تفادي الخلافات المالية بين الزوجين والحقوق المالية للزوجة

هناء الفواز
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

مما لا شك فيه أن النفقة حق واجب شرعا للمرأة على زوجها، ولكن مع التوسع اليوم في توظيف النساء وخروج الزوجات من البيت للعمل كحق مباح لهن، ظهرت على السطح الكثير من النزاعات المالية بين الزوجين، من ينفق أكثر ومن يتولى زمام الأمور المالية في البيت، فبات الخلاف المالي على رأس المشكلات الزوجية.

الاختلاف سنة الحياة، ولكن المشكلة أن يتم تجاهل معالجة مثل تلك الأمور الدقيقة والحساسة بين الزوجين، وتترك لتحل مع الأيام أو تنتهي بالانفصال! الأمور المالية تعتبر من أهم الأمور التي يجب التحدث عنها بين الزوجين ومناقشتها بصراحة والاتفاق عليها قبل الزواج، أو بمجرد الحصول على فرصة العمل وتوفر المال للزوجة لتحجيم الخلاف بينهما لاحقا.

الإنفاق الواجب على الزوجة ليس مشروطا بعدم قدرتها على جني المال ولا بعدم حوزتها له، وليس عليها نفقة أولادها حتى لو كانت ذات مال، فهذا واضح بالنص الصريح في القرآن والسنة، لكن الذي يجب توضيحه أن النفقة الواجبة تشمل مأكلها ومشربها ومسكنها وتنقلاتها والدواء.

أما مقدارها فبحسب المتعارف عليه في أسرتهما القريبة، وما زاد على ذلك فهو حسن عشرة ووفاء، وقوله عليه الصلاة والسلام في حديثه عن الصدقة: (وابدأ بمن تعول) حث على إكرامها وتقديمها في الإنفاق.

مشاركة الزوجة لزوجها في الإنفاق أمرا مرغوبا وليس واجبا، بما لا يتعارض مع مصالحها ولا نفقاتها الخاصة، حفظا للعشرة وللمودة بينهما، ويبقى أمر التوثيق بينهما مهما لحفظ الحقوق. الزوجة تستطيع مشاركة زوجها في الأمور المالية بالاتفاق على ميزانية محددة للأسرة، وبترشيد الاستهلاك، وتربية الأبناء على حسن الإدارة المالية، ومراعاة الزوج عند الوقوع في المآزق المالية التي تعترض الأسرة.

الاتفاق بين الزوجين على طريقة الإنفاق وتحديد الأولويات، ووضع حدود مالية بينهما لا يمكن تجاوزها دون علم الآخر، كلها تعتبر أمورا مهمة لتفادي الوقوع في الخلاف.

لا شك في أن الرباط الزوجي من أنزه وأجمل الروابط في العلاقات البشرية، والأصل في تلك العلاقة الصدق والأمانة والوفاء وحب الخير للطرف الآخر، لكن دوام الحال من المحال، والكمال المطلق غير متحقق أبدا، والنفس البشرية جبلت على الخطأ، فمن أسوأ ما تقع فيه المرأة، أن تجعل ثقتها المطلقة في الزوج فتستجيب لكل مطالبه المالية ـــ قلت أو كثرت ــــ دون توثيق، إلا إن كانت عن اتفاق أو هبة منها وعن رضا وطيب خاطر لا ترجو استيفاءها. مشاركة الزوجة لزوجها من باب إحسان العشرة والوفاء لها، فالشرع والقانون لا يوجبان على المرأة أي التزامات مالية تجاه الزوج أو الأبناء أو البيت، إنما جعل ذلك كاملا على الرجل بما يرضي الله وبما يتماشى مع العادات والأعراف.

قد تتحرج المرأة في أغلب الأحيان من توثيق الأموال التي تقدمها لزوجها لكن يظل التوثيق هو الطريق الأسلم لها فيما لو تغيرت ظروفهما، أو أصاب أحدهما ما يصيب البشر من العجز أو الموت، فتضيع الحقوق تحت وطأة الحرج والثقة المطلقة، وحينها لا سبيل إلى استرداد تلك الأموال لعدم وجود الدليل النظامي والقانوني عليها.

ولا يخفى على الكثير سلسلة القصص المتداولة عن مشاركة الزوجة لزوجها في التجارة أو بناء المسكن ثم يتوفى الزوج أو يطلقها وكل الأموال والممتلكات موثقة باسمه، فتخرج هي من أملاكها خاوية اليدين، وتقسم أموالها وفقا للشرع على ورثة الزوج، لأنها لا تملك الإثبات على ملكيتها.

يبقى الأمر المهم المنوط بالزوج، أن يراعي حق الله وحق شريكته بتسمية الأمور بمسماها الصحيح، وتوثيق كل التعاملات المالية بينهما بشكل نظامي من خلال محام، وعدم التحرج أو منعها من ذلك. وفي النهاية، تظل المرأة هي من تحمل مسؤولية الحفاظ على ما قد يضيع منها أمام تغير الظروف أو ضعف الزوج نفسه واتساع ذمته.