الدعوجيِّة و عقود أتعاب المحاماة

المحامي : خالد السريحي
إسباغ عقود أتعاب الوكلاء (الدعوجيِّة) بلفظ “عقود أتعاب محاماة”، لهو مخالفة لنظام المحاماة، ويتحقق معه جرم انتحال صفة المحاماة، الأمر الذي يسلتزم معه إعادة النظر فيمَّا استقر عليه القضاء من النظر لهذا النوع من العقود، على أنها من عقود أتعاب المحاماة.

فيحتال بعض الوكلاء (الدعوجيِّة) على البسطاء من الناس، ويُفهمهم بأنه محامٍ ممارس للمهنة، ويُصيغ اتفاقه معهم ويُعنون “بعقد أتعاب محاماة” محققًا معه جرم انتحال صفة المحاماة، فقد أوردت اللائحة التنفيذية للنظام في المادة “1/37” “يكون الشخص منتحل صفة المحامي إذا قام بعمل يجعل له صفة المحامي ومن ذلك: فتح مكتب لاستقبال قضايا الترافع والاستشارات ، أو الإشارة في مطبوعاتٍ إلى نفسه بصفة المحامي.”

وهذا كمَّا أسلفت هو جريمة انتحال صفة محامِ وفق نظام المحاماة، يستوجب العقوبة المنصوص عليها في المادة “37” من النظام والذي جاء فيها “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف ريال أو بهما معًا : أ- الشخص الذي انتحل صفة المحامي أو مارس مهنة المحاماة خلافًا لأحكام هذا النظام ….. ويتم توقيع هذه العقوبات من القضاء المختص.”

فإن كانت محاكم القضاء العام، طبقت نص المادة “18” من نظام المحاماة بعدم السماح لهم بالترافع بأكثر من ثلاثة قضايا-وإن ما زال هنالك بعض الاستثناءات لبعضهم-، فما زال قضاء ديوان المظالم يسمح لهم بالترافع دون حد وسقف أعلى كمَّا نص النظام، وقس على ذلك اللجان والهيئات القضائية الأخرى التي لم تفعل نص المادة محل الاستشهاد.

فضلاً على أنهم عندما يتم الإحالة للخبرة لتقدير أتعاب الوكيل ” الدعوجيِّ” عند اختلافه مع الأصيِّل يتم اللجوء في الغالب لمحامِ أو لجان المحامين بالغرف التجارية الصناعية لتقدير الأتعاب، وهذا أرى أنه من الخطأ، كون جنس العمل والصَّنعة تختلف، فلا يمكن الاستعانة برأي خبيرٍ يمارس صناعة الحديد، في نزاعٍ حول صناعة البلاستيك، فالجنس والصَّنعة مختلفين، فالإحالة للخبرة يجب أن تكون من ذات جنس العمل والصَّنعة، فقد اتَّفق الفقهاء على الأخذ بقول أهل الخبرة من أهل الصَّنعة، ويقاس على المهنة ما يحكم الصَّنعة .

وذلك التقدير بمعزلٍ عن مستوى المهنية الذي يمتهنه الوكيل”الدعوجيِّ”، والذي لا يرتقِ بأي حالٍ من الأحوال لشخصٍ أمضى سنواتٍ من الدراسة والتدريب لينال على ذلك الترخيص، الذي يرى الوكيل “الدعوجيِّ” بأنه ليس بحاجةٍ له.

كمَّا أن جهود وزارة العدل غير ظاهرة، وتظهر أحيانًا بعض الجهود على استحياء، فلم تقم بالدور المناط بها من متابعة وترصِّد المخالفين للنظام بشكلٍ حازم، كمَّا تفعل وزارة الصحة بمنتحلي صفة الأطباء، قد نلمّس العذر في فترةٍ سابقةٍ كون نظام المحاماة قد صدر قبل حوالي خمسة عشر عام فقط، ولكن الآن نأمل أن تقوم هيئة المحامين بهذا الدور في توافقٍ مع وزارة العدل بعد أن صدر تنظيمها وتم تشكيل مجلس إدارتها، والذي استغل هذه السطور للمباركة لهم ونطلب من الله أن يوفقهم لمَّا يحبه ويرضاه، وأن يساعدهم الله في تحقيق رغبات جيلٍ من المحامين لم يُعد يسعه الإنتظار لتحقيق أساسيات لحفظ كرامة المهنة وصونها من الدخلاء.