قراءة في أحكام المذكرة الايضاحية لقانون السلطة القضائية المصري

صدر قانون السلطة القضائية الحالي منذ نحو سبع سنوات، كشفت التجربة خلالها عن حاجة النظام القضائي إلى الكثير من وجوه التطوير والإصلاح كما صدرت خلال هذه الفترة بعض التشريعات الهامة المتصلة بالتنظيم القضائي في البلاد. ومن أهمها القانون رقم 81 لسنة 1969 بإنشاء المحكمة العليا، والقانون رقم 82 لسنة 1969 بإنشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ثم صدر الدستور الدائم لجمهورية مصر العربية الحادي عشر من سبتمبر سنة 1971 مختصا السلطة القضائية بالكثير من الأحكام. ولقد اقتضى ذلك جمعية إعادة النظر في القانون الراهن تنسيقا لشتي الأحكام المنظمة للقضاء على ضوء مبادئ الدستور الجديد، وتداركا لأوجه القصور التي أسفر عنها التطبيق العملي لهذا القانون، وتوفير للمزيد من الضمانات والحوافز لرجال القضاء وتأمينا لحاضرهم ومستقبلهم، وسعيا بالنظام القضائي نحو الكمال.

وتحقيقا لذلك جمعية أعد مشروع القانون المرافق في شأن السلطة القضائية ليحل محل القانون القائم. وفيما يلي بيان لأهم ما أدخله المشروع من تعديلات وما استحدثه من أحكام:

1- تقسيم القضاة والرؤساء بالمحاكم إلى فئتين:
مر النظام القضائي في مصر بتجربتين متعاقبتين من حيث قسمه درجة القاضي ودرجة الرئيس بالمحكمة إلى فئتين (أ)، (ب)، أو إدماج كل منهما في فئة واحدة وقد أسفر التطبيق العملي لكل من ا لنظامين عن رجحان نظام التقسيم ذلك أن طول المدة التي يقضيها رجال القضاء في كل هاتين الدرجتين في ظل نظام الإدماج وتبلغ المتوسط نحو عشر سنوات في كل درجة من شأنها أن توهن من عزيمته وتضعف لديه من روح الجد والمثابرة وذلك على عكس نظام التقييم الذي يشحذ من همه القاضي، ويشبع في نفسه الأمل المتجدد، والتطلع الدائم إلى ترقية قريبة تجزي حسن أداته لواجبه لذلك فقد رؤى من الأوفق لصالح النظام القضائي العدول عن نظام الإدماج المعمول به في القانون القائم، والعود إلى تقسيم وظائف القضاة والرؤساء بالمحاكم ومن في حكمهم من رجال النيابة العامة إلى فئتين (أ)، (ب) (المادة 2 من قانون الإصدار) وقد اقتضي ذلك إدخال تعديل على العديد من الأحكام المتصلة بالتعيين أو الترقية لتساير النظام الجديد (المواد 39 و 40 و 41 و49 و 117 من المشروع).

2- إجازة ترقية القضاة والرؤساء بالمحاكم للكفاية الممتازة:
ولما كان تشجيع العناصر الممتازة من رجال القضاء من أهم الحوافز التي تدفع إلى الإجازة والتفوق وتبعث على المنافسة وبذل المزيد من الجهد لتحقيق مستوى ارفع من الكفاية فقد حرص على المشروع على الآخذ بنظام الترقية للكفاية الممتازة فأجاز في المادة (49) ترقية القضاة والرؤساء بالمحاكم ومن في حكمهم من رجال النيابة العامة (مادة 130) للكفاية الممتازة ولو لم يحل دورهم في الترقية أمضوا سنتين على الأقل في وظائفهم وبشرط ألا تجاوز نسبة المرقين منهم لهذا السبب ربع عدد الوظائف الخالية في كل درجة خلال سنة مالية كاملة.
وتحقيقا لحسن استخدام هذه الرخصة، وضمانا لسلامة اختيار من يرقون بهذا الطريق، علني ا لمشروع بوضع معيار ثابت لمن يعتبرون من ذوي الكفاية الممتازة فاستوجب حصولهم في آخر تقديرين لكفايتهم على درجة (كفء) على ألا تقل تقديراتهم السابقة عن درجة (فوق المتوسط) وذلك حرصا على اختيار ذوي المستوى الثابت المستقر من الكفاية.

3- استثناء العناصر الممتازة من قيد المدة عند النقل:
وتمشيا مع سياسة الحوافز التي حرص المشروع علي انتهاجها رفعا لمستوي الكفاية في العمل، وتشجيعا للمجدين من رجال القضاء نصت المادة (59) من المشروع علي استثناء القضاء والرؤساء بالمحاكم الحاصلين في أخر تقديراتهم علي درجة (كفء) – بشرط أن يكون تقديرهم السابق بدرجة فوق المتوسط علي الأقل – من قيد المدة بالنسبة لمحكمة القاهرة والإسكندرية وبذلك جمع المشروع بين تحقيق ميزة لا يستهان بها للأكفاء من رجال القضاء وبين ما يقتضيه الصالح العام من توفير العدد الكافي من القضاة الأكفاء في محاكم القاهرة والإسكندرية لمواجهة ما تتسم به المنازعات في محاكم العاصمتين من أهمية ودقة
وغني عن البيان أن استمرار تمتع القاضي بهذه المميزة رهين دائما بالمحافظة علي مستوي الكفاية الذي أهله لهذا الاستثناء , فإذا هبط مستواه سقط عنه الاستثناء وجرت عليه قواعد النقل التي تجري علي سائر القضاة.

4- اختيار مستشاري النقض:
تقضي المادة (51) من القانون الحالي بأن يكون اختيار مستشاري النقض من بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة لمحكمة النقض ويرشح الأخر المجلس الأعلى للهيئات القضائية وجعله برئاسة رئيس الجمهورية أن يكون الاختيار للمجلس الأعلى للهيئات القضائية وجعله برئاسة رئيس الجمهورية أن يكون الاختيار للمجلس الأعلى بين اثنين ترشح أحدهما الجمعية العامة ويرشح الأخر وزير العدل (الفقرة الثالثة من المادة 44).
وإذا كان المشروع قد أثر الإبقاء علي النظام الحالي لاختيار مستشاري محكمة النقض بعد تعديله علي الصورة السالفة، فقد استصوب كذلك أن يضيف إليه نظام المسابقة (الفقرة الرابعة من المادة 44)، وهو النظام المتبع في معظم النظم القضائية في العام للتعين والترقية في كافة الدرجات القضائية وقد رأي المشروع أن يقصر الأخذ به في المرحلة الراهنة علي التعيين بمحكمة النقض نظرا لما يتطلبه الاختيار لهذه المحكمة من توفر مستوي معين من الكفاية العلمية كما رؤى كذلك أن يكون تطبيقية في هذه المرحلة جوازيا، وفي حدود ربع عدد الوظائف الخالية حتى إذا نجحت التجربة أمكن تعميمها في المستقبل بالنسبة لسائر الدرجات القضائية.
وقد ترك المشروع لوزير العدل بموافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية إصدار القرار الخاص بتنظيم شروط المسابقة، ومواعيد إجرائها، طريقة التحكيم فيها.

5- إنشاء نيابة عامة مستقلة لدي محكمة النقض:
يجيز القانون للنيابة العامة الطعن بطريقة النقض في الأحكام النهائية في الأحوال المبينة في القانون وهي إذ تباشر الطعن لدي محكمة النقض في هذه الأحوال إنما تباشره كخصم أصلي فيه.
كما يوجب القانون – في ذات الوقت – علي النيابة العامة التدخل كطرف منضم لإبداء الرأي في جميع الطعون المقدمة إلي محكمة النقض، وهو دور يتعذر علي النيابة القيام به في ظل النظام الحالي بالنسبة للطعون المقامة منها والتي تباشرها كخصم أصلي، إذ يستحيل علي الخصم الواحد أن يجمع في النزاع الواحد بين صفتي الخصم الأصلي، والخصم المنظم الواحد نظرا لما تقتضيه طبيعة التدخل الانضمامي من وجوب أن يكون الخصم أجنبيا عن النزاع الذي يتدخل فيه. .. وحتى لا تحرم محكمة النقض في أمثال هذه الحالات من الاستهداء برأي جهة محايدة بعيدة عن أطراف النزاع تمثل القانون وترعي حسن تطبيقه، وتبدي رأيها في الطعون في حرية واستقلال فقد اتجه المشروع في المادة (24) إلي إنشاء نيابة عامة مستقلة لدي محكمة النقض تكون لها شخصيتها المتميزة المستقلة عن النيابة الطاعنة وهو النظام المعمول به لدي محاكم النقض في أغلب الدول التي استمد منها الشارع المصري نظام الطعن بالنقض كفرنسا وإيطاليا وبلجيكا.
ولما كانت حاجة العمل في المرحلة الراهنة لا تدعو إلي التوسع في تكوين جهاز دائم يرأسه نائب عام، فقد رؤيا الاكتفاء في المرحلة بأن يكون شغل وظائف هذه النيابة بطريقة الندب.
وإتماما للفائدة المرجوة من إنشاء هذه النيابة، وحتى تقدم العون الكامل للمحكمة في كل ما تري بحثه أو الاستيثاق منه من مسائل القانون التي تعرض خلال المداولات، فقد أجاز لها المشروع بناء علي طب المحكمة – حضور مداولات الدوائر المدنية والتجارية والأحوال الشخصية بالمحكمة دون أن يكون لممثلها صوت معدود في المداولات وذلك للمعاونة في الدراسة والبحث والمشورة، لاسيما بعد أن أصبحت هذه النيابة في صورتها الجديد جهازا ((مستقلا)) يمثل القانون وحده، وتتوفر له كل عناصر الحيدة والاستقلال عن أطراف النزاع، ومن المعروف أن نظام حضور النيابة مداولات الدوائر المدنية بمحكمة النقض من التقاليد المستقرة في النظام الفرنسي وقد نقله عنه المشرع الإيطالي في المادة 76 من قانون نظام القضاء، وأسفرت التجربة عن فائدته ونجاحه في كل من البلدين.

6- ((مكتب المبادئ)) بمحكمة النقض وتنظيمه وتحديد مهمته:
ولما كان مكتب التبويب بمحكمة النقض يضطلع بمهمة جليلة القدر في استخلاص المبادئ القانونية التي تقررها المحكمة، ثم نشرها وتيسير الإطلاع عليها لرجال القضاء والمشتغلين بالقانون كافة، فقد عني المشروع في المادة (5) بتنظيم هذا المكتب وتعزيزه بعد أن أطلق عليه اسم ((مكتب المبادئ) وهي تسميه أكثر دلالة علي مهمته – فعهد برئاسة هذا المكتب لأحد مستشاري محكمة النقض يعاونه عدد كاف من الأعضاء من درجة مستشار أو رئيس بالمحكمة أو قاض أو ما يعادلها يندبون جميعا بقرار من وزير العدل بناء علي ترشيح رئيس محكمة النقض، وموافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية، كما أضاف المشروع إلي مهمة المكتب الرئيسية في استخلاص المبادئ ونشرها مهمة جديدة هي الأشراف علي جدول المحكمة وعرض الطعون المرتبطة أو المتماثلة أو التي يحتاج الفصل فيها لتقرير مبدأ قانوني واحد، علي رئيس المحكمة لاتخاذ ما يراه لازما لنظرها أمام دائر ة واحدة – بمراعاة حكم المادة (263) مرافعات – وذلك تفاديا لتضارب الأحكام بعد أن أصبح تعدد الدوائر بمحكمة النقض أمرا مناص منه إزاء الزيادة المضطردة في عدد الطعون.

7- عدم قابلية القضاء للعزل منذ بدء تعيينهم:
وإعمالا لحكم المادة (168) من الدستور الذي يقضي بعدم قابلية القضاة للعزل , نصت المادة 67 من المشروع علي أن المستشارين والرؤساء بالحاكم الابتدائية وقضاتها لا يعزلون، وذلك بعد أن كان القانون القائم لا يبسط هذه الحصانة علي قضاة المحاكم الابتدائية إلا إذا أمضوا ثلاث سنوات في القضاء , وبذلك أصبح جميع القضاة يتمتعون بهذه الضمانة الهامة منذ بدء تعيينهم في القضاء.

8- توفير الرعاية الصحية، وتأمين رجال القضاء في حالتي المرض والعجز:
ولما كان العمل القضائي بطبيعة من الأعمال المضنية التي تعرض القائمين بها للإصابة بالمرض نتيجة الجهد المتصل، والإرهاق الذهني الشديد حتى أصبح المرض من المخاطر المألوفة لمهنة القضاء، فقد حرص المشروع علي توفير الخدمات الصحية والاجتماعية لرجال القضاء، وعلي تأمينهم في حالة المرض، وتعويضهم في حالة المرض، وتعويضهم في حالة العجز – فاستحدث في المادة (92) حكما جديدا يقضي بأن ينظم وزير العدل بقرار منه بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية الخدمات الصحية والاجتماعية لرجال القضاء والنيابة العامة وشروطها.
كما نص المشروع علي حق القاضي أو عضو النيابة الذي يصاب بجرح أو بمرض بسبب أداء وظيفته في استرداد مصروفات العلاج طبقا للمستندات المعتمدة من القومسيون الطبي العام.
وحتى لا يحرم القاضي من راتبه خلال فترة العلاج الذي قد تطول مدته في بعض الأمراض، قضي المشروع في المادة (90) بأي تكون الأجازات المرضية التي يحصل عليها القاضي لمدة مجموعها سنة باعتبار كل ثلاث سنوات بمرتب كامل بدلا من قصر المرتب الكامل علي ستة أشهر، فإذا لم يستطع العودة إلي عمله بعدة انقضاء السنة جاز للمجلس الأعلى للهيئات القضائية أن يرخص له من امتداد الإجازة لمدة أخري بثلاثة أرباع المرتب بدلا من ستة أشهر بنصف المرتب.
كما حرص المشروع علي تعويض من يقعدهم المرض من رجال القضاء عن إمكان مواصلة الخدمة، وعلي توفير المستوي الكريم من العيشة لهم بعد التقاعد لاسيما إذا داهمهم المرض في سن مبكرة لا تخولهم الحق في الحصول علي المعاش المناسب، فأجاز في المادة (91) للمجلس الأعلى للهيئات القضائية أن يزيد في مدة خدمتهم المحسوبة في المعاش مدة إضافية في حدود ثماني سنوات بشرط ألا تعطيهم حقا في المعاش يزيد علي أربعة أخماس مرتبهم فإذا كانت مدة خدمة القاضي لاتصل بمعاشه إلي هذا القدر وجب إبلاغه إليه متي كانت مدة خدمته المحسوبة في المعاش لا تقل عن عشرين سنة.
كما نص المشروع في المادة (70) علي أن يسوى معاش أو مكافأة القاضي في حالة الاستقالة علي أساس أخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها.

دعم سلطات الجمعيات العامة للمحاكم:
ودعما لسلطات الجمعيات العامة للمحاكم توفير للمزيد من الضمانات لرجال القضاء حرص الشروع في المادة (55) علي أخذ رأي الجمعية العامة لمحكمة النقض عند ندب أحد مستشاري محاكم الاستئناف للعمل مؤقتا بمحكمة النقض، بعد أن كان الندب لها بناء علي ترشيح رئيس محكمة النقض.
كما قضي المشروع بأخذ رأي الجمعية العامة لمحكمة الاستئناف التابع لها المستشار عند ندبه مؤقتا لرياسة احدي المحاكم الابتدائية أسوة بندبة مؤقتا للعمل بالنيابة العامة، مع توقيت مدة ندبة لستة أشهر قابلة للتجديد لمدة أخري وقد كانت مطلقة في الحالتين (م 57) كما حرص المشروع كذلك علي النص علي أخذ رأي الجمعية العامة للمحكمة التابع لها القاضي عند تجديد إعارته أو ندبه لغير عمله طوال الوقت قد كان ذلك مغفلا في التقنين الحالي (المادتان 64، 65).
ولما كانت الجمعيات العامة بالمحاكم الابتدائية لا تتولي تحديد عدد الجلسات وأيام وساعات انعقادها ,وكان تحديدها يتم بقرار من وزير العدل في بداية العام القضائي،فقد أثر المشروع في المادة (30) أن يسند إلي الجمعيات العامة بالمحاكم الابتدائية هذا الاختصاص للتسوية بينها وبين الجمعيات العامة لمحكمة النقض ومحاكم الاستئناف.

ندب مستشاري محاكم الاستئناف لرئاسة المحاكم الابتدائية:
وتمشيا مع قاعدة التقيد في نقل المستشارين تبعا لأقدمية تعيينهم (م 54) وحتى لا يندب مستشار لرئاسة محكمة ابتدائية غير المحكمة الواقعة بدائرة محكمته الأصلية رأي المشروع في المادة (9) أن يكون الندب لرئاسة المحاكم الابتدائية من بين مستشاري محكمة الاستئناف التي تقع بدائرتها المحكمة الابتدائية بعد أن كان الندب مطلقا من مستشاري محاكم الاستئناف ونظرا لما جري عليه العمل حاليا من أن المستشار الذي يرأس المحكمة الابتدائية يقتصر علي العمل الإداري ولا يشارك في العمل القضائي للمحكمة استنادا إلي أنه ليس الفصل في الدعاوى التي ترفع للمحكمة الابتدائية التي يرأسها.

النظراء للعمل القضائي:
وتحقيقا للمساواة في تحديد من يعتبر نظيرا للعمل القضائي اتجه المشروع في المادتين (39 و41) إلي أن يكون هذا التحديد بقرار تنظيمي عام يصدر بموافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية بدلا من بحث كل حالة علي حدة.

حلف رئيس محكمة النقض والنائب العام:
وتمشيا مع الاتجاه إلي أن يكون حلف رؤساء الهيئات القضائية جمعيا أمام رئيس الجمهورية
نص المشروع في المادتين (71و120) علي أن يكون حلف كل من رئيس محكمة النقض والنائب العام أمام رئيس الجمهورية بدلا من القانون الحالي الذي يقضي بأن يكون حلف رئيس محكمة النقض أمام وزير العدل وحلف النائب العام أمام الجمعية العامة لمحكمة النقض.

مدد إقامة القضاة بالمحاكم:
وعملا علي استقرار القضاة في محاكمهم بما يكفل حسن سير العمل وانتظامه رأي المشروع قصر مناطق النقل علي ثلاث مناطق بدلا من أربع بحيث يكون البقاء في المنطقة الأولي خمس سنوات وتشمل محاكم القاهرة الإسكندرية والجيزة وبنها، وفي المنطقة الثانية أربع سنوات وتضم محاكم بني سويف والفيوم والمنيا وباقي محاكم الوجه البحري وفي المنطقة الثالثة سنتين وتشمل محاكم أسيوط وسوهاج وقنا و أسوان
وأجاز المشروع – بناء علي طلب القاضي – تجاوز المدة المقررة للبقاء بمحاكم المنطقة الثالثة بشرط ألا تزيد المدة بأكملها علي خمس سنوات – تيسيرا علي الراغبين في ذلك وبمراعاة عدم الإخلال بحسن سير العمل في الوقت ذاته (م 59)

ندب القضاة وإعارتهم:
وتنظيما لمدد ندب القضاة وإعارتهم، وعملا علي وضع حدود قصوى لهذه المدد حتى لا يظل القاضي بمنأى عن عمله الأصلي لمدة طويلة، نص المشروع علي أنه لا يجوز ندب القاضي لغير عمله طول الوقت لمدة تزيد ثلاث سنوات متصلة كما لا يجوز أن تزيد مدة الإعارة علي أربع سنوات متصلة (م 65).

إحالة القضاة وأعضاء النيابة علما بكل ما يودع بملفاتهم من أوراق:
ولما كان القانون الحالي يقضي بأن يحاط القضاة علما بكل ما يلاحظ عليهم، وكان تطبيق هذا النص قد جري علي أن يبلغ القضاة بالملاحظات فحسب، فقد رأي المشروع أن يشمل التبليغ كل ما يودع ملفاتهم السرية من أوراق أخري حتى تكون لديهم صورة كاملة عن كافة ما تحتويه ملفاتهم، وتتاح لهم الفرصة لإبداء ما يرونه من ملاحظات أو دفاع في هذا الشأن (78و122).
كما عني المشرع كذلك بالنص علي إيجاب إيداع تقارير التفتيش علي أعمال القضاة وأعضاء النيابة خلال شهرين علي الأكثر من تاريخ انتهائها حتى لا يبقي وضعهم معلقا لمدة طويلة، ولم يكن القانون الحالي يشترط أي مدة لإيداع التقرير.

تظلمات رجال القضاة والنيابة العامة:
وتخفيفا لأعباء المجلس الأعلى للهيئات القضائية في بحث تظلمات رجال القضاء والنيابة أسند المشروع في المادة (81) إلي اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية مهمة الفصل فيها بعد أن كان دورها قاصرا علي دراستها قبل عرضها عليه، علي أن تعرض علي المجلس الأعلى عند نظر مشروع الحركة القضائية قرارات اللجنة المشار إليها الصادر في التظلمات من التخطي للأسباب غير المتصلة بتقارير الكفاية وذلك لإعادة النظر فيها (م 82).
وبهذا فرق المشروع بين أسباب التخطي المتصلة بتقارير الكفاية والأسباب المسلكية فجعل قرار اللجنة في شأن أولها نهائيا، وجعل قرارها في شأن ثانيتها خاضعا لإعادة النظر من جانب المجلس الأعلى للهيئات القضائية وذلك لأن الأسباب المسلكية مسألة تقديرية قد يدق وجه الرأي فيها ويختلف التقدير.
ولما كان التشريع القائم قد اختص دائرة المواد المدنية والتجارية بمحكمة النقض دون غيرها بالفصل في كافة الطلبات التي يقدمها رجال القضاء والنيابة العامة بإلغاء القرارات الجمهورية أو الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متي كان مبني الطلب عيبا في الشكل أو مخالفة القوانين أو اللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة واستثني من هذا الاختصاص القرارات الصادرة بالتعيين والنقل والندب والترقية فجعلها بمنأى عن الطعن، وكانت العلة في خطر الطعن في قرارات الترقية هي أن الشارع فتح بطريق التظلم المسبق منها إلي المجلس الأعلى للهيئات القضائية ولما كان من الجائز أن يغفل القرار الجمهوري ترقية القاضي دون سبق إخطاره بتخطيه، فقد رأي المشروع أنه من العدل أن يفتح أمامه – في هذه الحالة – باب الطعن في القرار بعد أن نتفت علة الحظر (المادة 87 أولا)

مساءلة القضاء تأديبيا:
جعل المشروع تأديب القضاة بجميع درجاتهم من اختصاص مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة (98) من المشروع ولما كان الحكم الصادر من هذا المجلس في الدعوى التأديبية يعتبر حكما قضائيا صادرا من هيئة مشكلة بكاملها من رجال القضاء وقد توسع القانون في تشكيلها بحيث تضم سبعة أعضاءهم بطبيعة مراكزهم وأقدميتهم علي القمة من الجهاز القضائي فقد أثر المشروع – دفعا لكل لبس – النص صراحة في المادة 107 علي عدم جواز الطعن في الحكم الصادر من هذا المجلس بأي طريق.
ورفعا للحرج أثر المشروع في المادتين (83،106) استثناء المستشارين بمحكمة النقض من الحضور نيابة عن القضاة وأعضاء النيابة أمام مجلس التأديب أو أمام دائرة المواد المدنية بمحكمة النقض عند نظر طلباتهم – بدلا من إطلاق النص علي أجازة إنابة رجال القضاة بصفة عامة.
توفيرا لمزيد من الضمانات وتوحيدا لجهة التظلم أجاز المشروع في المادتين (65،127) للقضاة وأعضاء النيابة – الاعتراض علي التنبيه الموجه إليهم أمام اللجنة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 82 سنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية بعد أن كان اعتراض القاضي علي التنبيه أمام لجنة مؤلفة من وكيل الوزارة واثنين من مستشاري محكمة النقض.
كما نقل المشروع إلي المادة (111) حكم المادة (99) من القضاة لغير الأسباب الصحية له في موضعه الطبيعي ضمن أحكام الفصل التاسع الخاص بمساءلة القضاة تأديبيا.

النيابة العامة:
وكفالة لضمانات أوفي لرجال النيابة العامة فيما يتعلق بفصلهم أو نقلهم إلي وظيفة أخري بغير الطريق التأديبي اشترط المشروع في المادة (129) موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية في حالة الاتجاه إلي فصلهم أو نقلهم إلي وظيفة أخري بدلا مما هو مقرر في القانون الحالي من الاكتفاء بأخذ رأيه.
كما رأي المشروع توسيع سلطات النائب العام بأن تكون له سلطات الوزير ووكيل الوزراء المنصوص عليها في القوانين واللوائح بالنسبة للعاملين بالنيابة العامة أسوة بما هو مقرر لمدير النيابة الإدارية في المادة (43) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، ولرئيس إدارة قضايا الحكومة في المادة (37) من القانون رقم 75 لسنة 1963 بشأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة.

أعوان القضاء:
ولما كان العمل قد كشف عن أن أمناء السر لا يقبلون علي عملهم نتيجة لشعورهم بالغبن بالقياس لأقرانهم في الدراسة ممن اختيروا لوظائف القضاء فقد رؤيا تشجيعا لهذه الطائفة، وحثا لها علي العمل إفساح الأمل أمامها للتعيين في وظائف القضاء بإجازة تعيين من يظهر منهم كفاية ممتازة في عمله في وظيفة معاون نيابة متي استكمل الشروط اللازمة للتعيين في هذه الوظيفة – علي أن يتم التعيين بواسطة مسابقة تحدد شروطها ونظامها بقرار من وزيرا العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية وقد استهدي المشروع في ذ لك بالحكم الوارد بالمادتين (72و73) من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 في شان تعين الموظفين الكتابيين في سلك الوظائف الفنية بالمجلس.
وعملا علي رفع مستوي الكفاية في العمل بين الكتبة والمحضرين اشترط المشروع لترقيتهم قضاء فترة تدريب في الأعمال التي يقومون بها وفق بها وفق المنهج الذي يصدر به قرار وزير العدل، وذلك إلي جانب اجتياز الامتحان المقرر للترقية وفقا للنظام الحالي (المادتان 141،152).
وتحقيقا لذات الهدف نص المشروع في المادة (137) علي ألا يقل المؤهل عند التعيين عن الشهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها.

جدول المرتبات:
وإذا كان من واجب القاضي نحو الدولة والمجتمع أن يحسن الاضطلاع برسالة السامية التي تلقي علي كاهله أضخم الأعباء والمسئوليات وأن يلتزم في حياته ومسلكه النهج الذي يحفظ للقضاء هيبة ومكانته فان من واجب الدولة نحو القاضي أن تهيئ له أسباب الحياة الكريمة والمستوي اللائق الذي يعينه علي النهوض بواجبه المقدس في ثقة واطمئنان.
وهو أمر حرصت كافة النظم القضائية في العام – علي اختلاف مذاهبها – علي توفيره لرجل القضاء علي تقرير معاملة مالية خاصة لرجال السلطة القضائية تتفق وما تمليه عليهم مناصبهم وأسلوب حياتهم من تكاليف وأعباء جسام.
ولما كان الجدول الحالي لمرتبات رجال القضاء قد وضع منذ سنوات عديدة، ارتفعت في أثنائها نفقات المعيشة وأعباؤها ارتفاعا كبير ٍ، كما صدر خلالها القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنين في الدولة ورقم 61لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين في القطاع العام اعتبارا بأن العمل في المجتمع الاشتراكي هو الأساس الأول لتقدم المجتمع ورفاهيته فقد اقتضى ذلك جمعيه إعادة النظر في جدول المرتبات الملحق بالقانون، وتعديله بما يحقق إعادة التناسب والتناسق بينه وبين الكادر العام، ويكفل لرجال القضاء المستوي الكريم، والمظهر اللائق بمكانة القضاء كما اقتضى تقسيم القضاء والرؤساء بالمحاكم إلي فئتين (أ) و(ب) إعادة التنسيق بين ربط الفئات الجديدة وسائر الدرجات الواردة بالجدول.
ونظرا لما تتسم به طبيعة العمل القضائي من مشقة، وما يقتضيه من جهد بالغ في البحث والمراجعة والإطلاع، فضلا عن اقتناء العديد من المؤلفات الفقهية والمراجع العلمية اللازمة للعمل في القضاء فقد حرص المشروع علي تقرير مقابل بحث وإطلاع لرجال القضاء يعادل نسبة معينة من بدء المربوط في كل درجة، وذلك تعويضا لهم عما يبذلونه في هذا السبيل من جهد ومال.
وإذا كان ما حققه المشروع من تحسين في المعاملة المالية لرجال القضاء لا يجزي كل جهودهم وتبعاتهم في النهوض برسالة العدالة وتأكيد سيادة القانون، ولا يقاس بالمعاملة المالية لأقرانهم في الدول الأخرى، فلقد راعي المشروع في ذلك ما يقع علي عاتق الدولة في مرحلة الجهاد والبناء من أعباء ينبغي علي رجال العدالة أن يحملوا نصيبهم فيها.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .