ان معرفة موقف المشرع العراقي من موضوع السماح للشركات الاجنبية بالاستثمار غير المباشر في سوق الاوراق المالية اي منحها حق أدراج او قيد اسهمها فيه، يقتضي منا البحث في نصوص التشريعات الخاصة ذات العلاقة للتوصل فيما اذا كانت هناك نصوص صريحة تجيز ذلك ام لا، كالقانون المؤقت لسوق الاوراق المالية الصادر عن سلطة الائتلاف رقم ) 74 ( لسنة 2004 ، وقانون الاستثمار الاتحادي رقم) 13 ( لسنة 2006 ، وكذلك قانون الشركات رقم لسنة 1992 المعدل بموجب امر سلطة الائتلاف الصادر في 2004 ونبدأ بالتشريع الخاص بسوق الاوراق المالية وهو القانون المؤقت لسوق الاوراق المالية العراقي، ولدينا الملاحظتين الأتيتين عليه وهما:

-1 لم يشر المشرع العراقي في اهداف القانون الى تشجيع الاستثمار الاجنبي غير المباشر في سوق الاوراق المالية اي التعامل بالأوراق المالية ومنها الاسهم، يتبين ذلك لدى النظر في أهداف )) سوق العراق للأوراق المالية (( والتي حددها القانون المؤقت، نجد ان المادة )القسم 2( المتضمن النظام والاهداف لم تشرلا من بعيد ولا من قريب الى المستثمر الاجنبي أو الاستثمار الاجنبي فالفقرة ) 6( ببنودها من )أ الى ي(اشارت الى اهداف السوق بشكل عام، لذلك نقترح اضافة فقرة جديدة الى المادة )القسم 2( الى القانون المؤقت لسوق الع ا رق للاو ا رق المالية باعتباره الشريعة العامة المنظمة للتداول والتعامل في سوق الاوراق المالية، بشكل يشير صراحة الى هذا الهدف ،وتكون الفقرة بتسلسل 3وبالشكل الأتي ): ج-تشجيع وتنظيم تداول المستثمر الاجنبي )شركات ام افراد( في السوق بما يضمن تنشيط حجم التداولات في السوق وبما يعزز مكانة سوق الاوراق المالية العراقي بين اسواق الاوراق المالية العربية والعالمية(

-2 لم يشر كذلك في القانون الى منح المستثمر الاجنبي) الشركات الأجنبية أم الأفراد(حق الادراج في السوق، أي في سوق التداول)السوق الثانوية(،بغية تمكنه من التداول بالاسهم المدرجة فيه بيع اً وشراءً وكذلك لكي يتم التداول باسهمهمن قبل ( المستثمرين الآخرين شركات ام أف ا رد.ونرى بهذا الصدد ضرورة اضافة فقرة الى المادة 3 القسم 3( من القانون الخاص بالتعاملات في اسواق الاوراق المالية ، بما يضمن منح مجلس المحافظين الخاص بسوق الاوراق المالية، صلاحية الموافقة على ادراج الشركات الاجنبية في السوق اضافة الى المهام المنوطة بها في الفقرات التي تسبقها وتكون الفقرة بتسلسل 3 ويعدل تسلسل المواد التي تليها وبالشكل الآتي) 3- يتبنى مجلس المحافظين لاسواق الاوراق المالية صلاحية الموافقة على ادراج الشركات الاجنبية )شركات ام افراد( في السوق .( أو اعطاء هذه الصلاحية لمجلس الادارة في السوق واضافة عبارة جديدة للمادة )القسم( 6الخاص بمجلس الادارة وتكون بالشكل الاتي )وكذلك المصادقة او عدم المصادقة على طلبات قبول الاوراق المالية الاجنبية العائدة للشركات او الافراد الاجانب في السوق ، لغرض التداول بها او اجراءات رفض قبولها في عملية التداول وذلك بعد استيفاء الشروط المطلوبة (

أما في قانون الاستثمار الاتحادي رقم ) 13 ( لسنة 2006 المعدل، فانه بعد ان عرف المشرع المستثمر الاجنبي في المادة ) 1/ الفقرة ط(، وكذلك عرف الاستثمار في المادة نفسها في الفقرة) ن( ، بانه 🙂 توظيف المال في أي نشاط أو مشروع اقتصادي يعود بالمنفعة المشروعة على البلد( وكذلك ورد في المادة ) 2/ ثانياً( في اهداف القانون )تشجيع القطاع الخاص العراقي والاجنبي للاستثمار في العراق من خلال توفير التسهيلات اللازمة لتأسيس المشاريع الاستثمارية …في الاسواق المحلية والاجنبية( فانه في المادة ) 11 ( منه تطرق الى حقوق المستثمر الاجنبي اذ جاء فيها ما يأتي 🙂 ثانياً : يحق للمستثمر الاجنبي :

أ- التداول في سوق العراق للاوراق المالية بالأسهم والسندات المدرجة فيه واكتساب العضوية في الشركات المساهمة الخاصة والمختلطة…(

الملاحظ على هذا النص مايأتي:

-1 قصر الاستثمار الأجنبي في قانون الاستثمار على الاسهم والسندات دون الاوراق المالية الاخرى او الاشكال الاخرى للاستثمار غير المباشر في سوق الاوراق المالية .وبهذا الصدد نقترح اضافة الاوراق الاخرى أو الاشكال الاخرى للاستثمار الاجنبي، وذلك ضماناً لفاعلية السوق وتنوع الاستثمار الاجنبي وتنشيط حركة التعاملات والتداولات في سوق الاوراق المالية خدمة للاقتصاد الوطني ، وانسجاماً مع القانون المؤقت لسوق الاوراق المالية .

-2 على الرغم من ان المشرع أعطى المستثمر الاجنبي حق التداول في الاسهم المقيدة في سوق الاوراق المالية، الا انه لم يعط الحق للوسيط الاجنبي من العمل بالسوق او لم ينظم احكام عمل الوسيط الاجنبي على الرغم من كونه نظم عمل الوسيط الوطني او شركات الوساطة الوطنية في القانون، وبهذ الصدد نقترح اصدار نظام خاص بتنظيم عمل الوسيط الاجنبي في سوق العراق للاوراق المالية طالما اقترحنا تنظيم الاستثمار الاجنبي غير المباشر في السوق بنظام خاص وعلى غرار المشرع اللبناني في المادة ) 67 ( من مرسوم رقم 7667 تنفيذ النظام الداخلي لبورصة بيروت(1).

-3 ان التداول لغة تداولَ يتداول ، تَداولاً ، فهو متداوِل ، والمفعول متداوَل تَسَيَّارَةٌ تَدَاوَلَتْهَا الأَيْدِي : قَادَتْهَا ، اِسْتَعْمَلَتْهَا أَيْدٍ مخْتَلِفَةٌ ، أَيِ انْتَقَلَتْ مِنْ يَدٍ إِلَى أخْرَى .تَدَاوَلَت الأَيدى الشيءَ : أَخذته هذه مرة ، وهذه مرة و تداول النَّقد : انتقاله من يد إلى يد في البيع والشِّراء(2) كما ان معنى التداول اصطلاحاً وفقاً لما ورد في قوانين خاصة كقانون رقم ) 20 ( لسنة 1936 المصري ،بشأن المطبوعات اذ ورد في المادة) 1( منه 🙂 ويقصد بكلمة “التداول” بيع المطبوعات أو عرضها للبيع أو توزيعها أو إلصاقها بالجدران أو عرضها في شبابيك المحلات أو أي عمل آخر يجعلها بوجه ) من الوجوه في متناول عدد من الأشخاص (، وكذلك ورد في الفقرة ) 1( من المادة) 3) من الملحق الثاني من لائحة قطر للأسواق المالية رقم لسنة بصدد تعريف تداول الاوراق المالية بانه ) نشاط شراء أو بيع أو أكتتاب في الاوراق المالية أو الموافقة على القيام بذلك سواء كأصيل او وكيل ( الا انه عاد واستدرك في الفقرة ) 2 البند أ( التي تليها بانه)لاتعتبر الجهة المصدرة مزاولة لنشاط التداول في الاوراق المالية بحكم كونها جهة اصدار لتلك الاوراق المالية ( فعليه فان معنى التداول اصطلاحاً هو البيع والشراء اي التعامل بالأموال بيعا وشراءً.

-4 يتم في نطاق السوق الأولية التعامل بالأوراق المالية التي تصدرها الشركات تحت التأسيس لأول مرة والتي تقيد اسهمها او تدرجها في السوق لكي تتمكن من بعدها طرح اسهمها للاكتتاب العام ، وكذلك بالنسبة للشركات القائمة والتي ترغب بعد التأسيس بقيد اسهمها او ادراجها فيه لكي تزيد راسمالها ،والحال نفسه بالنسبة زيادة راسمال شركات قائمة من الشركات للاكتتاب المغلق على ان المكتتبين يكونون هم المؤسسين ومساهمين الشركة، اذن لابد لنا من التفريق بين حالتين: الاولى ،هي قيد الاسهم في السوق الاولية سواء أكان القصد هو طرحها للاكتتاب لأول مرة لشركة قيد التأسيس أم بقصد زيادة راسمالها بعد التأسيس، والحالة الثانية هي حالة التداول بهذه الاسهم المقيدة والمطروحة للبيع ،في السوق الثانوية ، اي التعامل بها بعد الادراج او القيد، ونرى ان المشرع العراقي اشار الى الحالة الثانية اي اعطاء المستثمر الاجنبي حق التداول بالأسهم والسندات المدرجة فيه بدليل اي اراده عبارة )التداول في سوق العراق للاوراق المالية بالاسهم والسندات المدرجة فيه ( في المادة المذكورة ، في حين ان عملية التداول بالاسهم تلي عملية الادراج في السوق ، لذلك كان لزاماً على المشرع ان يمنح صراحة ،الحق اولا في الادراج للمستثمر الاجنبي في السوق ومن ثم التطرق الى الاثار المترتبة على الادراج وهي حق التداول بالأسهم المدرجة في السوق وذلك على غرار مسلك المشرع القطري واللبناني في معرض معالجته لهذا الموضوع ، وعليه فاننا نقترح السماح للمستثمر الاجنبي بالاستثمار غير المباشر بالادراج او منحه حق الادراج في سوق الاوراق المالية وبالتحديد في سوق التداول ) السوق الثانوية( ) بنص صريح في قانون الاستثمار الاتحادي وذلك بتعديل الفقرة ثانياً من المادة ) 11) منه، لتكون بالشكل الآتي:

ثانياً : يحق للمستثمر الاجنبي :

أ- الادراج في سوق العراق للأوراق المالية)شركات ام افراد(.

ب- التداول بالأسهم والسندات المدرجة فيه واكتساب العضوية في الشركات المساهمة الخاصة والمختلطة…..( ) هذا بالنسبة للموقف من قانون الاستثمار العراقي.

أما بالنسبة لتعليمات رقم (1) لسنة 2010 بخصوص تداول غير العراقي في سوق الاوراق المالية ، ولدى التدقيق فيها نرى انها تتطلب من المشتثمر غير العراقي ولغرض السماح له بالتداول بالاسهم في سوق الاوراق المالية العراقي ان يقدم عدة متمسكات عن طريق الوسيط المجاز ومن هذه المستمسكات ،عقد واجازة التأسيس المصدقة إضافة الى مستمسكات اخرى، وهذا يفسر بان هذه التعليمات لم تقرر حكماً جديد اً بل نظمت او تطرقت لكيفية قيام غير العراقي او الاجنبي بالتداول في الاسهم المقيدة او المدرجة بالسوق فقط ولاتتطرق لكيفية تسجيل او قيد او ادراج اسهمه في العراق بدليل ان التعليمات طالبت المستثمر غير العراقي بتقديم نسخة من عقد واجازة التأسيس المصدقة وهذا يعني انه لايشمل بهذه التعليمات التداول باسهم الشركات التي هي قيد التأسيس ،وهذا منطقي فالتعليمات لاتشرع او تقرر حكماً جديداً بل هي فقط لتسهيل تنفيذ القانون الصادر .هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان تعليمات رقم 1904في 1632007 الصادر عن سوق العراق للاوراق المالية، بصدد المستثمر الاجنبي وكذلك تعليمات رقم تعليمات رقم(6) لسنة 2014 بخصوص شروط ومتطلبات ادراج الشركات في سوق الاوراق المالية فانها لم تشر الى الشركات الاجنبية في فقراتها . وعليه لغرض تكامل المعالجة القانونية لهذا الموضوع ولكي يكون هناك انسجام بين الاحكام التي ذكرناها فاننا نقترح اصدار نظام استنادا الى المادة (30) من قانون الاستثمار والتي تقضي باصدار انظمة لتسهيل تنفيذ القانون، وذلك لتنظيم قيد اًو ادراج اسهم الشركات الاجنبية في سوق العراق للاوراق المالية في سوق التداول اًي السوق الثانوية على ان يكون هناك شرطاً عاماً يحكم هذه الحالات وهو وجوب ان تكون الشركة شركة مساهمة وان يتضمن الاحكام الاتية :

يحق للمستثمر غير الوطني)شركة او فرد( مايأتي:

اولاً : الادراج في سوق التداول) السوق الثانوية( .

ثانياً : التداول في سوق التداول) السوق الثانوية( لغرض شراء الاوراق المالية المدرجة فيه .

ثالثاً: يجب استيفاء الشروط الاتية لطلب الادراج في السوق.

أ-ان يكون المستثمر الاجنبي الراغب في الادراج في سوق الاوراق المالية في السوق الثانوية ،شركة مساهمة وان تكون قد استوفت متطلبات التأسيس وفق قانون البلد الذي ينتمي اليه بجنسيته او اي قانون اخر يحكم تأسيسه.

ب- ان تكون الشركة مدرجة في سوق الاوراق المالية الذي ينتمي اليه بجنسيته.

ث- وضع حد اعلى لراس مال الشركة التي تطلب الادراج للتداول في السوق .

ث- وضع حد أدنى لعدد المساهمين في هذه الشركة.

ج- وضع حد اعلى لراس المال او الاسهم المطروحة المطلوب قيدها في السوق للتداول.

ح-ان لا تكون هناك قيود على انتقال ملكيتها لغير مواطنيها وفي حالة وجود مثل هكذا قيود يجب ذكرها في طلب القيد .

خ- في حالة وجود استهلاك للاسهم في الشركة لابد من ذكره وذكر حالات الاستهلاك.

د- ذكر القيمة الاسمية للسهم المراد طرحه للتداول في السوق.

ذ-طالما هناك اعفاءات ضريبية للأرباح التي يحصلها المستثمر الاجنبي وضماناً لتحقيق التوازن بين الامتيازات الممنوحة والالتزامات المفروضة في حالة الرغبة في قيد الاسهم وضمانا للجدية في طلبات القيد في السوق، لابد من تحقيق الشركة لارباح صافية قابلة للتوزيع على المساهمين بنسبة معينة و تحديد نسبة صافي موجودات الشركة بنسبة معينة من راس مالها المدفوع.

ر – أن لاتتجاوز نسبة ما يحق للمستثمر الاجنبي من امتلاكه او شرائه عن نسبة %40 م من اسهم الشركات الاخرى المعروضة للبيع في السوق او من حيث الاسهم المعروضة لكل شركة .

ان العراق باعتباره دولة نامية هو بحاجة ماسة الى الاستثمار الاجنبي بعد ان انهكت اقتصاده الحروب والعقوبات الاقتصادية ،والاحتلال الاجنبي والارهاب والطائفية ، وبالتأكيد اذا ما تم تنظيم كيفية قيام المستثمر الاجنبي والشركات الاجنبية بقيد اسهمها في سوق الاوراق المالية ، لابد ان يكون التشريع المقترح نظام أو قانون ، لا تعليمات وذلك لأهمية هذا النوع من الاستثمار في دولة نامية كالعراق وفي هذه المرحلة بالذات .

هذا من الناحية القانونية ، أما من الناحية الاقتصادية او الواقعية وحال السوق العراقي فانه يجب علينا ان نبحث في هذا الموضوع من زاوية اخرى وهي مدى انسجام السماح او منح المستثمر الاجنبي حق قيد اسهمه في سوق الاوراق المالية مع الاهداف التي يرج والمشرع العراقي تحقيقها من وراء اصداره لقانون سوق الاوراق المالية، ومدى ملائمة او مدى الفائدة المتحققة من قيد الاسهم الاجنبية في سوق ناشئة كسوق الاوراق المالية العراقي، أي بعبارة اخرى هل ان السماح للشركات الاجنبية او المستثمر الاجنبي بقيد اسهمه في سوق الاوراق المالية العراقي ينسجم مع التوجهات الجديدة للاقتصاد العراقي ومع سياسة التحرر الاقتصادي وايلاء دور أكبر للقطاع الخاص للتنمية ام لا ؟ وسنجيب على هذه التساؤلات وعلى التوالي:

اولاً : اهداف سوق الاوراق المالية العراقي ،يمكن اجمال أهم أهداف سوق العراق للأوراق المالية والتي حددها القانون المؤقت المرقم ) 74 ( لسنة 2004 ، بتنظيم اعضائها والمحافظة على المعايير المعترف بها للشركات بطريقة تتناسب مع اهداف المستثمرين وتعزيز ثقة المستثمر في السوق وتغزيز مصالح المستثمرين في الاسواق الكفوءة الموثوق بها او بسوق فعال ومضمون تنافسي يتسم بالشفافية والصدق، وتنظيم وتبسيط التعاملات المنتظمة للأوراق المالية بضمنها عمليات التقاص والتسوية لهذه التعاملات وتنظيم آلية تعاملات اعضاء السوق بكل ماله ببيع وشراء الاوراق المالية وتحديد حقوق والتزامات الاطراف ووسائل حماية مصالحهم المشروعة، فضلاً عن المساعدة في زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة أو التي تنوي الادراج في قائمة السوق(3) ان سوق الأوراق المالية تعتبر المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي إذ أن التطور الاقتصادي يرتبط بشكل وثيق بوجود سوق أوراق مالية مزدهرة ومتطورة ولابد من التشجيع و الدعم من الجهات المعنية من حيث توفير القوانين المشجعة للاستثمار الاجنبي فضلاً عن ممارسة الرقابة بقصد تامين حقوق المتعاملين و ضبط السوق، وتنظيم التداول في السوق لانه لاشيء يجذب المستثمر مثلما تجذبه البيئة المطمئنة ) لأن راس المال دائما يكون جبانا( والاطمئنان يأتي عن طريق القوانين الجاذبة الإستثمارات ورؤوس الأموال لتحفظ راس المال بالإضافة الى الأرباح المتحصلة من الإستثمار.

ثانياً: واقع البيئة الاستثمارية في سوق الاوراق المالية العراقي ،ان البيئة الاستثمارية بشكل عام هي البيئة التي تتوفر فيها مستلزمات الاستثمار والتي تتيح للمستثمرين ورجال الاعمال امكانية او فرصة استثمار اموالهم في افضل فرصة استثمارية استنادا الى الدراسات المالية والاقتصادية التي تجري من قبل المتخصصين لهذه الفرص، وتتأثر البيئة الاستثمارية لدولة ما بما يحيط بها من الدول الاقليمية بما فيها من مقومات مشجعة للاستثمار او عوامل مؤثرة بشكل سلبي على عملية الاستثمار ، وعموما فان البيئة الاستثمارية للدولة لايمكن ان تكون بعيدة عن التأثر بالمحيط الاقليمي ولاسيما توجد علاقات اقتصادية مع هذه الدول، وكذلك فان التأثر والتأثير يصبح متبادل ولكن الدولة الاقوى سياسياً واقتصادياً تكون مؤشرة في الطرف الآخر بشكل اكبر وقد يكون التأثير ايجابي او سلبي وبالتالي فان القرارات السياسية وبالتالي الاقتصادية سيكون لها الاثر الواضح في تنمية الاستثمارات وبما ينعكس بشكل ايجابي على الاقتصاد، وبالتالي فان البيئة الاستثمارية الاجنبية ايضاً لها مكونات او طرا، وتأسيساً على ما سبق فان العوامل المؤثرة في عملية الاستثمار الاجنبي هي العوامل الاقتصادية والتي تتمثل بالبنى والاوضاع الاقتصادية السائدة في البلد، وآفاق تطوره، كما يتأثر المناخ الاستثماري بخاصة فيما يتعلق بمعدل التضخم، تقلبات سعر الصرف، مدى تطور الجهاز المصرفي، حجم السوق وامكانات نموها المتوقعة(.

وكذلك العوامل السياسية اذ يعد من اهم العوامل التي تؤثر على اتخاذ مختلف القرارات الاستثمارية، فالمستثمرين يأخذون بنظر الاعتبار جميع المخاطر الاقتصادية وغير الاقتصادية، مثل طبيعة النظام السياسي، احتمالات التأميم، مدى التدخل الحكومي في النشاطات الاقتصادية، الاستقرار السياسي في البلد، قوة المعارضة وطبيعة التغيرات السياسية المحتملة، وغيرذلك من الاوضاع والظروف السياسية والاجتماعية في البلد المعني.هذا من ناحية ومن الناحية العملية هناك دراسات ميدانية عن واقع سوق الاوراق المالية العراقي وتكاد تتفق هذه الدراسات على ان هناك اوجه نقص كثيرة في هذا السوق اي سوق الاوراق المالية العراقي (4)وتتلخص في:

-1 غياب الوساطة المتخصصة في الاوراق المالية الحكومية لقلة او ضعف اهتمام المصارف بتنشيط اسواق هذه الاوراق .

-2 عدم وجود اصدارات ومنحى عائد مرجعي مستمر ويجسد ذلك من جانب حالة التشتت في ادوات الدين العام والاصدارات من جانب ، ومن جانب آخر قلة أو محدودية الاصدارات لفترات ذات آجال طويلة .

-3 اقتصار التعاملات على الصفقات الفورية حيث لايتم التعامل بالصفقات الآجلة وبالتالي يؤدي الى صغر حجم السوق .

-4 نقص المعلومات والافصاح عن اسواق الاوراق المالية الحكومية بالشكل الذي يساهم في زيادة التعريف والوعي بهذه الاسواق، على انه لا يتم الافصاح بوضوح عن برامج وخطط الاصدارات من هذه الاوراق هذا من جانب ، ومن جانب آخر لاتتوفر المعلومات بصورة سريعة عن التعاملات بهذه الاوراق .

-5 استخدام محدود لممارسات التسعير وفقاً للسوق والتي تساهم في تنشيط السوق الثانوية ويعود ذلك لنقص التشريعات التي تلزم المؤسسات المالية والمصرفية والمستثمرين والمؤسسين بتسعير محافظهم من الاوراق المالية وفقاً للسوق .

واستناداً الى ماتم بيانه آنفاً فان الواقع النشاط او الوضع الاقتصادي في العراق، يشير الى ان العراق في طريقه للتحرر من السوق الاشتراكي أي التحرر من النظام الاقتصادي المركز والتوجه لنظام الاقتصاد المفتوح وهذا ينطوي في احدى زواياه على السماح للمستثمر الاجنبي بالاستثمار في العراق سواء أكان بشكل مشروع انفرادي ام مشترك مع الشركات المحلية، وطالما ان المشرع العراقي سمح بهذا النوع المباشر من الاستثمار وكذلك سمح للاجنبي بان يكون مؤسساً او مساهماً في شركة في العراق ،فاننا نرى ان السماح للمستثمر الاجنبي بالادرجا و منحه حق الادراج في السوق يؤدي الى خلق جو تنافسي في التداولات على الاسهم وكذلك يؤدي الى تعزيز وزيادة خبرة المستثمر المحلي نظرا لاستفادته من خبرة المستثمر الاجنبي في كيفية التداول وحجمه ووتوقيته ،مما يؤدي الى كبر حجم السوق خاصة فيما لو تم تقنيين قواعد الوساطة بالنسبة للوسيط الاجنبي ، ومن ثم تعزيز والتأكيد على الشفافية في السوق من كافة الاوجه وهذا ينسجم مع اهداف السوق وبالتحديد المساعدة في زيادة رؤوس أموال الشركات المدرجة أو التي تنوي الادراج في قائمة السوق، على انه هناك عوامل اخرى مثل عوامل القانونية تؤثر في البيئة الاستثمارية الاجنبية اذ لابد من وجود أطار تشريعي منظم للاستثمار الاجنبي بشكل ينسجم مع اهداف التنمية كذلك لابد ان تتسم بالتطور والمرونة وعدم التعقيد والتناقض فيما يخص الاجراءات او التطبيقات العملية لتلك القوانين على ارض الواقع ،كذلك لابد من الحد الادنى للاستقرار السياسي والنقدي والامني لتشجيع الاستثمار الاجنبي وتدفق رؤوس الاموال الاجنبية فضلاً عن وضوح الخطة الاقتصادية المتبعة من قبل المستثمر الاجنبي في تداوله او تعامله على الاسهم المدرجة في سوق الاوراق المالية هذا من ناحية .

