قراءة نقدية لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا الجديد

مقال حول: قراءة نقدية لمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا الجديد

مآخذ في مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا
المحامي د. علي الدراجي
لما كان تكليفنا من قبل نقابة المحامين / اللجنة القانونية / اللجنة الفرعية الخاصة بمشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا يوجب علينا إعطاء الرأي و تدوين ملاحظاتنا بهذا الخصوص ، وبعد الاطلاع على مشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا سجلنا الآتي :

١- إن مشروع القانون قد أنتهك مبدأ الفصل بين السطات واستقلال القضاء وهو مبدأ دستوري من خلال ما نصت عليه المادة ١٢ / أ/ ب من مشروع القانون إذ إن اختيار القضاة يجب أن يكون محصورا بالسلطة القضائية لا من قبل السلطة التشريعية او التنفيذية او أي جهة أخرى .

٢- إن المادة ٩٢ من الدستور نصت على إنه ” تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون ويحدد عددهم وتنظم طريقة اختيارهم بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ” والواضح من النص إن المقصود بالتكوين هو ما تتضمنه هيكلية المحكمة من أعضاء سواء كان من القضاة او من خبراء الفقه الإسلامي او فقهاء القانون ، ولما كانت الأحكام القضائية لا تصدر الا من القضاة فأن مفهوم النص الدستوري يعطينا الحق في القول إن الفقهاء المذكورين من كلا النوعين لا يدخلون في تشكيل المحكمة عند نظر القضايا المعروضة عليها ، إنما يكون دورهم في تكوينها وعرض ما يستوجب عرضه عليهم في مجال الاختصاص المحدد لهم وفيما يتناوله موضوع الخبرة ، وكأنهم في هذا المقام حال الخبراء المسجلين في جدول الخبراء او غيرهم من الخبراء الذين يستوجب القانون تحليفهم لأداء خبرتهم إلا إنهم يختلفون لتسميتهم مقدما بموجب نص القانون .

٣- مع إن النص الدستوري في المادة (٩٢) لم يحدد عدد الأعضاء الخبراء سواء في الفقه الإسلامي او في فقه القانون ، إلا إن مشروع القانون قرر أن يكون أعضاء الفقه الإسلامي (٤) وأعضاء فقهاء القانون (٢) ومن ثم لا نجدد ما يبرر هذا التباين العددي مع إن الأصح أن يكون العدد متساوياً لإطلاق النص أو يكون عدد فقهاء القانون أكثر ذلك إن القضاة إنما يطبقون قانوناً وضعيا يستمد نصوصه من مصادر مختلفة ومنها الشريعة الإسلامية إلا إنها ليست المصدر الوحيد .

٤- يبدو من خلال نص المادة ٤/أ من مشروع القانون إنه جاء منسجماً تماماً مع ( المحاصصة) التي تبنتها الأحزاب والكتل في العملية السياسية ومن ثم يكون قد ابتعد تماما عن مبدأ المساواة ذلك إنه قد نص على اختيار أعضاء المحكمة يجب أن يراعى فيه المكونات مع إن اختيار القضاة منوط حصراً في المعهد القضائي وعن طريق آلية يخضع فيها كل المتقدمين الى اختبارات وامتحانات تحدد بموجب القانون وعلى حد سواء دون أن يكون للمكونات دخلاً في هذا الشأن .

٥- ان المادة ١٢/ ثانيا من مشروع القانون قد اشترطت موافقة ثلاثة ارباع الأعضاء من خبراء الفقه الإسلامي في إصدار الأحكام التي تتعلق بثوابت الإسلام مما يعني إمكانية تعطيل تلك الأحكام إذا لم يشترك او يوافق هؤلاء الأعضاء ، مع إن المقصود بخبراء الفقه الإسلامي أوسع بكثير من النظرة التي تتعلق بثوابت الإسلام ، إذ إن الخبراء المذكورين ليس من الضروري أن يكونوا من الحوزة العلمية أو من الفقهاء بالوقف الشيعي او السني فربما يكونوا غير مسلمين ممن لهه خبرة علمية كبيرة في مجال دراسات الفقه الإسلامي أو حاصلين على شهادات عليا في هذا الجانب من جامعات عربية أو أجنبية ، وإن ذات المادة في الفقرة ثالثا منها اشترطت موافقة ثلاثة ارباع أعضاء فقهاء القانون والقضاة في إصدار الأحكام إذا ما تعلق الامر بالحقوق والحريات او المساس بالأسس التي تقوم عليها الديمقراطية ، فهي فضلاً عن ابتعادها عن صحيح القانون كما هو حاصل في الفقرة الثانية اعلاه فهي قد جعلت من فقهاء القانون على قدم المساواة مع القضاة في انعقاد المحكمة مع إن الفقهاء المذكورين وكما بينا سابقا يدخلون في تكوين المحكمة لا في انعقادها .

وبعد هذا العرض اترك لكم إبداء رأيكم وطرح ما ترونه مناسبا من الوجهة القانونية في مشروع هذا القانون .

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.