يخضع تكوين شركة المحاصة للقواعد العامة التي تخضع لها سائر الشركات. فيجب أن يتوافر في عقدها الأركان الموضوعية العامة والتي تتمثل في الرضا والمحل والسبب والأهلية، وكذلك الأركان الموضوعية الخاصة والمتمثلة في تعدد الشركاء وتقديم الحصص ونية المشاركة واقتسام الأرباح والخسائر. بيد أن شركة المحاصة تختلف عن باقي الشركات في عدم استلزام توافر الأركان الشكلية من كتابة عقد الشركة وشهره. وفى ذلك تنص المادة ٦٤ من قانون التجارة على أنه (( لا يلزم في شركة المحاصة التجارية اتباع الإجراءات المقررة في الشركات الأخرى وعلى ذلك لا يشترط أن يكون عقد شركة المحاصة مكتوباً. ولكن هذا الحكم المنصوص عليه في المادة ٦٤ سالفة الذكر يتعارض مع المادة ٥٠٧ من القانون المدني والتي تنص على أنه(( يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً )) ورغبة فى رفع التعارض بين النصين، فقد .ذهب الرأي الراجح(١) إلى أن هذا النص لا يسرى على شركات المحاصة التجارية فلا يشترط أن يكون عقد الشركة مكتوباً. أما شركات المحاصة المدنية فيجب أن يكون عقدها مكتوباً. ونرى مع فريق آخر(٢) أن شرط استلزام كتابة عقد الشركة إنما يقتصر على الشركات التي تتمتع بالشخصية المعنوية والتي لا يمكن الاحتجاج بها على الغير إلا إذا كان عقد الشركة مكتوب باعتباره السند المنشئ للشخصية المعنوية. ولا يوجد شيء من هذا القبيل إلا بالنسبة لشركة المحاصة فهي شركة لا وجود لها بالنسبة للغير ولا تقوم إلا بين الشركاء فقط. أما بالنسبة لركن تقديم الحصص في شركة المحاصة فإنه يخضع لأحكام خاصة نستعرضها فيما يلى:

ملكية الحصص:

يلتزم الشريك المحاص بتقديم الحصة المتفق عليها في عقد الشركة. ويستوى أن تكون حصة نقدية أو عينية أو بالعمل. وذلك حتى يمكن استثمار هذه الحصص فى مشروع مالي واقتسام ما ينتج عنها من أرباح أو خسائر بين الشركاء. وفى هذا تشبه شركة المحاصة سائر الشركات الأخرى، فلا يتصور وجود شركة بدون رأس مال(3). ولكنها تختلف عن بقية الشركات في أنها لا تعتبر شخصاً معنوياً، ومن ثم فليس لها ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء فيها. ويثور التساؤل – في هذا الصدد – عن الذمة المالية التي ستنتقل إليها ملكية الحصص المقدمة من الشركاء. إذ أنه في الشركات الأخرى التي تتمتع بالشخصية المعنوية تنتقل ملكية الحصص إلى الذمة المالية للشركة. وقد أجابت المادة ٦٠ من قانون التجارة على هذا التساؤل فنصت على أنه ((… وتراعى … في الحصص التي تكون لكل واحد من الشركاء في الأرباح الشروط التي يتفقون عليها وعلى ذلك فإن تنظيم انتقال ملكية الحصص يخضع لاتفاق الشركاء، ولا يخرج هذا الاتفاق عن أحد فروض ثلاث:

الفرض الأول:

أن يظل كل شريك محتفظاً بملكية حصته على أن يقوم باستثمارها في الغرض الذى قامت الشركة من أجل تحقيقه ثم يقتسم مع باقي الشركاء ما ينتج عنها من أرباح أو خسائر.

الفرض الثاني:

أن ينقل الشركاء ملكية الحصص إلى أحدهم ويسمى بالمدير المحاص، على أن يقوم باستثمار هذه الحصص في الغرض الذى تكونت الشركة من أجله ثم تقسيم الأرباح والخسائر الناتجة بينه وبين الشركاء الآخرين. وبعد نقل ملكية الحصص إلى المدير المحاص، نقلاً صورياً للملكية يستهدف فقط تسهيل الأمر على مدير المحاصة حتى يتمكن من استثمار الحصص المقدمة من الشركاء بما يتفق وغرض الشركة(4). ولذلك يجدر إثبات صورية عقد نقل ملكية الحصص إلى مدير المحاصة بكافة طرق الإثبات.

الفرض الثالث:

أن يتفق الشركاء على أن تعتبر حصصهم وما ينتج عن استثمارها من أموال مملوكة لهم على الشيوع بنسبة حصصهم. ويجب أن يكون هذا الاتفاق صريح، لأن شركة المحاصة لا تؤدى بطبيعتها إلى الشيوع(5) هذا وإذا لم يتفق الشركاء على الطريقة التي يتم طبقاً لها نقل ملكية الحصص. فالقاعدة هى احتفاظ كل شريك بملكية حصته.

إثبات شركة المحاصة:

نصت المادة ٦٣ من قانون التجارة على أنه )) يجوز إثبات وجود شركات المحاصة بإبراز الدفاتر والخطابات )) يتبين من هذا النص أنه يجوز إثبات شركة المحاصة التجارية بكافة طرق الإثبات. ولا تشترط الكتابة في إثبات وجود هذه الشركة. ويرى البعض( 6) أن هذا الأمر منطقي، لأن الإثبات مرتبط بالشكل فطالما أن الكتابة ليست متطلبة لانعقاد شركة المحاصة، فمن الطبيعي أن يتم إثباتها بغير طريق الكتابة. وهو ما فعله المشرع بالفعل حين أجاز إثبات وجود شركة المحاصة بإبراز الدفاتر والخطابات. على أن ذلك يجب ألا يفهم أن إثبات شركة المحاصة قاصر فقط على هذه الطريقين وإنما ذكرهما على سبيل المثال وليس على سبيل الحصر. حيث يجوز إثبات وجود الشركة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن. أما بالنسبة لشركة المحاصة المدنية فالكتابة ليست ركناً لانعقادها. ولذلك لا تلزم الكتابة للإثبات إلا إذا كان موضوع النزاع يجاوز نصاب الإثبات بالبينة(7) .

_______________

1- د. محسن شفيق: الوسيط في القانون التجاري المصري، الجزء الأول، ١٩٥٧ ، ص ٢٣٨ .

2- د. محمود سمير الشرقاوى: القانون التجاري ، الجزء الأول ، دار النهضة العربية 1986 ، ص ١١١.

3- د. أبو زيد رضوان: الشركات التجارية، دار النهضة العربية، ٢٠٠٠ ، ص ٦٥٩ .

4- د. كمال محمد أبو سريع: الشركات التجارية، الجزء الأول، شركات الأشخاص، 1994، ص ٢٦٨ .

5- Ripert et Roblot: Op. Cit.، no. 897.

6- د. محمد فريد العريني د. هاني دو يدار : مبادئ القانون التجاري و البحري ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، 2003 ، ص ١٣١

7- د. محمود سمير الشرقاوى: المرجع السابق، ص 111

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .