أولاً : انواع الاعمال التجارية :

يقسم الفقه (1) عموماً الأعمال التجارية الى طوائف ثلاثة هي : الأعمال التجارية المطلقة أو بالطبيعة أو الأصلية ، Actes de Commerce Par nature ou absolu وهي الأعمال التي اعتبرها المشرع تجارية لذاتها Pareux – memes وأعمال تجارية حسب شكلها Par Leur forme وهي أعمال اكتسبت الصفة التجارية بسبب شكلها . وأعمال تجارية بالتبعية أو نسبية Accessoires ou relatifs وهي أعمال مدنية في الأصل بيد أنها تكتسب الصفة التجارية لصدورها من تاجر لحاجاته التجارية . وهناك من يضيف الى هذه الطوائف طائفة رابعة هي الأعمال التي تعد تجارية بالنسبة لطرف ومدنية بالنسبة لطرف آخر من أطراف العلاقة القانونية . هذا ويجمع الفقه المقارن على أن التعداد الذي أورده المشرع للأعمال التجارية في قوانين التجارة المختلفة لم يأت على سبيل الحصر بل على سبيل الدلالة والمثل . ولهذا لم يتوان الفقه أو القضاء عن إضافة أعمال تجارية أخرى الى ما ورد من تعداد لهذه الأعمال. ومن ملاحظة الأعمال التجارية التي سددها المشرع العراقي في قانون التجارة يتبين أن هذه الأعمال جاءت على سبيل الحصر وليس على سبيل الدلالة . وتوضح الأسباب الموجبة للقانون ذلك صراحة بالقول أن المشرع أقام : ” نظرية الأعمال التجارية على أساس من تعداد وارد على سبيل الحصر مراعياً في ذلك أن تشتمل على جميع الأعمال التجارية التي تقع في حدود التصور المعقول أخذا بالاعتبار حقائق الأوضاع التجارية والاقتصادية في القطر (2) .

ويمكن أن يضاف الى هذا التبرير في تقديرنا تبرير آخر هو أن المشرع العراقي يرى في قانون التجارة استثناء من القانون المدني والاستثناء لا يجوز ، كما هو مقرر التوسع فيه وفي أحكامه . ومع ذلك فإن الظاهر من متن النصوص القانونية هو أن المشرع نفسه لم يستطع حصر هذه الأعمال تماما فلو أمعنا النظر مثلا في نص الفقرة السابعة من المادة الخامسة من القانون التي تقرر ما يلي : ” خدمات مكاتب السياحة والفنادق والمطاعم ودور السينما والملاعب ودور العرض المختلفة الأخرى ” لظهر لنا جليا أن مصطلح ” دور العرض المختلفة الأخرى ” يعني أن من المستطاع إضافة أعمال تجارية أخرى مشابهة بالغاية والهدف للإعمال المذكورة في الفقرة المبينة آنفاً ويؤخذ بنفس الملاحظة بصدد ما ورد في الفقرتين الثانية عشرة والسادسة عشرة من المائدة الخامسة من القانون . الصياغة التي أفرغت بها هذه النصوص تسمح وعن طريق القياس إضافة أعمال تجارية لم يحددها المشرع بالذات . من ناحية أخرى ، فإن القانون ” لم يشأ أن يأخذ بنظرية العمل التجاري التبعي ” (3) . ولم يتعرض أيضاً للعمل التجاري المختلط . هذا إضافة الى أن التعداد القانوني يفتقد الترابط . إذ تتضمن المواد 5و6 أعمالاً يستند بعضها على نظرية المضاربة ” قصد الربح “…. .

________________________

1. انظر :

R. Houin et Rodiere: Cours elementaire de droit commercial. 4e ed. 1971 pp. 24-33.

A. Jauffret: manuel de droit Commercial. 15e ed. 1975 pp. 19-21.

F. lemeunier: Principes et Pratiques du droit commercial. 7ed. 1972 p. I ets.

J. Guyenot: Cours de droit commercial. 1968. P. 140.

R. Barrain: Droit commercial. 1973. P. 17.

G. Hamonic: cours de droit commercial. 3 ed. 1947. P 14.

G. Brulliard et D. Laroche: Principes de droit commercial 150. P. 9 et s.

ChLYon – Caen et L. Renault: op. cit. p. 115 et s.

Y. Escarra: op. cit. p. 119 et s.

Hamel et Lagarde: op. cit. p. 174 et s.

2. انظر :

R. Houin et R. Rodire: op. dit. P. 26 et s.

F. Lemeunier: op. cit. p. 5.

3. الأسباب الموجبة للقانون ص 137 .

ثانياً : أنواع الدفاتر التجارية :

وفقاً لمنطوق المادة الثانية عشرة من قانون التجارة على التاجر الذي لا يقل رأس ماله عن (30000) ثلاثين ألف دينار أن يمسك الدفاتر التي تستلزمها طبيعة تجارية وأهميتها بطريقة تكفل بيان مركزه المالي . وعليه في جميع الأحوال أن يمسك الدفترين الآتيين : –

1. دفتر اليومية .

2. دفتر الأستاذ .

وتلزم المادة السادسة عشرة من القانون التاجر بأن ” يحتفظ بصور طبق الأصل من الرسائل والبرقيات وغيرها من المحررات التي يرسلها أو يتسلمها والمتعلقة بتجارته . وعليه أن يحفظ هذه المحررات بطريقة منظمة وواضحة ” . يلاحظ من هذه الأحكام أن في إمكان التاجر إمساك ما يشاء من الدفاتر التجارية بيد أنه ملزم بنفس الوقت أن يكون لديه دفتران كحد أدنى عند ممارسة النشاط التجاري وعليه فيمكن القول أن الدفاتر التجارية على نوعين . دفاتر تجارية إلزامية ودفاتر تجارية اختيارية . ونعرض فيما يلي لكل نوع من هذه الأنواع :

أ- الدفاتر الإلزامية : Les livres obligatoires

الدفاتر التجارية الإلزامية ، بمقتضى نص المادة الثانية عشرة من قانون التجارة ، اثنان :

1. دفتر اليومية .

2. دفتر الاستاذ .

ويجب على التاجر حسب أحكام المادة السادسة عشرة ، أن يحتفظ بصور طبق الأصل من الرسائل والبرقيات وغيرها من المحررات التي يرسلها أو يتسلمها والمتعلقة بتجارته .

1. دفتر اليومية : Le livre Journal

يعتبر دفتر اليومية من أهم الدفاتر التجارية ويميز قانون التجارة بين دفتر لليومية : دفتر اليومية الأصلي ودفتر اليومية المساعد (1) . وتعرف المادة الثالثة عشرة دفتر اليومية الأصلي بأنه ذلك الدفتر الذي تدرج فيه : ” تفصيلاً ويوماً بيوم جميع العمليات التجارية التي يقوم بها التاجر وعلى التاجر الفرد بالإضافة الى ذلك أن يقيد في هذا الدفتر مسحوباته الشخصية يوماً بيوم ” . يتبين من هذا النص ان دفتر اليومية هو الأساس الذي تركز عليه جميع أعمال المشروع التجاري أو التاجر وأنه المحضر اليومي المفصل الذي يتضمن جميع الأعمال التي يقوم بها التاجر أثناء يومه التجاري . ويستخلص من النص المذكور أن دفتر اليومية الأصلي يجب أن يحتوي على القيود التالية :

1. جميع العمليات المالية التي يقوم بها التاجر يومياً وتفصيلاً . كبيان ما أشتراه وباعه أو قبله أو ظهره من الأوراق التجارية . وعموماً تدون في هذا الدفتر كافة العمليات التي باشرها في يومه .

2. جميع مسحوباته الشخصية كالمبالغ التي يقررها لحاجاته الخاصة ومعاشه أو كمرتب أو مبلغ ثابت … إلخ وتدون هذه المسحوبات بصورة تامة ويوماً بيوم والحكمة من هذا الاجراء تكمن في تبيان مدى أهمية هذه المسحوبات وحقيقتها وتأثيرها على التزامات المشروع التجاري وحقوق الغير (2). على أن قيد جميع العمليات التجارية التي تقع في يوم واحد في دفتر واحد قد يكون مدعاة للارتباك وبالذات في المنشآت الكبيرة التي تكثر فيها وتختلف هذه العمليات . وتلاقياً للارتباك أجاز القانون استعمال دفاتر يومية مساعدة بجانب دفتر اليومية الأصلي يختص كل واحد منها بتبيان تفصيلات الأنواع المختلفة من العمليات التجارية (3). كأن يوجد دفتر للمشتريات وآخر للمبيعات وثالث للصندوق وآخر لأوراق القبض وخامس لأوراق الدفع . وإذا تم مسك هذه الدفاتر فلا حاجة عندئذ الى قيد العمليات التجارية بالتفصيل في دفتر اليومية الأصلي إنما يكتفي بترحيل إجمالي هذه العمليات في دفتر اليومية الأصلي في مواعيد منتظمة . ويحدد القانون هذه المواعيد بفترة شهر أي شهرا فشهراً (4) . وإذا لم تتم عملية الترحيل هذه اعتبر كل دفتر مساعد دفتر يومية أصلي وبالتالي يجب أن تتبع فيه جميع الشروط التي يتطلبها القانون في تنظيم الدفاتر التجارية (5).

2. دفتر الأستاذ : grand livre

لا تقل أهمية هذا الدفتر عن أهمية دفتر اليومية وتبدو هذه الأهمية من خلال ما يجب أن يتضمنه تفاصيل قيود وبيانات إذ يلزم القانون أن يتضمن هذا الدفتر على تفاصيل البضاعة الموجودة لدى التاجر في نهاية السنة المالية أو بيان إجمالي عنها إذا كانت تفصيلات تلك الأموال واردة في دفاتر وقوائم مستقلة . وتعتبر تلك الدفاتر والقوائم لدفتر الأستاذ (6). ويجب أن يتضمن هذا الدفتر فوق ذلك صورة من الميزانية السنوية Bilan وحسابات الأرباح والخسائر ، أو ترفق به نسخة أو صورة منها (7). والميزانية عبارة عن جدول حسابي يوضح المركز المالي السلبي والإيجابي للمشروع التجاري أو التاجر في سنة مالية . ويتألف هذا بجدول من جانبين أحدهما لمفردات الأصول وهي الأموال الثابتة والمنقولة وحقوق التاجر قبل الغير والآخر لمفردات الخصوم يستخلص منه مقدار الديون التي على المشروع التجاري أو التاجر للغير علاوة على رأس المال بوصفه أول دين على الذمة . والواقع أن وجوب تحرير صورة من الميزانية في دفتر الأستاذ يستهدف تحقيق غرضين أساسين :-

الأول : تبيان مقدار رأس المال المستغل من قبل التاجر أو المشروع التجاري بصورة دقيقة وواضحة .

الثاني : تبيان الكيفية والأوجه التي استثمر فيها رأس المال ومقدار الاستثمار في سبيل تحقيق أغراض المشروع التجاري (8). دفتر الأستاذ إذن دفتر جرد عام يعطي صورة شاملة عن الأموال التجارية المتواجدة في نهاية السنة المالية ويوضح بنفس الوقت المركز المالي الفعلي للمشروع التجاري أو التاجر .

3. ملف صور المراسلات والوثائق Dossier des copies

تنص المادة السادسة عشرة من قانون التجارة أنه : على التاجر أن يحتفظ بصور طبق الأصل من الرسائل والبرقيات وغيرها من المحررات التي يرسلها أو يتسلمها والمتعلقة بتجارته . وعليه أن يحفظ هذه المحررات بطريقة منظمة وواضحة . يتبين من هذا النص أنه يجب على التاجر أن يمسك ” ملف ” Dossier أو ” فايل ” لحفظ صور كافة المستندات التي لها أهمية في تحديد علاقته بمن يتعامل معه تجارياً . ولهذا الملف أهمية خاصة في تأييد الأدلة المستمدة من الأرقام والبيانات المقيدة في الدفاتر التجارية بالمعنى الدقيق ويتعين تفسير ملف صور المراسلات بالمعنى الواسع أي أنه يجب أن يشمل جميع صور المستندات التي تتصل بالأعمال التجارية . ولا جدال في أن صور المستندات لها أهميتها من ناحية الإثبات عند تقديم المستندات والمراسلات الأصلية ومقارنتها بعضها ببعض ومقارنتها بالقيود الحسابية المدونة في الدفتر التجاري لإثبات الوقائع المتنازع عليها .

ب- الدفاتر الاختيارية : Les livers Facultatifs

ليس ثمة ما يحول في الواقع دون إمساك التاجر دفاتر أخرى غير ما ورد بيانها . فله كما أوضحنا وكما تقرر المادة الثانية عشر من قانون التجارة أن يتخذ ما يشاء من الدفاتر التي تستلزمها المعاملات التجارية عدا الدفاتر الإلزامية المقررة قانوناً وقد جرت العادة في الواقع التجاري باستعمال دفاتر اختيارية بجانب الدفاتر الإلزامية وأهم هذه الدفاتر هي :

1. دفتر المسودة : Liver Brouillard

يدون في هذا الدفتر جميع العمليات التي يقوم بها التاجر تمهيداً لنقلها بدقة وعناية الى دفتر اليومية بشيء من الاختصار .

2. دفتر الصندوق : Livre de coisse

وهو دفتر يدون فيه ما يدخل وما يخرج من الصندوق من مبالغ .

وبواسطته يمكن إثبات حركة النقود الصادرة والواردة وبالتالي التحقق من مقدار السيولة النقدية الموجودة لدى التاجر . ويستعمل هذا الدفتر بصورة خاصة في المؤسسات المصرفية التي تتوالى فيها عمليات الدفع والقبض .

3. دفتر الأوراق التجارية : Liver de traits et billets

ويسجل في هذا الدفتر جميع الأوراق التجارية المسحوبة على التاجر أو لأمر مع مواعيد استحقاقها .

4. دفتر المخزن :

يتعلق هذا الدفتر ببيان البضائع التي تدخل وتخرج من المحل التجاري . هذا وتجدر الإشارة الى أنه يجوز للتاجر أن يستعيض عن دفتر اليومية المساعد وعن دفتر المراسلات وصورها باستخدام الأجهزة التقنية والأساليب الحديثة المتطورة في تنظيم حسابته وبيان مركزه المالي (9) .

_____________

1 . انظر نص المادة الرابعة عشرة من قانون التجارة .

2. قارن مع نص المادة 32 ف2 من قانون التجارة الملغي التي كانت لا تلزم التاجر بتدوين المسحوبات الشخصية إلا شهراً فشهرا ، وذلك على أساس الاعتبارات الأدبية التي تقوم على عدم التعرض لحياة الفرد الخاصة والخوض في خصوصياته . وهذا التبرير قابل للنقاش في الواقع لكون الأمر يتعلق بمركز قانوني 3. انظر نص المادة الرابعة عشرة من قانون التجارة .

4. انظر الشطر الثاني من المادة الرابعة عشرة من قانون التجارة .

5. انظر الشطر الأخير من المادة الرابعة عشرة من قانون التجارة .

6. انظر نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة عشرة من قانون التجارة .

7. انظر نص الفقرة الثانية من المادة الخامسة عشرة من قانون التجارة .

8. انظر : شريف وحجازي وشحاته ، المحاسبة المالية وتنظيم الدفاتر التجارية ، 1955 ص 115 ، نقلاً عن د. محمد حسني عباس ، مصدر سابق ذكره ص 127 9 . انظر نص المادة التاسعة عشرة من قانون التجارة .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .