«البتكوين» .. بين المخاطرة والتحريم!!

عبدالوهاب الطويل
من الواضح أن العملات الرقمية وتداول السلع والخدمات الإلكترونية فرضت واقعاً جديداً على الساحة الاقتصادية والتجارية العالمية، إذ بات باستطاعة مستخدمي الإنترنت في العالم شراء أو بيع أي سلعة مهما كانت صغيرة، أو الحصول على خدمة مثل حجز الفنادق أو شراء تذاكر السفر .. أو غيرها، كل ذلك أصبح ممكناً باستخدام العملات الرقمية!!

ومن بين العملات الرقمية التي اختطفت قلوب وعقول مستخدمي الشبكة العنكبوتية في الأشهر الأخيرة عملة «البتكوين»، والتي انتشرت بشكل ملفت في الشهور الأخيرة ولاقت إقبالاً كبيراً وتقلبات أكبر أدت إلى ارتفاع قيمتها بمعدلات مذهلة حتى وصلت إلى أكثر من 15 ألف دولار، على الرغم من الغموض الذي يحيط بهذه العملة، وأنها ليست العملة الوحيدة في سوق العملات الإلكترونية.

و«البتكوين» هي عملة افتراضية تم طرحها للتداول على الإنترنت في عام 2009، وهي عبارة عن وحدات رقمية مشفرة ليس لها وجود في الواقع، كما أنها غير مغطاة بأصول ملموسة، ولا تخضع في إصدارها إلى أي شروط أو ضوابط، وليس لها اعتماد مالي لدى أي نظام اقتصادي أو مالي، ولا تخضع لسلطة رقابية أو هيئة مالية محددة؛ لأنها تعتمد على التداول فقط على الإنترنت.

ومع الارتفاع الصاروخي لهذه العملة، والتي كانت منذ سنوات قليلة لا تساوي أكثر من 12 دولاراً، بدا الاهتمام بها واضحاً من بعض الشركات الإلكترونية العالمية الكبرى بعد من خلال قبولها التعامل بـ«البتكوين».

ولقد تباينت آراء خبراء الاقتصاد والمستثمرين حول تداول العملة الرقمية الأكثر شهرة الآن «البتكوين»، فما بين مؤيد يرى أنها وسيلة سهلة للربح السريع وغير المكلف، ومعارض يرى أنها مجرد فقاعة تحمل الكثير من المخاطر فضلاً عن أن قيمتها قد ترتفع أو تنخفض بمعدلات خيالية خلال ساعات قليلة، على عكس الاستثمار التقليدي الحقيقي والذي تكون فيه نسبة المخاطرة ضئيلة للغاية، نظراً لما يحيطه من دراسات الجدوى والتخطيط المسبق.

هذا كله يمثل وجهة النظر الاقتصادية والتجارية، والمخاوف التي يبديها الكثيرون من التعامل بهذه العملة، فما الرأي الشرعي في تداول عملة «البتكوين»؟

فبعد أن وصل سعر تداول «البتكوين» على الإنترنت إلى 18 ألف دولار، والمكاسب الخيالية التي حصدها المستثمرون الإلكترونيون المحترفون، وبعد طرح العديد من الأسئلة حول مدى شرعية التعامل بهذه العملة وحجم المخاطر التي يتعرض لها المستثمر فيها، جاءت فتوى دار الإفتاء المصرية التي أكدت على لسان مفتي الديار المصرية أن هذه العمليات تشبه المقامرة؛ فهي تؤدي وبشكل مباشر إلى الخراب المالي على مستوى الأفراد والجماعات والمؤسسات؛ من إفساد العملات المتداولة المقبولة، وهبوط أسعارها في السوق المحلية والدولية، وانخفاض القيمة الشرائية لهذه العملات بما يؤثر سلبًا على حركة الإنتاج والتشغيل والتصدير والاستيراد، فضلاً عن الضرر الذي يتمثل في جهالة أعيان المتعاملين بها بالإضافة إلى تعدي تأثير التعامل بها اقتصاديًا حيز التأثير على مدخرات الأفراد المتعاملين بهذه العملة إلى اقتصاديات الدول، بالإضافة إلى إمكانية اتخاذها وسيلة سهلة لضمان موارد مالية مستقرة وآمنة للجماعات الإرهابية والإجرامية، وتيسير تمويل الممارسات المحظورة وإتمام التجارات والصفقات الممنوعة.

وتبدو أهمية الفتوى من أنها ليست مجرد رأي شرعي فحسب، وإنما صدرت بعد دراسة فنية واقتصادية متأنية بواسطة خبراء في مختلف التخصصات، مما يتطلب وقفة جادة تجاه تداول هذه العملة.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت