لجنة المراجعة في الشركات المساهمة

د. ملحم بن حمد الملحم
تسعى عديد من الدول إلى توفير بيئة تجارية قوية للشركات تبنى على الكفاءة والشفافية والرقابة الذاتية. لذلك تقوم أنظمة عدد من الدول إلى تطوير قوانينها، وإضافة وتجديد قواعد الحوكمة لكي تسهم في سير الشركات بشكل سليم وواضح وشفاف. إن القوانين التجارية قد يصعب عليها التفصيل في كل جزئية وفي كل مسألة، كما قد يكون من الصعب كذلك مراقبة كل إجراء أو تصرف. لذلك قد تستعيض عن ذلك كله بتوفير أدوات وآليات يمكن من خلالها ضمان فعالية أداء الشركات، وتفعيل دور المساهمين ودور الرقابة الذاتية فيها. ومن إحدى تلك الوسائل أو الأدوات التي امتاز بها نظام الشركات الجديد بشكل عام، إضافة إلى لائحة الحوكمة الصادرة من هيئة السوق المالية، إيجاد أدوات رقابة مستقلة وذاتية نسبيا.

جاء نظام الشركات الجديد ومما أضافه هو إيجاد لجنة المراجعة خاصة في الشركات المساهمة، ولأهميتها أوجب وجودها وأناط تشكيلها للمساهمين من خلال الجمعية العامة العادية. إضافة إلى ذلك أعطى النظام هذه اللجنة صلاحيات قوية تتوازى أهميتها نسبيا مع المسؤوليات المنوطة بها.

لجنة المراجعة هي لجنة مكونة من عدد من الأعضاء لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على خمسة، ويكون دور هذه اللجنة أن تراقب أعمال الشركة بما في ذلك النظر في القوائم المالية للشركة وملاحظات مراجع الحسابات، وأن تكتب مرئياتها حيال هذه الملاحظات، كما أوجب نظام الشركات أن تصدر لجنة المراجعة تقريرا عن مدى كفاية نظام المراقبة الداخلي للشركة، ويتم إتاحة هذا التقرير للمساهمين قبل انعقاد جمعية المساهمين.

لذلك أعطاها نظام الشركات القوة والصلاحيات لهذه اللجنة، فلها أن تطلب من مجلس الإدارة ــ الذي هو رأس الهرم ومركز القيادة في إدارة الشركة ــ أن يدعو الجمعية العامة العادية للمساهمين للانعقاد، ما يظهر قوة هذه اللجنة والصلاحيات المعطاة لها.

وقد أعطى النظام لجنة المراجعة صلاحية الاطلاع على سجلات الشركة وتقريرها، ولها أن تطلب من مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية تبيين أو توضيح أي شيء يتعلق بمراقبة اللجنة لأعمال الشركة. لذلك للجنة أن تطلب من مجلس الإدارة دعوة الجمعية العامة للمساهمين متى ما أعاق المجلس اللجنة في أداء عملها وقد تتخذ العرقلة عدة صور وأشكال، كما يحق لها دعوة الجمعية متى ما تعرضت الشركة لأضرار وخسائر.

هذه اللجنة لأهميتها جعلها نظام الشركات الجديد إلزامية على الشركات ولم يفرق بين الشركات المدرجة أو المغلقة “المقفلة”، ما يعني أنه على الشركات المغلقة بما في ذلك الشركات العائلية أن تشكل لجنة مراجعة يتكون أعضاؤها من ثلاثة أعضاء على الأقل.

من الممكن القول إن أحد أهم الفروق بين الشركات المدرجة والشركات المغلقة في القواعد والتنظيمات المتعلقة بلجنة المراجعة أن الشركات المدرجة تخضع لقواعد حوكمة أكثر من الشركات المغلقة.

والخلاصة أن لجنة المراجعة هي لجنة أساسية وجوهرية أعطيت صلاحيات قوية وتقع على أعضائها مسؤولية كبيرة، ما يستلزم أن يبذل عضو لجنة المراجعة جهده لأداء مهامه لكي يسلم من المسؤولية. أما تحديد معيار بذل الجهد فالحديث عنه في وقت لاحق بحول الله تعالى، إضافة إلى كون هذه المسألة بحاجة إلى اتخاذ خطوات تشريعية وقضائية بشأنها.