رهن الأسهم في الشركة المساهمة

المؤلف : اكرم ياملكي
الكتاب أو المصدر : قانون الشركات
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

كانت المادة(78) من قانون الشركات التجارية العراقي لسنة1957 تنص على انه : (أ-يجوز رهن الأسهم بعقد ينص على مصير الأرباح المستحقة خلال مدة الرهن وما يوزع من حقوق المساهم وعلى سائر الشروط المتعلقة بالرهن وتسلم شهادة الأسهم الى المرتهن على ان تخبر الشركة بذلك. ب-لا ترفع إشارة الرهن من سجل الشركة الا بعد تسجيل موافقة المرتهن على ذلك او تنفيذا لحكم مكتسب الدرجة القطعية. ج-يؤشر عقد الرهن وفكه لدى الشركة في سجل خاص).

وكانت المادة(81)منه، تضيف على ذلك انه تسري على المرتهن جميع القرارات التي تتخذها الهيئات العامة كما تسري على الراهن دون ان تكون له حقوق العضوية الشركة(1). في حين اكتفت الفقرة(أولا)من المادة(71)من كل من قانون الشركات لسنة 1983 وخلفه القانون الحالي لسنة 1997 بالنص على انه (يجوز رهن الأسهم المملوكة للقطاع الخاص في الشركة المساهمة والمحدودة على ان يؤشر عقد الرهن في سجل خاص لدى الشركة ولا ترفع إشارة الرهن الا بعد تسجيل موافقة المرتهن على فكه او تنفيذا لحكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية).

رغبة من المشرع ، على ما يبدو ، في ترك اثار رهن اسهم الشركة للقواعد العامة في عقد الرهن الواردة في كل من القانون المدني وقانون التجارة، وذلك بحسب ما اذا كان الرهن مدنيا او تجاريا. والعبرة في ذلك، صفة الدين المضمون ، بغض النظر عن صفة طرفيه ،الدائن والمدين(2). والامر كذلك، او اكثر منه، في القانون الأردني.

حيث انه بعد ان كانت المادة (126)من قانون الشركات المؤقت لسنة1989 تنص على انه: (أ-يجوز رهن السهم في الشركة المساهمة العامة، ويجب تثبيت الرهن في سجلات الشركة وفي وثيقة المساهمة او شهادة الأسهم، ويكون للشركة حق الأولوية على غيرها في استيفاء ما لم يدفع من الأقساط المستحقة غير المسددة من قيمة السهم وذلك على الرغم من الرهن الواقع عليه عند بيعه بالمزاد العلمي .ب-يجب ان ينص عقد رهن السهم في الشركة على جميع الشروط المتعلقة به، وبخاصة الطرف في العقد الذي ستؤول اليه أرباح السهم خلال مدة رهنه. ج-لا يجوز رفع إشارة الرهن على السهم في سجلات الشركة وفي وثيقة المساهمة او شهادة الأسهم الا بناء على قرار خطي من المرتهن يسجل في الشركة يتضمن استيفاءه لحقوقه بموجب الرهن او بناء على حكم قضائي اكتسب الدرجة القطعية الا اذا تم بيعها بالمزاد العلني تنفيذا لقرار قضائي)، اذا بقانون الشركات لسنة1997 يأتي خاليا من أي حكم في رهن اسهم الشركة المساهمة، بما يبدو منه رغبة المشرع في ترك ذلك للقواعد العامة في عقد الرهن الواردة في كل من القانون المدني وقانون التجارة، بالرغم من عدم تغطية هذه القواعد رهن أسهم الشركة بالكامل. وهو نفس موقف المشرع المصري، الذي لم يورد في قانون الشركات لسنة 1981 او لائحة التنفيذية أي حكم بهذا الصدد، واكتفى في قانون التجارة لسنة1999 بالنص، في المادة (324) منه، على انه (تسري على رهن الأوراق المالية قواعد الرهن التجاري والاحكام التالية)، وهي الاحكام الواردة في المواد الأربع التالية 325و326 و327و328غير الوافية بالغرض.

والاصل، ان المساهم الراهن لا يفقد أيا من حقوق العضوية المتصلة بأسهمه المرهونة تا مينا لدين عليه الغير، وانه إذا كانت هذه الأسهم اسمية، وهي دائما كذلك في القانون العراقي، فلا يمكن ان يحصل التباس في شخصية مالكها، لان الأسهم الاسمية، بالرغم من التأشير برهنها في سجل الشركة، تبقى مسجلة باسم المساهم الراهن، بعكس ما إذا كانت الأسهم المرهونة اسهما لحاملها، حيث يؤدي تسليمها الى الدائن المرتهن الى اظهار هذا الأخير بمظهر المالك، نظرا الى ان الحيازة، بالنسبة لهذه الأسهم، كما بالنسبة لغيرها من الأموال المنقولة كقاعدة عامة، سند الملكية، ولأن هذه الأسهم قابلة للتداول بالمناولة اليدوية. ولذلك، نصت المادة (905) من القانون المدني السويسري على انه (تمثل الأسهم المرهونة في الهيئات العامة للشركة من قبل المساهم نفسه وليس من قبل الدائن المرتهن).

كما نصت الفقرتان الرابعة والخامسة من المادة (689) من قانون الالتزامات السويسري على ان (كل من يثبت كونه حائزا لسهم لحامله يحق له، بالنسبة الى الشركة، ممارسة حق التصويت. وتثبت الحيازة بإبراز السهم أو بأية طريقة أخرى يعينها مجلس الإدارة. وإذا كانت أسهم لحاملها قد رهنت… فان العلاقات بين المالك والحائز تكون محكومة، بالنسبة لممارسة حق التصويت، بما يلي:
• يظل حق التصويت محفوظا للمالك.
• الحائز المزود بوكالة يعتبر مخولا بممارسة حق التصويت عن ولمصلحة المالك إذا كانت سلطة التمثيل واردة في وثيقة خاصة بذلك) (3). وحتى لو أخذنا بحكم الفقرة الأولى من المادة (352) من التقنين المدني الإيطالي القاضي بإعطاء حق التصويت للدائن المرتهن ان لم يتفق الطرفان خلاف ذلك، فان حق التصويت وبقية الحقوق المتصلة بالأسهم المرهونة انما تمارس من قبله لمصلحة المدين الراهن لا لمصلحته هو. اذ قال أستاذنا محمد طه البشير (ليس للدائن أن ينتفع بالمال المرهون أو أن يأخذ ثماره دون مقابل وذلك لأن المال المرهون يبقى ملكا للراهن بما في ذلك استعماله والانتفاع به والتصرف فيه. ولأن إدارة هذا المال واستثماره انما انتقلا الى المرتهن نتيجة وجود المال في حيازته باعتبارهما محل التزام مقرر في ذمته لمصلحة الراهن لا محل حق خالص له. انما يدير المال ويستغله ويقبض ريعه بصفته نائبا قانونيا عن الراهن في ذلك. ويجب عليه أن يقدم للراهن حسابا مفصلا عن ادارته للمال المرهون واستغلاله) (4).

هذا ولا عبرة بالمخاوف التي يبديها البعض من السماح للمدين الراهن بالاستمرار في ممارسة حقوق العضوية المتصلة بملكية أسهمه المرهونة تأمينا لدين عليه للغير. لأن الراهن الذي يعمل على حمل الهيئة العامة للشركة على اتخاذ إجراءات من شأنها تخفيض قيمتها اضرارا بالدائن المرتهن، ان وفق في ذلك، لا يكسب شيئا من هذه العملية، ان لم يخسر الكثير بسببها. وهل يعقل أن يلجأ الفرد الى تحطيم دائنة بالعمل على تحطيم نفسه) (5). هذا عدا أن النيل من حق الرهن لا يبرئ المدين من دينه ولا يؤثر في شيء على حق الدائن في الحجز على بقية أمواله لبيعها واستيفاء حقه من ثمنها، مادام للدائن كما هو معلوم (صفتان صفة الدائن وصفة المرتهن، وله حقان حق شخصي هو حقه الأصلي وحق عيني هو حق الرهن الحيازي) (6).

ولذلك، بدلا مما كانت تنص عليه الفقرة (3) من المادة (147) من قانون التجارة السابق لسنة 1949، من أنه (يجب أن ينص في عقد الرهن على مصير الأرباح المستحقة مدة الرهن وما يوزع من حقوق المساهم وعلى سائر الشروط المتعلقة بهذا الرهن)، وما كانت تنص عليه الفقرة (أ) من المادة (78) من قانون الشركات التجارية العراقي لسنة 1957، من أنه (يجوز رهن الأسهم بعقد ينص على مصير الأرباح المستحقة خلال مدة الرهن وما يوزع من حقوق المساهم وعلى سائر الشروط المتعلقة بالرهن…الخ)، وما نصت عليه الفقرة (ب) من قانون الشركات الأردني المؤقت لسنة 1989، من أنه (يجب أن ينص عقد رهن السهم في الشركة على جميع الشروط المتعلقة به، وبخاصة الطرف في العقد الذي ستؤول اليه أرباح السهم خلال مدة رهنه)، وكذلك ما نصت عليه المادة (109) من قانون الشركات التجارية الكويتي لسنة 1960 من سريان جميع القرارات التي تتخذها الجمعية العامة على المرتهن على النحو الذي تسري على المساهم الراهن دون أن تكون له حقوق العضوية في الشركة، نصت كل من المادة (164) من قانون الشركات التجارية الاتحادي الاماراتي لسنة 1984 والمادة (120) من قانون الشركات التجارية البحريني لسنة (2001) والمادة (162) من قانون الشركات التجارية القطري لسنة 2002 على أنه (يكون للدائن المرتهن قبض الأرباح واستعمال الحقوق المتصلة بالسهم ما لم يتفق في عقد الرهن على غير ذلك).

وبذلك، تكون قوانين الشركات التجارية في كل من الامارات العربية المتحدة والبحرين وقطر قد خرجت على القاعدة العامة في احتفاظ الم دين الراهن بحقوقه على المال المرهون، أي عدم فقد المساهم الراهن أيا من الحقوق المتصلة بأسهمه المرهونة.
_____________
1- راجع في شرح وتفسير هذه الاحكام مؤلفنا ، الوجيز في شرح القانون التجاري العراقي، الجزء الثاني في الشركات التجارية، بغداد1972، بند104 ،ص175وما بعدها
2- انظر اكرم يا ملكي، القانون التجاري/ دراسة مقارنة في الاعمال التجارية والتاجر والعقود التجارية والعمليات المصرفية والبيوع الدولية، جامعة جيهان، أربيل 2012 ، بند117، ص159.
3- أستاذنا بول كاري Paul carry، في محاضراته حول حقوق المساهم، جامعة جنيف 1959، و ريبير RIPERT، الوجيز في القانون التجاري، الجزء الأول من قبل ROBLOT، الطبعة الخامسة، باريس 1963، بند 177، ص 552.
4- محمد طه البشير، الوجيز في الحقوق العينية التبعية، الطبعة الثانية، بغداد 1971، بند 227، ص 165 و166.
5- شارل ريستو Charles resteau، شركات المساهمة، الجزء الثاني، الطبعة الثانية، بروكسل 1933، بند 1166، ص 283
6- محمد طه البشير، المصدر السابق، بند 244، ص 222.