كتابة الضبط بين تعثر إصلاح القضاء وهموم الواقع

بعد الخطاب الملكي في ذكرى20 غشت السنة الماضية حول إصلاح القضاء عمد المسؤولون ومكونات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات إلى إبداء تصوراتهم بشأن ورش الإصلاح ،إعتقد الجميع أن الفرج حل وانه سيصبح للمغرب قضاء في مستوى التطلعات،قضاء نفتخر به لا نخجل منه،قضاء كسلطة مستقلة …ولكن بعد مرور 14 شهرا على الخطاب تبين لنا أن الأمر مجرد وهم ،مجرد حلم جميل..وأن تلك الندوات والإجتماعات حول إصلاح القضاء كانت مجرد كلام كزبد البحر،حيث لا تزال دار لقمان على حالها، مع أن خطاب الملك شكل خريطة طريق واضحة المعالم والمسالك فلماذا ظل هؤلاء المسؤولون الطريق؟

شكل الخطاب بوصلة للوقوف على مكامن الخلل،فلماذا تاه هؤلاء المسؤولون في أرض الإصلاح؟ ولم يعودوا يعرفون نقطة البداية من النهاية.

14 شهرا من التيه والضياع وإهدار الوقت ..حتى دخل قطاع العدل إلى غرفة الإنعاش بعدما كاد أن يصاب بسكتة قلبية على إثر الحركات الإحتجاجية القوية التي عرفتها محاكم المملكة في الشهرين الأخيرين خصوصا.

السؤال : أين الخلل؟ موظفوا القطاع يتحدثون سرا وجهرا عن استمرار الأزمة وانعدام بوادر الإصلاح، وذلك لإمساك أصحاب النفوذ بخيوط اللعبة حتى يبقى الوضع على ما عليه لأنهم يستفيدون منه.. وإلا ماذا يعني 17 مشروع قانون لا تزال مجهولة المصير؟

ولكشف الحقيقة تحلى جهاز كتابة الضبط بشجاعة النضال والإحتجاج ودخل في سلسلة من الإضرابات خلفت خسائر كبيرة مادية ومعنوية،تحمل جزءا منها المواطن الذي اعتذرت له نقابة العدل وحملت الحكومة مسؤولية ذلك.

ولأجله حث جلالة الملك مؤخرا في خطاب افتتاح البرلمان على ضرورة وجود قضاء مغربي نزيه في خدمة المواطن.

إن تدخلات جلالته المتكررة من أجل وجود عدالة مستقلة ومتطورة ومتخلقة ..تؤكد أن قطاع العدل مريض جدا ويجب علاجه في أقرب وقت ممكن، لكن من لا زال يقف وراء عدم مثوله للشفاء؟

من يغير الوصفة التي اعتمدها الملك لذلك ويريد إبقاءه في غيبوبة تامة بغرفة الإنعاش؟

أكيد أن الجواب لا يحتاج إلى جهد كبير ،وأكيد أن القسط الكبير من مسؤولية ما يحدث وما سيحدث تتحمله الحكومة.

شفاء العدل بحق يحتاج إلى دماء نقية ،دماء صالحة يتم ضخها لإستعادة عافيته ،دماء مشبعة بروح الوطنية الحقة،تضع نصب أعينها مصلحة البلاد والعباد..

وعليه وجب هنا شكر جهاز كتابة الضبط،، العمود الفقري للقضاء على فضحها كل الخروقات،كتابة الضبط جنود الخفاء ،جهاز حاضر غائب ،حاضر بقوة في العملية القضائية ،غائب على مستوى التشريع لقانون خاص يواكب العصر…

كتابة الضبط لمن يجهل عملها تشتغل ليل نهار طيلة الأسبوع في هدوء ومسؤولية ونكران الذات..حتى تأزمت أوضاعها إلى درجة لا تطاق..ولأجل ذلك كان لابد أن تنتفض ضد الإهمال والنسيان والظلم .

في كتابة فقط يعمل أكثر من 47./. بأجر لا يزيد عن2200 درهم، فيهم من أمضى أكثر من 30سنة في سلالم العار قبل حذفها،وبالمقابل لهم مسؤولية ومهام قضائية وإدارية ومالية لها تبعات خطيرة…وعليه طالبوا بقانون أساسي خاص ومحفز وذلك ما أكده جلالة الملك عدة مرات، بحيث لا يعقل أن تشتغل كتابة الضبط في ظروف مزرية جدا وسط كل أنواع القهر والإستعباد والسخرة والتذمر…

كل هذا شحنهم بقوة الانفجار ضد كل ما من شأنه أن يجعلهم على هامش كل الإصلاحات..

وعليه لا مجال للحديث عن تحديث القطاع وتخليق عمل المحاكم دون أي تحفيز يرد لهم الإعتبار ويمكنهم من العيش الكريم.

كتابة الضبط هي جوهر القضاء وبدونها لا مجال للحديث عن أي إصلاح كيفما كان،ورغم كل شيء فهم يساهمون بكل صدق ومسؤولية وأمانة في ورش الإصلاح كما يريد جلالة الملك .