كافة المعلومات القانونية حول جرائم تبييض الأموال .

I. مفهوم جريمة تبييض الأموال
• تعريف جريمة تبييض الأموال
لم يتوصل فقهاء القانون الجنائي لتعريف جامع ومانع لهذه الجريمة نظرا لسرعة تطورها الذي يساند تطور التكنولوجيا لذلك تمايزت تعاريف جريمة تبييض الأموال ومن ببينها :
تعريف رمزي نجيب القسوس : مصطلح غسيل الأموال أو تبييض الأموال الملوثة هو تعبير واحد ويقصد به إخفاء أو تمويه المصادر الحقيقية غير مشروعة للأموال المنقولة و الغير المنقولة المتأتية عن إرتكاب الجرائم المنظمة كالتجارة بالمخدرات تهريب الأسلحة أو تزوير النقود و اختلاس الأموال .
و قد عرفها بعض الفقهاء على أنها عملية إخفاء المصدر الاجرامي للممتلكات و الاموال ( المصدر القذر )بأية وسيلة كانت و بمعنى أخر تبييض الأموال يعني كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها أو إدارتها .
التعريف الواسع : فيشمل جميع الأموال القذرة الناتجة عن جميع الاعمال الغير المشروعة وليس فقط تلك الناتجة عن المخدرات .
• خصائص جريمة تبيض الأموال :
1– جريمة اقتصادية:
إن هذه الخاصية أساسية لهذه الجريمة كونها ترتبط بالاقتصاد مباشرة، فالأموال المبيضة تستهدف الدخول في دواليب الدورة الاقتصادية بحيث تكون نتائجها مخاطر مؤكدة على الاقتصاد.
2- جريمة اجتماعية:
وذلك لان مرتكبيها يسعون من خلال نشاطاتهم الاحتماء بالغطاء الاجتماعي للقيام بأعمالهم الإجرامية الأصلية، و التصرف في عائدات و متحصلات جرائمهم بأعمال و نشاطات توحي أنها نافعة و مفيدة للمجتمع هذا من جهة و من جهة أخرى بالنظر إلى نتائجها على المجتمع فهذه الآفة تخلف مشكلات اجتماعية لا حصر لها سواء على الفرد في حد ذاته أو إلى الهيئات الاجتماعية التي تستغل في عمليات غسيل الأموال.
3- جريمة مصرفية:
و ذلك لما للمصارف من دور إستراتيجي في عمليات تبييض الأموال و ذلك بفضل مبادئ سرية الحسابات المصرفية. و ما تقدمه هذه المؤسسات المالية من قواعد و آليات عمل تقني بلغت من الحداثة و التعقيد شوطا كبيرا.
حيث الثالث:لمؤسسات المصرفية عدة قوانين بينها و بين المؤسسات الأخر في و بين زبائنها هذه القوانـين تعاني فراغـات عديـدة و حواجز يسـتغلها المجرمون تنـفيذ خططهم لتبـييض الأموال بسرعة كبيرة
II. آليات تبيض الأموال :
• مراحلها : تعتمد عملية تبييض الأموال على ثلاثة مراحل رئيسية :
1- مرحلة توظيف الاموال : ويتم فيها إبعاد الأموال عن الارتباط المباشر مع النشاط الإجرامي والقصد من ذلك هو إخفاء مصدرها غير المشروع ، وتستهدف هذه المرحلة بتقديم المال في صورة تجارة مشروعة وهي عبارة عن التصرف المادي في كمية الدخل النقدي بهدف إزالته من مكان اكتسابه ليجنب لفت الأنظاروإدخاله في مناطق عمل تجارية يكون من السهل فيها التخفي وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الأساسية لأنها تمثل عملية نفاذ الدخل إلى مؤسسة بنكية أو نقدية ، وتعتبر هذه المرحلة نقطة الضعف الرئيسية في عملية تبييض الأموال ، كما تعتبر المنطلق المناسب لمراقبة وكشف المجرمين من قبل المصالح المكلفة بذلك.

2- مرحلة التمويه او الاخفاء : إذا نجح الغاسل في وضع أمواله في إطار دائرة النظام المالي ، ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية، ويتم فيها فصل الدخل عن أصله وذلك عن طريق خلق طبقات من الصفقات المالية تهدف إلى إخفاء معالم مصدر المال ، وإبعاده قدر الإمكان عن إمكانية تتبع الحركة الحسابية له ، والواقع أنه إذا نجح المال في تخطي المرحلة الأولى فإن الكشف عنه في هذه المرحلة يكون أكثر صعوبة ومن أمثلة التمويه هناك إعادة بيع أو تصدير رأس المال،الذي يتم الحصول عليه في المرحلة الأولى والمقابل للبيع أو الشيء المصدر يأخذ صورة دفع نقدي وهو ما يجعل شخصية المشتري أكثر وضوحا ودون خوف، كما يجعل رأس المال أكثر مرونة في الحركة.

3- مرحلة الدمج : تكفل هذه المرحلة الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروات ذات المصدر غير المشروع حيث يتم في هذه العملية وضع الأموال المبيضة مرة أخرى في دائرة الاقتصاد ، وذلك بطريقة يبدو معها أنها تشغيل عادي للمال من مصدر نظيف ، وفي هذه المرحلة يصعب إلى حد بعيد التمييز بين الثروة ذات المصدر المشروع والثروة ذات المصدر غير المشروع ، ولا يمكن الكشف عن عملية التبييض في هذه المرحلة إلا من خلال البحث السري والمساعدة غير الرسمية من خلال المخبرين أو بالصدفة.
• مصادر الأموال القذرة :
– الاتجار في المخدرات و المؤثرات العقلية
– المتاجرة بالبشر
– الدعارة
– تهريب المهاجرين
– الاتجار غير المشروع في الأسلحة والذخيرة
– الرشوة والغدر واستغلال النفوذ واختلاس الأموال العامة والخاصة
– الجرائم الإرهابي
– تزوير النقود وسندات القروض العمومية أو وسائل الأداء الأخر
• وسائل جريمة تبيض الأموال :
*الوسائل المصرفية :
– الإيداع و التحويل عن طريق البنوك
– الجناية الضريبية و تتمثل في طلب صاحب المال قرض مالي من مصرف دولة أخرى بضمان الأموال المودعة في الدولة
– بطاقات الإتمان و أجهزة الصرف الآلي
– إستبدال النقود بشيكات مصرفية
– إستبدال الأوراق النقدية الصغيرة بأخرى كبيرة
– الخدمات البنكية الالكترونية و إستخدام شبكة الانترنت
– إستبدال عملات محلية بعملات أجنبية
– فتح عدت حسابات بنكية في بنوك مختلفة ثم دمج هده الحسابات في حساب واحد بحجة إستثمارها في مشاريع معينة
*الوسائل غير المصرفية :
– التهرب بكافة أشكاله : ويطلق عليه الإقتصاديونإصطلاح {التدفقات النقدية قصيرة الأجل أو رأس المال }
– شراء العقارات و المجوهرات النفيسة و التحف و اللوحات النادرة و السيارات
– شراء الأسهم و السندات
– وكالات السفر يتم شراء تذاكر السفر و من ثم ردها أو بيعها في بلد أخر
– التجارة البحرية تتولى السفن إدخال أموال قدرة على أنها منقولة من دولة أخرى بغطاء تجارة مشروعة
– الحوالات البريدية و التلغراف للأموال الصفقات النقدية حيث تحويل العملة الوطنية إلى أجنبية بواسطة الأفراد
– تزوير الفواتير بواسطة عمليات الإصدار و التصدير الصورية حيث يكون الشخص مالك لشركتين كل منهما في دولة و يتم إصدار أو تصدير لسلع

* أركان جريمة تبيض الأموال :
اولا : الركن المفترض: وهو ما يطلق عليها بالجريمة السابقة او الاولية بمعنى افتراض وجود جريمة اولية لكسب الاموال طبعا بطريقة غير مشروعة . ويجب على الجريمة الاولية ان تكون جناية او جنحة فالتبييض لا يكون في المخالفات وهذه الجريمة يجب ان يكون منصوص عليها في قانون العقوبات او القوانين المكملة.
اثبات الجريمة الاولية: التحقق من وقوع الجريمة و نوعها و فاعلها اذا كان فاعلها توفي فلا يمنع من متابعة الوارث المبيض، لان القانون يهتم بالمال المبيض .
ثانيا: الركن المادي:
لا يمكن تصورجريمة دون ركن مادي لها والذي يمثل المظهر الخارجي لها،وبه يتحقق الاعتداء على المصلحة المحمية قانونا ، فاقانون لا يعاقب على النوايا و الهواجس،وعليه فإن التحقق من توافر الركن المادي هو الشرط الأساسي للبحث في وجود الجريمة من عدمه.
ويتكون الركن المادي لجريمة تبييض الأموال من ثلاثة عناصر اساسية :
* السلوك الاجرامي: بالنظر الى المادة 389 مكرر من ق العقوبات نجدها لم تخرج عما نصت عليه اتفاقية فيينا 1988 ويمكن ان نميز اربعة صور للسوك الاجرامي :
1-تحويل الممتلكات او العائدات او نقلها مع علم الفاعل بانها عائدات اجرامية.
2-اخفاء او تمويه الطبيعة الحقيقية للمتلكات او مصدرها او مكانها او كيفية التصرف فيها او حركتها، مع علم الفاعل انها عائدات اجرامية.
3-اكتساب الممتلكات او حيازتها او استخدامها مع علم الشخص القائم بذلك وقت تلقيها، انها تشكل عائدات اجرامية.
4-المشاركة في ارتكاب اي من الجرائم المقررة في نص المادة 389 مكرر ، او التواطؤ او التآمر على ارتكابها.
*النتيجة الجرمية: تبييض الاموال من الجرائم ذات النتيجة، ونتيجتها العامة هي تبييض المال الناتج عن الجريمة بتغيير طبيعتها او بتمويلها ، او الحيلولة دون اكتشاف ذلك.
*الرابطة السببية بين السلوك و النتيجة.
ثانيا : الركن المعنوي :العلم و الارادة:
جاء في نص المادة 389 مكرر من ق.ع أن يكون الفعل بقصد إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع مما يبين أن هذه الجريمة تقتضي أن يكون القصد بهدف إخفاء أو تمويه مصدر الأموال الناتجة عن فعل إجرامي ، وهذا ما يوضح أن جريمة تبييض الأموال لا تكتفي بالقصد العام ، بل تتطلب قصدا خاصا ، وهو إرادة إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال ، فتكون بذلك جريمة تبييض الأموال جريمة عمدية ، لا يكفي لقيامها مجرد تواجد الإهمال أو الخطأ غير المقصود ، وينبغي لقيام المسؤولية الجنائية أن يتوافر لدى الفاعل القصد العام والقصد الخاص .
* الجزاءات المقررة في التشريع الجزائري :
إن تجريم تبييض الاموال بوصفه الجنحي البسيط و المشدد تستدعي بنا التطرق إلى العقوبات المقررة سواء للشخص الطبيعي أوالمعنوي ومن ثمة فإننا نتناول العقوبات المقررة للشخص الطبيعي ثم للشخص المعنوي .
1 /العقوبات المقررة للشخص الطبيعي :
إن العقوبات المقررة لجريمة تبييض الأموال منها عقوبات أصلية كالحبس و الغرامات المالية ومنها عقوبات تكميلية و التي سنتناولها كالتالي :
أولا:العقوبات الأصلية :إن العقوبات الأصلية مسلطة على الشخص الطبيعي تتمثلفي الحبس و الغرامة فالمشرع الجزائري في جريمة تبييض الأموال تبنى مبدأ التشديد في العقوبة و التمييز بين التبييض البسيط و المشدد .
فقد نصت المادة 389 مكرر 1 على عقوبة الحبس من 5 سنوات إلى10 سنوات و غرامة مالية من مليون دينار إلى ثلاثة ملايين وهي العقوبة المقرر للجريمة سواء للأفعال التامة أو ما يتعلق بالشروع فيها وهذا التشديد ما يسمى بالتبييض البسيط ،و كحد اقصى عقوبة الحبس لتصبح من 10 إلى 20 سنة و بغرامة مالية من أربعة ملايين دينار جزائري إلى ثمانية ملايين دينار جزائري إذا كانت الجريمة على سبيل الاعتياد أو باستعمال التسهيلات التي يمنحها نشاط مهني أو في إطار جماعة إجرامية فهذا التشديد ما يسمى بالتبييض المشدد وذلك حسب المادة 389 مكرر2.
ثانيا: العقوبات التكميلية : اوردتها المادة 9 مكرر1وهي الحرمان من حق الانتخاب او الترشح العزل او الاقصاء من جميع الوظائف و المناصب العمومية او سقوط حقوق الولاية كلها او بعضها او عدم الاهلية لان يكون وصيا او قيما او عدم الاهلية لان يكون مساعدا محلفا او الحرمان من الحق في حمل الاسلحة.
كما أجاز أيضا الحكم على الأجنبي الذي تثبت إدانته بالمنع من الإقامة على إقليم الوطن بصفة نهائية أو مؤقتة لمدة 10 سنوات على الأكثر .
2 / العقوبات المقررة للشخص المعنوي :
إن مبدأ المسائلة الجزائية للشخص المعنوي عرف كمبدأ عام إلا أن المشرع الجزائري أخده كمبدأ عملي ضمن القوانين الإجرائية و الموضوعية حين إقراره مسؤولية الشخص المعنوي بعد تعديل قانون العقوبات في المادة 51 مكرر التي أقرت المسؤولية الجزائية للشخص المعنوي عن الجرائم التي ترتكب لحسابه من طرف أجهزته و ممثليه الشرعيين وهذا قد استثنى المشرع من هذه المسؤولية الدولة و الجماعات المحلية و الأشخاص المعنوية الخاضعة للقانون العام.
كما أقر المشرع مبدأ المسؤولية الجزائية على الشخص المعنوي ضمن القواعد الإجرائية بعد التعديل الذي أجراه على قانون الإجراءات الجزائية بالقانون رقم 04 / 14 المــؤرخ فــــــــــــي 15 / 11 / 2004 بنص المادة 65 مكرر و ذلك بإخضاعه إلى القواعد المتابعة و التحقيق و المحاكمة.
أولا : العقوبات الأصلية : ونصت عليها المادة 389 مكرر7 :
-غرامة مالية لا تقل عن 04 مرات منالحد الأقصى للغرامة الواردة في المادتين 389 مكرر 1 و 2 .
-مصادرة الممتلكات و العائدات التي تم تبيضها .
-مصادرة الوسائل و العائدات التي استعملت في ارتكاب الجريمة .
وفي حالة تعذر تقديم وحجز الممتلكات تحكم الجهة القضائية المختصة بغرامةمالية مساوية لقيمة الممتلكات.

ثانيا : العقوبات التكميلية :
وهي عقوبات يمكن الحكم بإحداهما :
-المنع من مزاولة نشاط مهني أو اجتماعي لمدة لا تتجاوز 05 سنوات .
-حل الشخص المعنوي.
هذا بالإضافة إلى بعض التدابير الأمنية التي أوردها المشرع في بعض القواعد الخاصة كعدم التسجيل في السجل التجاري أو ممارسة نشاط تجاري للأشخاص المحكوم عليهم في جريمة تبييض الأموال و كذلك الحرمان من تأسيس بنك أو مؤسسة مالية أو عضو بمجلس إدارتها لمن ثبت ارتكابه لجريمة تبييض الأموال .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت