ما هو المقصود بالمحررات الرسمية ؟

أولاً: تعريف وشروط المحررات الرسمية

عرفت المادة العاشرة من قانون الإثبات المحررات الرسمية بأنها: “هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن. وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه”.

ويبين من هذا التعريف أنه يلزم توافر عدة شروط لكي يوصف المحرر بالرسمية هي :

الشرط الأول: صدور المحرر من موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة
والموظف العام هو كل من تعينه الدولة للقيام بخدمة عامة أو بعمل من أعمالها أو تنفيذ أوامرها سواءً كان يتقاضى أجراً على ذلك أم لا يتقاضى أجراً. وعلى ذلك فيعد موظفاً عاماً محضر المحكمة والعمدة والمأذون والقاضي وكاتب الجلسة والخبير والموثقون بصفة عامة.

الشرط الثاني: صدور المحرر من موظف عام في حدود سلطته واختصاصه
بمعنى أن تكون للموظف ولاية تحرير الورقة التي صدرت عنه. فإذا أصدر الورقة بعد عزله أو وقفه فإنها تكون باطله ولا يمكن وصفها بالورقة الرسمية.

كما يجب ألا يقوم مانع بالموظف يمنعه من إصدار الورقة. فلا يجوز أن يوثق الموظف محرراً يخصه هو أو يخص أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة.

كما يجب أن يدخل في اختصاصه إصدار مثل هذه الورقة في المكان الذي أصدر الورقة فيه. فلا يستطيع المأذون مثلاً أن يصدر شهادة ميلاد. كما لا يستطيع مأذون القاهرة أن يوثق عقود زواج في الإسكندرية.

الشرط الثالث: مراعاة الأوضاع القانونية في تحرير الورقة
يجب أن يلتزم الموظف في إصداره الورقة الأوضاع والشروط والقواعد التي قررها القانون لإصدار مثل هذه الأوراق. فلا بد أن يلتزم القاضي مثلاً بالأوضاع المقررة في تحرير الأحكام حتى يصبح الحكم ورقة رسمية. وهذه الأوضاع قد تضمنتها اللائحة التنفيذية لقانون التوثيق الصادر في 3 نوفمبر 1947. ويمكن تلخيص هذه الأوضاع فيما يلي:

يجب أن يوثق المحرر باللغة العربية وبخط واضح. وألا يشتمل على إضافة أو تحشير أو كشط. وأن يشتمل على كافة البيانات اللازمة للدلالة على تاريخ التوثيق وشخص الموثق ومكان التوثيق وأشخاص ذوي الشأن وأسماء الشهود. كما يجب على المحرر أن يتلو الصيغة الكاملة للوثيقة على ذوي الشأن ويجب أن يوقع الموثق والشهود وذوي الشأن عليها.

جزاء تخلف هذه الشروط أو بعضها:

إذا تخلفت هذه الشروط أو إحداها بأن صدرت الورقة مثلاً من غير موظف عام أو صدرت من موظف عام ولكنه غير مختص أو صدرت من موظف عام مختص ولكنه لم يلتزم بالأوضاع القانونية المقررة لتحرير الورقة. فإن الورقة تكون باطلة. ولكنها لا تفقد كل قيمتها بل تكون لها قوة المحررات العرفية متى كانت موقعة من ذوي الشأن. إذا لم تكن الرسمية أحد أركانها. أما لو كانت الرسمية أحد أركانها فإن فقدت الورقة صفة الرسمية تنعدم الورقة وينعدم من ثم التصرف الصادر بناء عليها لفقده أحد أركانه.

ثانياً: حجية المحررات الرسمية في الإثبات

إذا توافرت الشروط السابق بيانها في المحرر فإنه يعتبر محرر رسمي ويعتبر حجة بذاته. فلا يطلب ممن يتمسك به أن يقيم الدليل على صحته بل يكون على الخصم الذي ينازع فيه أن يقيم الدليل على صحة إدعاءه ببطلان المحرر عن طريق دعوى التزوير. ولكي يكتمل للمحرر الرسمي حجيته هذه يجب أن يكون مظهر المحرر دالاً على رسميته. فلا يكون به كشط أو محو أو حذف أو إضافة أو تحشير. فإذا وجد شيء من ذلك بالمحرر فإن ذلك يعيبه بما يجعل للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بإهدار حجية هذا المحرر وتدعو الموظف الذي أصدره ليبدي أقواله في هذا العيب.

حجية البيانات المدونة بالمحررات الرسمية

المحرر الرسمي يعتبر حجة بصحة ما دون فيه من بيانات ولا يمكن نقض حجية هذه البيانات إلا بالطعن بالتزوير. وتثبت الحجية فقط للبيانات التي أثبتها الموظف العام بنفسه. أو التي وقعها ذوي الشأن في حضور الموظف العام. أما البيانات التي وقعها ذوو الشأن في غير حضور الموظف العام واقتصر دور الأخير فقط على تدوينها تحت مسئوليتهم لا تعتبر حجة.

حجية المحررات الرسمية بالنسبة للأشخاص

المحررات الرسمية حجة على الكافة. فهي ليست حجة على أطرافها فقط وإنما تنصرف حجيتها إلى الكافة وبالتالي فلا يستطيع أطراف المحرر الرسمي أو غيرهم إنكار ما جاء به من بيانات مما يلحقه وصف الرسمية.

أما غير ذلك من البيانات التي لا تحوز الحجية كأن دونت بمعرفة ذوي الشأن في غير حضور الموظف أو كانت في حضوره ولكن دونها خارج نطاق سلطته واختصاصه. فلا تحمل وصف الرسمية ويجوز نقضها سواءً من قبل الأطراف أو الغير بطرق الإثبات العادية.

حجية صور المحررات الرسمية

نظراً لانتشار التصوير الضوئي فقد سوى القانون بين الصور الخطية من المحررات الرسمية والتي تتم أمام الموظف العام أو الموثق والصور الضوئية التي تتم أمامه أو بمعرفته. ولبيان حجية هذه الصور يجب التمييز بين فرضين:

أولاً : حالة وجود أصل الورقة الرسمية
إذا كان أصل المحرر الرسمي موجوداً فإن صورته الرسمية خطيه كانت أو فوتوغرافية (ضوئية) تكون حجة بالقدر الذي تكون مطابقة للأصل. وتعتبر الصورة مطابقة للأصل ما لم ينازع في ذلك أحد الطرفين وفي هذه الحالة تراجع الصورة على الأصل.

لكن يلاحظ أن الصورة هنا محررة بواسطة موظف عام أو بمعرفته. لذلك يفترض القانون أنها مطابقة للأصل ما لم يثبت العكس بإنكار أحد الأطراف. وعلى ذلك إذا لم ينكر أحد الأطراف صورة المحرر الرسمي في قضاء أول درجة مثلاً فلا يستطيع إنكار حجيتها في قضاء ثاني درجة أو أمام محكمة النقض.

ثانياً : حالة عدم وجود الأصل
إذا لم يوجد أصل المحرر الرسمي كانت الصورة حجة على الوجه الآتي:

يكون للصورة الرسمية الأصلية التي أخذت عن طريق الموظف المختص حجية الأصل متى كان مظهرها الخارجي لا يسمح بالشك في مطابقتها للأصل.

يكون للصورة الرسمية المأخوذة من الصورة الأصلية الحجية ذاتها ولكن يجوز في هذه الحالة لكل من الطرفين أن يطلب مراجعتها على الصورة الأصلية التي أخذت منها.

أما ما يؤخذ من صور رسمية للصور المأخوذة من الصورة الأصلية فلا يعتد به إلا لمجرد الاستئناس تبعاً لظروف الحال