ما هو المقصود بالقضاء المستعجل؟

ماهية القضاء المستعجل من بين مؤسسة القضاء عموما

ان القاعدة في وظيفة القضاء العادي – وبعد الاغراق في الاجراءات الشكلية وسلوك مساطر معقدة واستنفاد درجات التقاضي يطول معها النزاع ويطمس احيانا وجه الحق – ان يضع حدا للنزاع المرفوع اليه باصداره حكما فاصلا في الموضوع، فيكشف بذلك عن وجه الحق فيما يدعيه كل الخصوم، فيكون الحكم الصادر عنوانا للحقيقة جديرا بان يجوز حجية الامر المقضي .

ولما كانت مثالب القضاء العادي عديدة تؤدي في كثير من الاحيان الى اهدار حقوق الاطراف، ولا تتحقق معها العدالة المنشودة، فان القضاء المستعجل الذي يشذ عن طبيعة القضاء العادي يقوم، اساسا، على فكرة اسعاف الخصوم باحكام سريعة قابلة للتنفيذ الجبري، من شانها ان تضع الخصوم، في مركز مؤقت ريثما يفصل في اصل الحق (1) ، فيقصد به الفصل، بصفة مؤقتة، في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الاوان دون المساس باصل الحق بقرار ملزم للخصوم بقصد المحافظة على الاوضاع القائمة، أو احترام الحقوق الظاهرة، او صيانة مصالح الطرفين المتنازعين (2 ) ، فهو اذن، حماية عاجلة ليس من شانها ان تكسب حقا لهذا المتقاضي او تهدر حقا لذاك، فهو قضاء يضع حدا للتعدي فورا(3 ) ، وقد جاء في منشور لوزارة العدل، من حيث مفهوم القضاء المستعجل، انه يطلق على مسطرة مختصرة تمكن الاطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في حين معجل التنفيذ في نوع من القضايا لا يسمح بتاخير البت فيها دون ان تسبب ضررا محققا (4 ).

فالقضاء المستعجل هو نظام الاسعاف القانوني، الذي يقي المراكز القانونية من الأخطار التي يمكن ان تهددها من جراء اتباع طريق التقاضي العادي، وكما ان حياة الانسان ساعة الخطر تكون رهنا بسرعة نجدته، فانه كثيرا ما يتوقف نفاذ المركز القانوني على التعجيل بحمايته القضائية (5 ).

وعلى أية حال، فان القضاء المستعجل يبقى له شان كبير امام القضاء العادي حيث يحافظ على الحقوق الظاهرة للخصوم، وينبه هؤلاء الى مراكزهم القانونية الصحيحة والى وضعياتهم السليمة، فيسد على سيئ النية الأبواب ويعيقه على تحقيق مقاصده، واحيانا أخرى يحمي الحجة والدليل الى ان يقع الفصل في الموضوع .