عنصر الاستفزاز وتخفيف العقوبة

اثار الحكم الصادر عن محكمة الجنايات بمحافظة الجيزة المصرية والقاضى بمعاقبة مذيع تلفزيونى بالسجن 15 عاما لاتهامه بقتل زوجته باطلاق الرصاص عليها جدلا شديدا فى قضايا القتل بين الازواجاد اخد بعين الاعتبار الاستفزاز كظرفا مخففا فى حالة قتل الزوج لزوجته اثناء المشاجرات الزوجية . اد استخدمت المحكمة المادة 17 من قانون العقوبات وأصدرت حكمها المخفف ضد المتهم فى ثالث جلسة له أمام المحكمة رغم ان مرافعة النيابة طالبت بإعدام المتهم واتهمته بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ووصفت كيفية تنفيذه الجريمة .

وقد أصيبت أسرة المجنى عليها بالصدمة بسبب الحكم المخفف, فى حين خرج محامى المتهم غاضبا من الحكم مؤكدا أن المتهم كان فى حالة دفاع شرعى وانه كان تحت تأثير المخدر . واورد بان المحكمة قد اخذت ببعض ملاحظاته على القضية, ومن اهمها إن المتهم تعرض لضغوط شديدة قبل ارتكابه الجريمة ولا يمكن ان يتحملها أى رجل شرقى , حيث قامت زوجته بصفعه على وجهه وهو الطاعن فى السن مما تسببت فى كسر نظارته وقامت بتوجيه عبارات نابية له تمس والديه تشكل انماط مجرمه فى صحيح القانون .

واعتبر الدفاع بان دلك شكل ضغطا رهيبا على رجل شرقى ومذيع فى التليفزيون له كرامته ووضعه الاجتماعى اد وجد نفسه امام قاموس من الشتائم ورغم ذلك فإنه طلب النجدة حتى يتمكن من حصوله على ملابسه ومقتنياته حتى يخرج من البيت سليما, ولكن زوجته استمرت فى التطاول عليه وفى كيل الشتائم والألفاظ النابية له حتى ثار وخرج عن شعوره دون أن يدرى ماذا يفعل ,واطلق النار عليها وهو تحت تأثير كل هذا الاستفزاز والاهانات المتكررة وكل دلك يؤكد أنه ارتكب جريمته تحت ضغط عصبى ونفسى رهيب .

واكد محامى المتهم أنه سوف يطعن فى الحكم امام محكمة النقض متمسكا بان موكله كان مدافعا عن كرامته وشرفه وانه تحت ضغط عصبى شديد.

على الجانب الأخر كانت أسرة المجنى عليها لها رأى آخر حول عنصر الاستفزاز الزوجى .اد اورد شقيق المجنى عليها بإن شقيقته كانت تتوسل للمتهم بان يجلس معها ويعيشا سويا بهدوء وان يتناسى كل منهما المشاكل , ولكنه أصر على الخروج بملابس اشترتها له وبأموالها الخاصة واستفزها بطريقته وظل يتناول المخدرات وتجاهل كل ما فعلته من أجله, ولكنه كان يريد ان يخرج بجميع الأشياء التى اشترتها له وطلب النجدة حتى يخرج بها .

ولهذا بدت عليها العصبية الشديدة وانهارت هى الأخرى حيث إنها شعرت بان كل ما فعلته من أجله قد راح هباء وأموالها التى صرفتها عليه على مدار سنوات الزواج قد ضاعت وضاع معها كل شىء فهذا هو الاستفزاز الحقيقى لها مما جعلها تتلفظ بألفاظ ضده وتنفعل عليه .

وحيث انه من المستقر عليه فى الفقه الجنائى انه اهتم ببحث حالة القتل بسبب العاطفة وهو القتل الذى يرتكب تحت شعور عاطفى شديد كالغضب أو الاستفزاز الشديد , وحيث انه لا جدال من توافر القصد الجنائى فى هذه الحالة , إذ لا تناقض بين نية إزهاق الروح وبين حالة الغضب أو الاستفزاز ,إلا ان بعض فقهاء القانون قد اوردوا بانه قد ينتفى توافر سبق الإصرار والترصد إذا ما ثبت أن الشعور بالغضب قد حال دون توفير الوقت الكافى للتفكير الهادئ المتزن , إلا أن انتفاء سبق الإصرار والترصد لا ينفى القصد الجنائى.

ويقتصر التساؤل عما إذا كان القتل تحت تأثير الاستفزاز يصلح أن يكون ظرفا قضائيا مخففا أو عذرا تشريعيا مخففا أم لا؟ ويورد البعض أن العاطفة مهما بلغت شدتها لا يجب اعتبارها عذرا يمنع العقاب حماية للحق فى الحياة من العبث بها وقد حاولت بعض التشريعات معالجة هذه الحالة فجعلتها عذرا مخففا للعقاب بشروط معينة مثلما فعل القانون السويسرى والفرنسى الذى جعل من القتل بالعاطفة ظرفا مخففا فى المادة 321 والقانون الايطالى المادة رقم 62 وجعل الاستفزاز من الظروف المخففة للعقوبة ويلاحظ أنه يجب أن تتوافر ظروف خارجية تثير الجانى وهذه الاثارة بلا شك تعتمد على تكوين الجانى النفسى والخلقى ومن هنا يجب فحص شخصية المتهم فى القتل بالعاطفة.

ولم يعرف القانون الليبي القتل للعاطفة إلا فى صورة واحدة هى القتل للاستفزاز وهى فى حالة زنا الزوجية فقد اعتبر هذا الاستفزاز عذرا مخففا للعقاب “المادة 375” أما ماعدا ذلك من أحوال الاستفزاز أو الإثارة فتخضع للقواعد العامة فى الظروف المخففة للعقاب أى يترك الأمر لمطلق تقدير المحكمة وفقا لما تستبينه من ظروف الجريمة والمتهم. إلا أن المشرع نص على انه يعد من الاعذار المخففة ارتكاب الجريمة لبواعث أو غايات شريفة او بناء على استفزاز خطير صدر من المجنى عليه بغير حق.