ومن ناحية اخرى فاننا نرى بان بالامكان الموازنة بين المخاوف من دخول وخروج المستثمر الأجنبي في سوق الاوراق المالية العراقي أي مخاوف من دخول المستثمر الاجنبي بهذا النوع من الاستثمار غير المباشر كالانسحاب المفاجئ من السوق وغيرها من الممارسات التي تضر بالاقتصاد الوطني واستغلال عدم خبرة سوق الاوراق المالية في الدول النامية وصولا الى التحكم في اسعار الاسهم او السندات ، ومايسببه من اثار على الاقتصاد او السوق، وبين تشجيع الاستثمار الاجنبي والدفع بالمستثمر الاجنبي الى الاستثمار غير المباشر في الاسهم وجعل العراق منطقة جاذبة للشركات الاجنبية ومن ثم دفعهم الى الثقة بهذه الاسهم خاصة في ظل الاوضاع الامنية غير المستقرة والمتأثرة باقتصاد دول الجوار كايران أو سوريا وتأثرها بتقلبات اسعار الصرف للعملة الصعبة وبالتحديد الدولار الامريكي، وهذه الموازنة تكون عن طريق الترويج للضمانات التي منحها المشرع العراقي للمستثمر الاجنبي بخصوص الاعفاءات الضريبية (5) وكذلك عن طريق طمأنة المستثمرين المحليين وكذلك الافراد التي توجه مدخراتها للاستثمار في الاسهم الاجنبية التي يتم قيدها في السوق بمعالجة حالات الانسحاب المفاجئ من السوق وذلك بان تكون الاولوية لمنح حق الادرا ج للشركات الاجنبية في سوق الاوراق المالية للشركات التي لها مشاريع استثمارية في العراق لضمان عدم التأثير السلبي على تداولات الاسهم فيه كالاستثمارات المادية كإقامة مصنع او فندق سياحي او شركة سياحية او أي نوع من انواع الاستثمارات الاخرى ذات الاهمية الاقتصادية للعراق .ونقترح اضافة فقرة الى المادة) 11 ( من قانون الاستثمار وتكون بتسلسل جوتكون بالشكل الاتي :)ج-تكون الاولوية في الادراج في سوق الاوراق المالية للشركات الاجنبية او للمستثمر الاجنبي الذي له مشاريع استثمارية في العراق (.

_____________

1- نصت المادة ) 67 (على :اذا رغبت شركة وساطة اجنبية القيام بأعمال الوساطة في البورصة توجب عليها تأسيس شركة تابعة لها في لبنان وفقاً للأصول والتقيد بأحكام النظام الداخلي والتعاميم الصادرة عن اللجنة ..(

2- محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي، مختارالصحاح، تحقيق محمد ودخاطر، مكتبة لبنان ناشرون – بيروت، 1415-1995ص346.

3-المادة)القسم2 (من القانون المؤقت للاسواق المالية، علماً انه صدرت قواعدالعمل بنظام التداول الاكتروني داخل السوق عام 2007للمزيد: ريانه اشم حمدون التنظيم القانوني للتداول الالكتروني للاوراق المالية، دارالجامعة الجديدة، 2013،ص 124 ومابعدها..

4- صلاح حسن احمد، الاستثمار الاجنبي غير المباشر ودوره في الاسهم العادية للقطاع المصرفي العراقي، رسالة ماجستير، جامعة السليمانية، كلية الادارة والاقتصاد، 2013 ،ص 100ومابعدها. المنتدى الاقتصادي والاوراق المالية، دور اسواق الاوراق المالية في التنمية الاقتصادية، دراسة منشورة على الموقع الالكتروني التالي.

(http://www.shakwmakw.com/vb/showthread.php?t=372974)L.V.2952015

5- انظر المواد (10، 17، 13، 12، 11)من قانون الاستثمار) المعدل)

المؤلف : سمير عبد لله مصطفى
الكتاب أو المصدر : الاستثمار الاجنبي غير المباشر في سوق الاوراق المالية العراقي / مجلة كلية القانون…
الجزء والصفحة : ص789-802

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .