقانون، صنوف من العقود العقارية المتداولة (كنماذج) بين مكاتب العقار، تفتقد في كثير منها إلى التنظيم والإلزام، ولا تستند إلا لقانون الأعراف العقارية المختلفة، الخاضعة لمزاجية ملاك العقار.

زيادة مطردة غير منضبطة لسان حالها يقول للمستأجر (اقتطع من دخلك جزءاً كبيراً.. فالإيجار قادم)، ولما كان هذا لسان الحال، ألا نحتاج مع هذا كله لرقابة عقارية ؟.

قضايا قانونية كثيرة تطرق إليها المنتدى، يحتاج السوق إلى ضرورة تقنينها، وتفعيل القوانين الخاصة بها إن وجدت، في الوقت الذي نشهد فيه كما يشهد العالم من حولنا تسابقاً في التنمية خالطه (عارض التضخم الاقتصادي). أعتقد أنه دائما توجد لدينا الإمكانات والآليات والنصوص القانونية التي تدعم عملية التطوير لكن، لماذا نغفل عنها ؟.

*باحث قانوني

[email protected]
إعادة نشر بواسطة محاماة نت