عرض قانوني لحقوق الانسان في لبنان

المواثيق الدولية

انضم لبنان إلى ست من اتفاقيات الأمم المتحدة الرئيسية السبع المعنية بحقوق الإنسان, وهي: “العهدان الدوليان الخاصان بالحقوق المدنية والسياسية, والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” (1972), و”اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” (1971), و”اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (1997)، و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” (2000), و”اتفاقية حقوق الطفل” (1991) كما انضم إلى “البروتوكولين الاختياريين لاتفاقية حقوق الطفل”, بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2002) وبيع الأطفال، واستغلال الأطفال في البغاء وفي المواد الإباحية (2001).

انضم لبنان كذلك إلى سبع من اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثماني المعنية بحقوق الإنسان, وهي: “الاتفاقية (98) بشأن حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية” (1977), و”الاتفاقيتان (29) و(105) المعنيتان بالقضاء على السخرة والعمل الإجباري” (1977), والاتفاقيتان (100) و(111) المعنيتان بالقضاء على التمييز في شغل الوظائف” (1977), و”الاتفاقيتان (138) و(182) المعنيتان بمنع استخدام الأطفال والقاصرين” (2003, 2001 على التوالي).

تحفظ لبنان على بعض أحكام الاتفاقيات التي انضم إليها, على النحو التالي:

– “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري”: المادة (22), التي تتعلق بطرق حل النزاعات بشأن تطبيق الاتفاقية أو تفسيرها، وترى أنه في كل نزاع تكون طرفاً فيه يلزم موافقة جميع الأطراف ذات الصلة حتى يمكن إحالته لمحكمة العدل الدولية.

– “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”: المادة (9 ف/2), التي تكفل المساواة بين النساء والرجال فيما يتعلق بجنسية أبنائهم. والمادة (16 ف/1), التي تلزم الدول الأطراف باتخاذ إجراءات مناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كل الأمور التي تتعلق بالزواج والعلاقات العائلية, حيث تحفظ بشأن الحق في اختيار اسم العائلة. والمادة (29 ف/1), التي تتعلق بطرق حل النزاعات بين الدول الأطراف في الاتفاقية بشأن تطبيق الاتفاقية أو تفسيرها.

المواثيق الإقليمية

أما بالنسبة للمواثيق الإقليمية، فقد وافق لبنان على “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام” الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990 وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج إلى تصديق، كما وقع على “الميثاق العربي لحقوق الإنسان/ المعدل” الذي اعتمدته القمة العربية في تونس في مايو/أيار 2004 لكن لم يصادق عليه بعد.

مؤسسات حقوق الإنسان

تتوافر في لبنان عدة أنماط من مؤسسات حقوق الإنسان ينتمي بعضها للهياكل الحكومية، وبعضها في الإطار البرلماني, فضلاً عن المنظمات غير الحكومية. ومن بين نماذج المستوى الأول، تأتي “اللجنة الوطنية لشئون المرأة اللبنانية” وقد أنشئت عام 1995 عملاً بقرارات المؤتمر العالمي الرابع للمرأة في بكين من أجل تطوير أوضاع المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.
وعلى المستوى البرلماني تأسست لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب, بهدف الدفاع عن حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة والخاصة وتعزيز ممارستها، وكذا إلغاء النصوص والأعراف التي تؤثر على المساواة بين اللبنانيين واللبنانيات, والتوفيق بين القوانين والأنظمة اللبنانية والاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

كما تتوافر في لبنان العديد من المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان، ويعمل بعضها باختصاص عام, مثل: “الجمعية اللبنانية لحقوق الإنسان” (1985)، ويختص بعضها بحقوق النساء, مثل: “اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة” (1993), أو حقوق الطفل, مثل: “الاتحاد اللبناني لرعاية الطفل” (1949), أو حقوق الفئات الخاصة, مثل: “الجمعية الوطنية لحقوق المعاق” (1988), كما يختص بعضها بقضايا معينة, مثل: “حركة حقوق الناس” (1989) التي تهتم بحرية الجمعيات والعمل المدني، و”الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات” (1996), التي تهتم بالانتخابات ومراقبة الانتخابات, ويختص بعضها بأوضاع الفلسطينيين فى لبنان ومخيمات اللاجئين, مثل: “المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان/حقوق” (1997), و”المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان/شاهد”.

إنجازات على طريق الحكم الرشيد

1- في مجال النهوض بحقوق المرأة, تم إنشاء هيئة وطنية للنهوض بشئون المرأة اللبنانية، وهيئة لمناهضة العنف ضد المرأة, وتم إجراء تعديل قانوني عام 1996 ألغى العذر المخل بجريمة الشرف، وآخر عام 1998 أصبح بموجبه التعليم مجانياً وإلزامياً في المرحلة الابتدائية، وتراجع معدل الأمية بين النساء، وارتفع معدل الالتحاق المدرسي للإناث. وتولت النساء حقائب وزارية لأول مرة في تاريخ لبنان فى حكومة الرئيس “كرامي” التي تشكلت في 26/10/2004، وشغلت المرأة لأول مرة أيضاً منصب المدعي العام بالنيابة في 10/11/2004, ونجحت النساء في مضاعفة عضويتهن في مجلس النواب من 3 نائبات إلى سبع في انتخابات 2005 لتصل نسبتهن إلى 7, 4% .

2- نجاح لبنان – رغم الظروف الصعبة التى واجهته- في إجراء الانتخابات النيابية في موعدهاً، وقد أجريت في ظل رقابة وطنية ودولية، وخلصت بعثة الاتحاد الأوربي إلى أن الانتخابات كانت حسنة التنظيم، لكن الإطار القانوني بحاجة إلى إصلاح شامل. كما رصد مراقبون دوليون عملية شراء أصوات.

3- أدت الانتخابات إلى وصول (61) نائباً جديداً للبرلمان الذي يتألف من (128) عضواً, وغياب وجوه وزعامات تاريخية عن عضويته، وتمكنت قوى المعارضة من الحصول على (72) مقعداً نيابياً, الأمر الذي أتاح لها أغلبية مطلقة تسمح لها بتشكيل الحكومة (كتلة الحريرى).

4- صدور قرار وزير العمل في 27/6/2005 الذي يسمح لللاجئين الفلسطينيين المولودين على الأراضي اللبنانية والمسجلين بشكل رسمي في سجلات وزارة الداخلية بالعمل في معظم المهن التي كانوا ممنوعين من ممارستها, والتي يبلغ عددها (73) مهنة، ولا يشمل القرار المهن الحرة مثل الطب والمحاماة التي تستوجب الانضمام إلى نقابات هي حكر على المواطنين.

5- قررت الحكومة اللبنانية في 8 أغسطس/ آب 2005 إلغاء القرار 60/1993 الذي كان يفرض الموافقة المسبقة لمجلس الوزراء قبل حصول أي جمعية على “علم وخبر” من وزارة الداخلية المقدم لوزارة الداخلية كي يصبح عمل الجمعيات له صفة قانونية.

6- انسحاب القوات السورية والوجود الاستخباراتي والأمني السوري من لبنان استجابة لقرار مجلس الأمن 1559 (2005)، بعد موجة عداء تجاه سوريا أطلقتها اتهامات قوي لبنانية ودولية لسوريا بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وكان وجود هذه القوات موضع جدل واستقطاب كبيرين بين القوى السياسية في لبنان.

7- نشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان لأول مرة منذ عقود، في إطار تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، وبسط سيادة الحكومة على جميع أراضي لبنان. وقد تم نشر الجيش بسلاسة في إطار توافق سياسي بين الأطراف المعنية.

الصعوبات والمعيقات

تتمثل أبرز الصعوبات فيما يلي:
1- إجراء تعديل دستوري في 3/9/2004 أتاح تمديد ولاية رئيس الجمهورية “إميل لحود” لمدة ثلاث سنوات إضافية تنتهي في 23/11/2007 بينما كان يفترض أن تنتهي في نوفمبر/تشرين ثان 2004، وبذلك أرجئت انتخابات رئاسة الجمهورية لحين انتهاء ولاية الرئيس لحود، في ظل انقسام سياسي وشعبي أفضى إلى تداعيات كبيرة على الساحة اللبنانية، لازالت البلاد تعاني منها.

2- العدوان الإسرائيلي على لبنان وتداعياته:
أ- شنت إسرائيل – كما هو معروف- حرباً مفتوحة على لبنان في 12 يوليو/تموز 2006 في أعقاب عملية عسكرية محدودة قام بها حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي، وأسر جنديين إسرائيليين. وقد أفضت الحرب، التي استمرت 33 يوماً عن مقتل 1180 من المدنيين (ثلثهم من الأطفال) وإصابة أكثر من 4000 من المدنيين، وتهجير نحو مليون مواطن لبناني، وتخريب البنية التحتية في الجنوب ومناطق عديدة أخرى في البلاد من محطات كهرباء، وجسور ومرافق أساسية ومساكن، فضلاً عن تلويث البيئة في بعض المناطق، واستهداف منشآت تاريخية.

ب- تباطأ مجلس الأمن في استصدار قرار وقف إطلاق النار، ولم يصدر القرار (1701) إلا في 11 أغسطس/أب 2006، وعكس طبيعة التوازن الدولي، ولبي جميع متطلبات إسرائيل أكثر مما لبي مطالب الحد الأدنى للبنان حيث دعا إلى وقف العمليات الحربية، لا إلى وقف إطلاق النار، ولم يدن العدوان الإسرائيلي وجرائمه وخاصة القصف الجوي للمدنيين. وتعرض القرار لانتقادات عديدة على الساحة العربية.

جـ- ارتكبت إسرائيل خلال حربها على لبنان انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، باستهداف المدنيين والمنشآت المدنية. وخرق قاعدة “التمييز” و”التناسب” واستخدام أسلحة ينطبق عليها قواعد التحريم الدولي، بغض النظر عن الجدل العقيم حول شروط الاستخدام مثل القنابل الفسفورية، أو عدم إدراجها على قوائم الحظر مثل القنابل العنقودية ويعد كثير من الاعتداءات التي اقترفتها القوات الإسرائيلية تجاه المدنيين جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية حيث أفضت إلى مذابح لا يمكن تبريرها في قانا ومروحين والبياضية والقاع والشباح وغيرها، ولن تستثن إسرائيل في اعتداءاتها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وقتلت بعضهم.

د- زار لبنان عدد من بعثات تقصي الحقائق من جانب أجهزة الأمم المتحدة، تمت إحداها من جانب بعثة للمقررين الخاصين (المقررون الخاصون بالقتل خارج القانون والإعدام التعسفي، والحق في الصحة، والحق في السكن، وممثل الأمين العام الخاص بحقوق النازحين) في الفترة من 7 – 10 سبتمبر/أيلول. ولحقتها البعثة بزيارة لإسرائيل في الفترة من 10 – 14 سبتمبر/أيلول. وقدمت تقريراً شاملاً حول النزاع وآثاره. كما زار لبنان لجنة تحقيق دولية بناء على قرار من مجلس حقوق الإنسان في الفترة من 23 سبتمبر/أيلول إلى 7 أكتوبر/تشرين أول، وقدمت بدورها تقريراً شاملاً. كذلك قام المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء بزيارة إلى لبنان، وقدم تقريراً عن هذه البعثة إلى مجلس الأمن تضمن ملاحظاته. هذا فضلاً عن أنشطة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة مثل منظمة اليونسيف، وفريق الأمم المتحدة المتعلق بالألغام.

3- استمرار تعرض البلاد لموجة من الإعمال الإرهابية، بلغت منذ أكتوبر 2004 وحتى مارس/آذار 2007 ستة عشر عملية، طالت العديد من الشخصيات العامة. واتسمت بالغموض وعجزت السلطات الأمنية عن كشف أبعادها، وإن كانت قد أجرت اعتقالات لبعض المشتبه فيهم. كما أعلنت عن كشف عملية تورط فيها جهاز الموساد الإسرائيلي، واعتقلت أحد عملائه. وتقدم بعثة الأمم المتحدة للتحقيق في قضية اغتيال الرئيس الحريري معونات فنية للسلطات اللبنانية في جهودها لكشف أبعاد هذه العمليات، كما يجرى فريق التحقيق الدولي تحقيقات بشأن الصلة المحتملة لهذه الحالات بقضية اغتيال الرئيس الحريري.