القضاء المستعجل كأحد أهم التشريعات المستحدثة

يتسم العصر الحالي بالحضارة الصناعية واتساع نطاق المعاملات وتشعبها بين المتعاملين، وتنوع مشاربها بعد التغيير الجذري في شتى مناحي الحياة، سياسيا، واجتماعيا، واقتصاديا، فاصبحت التكنولوجيا طاغية على حياتنا اليومية، فازداد بذلك ايقاع الحياة حتى اصبحت السرعة هي الطابع المميز لها والسمة الاساسية لكل عمل يومي. وكان نتيجة ذلك ظهور تشريعات كثيرة لمواكبة ذلك الايقاع وذلك التطور السريع، فكان القضاء المستعجل على راس تلك التشريعات فجاء ليستجيب لحاجة السرعة، لكن، لا على حساب العدالة، بما تتطلبه من اهمال الخصوم لتهييء دفاعهم، واناة القضاة في اصدار احكامهم، وانما ليقدر الضرورة حق قدرها، فيستجيب لها استجابة مؤقتة تاركا الحماية الحاسمة لقضاة الموضوع الذين يتناضل الخصوم امامهم في اصل الحق .

فاهمية القضاء المستعجل هي انه يرد العدوان البادي لاول وهلة من ظاهر المستندات باجراءات وقتية تتغير كلما جد جديدة في ظروف النزاع وتتميز بالبساطة والمرونة وقلة النفقات، مع الاقتصاد في الوقت واختصار في الاجراءات، وبذلك يكون القضاء المستعجل عامل توفيق بين الاناة اللازمة لحسن سير العدالة وبين نتائج هذه الاناة التي قد تعصف احيانا بحقوق الخصوم .

وعلى الرغم من الصفة الوقتية التي يتصف بها القضاء المستعجل وتميزه عن القضاء العادي، فان له في مجال الحياة العملية القضائية اهمية كبرى، كثيرا ما يؤدي الى فض النزاع، ويزهد الاطراف في الخصومة، بسبب كون القرار الذي يصدر عنه يثير في الغالب تعرف الخصوم على وجه المنازعة، ويجعلهم امام امر واقع يصبح معه الاستمرار في الخصومة غير منتج، ولذلك عظم شان هذا القضاء واتسعت الدائرة التي يعمل بها، وقضى على كثير من وسائل الكيد والرغبة في اكتساب الوقت،