عرض لمجموعة من صور الأعمال الإرهابية التقليدية

ينتهج الإرهاب في سبيل تحقيق أهدافه وأيا كان الشكل الذي يتخذه ، أساليب ووسائل معينة تتناسب إلى حد كبير مع طبيعة الأهداف المبتغاة ومع المنفذين للإرهاب ومع مسرح العمليات الإرهابية، وإذا كانت أشكال الإرهاب هي خارج نطاق الحصر فإن أساليب الإرهاب تستعصي هي الأخرى- بدرجة أكبر- على هذا الحصر ومن ثم سنقتصر على بيان الأساليب الغلبة منها على المستوى الدولي أو المستوى المحلي وسواء مارستها الدولة أو الأفراد مركزين على تلك الأساليب الأكثر شيوعا على كل من هذه المستويات مثل أعمال الخطف وأخذ الرهائن والهجمات بالتفجيرات على الأبرياء والاغتيال ، ومع الأخذ في الاعتبار أن كل وسيلة من هذه الوسائل يمكن استخدامها على المستوى الدولي أو المحلي ، كما يمكن أن تستخدمها الدولة كما يستخدمها الأفراد، وإن كانت الطريقة تختلف فالدولة قد لا تقوم بخطف طائرة ولكنها قد تقدم للمختطفين المأوى والسلاح والتمويل اللازم للقيام بالعملية، وهكذا سوف تقتصر هنا على تناول ثلاثة أساليب هي الأكثر انتشارا في العالم وذلك في ثلاثة فقرات على النحو التالي :

أ* عمليات الاختطاف .

يعتبر الخطف من الطرق الإرهابية التقليدية لتوفير أموال لدعم التنظيمات وقد أصبحت هذه الوسائل استراتيجية إرهابية مفضلة لجأت إليها معظم المنظمات منذ بداية موجة الإرهاب العالمية باندلاع حركة الشباب في فرنسا، والخطف قد يقع على وسائل النقل أو على الأشخاص كالتالي:

* خطف وسائل النقل :

يمارس الإرهاب الدولي هذا التكتيك على وسائل النقل الجوي والبحري بصفة خاصة حيث يقوم الإرهابيون باختطاف الطائرات والسفن. وقد اعتبر خطف الطائرات في العقود الأخيرة من القرن 19 والأولى من القرن 20 بديلا أكثر حدة وتأثيرا من خطف السفن البحيرة وتغيير مسارها في ما عرف بالقرصنة البحرية بعد تزايد أهمية النقل الجوي حتى أطلق على عمليات الاختطاف الجوي ” القرصنة الجوية” وان كان هذا لا يمنع من ظهور بعض صور الاعتداءات على السفن واختطافها مثل حادثة السفينة ” اكلي لاورو”وأسلوب اختطاف الطائرات تكتيك إرهابي تمارسه الجماعات الإرهابية أو الأفراد بقصد إحداث أكبر قدر من التأثير والدعاية لقضيتها الأمر الذي يلزم معه توافر شروط معينة في الدول التي يحدث فيها مثل هذه العمليات مما جعل بعض الدول لا تعرف هذه الجريمة إلا من خلال وسائل الإعلام . ولخطورة هذه فسنتناولها بشيء من التفصيل .

*اختطاف واحتجاز الأشخاص:

كانت البدايات لعمليات الاختطاف في القرن 12 الميلادي والتي أصبحت تكتيكا آخر من تكتيكات الإرهاب في العصر الحديث ويقصد به : أسر تهديد مجموعة من الأشخاص بهدف ممارسة الضغط على طرف ثالث وهي تتم إما لأهداف سياسية أو لطلب فدية.
وتتعرض الدول الكبرى عادة لهذا التكتيك الإرهابي ضد رعاياها في الخارج كما حدث في احتجاز الرهائن الأمريكيين في بيروت من جانب حزب الله الموالي لإيران بهدف التأثير على الخيارات الحكومية التي تكون محكومة بالتوقيعات المحتملة والتفصيلات.
وتتعدد آثار احتجاز الرهائن سواء بالنسبة للإرهابي من ناحية تحقيق أهدافه التي يسعى إليها، سياسية كانت أو شخصية أو عدم تحقيقها وانعكاس آثارها السيئة عليه، وكذلك بالنسبة للرأي العام حيث تصيبه عمليات الاحتجاز – كغيره من العمليات الإرهابية- بحالة من الفزع والخوف والترقب الشديد لما ستسفر عليه العملية، وبالنسبة للضحايا حيث يكون السير السيكولوجي للعملية عليهم ذا أبعاد متعددة و متناقضة في ذات الوقت فهم يشعرون بآلام والمحنة والصدمة ولكنهم قد يحاولون تفهم دوافع المختطفين بل والتعاطف معهم ومساعدتهم والمثال الشهير في ذلك هو ما يطلق عليه ظاهرة ستوكهولم التي حدثت سنة 1973.

ب – عمليات الاغتيال السياسي.

ظهرت كلمة” اغتيال” في بواكير الصليبيين والحروب الدينية وإن كانت الممارسات التي تتم بها قد وجدت قبل ذلك فقد اغتيل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان فالاغتيال إذن من أقدم إرهاب التي عرفها الإنسان ومع هذا لم تتبلور هذه الكلمة إلا على يد جماعة الحشاشين التابعة للطائفة الإسماعيلية والتي اشتقت من اسمها معنى الكلمة في اللغة الإنجليزية “Assassin ” وهي جماعة متطرفة قامت بمحاولات عديدة فاشلة لاغتيال صلاح الدين الأيوبي.
وإذا كانت عمليات الاغتيال السياسي الناجحة كثيرة فإن المحاولات الفاشلة لا تقع تحت حصر واغتيال الحكام يعد أشد صور العنف السياسي جسامة ليس فقط بالنظر إلى مكانة الضحية، ولكن لخطورة الظاهرة الإجرامية على حياة الذين يقدمون عليها ، ولقد كان للاغتيالات السياسية لأسباب دينية سبق الوجود في المجتمع الإنساني فقد ظهرت في أوروبا اغتيالات دينية جماعية يقدم عليها الحكام تجاه المحكومين وكان يشار إليها على أنها نوع من المجد في حق فاعليها ، بل إن القاتل السياسي أطلق عليه لقب النبيل أبان القرن 16،17 و 18 .وللاغتيالات بصفة عامة أسباب عديدة ومتنوعة تختلف تبعا للدوافع كما تختلف من حادث لآخر وهي عمليات ليست مقصورة على جنس أو شعب دون آخر ففي عام 1982 حدثت 46 عملية اغتيال في أماكن متفرقة من العالم شملت الأمريكيين وأوروبا الشرقية والغربية والشرق الأوسط وآسيا وتعتبر أوروبا الغربية من أكثر مناطق العالم في عدد حوادث العنف والاغتيال كما تعتبر ظاهرة الاغتيال من إحدى السمات الظاهرة في الولايات المتحدة الأمريكية كما شهدت مصر موجة من الاغتيالات السياسية .

فالإرهاب السياسي قد يستخدم الاغتيال كأحد أساليبه ، وليكن يجب أن يستهدف من ورائه بث الرعب و الفزع في نفوس القياديين السياسيين ليفهموا انهم لن يكونوا في مأمن من عملياته، والاغتيال أسلوب إرهابي تستخدمه الدولة والأفراد والجماعات على حد سواء فتقوم به الدولة من خلال تصفية عناصر المعارضة لها في الداخل والخارج ويرى البعض أن الاغتيال بالرغم من كونه وسيلة إلا أنه يتضمن بعض الخصائص المميزة التي تحول دون اندماجه تلقائيا في ظاهرة الإرهاب السياسي. ولا يمكن التنبأ مقدما بآثار الاغتيال السياسي ما بين الانعدام أو اشتعال حرب عالمية كبرى .

ج- عمليات التفجيرات.

عمليات التفجيرات وسيلة مفضلة للإرهابيين تتم بواسطة متفجرات أصبحت تستخدم الآن على نطاق واسع ويرجع ذلك لعدة أسباب منها :

* سهولة الاستخدام التي فضلا عن سهولة الحصول عليها .

*كفاءة الاستخدام التي تتضح من حيث الآثار الناجمة عنها والمتمثلة في حجم الخسائر المادية فضلا عما تحدثه من ردود فعل وتأثير في نفوس العامة وكذلك من حيث تحقيق أهدافها بدرجة عالية من الدقة .

*درجة الأمان الذي تتمتع به حيث يمكن استخدامها عن بعد عن طريق التحكم فيها بجهاز” ريمون كونترول” ولأجل ذلك أصبحت أسلوبا مشتركا بين المنظمات الإرهابية نتج عنها قتل العديد من الأفراد في المطارات والمقاهي والنوادي.
ولقد دفعت هذه الخطورة الولايات المتحدة الأمريكية إلى اقتراح معاهدة دولية تنظم التعاون الدولي في سبيل مكافحة هجمات التفجيرات الإرهابية في الأماكن العامة حيث لا توجد حتى الآن معاهدة خاصة في هذا الموضوع يمكن من خلالها إلزام الدول الأطراف بأن تحاكم أو تسلم مرتكبي الهجمات الإرهابية بالقنابل والتي ينتج عنها خسائر فادحة يمكن تبرير هذا الاقتراح بأن معظم الحوادث الإرهابية في أمريكا كانت هجمات بالقنابل بالإضافة إلى الأجهزة المتفجرة والغازات والقنابل الحارقة .