بواسطة باحث قانوني
الحماية الدبلوماسية وما هي شروطها و طبيعتها – محاماة نت

تّشكل الدولة كياناً قانونياً وسياسياً يقوم على عناصر ثــــلاث هــــــي ؛الإقليم , والشعب , والسيادة , وإذا كان حق الدولة في حماية إقليمها من أي مساس بهأو اعتداء عليه هو من الحقوق الثابتة والمستقرة ، فإن من حقها أيضا حماية شعبهاوالدفاع عن حقوقه ، وحيث أن المواطنين هم العنصر الرئيسي المكوّن لشعب الدولة فإنحمايتهم ورعاية حقوقهم في الداخل والخارج حق ثابت للدولة ، وقد تضمنت أحكامالقانون الدولي نظام تلك الحماية – حماية مواطني ورعايا الدولة في الخارج – وهوالمعروف بالحماية الدبلوماسية ، كما أقرت أحكام القانون الدولي بعد ذلك للمنظماتالدولية بالحماية الدبلوماسية ( الحماية الوظيفية التي تمارسها المنظمات الدوليةتجاه الموظفين التابعين لها ) , حيث لم تعد الحماية الدبلوماسية مقصورة على الدولفقط ، وموضوع بحثنا يدور حول الحماية الدبلوماسية التي تمارسها الدولة تجاهالأفراد التابعين لها .

والحماية الدبلوماسية هي إحدى الوسائل التي تعبر بها الدولة عن ممارسةالاختصاص الشخصي تجاه مواطنيها ورعاياها ، حيث يؤدى الضرر الذي يلحق فردا بعينهإلى تحمل الدولة التي ارتكبت الفعل المخالف للقانون الدولي تبعة المسئولية إزاءالدولة التي يتبعها المجني عليه بجنسيتها ، وبالتالي فالحماية الدبلوماسية أداةلتحريك المسئولية الدولية ، تجاه الدولة التي أخلت بالتزاماتها نحو مواطني ورعاياالدول الأخرى . لقد ازدادت أهمية هذا الموضوع مع ازدياد التطورات الحديثة في المجتمعالدولي التي أدت إلى تشعب العلاقات الدولية في المجال الاقتصادي وسهولة انتقالالأموال وازدياد حجم العلاقات بين الدول والأفراد مما قد يؤدى إلي احتمال تعرضالأفراد لأضرار قد تلحق بأشخاصهم أو مصالحهم , كما تكمن أهمية هذا الموضوع فيالأسس التي من شأنها أن تساعد على حماية حقوق الأفراد والدفاع عنهم على المستوىالدولي إذا ما تعرضت مصالحهم للضرر . ولذلك فإن دراسة موضوع الحماية الدبلوماسية يحتاج إلى دراسة خاصة وعلى قدرمن الاهتمام , وان نحاول قدر الإمكان الإلمام بالجوانب المهمة للحماية الدبلوماسية. والإشكاليات التي سنتعرض لها في هذا البحث تدور حول إيجاد التعريف المناسبللحماية الدبلوماسية وطبيعتها القانونية من حيث أنها حق للدولة أو حق للفرد ، وماهي الشروط اللازم توفرها لممارستها , وفى حالة توفر هذه الشروط , ما هي الوسائلالتي يتم بها مباشرة الحماية الدبلوماسية .

وقـــد تـنـاولتُ موضوع الحماية الدبلوماسية في مبحثين , اقـتــصرتفـــــــــــي (( المبحث الأول)) على الجانب النظري فقمت فيه بتعريف الحمايةالدبلوماسية وبيان طبيعتها القانونية , أما في (( المبحث الثاني )) فقد اعتمدت على الجانب التطبيقي بخصوص شروط ممارسة الحماية الدبلوماسية ووسائل مباشرتها .

المبحث الأول :ـ ماهية الحماية الدبلوماسية
المطلب الأول :ـ التعريف بالحماية الدبلوماسية
المطلب الثاني :- الطبيعة القانونية للحماية الدبلوماسية

المبحث الثاني :- آليات إعمال الحماية الدبلوماسية
المطلب الأول :- شروط ممارسة الحماية الدبلوماسية
المطلب الثاني :- وسائل مباشرة الحماية الدبلوماسية

المبحث الأول
ماهية الحماية الدبلوماسية

سنتطرق في هذا المبحث للتعريف بالحماية الدبلوماسية من خلال ذكر أهمالتعريفات التي تناولت الحماية الدبلوماسية ثم نبين التعريف الذى نراه مناسبا (المطلب الأول) , ثم نتناول الطبيعة القانونية للحماية الدبلوماسية وذلك من حيثكونها حق للدولة أو حق للفرد وإمكانية التنازل عنها ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول :ـ التعريف بالحماية الدبلوماسية

تعرف الحماية الدبلوماسية بأكثر من تعريف ، وذلك باختلاف وجهـــات الــنـــظـر أو حسب الزاوية التي ينظر منها لهذه الحماية ، فالأستاذLouis Du Bouis”””لويس دو بوي” يعرف الحماية الدبلوماسية بأنها (( أي عمل تقوم به دولةلدى دولة أجنبية أخرى للمطالبة لصالح مواطنيها باحترام القانون الدولي أو الحصولعلى بعض المزايا )) , ونلاحظ أن هذا التعريف جاء موسع في بيان مضمون الحمايةالدبلوماسية وذلك إن الحصول على مزايا لمصالح مواطني الدولة ليس من قبيل الحمايةالدبلوماسية وأيضا إهماله لشروط ممارسة الحماية الدبلوماسية .

بينما يعرفها الأستاذ Henri Capitant”” “هنريكابيتانت” بأنها (( تصرف تقرّ دولة ما بموجبه أن تأخذ على عاتقها نزاع أحدمواطنيها أو رعاياها , ضد دولة أخرى وترفع بذلك النزاع إلى المستوى الدولي من خلالالطريق الدبلوماسي أو الطريق القضائي )) , أما هذا التعريف فهو يركز على الحمايةالدبلوماسية من منظور إجراءاتها ، وتركيزه على النزاع وتحويله من نزاع داخلي إلىدولي , وإهماله شروط ممارسة الحماية الدبلوماسية .كما عرفها ” “Cuthbert Joseph ” كثبيرت جوزيف”بأنها (( هي أحد مظاهر السيادة االتي تتمتع به الدولة وفقاً لمبادئ القانون الدوليالعام , وفي إطار حقوقها والتزاماتها الدولية المتبادلة في القانون الدولي )) , إنهذا التعريف الذي يعبر عن حق الدولة في حماية مواطنيها بما لها من سيادة , لا يبينمضمون الحماية الدبلوماسية ذاتها أو شروط اللجوء إليها, وكذلك حق المنظمات الدوليةفي حماية موظفيها , وإنما يقتصر علي أساس الحق في ممارسة الحماية الدبلوماسية .

أما الفقيه “Borchard ” ” بورشارد” فقد تناول الحماية الدبلوماسية (( باعتبارها الإجراء الذي تتقدم به دولة ماضد دولة أخري بشأن الأضرار التي يتعرض لها مواطنيها )) , وقد أورد هذا التفسير فيتقريره المقدم عام 1931 ف عن الحماية الدبلوماسية للمواطنين في الخارج إلي معهدالقانون الدولي . حيث قصرها علي دراسة ” شروط الحماية في حالة تقديم طلب رسميدولي بالتعويض ” ونلاحظ أن هذا التفسير يعتبر تفسيراً شكلياً للحمايةالدبلوماسية , فهو يركز علي الإجراء القضائي لهذه الحماية , ولكن تطور الحماية الدبلوماسيةمن حيث وسائلها وأشخاصها يقتضي تعريفاً أوسع من ذلك .
أما بالنسبة لبعض الفقهاء العرب فقد ذكروا بعض التعريفات بخصوص الحمايةالدبلوماسية منها . تعريف الدكتور “إسماعيل الغزال” الذي جاء كالتالي ((الحماية الدبلوماسية هي الآلية التي تساعد الدولة بموجبها مواطنيها ورعاياهاالمضرورين , وتأخذ علي عاتقها مسئولية مطالبهم )) ,

كما عرف الدكتور”الغنيمي” الحماية الدبلوماسية بأنهـــــــا (( النظام الذي يسمح للدولةبأن تتبني قضية مواطنيها , وتطالب بإصلاح ما لحقهم من ضرر أو التعويض عنه )) .

أما الدكتور ” حامد سلطان” فيري (( أن الغالبية العظمي من حالاتالمسؤولية إنما تنشأ عما يلحق الأجانب علي إقليم دولة أخري من أضرار , وأنالمسؤولية الدولية علاقة قانونية بين أشخاص القانون الدولي , وأنه إذا ما تظلم أحدالأجانب المقيمين علي إقليم دولة أخري من أضرار لحقت شخصه أو ماله , فإن الدولة التيينتسب إليها هي التي تقاضي الدولة التي صدر عنها العمل غير المشروع )) .بينما يوضح الدكتور ” محمد حافظ غانم ” الحماية الدبلوماسية بقوله : (( تبدأ الحماية الدبلوماسية عادة بأن تتدخل الدولة التي ينتمي إليهاالأفراد الذين لحقتهم الأضرار لدى الدولة المسئولة لكي تحصل علي تعويض مناسب ,ويتم هذا الاتصال عن طريق القناصل أو البعثات الدبلوماسية وإذا تبين أن هناك خلاففي وجهات النظر بين الدولتين حول مبدأ المسئولية أو حول تقدير التعويض كان للدولةالتي يتبعها من أُضير( لحق به الضرر) من الأفراد أن تتبنى مطالباتهم , وبهذا تتحولطبيعة النزاع من نزاع داخلي بين دولة وأجانب إلي نزاع دولي )) .

ومن خلال استعراض التعريفات السابقة نلاحظ أن الفقه العربي عند تحديدهلمفهوم الحماية الدبلوماسية , فإنه يتناولها من خلال موضوع المسؤولية الدولية .ويمكن تلخيص أهم الانتقادات الموجهة إلي تلك التعريفات من حيث اقتصارها فقط عليالناحية الإجرائية والشكلية وعلي حماية الأفراد , في حين تمتد الحماية الدبلوماسية لتشمل مصالح الدولة العامة ومصالح الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين , أيضا تمتد فيحالات استثنائية لتشمل مصالح ورعايا دول أخر , وإن ممارسة الحماية الدبلوماسية ليسمقصوراً علي الدول فقط بل للمنظمات الدولية الحق في حماية موظفيها ” الحمايةالوظيفية “. من مجموع ما تقدم من تعريفات يمكن أن نعرف الحماية الدبلوماسية (( بأنهاقيام الشخص الدولي بممارسة حقه في حماية مواطنيه – الأشــخــاص الطــبــيعيين والاعتباريين- أو رعاياه إذا توفرت شروط هذه الحماية , تجاه شخص دولي أخر , وذلك لإصلاح ماتعرضوا له من أضرار , وبالوسيلة التي يراها مناسبة وفق قواعد القانون الدولي العام)).

نلاحظ أن هذا التعريف يتميز بالخصائص التالية :
1- إن الحماية الدبلوماسية لم تعد مقصورة علي الدول , وخاصة بعد صدور فتوىمحكمة العدل الدولية عام 1949 , حيث اعترفت للمنظمات الدولية بحق ممارسة الحمايةالدبلوماسية ” الحماية الوظيفية ” لوكلائها وموظفيها وخبرائها وتابعيها. ولذلك ورد في التعريف ” قيام الشخص الدولي ” , فالشخص الدولي يشملكلاً من الدولة والمنظمات الدولية المعترف لها بالشخصية الدولية .

2- تم الإشارة في هذا التعريف إلي حق الشخص الدولي في ممارسة الحمايةالدبلوماسية ” قيام الشخص الدولي بممارسة حقه ” , وذلك لان الحمايةالدبلوماسية حق للشخص الدولي وليست حق للفرد كما سنوضــــح في المطلب الثاني .

3- إن الــحمــايــة الدبـــلـومـــاسية لـيســت مــقصـــورة عليحــمــايـة الأفـراد – الأشخاص الطبيعيين – فقط , بل تمتد لتشمل الأشخاصالاعتباريين , وأيضا تمتد في حالات استثنائية لتشمل مصالح ورعايا دول أخري , وقدتم الإشارة إلي ذلك بعبارة “حماية مواطنيه – الأشــخــاص الطــبــيعيينوالاعتباريين – أو رعاياه ” .

4- يـتـضــمـن هـذا الـتـعريــف شروط الحماية الدبلوماسية من خــلال عــبــارة ” إذا توفرت شروط هذه الحماية ” حيث أن الفرد – الشخص طبيعيأو معنوي – الذي يحمل جنسية الدولة أو يكون تابعاً لمنظمة دولية , ولحق به ضرر ,ولم يستطيع الحصول علي تعويض مناسب من خلال وسائل الإصلاح المحلية , أو اعترضتهبعض الصعوبات والعقبات في بلد الإقامة , فإن دولته أو المنظمة التي يتبع لها تتدخللحمايته .

5- كما أن هذا التعريف لا يعلق ممارسة الحماية الدبلوماسية علي وقوع الخطأ.بل يركز علي وقوع الضرر , دون النظر إلي وقوع خطا من الدولــــة أم لا ((المسؤولية الموضوعية ))
6- يتضمن هذا التعريف كذلك وسائل الحماية الدبلوماسية وذلك من خلال عبارة,”وبالوسيلة التي يراها مناسبة وفق قواعد القانون الدولي ” فلم نقيد هذهالوسائل بوسيلة معينة , وذلك لان الشخص الدولي له حرية اختيار الوسيلة التي يتدخلبموجبها لحماية مواطنيه ورعاياه سواء أكانت وسيلة سياسية أم وسيلة قضائية , ولكنناقيدنا الوسيلة التي يلجأ إليها الشخص الدولي بالوسائل التي تتفق مع قواعد القانونالدولي العام .

المطلب الثاني :- الطبيعة القانونية للحماية الدبلوماسية

من القواعد المسلمة في الفقه والقضاء الدوليين أن الحماية الدبلوماسية حقللدولة ولكنها ليست حقاً من حقوق الأفراد , وأن دعوى المسئولية الدولية التيتحركها الدولة المدعية لحماية مواطنيها دبلوماسياً علاقة قانونية بين الدولتينالمدعية والمدعى عليها لا شأن للفرد موضوع الحماية بها إطلاقا , فبمجرد تدخلالدولة المدعية لحماية الفرد المتمتع بجنسيتها – أو ما في حكمه – تنتهي العلاقةالقائمة بينه وبين الدولة المدعى عليها , لتحل محلها علاقة من نوع جديد بين هذهالأخيرة والدولة المدعية .

وبناء علي ذلك قضت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في حكــمـها الصــــــادرفي 30 – 8 – 1924 ف , في النزاع بين ” بريطانيا واليونان” في شأن قضيةعقود الامتياز الممنوحة في فلسطين ” لمافروماتيس” بما يأتي (( منالمبادئ الرئيسية في القانون الدولي أن كل دولة لها الحق في حماية مواطنيها إذالحقتهم اضرر نتيجة لما يصدر عن الدول الأخرى من أعمال تخالف أحكام القانون الدولي, وذلك إذا لم يستطيعوا الحصول علي الترضية المناسبة عن طريق الوسائل القضائيةالداخلية .

والدولة إذا تتبني قضية أحد مواطنيها , وتلجا في شأنها إلي الطريق الدبلوماسيأو إلي الوسائل القضائية الدولية , فإنها – في واقع الأمر – إنما تؤكد حقها هي ,أي حق الدولة في أن تكفل – في أشخاص مواطنيها – الاحترام اللازم لقواعد القانونالدولي … , وإذا حدث أن تقدمت إحدى الدول , نيابة عن أحد مواطنيها , بقضية ماإلي محكمة دولية , فإن هذه الدولة وحدها هي التي تعتبر في نظر المحكمة التي ترفعإليها الدعوى الجهة المطالبة بالتعويض )) .

وقد أيدت محكمة العدل الدولية في قضية نوتنبوهم بين ” ليشتنشتين وغواتيمالا ” في 6 – 4 – 1955ف , ما انتهت إليه محكمة العدل الدولية الدائمةفي قضــــــــــية ” مافروماتيس ” , حين أكدت أن الحماية الدبلوماسيةتعتبر حق للدولة . وقد ذكرت : (( بأن الحماية الدبلوماسية تُشكِل , عن طريقالوسائل القضائية , إجراءات للدفاع عن حقوق الدولة )) .وبهذا فإن الحق في ممارسة الحماية الدبلوماسية حقا خاص بالدولة لإصلاحالأضرار التي تلحق بمواطنيها ورعاياها , ولذلك فبمجرد أن تتدخل الدولة لحمايةالفرد المتمتع بجنسيتها تنتهي العلاقة بينه وبين الدولة المسئولة , لتحل محلهاعلاقة جديدة بين دولة الفرد المضرور والدولة التي ارتكبت الفعل غير المشروع ,فيتحول النزاع من المستوى الداخلي إلي المستوى الدولي .

ويترتب علي اعتبار الحماية الدبلوماسية حقا خاصا بالدولة عدد من النتائج فيغاية الأهمية والتي تتمثل في الأتي :-

1- للدولة مطلق الحرية في التدخل أو عدم التدخل لحماية مواطنيها , فهذاالأمر يخضع للسلطة التقديرية المطلقة لدولة الشخص المضرور , دون أن تكون ملزمةبتبرير قرارها بأي طريقة كانت , والفرد لا يستطيع أن يجبر دولته علي ممارسةالحماية الدبلوماسية إذا لحق به ضرر . ومحكمة العدل الدولية أشارت في قضـــــية” برشلونة للقوي المحركة” عام 1970ف , إلي حرية الدولة في ممارسةالحماية الدبلوماسية عندما قررت انه (( يجب أن يكون للدولة الحرية التامة في تقديرما إذا كانت ستمارس الحماية الدبلوماسية …., ومدي نطاق هذه الحماية , ومتي ينتهيأجل هذه الحماية … )) .

2- إن للدولة الحق في التنازل عن حقها في حماية رعاياها سواء بعد وقوعالفعل الضار أو قبل وقوعه , كما لها الحق في التنازل عن دعوى المسئولية الدولية فيأي مرحلة من مراحلها , بل والتنازل عن تنفيذ الحكم الصادر لمصلحتها بعد صدوره ,ولا يؤثر في صحة التنازل رضا الفرد موضوع الحماية بالتنازل أو اعتراضه عليه , وإنالقرار الذي تتخذه الدولة في هذا الصدد يكون من قبل أعمال السيادة , التي لا يجوزالطعن فيها أمام المحاكم الداخلية .

3- كذلك يترتب علي اعتبار الحماية الدبلوماسية حقا للدولة التي يحملالمضرور جنسيتها , مطلق الحرية في اختيار لحظة تحريك دعوى المسئولية الدولية , وفياختيار وسيلة تحريكها والجهة القضائية التي تلتجئ إليها .

4- للدولة الحق في التصالح مع الدولة المدعى عليها أياً كانت شروط الصلحوأحكامه , حتى ولو كان من شأنها المساس بحقوق الفرد موضوع الحمــاية أو الإضرار به.

5- إذا ما حكم للدولة المدعية بتعويض , فلها مطلق الحرية في تحديد كيفيةالتصرف فيه , ولا يوجد في القانون الدولي العام ما يلزم الدولة بتسليم التعويض كلهأو بعضه للفرد موضوع الحماية , والتعويض في نظر القانون الدولي حق للدولة وليس حقمن حقوق الفرد , ومن ثم فلها حرية التصرف فيه علي النحو الذي تراه .

ومن خلال ما تقدم فقد أوضحت أن الحماية الدبلوماسية في تكييفها الصحيح , حقللدولة وليست حق للفرد , ويترتب علي هذا التكييف نتيجة منطقية مقتضاها أن التنازلعن الحماية الدبلوماسية من الأمور الجائزة لدولة , ولكنه يكون باطلا إذا وقع منالفرد , في صورة ما يعرف “بشرط كالفوا” , لان الشخص لا يملك التنـــــازلإلا عن حقوقه وحدها دون تلك الثابتة لغيره من الأشخاص , ولذلك سنتطرق إلي بيان”شرط كالفوا”شرط كالفوالقد عملت بعض الدول على أن تضمّن العقود العامة التي تبرمها مع الأجانبشرطاً بموجبة يتنازل الأجانب المتعاقدين مع الدول عن حقهم في الحصول على حمايةدولتهم فيما يتعلق بتنفيذ العقد , فهذه الدول حاولت تحديد مسؤوليتها الدولية عنالأضرار التي تصيب الأجانب على إقليمها , وتقرير الإعفاء المطلق من تحمل تبعةالمسؤولية الدولية سواء تبث التقصير أم لم يثبت , وتتعهد الشركة أو الفرد بمقتضىهذا الشرط , أن تكتفي بطرق التقاضي المحلية , وعدم الالتجاء إلى دولته لممارسةالحماية الدبلوماسية لصالحه , ويعرف هذا الشرط بشرط كالفوا ذلك نسبة إلى”كارلوس كالفو” وزير خارجية الأرجنتين الأسبق وأستاذ القانون الدوليبجامعاتها .هذا ومن المعروف أن دول أمريكا اللاتينية كثيراٌ ما تضمن ما تبرمه من عقودمع الأجانب هذا الشرط ” شرط كالفوا ” , وقد اتخذ هذا الشرط صوراٌ عديدة, أكثرها شيوعاٌ ذلك النص الذي درجت المكسيك علي تضمينه في عقودها مع الأجانب المقيمين على إقليمها, وهذا صورته (( يعتبر المتعاقد الأجنبي كالوطنين في كلالأمور التي قد يتطلبها أو يثيرها تنفيذ هذا العقد داخل جمهورية المكسيك , ومن ثمليس له أن يطالب بأية حقوق أو وسائل تقاض , أو تعويض أكثر من الحقوق والوسائلالمقررة في قوانين جمهورية المكسيك الخاصة بمواطنيها , كما يقر بعدم الإذن بالتدخلالدبلوماسي من جانب دولته للمطالبة – نيابة عنه – بأي حق من حقوقه تنفيذاً لهذاالعقد )) .

ومن منطلق أن الحماية الدبلوماسية حق للدولة ولكنها ليســـت حــــقللفـــرد , جواز التنازل عنها من قبل الدولة , وبطلانه إذا ما وقــع من الفردفـــي صـــــورة ما يعرف “بشرط كالفوا” , لان الشخص لا يملك إلا التنازلعن حقوقه وحدها دون تلك الثابتة لغيره من الأشخاص .
وقد استقر القضاء الدولي – بعد تردد لم يطل – على الحكم ببطلان هذا الشرط ,ومن ثم فلم يرتب عليه أيه نتائج على الإطلاق .