تقرير حول رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، تحت عنوان واقع المرأة من خلال مؤتمرات الأمم المتحدة – إعلان بكين نموذجا

ذ أنس سعدون

، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن بكلية الحقوق بطنجة

تقرير حول رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، تحت عنوان واقع المرأة من خلال مؤتمرات الأمم المتحدة – إعلان بكين نموذجا
مواكبة لسلسلة المناقشات العلمية التي تعرفها وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن، شهدت رحاب كلية الحقوق بطنجة صبيحة يوم الثلاثاء 4 دجنبر 2007، بالمدرج رقم 1 بالملحقة الثانية، مناقشة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص برسم الفوج الثالث من وحدة قانون الأسرة المغربي والمقارن (2005ـ2007)، في موضوع:” واقع المرأة من خلال مؤتمرات الأمم المتحدة ـ إعلان بكين نموذجا”.

وقد تشكلت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:

ـ الدكتور عبد السلام بنحدو أستاذ التعليم العالي، عميد كلية الحقوق بطنجة، ورئيس وحدة التكوين والبحث في العلوم الجنائية بنفس الكلية.
ـ الدكتور عبد الخالق أحمدون أستاذ التعليم العالي، رئيس وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة المغربي والمقارن بكلية الحقوق بطنجة.
ـ الدكتور مرزوق آيت الحاج أستاذ باحث بكلية الحقوق بطنجة.

ابتدأت المناقشة من الساعة الحادية عشرة صباحا واستمرت إلى حدود الواحدة والنصف زوالا، انتهت بقبول الرسالة ومنح الطالب الباحث أنس سعدون ميزة حسن جدا.

إن اختيار موضوع :” واقع المرأة من خلال مؤتمرات الأمم المتحدة ـ إعلان بكين نموذجا”، لم يكن اختيارا عشوائيا، بل هو اختيار نابع من الاهتمام الكبير الذي أمست توليه برامج التنمية في كل دول العالم لدور المرأة الحيوي، ولإشراكها في كل مشروع تنموي باعتبارها تمثل نصف المجتمع.

فالمطالبة بدمج المرأة في عملية التنمية والنهوض بأوضاعها في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا تعني جعل المرأة في إطارها الحقيقي فحسب، وإنما تعني جعل المجتمع ككل في وضعه العادي والطبيعي. كما أن التركيز على المؤتمر الدولي الرابع المنعقد بمدينة بكين سنة 1995 يجد سنده في كونه يعتبر محطة بارزة في تطور حقوق المرأة، إذ يعكس الاهتمام الدولي بضرورة الإلتفات إلى مشاكل النساء في العالم، وهو ما يظهر من خلال منهاج العمل الذي تبناه المؤتمر وصادقت عليه معظم الدول، ومنها المغرب.

كما تجد هذه الدراسة ـ بالاضافة إلى ما سبق ـ مبرراتها في مجموعة من الاعتبارات السياسية والتنموية والاجتماعية.

فالإعتبارات السياسية تتعلق بكسب رهان الديمقراطية والحداثة والانفتاح على قيم حقوق الإنسان ومحاولة إعمالها بالشكل الذي يضمن مسايرة التوجهات الحقوقية الدولية، ووفقا لما ينسجم أيضا مع مقومات الهوية الوطنية.

والإعتبارات التنموية تتمثل في ضرورة وأهمية الاستثمار في الموارد البشرية لإدماجها في عملية التنمية.

أما الإعتبارات الاجتماعية فترتبط بالاهتمام بالفئات الاجتماعية المهمشة وفي مقدمتها فئة النساء، خاصة وأن عددا من التقارير الوطنية والدولية الرسمية وغير الرسمية تؤكد المشاكل العديدة التي تواجه هذه الفئة المهمشة.

ومن أجل بلورة أهداف الدراسة تمت الاستعانة بمناهج علمية متعددة، كان أبرزها المنهج المقارن والمنهج التحليلي، فالمنهج المقارن يسمح بقراءة أهم المقتضيات التي جاءت بها وثيقة بكين على ضوء الاتفاقيات الدولية السابقة، وبيان موقف الشريعة الاسلامية منها. في حين يساعد المنهج التحليلي على تفكيك عناصر هذه الوثيقة وتحليل السياسات الوطنية والدولية المنبثقة عنها، والقيام بتقييمها والوقوف على أهم سلبياتها وايجابياتها، كما أن الاستعانة بالمنهجين معا يمكن من تسليط الضوء على الجهود التي يبذلها المغرب للنهوض بأوضاع المرأة لتمكينها من كل الحقوق التي أقرتها المواثيق الدولية.

ومن هذا المنطلق فقد جاءت هذه الرسالة في 260 صفحة مقسمة إلى مقدمة وفصلين:

الفصل الأول: جوانب اهتمام الأمم المتحدة بموضوع المرأة.
الفصل الثاني: الجهود الوطنية لتطبيق توصيات المؤتمرات الدولية حول المرأة.

وقد خلصت الرسالة إلى العديد من النتائج والاستنتاجات، نجملها فيما يلي:

ـ إن حقوق المرأة باعتبارها جزءا من منظومة حقوق الانسان، أضحت من القيم الكونية التي يتعين على بلدان العالم المختلفة أن تلتزم بها، وألا تدخر جهدا في سبيل ملاءمة تشريعاتها الداخلية وسياساتها التنموية المحلية معها. إلا أن مفهوم الملاءمة لا يعني أبدا المطابقة بين النموذجين، الوطني والدولي لحقوق المرأة أو حقوق الانسان.

فالملاءمة تهدف إلى تكييف الترسانة التشريعية الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، بما لايتعارض أيضا مع مقتضيات النظام العام، الذي يكتسي طابعا دينيا وحضاريا في معظم البلدان العربية والاسلامية، على خلاف سياسة المطابقة التي تستهدف النسخ التام لنصوص المواثيق الدولية دون محاولة تكييفها مع الخصوصيات الوطنية.

إلا أن مبرر مراعاة الخصوصيات الوطنية، يجب ألا يستغل كذريعة لتبرير فشل السياسات المرصودة لإصلاح أوضاع المرأة، أو لتأخير هذه الاصلاحات.

ـ من جهة أخرى يلاحظ أن المغرب قطع أشواطا هامة في مسلسل النهوض بأوضاع المرأة المغربية، وذلك في إطار حرصه على احترام المواثيق الدولية التي صادق عليها، وفي هذا الصدد عمل على ملاءمة تشريعاته الوطنية مع المعايير الدولية، ولا أدل على ذلك من الإصلاحات التي أدخلها على مجموعة من التشريعات، لعل أهمها مدونة الأسرة وقانون الجنسية. كما أن المرأة المغربية وفقت في الوصول إلى العديد من مواقع المسؤولية والتي ضلت ولوقت قريب حكرا على الرجل.

ـ إن المكتسبات التي حققتها المغربية في العديد من الميادين، سواء التشريعية منها أو المؤسساتية، يجب ألا تنسينا الإجحـاف الكبير الذي ما فتئ يطال شريحة واسعة من النساء في المغرب، لازالت تعانـي من الإقصاء والتهميش والعنف، وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية تتمثل في الفقر، والأمية، والافتقاد إلى أبسط مقومات العيش الكريم، كما لا يجب أن يحجب عنـا حجم المعانـاة والمشاكل التي تواجه المرأة في العالم القروي، التي ظلت ولفترة طويلة في منـأى عن اهتمام سياسات وبرامج التنمية. وهو ما يفرض مواصلة الجهود التي بدأها المغرب في هذا المجال، وتدعيمها بإصلاحات اجتماعية واقتصادية تنهض بوضعية المرأة خاصة، والأسرة المغربية عامة، ذلك أن موضوع المرأة لا ينبغي أن يتم فصله عن سياقه الاجتماعي العام.

و من أهم الاقتراحات التي قدمها البحت:

* الرفع من الميزانيات المخصصة للمجال الاجتماعي.
* تنسيق الجهود المبذولة على الصعيد الحكومي، مع الدور الفعال الذي يلعبه كل من القطاع الخاص و المجتمع المدني.

* تأسيس مجلس قومي للنهوض بوضعية المرأة (أو الأسرة)، تكون مهمته السهر على إعداد البرامج والاستراتيجيات الخاصة بتنمية المرأة، وتقديمها إلى الجهات الحكومية المختصة، والتنسيق بينها وبين مكونات المجتمع المدني.

* توسيع مجال ودور الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، لمكافحة كل أشكال الامتهان والإساءة التي تتعرض لها المرأة في وسائل الإعلام الوطنية.

* إشراك الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في إعداد التقارير الوطنية المرفوعة إلى الأمم المتحدة بخصوص إعمال الاتفاقيات الدولية.
* التعجيل بإصدار القانون المنظم لتشغيل الخادمات، وقانون مكافحة العنف ضد النساء.
* مواصلة التعديلات التشريعية الهادفة إلى ترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين أمام القانون.

* الاهتمام بالإعداد الجيد والمسؤول للمؤتمرات الدولية القادمة – التي تعنى بموضوع المرأة – وتقديم برامج تعكس الأهمية التي تحظى بها المرأة في الشريعة الإسلامية، وفي برامج التنمية الوطنية.

* محاولة التنسيق والتعاون بين الدول العربية والإسلامية، وتقديم موقف موحد بخصوص الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة.

* إعادة النظر في أسلوب وطريقة صياغة التحفظات الواردة على المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبحقوق المرأة.

* تحفيز الإجتهاد الفقهي في المفاهيم الدينية، ليس بهدف القبول بكل الأطروحات الثقافية الغربية، وإنما بغرض اكتشاف واستنباط المعاني الإنسانية الرفيعة الواردة في الشريعة الإسلامية، ومحاولة التعريف بها في الغرب.

* تشجيع الحوار بين الحضارات، بما يسمح بإمكانية التعايش بين قيم الحضارة الغربية ومبادئ الشريعة الإسلامية.
* تطوير الخطاب الإسلامي بشأن قضايا المرأة، بما يسمح بتجاوز دائرة الحديث عن حقوق المرأة في الإسلام، إلى الحديث عن إجراءات كفالة احترام وتطبيق تلك الحقوق في المجتمعات الإسلامية المعاصرة.

ولا شك ان هذه الجهود والاقتراحات لا يمكن ان تجد طريقها الى التطبيق الا بتعاون جميع الجهود الحكومية وغير الحكومية من أجل إعادة الاعتبار للمرأة المغربية وادماجها بشكل فعال ومسؤول في عملية التنمية.

وذيلت الرسالة بخمسة ملاحق:

* نص الوثيقة الختامية لمؤتمر بكين (1995).
* التقـريـر البـديـل لإعلان ومنهاج عمل مؤتمر بكين.
* قرار رقم 52-100 بشأن متابعة المؤتمر الرابع المعني بالمرأة والتنفيذ التام لإعلان بيجين ومنهاج العمل (بكين +5).
* إعلان (بكين + 10) للتضامن من أجل المساواة بين الجنسين والتنمية والسلام.
* بيان ائتلاف المنظمات الإسلامية حول أشغال الجلسة التاسعة والأربعين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة نيويورك – 28 فبراير – 11 مارس /2005م (بكين + 10).
و في الأخير انتهت لجنة المناقشة التي ترأسها على الخصوص عميد كلية الحقوق بطنجة إلى جانب كل من رئيس وحدة قانون الأسرة المغربي والمقارن إلى قبول الرسالة ومنحها ميزة حسن جدا.