تسجيل المُكالمات
يتساهل الكثير من الناس في موضوع تسجيل المكالمات لأشخاصٍ آخرين –بُغيِّة إثبات واقعة معيّنة-، في غفلةٍ عن النصوص القانونية التي تُجرم هذا الفعل، فكثيرٍ من المرات عندمَّا تسأل عميلك عن دليّله أو بينَّته على دعواه في تمهيدٍ لبناء دعواه بشكلٍ قانوني، تجده يجيبك بأنه يملك تسجيلٍ لخصمه !

أيهَّا السادة الكرام، تسجيل المحادثات الهاتفية أو التصنت عليها لهو مخالفة نظامية تستوجب العقوبة، فقد تشدد المشرع السعودي في نظام الإجراءات الجزائية في حفظ وصوّن المحادثات الهاتفية؛ حرمةٍ للحياة الخاصة، ويتضح ذلك جليًا في المادة السادسة والخمسين من النظام والتالي نصها “للرسائل البريدية والبرقية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، فلا يجوز الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر مسبَّب ولمدة محددة، وفقاً لما ينص عليه هذا النظام.”، والتي نهت تمامًا عن الإطلاع أو مراقبتها ابتداءً، إلا بأمر مسبَّب ولمدة محددة، وهذا لا يكون إلا لجهات الاستدلال والتحقيق، وليس للعامة من الناس.

وكذلك ما جاء في نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وتحديدًا في الفقرتين الأولى والرابعة من المادة الثالثة، والتي جاء فيها ما يلي:. “يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية: 1- التنصت على ما هو مرسل عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي – دون مسوغ نظامي صحيح – أو التقاطه أو اعتراضه…

4- المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بالكاميرا، أو ما في حكمها.”.

قد يأتي شخص ويذكر بأن التنصت أو الالتقاط أوالاعتراض المقصود في الفقرة الأولى؛ هو محصور على أجهزة الحاسب الآلي، وليس على الهواتف المحمولة، فنقول نعم صحيح ذلك،

ولكن قبل ذلك لنعرج على ماذا عَرَفَ النظام الحاسب الآلي؟ وحتى يمكننا أن نجيب على هذا السؤال فنرجع إلى الفقرة السادسة من المادة الأولى من ذات النظام والتي عرفته وفق الآتي :”يقصد بالألفاظ والعبارات الآتية – أينما وردت في هذا النظام – المعاني المبنية أمامها ما لم يقتض السياق خلاف ذلك ….

6- الحاسب الآلي: أي جهاز إلكتروني ثابت أو منقول سلكي أو لاسلكي يحتوي على نظام معالجة البيانات، أو تخزينها، أو إرسالها، أو استقبالها، أو تصفحها، يؤدي وظائف محددة بحسب البرامج، والأوامر المعطاة له.”، وبالإطلاع على ما نحمل من أجهزة كهواتفٍ محمولة ذكية، نجد أن التعريف ينطبق عليها نصًا، فضلاً على ما ورد بالفقرة الرابعة والتي تفيد صراحةً بتجريم المساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام تلك الهواتف النقالة الذكية.

فتسجيلِ المكالمات دون علم الطرف الآخر، أو التصنت على المكالمات، ولو بحُسَن نيِّة لهو فعلٌ مجرم وفق نصوص القانون، قد يعاقب مرتكب ذلك الفعل في الحق العام بالعقوبة المنصوصة عليها في المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، والذي عَرَجنا عليه بعاليه، فضلاً عن بقاء الحق الخاص قائمًا، فوسائل الإثبات متعددة ومختلفة ولا يجوز إثبات حق بمخالفة نظام أو نص.

هذا ما وَجَبَ تبيانه والله المعيّن.