أساليب التقدير للضريبة في القانون الجزائري

بموجب هذه الطريقة تقوم الإدارة الضريبية نفسها بتقدير المادة الخاضعة للضريبة، ومن أجل ذلك تستخدم الأساليب التالية

أولا: التقدير بواسطة المظاهر الخارجية
حسب هذه الطريقة يتم تقدير قيمة وعاء الضريبة على أساس عدد من المظاهر الخارجية التي تعبر عن درجة يسر المكلف أو درجة رواج نشاطه. فمثلا: مقدار ما يدفعه الشخص كإيجار لمسكنه يمكن أن يعبر عن حجم دخله،كذلك الأمر بالنسبة لنوع التجارة التي يمارسها المكلف، وعدد الآلات في الورشة، عدد العمال، عدد السيارات التي يملكها…

ويبدو واضحا أن هذه الطريقة تتسم بالبساطة والسهولة في التطبيق وقلة النفقات، إلا أنها طريقة قديمة لا تناسب المجتمعات الحديثة، ولا تحقق مبدأ العدالة، فهي قد تفرض ضرائب على أسس بعيدة عن الواقع إذا كانت المظاهر الخارجية مخالفة للحقيقة، فقد يحقق المكلف خسائر في سنوات متتالية مع بقاء مظاهره الخارجية ثابتة، فتلزمه إدارة الضرائب بدفع مستحقات على أساس هذه المظاهر، كما قد يعمد المكلفون إلى التقليل من المظاهر الخارجية بأن ينسبوا أملاكهم مثلا إلى اولادهم أو زوجاتهم بغرض التهرب من دفع الضرائب.

لذلك فان هذه الطريقة لاتطبق إلا نادرا وبصورة تكميلية للتأكد من صحة التقدير.

ثانيا: طريقة التقدير الجزافي
حسب هذه الطريقة، يتم تقدير وعاء الضريبة بطريقة جزافية بالاستناد إلى بعض القرائن والأدلة لها صلة بالنشاط، كأن يحتسب الربح المحقق مثلا على أساس نسبة من رقم الأعمال، أو تقدير دخل الطبيب على أساس ساعات العمل…

هناك شكلان من أساليب التقدير الجزافي للوعاء وهي: التقدير الجزافي القانوني(le forfait légal) ، والتقدير الجزافي الاتفاقي (le forfait conventionnel)

في الأسلوب الأول، يحدد القانون الجبائي مجموعة من القرائن، تتبعها إدارة الضرائب لتقدير الوعاء، كأن ينص المشرع مثلا على أن دخل الفلاح يكون مساويا لقيمة إيجار الأرض، أو أن الربح في نشاط تجاري مثلا يحدد بنسبة 20% من رقم الأعمال…الخ.

أما الأسلوب الثاني، والذي يسمى أيضا الجزاف الإداري (le forfait administratif) فيتضمن درجة أكبر من المرونة، ويترك المجال للتفاوض والاتفاق بين مصلحة الضرائب والمكلف على مقدار الوعاء.

تتشابه طريقة التقدير الجزافي مع طريقة المظاهر الخارجية في كونهما لاتعتمدان على الحقائق في تقدير الوعاء الضريبي، ومن ثم فهما تفتقدان إلى الدقة، وإن كانت الطريقة الثانية أكثر دقة لكونها تعتمد على قرائن موضوعية تعبر بصورة أصدق عن مقدار الوعاء الضريبي.

ثالثا: طريقة التقدير الإداري المباشر
فيعهد فيها المشرع إلى إدارة الضرائب بتقدير الوعاء بطريقة مباشرة، وذلك باستعمال كافة الوسائل المتاحة لديها كالقيام بالتحريات حول نشاط المكلف، والتردد على أماكن العمل كالمصانع والمحلات التجارية، والمخازن، مما يسمح بالكشف عن حجم نشاط المكلف ورقم أعماله، مع إمكانية فحص دفاتره ومستنداته ومناقشته واستجوابه من أجل الوصول إلى تقدير دقيق وأمين لوعائه الضريبي

الفرع الثاني: طريقة التقدير بواسطة الأفراد (التقدير المباشر)
وتسمى كذلك بطريقة “الإقرارات الضريبية”، ووفقا لهذه الطريقة يتم التعرف على الوعاء الضريبي عن طريق تصريح المكلف نفسه أو تصريح الغير

أولا: تصريح المكلف بالضريبة
بموجب هذه الطريقة، يلتزم المكلف نفسه بتقديم إقرار (تصريح) للإدارة الضريبية عن نتيجة أعماله كما هو مثبت في دفاتره ومستنداته.

وتصطدم هذه الطريقة بإمكانية لجوء الممول للتقليل من قيمة الوعاء الضريبي المصرح به، وبذلك يتهرب جزئيا من الضريبة، وعليه يخضع القانون الجبائي تصريحات الممولين لرقابة الإدارة الضريبية للتأكد من صحتها.

وفي هذا السياق، يخول القانون الجبائي لجزائري لأعوان الإدارة الضريبية حق الاطلاع على محاسبة المكلفين، وطلب الكشوف المفصلة لدى الإدارات العمومية والخاصة للمكلفين الذين هم محل رقابة ضريبية.

تعد هذه الطريقة أدق طرق التقدير وأفضلها باعتبار أن المكلف هو أعلم الناس بمقدار وعائه الضريبي، ولكن بشرط توفر الوعي الضريبي لدى المكلف واقتناعه بأهمية الحصيلة الضريبية للدولة وخدماتها، وكذا بشرط ارتفاع كفاءة الإدارة الجبائية في اكتشاف مدى صحة هذه الإقرارات.

ثانيا: التصريح المقدم من الغير
بمقتضى هذه الطريقة تلزم الإدارة الضريبية شخصا آخر غير المكلف بتقديم تصريح إلى إدارة الضرائب يتضمن المبالغ المحولة إلى المكلفين، وهذا بشرط وجود علاقة قانونية تربط المكلف بالضريبة وشخص الغير.

وكمثال على ذلك، حالة صاحب العمل الذي يقدم تصريحا عن قيمة مايدفعه للموظفين والعمال من رواتب وأجور، أو المستأجر الذي يقدم تصريحا عن قيمة الإيجار الذي يدفعه لصاحب العقار، أو كإلزام الشركات بتقديم إقرار لمصلحة الضرائب عن حجم الأرباح والفوائد التي قامت بتوزيعها على المساهمين والدائنين (حاملي السندات).

وفي هذا الصدد وعلى سبيل المثال، نجد القانون الجبائي الجزائري ينص على مايلي: “يلزم سنويا كل شخص طبيعي أو معنوي فيما يتعلق بالعمليات التي تتم وفق شروط البيع بالجملة، أن يقدم إلى مفتش الضرائب المباشرة كشفا مفصلا عن زبائنه رفقة بيان أسمائهم وألقابهم، وعناوينهم وأرقام تسجيلهم في السجل التجاري، وكذا مبلغ العمليات المحققة مع كل واحد منهم”. (المادة 224 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم المماثلة).

ونظرا لأهمية هذا التصريح في تقدير الوعاء الضريبي ومحاربة التهرب الجبائي، فقد شدد المشرع الجزائري على التلاعب والتزوير والغش في هذه الكشوف.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت