1 – التعهد عن الغير:

وتعرض المادة (204) للتعهد عن الغير والقواعد التي تحكمه، ذلك أنه يحدث في بعض الأحيان أن يتعهد شخص لآخر بأن يجعل أحدًا من الغير يتحمل نحوه بالتزام معين، ومثل هذا التعهد يقع صحيحًا، ويترتب عليه أن يلتزم المتعهد بما تعهد به. ولكن الغير المتعهد عنه لا يتحمل بأي التزام من جراء ذلك التعهد ذاته، لأنه أجنبي عنه، والعقود لا تنفع ولا تضر غير عاقديها وخلفائهما.

وهكذا يبقى للغير المتعهد عنه كامل الحرية في أن يرتضي أن يحمل نفسه بالالتزام المتعهد به أو لا يرتضيه، فإن رفض أن يحمل نفسه به، فما كان عليه جناح، ولكن المتعهد يعتبر حينئذٍ أنه أخل بالعهد الذي قطعه على نفسه، ومن ثم يلتزم بتعويض المتعهد له عما يناله من ضرر بسبب إخلاله، ما لم يعرض أن يقوم بنفسه بتنفيذ الالتزام الذي تعهد بأن يجعل الغير يرتضيه، وكان ذلك في مقدوره من غير ضرر ينال المتعهد له، أما إذا ارتضى الغير المتعهد عنه التحمل بالالتزام، كان ذلك وفاءً بالعهد الذي قطعه المتعهد على نفسه، ومن ثم تبرأ ذمة هذا الأخير، في حين أن المتعهد عنه يرى نفسه وقد تحمل بالالتزام الذي ارتضى أن يربط نفسه به، وهو يتحمل نتيجة رضائه هذا، ومن ثم فهو يتحمل به من وقت صدور هذا الرضاء، ما لم يثبت أنه قصد أن يستند أثر رضائه التحمل بالالتزام إلى تاريخ صدور التعهد.

وإذا كان المتعهد عنه لا يتحمل بالالتزام المتعهد به إلا برضاه، فإن نظام التعهد عن الغير لا يتضمن أية مخالفة لقاعدة أن العقود لا تضر بالغير. ويوافق هذا الحكم ما تنص عليه المادة (207) من قانون التجارة الكويتي مع ما تقتضيه الملاءمة من تعديل في الصياغة.

2 – الاشتراط لمصحة الغير:

عني المشروع بنظام الاشتراط لمصلحة الغير، ووضع له من الأحكام ما يحقق المصلحة منه، وهو في وضعه هذه الأحكام، لم يخرج عن تلك التي باتت مستقرة في الفكر القانوني المعاصر، والتي سبق لقانون التجارة الكويتي أن قننها، أخذًا عن القانون المصري وقوانين البلاد العربية الأخرى التي استوحته، وإن كان المشروع قد أجرى تعديلات هامة في الصياغة، توخيًا للدقة وتمشيًا مع فن صناعة التشريع.

وتأتي المادة (205) في فقرتها الأولى، لتقر نظام الاشتراط لمصلحة الغير، حيث تجيز للشخص، حينما يتعاقد عن نفسه، أن يتفق مع من يتعاقد معه على أن يتحمل بالتزامات معينة، يتعهد بأدائها لشخص من الغير، هو المنتفع أو المستفيد، شريطة أن يكون للمشترط في ذلك مصلحة ولو أدبية، وهو أمر يكاد يكون متحققًا دائمًا، فالمشترط يتعاقد أصيلاً عن نفسه، فهو ليس بنائب عن المستفيد، الذي يعتبر من الغير بالنسبة لعقد الاشتراط.

وتأتي الفقرة الثانية، لتجيز أن يكون المستفيد من عقد الاشتراط شخصًا مستقبلاً، كما أنها تجيز أن يكون المستفيد شخصًا غير معين بذاته عند الاشتراط، إذا كان من الممكن تعيينه عندما يتوجب على المتعهد أن يؤدي له المنفعة المشترطة لصالحه. وتعرض المادة (206) لأثر الاشتراط لمصلحة الغير، وهي تقرر أنه يترتب عليه أن يثبت للغير المشترط لصالحه، أي المنتفع أو المستفيد، حق خاص به، في ذمة المتعهد، قوامه المنفعة المشترطة له، وهو حق يثبت له مباشرة من عقد الاشتراط، دون مرور بذمة المشترط، وبهذه المثابة يكون للمستفيد أن يستأدي حقه المشترط لصالحه من المتعهد باسمه هو، وبدعوى مباشرة، مع مراعاة حكم المادة (207) وهذا هو لب نظام الاشتراط لمصلحة الغير وجوهره ومعقل القوة فيه.

وإذا كان للمستفيد أن يطالب المتعهد مباشرة بالحق المشترط لصالحه، فإن ذلك لا يمنع المشترط نفسه من أن يكون له، في نفس الوقت، الحق في أن يطالب المتعهد بأن يؤدي الالتزام المشترط للمستفيد، وذلك ما لم يتفق على غيره، فالمشترط هو الطرف الثاني في العقد مع المتعهد، ومن ثم يكون له أن يطالبه بالوفاء بالتزاماته إلى يرتبها العقد عليه، وإن كانت فائدتها تعود على غيره، ثم إن الفرض أن للمشترط مصلحة في قيام المتعهد بالوفاء بالتزامه للمستفيد، فهذه المصلحة نفسها هي التي دفعته إلى أن يشترط هذا الالتزام عليه.

وإذا كان المستفيد من الغير بالنسبة إلى عقد الاشتراط إلا أنه يتلقى منه حقًا شخصيًا ومباشرًا في مواجهة المتعهد، ومن ثم تقرر المادة (207) للمتعهد الحق في أن يتمسك، في مواجهة المستفيد، بكافة الدفوع الناشئة له من عقد الاشتراط، والتي كان يسوغ له أن يحتج بها في مواجهة المشترط نفسه، لو أن المنفعة كانت مقررة لصالحه، وعلى هذا النحو، لا يضار المتعهد من كون المنفعة مشترطة للمستفيد.

والاشتراط لمصلحة الغير يتضمن تقديم منفعة للمستفيد. وإذا كان المتعهد هو الذي يقدمها له، نتيجة أدائه الالتزام الذي رتبه العقد عليه، إلا أن المشترط هو الذي اشترطها له، وهو الذي يتحمل مقابلها، إن كان لها مقابل، ومن ثم يخول المشروع في المادة (208) للمشترط، بعد أن ينعقد الاشتراط أن ينقضه، بمعنى أن يحرم المستفيد من الفائدة التي كان من شأنه أن يرتبها له. وهذه الرخصة تثبت للمشترط شخصيًا، فهي مقصورة عليه لخاصة نفسه. ومن ثم فهي لا تنتقل من بعده لورثته. كما أنه لا يجوز لدائنيه أن يباشروها عنه باسمه ولحسابه، حتى لو كان معسرًا. فالأمر متروك لمحض أريحيته هو، وفقًا لما يراه. على أن نقض الاشتراط، في الحدود السابقة، يتقيد بإعلان المستفيد رغبته في الإفادة من الاشتراط، إما للمشترط وإما للمتعهد. فبمجرد أن يعلن المستفيد رغبته في الإفادة من الاشتراط للمشترط أو للمتعهد، يثبت له الحق المتولد عنه نهائيًا، ويستحيل بعد ذلك على المشترط أن يحرمه منه بنقض المشارطة.

وإذا باشر المشترط الرخصة المخولة له في نقض المشارطة، حرم المشترط لصالحة من المنفعة التي كانت مشترطة له، ولكن ذمة المتعهد لا تبرأ، ويبقى متحملاً بالالتزامات التي ولدها العقد عليه، وذلك بطبيعة الحال ما لم يتفق على خلافه. وللمشترط، بعد نقضه المشارطة، أن يُحل منتفعًا آخر محل المنتفع الأصلي أو أن يستأثر بالمنفعة الخاصة لنفسه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .