جريمة الإخبار الكاذب عبر وسائل التواصل الاجتماعي
القاضي علي كمال

يعد الإخبار احد وسائل تحريك الدعوى الجزائية، والإخبار كما هو معروف حق مقرر لكل شخص بل قد يكون واجباً في أحيان اخرى ولأنه يساعد في الكشف عن الجرائم ويسهل معاقبة مرتكبيها فاذا كان من واجب الدولة توفير الحماية القانونية للاشخاص فان من واجب هؤلاء الاشخاص انارتها بالاخبار الصادقة عما يقع من جرائم تهدد الامن والسكينة في المجتمع يشاهدها او تتناهى الى عملهم بعض المعلومات بشأنها.

واذا كان للفرد حق تحريك الدعوى الجزائية فينبغي على كل مشرع ان يوضح حدود هذا الحق والاجراء والجزاء المترتب على المخبر في حالة الإخبار الكاذب رغم ان تقديم الشكوى او الاخبار عن الجرائم المرتكبة حق كفله القانون لجميع الأفراد في المجتمع وان هذا الحق يرتقي في بعض الحالات ليتخذ طابع الواجب القانوني ويقع من احجم عنه تحت طائلة العقاب، الا ان هذا الحق يجب ان يمارس في الحدود التي رسمها القانون وفي اطار حسن النية وبخلاف ذلك ان الفعل في ممارسة هذا الحق ينقلب الى فعل اجرامي يعاقب عليه القانون، اذ ان تقديم الشكوى او الاخبار الكاذب عبر البريد الالكتروني او الهاتف النقال الذي تخصصه الجهات المختصة لتلقي الشكوى او الإخبار عن الجرائم يعد وسيلة لقيام جريمة الإخبار الكاذب عبر وسائل الاتصال الالكتروني كأن يرسل المخبر إخباراً الى الجهات الادارية عبر الخط الساخن المخصص للاخبار عن الجرائم يتضمن تلفيق واقعة جرمية كاذبة الى شخص معين يعلم مسبقاَ براءته منها بغية الاساءة الى سمعته ومكانته الاجتماعية فضلا عما يترتب على ذلك من ارهاق لمرفق القضاء وإشغاله باخبارات كاذبة لا اساس لها من صحة، وقطعاَ لدابر تلك الاخبارات الكاذبة وردعاَ لمن يتقديمها فقد جاء القانون ليفرض عقابا على من يقوم بذلك.

وتعد جريمة الإخبار الكاذب الحد الفاصل بين الاستعمال المشروع لحق تقديم الشكوى او الاخبار المقرر لجميع الأفراد وبين إساءة استعمال مثل هذا الحق، ففي الصورة الأولى وهي الاستعمال المشروع للحق لا تتحقق معه جريمة الإخبار الكاذب طالما ان الاخبار او الشكوى يستند الى وقائع صحيحة ويقوم على حسن النية، وفي الصورة الثانية وهي الاستعمال غير المشروع للحق تتحقق معه الجريمة الاخبار الكاذب طالما ان الاخبار او الشكوى ينطوي على وقائع كاذبة ويستند الى سوء النية واذا كان الاستعمال غير المشروع لذلك الحق ينشأ معه جريمة الاخبار الكاذب فان تجاوز حدود الواجب في الإخبار عن الجرائم يتحمل ان يترتب عنه جريمة الاخبار الكاذب وجريمة الإحجام عن الإخبار وذلك بحسب طبيعة نشاط المتجاوز لاداء الواجب في الأخبار ولقد ازدادت ظاهرة الاخبارات الكاذبة عبر وسائل الاتصال الالكترونية في الآونة الأخيرة حتى أصبحت تشكل عائقاً امام السلطات المختصة تشغلها عن اداء مهامها الأساسية.

لقد غدت جريمة الإخبار الكاذب تشكل اليوم واحدة من أسوأ النتائج التي افرزها التطور التكنولوجي الذي حققته البشرية خلال الستين عام المنصرمة في مجال المعلومات والاتصالات وأنظمتها, اذ يساء استخدام التقنية الالكترونية من قبل البعض بقصد الإساءة للآخرين والإضرار بهم عن طريق إسناد واقعة جرمية كاذبة تستوجب العقاب من أسندت إليه.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت