أساس القانون الإداري في النظام الإسلامي :

وبطبيعة الحال لا يعرف النظام الإسلامي مثل هذا البحث لأن أحكام الشريعة الإسلامية تطبق بمعيار واحد على الأفراد وعلي عمال السلطة العامة بلا فارق لاختلاف روح الشريعة الإسلامية عن روح القانون الإداري الحديث الذي نشأ تقديساً للسلطة العامة، حماية أغراضها وإعلائها على الأفراد، إلا أن النظام الإداري الإسلامي – كسائر النظم الإسلامية – إنما يعمل في ضوء مبدأين أساسين(1). أحدهما أن هذه الشريعة إلهية والآخر أنها شريعة حرة تقوم علي إفساح السبيل للفرد أن يعمل حسب ضميره وعقيدته، واتصفت هذه الشريعة الحرة بالروح الشعبية التي تجعل الفرد عاملاً إدارياً حراً وقائماً بوظيفة عامة لا يتطلب الضغط والقسر ليحقق الصالح العام ويستجيب له ويتصرف طبقاً لعقيدته السليمة فيتصل عمله بقلبه وضميره ويعبر بفعله عن إيمانه (2).

__________________

1- راجع د. مصطفي كمال وصفي – مصنفة النظم الإسلامية مكتبة وهبة – القاهرة – 1977م ص 436.

2- المرجع السابق ص 437.

أساس تطبيق القانون الإداري في النظام اللاتيني :

قد تبدو معرفة أساس ومجال انطباق القانون الإداري لأول وهلة أمراً ميسوراً، فقد يقال أن القانون الإداري يطبق علي العلاقات التي تكون الإدارة طرفاً فيها، ويقوم بتنظيم الروابط التي تنشأ بين الأفراد والإدارة كافة، ذلك قياساً علي فروع القانون الأخرى كالقانون المدني الذي ينظم العلاقات المدنية والقانون التجاري الذي يحكم المعاملات التجارية. ولكن هذا لا ينطبق علي القانون الإداري لأن العلاقات الإدارية متنوعة يختلف بعضها عن بعض اختلافاً جذرياً، ذلك لأن الإدارة تمارس نشاطات مختلفة من حيث الطبيعة وتقيم علاقاتها مع الأفراد باستخدام طرق متعددة ، فهي تمارس نشاطاً عاماً في غالب الأحيان، غير أنها قد تمارس نشاطاً مشابهاً للنشاط الخاص، فهل يمكن اعتبار العلاقات الناشئة عن هذا النشاط الأخير علاقات إدارية، لابد للإجابة علي هذا السؤال للتعرف علي العلاقات الإدارية التي يحكمها القانون الإداري وتلك التي تخرج عن نطاقه(1). لذلك كان لابد من البحث عن فكرة أساسية يستند إليها القانون الإداري في التطبيق، وهذا البحث قد أملته اعتبارات عملية في فرنسا مهد القانون الإداري، تتمثل في وجود قضاء إداري مستقل متخصص في النظر في المنازعات الإدارية إلي جانب القضاء العادي الذي يتولى حسم المنازعات التي تنشأ بين الأفراد، والاعتبار الثاني كون المشروع الفرنسي لم يحدد اختصاص القضاء الإداري، الأمر الذي اضطر القضاء إلي البحث عن مبدأ عام يمكن الاستناد إليه في تعيين الحدود التي تفصل بين اختصاص كل من القضائيين. ولقد سادت فكرتان أساسيتان أعتمد عليهما الفقه والقضاء لتحديد معيار القانون الإداري ومجال تطبيقه، أولهما مبدأ السلطة العامة أما الفكرة الثانية فإنها تستند إلي نظرية المرفق العام.

_____________

1- راجع د. خالد عبد العزيز غريم – القانون الإداري الليبي – الجزء الأول ط 1969م ، ص 156.

المؤلف : يوسف حسين محمد البشير
الكتاب أو المصدر : مبادئ القانون الاداري

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .