ما عقوبة الكتابات المسيئة للإسلام بالسلطنة؟ ومَن له الحق في تحريك الدعوى؟

المحامي: صلاح بن خليفة المقبالي

ظهرت في الآونة الأخيرة كتابات تتعدى على حرمة الدين الإسلامي من قبل بعض المثقفين، وذلك بمنشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، منافيةٍ للقيم الإسلامية وأخلاق العمانيين وعاداتهم.

وكان لانتشار هذه الظاهرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مساحة للنقاش والحوار والاستفهامات الكثيرة، مع إطلاق دعوات أجمعت على ضرورة تدخل الجهات المختصة لضبط من قام بالتعدي على حرمة الدين .

ويثور للكل الأسئلة التالية: ما التكييف القانوني للتعدي على حرمة الدين الإسلامي ، وما القانون الذي يجرمه؟ وما العقوبات المترتبة عليه؟

وفي زاويتنا القانونية الأسبوعية عبر ” أثير” سنجيب عن هذه الأسئلة.

الإجابة عن هذه التساؤلات تقودنا إلى النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم(101/1996) وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بالمرسوم رقم(12/2011) ،ضمن ما تشهده السلطنة من ثورة معلوماتية وتقنية هائلة في وسائل التواصل الاجتماعي. فالنظام الأساسي للدولة في مادته الثانية نص صراحة بأن دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية هي أساس التشريع.

وبالرجوع لواقعة نشر منشورات مست الذات الإلهية والدين الحنيف فإنها تشكل جريمة مخالفة لتقنية المعلومات والمؤثمة في المادة (19) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات والتي تنص بـ:- ” يعاقب بالسجن مدة لا تقل على شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد على ثلاثة آلاف ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في إنتاج أو نشر أو توزيع أو شراء أو حيازة كل من شأنه ينطوي على المساس بالقيم الدينية أو النظام العام“.

وحيث إنه وبإنزال المادة القانونية على الواقعة التي انتشرت مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي نجد بأنها قد اقترفت جنحة مخالفة لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ، حيث جاءت هذه المادة لحماية الدين الإسلامي والأديان السماوية الأخرى من التطاول عليها وذلك بالاستهزاء والتحقير والحط من شأن معتنقيها. وقد توفرت أركان الجريمة المادية والمعنوية في هذه الواقعة، فالركن المادي يتمثل في قيام الشخص بانتهاك حرمة الدين بكتابة منشورات تمس في الذات الإلهية والدين الإسلامي وطرحها للتداول عبر وسائل تقنية المعلومات، أما الركن المعنوي فتمثل في القصد الجنائي باشتراطه ضرورة توافر العمد في ارتكاب الجريمة، وقد اتجهت إرادة الشخص إلى كتابة منشورات تمس في الذات الإلهية والدين الإسلامي ونشرها مع علمه بأركان الجريمة”.

ويثور هنا سؤال آخر هو: من له الحق في تحريك هذه الدعوى؟

والجواب أن الجريمة المشار إليها في المادة (19) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات تُعدّ من الدعاوى العمومية، وهي اختصاص أصيل للادعاء العام. وقد ألزم القانون كل من شهد أو علم بوقوع جريمة بإخطار الجهات المختصة، فمتى ما وصلت الجريمة إلى علم مأمور الضبط القضائي أصبح مُلزمَا بإخطار الادعاء العام الذي عليه واجب بالتحقيق في الجرائم محل الاتهام والتقرير بحفظها أو بإحالتها للمحكمة”.

ونختتم زاويتنا القانونية بقوله تعالى :” وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (66)

فالمشرع شدد على ضرورة الالتزام بالتعاليم الإسلامية وعدم المساس بها، وعدم التطاول على الذات الإلهية؛ لذا فإن إنزال العقوبات المشددة على مثل هذه الحالات يُعدُّ رادعا لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأخلاق أهل عمان الكرماء وسمعتهم، والذين كانوا سبّاقين في اعتناق الإسلام الحنيف ونشره.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت