عرض قانوني لحقوق الانسان في قطر

المواثيق الدولية

صادقت قطر على أربعة من اتفاقيات الأمم المتحدة السبع الرئيسية المعنية بحقوق الإنسان, وهى: “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري” (1976), و”اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” (2000),”اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (2009) و”اتفاقية حقوق الطفل” (1995). وانضمت إلى “البروتوكولين الاختيارين الأول والثاني الملحقين باتفاقية حقوق الطفل” الخاصين باشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة (2002)، وبيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية (2001).

صادقت قطر كذلك على خمس من اتفاقيات منظمة العمل الدولية الثماني المعنية بحقوق الإنسان، وهي: “الاتفاقية رقم (29) المتعلقة بالعمل الإجباري” (1998), و”الاتفاقية رقم (111) بشأن منع التمييز في العمل وشغل الوظائف” (1976), و”الاتفاقية رقم (182) المتعلقة بأسوأ أشكال تشغيل الأطفال” (2000) والإتفاقية رقم (138) بشأن الحد الأدنى للسن (2006) والإتفاقية رقم (105) بشأن إلغاء العمل الإجباري (2007).

تحفظت قطر على عدد من أحكام الاتفاقيات التي انضمت إليها على النحو التالي:

– اتفاقية مناهضة التعذيب: تحفظ عام على أي تفسير لما ورد في أحكام الاتفاقية يتعارض مع مبادئ القانون الإسلامي والديانة الإسلامية. إضافة إلى اختصاصات اللجنة المنصوص عليها في المادتين (21، 22) من الاتفاقية.

– اتفاقية مناهضة التعذيب: تحفظ عام يتعلق بكل ما يتعارض مع كل أحكام القانون والدين الإسلامي، وكذا على المادتين (21) و(22) المتعلقتين بصلاحية لجنة مناهضة التعذيب.

– اتفاقية حقوق الطفل: سحب جزئي للتحفظ الذي أبدته دولة قطر على بعض النصوص التي تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية في اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989. وظلّ هذا التحفظ ساريا فقط ضمن النطاق المحدود في إطار أحكام المادتين (2) و (14) من الاتفاقية.

-اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة: المادة 2 (أ) لأنها تتعارض مع أحكام المادة 8 من الدستور. المادة 9 الفقرة 2، لأنها تتعارض مع قانون الجنسية القطرية. المادة 15 الفقرة 1، لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية. المادة 15 الفقرة 4، لمخالفتها أحكام قانون الأسرة والأعراف السائدة. المادة 16، الفقرة 1 (أ) و (ج) لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية. المادة 16، الفقرة 1 (و)، لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية وقانون الأسرة.

المواثيق الإقليمية

أما بالنسبة للمواثيق الإقليمية فقد وافقت قطر على “إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام”, الصادر عن مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية عام 1990، وهو وثيقة إرشادية لا تحتاج لتصديق. ووافقت أيضاً على “الميثاق العربي لحقوق الإنسان/المعدل”, الذي اعتمدته القمة العربية في تونس في مايو/أيار 2004, لكنها لم تصادق عليه شأن معظم الدول العربية.

مؤسسات حقوق الإنسان

تتوافر في قطر بعض المؤسسات الحكومية التي تعنى بحقوق الإنسان, كالمجلس الأعلى لشئون الأسرة، وإدارة حقوق الإنسان في كل من وزارتي الخارجية والداخلية.
كما توجد في قطر أيضاً مؤسسة وطنية, هي “اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان”, والتي أنشئت بموجب مرسوم أميري في 12 نوفمبر/تشرين ثان 2002؛ بهدف تحقيق الأهداف الواردة في الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة، ومراجعة التشريعات لبيان ملاءمتها لمبادئ حقوق الإنسان، والنظر في الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان واقتراح سبل معالجتها، ورصد ملاحظات المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان, ونشر ثقافة حقوق الإنسان. ويضم تشكيلها عدداً من الشخصيات العامة وبعض الوزراء.
ورغم ابتعادها عن معايير باريس، بثقل المكون الحكومي في تشكيلها، فقد أظهرت اللجنة جدية في تعاملها مع قضايا حقوق الإنسان, وتعرضت لقضايا حساسة على الساحة الوطنية، وعكست تقاريرها قراءة نقدية للتشريعات الوطنية التي لا تتلاءم مع المعايير الدولية وأوصت بتعديلها. وترفع اللجنة تقارير دورية للحكومة، كما تصدر تقريراً سنوياً، ولها موقع على شبكة الإنترنت. (www.nhrc.org.qa).

إنجازات على طريق الحكم الرشيد

1- إصدار دستور جديد في 8 يونيو/حزيران 2004 دخل حيز النفاذ في 7 يونيو/حزيران 2005 كفل جملة من الحقوق والحريات الأساسية وفي مقدمتها المساواة أمام القانون، وحظر التمييز، وعدم تقييد حرية الأشخاص إلا وفقاً لقانون، وأكد على ضمان الحريات العامة, وخاصة حرية الصحافة والتعبير وإنشاء الجمعيات ودور العبادة, وأرسى مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، كما تضمنت أحكامه إنشاء مجلس شورى منتخب يتكون من (45) عضواً يتم اختيار ثلثيهم بالانتخاب المباشر ويعين أمير البلاد الباقين.

2- إصدار قانون جديد للعقوبات (رقم 13 لسنة 2004)، وآخر للإجراءات الجنائية (رقم 23 لسنة 2004), يجرم الأول التعذيب ويغلظ العقوبة على مرتكبيه، ويؤكدان على حرمة الحياة الخاصة.

3- رفع الرقابة المباشرة عن الصحف، والاكتفاء بالرقابة الذاتية ابتداءً من العام 1995, وإلغاء وزارة الإعلام, والترخيص لقناة فضائية خاصة هي قناة الجزيرة التي أحدثت نقلة نوعية في الحريات الإعلامية على الساحة العربية, وتأسيس منابر ثابتة للحوارات الدولية حول “الديمقراطية والتجارة الحرة”، و “حوار الأديان”.

4- إصدار قانون جديد في مايو/أيار 2004 يسمح للمواطنين بحق تكوين وإنشاء الجمعيات المهنية، ويسمح لغير المواطنين بالانضمام لهذه الجمعيات المهنية, وإن كان لا يتيح لهم تشكيل جمعيات خاصة بهم وحدهم.

5- إصدار قانون جديد للعمل في 19/5/2004 يمنح العمال لأول مرة حق تكون تنظيمات عمالية، ويجيز للعمال الحق في الإضراب عن العمل في حال تعذر التسوية الودية مع أرباب العمل, عدا العاملين في المرافق الحيوية، وساوى القانون بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات.

6- إصدار قانون جديد في شهر نوفمبر/ تشرين ثان 2004 يجيز عقد الاجتماعات العامة وتنظيم المسيرات بترخيص مسبق من وزارة الداخلية. 7- مصادقة مجلس الشورى على مشروع قانون يحظر استخدام الأطفال في سباق الهجن ويفرض عقوبة على المخالفين بالسجن مدة شهر وغرامة مقدارها 6000 ريال, ويحدد السن الأدنى للمشاركين في السباقات بـ18 سنة.

الصعوبات والمعيقات

تتمثل أهم الصعوبات في مجال تعزيز احترام حقوق الإنسان في الآتي:

1- سياق مكافحة الإرهاب, حيث صدر القانون رقم 17 لسنة 2002 بشأن حماية المجتمع, الذي خول موظفي إنفاذ القانون سلطات واسعة في القبض والتحفظ لمدد طويلة دون التقيد بقانون الإجراءات الجنائية رقم 23 لسنة 2004، والقانون رقم 3 لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب الذي وسع من مفهوم الجريمة الإرهابية، وغلظ من عقوبتها إلى الإعدام في عدة حالات، وجاء بتدابير عقابية تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، والقانون رقم 28 لسنة 2002 الذي أثر على سرية الحسابات.

2- استمرار وجود حزمة من القوانين المقيدة للحريات العامة, وفي مقدمتها قانون المطبوعات والنشر رقم (8) لسنة 1979.

3- استمرار وجود العديد من مظاهر التمييز ضد المرأة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي, مثل عدم المساواة في الأجر المتمثل في العلاوات الممنوحة لموظفي الدولة, وعدم مساواة المرأة بالرجل في حق منح جنسيتها لزوجها الأجنبي وأولادها منه, وعدم إتاحة الفرصة أمام النساء للزواج من الأجنبي (المسلم), سواء من جانب التشريعات أو التقاليد, فضلاً عن قصور الأنظمة الإدارية والقوانين عن حماية المرأة من العنف والتمييز, وعمق التقاليد الاجتماعية المحافظة التي تعرقل حق النساء في المشاركة السياسية, والتي حالت دون انتخاب امرأة واحدة من الست اللاتي رشحن أنفسهن في الانتخابات البلدية التي أجريت عام 1999، بينما نجحت امرأة واحدة في انتخابات عام 2003 بالتزكية وليس بالانتخاب.

4- نقص الضمانات القانونية لحماية العمال الأجانب؛ حيث رصدت “اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان” حالات انتهاكات تتعلق بطول فترة التحقيق والمحاكمات التي قد تلحق بالعمال الأجانب أضراراً مادية، وحرمان عدد من الأجانب من جوازات السفر سواء من جانب الكفيل أو وزارة الداخلية، واحتجاز بعض العاملين الأجانب دون مسوغ قانوني, وفى بعض الحالات بناء على طلب الكفيل أو لمجرد وجود نزاع قضائي بين المحتجز الأجنبي والكفيل القطري.

5- ناقشت اللجنة الدولية لمناهضة التعذيب يومي 9 – 10 مايو/أيار تقرير قطر الأول عن تنفيذ الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، والذي كان من المقرر أن تقدمه قطر في 10 فبراير/شباط 2000 وقد أعربت اللجنة عن تقديرها لجهود الدولة لإصلاح نظامها القانوني والمؤسسي بينما أعربت عن قلقها من عدة أمور أهمها: تحفظات قطر الواسعة وغير المحدودة على اتفاقية مناهضة التعذيب، ونقص التعريف الشامل للتعذيب في القانون الوطني الذي يتلاءم مع المادة الأولى من الاتفاقية، بما في ذلك قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية، والتهديدات التي تحيق باستقلال القضاء الذي يضم نسبة كبيرة من الجنسيات الأجنبية طالما كانت أذون الإقامة تصدر عن السلطات الحكومية: وغياب النصوص القانونية التي تحظر طرد شخص إلى بلد أخرى قد يكون مهدداً فيه بالتعذيب، فضلاً عن عدم وجود نص في القانون الوطني يضمن اللجوء أو حماية اللاجئين، والغياب الظاهر لبرامج التدريب والتوعية بحظر التعذيب، وتقييد حق بعض المحتجزين في الاتصال بمحاميهم أو ذويهم، أو أطباء مستقلين، ومد فترة الاعتقال لعامين على نحو ما جاء في قانون حماية المجتمع، وعدم وجود نصوص قانونية تحمي النساء من العنف المنزلي، ورغم الحالات العديدة التي أثيرت عام 2005 فلم يعلن احتجاز أحد أو اتهامه. وقد أوصت اللجنة بتلافي هذه الثغرات، ودعت الحكومة للتصديق على البروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاقية.

6 – قامت المقررة الخاصة بحماية ضحايا الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال بزيارة لقطر استغرقت خمسة أيام، وأشارت في البيان الصادر في ختام زيارتها يوم 12/11/2001 إلى تقديرها لتعاون الحكومة، واللقاءات التي أجرتها مع المسئولين الرسميين، ومسئولي المنظمات غير الحكومية، وزيارتها لسجن الإبعاد، وأشارت إلى أن الحكومة أقرت بوجود المشكلة وأنها اتخذت إجراءات للتعامل معها، وتعد مسودة قانون لمكافحة الاتجار في البشر، وأنها سوف تتخذ إجراءات للتصديق على بروتوكول باليرمو لمنع وقمع الاتجار في البشر. لكن في الوقت نفسه لا يزال أمام الحكومة الكثير مما ينبغي أن تفعله لتطبيق التزامها الدولية، حيث يوجد العديد من الأشخاص بما فيهم نساء قدموا إلى قطر كعمال مهاجرين لكنهم وجدوا أنفسهم في موقع استغلال بعد وصولهم. وأوصت الحكومة بالسيطرة على شركات استقدام العمال بوضع تأمين مالي للامتثال للمعايير التي وضعها قانون العمل. كما أشارت أيضاً إلى وجود مشكلة إساءات بدنية وجنسية وعقلية يتعرض لها عمال مهاجرون. وخاصة بين عاملات الخدمة المنزلية اللاتي لا يشملهن قانون العمل بحمايته، كما أعربت المقررة الخاصة عن قلقها بوجه خاص من استجلاب شركات التشغيل فتيات قصر من الخارج للعمل بأوراق تُزيف أعمارهن الحقيقية.

البرامج المستقبلية

أما بالنسبة لأهم البرامج المستقبلية المتعلقة بتعزيز احترام حقوق الإنسان, فإنها تتمثل فيما يلي:

1- درس مجلس الوزراء – بناء على توصية من “اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان”- انضمام قطر لبعض الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

2- تستعد البلاد لإجراء أول انتخابات نيابية في تاريخها، كما أعلنت جهات عديدة عن برامج توعية بالانتخابات، وحفز المواطنين على المشاركة فيها.

3 – أعدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية القطرية مشروع قانون بشأن المستخدمين في المنازل ينظم العلاقة بينهم وبين الأسر التي تستخدمهم.

إصدارات حقوق الإنسان

كانت إصدارات حقوق الإنسان في قطر تتميز بالندرة وعدم الانتظام، لكن بدأت تأخذ طابعاً مختلفاً مع تأسيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان حيث تصدر اللجنة تقريراً سنوياً منذ تأسيسها (أصدرت تقريرين عن عامي 2004، 2005)، ومجلة متخصصة ربع سنوية بعنوان الصحيفة ابتداء من أبريل/نيسان 2006. وتتوافر مطبوعات اللجنة على موقعها الإلكتروني (www.nhre.org.qu). كذلك بدأ “مؤتمر قطر للديمقراطية والتجارة الحرة” الذي ينعقد سنوياً بانتظام منذ العام 2001 في إصدار كتب تتضمن أبحاثه ونتائج مداولاته منذ العام 2004.