تنفيذ الأحكام الشرعية.. عزة الشريعة وسيادة الدولة
منذ صدر إعلان وزارة الداخلية بتنفيذ الأحكام القضائية بقتل رؤوس الإرهاب والفتنة الذين طالما تشوّف الناسُ لإنفاذ حكم الله فيهم؛ والحديث عن هذه القضية يكاد أن يكون هو الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العالمية، والمنظمات الحقوقية، والفعاليات الدبلوماسية الدولية.

المملكة اليوم هي غرة تاج الدول الإسلامية، وقائدة التضامن الإسلامي، وحاملة لواء الإسلام المحمدي الصافي النقي، وهي داعية الاعتدال والسلام، واليد الممتدة للعالم بالخير والعطاء..

وفي رصد وتتبع هذه الموجة الصاخبة الغزيرة من ردود الأفعال يتكشف للمتابع الكثير والكثير جدا من الدلالات والحقائق التي ينبغي لنا أن نوثقها ونرصدها وألا ننساها أبدا لنستطيع فهم كيف يُدار هذا العالم، وكيف لنا أن نتعامل معه مستقبلا؟

كما أن تنفيذ المملكة أحكام القضاء في هؤلاء القتلة المجرمين، قد بعث بالعديد من الرسائل المحلية والخارجية، لا أظن أن دلالاتها تخفى على أحد، لوضوحها وصراحتها وصرامتها.

ومع أنني من ذوي التخصص القضائي والشرعي والحقوقي؛ إلا أني في هذا المقال لستُ في معرض الكشف عن صحة وعدالة الإجراءات النظامية والأحكام القضائية التي صدرت على هؤلاء الطغاة الضالين، لأنه يكفي في بيان وتأكيد ذلك ما تضمنه المؤتمر الصحفي الذي عقده المتحدث الأمني لوزارة الداخلية بالمشاركة مع المتحدث الرسمي لوزارة العدل، ووضعا فيه بشفافية واحتراف وثقة، النقاط على الحروف، فمن شاء فليفهم ومن شاء فليبق في ضلاله وغيّه.

إنما لي وقفات مع هذه القضية وتداعياتها من زوايا مختلفة أعتقد أنها أكثر أهمية ومن الضروري إبرازها والتأكيد عليها ومن ذلك:

أولا: أكدت المملكة بتطبيقها هذه الأحكام القضائية أنها ماضية بعزم وحزم في طريق حربها على التطرف والإرهاب وتتبع أذناب وخيوط الفتنة واستئصالهم وتطهير العالم منهم. ولم تأت هذه الخطوة بمعزل عن بقية الجهود والأعمال التي قامت بها المملكة محليا وبمشاركة الجهود الدولية في مواجهة التطرف والإرهاب.

ثانيا: من الحقائق التي لا يساورنا فيها أدنى شك نحن المسلمين أن تطبيق أحكام الشريعة، والانصياع لها هما سرّ العزة والسؤدد والنصر والتمكين للدولة المسلمة، وهما صمام الأمان للمجتمع المسلم، وأن بركة هذه الشريعة تمتدّ إلى أقصى الأبعاد ليرفع الله بها من تمسك بأحكامها ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين.

ومن أقرب دلائل ذلك أن الله عز وجل قيّض لنا نصرا معنويا دبلوماسيا عالميا واسعا، بأن خذل أعداءنا من ملالي قمّ وطهران أصحاب المشروع الصفوي الفارسي، وأضلّهم وأعمى أبصارهم وبصائرهم حتى أقدموا على فعلتهم الدنيئة بالاعتداء على سفارتنا وقنصليتنا عندهم، حتى صار هذا الحدث محل استنكار العالم – بكل دوله ومنظماته واتجاهاته – وإدانته الشديدة لهم، فانقلب السحرُ على الساحر، وارتد الكيد إلى نحور أهله.

ثالثا: وجهت المملكة بقيادة ملك الحزم سلمان ومساندة أميري الأمن والعزم المحمدين صفعة مدوية لكل متطاول على سيادتها، من المتدخلين في شؤونها الداخلية، والمشككين في نزاهة قضائها، وأثبتت لهم أن المملكة لا تلتفت لأي تهديد ولا تقيم له وزنا، وأنها دولة ذات سيادة وعزة واستقلال.

رابعا: من أعظم الرسائل التي بعثت بها المملكة بتنفيذها لهذه الأحكام القضائية، أنها كشفت للعالم الإسلامي خاصة، والمجتمع الدولي عامة، عن مدى تورط النظام الحاكم في إيران وعلاقته الوطيدة بالإرهاب فكرا، وبالأعمال الإرهابية التخريبية ارتباطا وتمويلا ودعما، وكيف يسير منهج هذا النظام الإجرامي على تجنيد أتباعه تنظيميا وفكريا لزعزعة الأمن في دولهم، والتنكر لأوطانهم، وأن انتماءهم وولاءهم الحقيقي هو للمشروع الصفوي الفارسي الإرهابي، لا لأوطانهم.

وهذا يُفسّر الصياح الذي على قدر الألم الذي أطلقه قادة إيران فزعا أن رأوا رأس عميلهم يطير بسيف الشريعة، وقبل ذلك كانوا يهددون ويتوعدون ليحولوا بيننا وبين تطبيق شرع الله فيه.

خامسا: أيضا انكشف وبجلاء زيف شعارات حقوق الإنسان التافهة التي أصبحت أداة لابتزاز الدول والتدخل في شؤونها وفرض السياسات التخريبية على حكوماتها بدعوى (حقوق الإنسان).

هذه الحقوق الزائفة التي طالما نادت بالاعتراف بحق الشواذ في ممارسة شذوذهم الذي تأباه الفطرة السوية، وتجرّمه الأديان السماوية.

هذه الحقوق الزائفة التي ترى بعين عوراء، فلا تشعر إلا بألم القاتل المعتدي بينما لا تحس بمرارة وجرح المجني عليه ولا أهله وأسرته.

أين حقوق الإنسان الزائفة من تجويع وإرهاب وسفك دماء وهتك أعراض المدنيين الأبرياء في مدن بكاملها، كما في تعز اليمن، وفي نواحي سورية الجريحة التي ترزح تحت وطأة الظلم والطغيان والاستكبار؟!

أين هذه الأصوات النشاز الكاذبة التي وصلت بها الوقاحة لاستنكار أحكام قضائية اكتملت لها كل ضمانات القضاء وحقوق المتهم، بينما خرست ألسنتهم عن الإعدامات الجماعية بالرافعات في الشوارع التي يمارسها طغاة المشروع الصفوي الفارسي في إيران؟!

إن المملكة العربية السعودية اليوم هي غرة تاج الدول الإسلامية، وقائدة التضامن الإسلامي، وحاملة لواء الإسلام المحمدي الصافي النقي، وهي داعية الاعتدال والسلام، واليد الممتدة للعالم بالخير والعطاء.

لقد سقطت أقنعة الزيف التي طالما استخدمتها إيران في محاولة بائسة لتقديم نفسها قائدة للمسلمين أو مدافعة عن حقوقهم في فلسطين وغيرها.

وانكشفت كل الضلالات التي طالما نسجها مكر الليل والنهار لملالي قم بمشاركة أذنابهم في دول المنطقة، وأصبحت هذه الضلالات والشعارات الزائفة نسيا منسيا بمجرد أن شمّر سلمان بن عبدالعزيز عن ساعد الحزم والعزم فضرب مشروعهم في اليمن حتى تبددت أحلامهم، ووقعوا في حالة من التخبط والهذيان لم يسبق أن رآهم العالم يمرون بمثلها.

وللمجتمع الدولي ودوله أقول: إن كان في مصداقيتكم بقية، ولادعائكم بنشر السلام والسلم حقيقة؛ فإن حليفكم الأمثل في منطقتنا هو المملكة العربية السعودية. أما إن كنتم تبدون ما لا تخفون، فإنا بشريعة الله مستمسكون، وبحبله المتين متعلقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

والحمد لله أولا وآخرا.

الكاتب:
د. محمد بن سعود الجذلاني
إعادة نشر بواسطة محاماة نت