من هو الوسيط الأسري؟

ذ.عزالدين بوديع

الوسيط طرف ثالث في عملية الوساطة الأسرية، التي هي وسيلة بديلة لفض المنازعات، وقد انتشرت هده التقنية في العالم عامة وفي المغرب خاصة، لذلك أفتخر كل الفخر بانتمائي لخريجي الجيل الأول لمسلك الوساطة شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، بعد التخرج جعلت نصب عيني نشر مبادئ وقيم الوساطة بكل مجالاتها، وخاصة الأسرية منها، وحتى تتضح الصورة، ويتحقق المراد، خصصته هذا المقال للتعريف بالوسيط ومن له الأهلية لهذه المهمة وماهي مهامه و ما المهارات التي يتمتع بها الوسيط الناجع والناجح.

  • من هو الوسيط :

الوسيط لغة هو المتوسط بين متخاصمين يفصل بينهما. وفي اصطلاح الوسطاء، هو طرف ثالث محايد بين طرفين متنازعين، مسير لا مقيم لعملية الوساطة، وليست من ملكه بل هي ملك لأطراف النزاع. ويتدخل في نزاع برضى الطرفين قصد  مرافقتهما نحو حل نابع منهما. والوسيط أيضا هو ذالك المرافق المسؤول عن تدبير وإدارة النزاع بطرق ومهارات عالية الجودة توفر الاستقرار النفسي للأطراف مع خلق بيئة ملائمة للإبداع وتناقح الأفكار والآقتراحات وطرح الحلول، نحو الخروج بحل نهائي وفعال.

  • المؤهلون للوساطة الأسرية:

الوساطة  الأسرية نوعان قضائية واتفاقية، فالقضائية هي تلك التي تمارس بإشراف من القضاء وتوجيه وتتطلب بالضرورة وجود نزاع معروض أمام المحكمة، وتكون إما مباشرة من طرف قاض من القضاة المكلفين بقضايا الوساطة وهو القاضي الوسيط، وإما أن يقوم بها وسيط محترف تعينه المحكمة المعروض عليها النزاع من ضمن قائمة الوسطاء المعتمدين لديها، والذي يكون في غالب الأمر من دوي الخبرة في الميدان القانوني كقاض متقاعد أو محام أو خبير. ويمكن أن يكون الوسيط مؤسسة مختصة في الوساطة كمكتب للدراسات والاستشارات القانونية أو جمعية مهنية أو مركز متخصص في الوساطة الأسرية.

أما المؤهل للوساطة الاتفاقية فيتم اختياره، بناء على رضا الطرفين المشترك، واعتمادا على ما يتمتع به الوسيط من قيم ومؤهلات عملية وعلمية، تؤهله للقيام بفتح الحوار بين الطرفين، وتهيئ أجواء التواصل، وإدارة النزاع، واستعراض الأطروحات الممكنة، والبدائل للوصول إلى أنسب نقطة تفاهم، في المستوى الذي تلتقي فيه مصالحهما، والانتهاء إلى قرار يضع للنزاع بينهما ثم صياغته والمصادقة عليه، وهذا الشخص قد يكون خطيب أو واعظ أو مدرس أو طبيب… وربما قد تكون أنت من هؤلاء؟ المهم أيا كان، فيجب عليه الإلمام بأمور الوساطة من الألف للياء.

  • مهام الوسيط الأسري

الوسيط له مهام متعددة ومتشعبة ولتبسيط الأمر نفصلها على شكل خطوات متسلسلة ومتتابعة ، و يمكن للوسيط توسيعها او اختصارها حسب نوعية النزاع، والرؤية  والتخطيط:

  • إقامة علاقة محبة ومودة مع الأطراف المتنازعة بلا تحيز أو انحياز.
  • معرفة نوعية النزاع و أسبابه.
  • تجميع و تحليل خلفية المعلومات وتحديد الصحيح والخطأ منها.
  • تصميم والتخطيط الزماني والمكاني للوساطة.
  • بناء الثقة والتعاون وإعدادهم نفسيا للجلسة الوساطة والنقاش.
  • في جلسة الوساطة، تفتتح المفاوضات بين الطرفين ويقوم الوسيط بخلق جوا ايجابي وجعل الطرفين أكثر انفتاحا،كما يساعد الخصمان على إطلاق مشاعرهم،وو ضع حدود للمواضيع والقضايا التي ستدخل في النقاش.
  • تحديد القضايا ووضع جدول أعمال مع وضع تسلسل لإجراءات معالجة القضايا المتنازع فيها.
  • كشف المصالح الخفية للأطراف المتنازعة.
  • إيجاد خيارات للتسوية، باستخدام مساومات مبنية على المواقف أو على المصالح.
  • تقييم خيارات التسوية، قيم تكاليف ومنافع الخيارات المطروحة.
  • المساومة الأخيرة، توصل إلى اتفاق عبر تغيير المواقف تدريجيا، أو القفز إلى تحقيق التسوية.
  • إنجاز التسوية الرسمية، وهنا يقوم الوسيط أو المكتب التابع له بصياغة اتفاق التسوية مع وضع آلية للالتزام والتنفيذ.

  • جلسة الوساطة

من المهم في الوساطة التوفر على مكان ملائم ومناسب لعملية الوساطة، يحافظ فيه على الخصوصية والهدوء، لأن غير ذلك من شانه أن يمثل معوقا لأطراف النزاع في تحديد النزاع والتعامل البناء معه. ليتخيل كل منا كوسيط/ة المقاطعات المستمرة من أطراف خارجية تدخل وتخرج من مكان الوساطة، أو أن مكان الوساطة الضوضاء فيه عالية، كم سيؤثر ذلك سلبا على عملية الوساطة وعلى أطراف النزاع.

فجلسة الوساطة كما تناولنا سابقا تأتي بعد عدة مراحل أولية وممهدة لها، وتشكل اللبنة الأساس في فض الخلاف، فعلى الوسيط أخذ الحيطة والحذر في هذه المرحلة المهمة، وهنا نبين شكل جلوس الطرفين خلال جلسة الوساطة :

  • الشكل 1:ويستعمل عند وجود نزاع حاد ومتوتر يستحسن التوسط بين الأفراد
  • الشكل2: وضعية الجلوس إلى جانب بعضهم تحمل رسالة واضحة لأطراف النزاع بأنه ومن خلال عملية الوساطة، وبمساعدة الوسيط فإن بإمكان أطراف النزاع أن يحلا سويا مشكلاتهما.

 خاتمة

اعلم سيدي سيدتي أن الوساطة هي إحدى أهم الطرق البديلة لتسوية النزاع إضافة إلى دورها الفعال الذي تلعبه في تخفيف العبء عن القضاء ومؤسساته، وتحقيق  العدل وانتشار التعاون نحو مجتمع متماسك من كل النواحي السياسة والاجتماعية، فالوساطة خطوة مهمة نحو اتحاد الأمة. والوسيط شخصية مؤثرة وصانعة لهذا التماسك. فهل فهمت ماهو الوسيط الأسري الآن؟

إعادة نشر بواسطة محاماة نت