دور قانون الإرادة في تطبيق العقود الإلكترونية

ط/د. مناصرية حنان .جامعة البليدة 2- الجزائر

د. شبري عزيزة .جامعة محمد خيضر بسكرة، الجزائر.

ملخص
تقتضي قاعدة خضوع العقد الدولي لأحكام القانون المختار التسليم بحرية المتعاقدين في اختيار القانون الواجب التطبيق عليه احتراما لمبدأ سلطان الإرادة الذي لا يطبق فقط في نطاق العلاقات الداخلية، وإنما يمتد أيضا ليشمل العلاقات الخاصة الدولية، وقانون الإرادة ينطبق على العقود الإلكترونية وعلى كافة المعاملات الإلكترونية التي تتسم بالطابع الدولي، حيث يتم الاختيار من خلال شبكة الانترنيت أو الرسائل الإلكترونية التي يتم تبادلها من قبل طرفي العقد لتحديد قانون العقد.

Résumé
La régle de la soumission du contrat international aux dispositions de la loi librement choisie par les parties implique l’obéissance au principe de la liberté des parties de désigner la loi applicable à leur relation contractuelle afin de consacrer un principe fondamental: il s’agit de «l’autonomie de la volonté», ce dernier ne s’applique pas seulement sur les relations juridiques internes, il s’applique aussi sur les relations internationales privées. La loi de la volonté s’appliques sur les contrats électroniques notamment sur toutes les transaction électroniques à caractére internationales, la sélection se fait par internet et courriers électroniques échangés entres les parties, tout ça afin de désigner la loi applicable au contrat.

مقدمة
من بين إفرازات عصر المعلومات الذي نعيشه الآن التطور الكبير الذي تشهده أنظمة المعلومات والاتصالات وأبرزها شبكة الانترنيت، وأهم استخدام لهذه الوسائل الحديثة للاتصالات هو عملية نقل وتبادل المعلومات إلكترونيا من دون اللجوء إلى العالم الحقيقي. وقد تم استغلال ذلك كأداة للتعبير عن الإرادة وإبرام العقود وكذا مختلف المعاملات التجارية بين أشخاص متواجدين في أماكن متباعدة، وهذا النمط من أنماط التعاقد هو الذي اصطلح على تسميته بالعقود الإلكترونية، حيث استقرت القواعد القانونية على إخضاعها لقانون إرادة المتعاقدين أي القانون الذي يحدد طرفي العقد، سواء كان ذلك بشكل صريح أو ضمني ليكون هو واجب التطبيق على العقد، كما أن قانون الإرادة ينطبق على العقود الإلكترونية وعلى كافة المعاملات الإلكترونية التي تتسم بالطابع الدولي، حيث يتم الاختيار من خلال شبكة الانترنيت أو الرسائل الإلكترونية التي يتم تبادلها من قبل طرفي العقد لتحديد قانون العقد.

وعليه فإن الإشكالية التي يمكن طرحها في هذا المقام تكون على النحو التالي:

هل أن قاعدة قانون الإرادة يمكن أن تساهم بشكل فعال في حل مشكلة تنازع القوانين في مجال العقود الإلكترونية؟

وللإجابة على هذه الإشكالية نعتمد التقسيم التالي:

المحور الأول: دور قانون الإرادة في تحديد قانون العقد.

أولا: مفهوم قانون الإرادة.

ثانيا: معايير تحديد قانون الإرادة.

المحور الثاني: نطاق تطبيق القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية.

أولا: المسائل الموضوعية.

ثانيا : المسائل الشكلية.

ثالثا: قواعد البيانات المتوافرة على شبكة الانترنيت.

المحور الأول: دور قانون الإرادة في تحديد قانون العقد

تعتبر قاعدة قانون الإرادة وسيلة من الوسائل الفعالة في ميدان العقود الإلكترونية، كونها تساعد في التغلب على أحد مشكلات التجارة الإلكترونية المتمثلة في معرفة القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية التي تنشأ في الفضاء الإلكتروني، وعليه سنتطرق في هذا المبحث إلى مفهوم قانون الإرادة، وكذا معايير تحديد هذا القانون وذلك وفق النقاط التالية.

أولا: مفهوم قانون الإرادة

تقوم فكرة قانون الإرادة على الاعتراف لطرفي العقد بحقهما في اختيار وتحديد القانون واجب التطبيق على العقود المبرمة في ميدان التجارة الإلكترونية، وذلك لتحديد جميع الآثار القانونية الناشئة عن العقد التي من بينها تحديد قانون العقد، والمقصود بالإرادة هي الإرادة المشتركة للمتعاقدين وليس الإرادة المنفردة لأحدهما، والتساؤل الذي يثار هنا هل أن قانون الإرادة يتناسب وخصوصية العقود الإلكترونية المبرمة عبر الإنترنيت؟ ذلك أن هذه العقود أقرب ما تكون إلى العقود الدولية، وذلك لاتسام الشبكة بصفة الدولية ولعدم تبعيتها لأية دولة ويحق للكافة الدخول لها[1].

نصت المادة 18 من القانون رقم 05-10 المتضمن القانون المدني[2] على أنه: ” يسري على الالتزامات التعاقدية القانون المختار من المتعاقدين إذا كانت له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد.

وفي حالة عدم إمكان ذلك، يطبق قانون الموطن المشترك أو الجنسية المشتركة، وفي حالة عدم إمكان ذلك يطبق قانون محل إبرام العقد.

غير أنه يسري على العقود المتعلقة بالعقار قانون موقعه”.

يتضح من خلال هذه المادة أن المشرع قد بنى قاعدة الإسناد الخاصة بالعقود الدولية على ثلاثة ضوابط ضابط ، حيث إن الضابط الأول يتمثل في قانون إرادة المتعاقدين، وآخران احتياطيان وهما قانون الموطن المشترك والجنسية المشتركة وقانون محل إبرام العقد، واشترط في قانون الإرادة أن تكون له صلة حقيقية بالمتعاقدين أو بالعقد، فلم يترك بالتالي لطرفي العقد الحرية الكاملة لاختيار القانون الواجب التطبيق على عقدهما، والسبب في هذا التقدير القانوني هو ضرورة إقامة توازن بين إطلاق حرية المتعاقدين في اختيار القانون الذي يحكم العقد من ناحية، وضرورة خضوع هذه الرابطة العقدية للأحكام الآمرة للدولة القريبة للعقد واختصاص قضائها الوطني منعا للغش وحماية للطرف الضعيف في العقد، وبذلك تتفق آراء الفقهاء مع رغبة المشرع في حمايته خاصة في العقود التي تبرم بالطرق الإلكترونية[3].

ويمكن أن يتم اختيار القانون الواجب التطبيق من طرف المتعاقدين على شبكة الويب، وذلك من خلال الرسائل المتبادلة بالبريد الإلكتروني بعد الاتفاق على البنود العقدية الأخرى، ومن ثمة فإن مشاكل قانون الإرادة المتعارف عليها في العقود التقليدية تطرح نفسها هنا أيضا بما يتفق مع طبيعة شبكة الإنترنيت، فالعلاقة التي اشترطتها المادة 18 من القانون المدني بين قانون الإرادة والعقد قد تتمثل في مكان إبرام العقد أو في مكان تنفيذه، ولكن هذين المعيارين لا يعبران في جميع الأحوال عن علاقة جدية بالعقد في التعاقد الذي يبرم من خلال الإنترنيت الذي يفترض اتصال العقد بجميع الدول نظرا لاتصال الإنترنيت بها في آن واحد نتيجة انفتاح هذه الشبكة على العالم كله، فالإنترنيت وسط غير مادي يتم فيه إبرام العقد من دون أن يكون مركزا في إقليم دولة معينة، لأنه فضاء إلكتروني مستقل غير خاضع لدولة بعينها.[4].

ومن الأمثلة التي أعطاها الفقه لارتباط العقد بقانون دولة معينة، العقود الإلكترونية التي يتم فيها عرض السلعة أو الخدمة عن طريق البريد الإلكتروني، فالعرض يتم استقباله في دولة من وجه إليه، متى كان هذا الأخير قد دخل إلى موقع البريد المعلن به عرض السلعة أو الخدمة، ويتصور حصول هذا الفرض حين يقوم مورد السلعة أو الخدمة بإرسال رسالة إلكترونية ذات طبيعة دعائية لذات بلد الموجه إليه الإيجاب، أو يصمم صفحة إعلانية توجه تحديدا إلى البلد الذي يقيم فيه من وجه إليه الإيجاب[5]، ويعد ذلك النوع من العقود وثيق الصلة بقانون دولة محل الإقامة العادية لمن وجه إليه الإيجاب إذا كان الموجب قد قام بالأعمال الضرورية واللازمة لإبرام العقد في هذه الدولة، كأن يسجل طلبه على شبكة الإنترنيت أو يقبل إيجاب البائع عن طريق البريد الإلكتروني، ففي هذا المثال تعد أفعال القبول الصادرة ممن وجه إليه الإيجاب ذات علاقة بقانون الدولة محل إقامته العادية، وبالتالي يمكن اتفاق المتعاقدين على تطبيقه.

لكن رغم ارتباط قانون الإرادة بدولة محددة تبقى الإشكالية تطرح حول مدى صحة هذا الشرط على ضوء حقيقة مفادها أن المستخدم قد لا يكون قد قرأ شروط العقد، وعليه فإنه بالتأكيد لم يناقشه. وربما يقع هذا العقد وفق بعض النظم القانونية ضمن مفهوم عقد الإذعان، إضافة إلى أن هناك العديد من النظم القانونية لا تتضمن حتى الآن تشريعات منظمة لمسائل تقنية المعلومات مما يزيد الصعوبة حول قانون الإرادة مما يجعل القاضي السلطة الوحيدة التي تبت في مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق والقضاء المختص في حالة غياب الارتباط بين قانون الإرادة والعقد، وذلك باللجوء إلى الجنسية المشتركة للمتعاقدين أو موطنهما المشترك[6].

تتمركز الفكرة الأساسية لمبدأ سلطان الإرادة في أن العقد يستمد قوته الملزمة من القوة الذاتية لإرادة طرفيه، فالإرادة هي التي توجد العقد على الكيان المادي وأساس قوته الملزمة، وتستمد الإرادة قوتها من نفسها وليس من أية قوة خارجة عنها، كذلك العقد لا يستمد قوته ووجوده وإلزاميته من أية سلطة غير سلطة إرادة طرفي العقد التي تنظمه من مرحلة المفاوضات إلى تنفيذ آثاره، فقيام المشرع بمنح الحرية إلى المتعاقدين في تحديد القانون واجب التطبيق على العقود المبرمة بينهم لا يعني ذلك إطلاق الحرية لهم، إنما هنالك عدة عوامل يتوجب الالتزام بها ليبقى العقد ضمن الإطار العام الذي حدده المشرع بحيث لا يخرج الاتفاق الذي يتم التوصل إليه عن القواعد العامة[7]، حيث إنه من هذه العوامل التي يجب الالتزام بها ليبقى العقد ضمن النطاق القانوني الذي حدده المشرع منها أن العقد الإلكتروني يعد من العقود الحديثة المنشأ إلا أنه في حال البحث في الأركان العامة للعقد والآثار المترتبة عليه نجد أنه لا يختلف عن غيره من العقود التقليدية إلا بالوسيلة التي تم إنشاؤه بها ليتم توفير الوقت والجهد، فالاعتراف لطرفي العقد بحق إنشائه وتكوينه متوافر قبل التوصل إلى مثل هذه العقود ومقرر من قبل الفقه والقضاء والنصوص القانونية، كما أن الغاية التي يسعى لها طرفا العقد تداول السلع وترويج الخدمات المتوافرة لدى طرفي العقد مقابل تحقيق الغاية والمنفعة التي يرغب بها الطرف الآخر، فالعقد قائم على رغبات وإرادة طرفيه، وزيادة على ذلك فإن العقود الإلكترونية المبرمة عبر الانترنيت تتسم بالسرعة وتوفير الجهد والمال، فإبرام هذه العقود من الوسائل التي سعت للتوفير والاقتصاد في تحرير العقود وما ينتج عن هذا التصرف من عناء وجهد[8].

يمكن القول بأن قانون الإرادة لا يخرج عن الأسس التي حددها المشرع بحسب القواعد العامة ويتم البحث من خلال القواعد العامة عن القواعد القانونية التي تعالج موضوع العقد وأركانه وتتناسب مع العقد الذي تم تحديده بناء على إرادة طرفي العقد، كما أن الأخذ بمبدأ قانون الإرادة يمنع التحكم من قبل القاضي في البحث عن الإرادة الضمنية أو المفترضة لطرفي التعاقد في حال عدم توافر اختيار صريح من قبل طرفي التعاقد.

وعليه فإن العقود الإلكترونية لا تختلف عن أغلب العقود من حيث أركانها والآثار المترتبة عليها، إلا أن الاختلاف بينها وبين العقود التقليدية يكون في وسيلة التعاقد، وبالتالي فإن العقود الإلكترونية لا تختلف عن مثيلتها بالنسبة لتفعيل قانون الإرادة بل نجد أن طبيعة هذه العقود ترتكز على إرادة المتعاقدين بدرجة عالية جدا، لأنه لا يتوافر النظام القانوني الكامل لمعالجة مثل هذه العقود، أما في حالة عدم تحديد القانون الواجب التطبيق فيتم إعمال النصوص المتعلقة بالتجارة الإلكترونية بما لا يخرج عن نطاق القواعد العامة لنظرية العقد[9].

ثانيا: معايير تحديد قانون الإرادة:

يمكن تحديد القانون الواجب التطبيق عن طريق الإرادة الحرة الصادرة من طرفي العقد، فقد تكون تلك الإرادة صريحة، وقد تكون تلك الإرادة ضمنية.

1 – التعيين الصريح

يسري مبدأ الإرادة على التجارة العادية والتجارة الإلكترونية، إلا أن هناك خصوصية مميزة للتجارة الإلكترونية على الرغم من أنها تتساوى مع التجارة العادية من ناحية تبادل السلع والخدمات مقابل مبلغ نقدي أو عيني، حيث تشمل التجارة الإلكترونية سواء من حيث تكوين العقد أو تنفيذه أو إنجازه على تقنيات نقل حديثة لبيانات التعاقد في إطار فضائي إلكتروني عن طريق شبكات المعلومات والاتصال مثل الإنترنيت[10].

ويمكن أن يكون اختيار القانون الواجب التطبيق اختيارا صريحا من خلال الرسائل الإلكترونية المتبادلة، كما يمكن أن يتم أيضا بالبريد الإلكتروني وذلك بعد الاتفاق على البنود العقدية الأخرى كالمحل والثمن والتسليم والسعر…إلخ، كما يمكن للمتعاقدين اختيار قانون ليحكم هذه العلاقة العقدية دون اشتراط وجود أية صلة حقيقية بين القانون المختار والعقد[11]، مثال ذلك العقد النموذجي للتجارة الإلكترونية الذي وضعته غرفة التجارة والصناعة بباريس في 30 أبريل 1998 ليحكم المعاملات التي تتم بين المهنيين والمستهلكين، فينص هذا العقد في أحد بنوده على أن القانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي بصرف النظر عن جنسية المتعاقدين أو موطنهم أو محل إبرام العقد أو محل تنفيذه، وبالتالي يمكن للمتعاقدين في مجال عقود التجارة الإلكترونية إخضاع عقدهم لقانون دولة تقر بصحة التوقيعات الإلكترونية دون اشتراط وجود أية صلة بين القانون المختار والعقد[12].

ومن ناحية أخرى نصت إتفاقية روما على إمكانية اختيار الأطراف قانونا آخر يخضع له العقد غير القانون الذي تم اختياره مسبقا، وذلك في المادة 3/2 لعام 1980 المتعلقة بالقانون الواجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية حيث قضت على أنه:” يحق للأطراف في أي وقت الاتفاق على إخضاع العقد لقانون آخر غير الخاضع له من قبل، وسواء تم ذلك بإجراء اختيار لاحق يتم تبعا لنفس المادة أو بمقتضى نصوص أخرى”[13].

2- التعيين الضمني

إن التعيين الضمني هو اختيار حقيقي ولكنه غير معلن، يستخلصه القاضي من ظروف الحال، ويؤكد ذلك ما ذهبت إليه اتفاقية لاهاي عام 1986 في المادة 7/1 حيث نصت على أن: ” اتفاق الأطراف فيما يتعلق باختيار القانون الواجب التطبيق على عقدهم يجب أن يكون صريحا أو يمكن استنتاجه بوضوح من نصوص العقد أو من سلوك الأطراف أو بالنظر إليهما معا”، كما أن اتفاقية روما لعام 1980 نصت في المادة 3/1 على أن: ” يسري على العقد القانون الذي يختاره الأطراف، ويجب أن يكون هذا الاختيار صريحا أو مستمدا بطريقة مؤكدة من نصوص العقد أو من ظروف التعاقد”[14].

كما أن للقاضي علامات تساعده على معرفة اتجاه الإرادة الضمنية للمتعاقدين بخصوص قانون العقد، كأن يتم إبرام عقد يرتبط بعقد آخر سبق إبرامه وتم اختيار الأطراف للقانون الواجب التطبيق عليه، وقد ينظر إلى اللغة التي كتب بها العقد أو العملة التي اتفق على الوفاء بها، أو قد يتجه القاضي إلى النظر إلى جنسية المتعاقدين أو بمحل إقامتهم أو ينظر إلى مكان إبرام العقد أو مكان تنفيذه[15].

ولكن بعض العناصر التي أقرها الفقه والقضاء باعتبارها ضوابط لاستخلاص الإرادة الضمنية تتضح عدم أهميتها في مجال التجارة الإلكترونية فقد أصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في مجال الروابط العقدية التي تتم عبر شبكات الاتصال الإلكترونية، وفي حالة استخدام لغة أخرى غير اللغة الانجليزية فإنها تترجم بطريقة آلية إلى اللغة الانجليزية بواسطة برامج موجودة في الحواسيب الآلية[16].

وفي مجال عقود التجارة الإلكترونية إذا كان العقد يتصل بدولتين أو أكثر في نفس الوقت ” قانون مكان الإبرام وقانون محل التنفيذ “وكان قانون أحدهما يتضمن أحكاما لتنظيم هذا النوع من العقود مثل العقود الإلكترونية خلافا لقانون الدولة الأخرى الذي لا يتضمن مثل هذه الأحكام، فهنا يتم تطبيق قانون الدولة التي يتضمن قانونها أحكاما تتعلق بتلك العقود بوصفه قانون الإرادة[17].

المحور الثاني: نطاق تطبيق القانون الواجب التطبيق على العقود الالكترونية

إن مجال تطبيق قانون الإرادة هو الالتزام التعاقدي بشكل عام وذلك في حال اتفاق المتعاقدين على اختيار القانون واجب التطبيق سواء كان بشكل مباشر أو ضمني ويتم تطبيق القانون المختار على العقد من كافة نواحيه، ولمعرفة نطاق تطبيق القانون الواجب التطبيق على العقود الإلكترونية لابد دراسة المسائل الموضوعية والشكلية وكذا قواعد البيانات المتوافرة على شبكة الإنترنيت وذلك وفق المطالب التالية.

أولا: المسائل الموضوعية

إن التصرفات الناتجة عن الإرادة تكون متعددة ومتنوعة ومن هذه العقود عقد التجارة الإلكترونية، فانعقاد هذا العقد يتوافر بتوافر أركانه لينتج الآثار المرجوة من هذا التعاقد بعد تحقق أركانه كافة وفيما يلي بيان هذه الأركان الأساسية وكذا إمكانية تطبيق القانون الواجب التطبيق على هذه الأركان.

1- التراضي

إن التراضي هو الأساس في عقد يتم إبرامه ويكون نتيجة لاتفاق إرادة طرفي العقد على إحداث أثر قانوني يسعى إليه طرفا العقد بشرط أن يكون طرفا العقد متمتعين بكامل الأهلية، فقد حدد المشرع الجزائري في القانون المدني وذلك في المادة 40 منه سن الرشد بتسعة عشر سنة، ويتوقف وجود التراضي على تلاقي التعبير عن إرادتين متطابقتين لإبرام العقد وهو يتوقف بدوره على صدور الإيجاب بالتعاقد من قبل الموجب الذي يقابله القبول من قبل من وجه إليه الإيجاب، ومن ناحية أخرى على تلاقي هذا القبول بالإيجاب[18]، فإن لم يتلاقى التعبير عن الإرادة الذي تتوفر فيه مقومات الإيجاب بالتعبير عن الإرادة الذي تتوفر فيه مقومات القبول فلن يتحقق التراضي ولن ينعقد العقد[19].

وعليه فإن توافر التراضي ركن أساسي من أركان العقد، وبما أن الرضى يقوم في الأساس على تصرفات الفرد فمن الأساسي أن يكون الشخص كامل الأهلية لتكون تصرفاته صحيحة وغير قابلة للبطلان، فالتراضي يتم إخضاعه إلى قانون طرفي التعاقد، فالموجب يتم إخضاعه لقانونه الوطني وكذلك القابل لأن كل طرف يخضع لقانون بلده وبالتالي يتم تحديد صحة الرضى الذي صدر وهذا ما تبناه بعض الفقه[20].

بينما ذهب رأي فقهي آخر إلى القول بأن القانون الواجب التطبيق هو قانون محل إبرام التعاقد حيث أن المتعاقدين يكونان على علم بمحل إبرام التعاقد، ونجد أن قانون الأونسيترال قد حددت محل إبرام التعاقد في حال عدم تحديده من قبل طرفي العلاقة، وبالتالي فإن القانون الوطني لذلك الإقليم هو القانون واجب التطبيق، إلا أنه بالرجوع إلى نصوص التشريعات الخاصة بالتجارة الإلكترونية نجد أن المشرع قد أخضعها إلى النطاق الإقليمي أي المكان الذي تم إبرام العقد به، وبالتالي فإن العقد يخضع لتلك القواعد القانونية التابعة للدولة المقر، وفي حالة كان هنالك أكثر من مكان عمل فيتم اعتماد المركز الرئيسي للعمل وإخضاع العقد لموطن هذا المركز ويطبق القانون الوطني على العقد[21].

وتجدر الإشارة بأنه في حالة إثارة نزاع حول أحد عيوب الإرادة وهي الغلط والتدليس والإكراه والاستغلال فيتم إخضاعها لقانون العقد، وبما أن إرادة المتعاقدين اتجهت لتحديد القانون واجب التطبيق فإنه يتم تطبيقه على كافة بنود العقد وآثاره، وكذلك الحال بالنسبة لقانون محل إبرام التعاقد فإنه يسري على كافة مراحل التعاقد، لأنه يتم تطبيقه على العقد من أول مراحل التعاقد إلى إتمام التعاقد وتحديد القانون واجب التطبيق ليسهل على الأطراف كافة الأمور ويبين ما هي التصرفات المشروعة من غيرها، إلا أن أغلب العقود بل معظمها تتضمن بندا خاصا في التعاقد يحدد القانون واجب التطبيق على العقد، وذلك ليتسم العقد بالشفافية ببيان كافة مفردات العقد ومنها القانون واجب التطبيق[22].

2- محل وسبب التعاقد

إن أي تصرف قانوني يبرم يكون من أجل تحقيق غاية والعقود تبرم دائما من أجل محل التعاقد الذي هو التزام المدين من خلال القيام بعمل ما أو الامتناع عن القيام بعمل، وللمحل عدة شروط منها أن لا يكون مخالفا للنظام العام والآداب العامة، كما أن المحل قد يكون مشروعا لدى بعض الدول وغير مشروع لدى أخرى، ففي حالة تحديد القانون من البداية يتم البعد عن الإشكالات التي من الممكن أن يتعرض لها طرفا العقد أثناء إحداث خلل في العلاقة العقدية وأثناء تنفيذ محله، وبالتالي فإن قانون العقد هو الأَولى بالتطبيق على محل التعاقد لأنه تم تحديده بناءا على إرادة طرفي العقد وتناسب القانون وكافة بنود وآثار والتزامات العقد الذي تم إبرامه[23].

أما سبب العقد فهو من الأركان الأساسية في العقد، وتحديد مشروعيته من عدمها يتم بناءً على النظام العام للدولة التي يتبع لها العقد فهي التي تحدد المشروع من غير المشروع، إلا أن الرأي الفقهي الراجح فيذهب إلى أن يطبق قانون العقد على السبب لوجود ترابط بين كافة أركان العقد أو بيان التعاقد، فمشروعية السبب شرط مشترك بين الباعث على التعاقد والقصد المباشر من العقد، فالمشروعية تثير عدة إشكالات قانونية بخصوص العقود الإلكترونية المبرمة عبر الإنترنيت مثل القيام بإنشاء محفظة رقمية أو نقود إلكترونية التي من الممكن أن تؤدي لخرق قانون الرقابة على النقد في دولة ما والذي من الممكن أن يؤدي هذا التصرف للقيام بتصرفات مخالفة لقانون النقد الخاص بهذه الدول، وبالتالي فإن هذا الخرق يؤدي لتحديد مشروعية السبب بشكل مباشر وبيان القانون واجب التطبيق والبحث في كافة المفردات ليتلاءم مع أركان العقد وذلك لإبرام عقد صحيح خالٍ من العيوب التي من الممكن أن تؤدي إلى عدم مشروعيته وبطلان العقد[24].

أما إذا تخلف أحد أركان العقد فإن هذا التصرف يترتب عليه بطلان العقد، لكن أي قانون يتم تقرير البطلان بناء عليه؟ هل هو قانون محل الإرادة؟ أم قانون الموطن المشترك؟ أم قانون محل إبرام التعاقد؟ إن القاعدة القانونية التي تفرض تصرفا معينا هي نفسها التي تحدد العقاب المترتب على مخالفة هذا التصرف، فمن الطبيعي أن يكون القانون واجب التطبيق على العقد هو المختص بتحديد بطلان العقد في حال تخلف أحد أركان العقد، أما في حال توافر البطلان لعدم توافر أهلية أحد طرفي العقد أو كليهما فإنه يسري القانون الشخصي لطرفي العقد لأن القانون واجب التطبيق على أهلية المتعاقدين، لأن قواعد الإسناد تحيل الأهلية إلى القانون الوطني لطرفي العقد أي لموطن كل طرف من أطراف العقد[25].

ثانيا: المسائل الشكلية

في العقود الرضائية يتم محاولة حصر الشكلية والحد منها للحفاظ على صفة الرضائية في العقود، فالشكل لازم لصحة العقد الإلكتروني وذلك لكونه مكتوبا وموقعا عليه إلكترونيا ويمكن حفظ المعلومات الخاصة بالعقد واسترجاعها بأي وقت ليتمكن طرفا العقد من الاحتجاج في حال حدوث أي خلل في العقد، كما أن الكتابة أسلوب من أساليب التعبير عن إرادة طرفي العقد، كما أن نص المادة 323 مكرر من القانون المدني يعتبر أول نص عرف من خلاله المشرع الكتابة التي يمكن استعمالها كوسيلة إثبات التصرفات القانونية بصفة عامة والتصرفات الإلكترونية بصفة خاصة وذلك لتفادي الجدل الذي قد يثور حول الاعتراف بالكتابة الإلكترونية كدليل إثبات، كون الكتابة بمفهومها التقليدي كان مرتبطا بشكل وثيق بالدعامة المادية إلى درجة عدم إمكانية الفصل بينهما، وبالتالي لم يكن القانون يعترف بالكتابة المدونة على دعامة إلكترونية افتراضية والتي لا تترك أثرا ماديا مدونا له نفس الأثر المكتوب على الورق في الإثبات، كما أنه حسب نص المادة 323 مكرر1 فإنه يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الإلكتروني كالإثبات بالكتابة على الورق، كما وضع المشرع شرطين لقبول الكتابة في الشكل الإلكتروني للإثبات وهما إمكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها، وسبب وضع المشرع لهذين الشرطين يرجع إلى طبيعة المحيط الذي تتم فيه المعاملات الإلكترونية كونه محيط افتراضي وليس محسوس[26].

إن إفراغ التصرف الذي تم في شكل محدد يعد ركنا ضروريا من أركان العقد وفي حال تخلفه فإنه من الممكن أن يؤدي إلى إبطال التعاقد، كما أن للشروط الشكلية قاعدة إسناد خاصة بتحديد القانون واجب التطبيق في حال كان العقد يتطلب شكلا محددا بالذات، فالقاعدة العامة توجب إخضاع العقد لقانون محل إبرامه، فأساس حرية اختيار القانون واجب التطبيق على الشروط الشكلية مصدرها قانون الإرادة وبالذات مبدأ سلطان الإرادة الذي هو قاعدة أساسية في مجال العقود، ويتم إعمال هذا المبدأ من خلال إتاحة المجال لطرفي العقد لاختيار القانون الذي ينظم الشروط الشكلية، كما هو الحال بالنسبة للشروط الموضوعية، فالغاية من إخضاع العقد لقانون محل إبرامه هو التسهيل على المتعاقدين لاختيار قانون العقد سواء أكان قانون الموطن أو أي قانون آخر يتم الاتفاق عليه بين طرفي العقد، فالأساس من هذا التصرف هو تحقيق غاية طرفي العقد وتوافر الشفافية في العقد من خلال إعطاء الحرية لإرادة المتعاقدين في القانون الواجب التطبيق على الشروط الشكلية[27].

وعليه يمكن القول بأن القانون الواجب التطبيق على الشروط الشكلية هو نفس القانون الذي تم إخضاع الشروط الموضوعية له، لأن أساس الإخضاع يعود على سلطان إرادة المتعاقدين فهم الذين يحددون قانون العقد الذي يتناسب وأحكام العقد.

ثالثا: قواعد البيانات المتوافرة على شبكة الإنترنيت

إن المعلومات المتوافرة على شبكة الإنترنيت متداولة في كل لحظة عبر كافة الحدود الدولية وهي ليست أية معلومات بل إنها تربط بين بعض الدول والحكومات والمنظمات ومؤسسات القطاع الخاص، فهذه المعلومات التي يتم تداولها ليست بعيدة عن الاعتداء عليها وانتهاكها لهذا وجب تسليط الضوء عليها[28].

بالرجوع إلى القانون المدني الجزائري نجده قد أحال تحديد القانون الواجب التطبيق على الفعل الضار إلى قانون البلد الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام وذلك حسب نص المادة 20 منه، إلا أن القضاء اتجه لتطبيق القانون المحلي على الالتزامات غير العقدية التي يتوفر بها عنصر أجنبي، ذلك لأن إسناد الالتزامات غير التعاقدية للقانون الوطني هو الحل لأشكال التنازع في هذا النزاع[29].

إن تطبيق القانون الوطني يتطلب اجتماع قانون المحل والقاضي الذي يفصل في النزاع على مشروعية المحل أما إذا كان غير مباح عند طرف وعند القاضي مباح، فإن المسؤولية لا تنعقد لأن قانون القاضي لا يجرم مثل هذا التصرف وتم اعتباره مباحا بحسب قانون القاضي وهو القانون واجب التطبيق.

إن تأمين مصالح الأطراف هو الهدف الإجتماعي من القانون فهو الذي يحدد المشروع وغير المشروع الذي يمنع ارتكابه لأنه يؤدي للضرر بأطراف العقد، وفي حالة مخالفة هذا الأمر فإن الشخص الذي خالف يكون تحت طائلة المسؤولية القانونية ويلتزم بالتعويض عن الضرر الذي أحدثه جراء مخالفته لأحكام القانون، ويكون قانون المحل هو المختص لأنه هو الذي تم مخالفته جراء عدم الانصياع لقواعد القانون واجب التطبيق، ويطبق قانون المحل مهما كانت جنسية أو موطن المسؤول عن الضرر أو المجني عليه، لأن الضرر لحق بالمحل، وبالتالي يكون أولا تطبيق قانون المحل[30].

إن مبدأ سيادة الدولة على إقليمها يستوجب إخضاع المسؤولية عن الأفعال الضارة التي تمت في نطاقها الإقليمي لقانونها الوطني، لأن الفعل الضار ارتكب على إقليمها وهي أولى في تطبيق قانونها الوطني، كما أن الأساس الأخلاقي للمبدأ التعويضي يوجب تطبيق قانون المكان الذي وقع فيه الفعل المنشئ للالتزام، لأنه حسب قانونه اعتبر هذا التصرف غير مباح بينما يمكن أن يكون في مكان آخر مشروعا.

إن تطبيق القانون المحلي لا يثير أي صعوبة في حالات وقوع الفعل الضار في نفس النطاق الإقليمي للدولة التي وقع فيها الضرر، إلا أنه في حال وقوع الضرر في أكثر من دولة، كما يحدث من خلال شبكة الانترنيت التي من خلالها يمكن الإطلاع على أي موقع إلكتروني وتداول البيانات عبرها في أي دولة، فما هو القانون واجب التطبيق على هذا الضرر الذي تعدى كافة الحواجز الحدودية؟[31]

ذهب البعض في تحديد القانون واجب التطبيق عند وقوع المسؤولية جراء الفعل الضار الواقع على قواعد البيانات في أكثر من دولة إلى قانون الدولة التي وقع فيها الفعل الضار، لأن قانون الموطن هو الذي حدد أن هذا التصرف فعل ضار وتترتب عليه مسؤولية قانونية وهي المسؤولية التقصيرية، لأن أحكامها تهدف لحماية المجتمع من الأعمال غير المشروعة[32]، كما أن مكان وقوع الخطأ هو النطاق الإقليمي للقانون واجب التطبيق لأن الخطأ وقع في هذا المكان وتم اعتباره كذلك بناء على القواعد القانونية لهذا الإقليم، ومؤدى ذلك أن محل الفعل غير المشروع هو المعيار السليم الذي يتعين فيه تحديد الالتزامات الناشئة عن الفعل غير المشروع وهذا هو ما يتطابق مع قواعد البيانات المتوافرة على شبــــكة الإنــــترنيت التي يتم تـــــداولها بشكل مبــــاشر مــــن خلال عــــدة أقاليم[33].

وهناك رأي آخر يوجب إخضاع هذا التصرف إلى قانون البلد الذي يقيم فيه الشخص الذي تعرض للضرر سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، فالأساس هو التعرض للبيانات الخاصة به وإحداث ضرر يلحق به، وفي هذه الحالة يكون قانون دولة المعتدى عليه صاحب البيانات هو واجب التطبيق على هذا الضرر الذي اخترق الحدود ووقع في أكثر من دولة[34].

إن تطبيق هذا القانون يواجه عدة صعوبات من حيث تعرض مصلحة الطرف الآخر إلى عدم الاستقرار لأنها تكون هي أيضا محل اعتبار، كما أن هذا القانون لا يمكن أن يكون أكثر تحقيقا لمصالح الشخص المتضرر.

أدى ذلك إلى ظهور رأي آخر أخذ بقانون محل تحقق الضرر إذ اختلف عن مكان السلوك الضار، ذلك لأن الضرر هو الشرط الأول لقيام المسؤولية ولا يكون للمدعي مصلحة في الدعوى إلا إذا لحق به ضرر بحيث إذا لم يثبت تحقق الضرر لا تقوم المسؤولية، فتاريخ تحقق الضرر هو الذي تبدأ منه مدة تقادم دعوى المسؤولية، كما أن جسامة الضرر تأخذ في الاعتبار تقدير التعويض لأنه الأساس في تحديد التعويض[35].

وبالتالي نجد الرأي الذي أخذ بمكان تحقق الضرر هو بالعادة موطن المتضرر فالقانون الوطني لهذا الشخص هو الذي يطبق على الفعل الضار لأنه يحقق العدالة الاجتماعية، كما أنه تتركز فيه عناصر المسؤولية لأنه من الممكن أن يكون هذا التصرف مباحا لدى قانون آخر، بالإضافة لأن الشخص المتعامل مع قواعد البيانات عبر شبكة الإنترنيت يكون على علم بمزود البيانات والدولة التي يوجد بها مركز إقامته، وعليه تكون البيانات خاضعة لقانون محل إقامة هذا الشخص[36].

الخاتمة

وهكذا نصل إلى القول بأن قاعدة قانون الإرادة تعتبر وسيلة من الوسائل الفعالة في ميدان العقود الإلكترونية، كونها تساعد في التغلب على أحد مشكلات التجارة الإلكترونية المتمثلة في معرفة القانون الواجب التطبيق على العقود الدولية التي تنشأ في الفضاء الإلكتروني بما تمنحه للمتعاقدين من حرية اختيار قانون عقدهم، بما يوفر لديهم الثقة بالقدرة على حماية حقوقهم وإدراك مدى ونطاق التزامهم، وبالتالي تعتبر هذه القاعدة من أكثر قواعد الإسناد ملائمة لحل مشكلة تنازع القوانين في ميدان عقود التجارة الإلكترونية.

من خلال دراستنا لهذا الموضوع تم التوصل إلى أهم النتائج والاقتراحات الآتية:

-تقوم فكرة قانون الإرادة على الاعتراف لطرفي العقد بحقهما في اختيار وتحديد القانون واجب التطبيق على العقود المبرمة في ميدان التجارة الإلكترونية، وذلك لتحديد جميع الآثار القانونية الناشئة عن العقد التي من بينها تحديد قانون العقد.

– إن العقود الإلكترونية لا تختلف عن مثيلتها بالنسبة لتفعيل قانون الإرادة بل نجد أن طبيعة هذه العقود ترتكز على إرادة المتعاقدين، ذلك لأنه لا يتوافر النظام القانوني الكامل لمعالجة مثل هذه العقود، أما في حالة عدم تحديد القانون الواجب التطبيق فيتم إعمال النصوص المتعلقة بالتجارة الإلكترونية، وباعتبار عدم وجود قانون مستقل ينظم العقود الإلكترونية في الجزائر. فلا بد الرجوع إلى القواعد العامة أي القانون المدني باعتباره الشريعة العامة.

– تعتبر قاعدة قانون الإرادة من أهم قواعد الإسناد التي يلجأ إليها القاضي لتحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الإلكتروني، مما أدى إلى انتشارها والنص عليها في العديد من التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية، كما تعتبر هذه القاعدة من أكثر قواعد الإسناد ملائمة لحل مشكلة تنازع القوانين في مجال عقود التجارة الإلكترونية.

– يمكن أن يكون اختيار القانون الواجب التطبيق اختيارا صريحا من خلال الرسائل الإلكترونية المتبادلة، كما يمكن أن يتم أيضا بالبريد الإلكتروني وذلك بعد الاتفاق على البنود العقدية الأخرى ، كما يمكن للمتعاقدين أن يختاروا قانونا ليحكم علاقتهم العقدية دون اشتراط وجود أية صلة حقيقية بين القانون المختار والعقد

– إن ضوابط الإسناد الاحتياطية التي نصت عليها اتفاقية روما تنسجم وتتلاءم مع عقود التجارة الدولية والعادية بسبب مرونتها ومراعاتها للظروف والملابسات المحيطة بكل عقد على حدى، حيث إنها تترك للقاضي سلطة تقديرية واسعة عند تحديده للقانون الأوثق صلة بالعقد من خلال بحثه في كافة الظروف الموضوعية والشخصية المحيطة بالعقد.

الاقتراحات

– نجيب بالمشرع الجزائري ضرورة إصدار قانون مستقل ينظم العقود الإلكترونية لمواكبة التطورات التكنولوجية الحاصلة وكذا ليحذو حذو مختلف التشريعات الأوروبية والعربية الرائدة في هذا المجال، وذلك لتنظيم النص على القانون الواجب التطبيق لهذه العقود دون الرجوع إلى القواعد العامة.

قائمة المراجع

أولا: النصوص القانونية

1- الأمر رقم 75-58 الموافق لـ 26 سبتمبر 1975 المعدل والمتمم بالقانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 المتضمن القانون المدني الجزائري.

ثانيا: الكتب المتخصصة

1- إلياس ناصيف، العقد الإلكتروني في القانون المقارن، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية: بيروت، 2009.

2- أسامة أبو الحسن مجاهد، التعاقد عبر الأنترنيت، دار الكتب القانونية: الإسكندرية، 2002.

3- أبو الهيجاء محمد إبراهيم عرسان، عقود التجارة الإلكترونية، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع: عمان، 2005.

4- سلطان عبد الله محمود الجواري، عقود التجارة الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق ” دراسة قانونية مقارنة” ، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية: الإسكندرية، 2010.

5- سلطان عبد الله محمود الجواري، عقود التجارة الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق ” دراسة قانونية مقارنة” ، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية: الإسكندرية، 2010.

6- محمد فواز محمد المطالقة، الوجيز في عقود التجارة الإلكترونية ” دراسة مقارنة”، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع: عمان، 2008.

7- محمد أحمد علي المحاسنة، تنازع القوانين في العقود الإلكترونية نحو إيجاد منظومة للقواعد الموضوعية الموحدة ” دراسة مقارنة”، الطبعة الأولى، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع: عمان، 2013.

– [1] ناصيف إلياس، العقد الإلكتروني في القانون المقارن، منشورات الحلبي الحقوقية: بيروت، 2009، الطبعة الأولى، ص80.

– [2] الأمر رقم 75-58 الموافق لـ 26 سبتمبر 1975 المعدل والمتمم بالقانون رقم 05-10 المؤرخ في 20 يونيو 2005 المتضمن القانون المدني الجزائري.

– [3] ناصيف إلياس، مرجع سابق، ص82.

– [4] الجواري سلطان عبد الله محمود ، عقود التجارة الإلكترونية والقانون الواجب التطبيق ” دراسة قانونية مقارنة” ، منشورات الحلبي الحقوقية: الإسكندرية، 2010، الطبعة الأولى، ص120.

-[5] الجواري سلطان عبد الله محمود ، المرجع نفسه، ص121.

المنزلاوي صالح، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الإلكترونية، دار الجامعة الجديدة: الإسكندرية، 2006، ص75.-[6]

الجواري سلطان عبد الله محمود، مرجع سابق، ص122.- [7]

أبو الهيجاء محمد إبراهيم عرسان، عقود التجارة الإلكترونية، دار الثقافة للنشر والتوزيع: عمان، 2005، الطبعة الأولى، ص90.-[8]

-[9] المنزلاوي صالح، مرجع سابق، ص77.

المنزلاوي صالح، المرجع نفسه، ص78.-[10]

– أبو الهيجاء محمد إبراهيم عرسان، مرجع سابق، ص93.[11]

1- أبو الهيجاء محمد إبراهيم العرسان، مرجع سابق، ص95.

2- الجواري سلطان عبد الله محمود ، مرجع سابق، ص124.

3- ناصيف إلياس، مرجع سابق، ص84 .

– ناصيف إلياس، المرجع نفسه، ص85.[15]

5- أبو الهيجاء محمد إبراهيم العرسان، مرجع سابق، ص94.

1- المطالقة محمد فواز محمد، الوجيز في عقود التجارة الإلكترونية ” دراسة مقارنة”، دار الثقافة للنشر والتوزيع: عمان، 2008،الطبعة الأولى، ص140.

-أبو الهيجاء محمد إبراهيم عرسان، مرجع سابق، ص95.[18]

3- المحاسنة محمد أحمد علي، تنازع القوانين في العقود الإلكترونية نحو إيجاد منظومة للقواعد الموضوعية الموحدة ” دراسة مقارنة”، دار ومكتبة الحامد للنشر والتوزيع: عمان، 2013، الطبعة الأولى، ص82 .

4- المطالقة محمد فواز محمد ، مرجع سابق، ص141.

– المحاسنة محمد أحمد علي ، مرجع سابق، ص83.[21]

– المطالقة محمد فواز ، مرجع سابق، ص142. [22]

– المحاسنة محمد أحمد علي ، مرجع سابق، ص84. [23]

4- مجاهد أسامة أبو الحسن ، التعاقد عبر الأنترنيت، دار الكتب القانونية: الإسكندرية، 2002، ص120.

– مجاهد أسامة أبو الحسن ،مرجع سابق، ص121.[25]

2- ناصيف إلياس، مرجع سابق، ص86 .

3- الجواري سلطان عبد الله محمود ، مرجع سابق، ص126.

– الجواري سلطان عبد الله محمود ، مرجع سابق، ص127.[28]

2- المنزلاوي صالح ، مرجع سابق، ص79.

– أبو الهيجاء محمد إبراهيم العرسان، مرجع سابق، ص98.[30]

– المنزلاوي صالح، مرجع سابق، ص80.[31]

– أبو الهيجاء محمد إبراهيم العرسان، مرجع سابق، ص100.[32]

1- المطالقة محمد فواز، مرجع سابق، ص145.

2- المحاسنة محمد أحمد علي ، مرجع سابق، ص89.

3- مجاهد أسامة أبو الحسن ، مرجع سابق، ص123.

4- مجاهد أسامة أبو الحسن ، المرجع نفسه، ص125.