ظروف التشديد

الاستاذ خالد الكحلاوي

إن الجريمة قديمة قدم الإنسان ذاته، وعليه فالعقوبة ارتبطت بالجرم الذي يقترفه الفاعل . والجريمة ليست ظاهرة إنسانية عامة فحسب إنما هي ظاهرة طبيعية لأنها تتلازم مع الحياة حيث وجدت ولأن الجريمة تمثل عدوان فان اهتمام المجتمعات بأمرها وبأمر مرتكبيها قديم يرتد إلى التاريخ الذي وجدت فيه هذه المجتمعات [1].لذلك حاولت المجتمعات على مر العصور التصدي للجريمة من خلال تسليط عقوبات رادعة و متناسبة مع كل مخالف تسول له نفسه الخروج عن النظام الاجتماعي . ويعد القانون الجزائي القانون الكفيل بتوفير الحماية و الأمن والاستقرار للمجموعة الاجتماعية وذلك لما ينطوي عليه من عقوبات رادعة وزجرية لكل الأفعال الإجرامية .

والجريمة يمكن تعريفها بأنها تتمثل في سلوك إرادي يجريمه القانون ويقرر لفاعله عقوبة [2] ، كما عرفها بعض فقهاء علم الاجتماع هي كل سلوك جدير بالعقاب سوأ أعاقب الشارع الوضعي عليه أم لم يعاقب ويعني ذلك أن الجدارة بالعقاب هي ضابط الجريمة .[3]

لكن هناك رأي فقهي أخر جعل ضابط الجريمة الطبيعية أنها عدوان على الشعور الأخلاقي متوسط يسود في كل العصور و البلاد ويعني ذلك أنها عدوان على قدر أدنى من القيم الأخلاقية لا يتصور أن يتجرد منها مجتمع إنساني.

وقد عرف الدكتور محمود نجيب حسني الجريمة بكونها ” فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر له القانون عقوبة أو تدبير احترازي “[4]

ومن خلال هذا التعريف للجريمة يمكن القول أن الجريمة تستوجب توفر ثلاثة أركان لقيامها ،وهي الركن الشرعي و الركن المادي و الركن المعنوي وهذه الأركان الثلاثة التي تستوجبها قيام الجريمة كرستها جل التشاريع.

والمقصود بالركن الشرعي للجريمة هو أن يكون هناك نص قانوني سابق الوضع ينص على تجريم بعض الأفعال أي نص قانوني يأمر بعدم القيام بفعل معين أو يجرم عدم القيام به، والركن الشرعي للجريمة هو امتداد لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات . وقد كرس المشرع التونسي هذا المبدأ في الدستور بالفصل 13 الذي ينص ” العقوبة شخصية ولا تكون إلا مقتضى نص قانوني سابق الوضع عدا حالة النص الأرفق [5]

كما أن هذا المبدأ كرسه المشرع في الفصل الأول من المجلة الجزائية الذي نص “لا يعاقب أحد إلا بمقتضى نص من القانون سابق الوضع لكن إذا وضع قانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون سواه “[6].

ومن ثمة فان مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات يقتضى أن لا جريمة بدون نص سابق الوضع أي لا جريمة بدون نص قانوني نص عليها صراحة . فالقانون هو المصدر الوحيد لتحديد الجرائم و بتالي فانه لا يمكن مؤاخذة شخص عن فعل ما أو عن الامتناع عن القيام بعمل لم يجرمه القانون صراحة وذلك استنادا للقاعدة الأصولية القائلة أن الأصل في الأمور الإباحة وأن المنع أو التجريم هو خلاف للأصل [7].

ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات كرسته كل التشاريع الجنائية على غرار التشريع الفرنسي في الفصل 111-3 من المجلة الجنائية الجديدة[8] .

أما الركن الثاني للجريمة فهو الركن المادي فلا يمكن الحديث عن جريمة في صورة لم يرتكب فعل مادي ونعني بالفعل السلوك الإجرامي أيا كانت صورته سواء كان الفعل نشاط ايجابي أو امتناع عن القيام بفعل[9] وعليه فان قيام الجريمة يستوجب وجود نص قانوني سابق الوضع يجرم فعل معين ، وارتكاب فعل مادي مجرم سواء كان قيام بفعل أو الامتناع عن قيام بفعل حتى يتسنى الحديث عن جريمة .

أما الركن الثالث للجريمة فهو الركن المعنوي والركن المعنوي يفترض أن يكون مرتكب الفعل الإجرامي مسؤول عن فعله أي أن تكون له إرادة حرة وواعية ، فان انتفى عنها ذلك فلا تقوم المسؤولية الجنائية وعليه إذا توفرت في مرتكب الفعل الإجرامي موانع المسؤولية فانه يكون غير مسؤول عن فعله الإجرامي وموانع المسؤولية الجنائية يمكن أن تكون شخصية كصغر السن و الجنون والعته وقد تكون موضوعية كالإكراه [10] وهو ما كرسه الفص 38 من المجلة الجنائية الذي نص ” لا يعاقب من لم يتجاوز سنه الثالثة عشر عاما كاملة عند ارتكابه الجريمة أو كان فاقدا العقل “[11]

وتبعا لذلك فان العقاب لا يسلط إلا على الشخص المسؤول عن تصرفاته وأفعاله بصورة إرادية وواعية . ومن ثمة إذا تم تسليط عقاب على الأشخاص الغير مسؤولين جنائيا فانه يتعارض مع فلسفة العقوبة كجزاء يناله الجاني المدرك و المستوعب لخطورة فعله الإجرامي .

والعقوبة لغة هي الجزاء إذ ورد في لسان العرب لابن منظور ” اعتقب الرجل خيرا أو شرا بما صنع كافأه به . والعقاب و المعاقبة أن نجزي الرجل بما فعل سوءا ” واسم العقوبة ” وعقابه بذنبه معاقبته وعقابا أخذه به . وتعقب الرجل إذا أخذته بذنب كان منه “[12]

أما العقوبة في المفهوم الاصطلاحي القانوني هي “ما يحكم به على كل من يخالف الإحكام القانونية “[13]

وقد عرفها الدكتور محمود نجيب حسني ” بأنها إيلام مقصود يوقع من أجل الجريمة و يتناسب معها “[14]

و نستخلص من التعريفات السابقة للعقوبة على اختلافها أن العقوبة هي الألم و الأذى الذي يقع إلحاقه بالمجرم جزاءا له عما أحدثه بفعله الإجرامي من خلل داخل النظام الاجتماعي. فالعقوبة إذن هي تترجم حق المجموعة في التصدي للجاني وترميم الخلل الواقع من طرفه وحمله على عدم الرجوع إلى عالم الإجرام مرة ثانية ، وحمل من تسو له نفسه على ارتكاب فعل إجرامي عن العدول عنه وذلك حتى لا يناله الأذى و الألم المترتب عن العقوبة .

فالعقوبة إذن لها ثلاثة أهداف وهي الردع و الزجر و الإصلاح والمقصود بالإصلاح هي إصلاح المخالف وجعله شخص سوي و إعادة إدماجه من جديد في المجتمع بعد قضاء فترة العقوبة و ما قانون 2001 المتعلق بنظام السجون إلا دليل على الهدف الإصلاحي للعقوبة وذلك ما نص عليه الفصل 37 [15].

وقد شهدت العقوبة على مر العصور تطورات هامة ففي العصور القديمة تنوعت أصناف العقوبات في المجتمعات حسب طبيعة الجرائم و خطورتها ففي الجرائم البسيطة كان العقاب يتمثل في السخرية والتهكم[16]. أما إذا كانت الجريمة تكتسي صبغة خطيرة فالعقاب على ذلك الفعل يكون قاسيا ذو صبغة انتقامية ذلك أن المذنب كان يكبل في حجلات من حديد و يكلف بأعمال شاقة وحمل الأحجار و تكسير الصخور، كذلك طمس الأعين وقطع الأنف، كذلك عقوبة تقطيع الأطراف الأربعة و حرق اللسان بحديد ساخن [17].

وتترجم هذه القسوة في العقوبة في كونها وسيلة للانتقام من الجاني الذي اعتدى على غيره .

ثم مرت العقوبة من مرحلة الانتقام إلى مرحلة القصاص والقصاص هو أهم القيود التي قررتها الدولة للحد من علوا فكرة الانتقام ويقضي قانون القصاص ” العين بالعين والسن بالسن “ وتبعا لذلك فان القصاص يهدف إلى إقامة التوازن بين الفعل الصادر عن المجني عليه من جهة و بين جسامة الاعتداء الواقع من جهة أخرى [18].

ثم مرت العقوبة من مرحلة الانتقام إلى مرحلة التعويض الاتفاقي أو القانوني [19] وتمثل هذه المرحلة فترة جديدة لتطور العقوبة بحيث لم تعد العقوبة تقوم على الانتقام من الجاني ، إنما أضحت تقوم على التعويض وذلك من خلال دعوة السلطة الاجتماعية طرفي النزاع إلى التفاهم فيما بينهم عوض الاقتتال ويتم ذلك بدفع مبلغ من المال يعتبر تعويضا عن الضرر الذي يدفعه المعتدي إلى المجني عليه أو ذويه[20] . والتعويض عن الضرر الحاصل للمجني عليه كان اتفاقيا في البداية لأنه يخضع لإرادة الأطراف المتنازعة ثم أصبح قانونيا أي بتحديد من الدولة نفسها [21].

وفي مرحلة لاحقة اتسمت العقوبة بصبغة دينية حيث لعبت الديانة المسحية دورا كبيرا في التأثير على الفكر العقابي .ذلك أن الديانة المسحية غيرت من مضمون العقوبة حيث لم تعد العقوبة كما هو سائد في العصور القديمة تمثل تكفير والتكفير هو التضحية بالجاني لإرضاء الإلهة . إنما أصبحت العقوبة جزاءا عادلا يريد به الإله العادل محو الخطية و تطهير النفس و تمهيد الطريق أمامه للتوبة ومن ثمة فان الطابع الديني للعقوبة أدي إلى التخفيف من قسوة العقوبات السائدة وذلك بإلغاء بعض العقوبات المبالغ في شدتها و قسوتها على الجاني [22].

ولعب الدين الإسلامي الحنيف دورا كبيرا في بلورة مضمون العقوبة فالعقوبة في الإسلام كما هي في الديانة المسحية تتجه إلى العدالة وحماية الفضيلة و الأخلاق . وتبعا لذلك فهو يهدف إلي تحقيق العدالة من خلال أن تكون العقوبة متساوية مع الجريمة وآثارها [23] كما أن العقوبة في الإسلام أصبحت لها بعد منفعي مصلحي ذلك انه ما من حكم في الإسلام إلا كان فيه مصلحة للمجتمع إذ قال لله تعالى ” قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين “

كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “لا ضرر وضرار “ وعليه فالعقوبة في الدين الإسلامي أصبحت لها غايتان الأولى حماية الفضيلة وحماية المجتمع من انتشار الرذيلة فيه أما الغاية الثانية فهي المنفعة العامة أو المصلحة [24].

وقد قسم الفقهاء الجرائم في الشريعة الإسلامية تقسيما ثلاثيا يقوم على جرائم الحدود وجرائم القصاص و الدية وجرائم التعازير.

وجرائم الحدود وهي الأفعال المعاقب عليها بحدود و الحد هو العقوبة المقدرة حقا لله وتبعا لذلك ليس لها حد ادني و حد أقصى وهى حق لله تعلى لا يجوز إسقاطها لا من أفراد المجني عليهم ولا من الجماعة نفسها. وتبعا لذلك يمكن القول أن عقوبات جرائم الحدود مقدرة مسبقا من الله تعالى ولا يمكن للقاضي الاجتهاد فيها .

أما جرائم القصاص و الدية يقصد بها الجرائم التي يعاقب عليها بقصاص أو الدية وتشترك عقوبات القصاص والدية مع عقوبات الحدود بكونها محددة من الله تعالى وليس لها حد أدنى و لا حد أقصى لكنها تختلف عن جرائم الحدود لكونها حق للإفراد و بتالي يجوز العفو عنها من جانب المجني عليه أو وليه و بتالي إسقاط العقوبة المقررة علها . وعليه فان جرائم القصاص و الدية هي جرائم محددة من الله تعالى لكن يجوز إسقاطها و العفو عنها من المجني عليه أو وليه .

أما جرائم التعازير فتتمثل في جرائم غير منصوص على عقوبتها وليست محددة من الله تعالى مثل جرائم الحدود والقصاص و الدية [25] . و من ثمة يمكن القول أنه في جرائم الحدود والقصاص و الدية فان سلطة القاضي تكون مقيدة بينما يتمتع بسلطة تقديرية واسعة فيما يتعلق بجرائم التعازير .

وقد تطورت العقوبة بموجب تطور القوانين خاصة في العصر الحديث ويمكن القول أن التطور الحقيقي للقانون الجزائي كان إبان الثورة الفرنسية ذلك انه امتاز العهد السابق مباشرة على الثورة بنشاط فكري تناول أهم النظم الجنائية وامتاز كذلك بروح انتقادية عابت الأوضاع المستقرة في ذلك العهد [26] . وشهدت العقوبة تطور مع ثلاث مدارس فقهية .

المدرسة الأولى هي المدرسة التقليدية نشأة هذه المدرسة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر من أبرز مؤسسيها Feuerbach . Bentham .Baccaria وعابت هذه المدرسة على النظام الجنائي المستقر عيوبا تؤصل في أمرين وهما قسوة العقوبات و خضوعها للسلطة التقديرية للقاضي واستبداده. [27]

ونادت هذه المدرسة بأمرين أولهما التخفيف من قسوة العقوبات وإقرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات بما يستتبعه من قضاء على سلطة القاضي في التجريم و العقاب وحصرها في تطبيق نصوص القانون وإقرار المساواة بين من يرتكبون ذات الجريمة. [28] ومن ثمة فالمدرسة التقليدية كرست مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وجعل العقوبة متناسبة مع خطورة الجريمة وما تلحقه من ضرر بالمجتمع [29]. إلا أن المدرسة التقليدية وجهت لها عدة انتقادات من طرف مؤسسي المدرسة التقليدية الحديثة ويعتبر Guizot .Rossi من أبرز مؤسسيها وهذه المدرسة سعت إلي تعديل بعض الأفكار التي كرستها المدرسة التقليدية وجعل العقوبة تتناسب مع مبدأ العدالة دون إهمال مصلحة المجتمع [30] ، و من الأفكار الجديدة المتعلقة بالعقوبة التي كرستها المدرسة التقليدية الحديثة هي ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ظروف المجرم وعدم المبالغة في الاعتماد علي فكرة النفعية الاجتماعية عند تحديد العقوبات . وقد استطاعت هذه المدرسة أن تؤثر على المشرع الفرنسي بهذه الأفكار الجديدة حيث أنه منذ سنة 1832 اصدر عدة قوانين أدت إلى إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم السياسة والى تخفيف ملحوظ للعقاب بالنسبة للعديد من جرائم الحق العام [31] كما خفف المشرع الفرنسي من قسوة العقوبات فألغيت بعض العقوبات القاسية كقطع يد قاتل والده قبل تنفيذ الإعدام فيه [32] . إلا أن المدرسة التقليدية و المدرسة التقليدية الحديثة تعرضتا لانتقاد لاذع من المدرسة الوضعية هذه المدرسة التي نشأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر و يعتبر الفقيهين Lambroso. Ferri من أبرز مؤسسيها ويرى أنصار هذه المدرسة أن المدرستين التقليديتين اهتمتا بالجريمة أكثر من اهتمامها بالمجرم، لذلك لا بد من الاهتمام بالمجرم و شخصيته و الظروف التي تدفعه إلى ارتكاب الجريمة لان المجرم عندما يرتكب الجريمة فهو مدفوعا لارتكابها ولا يفعل ذلك بإرادته و اختياره [33]. لذلك أسست المدرسة الوضعية رأيها على فكرة الجبرية أي نفي الاختيار لدي الجاني والسبب في ذلك أن المذنب يكون مكرها على الإجرام امتثالا لما تمليه عليه غرائزه و حالته النفسية و كل ما يحيط به من ظروف خارجية [34]. وتبعا لذلك قسمت هذه المدرسة المجرمين إلى خمسة أصناف وهم المجرم بطبيعته أي مجرم بالفطرة الذي له مكونات عضوية ونفسية تدفعه حتما إلى الإجرام .

و المجرم بالعاطفة وهو المصاب بضعف يفقده السيطرة على تصرفاته مما يجعله يقدم على الجريمة دون تفكير .

والمجرم بالصدفة هو المجرم الذي تدفعه الظروف الخارجية للجريمة أي يكون غير معتاد أو مصر على الإجرام .

و المجرم المعتاد وهو المجرم الذي ارتكب الجريمة للأول مرة ثم اعتاد على الإجرام بسبب تأثير العوامل الاجتماعية المفسدة .

و المجرم المصاب بخلل في مداركه العقلية مما يجعله ناقص الإدراك والتميز فهو إذن مجرم معتل العقل .

وبعد تحديد المدرسة الوضعية أصناف المجرمين قامت بتحدد الإجراءات الواجب اتخاذها ضد كل صنف من أصناف المجرمين .

فالمجرم بالفطرة والمجرم المعتاد فلا أمل في إصلاحهما و الإجراء الذي يتخذ ضدهما هو استئصالهما من المجتمع ، وذلك إما بعقوبة الإعدام أو النفي المؤبد أو عقوبة الإقصاء . أما المجرم المختل عقليا يجب ادعاه في مستشفى الإمراض العقلية أو في مكان مخصص للمجرمين مختلي العقول . أما المجرم بالعاطفة أو المجرم بالصدفة فإنهما قابلان للإصلاح لذلك يجب أن يتمثل الإجراء المتخذ ضدهما في كل ما يكون مؤديا إلى إصلاحهما وتقويم سلوكهما كذلك الشأن بالنسبة للأطفال الجانحين نظرا لكون صغر سنهم يجعلهم قابلين للإصلاح [35] . إذن يمكن القول أن المدرسة الوضعية ساهمت بأفكارها الجديدة و الرائدة في نشأة علوم الإجرام و اعتماد فكرة التدابير الاحترازية كجزاء جزائي إلى جانب العقوبة الأصلية . إلا أن هذه المدرسة على الرغم ما نادت به من أفكار عقابية جديدة فإنها لم تؤثر في التشريع الجنائي المعاصر الذي بقي وفيا لأراء المدرسة التقليدية و المدرسة التقليدية الحديثة في أغلب القوانين الجنائية بما في ذلك القانون الجزائي التونسي.

القانون الجزائي التونسي كغيره من التشاريع المقارنة مر بعدة مراحل تاريخية أهما تطبيق التشريع الجنائي الإسلامي ابتداء من أواخر القرن السابع ميلادي إلى حد النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث وقع تكرس القانون الوضعي مكان التشريع الإسلامي ويتجسم ذلك في عهد الأمان الصادر سنة 1857 و الذي نص في فصله 27 على مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الذي تم الأخذ به مع ظهور أول مجموعة للقوانين سنة 1861[36] . كما وقع تقنين القانون الجزائي بموجب إصدار المجلة الجنائية سنة 1913 ودخلت حيز التنفيذ في غرة جويلية 1914 . وقد أقرت المجلة الجنائية أسوة بالمجلة الجنائية الفرنسية لسنة 1810اهم المبادئ التي دعت إليها المدارس الفقهية التي ظهرت في أروبا على غرار مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات و مبدأ المساواة في العقوبة ،وكذلك مبدأ شخصية العقوبة التي أقرها الفصل 13 من الدستور .[37]

وكل هذه المبادئ كرسها المشرع الجزائي للحد من السلطة التقديرية للقضاة عند توقيع العقاب و استبدادهم من جهة وصيانة كرامة الجاني من جهة أخرى . كما كرس المشرع التونسي مبدأ هام في القانون الجزائي وهو” مبدأ تفريد العقوبة” وهذا المبدأ يعني جعل العقاب المقرر للجريمة يتلائم وشخصية الجاني وخطورة الجريمة و النتائج المترتبة عنها . وتبعا لذلك فان المشرع أعطى للقاضي حرية في تكييف العقاب وبتالي تسليط العقاب على كل واقعة على حدة وحسب شخصية كل متهم وظروف كل واقعة على المجتمع . وعليه يمكن القول أن المشرع قطع مع نظام العقوبات الثابتة الذي لا يسمح للقاضي بمراعاة الفروق الموجودة بين الجناة[38] من خلال وجود ظروف تشديد وظروف تخفيف يجب على القاضي التقيد بها عند إصدار الحكم بالعقاب .

وحتى تكون العقوبة متلائمة مع شخصية المجرم و ظروف الجريمة والنتائج المترتبة عنها ، كرس المشرع التونسي في المجلة الجزائية وبعض القوانين الخاصة ظروف تخفيف للعقاب وظروف التخفيف يمكن أن تكون معفية من العقاب بصورة كلية أو النزول بالعقوبة من حدها الأقصى إلى حدها الأدنى أو التخفيف من الحدين معا .

كذلك يوجد تخفيف قانوني وتخفيف قضائي والتخفيف القانوني هو التخفيف الوجوبي الذي يقره القانون وعلى القاضي تطبيقه ومنها الأعذار القانونية المعفية من العقاب على غرار إعلام السلطة بالجريمة مثل الإعلام عن الجرائم ذات الصبغة السياسة [39]، وكذلك الجرائم الواقعة على عامة الناس فالإعلام عنها يعفي المخبر من العقاب [40] ،كذلك الجرائم الواقعة من الموظفين العموميين [41] كذلك يعفي القانون الجزائي من العقوبة حبس الأشخاص بدون موجب قانوني [42] وكذلك الرجوع في الشهادة زور [43] كذلك علاقة القرابة والزوجية سببا للإعفاء من العقاب [44] كذلك السرقة الواقعة من الأصول للفروع من الأسباب المعفية من العقاب [45] .إلى جانب ذلك هناك بعض القوانين الخاصة تعفي المجرم من العقاب على غرار الجريمة الإرهابية [46].

إلى جانب الأعذار القانونية المعفية من العقاب هناك أعذار قانونية مخففة للعقاب أقرها المشرع وهذه الأعذار يمكن أن تكون خاصة أو عامة و الأعذار الخاصة تتجسم في تمتع القاتلة بصفة الأم[47] كذلك الإخبار عن الجريمة الإرهابية [48] .

كذلك كرس المشرع الجزائي ظروف تخفيف عامة للعقاب وهي تمتع مرتكب الجريمة بصفة الحدث وهو ما نص عليه الفصل 43 من المجلة الجزائية والفصل 68 من مجلة حماية الطفل،إلي جانب الظروف المخففة القانونية كرس المشرع ظروف تخفيف قضائية أي اخضع تقدير العقاب للسلطة التقديرية للقاضي وهو ما ورد بالفصل 53 فقرة أولى ” إذا اقتضت ظروف الفعل الواقع لأجله التتبع ظهور ما يحمل على تخفيف العقاب وكان القانون غير مانع من ذلك فللمحكمة مع بيان تلك الظروف بحكمها إن تحط العقاب إلى ما دون أدناه القانوني بالنزول به درجة أو درجتين في سلم العقوبات الأصلية الواردة بالفصل 5 من هذه المجلة “

إلى جانب الظروف المخففة كرس المشرع ظروف مشددة للعقاب في المجلة الجزائية وبعض القوانين الخاصة ، وتشديد العقوبة المقصود به الترفيع في العقوبة في حدها الأقصى أو الأدنى للعقوبة أو في الحدين معا وذلك لتعلق ظرف أو أكثر من ظروف المتصلة بالجريمة أو شخص المجرم . وتجدر الإشارة إلى أن ظروف التشديد لما تمثله من خطر على حريات الأشخاص فانه يجب أن تكون هذه الظروف منصوص عليها بصورة مسبقة في نصوص جزائية وذلك عملا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .

وتبعا لذلك فان القاضي لا يمكنه تشديد العقوبة إلا إذا توفر ظرفا من الظروف المشددة التي نص عليها القانون الجزائي وعندها يكون القاضي مجبرا على تسليط العقوبة الأشد لكن هذا لا يعني أن القاضي يفقد سلطته التقديرية في خصوص مدى توفر ظروف تشديد من عدمها .

وخلافا للتشريع الوطني فانه ثمة بعض التشاريع تمكن القاضي الجزائي من ممارسة سلطة تقديرية واسعة في مجال تشديد العقاب إذ يوكل له أمر تطبيق الظروف المشددة من عدمه فهو اختياري بالنسبة له فله تشديد العقوبة أو عدم تشديدها تبعا لما يراه مناسبا على غرار القاضي الجزائي العراقي .

خلافا لذلك المشرع التونسي لم يكرس نظام التشديد الاختياري بل حدد ظروف تشديد العقوبة على الجاني بصورة مسبقة ومباشرة أو بصورة غير مباشرة وهو ما يعرف بظروف التشديد القضائية التي ترك للقاضي فيها حرية استخلاص وقائع الدعوى المطروحة لما له من سلطة تقديرية وذلك لان المشرع لا يمكن الإلمام بكل الظروف التي من شأنها تشديد العقاب .

شأنه شأن التشاريع المقارنة أقر المشرع ظروف تشديد عامة وظروف تشديد خاصة ، وظروف التشديد العامة هي التي تتعلق بكل الجرائم ويوجد في القانون الجزائي التونسي ظرف تشديد عام واحد ينطبق على كل الجرائم وهو الذي ورد بالقسم الثالث تحت عنوان “فيما يزيد الجرائم شدة “ وقد نصت الفصل 50 من نفس المجلة الجزائية على أن العود ظرف تشديد في العقاب على الجاني [49] . إلى جانب ذلك هناك بعض القوانين الخاصة نصت على العود كظرف تشديد للعقاب .أما الظروف الخاصة فهي ظروف تتعلق ببعض الجرائم التي نص عليها المشرع صراحة سواء في المجلة الجزائية أو في قوانين خاصة على غرار 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات وقانون 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم الجهود الدولي لمكافحة الإرهاب و منع غسل الأموال . والظروف الخاصة خلافا للظروف العامة إلى جانب تغليظ العقاب على الجاني تؤدى في بعض الأحيان إلى تغير الوصف القانوني للجريمة .

والظروف الخاصة تنقسم بدورها إلى قسمين منها ما هو شخصي ومنها ما عيني موضوعي والمقصود بالظروف الشخصية هي الظروف المرتبطة بالجانب الشخصي للجاني .

أما الظروف الموضوعية المقصود بها الظروف المتصلة بالجانب المادي للفعل الإجرامي ،وتبعا لذلك يمكن القول إن المشرع التونسي كرس في المجلة الجزائية وبعض القوانين الخاصة ظروف تشديد متنوعة ومتعددة .

إن موضوع الظروف المشددة في القانون الجزائي التونسي يكتسي أهمية نظرية وعملية هامة .

أما الأهمية النظرية تتمثل في اهتمام المشرع منذ صدور المجلة الجنائية 1913 بالعقاب من خلال التنقيحات المتتالية للمجلة الجزائية وذلك حتى يكون العقاب متناسب مع كرامة الجاني وحرمته الجسدية وهو ما نص عليه الفصل 13 من الدستور “كل فرد فقد حريته يعامل معاملة إنسانية في كنف احترام كرامته طبقا للشروط التي يضبطها القانون “[50]. وجعلها أي العقوبة متناسبة مع شخصية الجاني و جسامة الجريمة من جهة أخرى .ولعل ذلك ما يفسر تكريسه لمبدأ تفريد العقوبة أي أن تكون العقوبة متناسبة مع شخصية الجاني إن كان حدث أو مبتدأ أو معتاد على الإجرام [51] ،كذلك جعل العقوبة تتماشى مع جسامة وما تلحقه بالمجتمع من أضرار على غرار الاعتداء على امن الدولة والجرائم الإرهابية [52] .

وعليه فان المشرع اهتم بالعقوبة نظرا لما تتضمنه من أهداف ذات صبغة زجرية و ردعية و إصلاحية فهو وضع العقوبة وجعلها تتناسب مع شخص كل مجرم و جسامة الجريمة من خلال وضع حدين للعقوبة حد ادني وحد أقصي ،وخول للقاضي سلطة تقديرية في تسليط العقاب المناسب على الجاني لان المشرع ليس بإمكانه حصر كل الظروف التي تلحق بالجريمة التي تؤدي إلى تغليظ العقاب على الفاعل .

أما الأهمية العملية للظروف المشددة للعقاب تتجسم من خلال أن المشرع لم يكتف بوضع الخطوط الرئيسية التي يجب أن يسير عليها القاضي عند تقديره لهذه الظروف و العقوبة الملائمة للجاني وذلك بوضعه حدين للعقوبة .إنما نجده في بعض النصوص يحدد الظروف بصورة مسبقة التي تشدد العقاب على الجاني والظروف المشددة للعقاب التي كرسها المشرع هي ظروف متنوعة ومتعددة سواء داخل المجلة الجزائية أو خارجها . ولعل ذلك ما يدفعنا إلى التساؤل عن الأشكال التالي.

ما هي ظروف تشديد العقاب المكرسة في القانون الجزائي التونسي ؟

إن الظروف المشددة تنقسم إلى عدة أقسام بحسب الزاوية التي ينظر منها إليها . فمن حيث تعلقها بالركن المادي أو المعنوي للجريمة تنقسم إلى ظروف مادية و ظروف شخصية .فالظروف المشددة المادية تتعلق بالركن المادي للجريمة فتشمل ما يتصل بالسلوك الإجرامي و نتائجه.أما الظروف المشددة الشخصية فتتعلق بالجانب المعنوي للجريمة أو بالشخصية الإجرامية .

أما من حيث أثرها في تغيير نوع الجريمة، تنقسم إلى ظروف مؤثرة و ظروف غير مؤثرة .فالظروف المؤثرة هي الظروف التي تغيير وصف الجريمة من جنحة إلى جناية .أما الظروف الغير مؤثرة فهي التي لا يترتب عليها سوى زيادة في مقدار العقوبة دون تغيير نوعها .

كما أن الظروف المشددة للعقاب يمكن أن تكون متعلقة بشمولها عدد محدود من الجرائم أو غير محدود وهذا التقسيم هو الذي سنتناوله لأنه بالرجوع إلي النصوص الجزائية سواء داخل المجلة الجزائية أو خارجها نلاحظ أن المشرع كرس ظروف تشديد عامة تنطبق على كل الجرائم وهو العود .وظروف تشديد خاصة ينحصر نطاقها في جرائم معينة .لذلك سنعتمد المخطط التالي لمعالجة ظروف التشديد المكرسة في القانون الجزائي التونسي .

الجزء الأول: ظروف التشديد العامة

إن المشرع التونسي شانه شان اغلب التشاريع المقارنة جعل من العود ظرف مشدد عام وهوى ظرف عام لأنه ينطبق على جميع الجرائم لذلك سنتناول في الفصل الأول العود كظرف مشدد عام للعقاب و في الفصل الثاني أثار العود.

الفصل الأول: العود ظرف مشدد عام

من غير المنهجي الحديث عن شيء دونما تحديد مفهومه وهو ما يستدعى تحديد مفهوم العود على ضوء القانون الوطني والفقه وفقه القضاء التونسي،و تحديد شروطه .

المبحث الأول: مفهوم العود

تحديد مفهوم العود يستوجب الرجوع إلى التشريع الجزائي الوطني والفقه وفقه القضاء و تمييزه عن بقية المفاهيم المجاورة له

الفقرة الأولى: تعريف العود

العود لغة هو ثاني البدء وهو الرجوع إلى الشيء بعد البدء فيه ويكفى الرجوع للشيء مرة واحدة ليسمى الفعل عود و يسمى فاعله عائد[1]

كما إن لفظ العود تردد كثير في القرآن الكريم مثل قوله تعالى” والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ” سورة المجادلة أية عدد 4

كما ورد لفظ العود في السنة السمحاء إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم ” إن الله يحب النكل على النكل قيل و ما النكل على النكل قال الرجل القوى المجرب المدى المعيد على الفرس القوى المجرب المبتدى المعيد “[2]

أما علماء الإجرام فقد عرفوا العود بأنه حالة خطرة التي تظهر ثانية من خلال استئناف النشاط الإجرامي و ذلك بعد أن تم رصدها في الجريمة الأولى و ترد الحالة الخطرة للظهور إلى الوجود استعداد لدى الجاني [3] فالعائد في نظر علماء الإجرام هو المجرم الذي تكرر خروجه عن النظام والقواعد التي يقوم عليها المجتمع .

وقد عرف المشرع التونسي العود في الفصل 47 من المجلة الجزائية الوارد تحت عنوان فيما يزيد الجرائم شدة“يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل إن تمضى خمسة سنوات على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانوني و يكون الأجل عشرة سنوات إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق ” [4]

وقد وقع تعريف العود من طرف عديد الفقهاء على غرار tomas Didier

حالة الشخص الذي يرتكب جريمة جديدة بعد إن وقع إصدار حكم بات من اجل جريمة سابقة كلما توفرت فيه الشروط الأخرى المحددة قانونا [5].

كما عرفه الدكتور محمود زكى أبو عامر و سليمان عبد المنعم” حالة العود هي الحالة التي يكون فيها الجاني واحدا.وتتعدد جرائمه إذ فصل بينهما حكم بات بالإدانة ومن هنا فان المجرم العائد هو المجرم الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد الحكم عليه حكما باتا من اجل جريمة أخرى” [6] .

كما عرفه محمد عوض” انه ارتكاب شخص لجريمة ثانية بعد معاقبته من اجل جريمة أولى صدر فيها

صدر فيها حكما بات “[7].

كما عرفه الدكتور محمد على السالم عباد الحلبي” التكرار هو ارتكاب المتهم جريمة أو أكثر خلال مدة معينة. بعد إن حكم عليه سابقا بصورة قطعية من اجل جريمة متشابهة بحيث لم تردعه العقوبة عن العودة مرة أخرى لارتكاب نفس الجريمة “[8].

نتبين مما سبق إن كل التعريفات الفقهية سالفة الذكر تتفق في كون العود هو حالة الشخص الذي يرتكب جريمة أو أكثر بعد سبق صدور حكم بات عليه بالعقاب من اجل جريمة سابقة حسب شروط محددة قانونا

وفى نفس هذا السياق عرف فقه القضاء التونسي العود

“يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى خمسة أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه بمرور الزمن القانوني.وفى هذه الصورة لا يمكن أن يكون العقاب دون المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة “[9].

كما عرفته في قرار جزائي صادر عنها في 23 سبتمبر 1987.

“يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بمحب أخرى قبل أن تمضى خمسة أعوام على انقضاء العقاب الأول و بداية اجل اعتباره المحكوم ضده عائدا هي قضاؤه للعقاب لا صدور الحكم “[10].

و تبعا لذلك فان فقه القضاء التونسي يعرف العود انطلاقا من عنصرين أساسيين أولهما أن يكون الحكم المعتبر أساسا للعود باتا قد اتصل به القضاء ثانيهما أن يكون المتهم قد قضى العقاب الذي اقتضاه ذلك الحكم فعلا أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني.

فالعود إذن هو ظرف مشدد عام ينطبق على جميع الجرائم.كما إن تشديد العقاب على الجاني بسبب العود لا يرجع إلى جسامة جريمة العائد إذ أن الجريمة في مادياتها وما يترتب عليها من ضرر لا يختلف باختلاف ما إذا كان مرتكبها عائدا أو مبتدئا.إنما يرجع هذا التشديد ما تنم عنه شخصية الجاني من خطورة إجرامية بدليل إن العقوبة الأولى لم تكن كافية لردعه وعليه فهو اخطر من المجرم المبتدى.

ولئن كان العود ظرفا مشددا عام ينطبق على جميع الجرائم فانه يختلف عن بعض المفاهيم المجاورة له من حيث الشروط والآثار لذلك وجب تمييزه عنهم

الفقرة الثانية : تميز العود عن بعض المفاهيم المجاورة له

أ– العود و الاعتياد على الإجرام :

يتقاطع كل من العود والاعتياد على الإجرام أنهما يفترضان صدور حكم بات بالعقاب من اجل جريمة سابقة ثم اقتراف الجاني جريمة جديدة ،لكن هذا التماثل الظاهري بين العود والاعتياد على الإجرام سرعان ما يزول نتيجة وجود عدة فوارق بينهما .

أولهما إن المجرم المعتاد خلافا للمجرم العائد فالمجرم المعتاد ينم عن شخصية إجرامية خطيرة تتجسم من خلال تعدد أحكام الإدانة ضده من اجل تعدد الجرائم المتتالية .إذن الاعتياد على الإجرام هو المجرم الذي يدل عمله الإجرامي على استعداد نفسي دائم فطرى أو مكتسبا لارتكاب الجنايات .فالاعتياد على الإجرام يفترض التكرار وهو ما يبرهن على الخطورة الإجرامية لدى المجرم المعتاد و احتمال إقدامه على جريمة جديدة [11] كما إن المجرم العائد يكفى لردعه تشديد العقاب عليه بالترفيع في حد العقوبة الأصلية أما المجرم المعتاد نظرا لخطورة شخصيته الإجرامية فان التشديد في العقاب عليه قاصر على ردعه وهو ما يستوجب اتخاذ تدابير احترازية ضده كعقوبة تكميلية ضده على غرار الإقصاء ،وهى عقوبة اخذ بها المشرع التونسي لمقاومة اعتياد الإجرام في قانون 8 ديسمبر 1973 إذ ينص الفصل الثالث “يمكن الحكم بالاقصاء على المجرمين العائدين الذين قد استوجبوا في ظرف عشرة سنوات غير داخل فيها مدة قضاء العقاب المحاكمات المبينة بالفقرات التالية مهما كان ترتيبها “[12]

لذلك يمكن القول إن المجرم العائد اقل خطورة من المجرم المعتاد الذي اعتاد على ارتكاب الإجرام كما انه ينم عن شخصية إجرامية خطيرة .وتبعا لذلك فان الآلية الناجعة لها هي التدابير الاحترازية من خلال عقوبة الإقصاء لأنها تقصيه عن المجتمع وبتالي استئصال خطورته على المجتمع ،والعود كذلك يتميز عن التعود

ب تمييز العود عن التعود:

إن المقصود بالتعود على الإجرام هو الاعتياد الذي يستوجب ركنها المادي تكرار الفعل نفسه أكثر من مرة وذلك خلافا للجرائم البسيطة التي تقوم بمجرد ارتكاب فعل واحد مجرم سواء كان ذلك الفعل ايجابي أو سلبي ومن ثمة فان جرائم التعود لا تتكون إلا بالاعتياد على ارتكاب فعل ممنوع بدون أن يكون ارتكاب نفس الفعل مرة واحدة مجرم [13] ومن مظاهر التعود على الإجرام اعتياد تعاطي الطب بدون رخصة[14] وكذلك جريمة المشاركة في تخصيص محل سكنى المجرمين [15] وكذلك جريمة التعود على بيع العرض [16] .وعليه فان التعود يستوجب تكرار نفس الفعل أكثر من مرة ،ولئن كان العود و التعود يستوجبان التكرار فإنهما يختلفان جذريا من حيث الشروط والآثار.

من حيث الشروط فان جرائم التعود تقتضى تكرار نفس الفعل أكثر من مرة أما العود فانه يقوم بمجرد ارتكاب جريمة ثانية بعد معاقبته بموجب جريمة سابقة صدر فيها حكم بات.

كذلك العود لا يقوم إلا إذا صدر عن الجاني حكم بالعقاب بصورة باتة ثم ارتكب جريمة ثانية ،أما التعود على الإجرام فانه بمجرد تكرار نفس الفعل تقوم الجريمة أي لا يقتضى صدور حكم سابق بإدانة .

كذلك العود يستوجب لقيامها ارتكاب جريمة ثانية بعد معاقبته من اجل جريمة سابقة خلال مدة زمنية محددة يبتدئ احتسابها من تاريخ قضاء العقاب الأول أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني .أما التعود لا يبدأ سريان التقادم إلا من تاريخ اكتشاف أخر عمل مكون لجريمة التعود بقطع النظر عن المدة الفاصلة بين الأفعال المكونة للجريمة .

ويتجسم الاختلاف كذلك بين العود والتعود على الإجرام من خلال الآثار فالعود يمثل ظرف تشديد عام ففي صورة توفره فانه يؤدي إلى تشديد العقوبة على المجرم .أما التعود على الإجرام فهو لا يمثل ظرف تشديد للعقاب إنما يمثل ركن من أركان الجريمة أي تكرار نفس الفعل هو الذي يجعل الفعل المرتكب جريمة وهذه الاختلافات بين التعود والعود تبرز كذلك على مستوى العود وتوارد الجرائم .

ج- تمييز العود عن توارد الجرائم

يقصد بتوارد الجرائم ارتكاب نفس الشخص أكثر من جريمة بدون أن يفصل بينهما حكم نهائي صادر ضده عن إحدى هذه الجرائم [17] في حين العود يستوجب ارتكاب شخص جريمة ثانية بعد معاقبته بحكم بات من اجل جريمة سابقة ،ولئن كان كل من العود و توارد الجرائم يستوجبان تعدد الجرائم فان الأول يفصل بينهما حكم بات مما يجعل المجرم يخضع لأحكام العود الفصل 47 وما بعده من المجلة الجزائية[18] في حين حالة التوارد هي الحالة التي تتعدد فيها الجرائم دون أن يفصل بينهما حكم نهائيا على المجرم وبتالي يخضع المجرم لأحكام الفصل 54 وما بعده من المجلة الجزائية .وتبعا لذلك فان التوارد معناه قيام شخص واحد بارتكاب عدة جرائم متتالية بدون أن يفصل بين الجرائم المتعددة حكما باتا[19] .كذلك يختلف العود عن توارد الجرائم في كون العود يفترض توفر عنصرين أساسيين هما سبق صدور حكم بات على الجاني وارتكاب جريمة جديدة مستقلة تماما عن الأولى .في حين التوارد يتوفر كلما اقترفت عدة جرائم جديدة في نفس الوقت أو بصفة متواردة وبدون أن تكون هذه الجرائم مستقلة عن بعضها البعض وهو ما يسمى التوارد المثالي أو الصوري .والتوارد الصوري يتوفر عندما يتكون من الفعل الواحد إما عدة نتائج إجرامية أو عدة جرائم يمكن وصفها بصفات مختلفة ويكون التوارد أيضا مثاليا إذا وقع ارتكاب جرائم مختلفة لمقصد واحد وكان مرتبط بعضها ببعض[20] كما إن العود يتميز عن التوارد في كون العود ظرف مشدد للعقاب على المجرم من خلال الترفيع من العقوبة المقررة بالنص التجريمي للجريمة في حين توارد الجرائم يقع ضمها بعضها لبعض إذا كان المجرم بصدد توارد مثالي إذ يقع توقيع العقوبة لأشد جريمة [21] .أما التوارد المادي فانه يقع معاقبة الجاني لأجل كل جريمة بانفرادها إلا إذ قرر القاضي خلاف ذلك[22] .وبعد التعرض إلى مفهوم العود وتمييزه عن بعض المفاهيم القانونية المجاورة له فانه من الضروري التعرض إلى أنواع العود على مستوى القانون الجنائي المقارن و القانون الوطني.

الفقرة الثالثة: أنواع العود في القانون المقارن و القانون التونسي

لقد كرست أغلب التشاريع العود كظرف مشدد عام للعقاب ثم حددت أنواعه عود مؤبد ومؤقت عود عام وخاص عود بسيط وعود متكرر الذي كرسه القانون الفرنسي والمصري واللبناني .

أنواع العود المكرسة في القانون المقارن
1 – العود المؤبد

العود المؤبد يعنى إن المتهم يعتبر عائدا أيان كان الزمن الفاصل بين الحكم السابق والجريمة الثانية بمعنى أن العنصر الزمني على انقضاء العقوبة الأولى ليس له أي أهمية في العود المؤبد .وقد أخذ المشرع الفرنسي بالية العود والمصري واللبناني بمبدأ العود المؤبد إذا كان الحكم السابق قضى بجناية[23] ،ويمكن أن نلاحظ تكريس المشرع الفرنسي والمصري للعود المؤبد فيه هدر لحقوق الجناة لان العود المؤبد يجعل مرتكب الجريمة السابقة مهدد بآلية العود كظرف تشديد عام للعقاب في صورة العود إلى الجريمة الثانية مهما كانت المدة الفاصلة بين الجريمة الأولى والثانية

2– العود المؤقت

العود المؤقت يعنى ارتكاب المجرم جريمة ثانية خلال مدة زمنية تحتسب من تاريخ قضاء العقاب الأول أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن ،فإذا كان ارتكابها بعد مضي هذه المدة فلا يعتبر بذلك العود محققا وقد كرسته اغلب تشاريع العالم على غرار المشرع الفرنسي في الفصل 132-8 [24]،والقانون المصري في الفصل 49 الفقرة الثانية والثالثة من قانون العقوبات [25]

3 – العود العام والعود الخاص

العود العام نقصد به عدم اشتراط التماثل و التشابه بين الجريمة الجديدة والجريمة السابقة ،وتبعا لذلك فالعود العام هو أن يحكم على الشخص نهائيا بعقوبة في جريمة ثم يرتكب جريمة أخرى بعد ذلك مهما كانت الجريمة في نوعها وطبيعتها لنوع وطبيعة الجريمة التي صدر عنها العود المعتبر سابقة في العود [26] وقد اخذ المشرع الفرنسي و المصري والمغريبى بنظام العود العام [27] ومن ثمة العود العام لا يستوجب التماثل و التشابه في الجريمة اللاحقة للجريمة السابقة والعكس صحيحا و بتالي فهو خلافا للعود الخاص .

أما العود الخاص هو أن يحكم على الشخص نهائيا بعقوبة في جريمة ثم يرتكب جريمة أخرى بعد ذلك مماثلة من ناحية نوعها وطبيعتها للجريمة الأولى التي صدر فيها حكم المعتبر سابقة .وعليه فالعود الخاص يتطلب درجة من التماثل والتشابه بين الجريمتين السابقة واللاحقة [28] ،ونلاحظ أن العود الخاص يدل على خطورة الجاني وميله نحو الاعتياد على الإجرام أكثر من العود العام وقد اخذ المشرع الفرنسي بالعود الخاص[29] كما كرسه المشرع المصري في الفصل 49 من قانون العقوبات” كل من حكم عليه لجناية أو جنحة بالحبس مدة اقل من سنة أو بالغارمة وثبت انه ارتكب جنحة مماثلة للجريمة الأولى قبل مضى خمس سنين من تاريخ الحم المذكور “.

كما كرس المشرع والمغريبى العود الخاص في الفصلان 157 و 158 من القانون الجنائي المغريبى [30] فما هي أنواع العود المكرسة في القانون التونسي.

ب- أنواع العود المكرسة في القانون التونسي

1 العود العام

بالرجوع إلى أحكام الفصل 47 من المجلة الجزائية نلحظ أن المشرع التونسي اقر العود العام إذ ينص الفصل سالف الذكر “ يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى خمسة أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانون ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن مدة عشرة أعوام فما فوق”[31]وتبعا لذلك فان المشرع لم يشترط التماثل والتشابه بين الجريمتين الأولى والثانية كأن تكو الأولى جنحة والثانية جنحة ،كما انه لم يشترط أن تكون الجريمتين من نفس النوع كأن تكون الجريمة الأولى التي وقع معاقبة الجاني من اجلها سرقة موصوفة والجريمة اللاحقة لها كذلك سرقة موصوفة [32] لذلك يكفى لقيام حالة العود العام ارتكاب الجاني جريمة ثانية بعد معاقبته بموجب جريمة سابقة وصدر عليه حكم بالعقاب بات وهو ما كرسته محكمة التعقيب في عديد القرارات الجزائية على غرار القرار التعقيبي الجزائي عدد 15397 مؤرخ في 8 فيفرى 1986[33] “لا يعتبر عائدا إلا إذا ارتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى “

2 العود الخاص:

العود الخاص يستوجب التماثل والتشابه بين الجريمتين السابقة واللاحقة وبالرجوع إلى المجلة الجزائية نلاحظ أن المشرع كرس العود الخاص في الجرائم الغير قصديه بالفصل 217و 225 من م.ج حيث استوجب بالفصل 48 من المجلة سالفة الذكر التماثل والتشابه في نوع الجريمتين [34]، كذلك اقر المشرع التماثل في الجريمتين في جرائم السكر المتكرر بالفصل 52 من م.ج ،كما كرس المشرع العود الخاص في مجلات و نصوص خاصة اقتضى فيها التماثل بين الجريمة السابقة واللاحقة للاعتداد بالعود .

3 العود المؤقت:

لقد اعتمد المشرع التونسي العود المؤقت في جميع الجرائم مهما كان نوعها أو صنفها إذ انه استوجب لقيام حالة العود ارتكاب الجاني لجريمة ثانية بعد عقابه بموجب أخرى خلال فترة زمنية محددة ينطلق احتسابها من تاريخ انقضاء العقوبة أو إسقاطها أو سقوطها بمرور الزمن القانوني وهذه المدة نص عليها الفصل 47 وهى خمسة سنوات أو عشرة سنوات فما فوق إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق، وذلك ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها المؤرخ في 22 نوفمبر 2001 “يعد عائدا من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن يمضى 5 أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه بمرور الزمن القانوني ويكون الأجل 10 أعوام إذا كانت الجر يمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة 10اعوام فما فوق [35]

فالمشرع خلافا للمشرع المصري الذي كرس العود المؤبد و هو ما يجعل المتهم في حالة عود دائما أي يعتبر المجرم عائدا مهما كان الزمن الفاصل بين الحكم السابق بالعقاب والجريمة الثانية [36]. وهذه الآلية في التشديد لا تتماشى وحقوق الأفراد لان مثل هذا العود يجعل الشخص مهدد بتشديد العقاب عليه مهما كانت المدة الزمنية الفاصلة بين الجريمة الأولى والثانية .وبذلك يكون المشرع التونسي قد خطى خطوة إلى الأمام نحو تدعيم حقوق الجناة ،لكن مقابل ذلك خطى خطوة إلى الوراء لأنه حدد ميدان تطبيق العود على الأشخاص الطبيعيين دون الذوات المعنوية و هو ما يمثل ثغرة في القانون الجزائي التونسي .

لذلك ندعو المشرع التونسي إلى مراجعة هذه الثغرة من خلال تعميم العود على كل من الأشخاص الطبيعيين و الأشخاص الاعتبارين مادام الشخص المعنوي له أهلية الوجوب للتمتع بالحقوق وتحمل الواجبات على غرار المشرع الفرنسي الذي اقر المسؤولية الجزائية الذات المعنوية صلب المجلة الجزائية الجديدة [37] .

نستشف مما سبق إن المشرع التونسي كرس العود العام بصورة عامة والعود الخاص في حالات محددة وفى نصوص خاصة ،كما اخذ بالعود المؤقت دون المؤبد خلافا لبعض القوانين المقارنة بعدما تعرضنا إلى مفهوم العود وتمييزه عن بعض المفاهيم المجاورة له وتم التطرق إلى أنواعه في القانون المقارن والقانون التونسي نتساءل عن شروط قيام العود.

المبحث الثاني : شروط قيام العود العام

انطلاقا من الفصل 47 من مجلة الجزائية نلاحظ أن العود يستوجب لقيامه ثلاثة أركان أساسية أولهما صدور حكم سابق بالعقاب على الجاني ثانيهما ارتكاب الجاني جريمة جديدة و ثالثهما اقتراف الجريمة الجديدة خلال مدة زمنية محددة.

الفقرة الأولى: صدور حكم سابق بالعقاب

العود كظرف عام مشدد للعقاب يقتضى صدور حكم سابق بالعقاب على المجرم وهذا الحكم السابق يجب أن تتوفر فيه الشروط الآتية.

أ الحكم السابق متعلق بجنحة أو جناية

للاعتداد بالعود كظرف مشدد عام للعقاب على المجرم يجب أن يكون الجاني قد ارتكب في السابق جناية أو جنحة ووقعت معاقبته على هذا الأساس القانوني، وتبعا لذلك فان العقاب السابق الصادر على الجاني لا يؤخذ بعين الاعتبار إلا إذا كان متعلق بجناية أو جنحة وهو ما نص عليه الفصل 48 من المجلة الجزائية “لا يعتبر في تقدير العود :

أولا العقوبات المنصوص عليها بالكتاب الثالث من هذه المجلة ”

ومن خلال هذا النص القانوني نستشف إذا كان الحكم السابق بالعقاب من اجل مخالفة ثم ارتكب فيما بعد جريمة جديدة تتمثل في جناية أو حتى جنحة فانه لا يعتبر عائدا [38]. ومن ثمة فلا يعتد بالمخلفات في مجال تطبيق العود فالعود يقتضى إذن أن يكون الجاني عوقب سابقا من اجل جنحة أو جناية وليس من اجل مخالفة وذلك ما أقرته محكمة التعقيب [39]. واشتراط صدور حكم سابق على المتهم من اجل جناية أو جنحة كرسه كل من المشرع المصري في الفصل 49 من قانون العقوبات ،والمشرع والمغريبى في الفصول 154 -155-156- 157 من المجلة الجنائية[40] والمشرع الفرنسي في المجلة الجزائية الجديدة[41] إذن الجاني لا يكون في حالة عود إلا إذا كان قد سبق صدور حكم بالإدانة عليه من اجل جناية أو جنحة [42] ،ومن ثمة فالحكم الصادر من اجل مخالفة لا يعتد به كسابقة في العود وذلك لسبب ضآلة الأضرار المترتبة على المخالفات من ناحية وعدم تسجيل هذه العقوبات في صحيفة السجل العدلي مما يجعل إثبات العود صعبا من ناحية أخرى [43] وكذلك لا يعتد بها في تحرير العود العقوبات التكميلية، بمعنى انه إذا كان العقاب السابق على الجاني عقاب تكملي على غرار المراقبة الإدارية ومنع الإقامة وغيره من العقوبات التكميلية الواردة بالفصل 5 من المجلة الجزائية دون عقوبة أصلية تتعلق بجناية أو جنحة لا يمكن اعتبار المجرم معيدا إذا ارتكب جريمة جديدة [44]

ب – صدور حكم بالعقاب على الجاني:

كذلك لا يعد عائدا الشخص الذي صدر عليه حكم بعدم سماع الدعوى وذلك لسبب واقعي أو قانوني على غرار وجود مانع من موانع المسؤولية كالجنون على معنى الفصل 37 أو صغر السن أو بسبب الإباحة القانونية على غرار الدفاع الشرعي على معنى الفصول 39. 40 من المجلة الجزائية أو الترخيص الصادر من القانون أو السلطة التي لها النظر .وعليه فان الحكم البات السابق على الجاني يجب أن يكون متعلق بعقوبة أصلية وعلة هذا الشرط أن العقوبة هي وسيلة الإنذار فإذا لم يقض الحكم بعقوبة فمعنى ذلك انه لم يوجه للمجرم إنذار سابق فلا يكون للعود محل [45] .كذلك الأحكام الصادرة على الحدث لايعتد بها كأساس للعود سواء كانت الحكم السابق على الحدث من اجل جناية أو جنحة [46] أو كان الحكم السابق على الحدث الجانح تدبير احترازي كتسليم الطفل إلى والديه أو إلى مقدمه أو إلى الشخص الحاضن له أو إلى شخص يوثق به أو وضعه بمؤسسة أو بمحل عمومي أو خاص معد للتربية أو التكوين الصناعي ومؤهل لهذا الغرض أو وضعه بمحل طبي تربوي مؤهل لهذا الغرض. كذلك الحكم الصادر بالحرية المحروسة وكل التدابير الإصلاحية الصادرة ضد الحدث التي لها صبغة تقويمية إصلاحية للحدث لا عقابية لان إرادة المشرع تجاه الطفل الجانح تكرس بالأساس إلى الإصلاح و الحماية لا إلى الانتقام و الزجر وذلك ما يفسر أبعاد هذا القانون من مجلة الجزائية التي تعتني كما معلوم بالجرائم و العقوبات [47]. كذلك لا يعتد بالحكم السابق في العود إذا تضمن عقاب تأديبي والسبب في ذلك إن العقوبات التأديبية ليست ذات سمية عامة ويقتصر الحق في العقاب عليها على الهيئة الاجتماعية و الطائفة التي ينتمي إليها خلافا للجرائم الجنائية التي تمثل اعتداء على المجتمع بجميع أفراده و تكشف عن نزعة إجرامية تتعلق بمقاومتها المصلحة العامة[48].

ج – صدور الحكم عن محكمة تونسية

كذلك من الشروط الأساسية التي يجب أن تتوفر في الحكم السابق على الجاني أن يكون صادرا عن محكمة جزائية تونسية وذلك عملا بمدا إقليمية النص الجزائي [49] ، ومبدأ إقليمية النص من مظاهره عدم الاعتراف بالإحكام الأجنبية الجنائية بقوة أو اثر خارج الإقليم الذي صدرت فيه وذلك احتراما لمبدأ السيادة مادامت الإحكام الجنائية تعبر عن سلطة الدولة التي تصدر عنها فهي كالقوانين تسند إليها صفة أمرة تتجلى فيها سيادة الدولة ومحاولة تعدية أثرها خارج الإقليم الذي صدرت فيه يمس سيادة الدولة الأجنبية و يحد من سلطانها.

كذلك عدم الاعتداد بالحكم الأجنبي كأساس للعود يجد أساسه في الاختلافات المتباينة في تشريعات الدول ،إذ إن بعض النظم العقابية تنفرد بأنواع من المؤسسات قد لا تكون متوفرة في غيرها مما يجعل العقوبات المقررة بحكم أجنبي غير صالحة التطبيق في غيرها من البلاد .

كذلك عدم الأخذ بالإحكام الأجنبية كأساس للعود هو عدم الثقة في التنصيصات القضائية الموجودة في الدول الأخرى خاصة عدم توافر ضمانات قضائية جدية تحمى المتهم من التحكم أو تخل بحقه في الدفاع مما يجعل كل دولة تحترز في الاعتراف بآثار الحكم الأجنبي .كذلك لما كانت قواعد قانون العقوبات تراعى الظروف الخاصة بكل دولة ويستهدف بها حماية المصلح المعتبرة فيها، لذلك فان هذه القواعد لا تعنى إلا الدولة التي تصدر فيها و عليه لا يجوز أن تتعدى غيرها من الدول [50] .

و الإقرار بالحكم السابق بالعقاب لا يعتد به كأساس للعود إلا إذا كان صادر عن هيئة قضائية وطنية وقع نقده من طرف الفقهاء ضرورة اعتماد الإحكام الأجنبية كسابقة للعود إذ أن الأحكام الصادرة عن دولة أجنبية مثلها مثل الإحكام الوطنية تدل عل الخطورة الإجرامية لدى الجاني و هو ما يستوجب تشديد العقاب عليه حتى يرتدع إذ أن خطورة الجاني لا تنحصر فقط في الأفعال الإجرامية المقترفة على نفس الإقليم بل توسيع الجاني في نشاطه الإجرامي خارج الإقليم يبرهن على خطورته الإجرامية البالغة .وعليه فان حصر تحرير العود على الأحكام الصادرة عن القضاء الوطني لا يتماشى و الحماية الدولية ذلك أن المجرمين قد اصطبغوا بصفة دولية وصاروا لا يعرفون حدود على غرار الجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة عبر الوطنية .

وتبعا لذلك ندعو المشرع للنسج على منوال المشرع الايطالي الذي يأخذ بأحكام الأجنبية كأساس للعود وهو ما نص عليه الفصل 12 من قانون العقوبات الايطالي والفصل29 من قانون العقوبات اللبناني بشرط أن يكون صادر بشأن فعل موصوف في القانون اللبناني بوصف الجناية أو الجنحة [51] . كما أن الحكم السابق بالعقاب على المجرم من اجل جريمة الصادر عن هيئة قضائية تونسية يمكن أن يكون صادر عن محكمة جزائية عادية أو استثنائية بل يعتد به حتى ولو كان صادر عن محكمة مدنية في إطار جرائم الجلسات [52]. وهنا نتساءل هل أن الحكم السابق الصادر على المحكمة عسكرية يعتد به في تحرير العود أجاب مشرعنا على هذا السؤال في الفصل 48 من المجلة الجزائية

“لا يعتبر في تقدير العود

–العقوبات المحكوم بها من المحاكم العسكرية ما لم تكن مسببة عن جرائم حق عام”

نلاحظ من خلال هذا النص أن المشرع وضع مبدأ واستثناء

المبدأ هو عدم الأخذ بالأحكام العسكرية السابقة في تقدير العود إذا كان هذا الحكم السابق صادر من اجل جرائم عسكرية، سواء وقع ارتكابها من طرف عسكري أو غير عسكري وذلك مثل التجند لصالح العدو الفصل 123 من م م ع ع [53] وتبعا لذلك فان الأحكام السابقة الصادرة عن المحاكم العسكرية ذات الصبغة العسكرية لا يعتد بها في تقدير العود[54] وهو ما أقرته محكمة التعقيب في عديد القرارات الجزائية على غرار القرار المؤرخ في 30افريل 1998 “اقتضى الفصل 48 من المجلة الجزائية أن العقوبات المحكوم بها من المحاكم العسكرية لا يعتد بها في تطبيق قواعد العود ” [55] .كما أن عدم الاعتداد بالأحكام العسكرية السابقة الصادرة على الجاني إذا كانت ذات صبغة عسكرية اقرها عديد الفقهاء [56] .إلا انه إذا كان الحكم الصادر عن محكمة عسكرية من اجل جريمة حق عام سابقة من صنف الجنح أو الجنايات فان هذا العقاب يعتد به في تحرير العود أي انه يجعل المتهم المرتكب الجريمة الجديدة عائدا على معنى الفصل 47 من م ج وهو ما أقره المشرع في الفصل 48 من نفس المجلة سالفة الذكر ” لا يعتبر في تقدير العود :

أولا –العقوبات المنصوص عليها بالكتاب الثالث من هذه المجلة

ثانيا –العقوبات المحكوم بها من المحاكم العسكرية ما لم تكن مسببة عن جرائم حق عام “[57]

وبناءا على ذلك فان الحكم الأول الصادر عن الجاني بالعقاب إذا كان من اجل جرائم عسكرية فلا يعتد بها في تقدير العود .أما إذا كان الحكم السابق الصادر عن محكمة عسكرية من اجل جريمة حق عام كأن تكون الجريمة السابقة التي ارتكبها الجاني سرقة موصوفة أو مجردة أو جريمة قتل عمدا فانه يعتد بها في العود ومن هذا المنطلق فان العود يكون له محل في التطبيق طالما وجد حكم صادر ضده عن محكمة عادية.

د – أن يكون الحكم أحرز قوة اتصال القضاء:

وبالإضافة إلى الشروط المتصلة بالعقوبة موضوع الحكم و المحكمة المختصة بإصداره فان العقوبة السابقة في حد ذاتها تستوجب أن تتوفر فيها بعض الشروط ،وتبعا لذلك فان العقوبة الصادرة على الجاني لا يعتد بها كسابقة للعود إلا إذا تحققت فيها شرطان أساسيان .

*أولهما أن تكون العقوبة السابقة صدر في شأنها حكم بات و الحكم البات هو الذي يحرز على قوة اتصال القضاء باستنفاذ كل الطرق العادية وغير العادية كالطعن بالتعقيب أو بانقضاء اجل الطعن وعليه فان الحكم البات هو الذي استقر قضاء وأصبح غير قابل للإلغاء وهو ما أقرته محكمة التعقيب في العديد من القرارات التعقبية على غرار 28 جوان 1989“من المعلوم والمسلم به فقها وقضاء وعملا أن العود لا يعتبر قانونا إلا إذا أحرز الحكم الأول المتخذ أساسا في حساب العود على قوة ما اتصل به القضاء قبل ارتكاب الجريمة الثانية ضرورة انه من الجائز أن العقوبة الأولى لم يقع قضائها أو الحكم الذي قررها مازال عرضة للطعن بمختلف الأوجه الواردة بمجلة الإجراءات الجزائية “ [58] . وضرورة أن يكون الحكم الصادر بالعقاب على الجاني أن يكون باتا للأخذ به كسابقة للعود كرسه المشرع الفرنسي في المجلة الجنائية الجديدة في الفصول 132-8 132-9 132-10 كما كرسه المشرع المصري بالفصل 49 من قانون العقوبات والمشرع والمغريبى في الفصل 154 من المجلة الجنائية المغربية كما اقره المشرع الأردني بالفصلين 101. 102 من قانون العقوبات .

نتحصحص من ضرورة أن يكون الحكم السابق بات حتى يعتد به في تقدير العود هو تحقق معنى الإنذار المؤثر على نفسية المجرم. وتبعا لذلك فانه لاعتبار الجاني عائدا هو ارتكاب جريمة سابقة ومعاقبته من اجلها بحكم أصبح بات ثم ارتكاب جريمة جديدة خلال مدة زمنية محددة [59]. وعليه فان العود لا يقوم إلا إذا ارتكب المجرم جريمته الجديدة قبل أن يصبح الحكم السابق باتا سواء أثناء ميعاد الطعن أو أثناء نظره وذلك بسبب قابلية هذا الحكم للإلغاء من محكمة التعقيب [60] ,على إن الصبغة الباتة للحكم يجب أن تكون تحققت على أقصى تقدير في اليوم الذي اقترفت فيه الجريمة الثانية وفى غير هذه الصورة فإننا نكون إزاء حالة توارد الجرائم المنصوص عليها بالفصول من 54الى 58 من المجلة الجزائية، لان حالة التوارد هي التي يرتكب فيها الشخص عدة جرام دون أن يفصل بينهما حكم بات بمعنى انه عند ارتكاب شخص جريمة وحكم من اجلها ثم قبل أن يستنفد الحكم السابق جميع وسائل الطعن في هذا الحكم اقترف الجاني جريمة جديدة فان كلتا الجريمتين تكونان خاضعتين لقواعد التوارد وليس للقواعد العود [61] . كذلك ليكون هنالك عود لا يكفى أن يصدر على الجاني حكم سابق بالعقاب و يكون بات من اجل جنحة أو جناية، بل يجب أن يكون قد تعلق هذا الحكم بجريمة سابقة مثلا إذا ارتكب الجاني جريمتين وصدر عليه أولا حكم بات بالعقاب من اجل الجريمة الثانية ثم أحيل في ما بعد على المحاكمة من اجل ارتكابه للجريمة الأولى فانه في نطاق هذه المحاكمة لا يعتبر عائدا لأن الحكم السابق بالعقاب كان من اجل ارتكابه لجريمة لاحقة للجريمة التي أحيل من اجليها على المحاكمة الجزائية وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرار صادر عنها في 12جوان 1983 ” المتهم الذي ارتكب جريمتين في أوقات مختلفة ووقعت محاكمته في الثانية قبل الأولى لا يقال فيه عائدا ولا يعامل معاملة العائد ولا يحرم من الانتفاع بأحكام الفصل 53 من المجلة الجزائية “[62] .

والحكم السابق الصادر بالعقاب على الجاني من اجل جنحة أو جريمة لا يحوز على قوة اتصال القضاء إلا بعد استيفاء جميع وسائل الطعن العادية كالاستئناف و الاعتراض ووسائل الطعن الغير عادية كالتعقيب أو فوات أجال الطعن و هذه الآجال تختلف بحسب ما إذا كان الحكم حضوريا أو حضوريا بالاعتبار أو غيابا

بالنسبة للأحكام الحضورية فإنها لا تصبح باتة إلا بعد انقضاء اجل الاستئناف أو اجل التعقيب بحسب كان ما إذا الحكم ابتدائيا أو استئنافيا وهذه الآجال 10 أيام بالنسبة للمذنب و 60 يوما بالنسبة النيابة العمومية وينطلق[63] سريان الأجل من تاريخ صدور الحكم.

بالنسبة للأحكام الحضورية بالاعتبار فانه لا يحرز على قوة ما اتصل به القضاء إلا بعد انقضاء اجل الطعن بالاستئناف أو بالتعقيب الخاص بالنيابة العمومية 60 يوما و اجل الطعن الخاص بالمحكوم عليه وهو 10 أيام من تاريخ بالحكم وهو ما نص عليه الفصل 213 من مجلة الإجراءات الجزائية.

أما بالنسبة للأحكام الغيابية فانه يجب التميز بين ما إذا كان الحكم بلغ شخصيا للمحكوم عليه أو لا ،فإذا تم الإعلام مباشرة لشخص المحكوم عليه فان الحكم لا يحرز على قوة اتصال القضاء إلا بعد انقضاء آجال الاعتراض وهو10 من تاريخ الإعلام إذا كان المحكوم عليه قاطنا بتونس وشهرا إذا كان المحكوم عليه قاطنا خارج البلاد وهو ما نص عليه الفصل 175 من م. ا. ج. و تضاف إليها عشرة أيام اجل الطعن بالاستئناف الذي نص عليه الفصل 213 من م. ا. ج. بحيث يصبح مجموع الآجال 20يوما إذا كان المحكوم مقيم بالبلاد أما إذا كان مقيما بالخارج فان الآجال 40 يوما.

أما في صورة عدم بلوغ الحكم للمحكوم عليه شخصيا فان الطعن بالاعتراض يبقى مقبولا إلى حين سقوط الزمن القانوني إلا إذا وقعت أعمال تنفيذ ضد المحكوم عليه خلال مدة السقوط .

ه- أن يكون الجاني قضى العقاب:

من الشروط الأساسية المتعلقة بالحكم السابق الصادر بالعقاب على الجاني أن يكون الجاني قضى العقاب الأول وهو ما اقره المشرع في الفصل 47 [64] من م ا ج . وتبعا لذلك فان العقوبة الغير نافذة أي المؤجلة لا يقع الأخذ بها في تقدير العود .إذن الحكم البات الصادر بالعقاب على الجاني يجب أن يتضمن عقوبة نافذة على المجرم غير مؤجلة و العقوبة المؤجلة هي العقوبة التي يقع تعليق تنفيذها خلال مدة محددة أي إسعاف الجاني بعدم قضاء العقوبة بشرط عدم الرجوع إلى الجريمة من جديد ،وشرط قضاء الجاني للعقاب الأول أقرته محكمة التعقيب في العديد من قراراتها الجزائية على غرار القرار المؤرخ في 22 نوفمبر 2001 “يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى 5أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانوني ويكون الأجل 10اعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة 10أعوام فما فوق “ [65] كما نصت في قرار جزائي سابق صادر عنها سنة 23 فيفري 1983 على شرط قضاء الجاني العقاب المحكوم به عليه في الجريمة السابقة “من شروط العود قضاء العقاب الأول فالمحكوم عليه سابقا بعقاب مؤجل وارتكب جريمة أخرى استوجب من اجلها العقاب لا يقال فيه عائدا ولا يعامل معاملة المعيد بل يعامل معاملة المبتدئ و يسعف بظروف التخفيف ولا خرق من ذلك الفصل 47 والفقرة الحادية عشر من الفصل 53 م ج “[66].

ولقد بررت محكمة التعقيب ضرورة قضاء الجاني العقاب الأول بالاعتماد على الفصل 47 من م ج ،حيث اعتبرت أن صريح عباراته تقتضى أن لا يعتبر المحكوم عليه عائدا إلا إذا قضى الجاني العقاب المحكوم به عليه سابقا قبل ارتكاب الجريمة الثانية . وتبعا لذلك فانه يجب أن تكون العقوبة السابقة المحكوم بها على الجاني عقوبة نافدة وغير مؤجلة .لذلك إذا كان الحكم السابق على المجرم يتضمن عقاب مؤجل فانه إذا ارتكب جريمة لاحقة لا يعد عائدا ، ويمكن أن نفسر ذلك أن تأجيل التنفيذ يؤدى إلى تعليق العقوبة وعدم تنفيذها بينما المشرع في الفصل 47 من المجلة الجزائية يشترط صراحة أن يكون الجاني قضى العقاب بصفة فعلية وان يكون العقاب المحكوم به عليه عجز عن ردعه مما يستوجب تشديد العقاب الثاني عليه حتى يرتدع ولا سيما أن العقوبة من أهم أهدفها إلى جانب الإصلاح و الزجر الردع . وبمقارنة التشريع التونسي بالتشريع المقارن نلاحظ أن مشرعنا يختلف مع التشريع المصري واللبناني و الفرنسي ذلك أن هذه التشريعات سالفة الذكر لم تشترط ضرورة قضاء الجاني العقوبة الأولى المحكوم عليه بها عليه إنما يكفى لاعتباره عائدا صدور حكم بات بالعقاب عليه و لا فرق بين أن يكون الجاني قضى العقاب أم لم يقضيه [67]. بمعنى أن الحكم المجرد يحقق معنى الإنذار إذ كان واجبا على المحكوم عليه احترامه و التأثر به إلى الحد الذي يجعله يكف عن الإجرام وتطبيقا لذلك فان العود يتوفر إذا ارتكب المتهم جريمته التالية عقب الحكم البات وقبل البدء في تنفيذ العقوبة التي قضى بها أو أثناء خضوعه لتنفيذها بل يعتبر عائدا ولو كان لم يخضع لتنفيذ العقوبة إطلاقا سواء لتقاعس سلطات التنفيذ أو لهربه سواء كان قبل أن يستكمل التقادم مدته أو بعد اكتمال مدته وسقوط العقوبة به [68] بل أن أحكام العود تطبق ولو أمر الحكم بوقف تنفيذ العقوبة على الجاني .

و- الحكم السابق قائما:

كذلك من شروط الحكم السابق بالعقاب على الجاني أن يكون قائما إلى حين ارتكاب الجريمة الثانية ،ذلك انه لا يصدق على المجرم المرتكب للجريمة التالية انه لم يرتدع بالحكم السابق إلا إذا كان ذلك الحكم لا يزال قائما إذ يكون بذلك متجاهلا للإنذار الصادر عنه . أما إذا كان قد زال من الوجود القانوني فانه لا وجه لان ينسب إليه تجاهله ويزول الحكم بالعفو العام وقد نص عليه المشرع بالفصل 376 .377 من مجلة الإجراءات الجزائية حسب المجلة سالفة الذكر يمحو الصفة الإجرامية عن الفعل المرتكب [69] وتبعا لذلك فان العفو العام يجعل الحكم لا يصلح عندئذ سابقة في العود ولا يعتبر قائما وقت ارتكاب بالجريمة الجديدة [70] وتبعا لذلك فالعفو العام يحذف صفة الإجرامية عن الفعل المرتكب وبتالي تنقضي جميع الآثار المرتبة عليه فلا تنفذ العقوبة و لا تعد سابقة في تقدير العود وتحذف من بطاقة السابق العدلية للمحكوم عليه [71] ،ومن هنا فان زوال الحكم بموجب العفو العام لا يمكن الأخذ به كأساس للعود في صورة ارتكاب المحكوم عليه جريمة جديدة .بل يعتبر مبتديئا ويسعف بظروف التخفيف المنصوص عليها بالفصل 53من المجلة الجزائية، وكذلك تأجيل تنفيذ العقاب ولا يشترط أن يصدر قانون العفو قبل ارتكاب الجريمة بل يكفى أن يصدر قبل الفصل فيها في أية مرحلة من مراحل الدعوى وفى هذه الحالة أيضا لا يمكن اعتبار الحكم سابقة في العود[72]. إلا انه يجب التميز بين العفو العام و العفو الخاص الذي هو إجراء يتخذه رئيس الدولة بموجب السلطة التي خولها له الدستور بالفصل 48 من الدستور” لرئيس الجمهورية حق العفو الخاص” وهذا العفو الخاص يؤدى إلى إسقاط العقاب المحكوم به على الجاني أو الحط منه أو إبداله بعقاب أخر اخف منه و هو ما نص عليه الفصل 371 من م. ا .ج [73]، فالعفو الخاص إذن يزيل العقوبة دون الحكم السابق وبتالي يبقى الحكم معتبر من السوابق العدلية المتعلقة بالجاني وهذا رغم زوال العقوبة بالعقوبة بالعفو كليا أو نوعيا وعليه يعتد به فيما يتعلق بقواعد العود والإقصاء .كما أن استرداد الحقوق وهو إجراء اقره المشرع للمجرم لاسترداد حقوقه ويمنح حسب مجلة الإجراءات الجزائية إما بقرار من لجنة العفو أو بموجب القانون [74] و الآثار المترتبة عن استرداد الحقوق محو الحكم بالعقاب النافذ في مادتي الجنايات والجنح من بطاقة سوابق المحكوم عليه من بطاقة السوابق العدلية و تبعا لذلك فان استرداد الحقوق هو إجراء يؤدى إلى حذف الحكم السابق من بطاقة السوابق العدلية للمحكوم عليه [75] وبتالي لا يعتد به بعد ذلك تجاهه في تطبيق العود وقد اجمع الفقه على أن استرداد الحقوق يؤدى إلى محو الحكم السابق من الوجود، وبتالي لا يعتد به في العود [76] ولا يعتبر الحكم قائما عند ارتكاب الجاني جريمته الجديدة إذا كان قد رد اعتبار المحكوم عليه به قانونا أو قضاءا .ومن ثمة فان استرداد الحقوق أو كما يطلق في مصر رد الاعتبار بسبب من أسباب يمحو الحكم من بطاقة السوابق العدلية للجاني وبتالي لا يمكن اعتبار الجاني عائدا إذا ارتكب جريمة جديدة وكان قد تمكن من استرداد حقوقه قبل ذلك .

كذلك إذ صدر على الجاني حكم بات بالعقاب مع تأجيل تنفيذ العقاب ومضت خمسة سنوات من تاريخ تأجيل تنفيذ العقوبة [77] ولم يرتكب الجاني المسعف بالعقاب المؤجل أي جريمة جديدة يعنى انه تمكن من إصلاح حاله، وتبعا لذلك إذا لم يرتكب جريمة جديدة قبل انقضاء المدة المحددة للعقاب المؤجل فانه لا يعتبر عائدا .أما إذا ارتكب جريمة جديدة في بحر خمس سنوات من تاريخ الحكم بتأجيل تنفيذ العقاب فانه يعامل معاملة العائد عند النطق بالعقاب من اجل الجريمة الجديدة وذلك ما نص عليه الفصل 53 .18 من م ج “على المحكمة عند القضاء لوحكم عليه من جديد في الظروف المبينة أنفا بتأجيل تنفيذ أن تنذر المحكوم عليه بأنه تنفيذ عليه العقوبة الأولى وان العقوبات المقررة للعود تسلط عليه “.

كذلك العود كظرف تشديد عام الجاني يستوجب ارتكابه جريمة ثانية التي يجب أن تتوفر فيها بعض الشروط الأخرى.

الفقرة الثانية شروط الجريمة اللاحقة للجريمة الأولى:

من الشروط الأساسية لتحرير العود ارتكاب الجاني جريمة جديدة بعد معاقبته بموجب أخرى والجريمة الجديدة تستوجب شرطين أساسيين.

أ- الجريمة اللاحقة للجريمة الأولى:

من العناصر الجوهرية لقيام العود هو ارتكاب الجاني جريمة جديدة بعد معاقبته من اجل جريمة سابقة لان إيقاع الجاني الجريمة الجديدة هو الذي يبرهن على أن العقاب الأول لم يكن له اثر رادع بدليل عودته إلى ارتكاب جريمة جديدة .و هو ما يبرر تشديد العقاب عليه وشرط الجريمة الجديدة كأساس للعود نص عليه المشرع التونسي في الفصل 47 ” يعد عائدا كل من يرتكب جريمة جديدة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى خمسة سنوات على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانوني ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن عشرة أعوام فما فوق”

كما أن اشترط ارتكاب الجاني جريمة جديدة لتحرير العود كرسها فقه القضاء التونسي في العديد من القرارات الجزائية على غرار القرار الجزائي المؤرخ في 22نوفمبر 2001 “يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى خمسة أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو على سقوطه بمرور الزمن القانوني ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن 10 أعوام فما فوق وفى صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار بدون أن يمنع ذلك اعتماد الفصل 53 عند الاقتضاء “[78].

والقانون المقارن بدوره كرس شرط ارتكاب جريمة جديدة بعد معاقبته بموجب أولى في تحرير العود وهو ما كرسه المشرع المصري في الفصل 49 من قانون العقوبات [79] و المشرع المغربي بالفصل 154 من المجلة الجانية المغربية [80].إلا انه لا يكفى ارتكاب الجاني جريمة جديدة بعد معاقبته بموجب أولى بل يجب أن تكون الجريمة الجديد من صنف الجنح أو الجنايات .

ب – الجريمة الجديدة من صنف الجنح أو الجنايات:

الجريمة الجديدة التي ارتكبها الجاني للاعتداد بها في تحرير العود كظرف تشديد عام على الجاني في العقاب يجب أن تكون من صنف الجنح أو الجنايات القصدية ، وعليه فانه إذا ارتكب الجاني جريمة جديدة من صنف المخالفات بعد أن صدر عليه عقاب من اجل جريمة سابقة، فانه لا يعد عائد ويقع معاملته كالمجرم المبتدئ لان المشرع أقصى صراحة المخالفات من تحرير العود أي لا يعتد بها في تقدير العود بصريح عبارة الفصل 48 من المجلة الجزائية “ لا يعتبر في تقدير العود.

أولا العقوبات المنصوص عليها للكتاب الثالث من هذه المجلة ”

ولعل تبرير إقصاء المشرع المخالفات في تقدير العود على المجرم هو عدم جسامة هذه الجرائم فهي لا تشكل خطورة كبيرة على السلم والأمن الاجتماعي مقارنة بجرائم الجنح و الجنايات، وهو ما قررته محكمة التعقيب في قرار جزائي مؤرخ في 17 جانفى 1982 “العود لا يلزم منه أن تكون الجريمة الثانية من نوع الأولى بل يكفى في المتهم المعيد انه سبق سجنه من اجل جناية أو جنحة…. وبذلك فان الحكم الذي قضى في مغيب المتضرر على المتهم بالسجن من اجل جناية مع اعتباره معيدا بموجب سبق سجنه في جنحة فذلك الحكم يكون في طريقة ولا مطعن فيه ” [81]

كما أن الجريمة الجديدة اللاحقة للجريمة السابقة التي وقعت معاقبته من اجلها يجب أن تكون عمدية أي جريمة قصدية، لان الجرائم الغير عمدية مبدئيا لا يعتد بها في تطبيق العود إلا إذا كانت المحاكمة الأولى واقعة في جريمة غير قصدية هي الأخرى وأية ذلك ما نص عليه 48 من المجلة الجزائية “لايعتبر في تقدير العقاب:

-العقوبات المستوجبة بسبب الجرائم المنصوص عليها بالفصلين 217 – 225 من هذه المجلة بصفة عامة بسبب الجرائم لاشيء فيها يدل على العمد إلا إذا كانت المحاكمة الجارية واقعة على متهم سبق الحكم عليه في جريمة من نوعها “[82].

وتبعا لذلك العقوبات الناشئة عن الجرائم الفصلين 217 و225 وكل العقوبات المرتبة عن الجرائم غير القصدية لا تعتبر في تحرير العود [83] .ونلاحظ أن المشرع التونسي خلافا للمشرع الفرنسي الذي لا يشترط أن تكون الجريمة الجديدة قصدية فهو يعتد بالعود ويعاقب الجاني على أساس انه عائدا في صورة ارتكابه جريمة جديدة تكون جناية أو جنحة سواء كانت عمدية أو غير عمدية وذلك ما كرسته الفصول 132-8 132-9 132-10 من المجلة الجنائية الجديدة [84]. كما أن المشرع المصري بدوره لم يميز في تحرير العود ما إذا كانت الجريمة الجديدة عمدية أو غير عمدية ذلك أن العود يتوفر إذا كانت الجريمة التي صدر عنها الحكم السابق عمدية وكانت الجريمة اللاحقة للجريمة الأولى غير عمدية [85]. كما انه لا يشترط في تقدير العود أن تكون الجريمة الجديدة تامة بل يستوي الأمر سواء كانت الجريمة الجديدة المرتكبة من طرف الجاني جريمة تامة أو مجرد محاولة ففي كلتا الحالتين فانه يعتد بهما في تقدير العود ،لان الجاني له نفس الإرادة الإجرامية كما لو أتم جريمته.

وهو ما حمل المشرع التونسي على تقرير نفس العقوبة للمحاولة والجريمة التامة ” كل محاولة لارتكاب جريمة يعاقب مرتكبها بالعقاب المقرر للجريمة نفسها إذا كان تعطيلها أو عدم حصول القصد منها مسببا عن أمور خارجة عن إرادة فاعل الجريمة..”

إذن الجريمة الجديدة سواء كانت تامة أو مجرد محاولة فانه يعتد بها في تقدير العود على الجاني بل يجوز أن تكون مجرد شروع معاقب عليه [86].

كما يستوي في تقدير العود أن يكون الجاني في الجريمة الجديدة فاعلا أصليا لها أو شريكا فيها [87]. و الأفعال التي تعد مشاركة في جريمة ما حددها المشرع التونسي على سبيل الحصر بالفصل 32 من المجلة الجزائية[88]. من خلال هذا النص القانوني نلحظ أن أفعال المشاركة هي التحريض على ارتكاب الجريمة أو المساعدة على ارتكاب الجريمة، و المساعدة هي توفير المشارك الوسائل المادية التي تسهل على الفاعل الأصلي إيقاع جريمته أو الإرشاد القصدي وهذه الأفعال إذا اقترفها الجاني في الجريمة الجديدة و سبق أن عوقب من اجل جريمة سابقة بحكم بات يعد معيد إلى الجريمة .

كذلك الجريمة الجديدة المقترفة من طرف الجاني ليقع الاعتداد بها في العود يجب أن تكون الجريمة الثانية مستقلة عن الجريمة الأولى التي صدر في شأنها حكم بات .وعليه فان استقلال الجريمة الجديدة عن الجريمة الأولى هو ما يترجم الخطورة الإجرامية لدى الجاني وذلك من خلال إصراره على الإجرام بدليل ارتكابه جريمة جديدة مستقلة عن الأولى [89] ، ومن ثمة فان الجاني لا يعتبر عائدا إذا كانت الجريمة الجديدة يهدف من خلالها للتخلص من الآثار القانونية الناشئة عن الجريمة الأولى لان الجاني هنا لم يرتكب جريمة جديدة بل قام بعمل يستهدف به التخلص من العقوبة الموقعة عليه ،مثل جريمة الهرب من مراقبة البوليس التي اخضع لها الجريمة السابقة ،وكذلك خرق شروط تحديد الإقامة بالنسبة للجريمة التي حكم فيها بذلك إلا أن الجاني إذا عاد إلى الهرب مرة ثانية بعد الحكم عليه من اجل الهرب للمرة الأولى فانه يعد عائدا بالنسبة للجريمة الأولى [90] ولكي تعتبر الجريمة الجديدة اللاحقة للجريمة الأولى في تقدير العود يجب أن تقترف خلال مدة زمنية محددة.

الفقرة الثالثة : المدة الزمنية الفاصلة بين الحكم السابق و الجريمة الثانية

وضع المشرع أجال محددة بين الجريمة السابقة و اللاحقة لها

أ – المدة الزمنية:

يشترط المشرع لقيام حالة العود أن يكون الجاني ارتكب الجريمة الثانية بعد معاقبته بموجب أخرى خلال مدة زمنية محددة فحسب ما ورد في الفصل 47 ” يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى خمسة أعوام على قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني .ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق “

و نلاحظ من خلال هذا النص أن المشرع وضع مبدأ عام ينطبق على كل الجرائم وبتالي فان المشرع التونسي قد كرس مفهوم مؤقت للعود الذي يسقط بعد مرور مدة زمنية معينة خلافا للعود العام المؤبد المكرس في التشاريع المقارنة على غرار المشرع المصري بالفصل 49 من قانون العقوبات” يعتبر عائدا من حكم عليه بعقوبة جناية و ثبت ارتكابه بعد ذلك جناية أو جنحة “[91] . كذلك المشرع الفرنسي كرس العود المؤبد في الفصل 132-8 من المجلة الجنائية [92].خلافا لذلك فالمشرع التونسي كرس عودا مؤقتا الذي يستوجب ارتكاب الجاني جريمة جديدة خلال مدة زمنية محددة تحتسب من تاريخ قضاء العقاب الأول أو من تاريخ إسقاطه أو من تاريخ سقوطه بمرور الزمن القانوني. إلا أن المدة الزمنية تختلف باختلاف العقوبة السابقة الصادرة عن المجرم ،فالأجل يكون خمسة سنوات من تاريخ انقضاء العقاب الأول أو من تاريخ إسقاطه أو من تاريخ سقوطه بمرور الزمن الفصل 47 ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين عشرة سنوات فما فوق وهو ما نص عليه الفصل 47 من المجلة الجزائية [93]، وهذا الأجل المتعلق بالمدة الزمنية التي يقع الاعتداد بها في العود أقرته محكمة التعقيب في عدة قرارات جزائية على غرار القرار الجزائي الصادر بتاريخ 22 نوفمبر 2001 ” يعد عائدا كل من يرتكب جريمة بعد عقابه بموجب أخرى قبل أن تمضى خمسة أعوام على قضاء العقاب أو على إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني ويكون الأجل عشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن لمدة عشرة أعوام فما فوق “ [94]. كما أن الأجل الذي يعتد به في تقدير العود يتأثر بمدة العقاب السابق لأنواع الجريمة مثلا مدة العود خمس سنوات كلما كانت إحدى الجريمتين مستوجبة لعقاب بالسجن لمدة اقل من عشرة أعوام ويستوي أن كانت من الجنايات أومن الجنح ، فمثلا لو وقع معاقبة شخص من اجل مواقعه أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشرة عما كاملة فالعقاب يكون ستة سنوات حسب منطوق الفصل 227 من المجلة الجزائية ثم اقترف جريمة جديدة بعد صيرورة الحكم الأول بات من اجل جناية السرقة الموصوفة المعاقب عليها باثنتي عشرة عاما سجنا فان مدة العود هنا تكون خمسة سنوات رغم كلتا الجرمين من صنف الجنايات .أما إذا كانت الجريمة الأولى الذي وقع معاقبته الجاني من اجلها و الجريمة الجديدة تستوجبان عقابا بالسجن مدة عشرة أعوام فما فوق فان مدة العود تكون عشرة أعوام [95] .ونلاحظ من خلال الفصل 47 من المجلة الجزائية أن سريان العود يبدأ من تاريخ انقضاء العقوبة أو من تاريخ إسقاطها أو من تاريخ سقوطها بمرور الزمن القانوني.

ب – تاريخ الانقضاء:

يبدأ احتساب مدة تقادم العود في صورة تنفيذ العقاب على الجاني من تاريخ أخر يوم لقضاء العقاب من طرفه و إذا كان العقاب المحكوم به الخطية فمن تاريخ خلاصها أو من تاريخ انقضاء اجل الجبر بالسجن ،ونشير أن قضاء العقاب يجب أن يفهم على انه قضاء الجاني المدة الكاملة للعقاب أو الإفراج عنه بموجب عفو خاص لان هذا العفو يمحو العقوبة على المحكوم عليه ومن ثمة فان تاريخ السراح الشرطي لا يعد تاريخ يبتدئ منه سريان مدة العود لان المجرم المستفيد من السراح الشرطي يعتبر من الوجهة القانونية مستمر في قضاء العقاب ولا تعتبر هذه العقوبة انقضت إلا بعد انتهاء كامل مدتها .

1 تاريخ الإسقاط :

المقصود بالإسقاط الواردة بالمجلة الجزائية كبداية احتساب مدة العود له عديد الصور فيمكن أن يكون عفو خاص وهو قرار يصدر عن رئيس الجمهورية لفائدة شخص معين بذاته يؤدى إلى إسقاط العقاب المحكوم به على هذا الأخير أو إبداله بعقوبة اخف من العقوبات التي نص عليها القانون [96] .كما أن الإسقاط يمكن أن يكون من خلال إسقاط الزوجة أو الزوج في حق زوجته المحكوم عليها من اجل جريمة الزنا و الذي يؤدى إلى إسقاط العقوبة الفصل 236 من المجلة الجزائية[97] ،كذلك الإسقاط يكون من خلال حق يمارسه السلف لإيقاف تنفيذ العقاب على الخلف المحكوم عليه من اجل الاعتداء بالعنف الشديد على السلف الفصل 218 مجلة جزائية، وكذلك إسقاط احد الزوجين المعتدى عليه بالعنف الشديد من الطرف الأخر يعفى من العقاب 218 من الجلة الجزائية[98] .وتبعا لذلك فالإسقاط يعفى من تنفيذ العقاب بصفة نهائية وبتالي فانه من المنطقي أن يقع احتساب مدة العود من تاريخ الإسقاط أي إسقاط المتضرر لحقه .

2 سقوط العقاب بالتقادم :

انطلاقا من الفصل 349 من. م. ا .ج نستشف أن العقوبات المحكوم بها على الجاني تسقط في الجنايات بمضي 20عاما كاملة . أما العقوبات المحكوم بها في الجنح فتسقط بمضي خمسة أعوام ويبدأ أجل سريان السقوط من صيرورة العقاب المحكوم به بات بالنسبة للأحكام الحضورية .أما الأحكام الغيابية فالأجل يجرى من يوم الإعلام بالحكم الغيابي إذا لم يتبين من أعمال تنفيذ الحكم أن المحكوم عليه حصل له العلم به ،أما إذا تبين أن المحكوم عليه غيابا حصل له العلم به شخصيا فان أجل السقوط ينطلق من تاريخ صيرورة الحكم بات أي بعد انقضاء اجل الاعتراض وهو عشرة أيام .

إذن نتبين مما سبق ذكره أن العود العام يستوجب ثلاثة شروط رئيسية أولهما متعلقة بالحكم الصادر على المجرم وثانيهما متعلق بالعقوبة الجديدة وثالثهما يتعلق بالمدة الزمنية التي يرتكب فيها الجاني الجريمة الجديدة. إلا أن المشرع كرس إلى جانب العود العام عودا خاص على غرار المشرع المصري والفرنسي و والمغريبى و اللبناني .

المبحث الثالث شروط العود الخاص

لقد كرس المشرع التونسي إلى جانب العود العام عودا خاصا سواء داخل المجلة الجزائية أو في مجلات ونصوص خاصة ، والعود الخاص هو العود الذي يفترض التشابه و التماثل بين الجريمة الأولى والجريمة الثانية .

الفقرة الأولى : العود الخاص في الجرائم الغير قصدية الواردة بالمجلة الجزائية

تقدير العود في الجرائم الغير قصدية يستوجب توفر ثلاثة شروط جوهرية

أ – الجريمة الأولى:

لقيام حالة العود في الجرائم الغير قصدية يجب أن يكون الجاني ارتكب جريمة غير قصدية ووقعت معاقبته على ذلك الأساس من طرف هيئة قضائية تونسية . و الجريمة الغير عمدية يمكن أن تكون جريمة قتل على وجه الخطأ التي نص عليها الفصل 217 من المجلة الجزائية [99] ،كذلك الجريمة الغير عمدية يمكن أن تكون الجرح على وجه الخطأ الواردة بالفصل 225 من المجلة الجزائية[100]، كذلك يمكن أن تكون جريمة إشعال حريق على وجه الخطأ الواردة بالفصل 309 من نفس المجلة[101] .وتبعا لذلك حتى يقع تحرير العود في الجرائم الغير قصدية يجب أن تكون الجريمة الأولى التي عوقب من اجلها الجاني جريمة غير قصدية سواء كانت جريمة قتل على وجه الخطأ أو جريمة جرح على وجه الخطأ أو جريمة إشعال حريق على وجه الخطأ.

ب – ارتكاب جريمة من نفس النوع :

لتحرير العود يجب أن تكون الجريمة الجديدة التي ارتكبها الجاني مماثلة و متشابهة في النوع مع الجريمة السابقة وذلك ما اقتضاه الفصل 48 من المجلة الجزائية لا يعتبر في تقدير العود :

–العقوبات المستوجبة بسبب الجرائم المنصوص عليها بالفصلين 217- 225 من هذه المجلة وبصفة عامة بسبب الجرائم التي لا شيء فيها يدل على العمد إلا إذا كانت المحاكمة الجارية واقعة على المتهم سبق الحكم عليه في جريمة من نوعها “.

ومن ثمة فان الجاني لا يعد عائد في مجال الجرائم الغير قصدية إلا بتوفر شرطين متلازمين وهما أن تكون الجنحة الأولى والثانية جريمتين غير قصديتين وان يكونان من نفس النوع أي الأولى و الثانية قتل على وجه الخطأ الواردة بالفصل 217 أو الجريمة الأولى والثانية جريمة جرح على وجه الخطأ المنصوص عليها بالفصل 309 من المجلة الجزائية[102] . كذلك يجب أن تكون الجريمة الغير قصدية الجديدة اقترفها في مدة زمنية محددة .

ج – المدة الزمنية الفاصلة بين الجريمة الأولى والثانية:

من الشروط الأساسية في تحرير العود في الجرائم الغير عمدية هو اقتراف الجاني الجريمة الثانية خلال مدة زمنية محدودة. وبما أن الجرائم الغير عمدية جنح والعقوبة المستوجبة لها لا تفوق خمسة سنوات سجن فان اجل المدة الزمنية لتقدير العود هو خمسة سنوات من تاريخ قضاء العقاب أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني ذلك ما أقره المشرع في الفصل 47 من الجلة الجزائية [103]. أما إذا ارتكب جريمة جديدة غير عمدية ومن نفس نوع الجريمة السابقة التي عوقب من أجلها سابقا بعد الأجل الذي حدده المشرع في الفصل 47 من المجلة الجزائية فلا يعد عائدا لان المشرع التونسي كرس العود المؤقت لا العود المؤبد وبذلك يكون مشرعنا نسج على منوال المشرع اليوناني الذي كرس العود الخاص في الجرائم الغير عمدية في القانون الجنائي الصادر سنة 1950 فهذا الأخير لا يعتد بالعود إلا إذا كانت الجرائم المرتكبة جميعها غير مقصودة أو كانت جميعها مقصودة ،ويؤيد بعض الفقهاء هذا الاتجاه قولا معنى العود لا يتحقق شأن من سبق الحكم عليه في جريمة قصدية ثم عاد و ارتكب جريمة غير قصدية و العكس صحيح [104].

إلى جانب العود الخاص في الجرائم الغير قصدية كرس المشرع التونسي العود في جرائم العود إلى السكر.

الفقرة الثانية: جرائم العود إلى السكر

المشرع لم يقتصر في العود الخاص على الجرائم الغير عمدية بل كرس العود الخاص في جرائم العود إلى السكر و لقيام جريمة العود إلى السكر لا بد من توفر ثلاثة شروط جوهرية .

أ- ارتكاب جريمة سكر أولى :

إن جرائم السكر تندرج ضمن المخالفات وبتالي فان تكريس المشرع المخالفات كأساس للعود في الفصل 52من المجلة الجزائية [105] هو استثناء للمبدأ العام في أحكام العود الذي لا يعتد بالجنح و الجنايات في تحرير العود وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 7 جانفى 1982 [106] .

من الشروط الأساسية لتقدير العود في السكر هو أن يكون الجاني سبق معاقبته من أجل جريمة سكر أولى

ب – ارتكاب جريمة سكر ثانية:

في تقدير العود إلى السكر يجب أن يكون الجاني قد ارتكب سابقا جريمة سكر و وقع معاقبته من أجلها ثم ارتكب جريمة سكر ثانية ،وتبعا لذلك إذا اقترف جريمة سكر ثانية بعد الأولى فانه يعامل معاملة المعيد إلى السكر وذلك ما نص عليه الفصل 52 من الجلة الجزائية ” إذا ارتكب السكر مرة ثانية فالعقاب يكون بأقصى العقوبات المقررة بالفصل 317 من هذا القانون ” .وبناءا على ذلك في صورة سبق ارتكاب جريمة أخرى غير جريمة السكر كأن يكون سبق معاقبته من أجل جريمة تدليس شيك ثم ارتكب جريمة ثانية تتمثل في السكر فانه لايعتبر عائدا على هذا الأساس [107]. ونلاحظ أنه في صورة ارتكاب نفس الجاني جريمة السكر أكثر من مرتين أي العود إلى جريمة السكر إلى المرة الثالثة فان الجريمة يتغير وصفها القانوني من مخالفة إلى جنحة وهو ما اقتضاه الفصل 52 من المجلة الجزائية [108] ،لان عقوبة الجنحة تستوجب عقوبة أكثر من ستة عشرة يوما وخمسة سنوات سجن على معنى الفصل 122من مجلة الإجراءات الجزائية و الفصل 14 من المجلة الجزائية [109] .إلا أن العود إلى السكر يستوجب مدة زمنية محددة.

ج – المدة الزمنية للعود إلى سكر:

للاعتداد بالعود إلى جرائم السكر يستوجب مدة زمنية محددة إلا أنه بالرجوع إلى المجلة الجزائية نلاحظ أن المشرع في الفصل 52 لم يحدد آجال خاصة تجعل الرجوع إلى الجريمة خلالها عودا. خلافا للأحكام العامة للعود وسكوت هذا الفصل عن هذه المسالة تجعل القاعدة العامة الواردة بالفصل 47 من المجلة الجزائية هي التي تنطبق في هذا المجال، وعملا بهذه القاعدة فان مدة الاختبار التي يعتبر فيها مرتكب جريمة السكر عائدا من يوم صيرورة الحكم السابق بالعقاب بات وتنتهي بمرور خمسة سنوات من تاريخ انقضاء هذا العقاب [110]. لقد كرس المشرع التونسي العود الخاص إلى جانب العود العام إلا انه كرس العود الخاص في مجلات قانونية ونصوص قانونية ذات صبغة جزائية خارج النص العام أي المجلة الجزائية .

الفقرة الثالثة العود الخاص الوارد خارج المجلة الجزائية

لقد كرس المشرع التونسي بعض صور العود الخاص في بعض المجلات القانونية وبعض النصوص القانونية الخاصة .

أ – العود الخاص داخل المجلات القانونية :

1 مجلة الصرف والتجارة الخارجية :

لقد أقر المشرع في مجلة الصرف والتجارة الخارجية في الباب الرابع المتعلق بالعقوبات عودا خاصا ولتحقيق العود الخاص يجب أن يكون الجاني وقع محاكمته من قبل من أجل جريمة أو محاولة ارتكاب جريمة في حق تراتيب الصرف ومعاقبته بحكم بات من أجل هذه الجريمة ،ثم ارتكب جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة السابقة التي عوقب من أجلها وذلك ما نص عليه الفصل 35 من مجلة الصرف والتجارة الخارجية [111] لكن الملفت للانتباه في هذا النص القانوني إن المشرع لم يحدد مدة الاختبار التي تجعل الرجوع إلى الجريمة خلالها عودا وفى غياب النص الخاص يقع الاستنجاد بالنص العام أي الفصل 47 من المجلة الجزائية وعملا بهذا النص فان مدة الاختبار التي تجعل مرتكب الجريمة الجديدة عائدا تبتدئ من يوم صيرورة الحكم السابق بالعقاب باتا وتنتهي بعد مرور خمسة سنوات من تاريخ انقضاء هذا العقاب.

2 مجلة المياه :

كذلك في مجلة المياه كرس المشرع العود الخاص بالفصل 159 الذي يقتضى في تحرير العود حسب منطوق النص أن يكون الجاني عوقب سابقا من اجل إحدى المخالفات المنصوص عليها بهذه المجلة أو الأوامر و القرارات المتخذة لتطبيقها بعقاب باتا. ثم ارتكب جريمة جديدة من نفس المخالفة التي عوقب من أجلها سابقا .عندئذ يقع معاملة الجاني على انه معيد وهو ما يقتضى تشديد العقاب عليه لكن حتى يصدق العود على الجاني يجب أن يرتكب الجريمة الجديدة في اجل اثنتي عشرة شهرا ابتداء من التاريخ الذي أصبحت فيه العقوبة نهائية وذلك ما نص عليه الفصل 159 من مجلة المياه [112].

3 مجلة الغابات :

كذلك أخذ المشرع بالعود الخاص في مجلة الغابات ولقيام العود يجب أن يكون الجاني وقع محاكمته من قبل من أجل ارتكابه مخالفة معاقب عليها تطبيقا للفصلين 228 و229 من المجلة سالفة الذكر أو النصوص الصادرة بتنفيذها، ثم يرتكب جريمة جديدة من نفس الطبيعة القانونية للجريمة السابقة التي عوقب من أجلها [113]. لكن المشرع مرة أخرى حدد العود الخاص لكن سها عن الآجال التي يعد فيها الجاني عائدا. لكن عملا بالقاعدة القائلة في صورة غياب الخاص يقع الاعتماد على العام أي الفصل 47 مجلة جزائية لذلك يبدأ سريان مدة العود من صيرورة الحكم السابق باتا وتنقضي بمرور خمسة سنوات من تاريخ انقضاء هذا العقاب.

4 مجلة الشغل:

كرس المشرع العود الخاص كذلك بمجلة الشغل ولتحرير العود يجب أن يرتكب الجاني جريمة جديدة مماثلة للمخالفة السابقة التي وقع معاقبته من أجلها وهو ما نص عليه الفصل 237 من مجلة الشغل “يعتبر عودا في مفهوم هذه المجلة إذا وقع ارتكاب مخالفة مماثلة للمخالفة الأولى خلال العام الموالى لتاريخ صدور الحكم البات “. وتبعا لذلك حتى يعتد بالعود وتقع معاملة الجاني معاملة العائد يجب أن يكون قد اقترف جريمة جديدة من نفس طبيعة الجريمة السابقة التي عوقب من أجلها ويجب أن يرتكب الجريمة الجديدة خلال عام من تاريخ صدور الحكم بات حتى يصدق عليه العود [114].

ب – العود الخاص الوارد في بعض النصوص الخاصة:

لقد أقر المشرع التونسي العود الخاص في بعض النصوص الخاصة على غرار

1 قانون 19 ديسمبر1963 :

هذا القانون يتعلق بترتيب وتوريد وتوزيع وتحويل الذهب والاتجار فيه. ولقيام العود يجب أن يرتكب الجاني سواء كانت تعضديات أو أطباء أسنان أو صانعي الحلي أو السباكين وكذلك تجار الشركات مخالفة سابقة المنصوص عليها بالفصل من 1الى 6 من القانون سالف الذكر ومعاقبته بحكم بات من أجلها، ثم ارتكاب جريمة جديدة من نفس النوع للجريمة السابقة ويجب أن يرتكب المخالف الجريمة الثانية في أجل 12 شهر الموالية للأعمال التتبع من أجلها [115] .لكن المقصود هنا صدور حكم بات وليس تتبع لأنه في غياب حكم بات يفصل بين الجريمة الأولى والثانية لا يمكن الحديث عن عودا إنما نكون إزاء توارد الجرائم .

2 قانون 9ماى 1969:

كرس المشرع العود الخاص في قانون 9 ماي 1969 المتعلق بإحداث بطاقة مهنية للاحتراف الفني.ولقيام العود يجب معاقبة الجاني بحكم بات من أجل جريمة سابقة تتعلق بمخالفة أصول المهنة وعرفها كيفما نظمها القانون سالف الذكر ثم ارتكب جريمة جديدة من نفس النوع الجريمة السابقة [116]. لكن ليقال عنه عائدا لابد أن يرتكب الجريمة الجديدة في أجل محدد وبالرجوع إلى الفصل 7 نلاحظ أن المشرع لم يحدد أجال الاختبار التي تجعل الجاني عائدا .لذلك نعتمد على النص العام وهو الفصل 47 وعملا بالقاعدة العامة الواردة بهذا النص فان مدة الاختبار تبدأ من يوم صيرورة الحكم السابق بالعقاب باتا وتنتهي بعد مرور خمسة سنوات من تاريخ أجل خلاص الخطية أو تاريخ انقضاء الجبر بالسجن لان المخالف يعاقب بخطية في جريمته الأولى “كل مخالف لأحكام هذا القانون يعاقب مرتكبها بخطية تتراوح بين عشرة ومائة دينار”

3 قانون 3 ماى 1988:

أقر المشرع كذلك العود الخاص في قانون 3ماى 1988 المتعلق بسير المساجد،ولتقدير العود يستوجب سبق معاقبة الجاني من أجل القيام بنشاط داخل المسجد دون الحصول على ترخيص مسبق أو معاقبته من أجل الإخلال بالهدوء [117] أو معاقبته سابقا من أجل دعوته داخل المسجد بالتمرد على السلطة العامة [118]. ثم يقوم بارتكاب جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة الذي عوقب من أجلها، إلا انه لا يكفى ارتكاب جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة السابقة التي عوقب من أجلها بل لابد أن يرتكب الجريمة الجديدة في مدة زمنية محددة وهي خمسة سنوات على معنى الفصل 47 من تاريخ قضاء العقاب بالسجن أو من تاريخ خلاص الخطية إذا كانت العقوبة السابقة خطية أو من تاريخ انقضاء الجبر بالسجن.

4 قانون 7 ديسمبر 1992:

كرس كذلك المشرع العود الخاص في قانون 7 ديسمبر 1992 ولتحرير العود لابد من أن يكون الجاني ارتكب جريمة سابقة من الجرائم المنصوص عليها بالفصول 3- 4 -6 -7 -11- 12- 13- 14- 16- 17 18- 19 ثم يرتكب جريمة جديدة مماثلة للأولى التي عوقب من أجلها سابقا في أجل خمسة سنوات من صدور الحكم عليه حسب منطوق الفصل 38 [119]

5 قانون 3 فيفرى 2004:

كذلك اقر المشرع العود الخاص في قانون 3 فيفرى 2004 حيث يفترض في تقدير العود في هذا القانون أن يكون الجاني عوقب سابقا من أجل جريمة من الجرائم الواردة بالفصل 38 -39 -40- 41- 42-43 44-45 من قانون 3 فيفرى 2004 [120]، ثم يرتكب جريمة جديدة من نفس نوع الأولى .لكن المشرع لم يحدد أجل الاختبار وهو ما يستدعى الاستنجاد بالنص العام وعليه تبدأ سريان المدة من يوم صيرورة الحكم السابق باتا وينتهي بعد مرور خمسة سنوات من تاريخ انقضاء هذا العقاب .

نستخلص مما سبق بيانه أن العود كظرف تشديد عام له عديد الصور في التشاريع المقارنة أما في التشريع التونسي فهو عود عام مؤقت وفى بعض الصور كرس المشرع عود خاص لأنه ينسحب على بعض الجرائم وعندما يستكمل العود كل الشروط التي حددها المشرع فانه ينتج آثاره على العقوبة من جهة وعلى الهيئة القضائية من جهة أخرى. وذلك ما يدفعنا إلى التساؤل عن آثار العود ؟ وهو ما سنحاول الإجابة عنه في الفصل الثاني .

الفصل الثاني: آثار العود

لقد اقر المشرع آثار العود في المجلة الجزائية من جهة وبعض المجلات القانونية و النصوص الخاصة من جهة أخرى .وتبعا لذلك فان آثار تشديد العقاب بموجب العود منها ما هو عام ومنها ما هو خاص .

المبحث الأول آثار العود على العقاب

في صورة توفر شروط العود كيف ما حددها المشرع صلب الفصل 47و 48 من المجلة الجزائية فان العود ينتج أهم أثره وهو تشديد العقاب على الجاني .

الفقرة الأولى تشديد العقاب الو جوبي :

إن تشديد العقاب على الجاني بموجب العود منها ما هو وجوبي ، وما هو جوازي للقاضي .

أ – التشديد الوجوبي للعقاب:

الآثار المترتبة عن العود هي تشديد العقاب على الجاني الذي سبق معاقبته بحكم بات من أجل جريمة سابقة ثم ارتكب جريمة جديدة قبل مرور خمسة سنوات أو عشرة سنوات إذا كانت الجريمتان مستوجبتين للعقاب بالسجن 10 أعوام من تاريخ انقضاء العقاب الأول أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني، وهو ما أقره المشرع صلب الفصل 50 من المجلة الجزائية ” في صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار لكن دون أن يمنع ذلك من اعتماد الفصل 53 عند الاقتضاء [121] “. وتشديد العقاب على الجاني العائد من طرف القاضي هو وجوبي وليس جوازي أي أن المشرع أخذ بالتشديد الوجوبي في العقاب وليس التشديد الاختياري. وتبعا لذلك فان المحكمة ملزمة وجوبا بشديد العقاب على الجاني إذا توفرت شروط العود كيف ما حددها المشرع صلب الفصول47 و 48 من المجلة الجزائية والصبغة الوجوبية لتشديد العقاب نستشفها من الصياغة الآمرة التي جاء بها الفصل 50 ” في صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب “.

كما أن الشديد الو جوبي للعقاب على الجاني أقرته محكمة التعقيب في عديد القرارات الصادرة عنها [122] ونلاحظ أن التشديد الو جوبي في العقاب على الجاني بسبب العود كرسته عديد القوانين المقارنة على غرار القانون البرتغالي الفصل من قانون العقوبات 100 وقانون العقوبات الأثيوبي الفصل 183 وكذلك الفقرة الثالثة من الفصل 89 من قانون العقوبات الألماني التي تجعل التشديد بموجب العود للمرة الثالثة فأكثر وجوبيا غير أن هذه القوانين تجيز للقاضي تخفيض العقوبة عن الحد المقرر إذا اقترنت بالجريمة ظروف تخفيف [123] كذلك القانون الفرنسي يجعل تشديد العقاب على الجاني العائد وجو جبيا [124].

ب – التشديد الجوازي

هنالك بعض التشاريع المقارنة أقرت تشديد العقاب الجوازي على الجاني العائد على غرار المشرع المصري في الفصل 49 من قانون العقوبات الذي جعل تشديد العود من طرف المحكمة جوازيا بعد أن كان وجوبيا في قانون 1883 وهو مسلك يتفق مع الاتحاد العالمي نحو إعطاء القاضي سلطة تقديرية تمكنه من مراعاة ظروف كل قضية على حدة [125] .وكذلك من القوانين التي تعتمد تشديد العقاب الجوازى على العائد القانون البولندي الفصل 60 و الفصل 421 -422 -423 من القانون الهولندي و الفصل 82 من القانون الدانمركي[126]

نتحصحص مما سبق أن القانون التونسي على غرار القانون الفرنسي جعل تشديد العقاب على الجاني في صورة العود وجوبيا كلما توفرت شروط العود وذلك ما يدفعنا إلى التساؤل عن مظاهر تشديد العقاب ؟

الفقرة الثانية مظاهر تشديد العقاب على الجاني في العود العام

لقد جعل المشرع من العود ظرف مشدد للعقاب على الجاني وذلك بترفيع العقاب الأصلي للجريمة

تشدد العقاب على الجاني العائد:
عند توفر شروط العود التي استوجبها المشرع في الفصل 47 و48، فان العود ينتج أهم آثاره وهو تشديد العقاب على الجاني المعيد وأية ذلك منطوق الفصل 50 من المجلة الجزائية من خلال هذا النص نلاحظ أن التشديد يتجسم في العقوبة المستوجبة للمتهم العائد لا يمكن أن تكون أقل من أقصى العقاب المقرر للجريمة الثانية ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار. ومن ثمة العقوبة المستوجبة للجريمة الجديدة ترفع من حدها الأدنى إلى حدها الأقصى و حدها الأقصى يضاعف وذلك ما أقره المشرع في الفصل 50 من المجلة سالفة الذكر ” في صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من نصف ذلك المقدار”. فمثلا لو وقعت محاكمة شخص سابقا من أجل جنحة أو جناية ثم اقترف بعد صيرورة ذلك الحكم البات جريمة الوشاية الباطلة المعاقب عليها بالسجن لمدة تتراوح بين السنتين و الخمسة سنوات طبقا الفصل 248 من المجلة الجزائية، فان العقوبة الدنيا ترتفع إلى الأقصى فتصبح خمسة سنوات و العقوبة القصوى ترفع إلى الضعف فتصبح عشرة سنوات سجن و هو ما يودى إلى القاعدة التالية أ1= ق ق1=2 .أما إذا كانت العقوبة الجديدة لها حدا واحدا فان هذا الحد يضاعف على غرار جريمة السرقة المجردة الواردة بالفصل 264 من المجلة الجزائية ” يكون العقاب بالسجن لمدة خمسة سنوات وبخطية قدرها 120 دينار بالنسبة لكل أنواع السرقات و الاختلاسات الواقعة في غير الصور المبينة بالفصول 260- 263 من هذه المجلة “ . وتبعا لذلك فانه إذا كان الجاني عائدا فالعقوبة يقع تشديدها من خلال مضاعفة العقاب المقرر لها بالنص التجريمى فتصبح عشرة سنوات عوض عن خمسة سنوات و تشديد العقاب على الجاني عند ثبوت أنه عائد يتجسم من خلال ترفيع الأدنى إلى الأقصى ومضاعفة الحد الأقصى و هو ما أقرته محكمة التعقيب في عديد القرارات الصادرة عنها على غرار 22 جوان 1977 “في صورة العود لا يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من ضعفه و لا يمنع ذلك اعتماد الفصل 53 من القانون الجنائي“[127]. إلا أنه ثمة سؤال يطرح نفسه بنفسه إذا كانت الجريمة الجديدة تستوجب عقاب بالسجن المؤبد كيف يمكن تطبيق قاعدة التشديد المنصوص عليها بالفصل 50 من المجلة الجزائية فهل القاضي يطبق عقوبة الإعدام باعتبارها العقاب الأرفع في سلم العقوبات من عقوبة السجن المؤبد ؟

إن المشرع لم يقدم لهذه الفرضية حلا بل اكتفى بجعل الفصل 50 من المجلة الجزائية قاعدة عامة تنطبق على كل الجرائم تفرض على القاضي الترفيع من الأدنى إلى الأقصى ومضاعفة الأقصى. في حين نجد المشرع اللبنانى مثلا وضع حلا قانونيا في الصورة التي يكون فيها الشخص محكوم عليه سابقا بالأشغال الشاقة المؤبدة واقترف جريمة جديدة تستوجب نفس العقاب فان القاضي يقضى بعقوبة الإعدام [128] . نلاحظ أن تطبيق عقوبة الإعدام على الجاني عندما يكون عائدا وتكون الجريمة الجديدة تستوجب السجن المؤبد على غرار القتل العمد المجرد مستبعد لان المشرع لم ينص على ذلك صراحة بالفصل 50 من المجلة الجزائية كما أن قاعدة التأويل الضيق للنص الجزائي تفرض علينا استبعاد هذا الحل.

وتبعا لذلك يمكن أن نقترح الحل الاتى أن يقوم القاضي بتطبيق ظروف التخفيف التي تفرض على القاضي النزول بالعقوبة درجة أو درجتين على معنى الفصل 53 من المجلة الجزائية ثم يقوم بمضاعفة العقاب تطبيقا للعود.

ونشير إلى أن تشديد العقاب على المذنب بسبب العود كرسته عديد التشريعات المقارنة على غرار المشرع السوري الذي شدد العقاب على الجاني في صورة العود إذ جعل تشديد عقوبة المكرر وجوبيا لا خيار للقاضي فيه . فهو ينص مثلا على أن المكرر يتعرض لأقصى عقوبة الجريمة الجديدة حتى ضعفها [129] .كما أن المشرع المصري يجيز تشديد عقوبة الجريمة الجديدة بتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة لها بشرط عدم تجاوز ضعف هذا الحد [130]. كذلك المشرع الفرنسي شدد العقاب على الجاني في حالة العود وذلك بالترفيع في العقوبة المستوجبة للجريمة الجديدة [131] .وعليه يمكن القول أن مشرعنا شانه شأن التشاريع المقارنة شدد العقاب على العائد بسبب العود وذلك بالترفيع في عقوبة الجريمة الجديدة من الأدنى إلى الأقصى و الأقصى إلى الضعف وذلك حتى يرتدع الجاني لأن العقاب الأول لم يحقق الردع الكافي له .إلا أن مبدأ تشديد العقاب على العائد تسرى عليه استثناءات.

لقد اعتمد المشرع التونسي في النظام القانوني الجزائي مبدأ التفريد القضائي للعقاب وذلك من خلال تمكين القاضي من استعمال سلطته التقديرية على الوجه الملائم وجعل العقوبة تتناسب وشخصية كل مجرم .وعليه فان العائد قد يكون تورط في طريق الإجرام لا الإصرار عليه فيستحق بذلك معاملة أقل شدة وذلك من خلال وضع حدين للعقوبة و للقاضي سديد النظر فأما أن يخفف العقاب على الجاني عندما تتوفر أسباب التخفيف أو تشديد العقاب عليه وذلك ما نص عليه الفصل 50 من المجلة الجزائية ” في صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار لكن بدون أن يمنع ذلك من اعتماد الفصل 53 عند الاقتضاء ” وتبعا لذلك فانه إذا كان الجاني عائدا فان القاضي عليه وجوبا تشديد العقاب على هذا الأخير، لكن عند توافر ظروف التخفيف كصغر السن مثلا فان القاضي عليه إسعاف الجاني بظروف التخفيف وذلك ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 1 أكتوبر 1928 ” نص الفصل 50 من القانون الجزائي المنقح بالأمر المؤرخ في 15 سبتمبر على أنه في صورة التكرار لايمكن أن يكون العقاب أقل من أقصى العقاب المنصوص عليه بالفصل المتعلق بالتهمة الجديدة كما أنه لا يمكن أن يتجاوز القدر المذكور عندما يقع تضعيفه كل ذلك مع إمكان إسعاف المتهم بما جاء به الفصل 53 إن اقتضى الحال”[132].

ونلاحظ أن المشرع وضع مبدأ التشديد الو جوبي للعقاب عندما تكون شروط العود في جانب المتهم والغاية من التشديد هي ردعية أي حتى يرتدع الجاني ويصبح شخص فاعل وسوي في المجتمع .ومن ثمة يمكن القول أن المشرع لا يزال متمسكا بالنظرية الكلاسيكية أي التقليدية لمفهوم الجريمة و التي تعتبر أن دور العقوبة هو ردع الجاني فيكون العود سببا لإحلال الألم بالجاني نظرا للاصراره على الإجرام ولعل ذلك ما يجعل القاضي بمثابة الموزع للعقوبات دون اجتهاد في تقدير العقاب المناسب لكل مجرم يتمشا وشخصيته وظروفه الاجتماعية وملابسات وظروف الجريمة التي تدفعه إلى الجريمة .

وبموجب ذلك ندعو المشرع التونسي لتغير السياسية الجنائية حول مسألة العود وجعل التشديد على الجاني بسبب العود جوازي للقاضي وليس وجوبي وذلك حتى يتمكن القاضي من إعمال سلطته التقديرية حسب ظروف الجريمة وملابساتها وشخصية الجاني عند تقدير العقاب على العائد على غرار المشرع المصري و اللبنانى .

ب – تشديد العقاب على المجرم المعتاد :

لقد عرف المشرع اللبناني المجرم المعتاد هو “المجرم الذي ينم عمله الإجرامي على استعداد نفسي دائم فطريا أو مكتسبا لارتكاب الجنايات و الجنح “[133]

فالاعتياد على الإجرام يفترض التكرار الذي يعتبر بمثابة العنصر المادي المكون له ذلك أن الجرائم السابقة هي التي تدلل على خطورة شخصية المجرم وعن وجود الاستعداد الدائم لديه لارتكاب جرائم جديدة .[134] وقد أجمع الاتجاه السائد من علماء الإجرام أن العقوبة عديمة الجدوى في إصلاح المجرم المعتاد و اقترحوا اللجؤ إلى التدابير التي تعزل المجرم المعتاد على المجتمع من خلال تشييد مؤسسات خاصة تنشأ لهذا الغرض

ولقد عملت جل التشريعات الجنائية على مقاومة هذه الظاهرة أي الاعتياد على الإجرام و التخفيف من حدتها بالاعتماد على وسائل مختلفة أهمها الزيادة في تشديد العقاب و اللجؤ إلى اتخاذ تدابير احترازية ضد المجرم الذي اعتاد الإجرام

1 الزيادة في تشديد العقاب:

إن الاعتياد على الإجرام لا تتوفر إلا في حالة اعتياد المجرم على ارتكاب الجنايات والجنح [135] .وتبعا لذلك فان تكرار ارتكاب المخالفات مهما كانت حدتها لا يتحقق بها الاعتياد على الإجرام ويرجع استبعاد المخالفات في هذا الشأن إلى محدودية خطورتها، و تعود المجرم على ارتكاب الجنح و الجنايات ينم عن الاستعداد النفسي الدائم الفطري أو المكتسب لارتكاب الجرائم مما يدل على أنه مجرم خطير وهو ما يستدعى مواجهته بعقوبات أكثر شدة وصرامة .وفعلا عملت العديد من التشاريع بهذه القاعدة فجعلت العقاب المقرر للمجرم المعتاد أكثر شدة منه بالنسبة للمجرم العائد على غرار التشريع المصري الذي أقر نظام تشديد خاص بالمجرمين المعتادين وهو ما كرسته الفصول من 51 إلى 54 من قانون العقوبات المصري[136] وقد ميز الفقه في مصر بين العود المتكرر البسيط الذي يقره الفصل 51 و 54 إذا ما توفرت أركانه.

والعود المتكرر الخطير التي نصت عليه المادة 52 من قانون العقوبات و الأثر المترتب عليه توفر هذه الصور من العود المتكرر الخطير باداع المتهم بإحدى مؤسسات العمل وهذا الحكم وجوبيا [137]

والعود المتكرر الجسيم نصت عليه المادة 53 من قانون العقوبات يترتب على توفر أركانه العود المتكرر الجسيم وجوب ايداع المحكوم عليه بإحدى مؤسسات وهذا الحكم كذلك وجوبي على القاضي. [138]

كذلك المشرع اللبنانى كرس الاعتياد على الإجرام في قانون العقوبات بالفصول 263 و 264 والتي تستوجب تشديد العقاب على المجرم المعتاد من خلال الحكم عليه بالعزلة وهو ما نص عليه الفصل 263 من قانون العقوبات” إذا ارتكب الفاعل جناية أو جنحة مقصودة وحكم من أجلها بعقوبة غير الغرامة ثم ارتكب جريمة أخرى من نوع الجناية أن الجنحة المقصودة خلال خمسة سنوات منذ انتهاء عقوبته أو مرور الزمن عليها وحكم عليه من أجلها بعقوبة مقيدة للحرية لمدة سنة على الأقل يحكم عليه بالعزلة إذا ثبت اعتياده للإجرام وخطره على السلامة العامة “[139].

كذلك يمكن الحكم بالمنع من الحقوق المدنية ومنع الإقامة و الإخراج من البلاد على من ثبت اعتياده للإجرام أومن حكم عليه كمكرر بعقوبة جنحة مانعة للحرية الفصل 266 من قانون العقوبات .

كما ينزل بالمعتاد على الإجرام و المكرر المحكوم عليه بالإقامة الجبرية أو بالحبس أو بعقوبة أشد منها بعد الإفراج عنه بتقييد للحرية لمدة خمس سنوات لاتقاء خطره و للقاضي مع ذلك أن يقرر زيادة المدة أو تخفيضها أو إلغائها أو إبدال الإقامة الجبرية أو إعفاء المحكوم عليه منها الفصل 267 من قانون العقوبات.

كما أن المشرع التونسي أخذ بحالة الاعتياد على الإجرام في الفصل 51 من المجلة الجزائية قبل تنقيحه بموجب قانون عدد 23 لسنة 1989 المؤرخ في 27 فيفرى 1989 ” أما إذا تقدم على الجريمة العقاب مرتين بالسجن أكثر من عام فالسجن الذي يحكم به ينجر منه معاملة المحكوم عليه كالمحكوم عليه بالإشغال الشاقة ” [140].

انطلاقا من هذا النص نلحظ أن المشرع جعل المجرم المعتاد معرض لعقوبات أكثر شدة من عقوبات المجرم العائد ،وتتجسد هذه شدة في العقاب على المجرم المعتاد من خلال الحكم عليه بالإشغال الشاقة في حين العائد يشدد العقاب عليه بالسجن فقط دون الأشغال الشاقة . غير أن الفصل 51 من المجلة الجزائية ألغي بموجب قانون 27 فيفرى 1989 الذي ألغيت بموجبه عقوبة الأشغال الشاقة من سلم العقوبات الأصلية وتبعا لذلك أصبح المجرم المعتاد يعامل معاملة المجرم العائد وذلك بتشديد العقاب طبقا للقاعدة الواردة بالفصل 50 من المجلة الجزائية إلا أن هذه المساواة في العقاب بين المجرم العائد والمجرم المعتاد قابلة للنقاش .

فالمجرم المعتاد كما سبق تعريفه هو المجرم الذي اعتاد الإجرام وينم على استعداد نفسي دائم فطريا أو مكتسبا لارتكاب الجرائم وهو ما يمثل خطورة على سلم و الأمن الاجتماعي أكثر من المجرم العائد الذي هو أقل خطورة منه،وتبعا لذلك فعلى المشرع أفراد المجرم المعتاد بعقوبة أصلية أكثر شدة وصرامة قادرة على ردعه وحمله على الابتعاد على مسلك الإجرام .

إلا أن المساواة في العقاب بين المجرم العائد والمعتاد تتجسم في العقوبة الأصلية مادام المجرم المعتاد توقع عليه إلى جانب العقوبة الأصلية تدابير احترازية تتمثل أساسا في عقوبة الإقصاء.

2 الإقصاء :

الإقصاء كتدبير احترازي لمعتاد الإجرام يعتبر من التدابير المانعة للحرية ويتم تنفيذه في مؤسسة تشغيل معدة للغرض وقد عرف المشرع هذه العقوبة بالفصل 1 من قانون 8 ديسمبر 1973 ” عقوبة الإقصاء عقوبة تكميلية تهم الحق العام مدتها غير محدودة وتقضى بمؤسسة شغل يعينها وزير الداخلية “[141] . كما أن هذا القانون حدد شروط توقيع عقوبة الإقصاء فالفصل الثالث من القانون سالف الذكر حدد المجرمين الذي يجب توقيع الإقصاء عليهم وهم المجرمين العائدين الذي استوجبوا في ظرف عشرة سنوات غير داخلة فيها مدة قضاء العقاب أو المحاكمات المبينة بهذا القانون [142] ،كما أن عقوبة الإقصاء لا تنطبق على الذكور دون عشرين سنة والنساء و الشيوخ أكثر من ستين سنة ،كما أن عقوبة الإقصاء لايمكن توقيعها إلا من طرف محاكم حق عام على الأخص محكمة الناحية و المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ،كما أنها عقوبة اختيارية وعقوبة الإقصاء ليست مطلقة بل محددة بشروط ثلاثة :

* الحالة الأولى: يشترط فيها أن يكون المتهم قد سبقت محاكمته نهائيا مرتين بالإشغال الشاقة وذلك في ظرف عشرة سنوات غير داخل فيها مدة العقاب المحكوم بها

*الحالة الثانية: يشترط أن يكون المتهم قد صدر ضده حكم بالإشغال الشاقة ومحاكمتين إما بالسجن من أجل أفعال توصف بجنايات وإما لأجل جنح من نوع الاختلاس أو التحيل أو الخيانة أو الاعتداء بالفواحش أو التحريض على تعاطي الخناء أو التمعش منه أو الارتشاء وتوريد المخدرات أو شرائها أو بيعها ومسكها واستعمالها إذا كان العقاب المسلط من أجل هذه الجرائم يتجاوز الثلاثة أشهر سجنا .

*الحالة الثالثة: يشترط فيها صدور أربعة محاكمات سابقة على المتهم أما بالسجن من أجل أفعال تعرف بجنايات وإما بالسجن لمدة ثلاثة أشهر لأجل جنح من نوع الاختلاس أو التحيل والخيانة أو الاعتداء بالفواحش أو التحريض على تعاطي الخناء أو التمعش منه أو الارتشاء وتوريد المخدرات وشرائها وبيعها ومسكها واستعمالها .

ونلاحظ أنه بعد تنقيح الفصل 51 بموجب قانون 27 فيفرى 1989 لايمكن للمحكمة توقيع عقوبة الإقصاء إلا في الحالة الثالثة ذلك أن الحالة الأولى والثانية ألغيتا بموجب القانون عدد 23 لسنة 1989 الذي ألغى عقوبة الأشغال الشاقة .

نستشف مما سبق بيانه عند توفر شروط العود في جانب الجاني فانه يقع تشديد العقاب عليه وذلك بالترقيع من الحد الأدنى إلى الأقصى والأقصى يضاعف المقرر بالنص التجريمي للعقوبة .كما أن المشرع بعد تنقيح 1989 أضحى يعامل كل من المجرم العائد والمعتاد على الإجرام على قدم المساواة باستثناء عقوبة الإقصاء التي يجوز للقاضي توقيعها على الجاني المعتاد عند قضاء العقاب الأصلي فإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لتشديد عقوبة العائد في العود العام فيكف يشدد العقاب على العائد في العود الخاص .

الفقرة الثالثة تشديد العقاب على الجاني في العود الخاص

تختلف آثار العود الخاص على آثار العود العام المنصوص عليها بالفصل 50 من المجلة الجزائية عندما يتعلق الأمر ببعض القوانين الخاصة والمخالفات وذلك من خلال اعتماد المشرع قاعدة تشديد مغايرة للقاعدة العامة المتعلقة بالعود العام وذلك ما نلاحظه في جريمة العود إلى السكر و بعض المجلات القانونية والقوانين الخاصة .

أ-العود في السكر:

لقد اقر المشرع قاعدة تشديد مخالفة للقاعدة العامة الواردة بالفصل 47 في جريمة السكر كما انه اعتد بالمخالفات في مجال تحرير العود.

1 أركان جريمة السكر الواضح:

تحديد أركان جريمة السكر الواضح يكون انطلاقا من الفصل 317 من المجلة الجزائية الذي يقتضي في فقرته الثانية لقيام جريمة السكر الواضح بالطريق العام توفر ركنين أساسين أولها أن يضبط مرتكب الجريمة بالطريق العام أو بالأماكن العامة الأخرى وتكون حالة السكر واضحة عليه،ولفهم هذين الركنين يجب تحديد المقصود بالأماكن العامة من جهة ووضوح السكر على مرتكب المخالفات

فالطريق العام و الأماكن الخاصة بالمرور مثل الطرقات و الساحات العمومية أو الأماكن التي يقصدها العموم سواء مجانا أو بمقابل مثل الحدائق العمومية و المدارس و الأماكن المخصصة للمهرجانات وغيرها من الأماكن التي يكون الدخول إليها مخولا لعامة الناس سواء كان الدخول مجانا أو بمقابل [143] وتبعا لذلك لا يعتبر في حالة السكر واضح علي معنى الفصل 317 من المجلة الجزائية من ضبط بأماكن خاصة لا تدخلها إلا فئات معينة من المجتمع مثل النوادي الخاصة ببعض المهن.

كما أن السكر الواضح يستوجب مشاهدة الشخص من العموم كأن يلاحظ عليه عدم التماسك في مشيته أو القيام بحركات غير عادية تلفت الانتباه ، كما لا يشترط أن تكون جريمة السكر مصحوبة بالهرج و التشويش وهذا الموقف عبرت عنه محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 11 نوفمبر 1981 “إن القانون لا يشترط لقيام دعوى السكر المنصوص عليها بالفصل 317 من القانون الجنائي أن يكون مصحوبا بالهرج و التشويش وإنما يشترط توفير ركنين أساسين وهما ظهور السكر علي شاربه ووجوده بالطريق العام وبجميع الأماكن العامة الأخرى و تكون الجريمة ثابتة إذا ما عمد المتهم إلى الهرولة بالطريق لعام مرتديا ثياب النوم “[144].

كما أن السكر الواضح لا يعني تواجد الشخص تحت تأثير حالة كحولية علي معنى الفصل 88 من مجلة الطرقات وذلك لأن مجال تجريم هذه الحالة محدودة و خاصة بميدان جرائم المرور لا غير ، كما أن السكر الواضح لا يفيد تناول المسكرات بقطع النظر عن الحالة التي يكون عليها شاربها لأن هذا المفهوم يؤدي إلى توسيع من مجال التجريم وهو ما يخالف مبدأ التأويل الضيق للنص الجزائي فالسكر الواضح إذن يفيد تواجد الشخص بحالة سكر واضح بالطريق العام وهو الوحيد المتماشي مع أحكام الفصل 52 من المجلة الجزائية [145] وعند ثبوت السكر الواضح علي الجاني فانه ينتج آثاره علي العائد .

2 آثار العود في السكر:

عند توفر شروط العود إلى السكر يقع تشديد العقاب عليه بعقوبة مساوية لأقصى العقوبة التي ينص عليها الفصل317 [146] بالنسبة للشخص الذي يرتكب هذه الجريمة بدون أن تكون له صفة العائد وهذه العقوبة حسب منطوق الفصل 315 من المجلة الجزائية ” تتمثل في خمسة عشرة يوما سجنا و خطية قدرها أربعة دنانير و ثمانية مائة” [147].

نلاحظ أن العائد إلى السكر للمرة الثانية العقوبة المقررة له لا تتضمن حدين حد أدنى و حد أقصى حتى يتمكن القاضي من إعمال سلطته التقديرية عند إيقاع العقاب على الجاني ،إنما يتضمن حدا واحدا و محددا بالنص . لكن رغم ذلك فالعود إلي السكر للمرة الثانية يجعل تشديد العقاب على الجاني العائد أخف من التشديد على العائد في العود العام الذي يجعل العقوبة تصل إلى حد ضعف الأقصى المنصوص عليه بالنص التجريمي حسب الفصل 50 من المجلة الجزائية[148] إلا أنه إذا كان العود إلى السكر متمثلا في تكرار الجريمة لأكثر من مرتين فان التشديد على العائد يكون أكثر شدة من العود للمرة الثانية ،ذلك أن العود إلى السكر لأكثر من مرتين يجعل العقوبة بالسجن مساوية لستة أشهر وهو ما نص عليه الفصل 52 من المجلة الجزائية” وتكرار ارتكاب السكر فيما بعد يوجب العقاب بالسجن مدة ستة أشهر “ وهذا العقاب يساوي اثنتي عشرة مرة أقصي عقوبة السكر بالسجن النصوص عليها بالفصل 317 من المجلة الجزائية كما أن العقوبة المقررة للعود لسكر للمرة الثالثة فأكثر تجعلها عقوبة من صنف الجنح .لكن ذلك لا يعني أن السكر للمرة الثالثة جنحة فهي تحافظ علي وصفها القانوني المحدد بالنص وهو ما قررته محكمة التعقيب في قرارها الصادر سنة 27 أفريل 1983 ” الجنحة المتولدة عن مخالفة لسكر متكرر لا تدخل في حساب العود للمتهم فاعتمادها لتشديد العقاب علي المتهم في عقابه من أجل تدليس الشيك فيه خرقا للقانون يوجب نقض الحكم “[149] .

كما أن المشرع الفرنسي كرس بدوره العود في مجال المخالفات من الصنف الخامس وهو ما اقتضاه الفصل 10-132 .كما أن المشرع البلجيكي وضع قواعد عامة للعود تطبق علي بعض المخالفات الواردة بقانون العقوبات وهو ما نص عليه الفصل 565 ” يتحقق العود في الحالات المنصوص عليها في الفصول الأربعة السابقة إذا سبق الحكم علي المخالف في خلال اثنتي عشرة شهرا في نفس المخالفة “[150]

إلا أن المشرع المصري استبعد المخالفات من نطاق الجرائم التي يعتد بها في مجال العود سواء في اعتبارها أساسا منشئا لحالة العود أو عند النظر في الجريمة الجديدة التي يثار بشأنها أحكامه وذلك بصريح نص الفصل 49 من قانون العقوبات[151].

نستشف مما سبق أن المشرع شدد العقاب علي العائد في القوانين خاصة بالعود الخاص لأنها تستوجب أولا التماثل بين الجريمتين من جهة وقواعد التشديد مغايرة للقاعدة التشديد العامة الواردة بالفصل 50 من المجلة الجزائية.

ب تشديد العقاب على الجاني الوارد بالمجلات القانونية :

1 مجلة الصرف والتجارة الخارجية:

من خلال مجلة الصرف و التجارة الخارجية نلاحظ أن المشرع التونسي شدد العقاب على الجاني الذي سبق معاقبته من أجل ارتكاب جريمة أو محاولة ارتكاب جريمة في حق الجرائم الصرفية ذلك في صورة العود أي ارتكاب جريمة جديدة من نوع الجريمة الأولى التي عوقب من أجلها بحكم بات فيعاقب بالسجن مدة عشرة سنوات من جهة ولا ينتفع بظروف التخفيف ،وذلك ما اقتضاه الفصل 35 من مجلة الصرف ” إن الجرائم أو محاولات ارتكاب الجرائم في حق تراتيب الصرف يعاقب عليها بالسجن من شهر إلى خمس سنوات وبخطية من مائة وخمسين دينار إلى ثلاثمائة ألف دينار على ألا تكون هذه الخطية أقل مما يساوى خمس مرات المبلغ الذي قامت عليه الجريمة وفى صورة العود فان العقوبة بالسجن يمكن الترفيع فيها إلى عشرة سنوات ولا ينطبق الفصل 53 من المجلة الجزائية “[152].

ونلاحظ أن تشديد العقاب على العائد في هذا النص القانوني الخاص يختلف عن النص العام الوارد في الفصل 50 من المجلة الجزائية ذلك أنه ضاعف الحد الأقصى من العقاب دون الترفيع في الأدنى إلى الأقصى أي من شهر إلى خمسة سنوات ،كما أنه نزع عن القاضي كل سلطة تقديرية في إيقاع العقاب من خلال تحديد حد واحد للعقوبة في صورة العود وهو عشرة سنوات .

2 مجلة المياه:

كرس المشرع التونسي تشديد العقاب على الجاني من أجل العود إلى الجريمة في مجلة المياه فالمجرم الذي سبق أن عوقب من أجل إحدى المخالفتين المنصوص عليهم بهذه المجلة أو الأوامر و التراتيب المتخذة لتطبيقها ثم في أجل أثنى عشرة شهر من تاريخ الذي أصبحت فيه العقوبة نهائية ارتكب جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة السابقة فانه يعاقب بأقصى عقوبتي السجن و الخطية أو بأقصى العقوبتين فقط, لكن القاضي له أن يضاعف الحد الأقصى للعقوبة السجن و الخطية أو معاقبته بإحدى العقوبتين. [153] لكن المشرع اعتمد قاعدة مغايرة كذلك للقاعدة العامة وهو الحكم بالأقصى أو مضاعفة الأقصى وبذلك يكون خالف القاعدة العامة لتشديد العقاب على العائد الواردة بالفصل 50 مجلة جزائية.

3 مجلة الغابات :

شدد المشرع العقاب على العائد في مجلة الغابات ويتجسم ذلك من خلال الفصلين 194 و230 من مجلة المجلة سالفة الذكر فالمشرع نظم في الباب الثامن نظام الصيد البحري ووضع عقوبات للمخالف لهذا النظام في الفصل 131 من المجلة المذكورة آنفا و شدد العقاب على العائد في الفصل 194 بمعنى أن الشخص الذي سبق معاقبته بحكم بات ثم ارتكب جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة السابقة يعتبر عائدا للجريمة ويشدد عليه العقاب .ويتجلى التشديد حسب منطوق الفصل 194 من المجلة سالفة الذكر أن العقوبة المستوجبة للعائد هي أقصى مبلغ الخطية و السجن ، ففي الفصل 193 من مجلة الغابات الخطية المقررة للمجرم المبتدئ تتراوح بين ثلاثون وثلاثمائة دينار وعند العود يحكم بأقصاها أي ثلاثمائة دينار والعقوبة بالسجن كذلك ترتفع إلى الأقصى ستة أشهر بمعنى إعمال الحد الأدنى للعقوبة وهو ستة أيام والحكم بالأقصى هو ستة أشهر وبذلك يكون المشرع قد خالف القاعدة العامة للعود الوارد بالفصل 50 من المجلة الجزائية وهو الترفيع من الأدنى إلى الأقصى والأقصى يضاعف .لكن المشرع هنا شدد العقاب على المذنب من خلال وضع حدا واحدا للعقوبة وهو الحد الأقصى للعقوبة “ عند العود دائما يحكم بأقصى مبالغ الخطية والسجن وسحب المؤقت لرخصة الصيد البرى ” [154].

كذلك شدد المشرع العقاب على كل شخص وقع معاقبته سابقا من أجل مخالفة القواعد المنظمة لحماية الطبيعة والنباتات والحيوانات الواردة بالعنوان الثالث في حماية الطبيعة والنباتات والحيوانات [155] . و مظاهر التشديد تتجسم من خلال الفصل 230 من مجلة الغابات الذي اقتضى انه في حالة العود فان العقوبة المستوجبة للعائد هي النطق بأقصى عقوبة السجن والخطية[156] .وبالرجوع إلى الفصول 228 و229 فالمخلف المبتدئ يعاقب حسب الفصل 228 عند مخالفة الفصول 209 و211 و212 و 213 و214 و215 و216 من نفس المجلة بخطية تتراوح بين 10 و1000دينار و السجن بين خمسة أيام وشهر .

أما إذا خالف الجاني الفصول 208 و221و 222و226 حسب الفصل 229 فانه يعاقب بخطية تتراوح بين 20و 300 دينار ويمكن أن يعاقب بالسجن لمدة تتراوح من عشرة أيام إلى ثلاثة أشهر[157]. لكن عند العود يقع تشديد العقاب على المخالف وذلك بمعاقبته بأقصى مبلغ الخطية الواردة بالفصل 228 من مجلة الغابات أي مائتا دينارا أو أقصى الخطية الواردة بالفصل 289 من المجلة سالفة الذكر وهي ثلاثمائة دينار كذلك يحكم بأقصى عقوبة السجن أي شهر سجن إذا خالف المعاود ما اقتضاه الفصل 228 أما إذا خالف المعيد أحكام الفصل 229 فانه يعاقب بالسجن لمدة ثلاثة أشهر حسب مقتضيات سالف الذكر من مجلة الغابات . ونلاحظ كذلك أن المشرع خالف قواعد التشديد العود العام للعود وذلك من خلال وضع قواعد خاصة للعود الخاص بمجلة الغابات .

4 مجلة الشغل:

كرس المشرع التونسي عودا خاص في مجلة الشغل والعود الخاص أن يقع معاقبة الجاني من أجل جريمة سابقة بحكم بات ثم يرتكب بعد ذلك في أجل محدد جريمة جديدة مماثلة للجريمة السالفة التي عوقب من أجلها. ونلحظ التشديد من خلال منطوق الفصل 237 فقرة أولى من مجلة الشغل ” في صورة العود يضاعف العقاب المنصوص عليه “. والتشديد في العقاب على الجاني يقتضى أن يكون المخالف سبق ارتكابه مخالفة لمقتضيات القواعد القانونية و الترتيبية أو التعاقدية وصيرورة ذلك الحكم باتا ثم ارتكاب مخالفة جديدة من نفس الطبيعة القانونية للجريمة الأولى التي عوقب من أجلها في بحر العام الموالى لصيرورة الحكم باتا . والتشديد هنا يتجسم في تضعيف عقاب الخطية على العائد ” في صورة العود يضاعف العقاب النصوص عليه” [158] .وبذلك يكون مشرعنا خالف في مجلة الشغل القواعد العامة للعود وكرس قواعد خاصة لتشيد العقاب على المعيد المخالف وذلك بتضعيف العقاب فقط دون وضع حدين للعقوبة، وذلك حتى يتمكن القاضي من إعمال سلطته التقديرية في توقيع العقاب على العائد في العود الخاص تختلف عن طرق تشديد العقاب على الجاني المعيد الوارد بالفصل 50 من المجلة الجزائية .فكيف هو الشأن في القوانين الخاصة ؟

ج تشديد العقاب في القوانين الخاصة :

لقد أقر المشرع التونسي العود الخاص في عديد النصوص القانونية الخاصة وهو عود خاص لأنه يفترض التماثل و التشابه بين الجريمة الأولى التي عوقب من أجلها الجاني بحكم بات ثم ارتكب جريمة جديدة من نوع الجريمة الأولى وسنتناول بدرس أهمها :

1 قانون 13 ديسمبر 1963:

لقد كرس المشرع ظروف تشديد خاصة على العائد في قانون 13 ديسمبر 1963 المتعلق بترتيب وتوريد وتوزيع وتحويل الذهب والاتجار فيه .ولقيام العود يجب أن يكون الجاني قد عوقب سابقا بحكم بات من أجل جريمة الفصول 2 . 3 4 .5 6 من قانون ديسمبر1963 ثم يرتكب جريمة جديدة من نفس النوع الجريمة السابقة في بحر اثني عشر شهرا من صيرورة الحكم بات .إلا أن التشديد على الجاني يختلف حسب صفة مرتكب الجريمة فان كان المذنب مدير تعاضدية أو رئيس هيئة الجراحين الأطباء أو صناعي الحلي و السباكين فان تشديد العقاب عليهم من أجل العود يكون السجن بين حدين أدناه ثلاثة أشهر وأقصاه عامين .أما إذا كان المخالف تاجرا أو وكيل شركة أو متصرف مفوض لدى شركة فان تشديد العقوبة عليه بموجب العود إلى الجريمة يكون السجن من ستة أشهر إلى خمسة أعوام وبخطية تتراوح بين مائتين دينار و خمسمائة دينار[159]. ونلاحظ أن المشرع شدد العقاب على المجرم العائد إلا أنه ميز في التشديد بين الأشخاص من أجل نفس الجريمة وهو ما يمثل إخلال بمبدأ المساواة في العقوبة بدليل أن مدير التعاضدية ورئيس هيئة الجراحين الأطباء وصانعي الحلي و السباكين يقع معاقبتهم عند العود بعقوبة سجنية فقط تتراوح بين ثلاثة أشهر والعامين . مقابل ذلك فان التاجر أو وكيل الشركة أو الرئيس المدير العام أو المتصرف المفوض لدى شركة يقع معاقبته عند العود بأكثر شدة وهذه الشدة تتجسم في ازدواجية العقوبة المتمثلة في السجن ستة أشهر إلى خمسة سنوات وخطية مالية تتراوح بين مائتين دينار و خمسمائة دينار .

كما أن المشرع شدد العقاب على الجاني من خلال جعل العود سببا في عقوبة السجن ذلك أن المخالف المبتدئ يعاقب بخطية فقط حسب مقتضيات الفصل 7 الفقرة 1 .2 .3 من القانون سالف الذكر. في حين في صورة العود فان العائد يعاقب بالسجن إذا كان مدير تعاضدية أو رئيس هيئة الأطباء الجراحين أو صانعي الحلي و السباكين من ثلاثة أشهر إلى عامين [160] .أما إذا كان المعيد تاجرا أو مدير شركة أو رئيس المدير أو المتصرف المفوض للشركة فان العقوبة تكون مزدوجة عقوبة بالسجن تتراوح بين ستة أشهر وخمسة سنوات وخطية تتراوح بين ألفين دينار وخمسة ألاف دينار [161].

2 قانون 9 ماى 1969 :

كرس المشرع التونسي كذلك ظروف تشديد خاصة على العائد في قانون 9ماى 1969. يفترض التشديد من أجل العود أن يكون الجاني صدر عليه سابقا حكما باتا بالعقاب نتيجة مخالفة الأحكام المتعلقة بالبطاقة المهنية لممارسة نشاط الغناء أو الرقص أو العزف ثم يرتكب جريمة جديدة من نوع الجريمة الأولى التي من أجلها وتبعا لذلك يقع تشديد العقاب على المخالف المعيد وذلك حتى يرتدع من خلال تسليط عقوبة سجنية عليه تتراوح من ستة عشر يوما و ثلاثة أشهر وخطية تتراوح بين عشرون و مائتين دينار . نشير كذلك أن العود هو السبب الذي رتب عليه مشرعنا الحكم بالسجن على العائد بدليل أن المذنب المبتدئ يعاقب بخطية فحسب وذلك ما نص عليه الفصل 7 فقرة أولى ” كل مخالفة لإحكام هذا القانون يعاقب مرتكبها بخطية تتراوح بين عشرة ومائة دينار “ مقابل ذلك في صورة العود فان المجرم العائد يعاقب بالخطية و السجن وذلك ما اقتضاه الفصل 7 فقرة ثانية من القانون سالف الذكر ” وفى صورة العود يعاقب المتهم بخطية تتراوح بين عشرين و مائتين دينار مع السجن من ستة عشر يوما إلى ستة أشهر أو بإحدى العقوبتين “[162].

ونلاحظ أن تشديد العقوبة الخطية على العائد في هذا القانون تتقاطع مع القاعدة العامة لتشديد العقاب الواردة بالفصل 50 المتمثل في ترفيع العقاب من الأدنى إلى الأقصى و مضاعفة الأقصى .وفعلا المشرع جعل عقوبة الخطية بالنسبة للعائد ترفع من الأدنى إلى الأقصى ومضاعفة الأقصى وذلك حسب منطوق الفصل 7 الخطية تتراوح بين عشرين و مائتين دينار.

3 قانون 26 جويلية 1969 :

لقد شدد المشرع التونسي العقاب على العائد في قانون جويلية 1969 المتعلق بالإمراض السارية الواجب الإعلام بها وتطهيرها . لتشديد العقاب على الجاني بسبب العود يجب أن يكون المذنب طبيبا اكتشف مرض ساريا لدى شخص عند الكشف عليه أو المسؤول عن مخبر تحليل بيولوجي في صورة كشف اجابى عن أمراض سارية وأخلوا بواجب إعلام السلطة المعنية بهذه الأمراض و الإصابات وعقبوا سابقا من أجل ذلك بحكم بات . ثم ارتكب الطبيب أو المسؤول عن التحليل البيولوجي جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة الجديدة عندما يقع تشديد العقاب عليهم بسبب العود ،والتشديد يتجسم من خلال مضاعفة الخطية مرتين فالخطية المقررة للجاني المبتدئ تتراوح بين عشرة دنانير ومائة دينار وفى صورة العود الخطية تضاعف مرتين بحيث يصبح الأدنى ثلاثون دينارا و الأقصى ثلاثمائة دينار [163] . وبذلك يكون مشرعنا مرة أخرى خالف القاعدة العامة لتشديد العقاب الوارد بالفصل 50 من المجلة الجزائية .

4 قانون 26 جويلية 1969 يتعلق بتنظيم المواد السمية:

في هذا القانون شدد المشرع العقوبة على الجاني ويتجلى هذا التشديد في ترفيع عقوبات العائد المنصوص عليها بالفصول 100. 101 .102. 103 و 104 إلى الضعف [164] . فمثلا عقوبة الفصل 100 بالنسبة للجاني المبتدى تتراوح بين عام وخمسة أعوام وخطية تتراوح بين 100و 10ألاف دينار أو بإحدى العقوبتين، مقابل ذلك الجاني العائد يعامل بأكثر شدة من خلال مضاعفة العقوبة حيث يصبح حدها الأدنى سنتين و حدها الأقصى عشرة سنوات والخطية كذلك حدها الأدنى يصبح مائتا دينار وحدها الأقصى عشرين ألف دينار و نفس الشيء بالنسبة للعائد الذي خالف أحكام الفصل 101 فان عقوبته تضاعف .

أما الجاني المخالف لأحكام الفصل 102و 103 وعوقب بحكم بات من أجل مخالفته قواعد الفصل 102 فان العقوبة المقررة له هي الأقصى المنصوص عليها بالفصل 101 وهى خمسة سنوات وفى صورة العود فان العقوبة تصبح عشرة سنوات لأنه وقع إقصاء الحد الأقصى لها .وتبعا لذلك يمكن أن نلاحظ أن المشرع وضع قواعد تشديد العقاب على الجاني بموجب العود مختلفة عن القاعدة العامة بدليل أنه ضاعف الحد الأقصى فقط وأهمل ألأحد الأدنى.

5 قانون 3 ماى 1988 يتعلق بالمساجد:

كرس المشرع تشديد العقاب على الجاني في العود الخاص كذلك في قانون 3ماى 1988 .ويفترض تشديد العقاب على الجاني بسبب العود أن يكون الجاني سبق معاقبته بحكم بات من أجل القيام بنشاط داخل المسجد دون الحصول على ترخيص المنصوص عليه بالفصل 5 من هذا القانون [165]، ثم ارتكب جريمة جديدة من نفس النوع وتبعا لذلك فالعقوبة المقررة للجريمة الجديدة مشدد بسبب العود . والتشديد هنا ليس الترفيع في العقاب إنما الحكم بالسجن في صورة العود يصبح وجوبيا [166]. خلافا للعقوبة الأولى التي يمكن أن يكون الحكم فيها بالسجن جوازيا بالنسبة للقاضي[167] . كذلك الأمر بالفصل 11 من نفس القانون شدد العقاب على الجاني العائد الذي سبق أن عوقب من أجل الدعوة داخل المساجد إلى التمرد على السلطة العامة [168] ويتجلى ذلك التشديد على المخالف من خلال أن الحكم بالسجن يصبح وجوبيا و هو عام سجنا.

نلاحظ أن المشرع جعل العود سبب من أسباب جعل الحكم بالسجن وجوبيا خلافا للجاني المبتدئ الذي جعل فيه المشرع الحكم بالسجن عليه جوازي بالنسبة للقاضي .

6 قانون 7 ديسمبر 1992 :

كذلك شدد المشرع العقاب على الجاني في قانون 7 ديسمبر 1992 .ويستوجب تشديد العقاب هنا أن يكون الجاني وقع معاقبته سابقا بحكم باتا من أجل مخالفة إحدى أحكام الفصول 32 -33- 34-35 -36 و37 ثم ارتكب جريمة جديدة في أجل خمس سنوات من صيرورة الحكم الأول باتا [169]، فيكون العقاب بالنسبة للجاني العائد مضاعفة العقوبات المنصوص عليها بالفصول من 32 إلى 37 من قانون 1992. وتبعا لذلك فان العقوبة المقررة بالفصل 32 من قانون 1992 هي عقوبة السجن المتراوحة بين ستة عشر يوما و ثلاثة أشهر أو خطية مالية من 1000و20000 دينار أو بإحدى العقوبتين [170]، وعند العود تضاعف عقوبة السجن فيصبح حدها الأدنى 32 يوما وحدها الأقصى 6 أشهر و الخطية حدها الأدنى 1000 دينار و الأقصى 4000 دينار. أما المخالف لأحكام الفصل 34 من القانون سالف الذكر فانه يعاقب بالسجن بعقوبة تتراوح بين ستة عشر يوما و ثلاثة أشهر و بخطية تتراوح بين 500 و 20000 دينار أو بإحدى العقوبتين [171]، وعند العود يضاعف العقاب بالسجن والخطية فيصبح حدها الأدنى 32 يوما وأقصاه ستة أشهر و الخطية حدها الأدنى 1000و حدها الأقصى 40000 دينار.

أما المخالف لأحام الفصل 34 فانه يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 32 يوما وستة أشهر و خطية تتراوح بين 1000 و 40000 دينار وذلك ما نص عليه الفصل 34 من قانون 7 ديسمبر 1992 ” ترفع العقوبات المشار إليها بالفصل 33 من هذا القانون إلى الضعف “.

وعليه فان العقوبة تضاعف بموجب العود فيصبح السجن حده الأدنى 64 يوما و الأقصى 12 شهرا

أما الخطية فحدها الأدنى 2000 و الأقصى 80000 دينار. أما المخالف لأحكام الفصل 35 يعاقب بخطية تتراوح بين 1000و 2000 دينار حسب منطوق الفصل سالف الذكر و عند العود تضاعف قيمة الخطية فيصبح حدها الأدنى 2000دينار و الأقصى 4000 دينار.

كذلك المخالف لأحكام الفصل 36 يعاقب بخطية تتراوح بين 500 دينار و3000 دينار وعند العود تضاعف العقوبة فتصبح الخطية تتراوح بين 1000دينار كحد أدنى و 6000 دينار كحد أقصى.

كذلك المخالف لأحكام الفصل 37 من هذا القانون يعاقب بالسجن بعقاب يتراوح بين ستة عشر يوما و ثلاثة أشهر و بخطية تتراوح بين 60 دينار و500 دينار. و عند العود فالعقوبة تضاعف فتصبح عقوبة السجن حدها الأدنى 32 يوما و الأقصى ستة أشهر و الخطية يصبح حدها الأدنى 120 دينار و الأقصى 1000 دينار [172] مرة أخرى يخالف المشرع القاعدة الواردة بالفصل 50 من المجلة الجزائية و التي تقتضى في صورة العود ترفيع الأدنى إلى الأقصى و الأقصى يضاعف . لكن المشرع هنا ضاعف كل من الأدنى و الأقصى أي لم يجعل الأدنى يرتفع إلى الأقصى سواء عقوبة السجن أو الخطية ،إنما ضاعفه فقط حسب منطوق الفصل 38 من قانون 1992 .

7 قانون 10 ديسمبر 2003 :

لقد شدد المشرع العقاب على العائد كذلك في قانون الإرهاب وتشديد العقاب هنا يستوجب أن يكون الجاني عوقب سابقا بحكم بات من أجل جريمة إرهابية أو التي تعامل معاملة الجريمة الإرهابية ثم بعد قضاء العقاب الأول أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني ارتكب جريمة جديدة من نفس الطبيعة القانونية للجريمة الأولى. والتشديد حسب منطوق الفصل 29 من قانون الإرهاب يتمثل في مضاعفة العقوبة المقررة للجريمة[173] فمثلا حسب منطوق الفصل 12″ يعاقب بالسجن من خمسة أعوام إلى اثني عشر عاما و بخطية من خمسة ألاف دينار إلى عشرين ألف دينار كل من يدعوا بأي وسيلة كانت إلى ارتكاب جرائم إرهابية أو إلى الانضمام لتنظيم إرهابي أو وفاق له علاقة بجرائم إرهابية ” [174] فعند العود فالعقوبة المقررة للجاني يقع تشديدها من خلال مضاعفتها و المضاعفة تشمل الحد الأدنى و الأقصى ،فتصبح مثلا عقوبة الفصل 12 من القانون سالف الذكر على العائد حدها الأدنى عشرة سنوات و أقصاها أربعة وعشرين سنة وبذلك يكون المشرع سلك أسلوب مشدد على الجاني العائد وذلك لردعه عن العودة للإجرام .لكنه خالف لقاعدة الواردة بالفصل 50 من المجلة الجزائية و التي تقتضى ترفيع الأدنى إلى الأقصى و الأقصى يضاعف لكن المشرع هنا ضاعف الأقصى و الأدنى معا.

8 قانون 3 فيفرى 2004 :

كذلك شدد المشرع العقاب على الجاني في قانون 3 فيفرى 2004 ويستوجب التشديد بموجب العود أن يكون الجاني قد عوقب سابقا من أجل مخالفة أحد أحكام الفصول 38 .39. 40. 41 .42 .43 .44. 45 من قانون 3 فيفرى 2004 ثم يرتكب جريمة جديدة من نفس نوع الأولى . وتبعا لذلك فان الجاني يقع تشديد العقاب عليه بموجب العود و ذلك بمضاعفة العقوبات المنصوص عليها بالفصول 38 .39. 40. 41. 42. 43.44 [175] كذلك سلك المشرع آلية تشديد العقوبة على العائد تختلف مع القاعدة العامة للعود و ذلك من خلال مضاعفة العقوبة الدنيا و القصوى دون ترفيع العقوبة الدنيا إلى حد القصوى كما هو الحال في القاعدة العامة للعود.

كما أن المشرع إلى جانب تشديد العقاب على الجاني العائد نجده في بعض النصوص الخاصة ينص على تسليط عقوبات تكمليه على الجاني وهذه العقوبات منها ما هو وجوبي ومنها ما هو جوازي .

د العقوبات التكميلية:

1 العقوبات التكميلية الوجوبية :

إضافة إلى تشديد العقوبة الأصلية على الجاني العائد فان المشرع قد يفرض على القاضي توقيع عقوبات تكميلية على العائد عند قضاء العقوبة الأصلية على غرار قانون 19 ديسمبر 1963 الذي يقر فيه تشديد العقاب على العائد إلى الجريمة بعد عقابه بموجب أخرى من نفس النوع. إذ يفرض وجوبا على القاضي توقيع عقوبة تكميلية عليه تتمثل حسب منطوق الفصل 7 الفقرة 2. 3 بالتشطيب وجوبا على صانع الحلي أو السباك من الدفتر الخاص بصانعي الحلي و غلق مغازته وبالنسبة للسباك استرجاع شهادة القبول و انتزاع معمله، أما التاجر أو الشركة يوجب المشرع على القاضي التشطيب عل اسمها من الدفتر التجاري[176].

2 العقوبات التكميلية الجوازية:

في هذه الصورة يقضي القاضي بتشديد العقاب الأصلي أولا ثم يكون له الاختيار في تطبق العقوبة التكميلية المنصوص عليها بالنص القانوني المعاقب عن الجريمة في صورة العود .ومن النصوص القانونية التي تكرس جوازية نطق القاضي بالعقوبة التكميلية إلى جانب العقوبة الأصلية قانون 22 ماي 1974 المتعلق بتنظيم مهنة بائع النظارات الطبية ” كل مخالفة لإحكام هذا القانون يعاقب عليها بخطية مقدارها 75 و180 دينار و عند العود يعاقب مرتكب المخالفة بخطية مقدارها 150و 360 دينار ويمكن للمحكمة علاوة على ذلك أن تأذن بغلق المؤسسة أو قسم النظارات البصرية بها “.

إذن القاضي له سلطة تقديرية في تسليط العقوبة التكميلية على العائد إلى جانب العقوبة الأصلية المنصوص عليها بالنص القانوني أو إعفاء العائد منها[177].

كذلك من النصوص القانونية الخاصة التي تمنح القاضي سلطة تقديرية في الحكم بالعقوبة التكميلية من عدمه الفصول 24 .26. 28 من قانون24 جانفى 1969 .حيث اقتضت هذه الفصول سالفة الذكر أنه عند العود تضاعف العقوبات ويمكن التصريح بتحجير الإقامة لمدة خمسة سنوات على الأقل وعشرة سنوات على الأكثر [178].

نستشف مما سبق أن المشرع شدد العقاب علي العائد في القوانين خاصة بالعود الخاص لكنه تشديد مغاير للتشديد المتعلق بالعود العام . إلا أنه ثمة إشكال قد يطرح على القاضي عند تطبيق قواعد العود على الجاني وهو كالأتي في صورة اجتماع العود مع ظروف مشددة خاصة أو مخففة للعقاب فكيف سيتعامل القاضي مع هذه الوضعيات القانونية .

المبحث الثاني: اجتماع العود مع ظروف التشديد الخاصة و ظروف التخفيف

قد يبدو ظاهريا أن تطبيق قواعد العود على الجاني العائد أمرا سهلا ولا يطرح أي إشكال من الناحية التطبيقية عند تطبيق القاضي العود علي المذنب بما أن العود ظرف تشديد ملحق بعناصر الجريمة لا يؤثر علي وجوده علي قيام الجريمة ،في حين إذا وجد يغير عقوبة الجاني بالتشديد عليه.لكن الصعوبات التي تطرأ علي تطبيق العود هو عندما يقترن بظروف تشديد خاصة أو حتى عندما يقترن بظروف تخفيف هنا يطرح العود إشكاليات عملية كبيرة .

الفقرة الأولي: اقتران العود بظروف تشديد خاصة

إن ظروف التشديد الخاصة هي ظروف تنقسم إلي قسمين ظروف تشديد موضوعية وظروف تشديد شخصية.

فالظروف المشددة المادية أو الموضوعية هي التي تتعلق بالجانب المادي للجريمة في أحد عناصره مما يجعل الجريمة أكثر خطورة وجسامة سواء أكان اتصالها بالفعل أم بالنتيجة الإجرامية .فإذا اتصلت بالفعل فهي تفترض ارتكابه علي نحو يجعله أكثر خطورة وقد ترجع هذه الخطورة إلي ارتكابه في مكان معين كسرقة من مكان مسكون أو من محل عبادة أو بارتكابه في زمن معين كسرقة ليلا [179]. أما الظروف الشخصية فتعني ازدياد خطورة الإثم أو الشخصية الإجرامية علي غرار سبق الترصد في القتل و الجرح و الضرب أو صفة الجاني كأن يكون خادما أو طبيبا [180].وتبعا لذلك فان ظروف التشديد الخاصة تؤثر علي الجريمة ،فتارة تؤثر علي وصف الجريمة فتغيرها من جنحة إلي جناية وتارة أخرى تزيد في مقدار العقاب فقط ومن ثمة نتساءل في صورة اجتماع ظروف التشديد الخاصة مع ظروف تشديد العود ما هو الحل الذي سيقع تطبيقه من طرف القاضي ؟

بالرجوع إلي المجلة الجزائية بالرغم من التنقيحات المتتالية فإننا لا نجد حل لهذا الإشكال في المجلة سالفة الذكر وهو ما حمل الفقه وفقه القضاء على الإجماع علي تقديم ظروف التشديد الخاصة علي ظروف العود وعلة ذلك أن الظروف الخاصة لها طابع خاصا إذ من شأنها أن تؤثر علي طبيعة الجريمة فتخرجها من صنف الجنح إلي صنف الجنايات فهي مرتبطة مباشرة بماديات الفعل المعاقب عليه ،في حين العود له طابع عام مرتبط بشخص الجاني وليس له تأثير علي نوع الجريمة كما أنه لا يزيد في خطورتها [181]. وعليه في صورة اقتران العود بظروف التشديد الخاصة فان القاضي عليه تطبيق أولا ظروف التشديد الخاصة ثم العود فإذا ارتكب شخص جريمة اعتداء بالعنف الشديد نتجت عنه درجة سقوط أو العجز الناتج عن الاعتداءات المذكورة عشرون بالمائة حسب الفصل 219 من المجلة الجزائية، ثم تبين للمحكمة من بطاقة السوابق العدلية للجاني أنه عائدا فان القاضي يطبق أولا ظروف التشديد الخاصة وهو الاعتداء بالعنف الشديد الناتج عنه سقوط والتي تستوجب عقوبة ستة أعوام ثم يضاعف العقوبة بموجب العود علي معني الفصل 50 من المجلة الجزائية الذي ينص علي ضعف الحد الأقصى للجريمة فيصبح العقاب المستوجب للجاني اثنتي عشرة سنة. ويمكن القول أن الإجماع منقطع علي أن يبدأ أولا بإعمال قواعد الظروف المشددة الخاصة ثم تطبيق بعد ذلك قواعد العود ومن أولى فان قواعد العود يعمل بها بعد تحديد العقوبة بالنظر إلي الجريمة بجميع أركانها [182].

الفقرة الثانية اقتران العود بظروف التخفيف:

تخفيف العقوبة المقصود بها النزول بالعقاب إلي ما هو أقل من حده القانوني كما أن التخفيف يمكن أن يؤدى في بعض الحالات إلي الإعفاء الكلي من العقاب. وتبعا لذلك فان تخفيف العقاب يكون إما اختياريا أو وجوبيا ويكون وجوبيا عندما يكون القانون هو الذي يقرره لسبب من الأسباب التي تسمي الأعذار القانونية على غرار التخفيف المتعلق بالحدث [183] .أما التخفيف الاختياري فهو الذي يقرره القاضي وفقا لسلطته التقديرية وهو ما يسمي بالتخفيف القضائي الذي يعتمده القاضي للنزول بالعقوبة درجة أو درجتين في سلم العقاب المنصوص عليه بالفصل 53 من المجلة الجزائية [184] . والسؤال الذي يطرح عندما تجتمع كل من ظروف التخفيف أو الأعذار القانونية مع العود ما هو الحل الذي سيعتمده القاضي عند توقيع العقاب علي الجاني.

أ اجتماع العود مع ظروف التخفيف :

ففي حالة اجتماع العود كظرف مشدد عام ينطبق علي كل الجرائم مع ظروف التخفيف فان القاضي عليه تطبيق العود كظرف تشديد عام بموجب القانون أي أن القاضي في مجال العود لا يتمتع بسلطة تقديرية مادام التشديد وجوبي في صورة العود وليس جوازي للقاضي [185]. مقابل ذلك التخفيف هو ظرف قضائي وعليه لابد من تسبيق القانوني على القضائي ،كما أن وجوب تسبيق العود علي ظروف التخفيف عند اجتماعهما نستشفه من الفصل 50 من المجلة الجزائية الذي قدم العود علي ظروف التخفيف لكن بدون أن يمنع ذلك من اعتماد الفصل 53 من المجلة الجزائية فالمشرع بعد أن أوجب تشديد العقوبة بفعل العود ذكر إمكانية تخفيف عقوبة العائد على أساس الفصل 53 من الفصل سالف الذكر [186] .وكذلك تسبيق ظرف العود علي ظرف التخفيف المنصوص عليها بالفصل 53 من المجلة الجزائية كرسته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 15 نوفمبر 1932” إن الفصل 50 نص علي أن في صورة التكرار لا يمكن أن يكون العقاب أقل من الأقصى المنصوص عليه بالنص المتعلق بالتهمة الجديدة أو بتجاوز ضعف القدر المذكور كل ذلك مع تطبيق الفصل 53 إن اقتضى الحال ذلك”[187].

كما أن موضوع اجتماع العود و ظروف التخفيف أثار اهتماما كبيرا في الفقه الفرنسي لأن التشديد في فرنسا للعود هو إجباري ،و قد أجمع الفقهاء الفرنسيون علي إعمال قواعد العود أولا ثم تطبيق بعد ذلك قواعد الظروف المخففة علي أساس أن هذه الظروف تمثل السبيل الوحيد الذي يلجأ إليه القاضي لتخفيف العقوبة بسبب الظروف المحيطة بارتكاب الجريمة بعد أن يقدر كافة أسباب التشديد [188].أما اقتران العود بظروف التخفيف في التشريع المصري لايثير أي صعوبة في حالة العود لجنحة بعد عقوبتيه من أجل جنحة سابقة لأن قواعد الظروف المخففة حسب الفصل 18 من قانون العقوبات المصري لا تسري إلا على الجنايات لان القاضي يستطيع النزول بالحد الأدنى لعقوبة الجنحة .

كذلك العود في الجنايات أي في حالة عودة الجاني لارتكاب جناية بعد سبق الحكم عليه بعقوبة جناية فان اقتران ظروف التخفيف بالجناية الجديدة لايثر أية أهمية عملية في هذه الحالة أيضا في ضل أحكام العود في القانون المصري لأن التشديد سببه يكون دائما اختياريا للقاضي ولا تأثير له علي الحد الأدنى للعقوبة لذلك لا تتغير النتيجة سواء بدأ القاضي أولا بتطبيق العود ثم قواعد الظروف المخففة أو العكس [189].

و نتحصحص مما سبق بيانه أن القانون التونسي و الفرنسي في صورة اجتماع العود كظرف مشدد عام وظروف التخفيف القضائية فان القاضي عليه البدء بتطبيق العود باعتبار ظرف تشريعي ثم يليها التخفيف بما هو ظرف قضائي. فهل يمكن تطبيق نفس الحل عند اجتماع ظرف العود مع العذر القانوني .

ب اجتماع العود بعذر قانوني:

الأعذار القانونية تختلف عن الظروف المخففة الواردة بالفصل 53 من المجلة الجزائية بأنها ظروف محددة مسبقا من قبل المشرع وليست متروكة لاجتهاد القاضي ، وأهم عذر قانوني على الإطلاق مخفف للعقاب هو صغر السن الواردة بالفصل 43 من المجلة الجزائية الذي نص على أنه ” يقع تطبيق القانون الجزائي علي المتهمين الذين سنهم أكثر من ثلاثة عشرة عاما كاملة وأقل من ثمانية عشر عما كاملة لكن إن كان العقاب المستوجب هو الإعدام أو السجن بقية العمر يعوض ذلك العقاب بالسجن مدة عشر ة أعوام .وإذا كان العقاب المستوجب هو السجن لمدة معينة تحط مدته إلى النصف على أن لا يتجاوز العقاب المحكوم به خمسة أعوام”.

والمشرع التونسي خلافا لنظيره الفرنسي الذي اعتد بحالات أخرى تتعلق بجرائم العنف وتعرف بما يسمى بعذر الإثارة أو التحريض. وقد أجمع الفقه وفقه القضاء على تقديم الأعذار القانونية المخففة على العود لكن الأعذار القانونية تطبق بعد ظروف التشديد الخاصة إن وجدت وهو ما كرسه القانون المصري من خلال الفصل 77 قانون عقوبات [190].كما اعتمد فقه القضاء الفرنسي الترتيب الأتي ظروف تشديد خاصة ثم أعذار قانونية مخففة ثم عود وذلك بالاعتماد علي الفصلين 66 و 67 بعد تقدير كافة الظروف التي تؤثر على العقوبة كما لو كان مرتكب الجريمة بالغا من الأهلية الجنائية مما يقتضي إعمال قواعد العذر القانوني بعد قواعد العود وبعد قواعد الظروف المخففة[191]، فيكون الترتيب المعتمد في القانون الفرنسي كالأتي هو تطبيق ظروف التشديد الخاصة ثم العود ثم ظروف التخفيف القضائية ثم عذر صغر السن .وقد انتقد الفقه الفرنسي موقف قضائهم وبصفة خاصة الفقيه رو” roux “إن التبرير الذي يستند عليه القضاء في تطبيق أحكام عذر صغر السن قبل قواعد الظروف المخففة هو تفادي النزول بالعقوبة إلى حد كبير قد يخل بمقتضيات الردع العام هذا التبرير يؤدي إلى التحكيم .إذ إن القاضي مهمته تنحصر في تطبيق القواعد القانونية الواجبة الإتباع فهو مفسر للقانون وليس مشرعا ولا يحق له مهما كانت الأسباب الخروج على هذه القاعدة ومن ناحية أخرى يرى رو أن قصد الشارع نظرية عامة للظروف المخففة واضح في ضرورة إعمال أحكامها بعد تقدير جميع الظروف التي حددها ومن بينها عذر صغر السن وإذا كانت هذه القاعدة تطبق علي الراشدين فيجب من باب أولى وأحرى تطبيقها على صغير السن [192]. وتبعا لذلك فان رو يطالب بإتباع ما ينادي به جمهور الفقهاء من إعمال حكم العذر القانوني ثم قواعد العود ثم الظروف المخففة . إذا كان الأمر كذلك في القانون الفرنسي ما هو الترتيب المعتمد في القانون التونسي ؟

بالنسبة لهذا الإشكال لم تتضمن المجلة الجزائية أي نص صريح .كما أن فقه القضاء لم تتاح أمامه الفرصة لإبداء رأيه في مسألة ترتيب الظروف المشددة و المخففة عند اجتماعهما والحل الذي يمكن تقديمه لهذا الإشكال هو في صورة اجتماع العود بعذر قانوني هو تسبيق صغر السن الواردة بالفصل43 من المجلة الجزائية لان المشرع عمل على معاملة صغير السن بأسلوب لين ومرن خلافا للشخص الراشد بدليل الفصلان 43 من المجلة الجزائية و68 من مجلة حقوق الطفل وما بعده الذي يتمتع الطفل فيها بمعاملة لينة تتماشى مع صغر سنهم ثم يأتي العود بعد ظرف العذر القانوني لان المشرع في الفصل 50 سبق العود على ظروف التخفيف من جهة ، كما أن العود هو ظرف تشريعي و التخفيف هو ظرف قضائي وعليه التشريعي يقدم على القضائي. ومن ثمة يكون الترتيب كالأتي العذر القانوني ثم العود ثم الظروف القضائية الواردة بالفصل 53 من المجلة الجزائية . فالعود إذن من أهم آثاره هو تشديد العقاب على الجاني لكن ليس الأثر الوحيد بل له آثار على محاكم الأصل. المبحث الثالث آثار العود على محاكم الأصل

العود إلى جانب أثاره على العقوبة الذي يؤدي إلي تشديد العقاب الجاني المعيد أكثر مما هو مقرر للعقوبة بالنص التجريمي فانه يؤثر علي القضاء وهو ما يدعونا التساؤل عن أثار العود علي الاختصاص الحكمي .

الفقرة الأولي الاختصاص الحكمي

قد يبدو لنا لأول وهلة أن مسألة العود لا تثير أي إشكال بالنسبة للاختصاص الحكمي عند تطبيق العود بسبب تحديد المشرع اختصاص كل محكمة بصورة مبسطة حسب صنف كل جريمة و العقاب المقرر لها. فبالرجوع إلي مجلة الإجراءات الجزائية نلحظ أن المخالفات جعلها المشرع من أنضار حاكم الناحية بصفة مطلقة و ذلك ما نص عليه الفصل 123 من مجلة الإجراءات الجزائية ” ينظر حاكم الناحية نهائيا في المخالفات “[193]

كما أن المشرع جعل الجنح المعاقب بالسجن لا تتجاوز العام أو الخطية لا تتجاوز مقدارها 1000 دينار من أنضار حاكم الناحية ،كذلك الجنح التي أسند إليه فيها النظر بمقتضى خاص [194] .

أما الجنح الناتجة عن الجرح على وجه الخطأ و الحريق عن غير عمد فجعلها بصورة استثنائية من أنضار المحكمة الابتدائية و ذلك حسب منطوق الفصل 123 ” يبقى النظر للمحكمة الابتدائية بصفة استثنائية في جنحة الجرح على وجه الخطأ و الحريق على وجه الخطأ “

أما بالنسبة لبقية الجنح باستثناء ما كان منها من أنضار قاضى الناحية فهي من أنضار المحكمة الابتدائية وذلك ما اقتضاه الفصل 124 من المجلة الجزائية [195]. أما الجنايات فهي من أنضار الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية و الدوائر الجنائية بمحكمة الاستئناف ومن خلال هذا التحديد التشريعي لاختصاص المحكمة بالنظر لصنف الجرائم و مقدار العقوبات المقررة لها نتساءل عن تأثير العود على الاختصاص الحكمي بمعنى هل العود يؤثر على الاختصاص الحكمي بموجب تشديد العقاب ؟

العود هو ظرف تشديد عام عند توفره يؤثر على العقوبة المقررة أصلا بالنص التجريمي فيجعل حدها الأدنى يرفع إلى الأقصى و الأقصى يضاعف حسب منطوق الفصل 50 من المجلة الجزائية ” في صورة العود لا يمكن أن يكون العقاب دون الأقصى المنصوص عليه بالفصل المنطبق على الجريمة الجديدة ولا أكثر من ضعف ذلك المقدار “. مثلا لو وقع معاقبة شخص سابق بحكم بات من أجل اعتداء بفعل الفاحشة بدون استعمال القوة على طفل لم يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما كاملة وعوقب بالسجن خمسة أعوام حسب الفصل 228 من المجلة الجزائية ، ثم قبل مرور خمسة سنوات من قضاء العقاب الأول أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن ارتكب جريمة جديدة من نفس نوع الجريمة الأولى فان العقاب يرفع من خمسة سنوات إلى عشرة سنوات، فهل ينقلب الوصف القانوني للجريمة من جنحة إلى جناية نتيجة ترفيع العقاب مما يؤثر على الاختصاص الحكمي فتصبح من أنضار الدائرة الجنائية وليس الدائرة الجناحية للمحكمة الابتدائية أم تحافظ الجريمة على وصفها القانوني أي تبقى جنحة رغم ترفيع العقاب على العائد ؟

إن العود كظرف مشدد عام لا تأثير له على نوع الجريمة أي لا يؤدى إلى تغير الوصف القانوني للجريمة إنما يؤدى فقط إلى الزيادة في مقدار العقوبة المقدرة أصلا بالنص التجريمي .لأن الظرف الذي يغير من الوصف القانوني للجريمة يجب أن يعد من أركانها كظرف الإضمار في القتل فهو ظرف يعد من أركان جريمة القتل المشدد أو الصفة في السرقة كصفة الخادم وصفة الموظف العمومي ،أما العود فهو ظرف عام يلحق الشخص ولا تأثير له في الجريمة وتبعا لذلك فان العود يبقي الجريمة ضمن التقسيم الثلاثي للجرائم فلا يغير وصفها [196] مثال ذلك ارتكاب جنحة السرقة المجردة المستوجبة للعقاب خمسة أعوام وخطية قدرها مائة وعشرون دينار فانه في صورة عود الجاني الذي عوقب سابقا بحكم بات من أجل السرقة المجردة فان العقاب يصبح عشرة سنوات ومع ذلك لا تنقلب جنحة السرقة المجردة إلى جناية وتبقى الدائرة الجناحية هي المختصة أي ذات الاختصاص الحكمي . و كذلك ما يبرهن أن العود لا يؤثر في العقوبة دون الجريمة أي لا يغير من الوصف القانوني للجريمة هو التنصيص التشريعي بالفصل 125 من المجلة الجزائية “ تشديد العقاب في جميع صور العود لا يترتب عنه تغير مرجع النظر “.

إلا أن موقف فقه القضاء المقارن يختلف مع موقف المشرع التونسي حيث اعتبرت محكمة النقض المصرية أن العود في المادة 51 و54 من قانون العقوبات يغير من الوصف القانوني للجريمة من جنحة إلى جناية و استند القضاء في قضائه إلى الفصل 10 من العقوبات التي عرفت الجنايات بأنها الجرائم المعاقب عليها بعقوبات من بينها الأشغال الشاقة . وقد أجازت المادة 51 الحكم على العائد بالسرقة و الجرائم المماثلة بالأشغال الشاقة من سنتين إلى خمس سنوات وهى من العقوبات التي يحكم بها في مواد الجنايات ولا يمكن الحكم بها إلا من محاكم الجنايات[197] .كما اقر بعض الفقهاء أن العود لا يؤثر في الوصف القانوني إنما يقتصر تأثيره علي تشديد العقاب دون تغيير نوعها ولو كان هذا التشديد يقضي برفع العقوبة عن الحد الأدنى المعين لنوعها أو مضاعفة الحد الأقصى [198].

نستنتج مما سبق بيانه أن العود هو ظرف تشديد عام ينسحب تأثيره على العقوبة دون الجريمة أي لا يغير من الوصف القانوني للجريمة، إنما يشدد العقاب على الجاني فحسب وبتالي لا يؤثر على اختصاص الحكمي للمحكمة .خلافا لذلك يرى جانب من الفقه وفقه القضاء المصري أن العود الوارد بالفصل 51 من قانون العقوبات يؤثر علي الوصف القانوني للجريمة أي يغير وصف الجريمة من جنحة إلى جناية مما يجعل الجريمة من أنضار محكمة الجنايات . مهما يكن من أمر فان المحكمة عليها إدراج بعض البيانات الوجوبية الواجب تضمينها بالحكم القاضي بالعود .

الفقرة الثانية التنصيصات الوجوبية في الحكم القاضي بالعود

إن محاكم الأصل محمولة على تضمين بيانات و جوبية في الحكم الصادر عنها والقاضي بتشديد العقاب علي الجاني من أجل العود وذلك حتى تتمكن محكمة التعقيب من مراقبة تطبيق القانون أي يجب عليها أن تبين في حكمها الظروف المكونة للعود و الواردة بالفصل 47 من المجلة الجزائية، وهو أن يكون الجاني ارتكب جريمته بعد عقابه بموجب أخرى وذلك في مدة خمسة سنوات أو عشرة سنوات من قضاء العقاب الأول أو على إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني .وتبعا لذلك يكون الحكم القضائي فاقدا الأساس القانوني وقابلا للنقض الحكم الذي يكتفي بالتنصيص على أن المتهم عائدا أو من ذو السوابق وطبق عليه قواعد العود بدون أن يثبت العقوبات السابقة التي قضاها المحكوم عليه و ينص على أن الأحكام السابقة الصادرة ضده أصبحت نهائية وأحرزت على قوة اتصال القضاء. وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الجزائي الصادر في 2 جويلية 1984 ” اعتماد العود في حق المتهم ومعاملته من أجل تشديد العقاب يوجب على المحكمة أن تبرز في حكمها أن المحاكمة الأولى المعتبرة في العود قد أحرز حكمها علي قوة ما اتصل به القضاء وبدون ذلك يكون حكمها قاصرا التعليل و مستوجبا للنقض “[199].

وعلة وجوب أن تبين المحكمة في الحكم الصادر عنها بتشديد العقاب علي أنه عائدا بموجب سبق معاقبته من أجل جريمة سابقة و صدر عليه حكم بات لأن العود لا يعتبر قانونا إلا إذا أحرز الحكم الأول المتخذ أساسا في حساب العود على قوة اتصال القضاء قبل ارتكاب الجريمة الثانية [200]، ضرورة أنه من الجائز أن العقوبة لم يقع قضاؤها كهرب المحكوم عليه أو أن الحكم الذي قررها ما زال عرضة للطعن بمختلف الأوجه الواردة بمجلة الإجراءات الجزائية الاعتراض الاستئناف و التعقيب .

كما أن الحكم الصادر عن المحكمة القاضي بأن الجاني معيد يجب أن يتضمن نفس نوع الجريمة السابقة التي عوقب من أجلها وتاريخها ومقدار العقوبات المحكوم به .لأن هذه البيانات هي أركان العود ومن ثمة يجب إثباتها في الحكم وإلا كان لاغيا، العلة من ضرورة أن تثبت المحكمة بحكمها نوع الجريمة السابقة الصادر بشأنها حكم بات هو حتى تتمكن محكمة التعقيب من مراقبة ما إذا كانت هذه الجريمة خاضعة لنظام عود خاص أو كان لا يعتد بها في تحرير العود العام علي معنى الفصل 47 من المجلة الجزائية كأن تكون الجريمة الأولى التي عوقب من أجلها مخالفة أو كانت من نوع الجرائم الغير قصدية الواردة بالفصول 217 و 225 من الجلة سالفة الذكر أو من نوع الجريمة العسكرية لأن كل هذه الجرائم لا يعتد بها في تحرير العود [201]. كذلك يجب أن يتضمن الحكم الصادر عن المحكمة والقاضي بتشديد العقاب على الجاني من أجل العود أن المجرم اقترف جريمة ثانية إبان المدة القانونية المشترطة بالفصل 47 من المجلة الجزائية والتي تمثل خمسة أعوام وعشرة أعوام إذا كانت الجريمتان مستوجبتين عقاب بالسجن عشرة أعوام فما فوق . ويبتدئ سريان المدة من تاريخ انقضاء العقاب أو إسقاطه أو سقوطه بمرور الزمن القانوني لا من صدور الحكم [202].

ومن ثمة يكون قابلا للنقض الحكم الذي اعتبر الجاني عائدا دون أن يثبت أن الجريمة التالية التي أدين من أجلها قد أقترفها في المدة التي حددها الفصل 47 من المجلة الجزائية [203].

كذلك يجب على المحكمة عند تطبيق أحكام العود أن تشير صراحة إلى قيام حالة العود و المواد المنطبقة عليها، لكن لا ينقض إذا رفعت محكمة الاستئناف في العقاب المحكوم به من طرف محكمة درجة أولى دون أن تتجاوز الحد الأقصى للعقوبة المقررة للجريمة الثانية ولم تشير في حكمها إلى تطبيق العود علي المتهم فلا مجال في هذه الحالة للبحث عما إذا احترمت المحكمة قواعد العود أم لا [204]. وتراقب محكمة التعقيب من خلال الوقائع المعروضة عليها إن كانت محكمة الاستئناف طبقت قواعد العود تطبيقا سليما سواء من حيث شروطه أو من حيث آثاره وتنقض القرار إذا لاحظت أن المحكمة خرقت القانون أو أساءت تطبيقه إلا أنه إذا لم يدفع المتهم أمام الاستئناف بعدم اتصال القضاء في خصوص الحكم الأول عند اقتراف الجريمة الثانية ودفع به لأول مرة أمام محكمة التعقيب فان القرار الاستئنافى لا يكون عرضة للنقض [205].

نتحصحص مما سبق أن الحكم الصادر عن المحكمة والقاضي بتشديد العقاب على الجاني من أجل العود يستوجب أن تثبت فيه المحكمة كل الشروط المستوجبة للعود وفي صورة تخلف أحدى هذه الشروط التي يقع اعتمادها في تحرير العود فان حكمها يكون قابلا للنقض وذلك لضعف التعليل لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن أثبات أن الجاني عائد.

الفقرة الثالثة إثبات العود :

يقع عبء إثبات العود على عاتق النيابة العمومية وتعتمد النيابة العمومية في إثباتها لحالة العود على الأحكام السابقة وذلك بالاستناد على بطاقة السوابق العدلية.

أ إثبات العود من خلال السجل العدلي :

السجل العدلي هو مؤسسة قانونية مختصة بحفظ المعلومات المتعلقة بالإحكام الجزائية وأيضا بعض التدابير التي تؤثر في الوضعية القانونية للشخص ما [206]. وبطاقة السوابق العدلية تنقسم إلى ثلاثة أنواع مرتبة حسب تتابع أرقمها من 1 إلى 3. فالبطاقة الأصلية هي البطاقة رقم واحد وقد اعتمد فيها اللون الأبيض منذ بداية العمل بنظام القيس في أوائل القرن الحالي ،وهي معدة لان يضمن بها حسب الفصل 178 من قانون المرافعات القديم جميع الأحكام الحضورية أو الغيابية الصادرة عن محكمة زجرية في جناية أو جنحة لم يتسلط عليها اعتراض. ولمعرفة سوابق أي شخص يقع تقديم مطلب لمصلحة الهوية العدلية التي تسلم نسخا أو مضامين منها وتعرف البطاقة عدد اثنين أو البطاقة عدد ثلاثة .

وتبعا لذلك فان المحكمة المتعهدة حتى يتسنى لها معرفة سوابق الجاني الماثل أمامها هل هو مبتدئ أم عائد لا يتوقف على تصريحه أنه عائد أو مبتدئ إنما يجب أن تعتمد على بطاقة سوابقه العدلية فلو أدانت محكمة الموضوع المتهم بوصفه عائدا على أساس تصريحاته وبدون أن يتضمن ملف القضية ما يثبت اعتمادها على بطاقة السوابق العدلية فان حكمها يكون ضعيفا ومعرضا للنقض .

إذن وسيلة الإثبات التي يجب أن تعتمدها محكمة الموضوع للتأكيد من كون المجرم الماثل أمامها عائدا أو مبتدئا يكون الاعتماد على بطاقة سوابقه العدلية التي تكون مظروفة ضمن أوراق ملف القضية ،وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرار صادر عنها في 12 فيفري 1969“إن الحجة القانونية في إثبات العود هي صحيفة السوابق الواردة بها الفصول 117 من القانون القديم للمرافعات الجنائية ولا يكون المجرم عائدا إلا إذا اقترف الجريمة الثانية التي عوقب من أجلها في بحر المدة التي حددها الفصل 47 من المجلة الجنائية “[207]

ونلاحظ أن بطاقة السوابق العدلية وقع اعتمادها تقريبا من كافة التشاريع القانون المقارن وذلك لسهولة التثبت من ماضي المتهم عند محاكمته هل هو مجرم مبتدئا أم عائدا يستوجب تشديد العقاب عليه حتي يرتدع لذلك أخذت المحاكم ببطاقة السوابق العدلية للتأكد من ماضي المتهم [208] . لكن هل أن بطاقة السوابق العدلية التي تعتمدها المحاكم للتثبت من ماضي الجاني تتمتع بقوة ثبوتية مطلقة ؟

ب القوة الثبوتية للسجل العدلي :

لئن كانت بطاقة السوابق العدلية هي التي تستند عليها محكمة الموضوع للتثبت من ماضي المتهم عند تحرير العود فان هذه البطاقة لا تكتسي حجة مطلقة إنما تقبل الطعن فيها، وذلك لعدة أسباب منها عدم وضوح الكتابة الخطية في بطاقات الإعلام الموجهة من المحاكم للمصلحة المذكورة الأمر الذي يمكن أن يتسبب في الخطأ فظلا عن التأخير في إدراج محتوياتها بالسجل العدلي وشموليتها في كثير من الأحيان للمخالفات مما يؤدي ذلك إلي إدراجها بالطاقة عدد واحد ومن ثمة بالبطاقات المستخرجة منها ،كذلك عدم بيان الهوية كاملة لبعض المحكوم عليهم وخاصة الاسم الثلاثي المؤلف من اسم المعني بالحكم و اسم والده وجده وفي كثير من الأحيان يرد بالإعلام اسم المحكوم عليه ولقبه فقط الأمر الذي يعطل إدراجه بالسجل .

كذلك قلة التنسيق أو انعدامه بين المصلحة المكلفة بمسك السجل العدلي و الهياكل التي تزودها بالمعلومات في كل محكمة فكل منها منفصل في عمله عن الأخر عوض أن عمل كل طرف متمم للأخر. ولعل ذلك ما يفسر كثرة ما نلاحظه على البطاقة عدد اثنين من تنصيص علي عدم الاتصال بنتيجة القضية أو التهمة المبينة بها.

كذلك التأخير الملحوظ في إدراج محتوي الاعلامات بالسجل العدلي نتيجة للعوامل المذكورة ولعوامل نقص الإطار أو عدم تفرغه بصفة تامة للمهمة المناطة بعهدته[209] .

كذلك تتجسم نسبية حجية بطاقة السوابق العدلية من خلال طعن أحد المتهمين في صحة البيانات المتضمنة بها وهو ما يجعل بطاقة السوابق العدلية للمتهم قاصرة على إثبات ماضيه العدلي لذلك عادة ما يقع اللجؤ إلى تحقيق شخصية المتهم من خلال بصمات الأصابع .

ج تحقيق شخصية المتهم ببصمات الأصابع:

هذه الطريقة لها فائدة كبيرة بالنسبة للمجرمين الذين يعمدون إلى تغير أسمائهم حيث توجد أسماء كثيرة مماثلة ،ولها فائدة خاصة بالنسبة للإحداث لان نموهم يجعل القيس عديم الجدوى وهذه الطريقة لها حجية مطلقة في إثبات شخصية المجرم إذ تبين علي امتداد فترة زمنية هامة إن بصمات الأصابع المأخوذة من الجاني في الحكم الأول هو أقوي دليل يمكن أن يقدم علي اتحاد الشخصية . وتبعا لذلك في صورة تطابق بصمة المتهم مع بصماته السابقة السابقة للنظر للحكم عليه بالعقاب فان المتهم يكون هو نفسه المحكوم عليه فيما سبق ومن ثمة تكون بطاقة السوابق العدلية ذات حجية قاطعة ولا يمكن أن يطعن في الأحكام المضمنة بها.

نستنتج مما سبق أن محكمة الموضوع عليها قبل معاقبة المتهم على أنه عائد من خلال تشديد العقاب عليه أن تتثبت من بطاقة سوابقه العدلية هل فيها ما يفيد أنه عوقب سابقا بحكم بات ولان العود هو مسألة قانونية وليس واقعية فانه يخضع لرقابة محكمة التعقيب .

الفقرة الرابعة رقابة محكمة التعقيب لمحاكم الأصل عند تحرير العود

إن التعقيب هو وسيلة من الوسائل الرقابة على أحكام محاكم الموضوع مما يجعلها تضطلع بمهمة توحيد الاجتهاد القضائي للدولة الواحدة . فإذا تعهدت محكمة التعقيب و اتضح لها أن هناك خرقا للقانون فلا يجوز لها أن تتصدى للموضوع بل أن عملها يقتصر أساسا على نقض الحكم و إبطاله ثم إرجاعه إلى محاكم الأصل للنظر فيه مجددا. وهذا النظام كرسه المشرع التونسي وكذلك مكرس في معظم الدول الاروبية على غرار فرنسا و ايطاليا و بلجيكا وهولندا و ألمانيا [210]

بما أن العود هو مسألة قانونية وليس واقعية فهو يخضع لرقابة محكمة التعقيب ،ومن ثمة فالمحكمة التي اعتبرت أن الجاني عائدا في الجريمة وذلك لا يكون إلا من خلال الاعتماد على بطاقة سوابق العائد فهي الحجة القانونية التي تثبت أن الجاني عائدا ويجعل حكمها غير معرض للنقض وذلك ما قررته محكمة التعقيب في قرارها الصادر 12 فيفري 1969 ” إن الحجة القانونية في إثبات العود هي صحيفة السوابق العدلية الواردة بها الفصل 177 من القانون القديم للمرافعات الجنائية “[211] .

وتبعا لذلك إذا عاملت محكمة الأصل الجاني على أنه معيد دون تعليل في حكمها أنها استندت إلي بطاقة سوابق العدلية للجاني يكون حكمها ضعيف التعليل وفيه خرقا للقانون مما يعرضه للنقض .

كما أن محكمة التعقيب تراقب هل المحكمة المتعهدة تثبتت من خلال بطاقة سوابقه العدلية للجاني أن الحكم السابق الصادر على الجاني أحرز قوة اتصال القضاء ،لان من الشروط الأساسية للاعتداد بالعود هي صدور حكم بالعقاب علي الجاني و صيرورته باتا قبل ارتكاب الجاني جريمة جديدة و ذلك ما قررته محكمة التعقيب في قرار صادر عنها في 6 جويلية 1985 ” لا يعتبر العقاب المحكوم به على الجاني في تحرير العود إلا اذا صار للحكم الأول صبغة ما اتصل به القضاء قبل ارتكاب الجريمة الثانية “[212].

كذلك تراقب محكمة التعقيب الحكم الصادر عن محكمة الأصل القاضية بتشديد العقاب على الجاني من أجل العود إذا ارتكب جريمة جديدة قبل أن تمضي على قضاء العقاب الأول المدة التي ضبطها الفصل 47 من المجلة الجزائية وهو ما أقرته محكمة التعقيب في عديد قراراتها [213].

كذلك تراقب محكمة التعقيب هل طبقت محاكم الموضوع قواعد العود تطبيقا سليما، مثلا عندما يكون الجاني عائدا ومع ذلك تغض محكمة الموضوع النظر على هذا الظرف المشدد للعقاب وتعامله معاملة المبتدئ من خلال تخفيض العقوبة يكون حكمها مجانبا للصواب ومعرض للنقض، وهو ما أقرته محكمة التعقيب في عديد القرارات على غرار قرارها الصادر في 9 جويلية 1983 ” المتهم المعيد وان اقتضى الفصل 50 من المجلة الجزائية إمكانية معاملته معاملة بتخفيف العقاب المستوجب فان القانون يوجب على المحكمة أن تبرز في حكمها ظروف ذلك العود وتوفر أسبابه وتعليل معاملة ذلك المعيد بالتخفيف أو ضم العقاب فمعاملته دون ضبط ذلك العود ودون بيان أسباب التخفيف يكون به الحكم قاصر التسبيب ومستوجبا للنقض”.

نستشف مما سبق بيانه أن محكمة التعقيب بوصفها محكمة قانون لها حق رقابة كل الأحكام الصادرة عن محاكم الأصل فيما يتعلق بتطبيق العود على الجاني تطبيقا سليما .لكن نلاحظ أن محكمة التعقيب لا تنقض الحكم الصادر عن محكمة الموضوع إن اشتملت أسباب الحكم على الخطأ وقع في ذكر نصوصه فلا يجوز نقض الحكم متى كانت العقوبة المحكوم بها مقررة في القانون للجريمة وتصحح المحكمة الخطأ الذي وقع وذلك ما كرسته محكمة النقض المصرية [214].

كما أن إثارة العود بالنسبة للجاني لا تكون إلا أمام محكمة درجة أولى، أما إذا لم يدفع الجاني بعدم صحة البيانات الواردة بصحيفة سوابقه العدلية التي تفيد أنه عائد فانه لا يمكن له إثارتها أمام محكمة الاستئناف أو محكمة التعقيب لأول مرة .

وذلك خلافا للممثل النيابة العمومية الذي له إثارة مسألة العود في أي طور من أطوار القضية وذلك ما قررته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 23 أفريل 1980 “ظروف التشديد الوجوبية وظروف التخفيف الاختيارية تهم سلطة التتبع و القضاء دون القائم بالحق الشخصي وبتالي فلا يحق له إثارتها أمام التعقيب “[215].

نتحصحص مما سبق أن العود ينقسم إلى قسمان عود عام ينسحب على كافة الجرائم والجناة بدون استثناء كلما توفرت شروطه كيفما تعرضنا له بالتحليل في الفصل الأول من الجزء الأول.

أما العود الخاص يختلف عن العود العام لأنه يفترض شروط خاصة به أي شروط لا تنسحب على العود العام على غرار ضرورة التماثل بين الجريمة الأولى التي حوكم من أجلها الجاني والجريمة الثانية المرتكبة من نفس الفاعل.

ومن أهم آثار العود هو تشديد العقاب على الجاني كلما كان الجاني معيد حيث يرفع العقاب من الحد الأدنى المقرر للجريمة إلي حدها الأقصى والحد الأقصى يضاعف وذلك ما اقتضاه الفصل 50 من المجلة الجزائية.

إلا أن هذه القاعدة العامة الواردة بالفصل سالف الذكر لا يمكن أن تنطبق على قواعد التشديد في العود الخاص على غرار العود إلى جريمة السكر للمرة الثانية وتكرار السكر أكثر من مرتين التي نص عليها المشرع بالفصل 52 من المجلة الجزائية .

كما أن العود له آثار على الاختصاص الحكمي لمحاكم الأصل وعلى كيفية إثباته كذلك العود له آثار على رقابة محكمة التعقيب بمعنى أنها مسألة قانونية وليس واقعية يخضع لرقابة محكمة التعقيب أي أن هذه الأخيرة تراقب مدى تطبيق محاكم الأصل تطبيقا سليما لقواعد العود

وبعد ما فرغنا من الظروف المشددة العامة فإننا سنتعرض في الجزء الثاني إلى ظروف التشديد الخاصة.

الجزء الثاني: ظروف التشديد الخاصة

ظروف التشديد الخاصة التي تؤدي إلى تغليظ العقاب على الجاني هي ظروف لا تنطبق على جميع الجرائم مثلما هو الشأن بالنسبة للعود .إنما هي ظروف تشديد تتعلق بجرائم محددة مسبقا من طرف المشرع وهذه الظروف الخاصة المشددة للعقاب منها ما هو شخصي وما هو موضوعي عيني .ويقصد بالظروف الشخصية التي تتصل بمدى كثافة قصد الجاني ونوع قصده أو جسامة خطئيه و كذلك الظروف الخاصة بأحواله وصفاته ونوع العلاقة التي تربطه بالمجني عليه

الفصل الأول ظروف التشديد الشخصية

الظروف الشخصية المشددة للعقاب على المذنب هي الظروف التي تلحق بالجانب المعنوي للجريمة أي الظروف التي لا تتعلق بماديات الجريمة. والظروف الشخصية المشددة للعقاب متعددة ومتنوعة .

المبحث الأول ظروف تشديد مستمدة من نفسية الجاني

إن الظروف المشددة للعقاب على الفاعل يمكن أن تستمد من نفسية الجاني ففي صورة توفره عند ارتكاب الجاني جريمته يؤدى هذا الظرف إلى تشديد العقوبة عليه.

الفقرة الأولى سابقية القصد

إن سابقيه القصد كظرف مشدد في جرائم القتل و الاعتداء بالعنف تقتضي بالضرورة التعرض إلى تعريفه وإبراز عناصره وكيفية إثباته ثم آثاره .

أ تعريف سابقية القصد:

لقد عرف المشرع التونسي سابقية القصد صلب 202 من المجلة الجزائية بقوله “سابقية القصد هي النية الواقعة قبل مباشرة الاعتداء على ذات الغير”[1].

وما يمكن أن نلاحظه أن المشرع قدم تعريفا لسابقية القصد دون أن يذكر صراحة الإضمار وهذا التعريف الذي أقره مشرعنا يذكرنا بالتعريف الذي قدمه المشرع الفرنسي بالفصل 132-72 من المجلة الجزائية الجديدة [2] ، لكن الفرق بين التشريعين التونسي والفرنسي لا يكمن في تعريف الإضمار أو ما اصطلح عليه تسميته في بعض التشاريع المقارنة سابقية القصد أو الترصد بل في موقع النص . فالمشرع التونسي أورد هذا النص تحت القسم الأول تحت عنوان في” قتل النفس” الفرع الأول المتعلق بقتل النفس عمدا، وتبعا لذلك كأن المشرع حصر الإضمار في جرائم القتل فحسب خلافا للمشرع الفرنسي الذي أورد هذا الفصل في مقدمة المجلة الجنائية ضمن فرع أسماه ” في تعريف بعض الظروف المؤدية إلى تشديد العقوبات “.

لكن مهما يكن من أمر فان الإضمار ينسحب على كل جرائم الاعتداء على الحرية الذاتية وعلى الحرمة الجسدية للفرد وخاصة جرائم القتل المشدد الواردة بالفصل 201 من المجلة الجزائية وجرائم الاعتداء بالعنف الواردة بالفصل 218 من نفس المجلة .

وقد عرف المشرع المصري سابقية القصد في الفصل 231 من قانون العقوبات ” الإصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو أي شخص غير معين وجده أوصادفه سواء كان ذلك القصد معلقا على حدوث أمرا أو موقوفا على شرط”[3]

أما المشرع اللبناني اكتفي بالتنصيص صلب الفصل 549 من قانون العقوبات ” أولا على عقوبة القتل قصدا وهى الإعدام” ولم يكلف نفسه بتعريف العمد أو سابقية الإصرار [4].

كما حاول فقه القضاء التونسي تقديم تعريف للإضمار في عديد القرارات الجزائية على غرار القرار الصادر عن محكمة التعقيب في 28 ديسمبر 1994 حيث عرفت الإضمار بكونه “الإضمار النية المبية

للقتل أي النية اختمرت في عقل الجاني طويلا واستقرت نفسه وصمم عليها “[5].

كما أن الفقه حاول من جهته إعطاء تعريف لظروف الإضمار فقد عرفه J. pradel على انه “الرسم الذي يقيمه الجاني للجريمة التي يعتزم القيام بها قبل أن يشرع في تنفيذها سواء على شخص معين أو شخص يعترضه [6] “.

لكن إذا كان هذا مفهوم الإضمار فا هو المقصود بالترصد ؟

المشرع التونسي لم يتعرض إلى الترصد كظرف مشدد للعقاب مستقل بذاته على غرار المشرع المصري الذي كرس الترصد كظرف مشدد للعقاب بصورة منفردة عن سابقية الإصرار صلب الفصل 232 من قانون العقوبات ” الترصد هو كل تربص الإنسان لشخص في جهة أو جهات كثيرة مدة من الزمن طويلة كانت أو قصيرة ليتوصل إلى قتل ذلك الشخص أو إلى إيذاءه بالضرب “.

وتبعا لذلك فان الرأي السائد في فقه القضاء التونسي هو أن الترصد هو صورة للإضمار وهو مظهره الخارجي وفي حال توفره فانه يؤدى بمفرده إلى توفر الإضمار، و هو ما قررته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 19 جويلية 1976 ” وحيث أن تربصه للمجني عليه الفرصة بانتظار مروره من السبيل الذي اعتاد السير فيه يعتبر ترصدا يؤذن بمفرده في وضوح وخلافا لما أثاره محاميه سايبقية الإصرار عنده”[7]

وعليه فان فقه القضاء التونسي يرى أن الترصد هو المظهر الخارجي لسابقية القصد إلا أن هذا الرأي قابل للنقاش .

إن الترصد ظرف عيني يتعلق بكيفية تنفيذ الجريمة ولا شأن له بقصد الجاني. أما الإضمار فهو ظرف شخصي يتعلق بقصد الجاني ولا شأن له بتنفيذ الجريمة، ويعني ذلك وجود اختلاف بينهما من حيث الطبيعة القانونية ومن حيث ركن الجريمة الذي يتعلق به كل منهما وينبني على ذلك عدة نتائج قانونية.

أولهما هي إمكانية تصور أحدهما دون الأخر أي يمكن أن يتوفر الترصد دون سبق القصد كما لو تعرض شخص لأخر بمجرد أن خطرت له فكرة قتله أو بعد أن فكر خلال وقت في قتله لكن كانت نفسيته هائجة بحيث لم يتوفر له الهدوء في التفكير الذي يقتضيه سبق الإصرار .

ثانيهما يتصور في غير صعوبة توفر سبق الإصرار دون الترصد كما لو أصر شخص على قتل أخر أو واجهه بفعله دون أن يترصد به وهو ما أقرته محكمة النقض المصرية بقولها ” إن القانون قد غاير بين الظرفين وأفاد أنه لا يشترط لوجود الترصد أن يكون مقترن بسبق الإصرار بل يكفي بمجرد ترصد الجاني للمجني عليه بقطع النظر عن كل اعتبار أخر “[8].

لذلك ندعو المشرع التونسي إلى ضرورة التمييز بين الترصد و الإضمار من خلال إفراد الترصد بنص خاص على غرار المشرع المصري.

لكن إذا كان الإضمار هو النية الواقعة قبل مباشرة الاعتداء على ذات الغير فما هي العناصر المكونة له .

ب عناصر الإضمار:

انطلاقا من الفصل 202 من المجلة الجزائية وبعض القرارات التعقبية نستشف أن الإضمار يتألف من عنصرين نفسي وزمني.

1العنصر النفسي :

إن العنصر النفسي أو الباطني يتمثل في حالة الهدوء والعزم على ارتكاب الجريمة بعد تفكير عميق، وتبعا لذلك يكون الإضمار لدي الجاني بمثابة مشروع إجرامي نهائي لان المتهم قبل تنفيذه لجريمته يفكر مليا فيما سيقدم عليه من فعل وفيما سيستعين به من وسائل وتدبر في عواقب ما سينتهي إليه مصيره ثم يقترف جريمته فعلا وهو هادئ البال مطمئن الفؤاد [9] . ومن ثمة لتوفر هذا العنصر لابد من زوال حالة الغضب أو الهيجان التي قد يكون عليها الجاني، وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها 20 أكتوبر 2005 ” يفترض الإضمار حالة هدوء البال أثناء ارتكاب الجريمة بينما ثبت أن المتهم كان في حالة غضب دائم وأن طعنه بالسكين كان رد فعل على الاعتداء من طرف الهالك مثلما عللت به محكمة التعقيب و انتهت بذلك إلى نتيجة سليمة ليس فيها خرقا للقانون ” [10]

2العنصر الزمني :

بالرجوع إلى الفصل 202 من المجلة الجزائية نلحظ أن المشرع التونسي استوجب فاصل زمني بين التفكير والتصميم على ارتكاب الجريمة وتنفذيها وذلك ما نص عليه الفصل سالف الذكر” النية الواقعة قبل مباشرة الاعتداء علي ذات الغير “. كما أن اشتراط مدة زمنية فاصلة بين سابقية القصد و التنفيذ كرسته محكمة التعقيب في قرارها الصادر سنة 1960 ” إن الإضمار على معنى لفصل 202 هو النية المبية للقتل التي اختمرت في عقل الجاني وفكر فيها طويلا و استقرت نفسه وصمم عليها بعد زوال الهيجان العصبي الذي يحدثه الاعتداء أو الاستفزاز الصادر من الغير وهذا يفترض مرور زمن يقدر علي الأقل بساعات “[11]

إذن الإضمار يستوجب مرور فترة زمنية بين نشوء سبب الجريمة في ذهن الجاني وعزمه عليها وحين تنفيذها.وتبعا لذلك إذا خطرت للجاني فكرة الجريمة وقام بتنفيذها مباشرة دون تفكير و تروي كأن يكون في حالة هيجان وغضب فان سابقية القصد تكون غير متوفر في جانب الجاني ويعاقب على أساس القتل العمد المجرد على معنى الفصل 205 من المجلة الجزائية وليس القتل العمد المشدد على معنى الفصل 201 من نفس المجلة وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر عنها في 11 ديسمبر 1998 [12].

ولقد أقرت جل التشاريع المقارنة العنصر الزمني على غرار المشرع المصري الذي نص على ذلك في الفصل 231 من قانون العقوبات “الإصرار السابق هو القصد المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جناية أو جنحة “[13]. ونلاحظ في هذا الإطار أن النصوص التشريعية التي ولئن تعرضت إلى العنصر الزمني فإنها لم تحدد مدى هذه الفترة التي يجب أن تفصل بين التصميم على ارتكاب الجريمة و تنفيذها فعلا .إلا أنه أمر مفهوم لان المشرع لا يمكن أن يحدد مسبقا الوقت الذي يجب أن يمر حتى يتوفر العنصر الثاني لظرف سابقية القصد وهو هدوء البال وذلك نظرا لاختلاف ظروف وملابسات كل واقعة على حدة . وبتالي فان المشرع أوكل تحديد هذه المدة الزمنية للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع وهو ما نصت عليه محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 21 أفريل 1963 [14] .

إذن الإضمار للاعتداد به كظرف مشدد للعقاب على الجاني يستوجب توفر عنصرين أساسيين وهما عنصر نفسي باطني متمثل في هدوء البال و التروي، وعنصر زمني يتجسم في وجود مدة زمنية فاصلة بين التفكير في الجريمة وتنفيذها . إلا أن الإضمار كظرف مشدد للعقاب يستوجب إثباته وهو ما يدفعنا لتساؤل عن كيفية إثباته ؟

ج إثبات ظرف الإضمار:

يخضع سبق الإصرار لقواعد قريبة من إثبات القصد الجنائي ذلك أنه نوع منه أو وصف له فهو مسألة موضوعية يدخل البحث فيه والقول بتوفره أو عدم توفره في سلطة قاضي الموضوع . لذلك خول القانون لقاضي الموضوع حرية مطلقة في إثبات هذا الظرف أو إقامة الدليل على توفره من خلال القرائن المادية التي توصل إليها قاضي الموضوع .وقد تكون هذه القرائن أعمالا تحضيرية سابقة على تنفيذ الجريمة ودالة على التفكير فيها بهدوء كشراء سلاح ناري ،وقد يستنتج سبق الإصرار من الظروف الحافة و الواقعة والحالة النفسية التي كان عليها الجاني تاريخ الاعتداء و الآلة الخطرة المستعملة و تعدد الضربات وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 19 جويلية 1976[15] .

إذن قاضي الموضوع يستخلص ظرف الإضمار من جميع الوقائع و الملابسات الحافة بالجريمة . وعليه فان حرية الإثبات في المادة الجزائية تجعل القاضي غير مقيد بأدلة معينة قانونا، بل يكون اعتقاده من جميع ظروف الدعوى ومن ثمة يجب تعليل استنتاج سابقية القصد لدى الجاني تعليل مستساغ وإلا فان حكمه يكون عرضة للنقض من طرف محكمة التعقيب و هو ما أقرته في قرار صادر عنها في 11 ديسمبر 1998[16] .

وهذا ما ذهبت له محكمة النقض المصرية إذ اعتبرت أنه يجب أن تبين في الحكم بطريقة واضحة الوقائع و الظروف التي استنتجت منها محكمة الموضوع وجود سبق الإصرار،وسبق الإصرار من الأشياء المعنوية التي لا تقع تحت الحواس والتي لا تعرف إلا بمظاهرها الخارجية وهي الأفعال المادية التي تقع من الجاني و التي تدل على ما كان يصره في نفسه من قتل وهذه الوقائع يدخل تقديرها تحت مراقبة النقض [17] .

وبعد أن تتوفر في الإضمار الشروط القانونية التي استوجب المشرع توفرها فانه ينتج أثاره.

د – آثار الإضمار:

إن سبق الإصرار و التصميم على النيل من الحرية الجسدية للغير و التخطيط المسبق له و راحة البال لتنفيذ مخططه الإجرامي يشكل خطورة علي أمن وسلامة الإفراد .لذلك أعتبر المشرع أن سابقية القصد ظرف تشديد للعقاب على المجرم لأنه يجعل الجاني أكثر خطورة و تتجسم آثار الإضمار على مستوى تشديد العقاب في جرائم القتل و جرائم الاعتداء بالعنف.

1 تشديد العقاب على الجاني في جريمة القتل المشدد:

تعد جريمة القتل من أقدم الجرائم التي عرفتها البشرية وهي أكثرها فضاعة لكونها تسلب الإنسان أبرز حقوقه و أقدسها وهو حقه في الحياة . لذلك وبالرجوع إلى المجلة الجزائية نلحظ أن المشرع ميز في جرائم القتل بين جرام القتل العمد والقتل غير العمد وداخل القتل العمد ميز بين القتل العمد المشدد والقتل العمد المجرد، والقتل العمد المجرد نص عليه المشرع بالفصل 205 من المجلة الجزائية ” يعاقب مرتكب قتل النفس عمدا بالسجن بقية العمر في غير الصور المقررة بالفصول المتقدمة “.

أما إذا اقترن القتل العمد بظرف الإضمار فان العقوبة المستوجبة للجاني تصبح الإعدام حسب منطوق الفصل 201 من المجلة الجزائية ” يعاقب بالإعدام كل من يرتكب عمدا مع سابقية القصد قتل نفس بأي وسيلة كانت “.

ما نلاحظه أن المشرع في صورة اقتران القتل العمد بظرف الإضمار جعل العقاب على الجاني مشدد إذ جعله الإعدام وهي أعلى درجة في سلم العقوبات. ويمكن أن نفسر علة التشديد في هذه الحالة لما يمثله الجاني من خطورة علي المجتمع ذلك أن الإضمار يجعل الجاني يصمم على الجريمة وينفذها بعد أن فكر فيها تفكير هادئ أتاح له إن يقدر ما يترتب عليها من أضرار و مخاطر بالنسبة إلى المجني عليه . وتبعا لذلك فان الجاني الذي ارتكب جريمته مع سابقية القصد أكثر خطورة ممن صمم على جريمته ونفذها تحت تأثير انفعالات قوية حرمته هذا التقدير فلا يدرك ما تنطوي عليه من أضرار ومخاطر[18] . بدوره المشرع الفرنسي جعل من القتل مع سابقية القصد ظرف مشدد على الجاني [19] . كما أن عقوبة الإعدام بسبب سابقية القصد أقرتها عديد التشاريع المقارنة على غرار المشرع المصري الذي أقر عقوبة الإعدام لمرتكب جريمة القتل مع سابقية الإصرار أو الترصد بالفصل 230 من قانون العقوبات [20] .كذلك المشرع اللبناني أقر هذه العقوبة بالفصل 549 من قانون العقوبات .

إذن إذا صاحب القتل العمد ظرف الإضمار فان القتل يصبح قتلا مشددا وتصبح العقوبة المستوجبة للجاني الإعدام أي تقع إحالته على معنى الفصل 201 من المجلة الجزائية وليس الفصل 205 من نفس المجلة .لكن ما هي آثار القتل العمد مع سابقية القصد على الشريك أو الشركاء في جريمة القتل ؟

سبق الإصرار ظرف تشديد شخصي لذلك في صورة تعدد المساهمون أي الشركاء في الجريمة فانه لا يسرى إلا على من تقوم لديه سابقية القصد أي أن التشديد بسبب سابقية القصد لا يلحق إلا من توفر في جانبه هذا الظرف باعتباره ظرفا شخصيا [21] .ونجد أن قيام التفاهم السابق بين الجناة في الجريمة يدل في الغالب توافر سبق الإصرار لديهم ،غير أنه يتصور وجود التفاهم مع انتفاء سبق الإصرار كما لو حدث الاتفاق على القتل وكانت نفوس من عزموا عليه هائجة وتم تنفيذه في الحال .

إذن نستنتج مما سبق أن ظرف الإضمار ظرف شخصي لا يلحق المشارك في الجريمة إلا إذا كان عالما بسابقية قصد الفاعل الأصلي . أما إذا كان يجهل ذلك فان هذا الظرف لا يعتد به في جانب المشارك .

ونشير إلى أن المشرع لم يحصر الإضمار كظرف مشدد للعقاب في جرائم القتل فحسب بل أقره كذلك كظرف مشدد في جرائم الاعتداء بالعنف على الأشخاص.

2 تشديد العقوبات في جرائم العنف بسبب الإضمار:

بالرجوع إلي المجلة الجزائية نلاحظ أن المشرع لم يقم بتعريف دقيق لجريمة الاعتداء بالعنف إذ اقتصر على إبراز مختلف أنواعه، فتعرض في الفصل 319من المجلة الجزائية إلى العنف الخفيف وهو الذي لا تنجر منه لصحة الغير أدنى تأثير معتبر أو دائم كما نظم بالفصل 218 من نفس المجلة الاعتداء بالعنف الشديد المجرد لكن دون إعطاء تعريف لها واقتصر على إبراز بعض صوره. إلا أن العنف الشديد المجرد في صورة اقترانه بظرف الإضمار يتحول إلى عنف شديد وتبعا لذلك الوصف القانوني للجريمة يتغير بموجب هذا الظرف وهو ما نص عليه الفصل 218 من المجلة الجزائية ” ويكون العقاب بالسجن مدة ثلاثة أعوام و بخطية قدرها ثلاثة ألاف دينار في صورة تقدم إضمار الفعل “.

وانطلاقا من هذه النص القانوني نلحظ أن العقوبة ترتفع ثلاثة مرات مقارنة بما هو منصوص عليه بالفقرة الأولى من الفصل 218 من المجلة الجزائية . كذلك الإضمار كظرف مشدد للعقوبة في الصورة المنصوص عليها بالفصل 208 من نفس المجلة ” يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب الضرب أو الجرح الواقع عمدا لكن بدون قصد القتل والذي نتج عنه الموت. ويرفع العقاب إلى السجن بقية العمر في صورة سبق النية بالضرب و الجرح “.

ولقد كرس المشرع في هذا النص القانوني عقابين مختلفين لها بحسب نية الجاني، فإذا كان الضرب و الجرح الواقع عمدا كان بدون قصد القتل فالعقاب هو عشرين سنة عما .أما إذا كان هنالك سبق نية الضرب والجرح فالمشرع يشدد العقاب على الجاني إذ رفع العقاب إلي السجن بقية العمر . والفصل 208 من المجلة الجزائية لئن كان يتحد مع الفصل 205 من نفس المجلة المتعلق بالقتل العمد المجرد من حيث النتيجة الإجرامية فانه أي الفصل 208 يختلف عنه من حيث القصد الجنائي ففي الفصل 205 تنصرف نية المجرم إلى القتل في حين تنصرف نية الجاني بالنسبة إلى الفصل 208 إلى العنف فقط وبتالي لا يقصد الفاعل إزهاق روح بشرية المشرع الفرنسي كذلك كرس الاعتداء بالعنف المقترن بالإضمار ظرف مشدد للعقاب على الجاني [22] .لكن كيف يمكن إثبات نية الجاني ؟

إن إثبات النية مسألة نفسية باطنية بحيث يصعب إثباتها وعليه فان إثباتها من عدمه يخضع إلى السلطة التقديرية للقاضي من جملة القرائن المادية التي تدل على نية الجاني أي مقصده الإجرامي يتجسم في الاعتداء فحسب أم القتل على غرار تعدد الإصابات و مكان الإصابة و الأسلحة المستعملة في الاعتداء وذلك ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 7 أفريل 1976 ” إن الظروف النفسية للطاعن وشدة إصابات المتضرر و تعددها بأماكن قاتلة و كذلك الآلة المستعملة كافية لإثبات نية القتل عنده وذلك في نطاق سلطة المحكمة التقديرية “[23].

إذن إثبات نية القتل من عدمه لدى الجاني يخضع لمحض السلطة التقديرية للقاضي من خلال القرائن المتوفرة لديه .

كما تجدر الإشارة أنه لا بد من إثبات العلاقة السببية بين الفعل و النتيجة لأنه في جريمة القتل العمد عادة ما تتحقق النتيجة بصفة حينية وهي الموت ،أما في جريمة الاعتداء بالعنف المفضي إلى الموت فان النتيجة الإجرامية قد تحصل بعد مد زمنية معينة قد تطول أحيانا .وتبعا لذلك لابد من إثبات هذه العلاقة السببية بين الاعتداء والعنف وذلك ما أقرته محكمة التعقيب في عديد قراراتها على غرار قرارها الصادر في 14 جويلية 1982 [24].

أما إثبات هذه العلاقة السببية بين الاعتداء و الوفاة فإنها تكون بجميع الوسائل بما في ذلك الاختبار الطبي وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر عنها في 29 جافى 1975[25] .

نستنتج مما سبق إن الاعتداء بالعنف الشديد إذا اقترن بظرف تشديد فانه يؤدى إلى تشديد العقاب على الجاني فتصبح العقوبة ثلاثة سنوات وخطية قدرها ثلاثة ألاف دينار في صورة تقدم إضمار الفعل .أما إذا أدى الاعتداء بالعنف إلى الوفاة وكان مقترن بسابقية القصد لدى الجاني فان المشرع شدد العقاب عليه و ذلك بجعل العقوبة المستوجبة له بالسجن بقية العمر حسب منطوق الفصل 208 من المجلة الجزائية .لكن قد يحصل الاعتداء من طرف مجموعة من الأشخاص و لا يقع التوصل إلى معرفة عن من صدرت الإصابة التي أدت إلى الوفاة ؟

3 تعدد الجناة :

تعدد الجناة نقصد به أن يقوم مجموعة من الأشخاص بالاعتداء بالعنف الشديد على شخص بواسطة آلة حادة أو عصي ثم أدى هذا الاعتداء إلى وفاة المجني عليه ،ولم يتسنى للمحكمة تحديد الاصابة التي أدت إلى الوفاة ففي هذه الحالة أقرت محكمة التعقيب موقفها بكل وضوح في قرارها الصادر في 28مارس 1981 ” إذا تعاون عدة أشخاص على إزهاق نفس بشرية بواسطة الضرب المبرح بدون قصد القتل ولم يتوصل إلى معرفة من منهم صدرت عنه الاصابة القاتلة فإنهم يعتبرون فاعلين أصليين ويعاقبون طبق الفصل 208 من المجلة الجنائية ” [26].

كذلك طرحت على محكمة النقض المصرية هذه الإشكالية وأبدت رأيها بكل وضوح وهو تحمل جميع المساهمون مسؤولية الضرب المفضي إلى الوفاة على قدم المساواة بقولها ” غير أنه قد لا يمكن تعيين الاصابة التي أحدثها كل متهم على حيدة و لكن قد يثبت أنهم جميعا قد أحدثوا هذه الإصابات ويسهل ذلك إذا ما كانت الاصابة في مكان واحد . وأن الوفاة كانت نتيجة هذه الإصابات فهنا تصبح مسألة المتهمين جميعا”[27].

إن الإضمار لئن كان ظرف مشدد للعقاب على الجاني سواء في جريمة القتل أو جرائم الاعتداء بالعنف الشديد فانه ليس الظرف النفسي الوحيد.

الفقرة الثانية : الباعث على الجريمة

من الأسباب النفسية الباطنية إلي جانب الإضمار يوجد كذلك الباعث الدنيء الذي يدفع الشخص لاقتراف جريمة مدفوعا بباعث شانئ دنيء ،وقبل التعرض إلى آثار الباعث الشرير كظرف تشديد للعقاب وجب علينا تحديد مفهومه

أ مفهوم الباعث:

تجدر الإشارة إلى أن تحديد مفهوم الباعث يكتسي صعوبة بالغة وذلك بسبب عدم وجود نص قانوني سواء في التشاريع العربية أو الغربية يهتم بالباعث سواء من حيث تعريفه أو من حيث الدور الذي يلعبه في إطار الجريمة. و قد حاول علم الإجرام تقديم تعريف للباعث فقد أقرت Marangopoulles “إن البواعث كل نشاط تتكون من ظواهر نفسية ذات طابع وجداني تهدف إلى إحداث تغيرات خارجية ما والى قيام بعمل محدد “[28] .

أما القانون الجنائي لم يضع تعريفا لمفهوم الباعث فبالرجوح إلى المجلة الجزائية لا نجد تعريفا للباعث على غرار القانون الفرنسي الذي لم يعير الباعث اهتماما حيث لم يقع التنصيص عليه صلب نص عام و تضمنت القاعدة العامة أنه ليس للباعث أي تأثير قانوني على المسؤولية الجنائية . فمهما كان الباعث فان العقوبة والجريمة لا يتغيران ولا يتأثران وهو ما أقره المشرع الليبي[29] وقد سلك المشرع المصري نفس هذا التوجه حيث لم يعترف بأي تأثير للباعث على المسؤولية الجنائية مهما كان نوعه سواء كان دنيئا أم شريفا فهو لا يعتبر من الأركان المكونة للجريمة [30].

كذلك فقه القضاء التونسي لم يحيد على هذا التمشي أي لم يعترف بالباعث كركن من أركان الجريمة وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر سنة 10 مارس 1965 ” وحيث لا جدال أنه ليس للباعث و الغاية أي تأثير على المسؤولية الجنائية فهما إذا لا يدخلان في الأركان المكونة للجريمة “[31].

وقد حاول الفقه من جهته إعطاء تعريف الباعث فقد عرفه فرج القصير ” الدافع أو الباعث إلي ارتكاب الجريمة هو السبب الذاتي يجعل المجرم يرتكب الجريمة وهو بذلك متغير ومختلف من حالة إلى أخرى ومن شخص إلى أخر” [32].

كما عرفه الدكتور عبد الحميد الشورابي “وهو العامل النفسي الذي يحمل الشخص على توجيه إرادته الإجرامية إلى تحقيق نتيجة فهو مثل القوة المكونة للإرادة ثم القوة الدافعة لها حتى تتحقق النتيجة” [33]

كما عرفته أسماء الغربي على أنه ” ذلك الشعور الذي ينتاب الشخص نتيجة ظروف قد تحيط به فيؤدى به إلى ارتكاب الفعل الإجرامي “[34].

ب تأثير الباعث علي العقوبة :

لقد اتفق الفقهاء علي جعل الباعث الدنيء سببا لتشديد العقاب على الجاني [35] .ويعد الباعث دنيء إذا كان متناقض مع القيم الأخلاقية و الاجتماعية السائدة في المجتمع على نحو تكون فيه محل استنكار من أفراد المجتمع . و دناءة الباعث هذه دفعت المشرعين إلى التنصيص على تشديد العقاب فقد أقر المشرع الايطالي بالفصل 61 من قانون العقوبات ” على تشديد العقاب عندما ترتكب الجريمة تحت تأثير بواعث وضعية وحشية “.

أما المشرع الفرنسي فلم يجعل الباعث كظرف تشديد ضمن قاعدة عامة . فالقاعدة العامة الوحيدة التي تؤدى إلى تشديد العقاب على الجاني هي العود .إنما جعل الباعث ظرف تشديد ضمن القانون الجنائي الخاص أي في خصوص جرائم معينة كجريمة الاعتداء بالعنف الشديد أو التجريد من الممتلكات المرتكبة على شاهد الذي يمنع من الإدلاء بشهادته أو ضحية لمنعها من رفع قضية .كذلك جريمة تدنيس القبور عندما ترتكب بسبب اديولوجى يتعلق بالعرق أو دين الشخص المتوفى, كذلك الجرائم الإرهابية وجريمة الإبادة التي تهدف إلى إبادة كلية أو جزئية لمجموعة وطنية عرقية دينية [36] .وفى نفس هذا الاتجاه سار المشرع التونسي حيث لم ينص في مبدأ عام على اعتبار الباعث سببا لتشديد العقاب،إلا أنه اقر هذا المفهوم في جرائم معينة على غرار جرائم الاعتداء على امن الدولة الداخلي والخارجي عند التجسس في حالات السلم والحرب بالتعاون مع العدو، والجريمة الإرهابية الواردة بالقانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 وهو ما نص عليه الفصل 4 ” توصف بإرهابية كل جريمة مهما كانت دوافعها “ كذلك اعتد المشرع بالباعث في جريمة الإضرار بملك الغير الذي ضاعف فيه المشرع العقاب المستوجب لها صلب الفصل 305 من المجلة الجزائية إذا كان إحداث هذا الضرر بقصد التشفي من موظف عمومي أو شبهه بسبب أمر من علائق وظيفته أو من شاهد بسبب شهادته. كذلك أخذ المشرع بالباعث لتشيد العقاب علي المجرم في جريمة إيقاف أو سجن أو حجز شخص دون إذن قانوني وذلك ما نص عليه الفصل 251 من المجلة الجزائية ” إذا كان القصد من هذه العملية تهيئة أو تسهيل ارتكاب جناية أو جنحة وكذلك إذا عمل على تهريب أو ضمان عدم عقاب المعتدين أو مشاركتهم في الجناية أو الجنحة وكذلك لغاية تنفيذ أمر أو شرط أو النيل من سلامة الضحية أو الضحايا بدنيا “.

إذن هذه النماذج من الجرائم وقع تشديد العقوبات المقررة لها استنادا لبواعث دنيئة مثل التشفي و الانتقام وذلك بالنظر إلى عرف القيم الاجتماعية .و من ثمة فان تشديد العقاب استنادا للباعث الدنيء أساسه حماية هذه القيم الاجتماعية.

ج تأثير الباعث علي العقوبات التكميلية:

العقوبات التكميلية هي الصنف الثاني للعقوبات التي كرسها المشرع بالفصل 5 و التي يقع توقيعها في جرائم معينة يحددها المشرع بصورة مسبقة بغاية تشديد العقاب على المذنب ويقع توقيعها إلى جانب العقوبة الأصلية. وقد كرس المشرع التونسي عقوبات تكميلية تسلط على الجاني وتختلف باختلاف الجريمة و الخطورة و الباعث والدافع إليها. على غرار الجريمة الإرهابية التي فرض فيها المشرع المراقبة الإدارية لمدة خمسة أعوام إلى جانب السجن كعقوبة أصلية و المراقبة الإدارية هي تعين مكان إقامة المحكوم عليه عند انقضاء مدة العقاب بغاية إبعاده عن عالم الإجرام .وأحيانا يستعين المشرع بجزاءات مدنية لتشديد العقاب على الجاني ففي جريمة القتل العمد ينص الفصل 88 من مجلة الأحوال الشخصية القتل العمد من موانع الإرث فالقاتل الذي أزهق روح مورثه بدافع الطمع في الميراث أو الاستحواذ على التركة و التخلص من المورث للتمتع في أقرب الآجال بممتلكاته يحرم من الاستفادة من الميراث بموجب فعله الدنيء السافل .

و المشرع السوري كرس بدوره نفس التمشي حيث شدد العقوبات على الجاني من خلال إقرار عقوبات تكميلية علي الجاني إذا كانت الجريمة المرتكبة بدافع الكسب وهو ما نص عليه الفصل 194 من قانون العقوبات السوري [37]، وتبرير ذلك أنه لا يجوز اتخاذ الجرائم وسيلة للكسب و العيش خاصة و أن الباعث عليها سافل مما يستوجب تشديد العقاب.

كذلك المشرع البلجيكي أقر عقوبة تكميلية إلى جانب العقوبة الأصلية على الجاني كلما كان الكسب دافعا لارتكاب الجريمة تشمل المصادرة للأموال والامتيازات المباشرة والغير مباشرة المنجرة من النشاط الإجرامي[38] .

نستنتج مما سبق بيانه أن المشرع جعل من العوامل النفسية والباطنية ظروف تشديد في العقاب على المجرم على غرار الإضمار والباعث السافل على اقتراف الجريمة وهذه الظروف المشددة تتمثّل في جعل العقاب المقرر للجاني أكثر شدة عليه. والى جانب هذه الظروف توجد ظروف أخرى مشددة في العقاب مكرسة في القانون الجزائي التونسي على غرار الصفة.

المبحث الثاني: ظروف التشديد المستمدة من صفة الجاني

لقد جعل المشرع التونسي من توفر صفة معينة في جانب بعض الأشخاص ظرف مشدد للعقاب وهذه الصفة التي جعلها المشرع ظرف تشديد متعددة و متنوعة في القانون الجزائي وهو ما يستوجب منا تبويبها في ثلاث فقرات الأولى الصفة المكتسبة بحكم المهنة و الثانية الصفة المكتسبة بحكم صلة القرابة و الثالثة الصفة المكتسبة بحكم العلاقة السلطاوية أو الائتمائية .

الفقرة الأولى: صفة الجاني المكتسبة بحكم المهنة

بالرجوع إلي المجلة الجزائية نلحظ أن صفة الجاني المكتسبة بحكم المهنة والتي جعلها المشرع التونسي ظرف تشديد للعقاب علي الجاني يمكن أن يكون موظفا عموميا أو معلما أو طبيبا…

صفة الموظف العمومي أو شبهه :
قبل التعرض إلي صفة الموظف العمومي باعتبارها ظرف تشديد على صاحبها يجب تحديد مفهوم الموظف العمومي أولا . ذلك أنه يختلف هذا المفهوم في القانون الإداري على القانون الجزائي فقد نص القانون عدد 112 لسنة 1983 المؤرخ في 12ديسمبر 1983 في فصله الأول ” ينطبق هذا النظام الأساسي العام على جميع الأعوان المستخدمين بأي عنوان كان بالإدارات المركزية للدولة و المصالح الخارجية التابعة لها أو الجماعات العمومية المحلية أو المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية “ [39]

و تبعا لذلك يعتبر موظفا على معنى هذا القانون كل شخص وقع انتدابه بأي وجه كان للعمل في قطاع تابع. أما التعريف الجزائي للموظف العمومي فقد ورد بالفصل 82 من المجلة الجزائية بعد تنقيحه بقانون عدد 33 لسنة 1998 في ماي 1998 “يعتبر موظفا عموميا تنطبق عليه أحكام هذا القانون كل شخص تعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة أو جماعة محلية أو ديوان أو مؤسسة عمومية أو منشأة عمومية أو غيرها من الذوات التي تساهم في تسير مرفقا عمومي . ويشبه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي من انتخب لنيابة مصلحة عمومية أو تعينه العدالة للقيام بمأمورية قضائية ” [40].

يتمثل جديد هذا النص في توسعيه في مفهوم الموظف العمومي وذلك بسحب مجال تطبيق الفصل على كل شخص يباشر صلاحيات عمومية أو يسير مرفقا عاما أو نيابة مصلحة عمومية . ويمكن هذا التوسع من تلافي الإشكاليات التي تطرح في التطبيق و المتعلقة بالأشخاص الذي يباشرون وظائف تتصل بالمرفق العام و المصلحة العمومية ودون أن تتوفر فيه صفة الموظف العمومي بما يجعلهم لايدخلون حاليا تحت طائلة القانون ولا ينسحب عليهم التجريم .

وقد تكون الجريمة المرتكبة من طرف الموظف العمومي جريمة ارتشاء ،وقد شدد المشرع العقاب على الجاني إذا كان موظفا عمومي حيث يكون العقاب عشرة سنوات سجن وخطية قدرها ضعف قيمة الأشياء التي قبلها أو ما تم الوعد به على أن لا تقل الخطية عن عشرة ألاف دينار وتقضى المحكمة بنفس الحكم بحرمان المحكوم عليه من مباشرة جل الوظائف العمومية ومن تسيير المرافق العمومية ونيابة المصالح العمومية [41] .والمشرع الفرنسي بدوره جعل من جريمة الارتشاء التي يرتكبها موظف عمومي ظرف مشدد للعقاب عليه بالفصل 433-1 [42]. كما أن مظاهر تشديد العقاب على الموظف العمومي بسبب الارتشاء يتجسم في تسليط عقوبات تكميلية عليه تتمثل في حرمانه من بعض الوظائف العمومية . مقابل ذلك فالنص القديم كان ينص على عقاب أقل شدة على الموظف العمومي المرتشي وهي عقوبة بالسجن خمسة سنوات سجن فقط. وتبعا لذلك فان النص الجديد غير الوصف القانوني للجريمة من جنحة إلي جناية .

كما نلاحظ أن المشرع التونسي تدرج في تشديد العقاب على الموظف العمومي بسبب الارتشاء حسب إذا كان الارتشاء سلبي أو إيجابي حيث يرفع العقاب من عشرة سنوات إلى عشرين سنة إذا سعى الموظف العمومي إلى الارتشاء وذلك ما اقتضاه الفصل 84 من المجلة الجزائية ” إذا كان الموظف العمومي أو شبهه هو الباعث على الارتشاء فان العقاب المنصوص عليه بالفصل 83 جديد من هذه المجلة يضاعف”.

وتبعا لذلك في صورة ما إذا حصلت الرشوة بسعي من الشخص الذي انسحبت عليه صفة الموظف العمومي سواء كان ذلك السعي قبل قيامه بالعمل المطلوب أو بعده أو عند الامتناع عن إنجازه أو كان من الواجب القيام به[43] .

كما شدد المشرع العقاب على القاضي بموجب الرشوة في الفصول 88-89-90 من المجلة الجزائية[44] ، إذ نص الفصل 88 ” يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما القاضي الذي يرتشي بمناسبة جريمة تقتضي عقاب مرتكبها بالإعدام أو بالسجن بقية العمر سواء كان أخذ الرشوة بمصلحة المتهم أو لمضرته “.

المشرع الفرنسي كذلك جعل من جريمة إرتشاء القاضي ظرف مشدد للعقاب عليه سواء كان الارتشاء سلبي أو إيجابي بالفصل 432 -11 [45].

ولعل تشديد العقاب على القضاة عائد إلى كون القانون منح القضاة بحكم صفتهم سلطات واسعة مجالها حريات الناس وأموالهم ،لذلك فان كل من يحويل تلك الصفة عن غايتها النبيلة فانه يكون عرضة لعقاب يتسم بشدة تتناسب و خطورة جريمته إذ تعتبر جريمة ارتشاء القاضي من أخطر الجرائم على الإطلاق .

كما أن المشرع شدد العقاب على الموظف العمومي في جرائم اختلاس الأموال الواقعة من طرفه وذلك من خلال إقرار عقوبة مزدوجة. وهي عقوبة شديدة تتسم بالصرامة و القسوة إذ تتمثل في العقاب بالسجن مدة عشرين عاما و خطية تساوي قيمة ما وقع الاستيلاء عليه وهو ما نص عليه الفصل 99 من المجلة الجزائية[46].

كذلك تصدي المشرع لجرائم الاستيلاء علي الأموال العمومية للدولة في الفصول 95-96 من المجلة الجزائية والعلة من تشديد العقاب هو مقاومة ظاهرة الإثراء على كاهل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات العامة و القطاع الخاص. و ذلك بأن جعل المشرع العقاب علي الموظف العمومي بالفصل 95 من المجلة الجزائية خمسة عشر عاما و خطية تساوي مبلغ ما يحكم بترجيعه الموظفون العموميون أو أشباههم الذين يأخذون أمولا باطلة [47] . كما أقر عقاب في الفصل 96 من نفس المجلة للموظف العمومي بعشرة أعوام و بخطية تساوي قيمة المنفعة المتحصل عليها أو المضرة الحاصلة للإدارة [48].

كذلك يتجسد التشديد بموجب صفة الموظف العمومي من خلال تشديد العقاب على هذا الأخير الذي يستغل لما له من نفوذ وجاه ويقوم بالمتاجرة به ، ذلك أن العقوبة المستوجبة لاستغلال النفوذ و الجاه ثلاثة سنوات و خطية قدرها ثلاثة ألاف دينار وهي جنحة، أما إذا كانت الجريمة المقترفة من طرف موظف عمومي أو شبهه فان وصفها القانوني يتغير من جنحة إلي جناية إذ تصبح العقوبة ستة سنوات عوض عن ثلاث سنوات[49]. وهو نفس التوجه الذي أقره المشرع الفرنسي تجاه الموظف العمومي أو شبهه الذي يقوم بالمتاجرة لما له من جاه ونفوذ في الفصلين 432 و 432-2 من المجلة الجنائية الفرنسية [50].

كذلك التشديد في العقاب على الموظف العمومي أو شبهه يتجسم في الفصل 100 من المجلة الجزائية حيث شدد المشرع العقاب على كل الموظف العمومي أو شبهه يسرق أو يختلس أو يزيل العقود أو الرسوم المؤتمن عليها بمقتضى وظيفته إذ يعاقب بالسجن مدة عشرة سنوات وخطية قدرها ألف دينار ويمكن الحكم عليه زيادة على ذلك بالعقوبات التكميلية الواردة بالفصل 5 من المجلة الجزائية [51] .

كذلك شدد المشرع العقاب على الموظف العمومي أو شبهه بالسجن بقية العمر وخطية قدرها ألف دينار من يرتكب في مباشرة وظيفته زورا من شأنه إحداث ضرر عام أو خاص. ولعل التشديد في العقاب علي الموظف العمومي أو شبهه هي الثقة التي يمكن أن توضع في تلك المحررات وهو ما أٌقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 10ديسمبر 1998“إن ما يحميه القانون من التزوير ليس الكتب في حد ذاته فقط أو شكل المحرر وإنما هي الثقة الذي يمكن أن توضع في تلك المحررات “[52].

المشرع الفرنسي بدوره جعل من التزوير الواقع من الموظف العمومي ظرفا مشددا للعقاب وهو ما نص عليه الفصل 441-4 من المجلة الجزائية الجديدة [53].

كذلك شدد المشرع العقاب على الموظف العمومي أو شبهه ضمن القسم الخامس من الباب الثالث من الجزء الأول الكتاب الثاني للمجلة الجزائية، وذلك تحت عنوان في تجاوز السلطة وفي عدم القيام بواجبات وظيفة عمومية ولتشديد العقاب على هذا الأخير يجب أن تتوفر بعض الشروط المتعلقة بنوع الاعتداء وبظروفه وعدم مشروعيته .

نوع الاعتداء:

الاعتداء الصادر عن الموظف العمومي على أفراد الناس هو الاعتداء بالعنف المنصوص عليه بالفصول 101 .101 مكرر و 103 من المجلة الجزائية[54].لكن المشرع لم يعرف هذه العبارة بالرغم من تعرضه لها في عديد المواضع من المجلة الجزائية لكن بالرجوع إلى الفصل 218 من المجلة الجزائية نلحظ أن العنف يشمل الضرب و الجرح أي كل فعل يسلط على جسم الإنسان وبتالي فان العنف اللفظي لايعتبر عنفا على معنى هذا الفصل .

ظروف الاعتداءات :

لقد نص المشرع ضمن الفصلين 101 و101 مكرر من المجلة الجزائية ” أن الاعتداء الصادر عن الموظف العمومي أو شبهه يجب أن يكون حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها “.

وتبعا لذلك فان الاعتداء الصادر عن الموظف العمومي أو شبهه خارج إطار العمل فانه لا يدخل تحت طائلة هذا النص القانوني ،إنما يدخل تحت مقتضيات الاعتداء بالعنف الوارد ضمن الفصل 218 من المجلة الجزائية وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 23 أفريل 1969[55].

كما تعرضت بعض التشاريع المقارنة لهذه الوضعية على غرار المشرع المغريبى صلب الفصل 231 من المجلة الجنائية .

كذلك المشرع الفرنسي جعل من جريمة تجاوز السلطة ظرفا مشدد للعقاب على الموظف العمومي الذي يعتدي على الحرمة الجسدية لغيره [56].

إلا أن هذا الاعتداء الصادر من الموظف العمومي على غيره من عامة أفراد الناس يجب أن يكون لا يتسم بالشرعية . و هو ما أشار إليه المشرع صراحة صلب الفصلين 101و 103 من المجلة الجزائية، والمقصود بعدم شرعية الاعتداء الصادر عن الموظف العمومي أو شبهه هو انعدام أي تبرير لهذا الاعتداء. وتبعا لذلك فقد شدد المشرع العقوبة على الموظف العمومي أو شبهه الذي يعتدي على غيره دون موجب قانوني ففي الفصل 101 من المجلة الجزائية يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وخطية قدرها مائة وعشرين دينار .أما الفصل 101 مكرر فقد جعل العقاب ثمانية سنوات الموظف الذي يخضع شخص للتعذيب وذلك حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرته .أما الفصل 103 أقر عقاب بخمسة سنوات وخطية قدرها مائة وعشرين دينار الموظف الذي يعتدي على حرية غيره دون موجب قانوني[57].

ونلاحظ أن عبارة دون موجب قانوني يكتنفها الغموض و الإبهام هل يعنى إن الاعتداء على الحرمة الجسدية للأشخاص من طرف الموظفين العموميين خاصة مأموري الضابطة العدلية باعتبارهم مكلفين بالبحث عن مرتكبي الجرائم وجمع أدلتها وتقديمهم للعدالة يصبح شرعي إذا كان الهدف منه الكشف عن الحقيقة . وعليه ندعو المشرع التونسي لإلغاء هذه العبارة حتي لا يقع تبرير الاعتداء على الحرمة الجسدية للأشخاص الصادر عن الموظف العمومي على أساسها .

ب صفة المعلم كظرف تشديد للعقاب:

لقد شدد المشرع التونسي العقاب على الجاني كلما تحققت في جانبه صفة المعلم إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن كلمة معلم جاءت عامة وبدون تحديد دقيق، وهو ما أثار مشكل يتعلق بإمكانية تطبيق الفصل 101 من المجلة الجزائية وقد أيدت محكمة التعقيب رأيها بالنفي في قرارها الصادر في 16 جانفي 1967 ” وتأسيسا على ذلك فان الفصل 101 من المجلة الجزائية المشار إليه لا ينطبق على المعلم الذي ضرب تلميذه إذ وظيفته لا تصطبغ بسلطة عامة وإنما هي سلطة روحية على تلاميذه ولا يجوز حين ئيذ تتبعه حسب خطورة الاعتداء إلا بموجب الفصل 218و 319 من المجلة الجزائية “[58].

لقد جرم المشرع الجرائم الأخلاقية على غرار الجرائم الواردة بالفصول 227 و227 مكرر و228 و 228مكرر و 233 من المجلة الجزائية .إلا انه شدد العقاب إذا كانت جريمة المواقعة أو الاعتداء بالفاحشة مرتكبة من طرف معلم ذلك أن العقاب المقرر لهذه الجرائم بالفصول 227و227 مكررو228 و228مكرر يضاعف العقاب وذلك ما نص علي الفصل 229 من نفس المجلة ” ويكون العقاب ضعف المقدار المستوجب إذا كان الفاعلون للجرائم المشار إليها بالفصول 227و 228و228 مكرر من أصول المجني عليه من أي طبقة كانت أو كانت لهم سلطة عليهم أو كانوا من معلميه” [59] .

و كلمة معلم الواردة كظرف تشديد جاءت عامة وهو ما يجعلها تؤخذ على إطلاقها لتشمل عدة صور فالمعلم يمكن أن يكون يعمل بمؤسسة تعليمية حكومية أو في مدرسة حرة أو يعطي دروسا خاصة للمجني عليه [60].

كما أن المشرع جرم جريمة التوسط في الخناء و التمعش منه بالفصل 232 من المجلة الجزائية وشدد المشرع العقاب إذا كان مرتكب هذه الجريمة له صفة المعلم إذ يعاقب بعقوبة تتراوح بين ثلاثة سنوات وخمسة سنوات وخطية متراوحة بين خمسمائة وألف دينار حسب الفصل 233 من المجلة الجزائية .

والعلة من تشديد العقاب المسلط على من توفرت فيه صفة المعلم هي التصدي لكل من تسويل له نفسه استغلال ما لديه من سلطة أدبية على من يسهر على تعليمهم .

ج- صفة الطبيب :

شدد المشرع العقاب كذلك في الجرائم الأخلاقية التي يرتكبها الأطباء على حرفائهم أو مرضاهم أثناء مداواتهم. وعلة التشديد في العقاب هي كون الطبيب يستغل مهنته النبيلة لتوظيفها في أغراض دنيئة مستغلا استسلام حرفائه ومرضاه عند مداواتهم لذلك المشرع شدد العقاب علي الطبيب وجعله يستحق ضعف مقدار العقوبة الواردة بالفصول 227مكررو 228و228 مكرر وهو ما نص عليه الفصل 229 من المجلة الجزائية

كما أن المشرع من حيث المبدأ جرم جريمة الإجهاض بالفصل 214 من المجلة الجزائية وأقر عقوبة بعامين سجنا وبخطية قدرها ألف دينار أو بإحدى العقوبتين للمرأة التي أسقطت حملها أو حاولت ذلك أو رضيت باستعمال ما أشير به عليها أو وقع مدها به لهذا الغرض [61]. لكن المشرع وضع لهذا المبدأ استثناء وهو إمكانية الإسقاط خلال ثلاثة أشهر الأولى كما رخص المشرع الإسقاط حفاظا على صحة الأم [62] . وقد شدد المشرع العقاب على من له صفة الطبيب على الرغم انه لم يذكر لفظ الطبيب، لكن يمكن استنتاج ذلك من خلال عبارة” كل من تولى “وهي عبارة عامة تنسحب على الطبيب بدرجة أولى. ويتجسم التشديد في أن العقاب خمسة سنوات وخطية قدرها ثلاثة ألاف دينار أو باحدي العقوبتين حسب منطوق الفقرة الأولى من الفصل 214 [63] ،عوض عن عامين سجنا وخطية قدرها ألف دينار وهو العقاب المقرر للمرأة .ونلاحظ أن مختلف التشاريع تعرضت لمشاركة أهل الاختصاص من الأطباء وقوابل وصيادلة وغيرهم و اعتبارهم فاعلين أصليين حتى و إن قاموا بمجرد الإرشاد على الإجهاض[64].

د – صفة الخادم كظرف تشديد :

لقد استخدم المشرع صفة الخادم أو المستخدم و اعتبارهما ظرف تشديد كما انه أخضعهما لنفس الأحكام إلا انه قبل التعرض إلى العقوبات المسلطة على الخادم أو المستخدم وجب علينا تحيد مفهوم كل من الخادم و المستخدم.

1 الخادم و المستخدم:

الخادم هو كل شخص يؤجر خدماته لأخر على وجه ينقطع فيه لذلك بحيث يحوز ثقة مطلقة من جانب مخدومة .ويتضح من هذا التعريف أن صفة الخادم تقوم على ثلاثة عناصر وهي أن يكون العمل المكلف به هو خدمة أخر و أن ينقطع له وان يكون نظير اجر[65] .فالخادم إذن هو الشخص الذي يقوم بأعمال مادية التي يحتاج إليها مخدومه في حياته اليومية ،وبتالي يستبعد من الخدم من يقمون بأعمال ذهنية لحساب غيرهم كأمناء السر و المحاسبين, كما يستبعد من ذلك الموظفين العموميين من عدد الخدم.أما العنصر الثاني لمدلول الخادم يفترض انقطاع الخادم لعمله. ومن ثمة يستبعد من عداد الخدم الشخص الذي يوزع وقته على خدمة أشخاص متعددين كالبستاني الذي يمر على الحدقة من وقت إلى أخر ليشذب أشجارها [66] .أما العنصر الثالث لمدلول الخادم يقتضى أن يكون العمل نظير اجر، ومن ثمة يستبعد من عداد الخدم القريب و الفقير الذي يقيم بيت قريبه و يشارك في العمل المنزلي و يتلقى بين الحين و الأخر بعض الهبات أو يشارك أقاربه طعامهم إذ لا يصدق عليه أنه يتقاضى اجر .

وتبعا لذلك متى توفرت صفة الخادم في جانبه وثبت سرقته مال مخدومه فانه يكون عرضة لعقوبة مشددة نظرا لصفة الخادم التي تعد ظرف مشدد وهو ما نص عليه الفصل 263 من الجلة الجزائية ” يعاقب بالسجن عشرة أعوام مرتكب السرقة الواقعة من الخادم لمخدوم”.

وهذا التشديد في العقاب على الجاني بموجب صفة الخادم كرسه المشرع المصري في الفصل 317 من قانون العقوبات[67] و المشرع الأردني في الفصل 406 من قانون العقوبات [68] .

أما المستخدم فهو الشخص الذي يقوم بعمل ذهني لحساب أخر ويتقاضى أجرا عن عمله على غرار أمين السر و المحاسب سواء كان عمله لحساب شخص طبيعي أو معنوي . وصفة المستخدم حسب الفصل 263 من المجلة الجزائية تمثل ظرف تشديد للعقاب على المستخدم “يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام مرتكب السرقة الواقعة من المستخدم “.

وتشديد العقاب على المستخدم كرسه المشرع المصري بالفصل 317 من قانون العقوبات [69].

وعلة تشديد العقاب على المستخدم يمكن تبريره في كون المستخدم الذي يقوم بالسرقة يكون أساء الثقة التي وضعها فيه رب عمله وهي ثقة اضطرارية تنبع من طبيعة العلاقة بينهما وتقتضيها تمكينه من القيام بالإعمال المعهودة إليه .

كما أن المشرع شدد العقاب على من يخدم عادة بالمسكن الذي ارتكب به الجريمة وذلك في الفقرة الرابعة من الفصل 263 من نفس المجلة. إلا أن المشرع لم يضف بمقتضها ظرفا جديدا أو صفة مختلفة عما سبقها من الصفات المشددة للسرقة وان خصها بفقرة منفردة من الفصل 263 من المجلة الجزائية وشروط خاصة بتطبيقها [70] ،فالأمر يتعلق دائما بعلاقة خدمة بين الخادم و مخدومه وان لم يخص المشرع نوعية الخدمة أو العمل المقصود في هذه الحالة حيث اقتصر على استعمال عبارة “يخدم عادة ” وهي تقريبا نفس الصياغة التي استعملها المشرع الفرنسي صلب الفصل 384 من المجلة الجنائية ثالثا قديم [71].وبذلك توحي الصيغة المرينة للفصل 263 فقرة رابعة و الفصل 384 فقرة ثالثة أن العمل المقصود يشمل العمل الفكري و اليدوي معا [72] فيكفى لتوفر ظرف التشديد في هذه الحالة أن يكون مرتكب السرقة يعمل عادة بالمسكن الذي ارتكب فيه جريمته.

كما أن صفة الخادم أو المستخدم جعلها المشرع ظرف تشديد في الجرائم الأخلاقية وذلك بالفصل 229 من المجلة الجزائية وسلط عقابا مضاعفا على الجاني الذي تتوفر فيه صفة الخادم عند ارتكابه لإحدى الجرائم المنصوص عليها بالفصول 227 مكرر و228 و288 مكرر من المجلة سالفة الذكر [73] .

و السؤال الذي يطرح يتعلق بالدور الذي سيقوم به الجاني فهل يجب أن يكون فاعلا أصليا أو يكفي أن يكون مشاركا .لقد أجابت محكمة التعقيب بالا جاب على هذا التساؤل ضمن قرارها الصادر في 17 فيفري 1966 “يقتضي الفصل 229 من القانون الجنائي أن الظرف المشدد للعقوبة يتوفر سواء بإعانة الفاعل الأصلي على اقتراف الجناية و تسهيلها أو مشاركته في الفعلة نفسها وذلك بارتكابه معه “.

وتبرز مرة أخرى صفة الخادم في الجرائم الأخلاقية كأساس لتشديد العقاب المسلط عليه في جريمة التوسط في الخناء و التمعش منه الوارد بالفصل 233 من المجلة الجزائية ،إذ أن العقوبة المقررة لهذه الجريمة السجن من عام إلى ثلاثة أعوام وبخطية من مائة دينار إلى خمسمائة دينار لتصبح متراوحة بين ثلاثة أعوام وخمسة أعوام و الخطية من خمسمائة دينار إلى ألف دينار .

ولعل الغاية من تشديد العقاب تتمثل في سعي المشرع إلى الحفاظ على الثقة الموجودة بين الخادم و المخدوم. وبتالي التصدي لكل فعل إجرامي قد يصدر عن هذا الأخير ويستهدف من منحه هذه الثقة.

2 صفة أصحاب المحلات المفتوحة للعموم:

لقد شدد المشرع العقاب في الفصل 263 فقرة ثانية على أصحاب المحلات المفتوحة للعموم و هم كالأتي ” أصحاب النزل وغيرها من المحلات المتعاطية لهذا النشاط و أصحاب المقاهي أو المحلات المفتوحة للعموم”.

وذلك بان جعل العقاب المستوجب لمن توفرت فيه صفة صاحب المحل المفتوح للعموم عشرة سنوات سجن [74] ومن ثمة فان السرقة المقترفة من طرف أصحاب المحلات المفتوحة للعموم سرقة موصوفة ،وهو ما يجعلها جناية خلافا للسرقة المجردة التي تكون فيها جنحة خمسة سنوات حسب منطوق الفصل264 من المجلة الجزائية لكن المشرع حصر التشديد في صفة صاحب المحل دون أن يحدد المقصود بذلك فهل يقصد مالك المحل المفتوح للعموم أو مسيريه ؟

لم يتعرض الفقه ولا فقه القضاء لهذه المسألة ولكن بالرجوع إلى عبارات نص الفصل القانوني وتبيان مقصد المشرع من وراء تشديد عقوبة السارق في مثل تلك الحالات نتبين أن نفس الفصل 263 ثانيا اقتصر على ذكر أصحاب تلك المحلات المفتوحة للعموم ويبدو أن المقصود من ذلك هم المسيرون و المسؤولين عن أمن ونظام تلك المحلات ومن يؤمنها دون غيرهم خاصة انه واقعيا غالبا ما يكون مالكو تلك المحلات متغيبين عنها وليس لهم علاقة مباشرة بسيرها اليومي مما يستبعد مساءلتهم وبتالي تشديد عقوباتهم في مثل هذه الحالات.

ولعل التشديد يجد أساسه في كون صاحب الفندق أو المقهى أو بصفة عامة صاحب المحل المفتوح للعموم بحكم مهنته يسهر على حسن سير ذلك المحل ،لذلك يفترض في هذه الأشخاص أي أصحاب المحلات المفتوحة للعموم التحلي بالثقة اللازمة التي تفرضها علاقتهم بالحرفاء فصاحب المحل يعتبر مستأمنا على الأشياء التابعة لحريفه التي سلمها له هذا الأخير كوديعة اضطرارية [75].

ه- صفة الضابط كأساس لتشديد العقاب:

بالرجوع إلي مجلة المرافعات و العقوبات العسكرية نلحظ إن المشرع جعل صفة الضابط أساس لتشديد العقاب عليه و ذلك ما نص عليه الفصل 67 فقرة ثانية م.م ع. ع الذي جعل جريمة الفرار من الجندية ظرف مشدد إذا كان الفار ضابطا إذ تصل العقوبة إلي ثلاثة سنوات وهذا زيادة على إمكانية الحكم بعزله[76] .

هذا وقد اقتضى الفصل 68 من نفس المجلة سالفة الذكر ففي فقرته الثانية نص أن صفة الضابط تكفي لوحدها لتشديد العقاب ولا لزوم لتحقيق أي ظرف من ظروف الواردة بالفقرة الثانية ،كما أن الفقرة الأخيرة تنص على أن ارتكاب جريمة الفرار إلى الخارج مع توفر الظروف المشدد الواردة بالفقرة الثالثة من نفس الفصل يوجب مبدئيا العقاب بالسجن مدة عشرة سنوات إلا إن توفر صفة الضابط ترفع العقوبة إلى عشرين سنة مع إمكانية الحكم علي بالعزل .

و – صفة صانع الأقفال:

لقد جعل المشرع جعل من صفة صانع الأقفال ظرف تشديد في العقاب عليه وذلك ما اقتضاه الفصل 274 من المجلة الجزائية “ويكون العقاب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة و عشرين دينار إذا كان الجاني حرفيا في صنع الأقفال “[77]

نستنتج مما سبق أن المشرع جعل من الصفة المكتسبة بحكم المهنة ظرفا مشددا على الجاني إلا أن هذه الصفة ليست الوحيدة كظرف مشدد للعقاب بل أن الصفة المكتسبة بحكم صلة القرابة ظرفا مشددا للعقاب كذلك.

الفقرة الثانية الصفة المكتسبة بحكم صلة القرابة

تقوم الرابطة الأسرية على أواصر الدم ووشائج القربى لذلك فهي تعتبر من أقدس الروابط الاجتماعية على الإطلاق .وتبعا لذلك عمد المشرع التونسي إلى تشديد العقاب على الجاني الذي تعطلت لديه أقدس القيم والحرمات الخلقية و الإنسانية في جريمة القتل والاعتداء بالعنف .

التشديد على الجاني لكونه ابن أو فرع المجني عليه:
1 التشديد في جريمة القتل:

لقد اعتبر المشرع صفة الفرع ظرف مشدد للعقاب عليه في جريمة القتل وهو ما نص عليه الفصل 203 من المجلة الجزائية ” يعاقب بالإعدام مرتكب قتل القريب و المقصود بقتل القريب هو قتل الأصول وان علو[78] وتبعا لذلك فان قتل الفرع للأصل كقتل الابن أو البنت لأحد الأصول سواء كان أبا أو أم أو جد أو جدة يعتبر ظرف تشديد يستوجب عقوبة الإعدام ، فالقاتل يجب أن يكون فرعا للمجني عليه لا العكس لان قتل الأصل للفرع لا يستوجب إلا عقابا بالسجن بقية العمر حسب منطوق الفصل 210 من المجلة الجزائية ” يعاقب بالسجن بقية العمر الوالد الذي يعتمد قتل ولده “ وفي هذا الاتجاه سارت محكمة التعقيب في قرار صادر عنها في 9 جويلية 1980حيث نصت “جريمة قتل ولد لوالده هي وحدها التي تستوجب عقوبة الإعدام أما العكس أي قتل الوالد لولده لا تستوجب ذلك “[79].

ونشير إلي أن المشرع الفرنسي جعل من قتل الفرع للأصل ظرفا مشددا للعقاب عليه فقاتل أبيه أو أميه أو احد أصوله بالإعدام في المادتين 299- 302 من الجلة الجنائية القديمة و تسمي هذه الجريمة Parricid [80] كما أن المشرع اللبناني جعل كذلك قتل الفرع للأصل ظرفا مشدد للعقاب .إلا انه يختلف مع المشرع التونسي بأن جعل قتل الأصل للفرع ظرفا مشدد للعقاب كذلك [81].

2 التشديد في جريمة الاعتداء بالعنف :

اعتبر كذلك المشرع التونسي الاعتداء بالعنف الشديد الصادر من الخلف على السلف ظرف مشدد للعقاب على الجاني بموجب صفة الخلف أو الفرع وذلك بالفصل 218 ” إذا كان المعتدي خلفا للمعتدي عليه يكون العقاب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها ألف دينار “[82].

وقد اعتبر المشرع الفرنسي بدوره الاعتداء الواقع من الفرع على الأصل ظرفا مشددا للعقاب على المعتدي في الفصل 312 من المجلة الجنائية القديمة [83] . مقابل ذلك فان التشريع المصري لم يجعل صفة الفرع عند الاعتداء على أحد فروعه ظرف لتشديد العقاب على الجاني وعليه فان القانون المصري لا يعتبر من الظروف المشددة سن المجني عليها ولا صفة كونه من أصول الضارب[84].

كما يتجسم تشديد العقاب على الخلف المعتدي من طرف المشرع في جرائم الاعتداء بالعنف الواردة بالفصل 219 من المجلة الجزائية ” ويرفع العقاب إلى اثني عشرة عاما إذا كان المجرم خلفا للمعتدي عليه مهما كانت درجة السقوط ولو في صورة إسقاط الدعوى “.

انطلاقا من هذا النص القانوني نلحظ أن المشرع شدد في العقاب على الجاني بسبب جسامة النتيجة الإجرامية عن فعل الاعتداء ولصفة الجاني المتمثلة في أنه خلفا للمعتدي عليه ، غير انه يقصي درجة السقوط فلا فرق إن تجاوزت هذه النسبة العشرين بالمائة أو بقيت اقل من هذه النسبة . إضافة إلى ترفعيه في العقوبة على الخلف المعتدي فانه يؤدي أيضا إلى تغيير الوصف القانوني للجريمة لتصبح جناية بعد أن كانت جنحة ذلك إن العقاب المستوجب للجاني في الفقرة الأولى خمسة سنوات إلا أنه يرفع إلى اثني عشر سنة إذا كان الضرب و الجرح على معنى هذا الفصل واقع من الخلف على السلف .إلا أن ظرف التشديد بسبب صفة القرابة لا ينحصر في الفرع و الأصل بل يشمل الأبناء و الأزواج أيضا .

ب الجاني أحد الوالدين أو احد الزوجين :

لقد جعل المشرع من صفة الوالدين ظرف لتشديد العقاب عليهما في جرائم تعريض طفل أو تركه للخطر أو الإهمال وكذلك في الاعتداءات الجنسية . كذلك جعل المشرع صفة الزوج أو الزوجة سببا لتشديد العقاب في جرائم الاعتداء بالعنف الصادر من أحدهما تجاه الأخر

1 الجاني احد الوالدين:

وردت جريمة تعريض طفل للإهمال من طرف والديه بالفصول 212 و 212 مكرر و 213 من المجلة الجزائية وهي تمثل انتهاكا فاضحا لحرمة الطفل الجسدية و تترتب عنها أضرار جسمية يمكن أن تؤدي إلي فقدانه الحياة تماما .وقد شدد المشرع العقاب على الوالدين بالفصل 212 في صورة إهمال أو ترك طفلا لا طاقة له على حفظ نفسه أو عاجزا في مكان آهل بالسكان من خلال الترفيع في العقاب من ثلاثة أعوام إلى عقاب بالسجن خمسة أعوام و خطية قدرها مائتا دينار إذا كان المجرم احد الوالدين ،وهو ما نص عليه الفصل 212من المجلة سالفة الذكر [85] . كما شدد المشرع العقاب على الوالدين إذا تخلص من القيام بالواجبات المفروضة عليه ،إما بهجر منزل الأسرة بغير سبب جدي أو بإهمال شؤون القاصر إذ يعاقب بالسجن مدة ثلاث أعوام وبخطية قدرها خمسمائة دينار، كما شدد المشرع العقاب على الوالدين إذ نتج عن الإهمال أو الترك عاهة أو كسر أو بتر احد أعضائه يعاقب بالسجن مدة اثني عشرة سنة ويرفع العقاب إلى السجن بقية العمر إذا نتج عن الإهمال وفاة.

وقد تعرضت بعض التشاريع المقارنة لهذه الجريمة على غرار المشرع المصري الذي نص على هذه الجريمة ضمن الفصول 247. 247 .248 من قانون العقوبات .

كما أن المشرع شدد في العقاب على الجاني بموجب الجرائم الأخلاقية الواردة بالفصول 227 مكرر. .228 و228 مكرر ، إذ ضاعف المشرع العقاب في جريمة المواقعة والاعتداء بالفاحشة إذا كان من أصول المجني عليه وهو ما نص عليه الفصل 229 من المجلة الجزائية ” يكون العقاب بضعف المقدار المستوجب إذا كان الفاعلون للجرائم المشار إليها بالفصول 228و228 مكرر من أصول المجني عليه”

كما شدد المشرع العقاب في جرائم التوسط في الخناء و التمعش إذا كان له صفة والد المجني إذ يعاقب الوالد بالسجن بعقاب يتراوح بين ثلاثة وخمسة أعوام وخطية بين خمسمائة وألف دينار .

والعلة من تشديد العقاب بالنظر إلى كون الجاني أحد الوالدين أو احد أصول المجني عليه من أي طبقة يعود بالأساس إلى سعي المشرع إلى الحفاظ على تماسك الأسرة و حمايتها من كل فعل قد يؤدي إلى الإخلال بالخلية الأولى للمجتمع لتفادي استغلال من له سلطة على الطفل لإشباع راغبات جنسية دنيئة.

2 الجاني زوج أو زوجة:

لقد شدد المشرع العقاب في الاعتداء بين الأزواج في جرائم الاعتداء بالعنف الوارد بالفصل 218 من المجلة الجزائية ” وإذا كان المعتدي خلفا للمعتدى عليه أو زوجا له يكون العقاب بالسجن مدة عامين وبخطية قدرها ألف دينار ” وهي عقوبة مشددة على الزوج المعتدي لأن عقوبة الاعتداء بالعنف إذا كانت لا تدخل فيما هو مقرر بالفصل 319 من المجلة الجزائية يعاقب بالسجن مدة عام وخطية قدرها ألف دينارا [86] و التشديد ينطبق سواء كان الجاني الزوج أو الزوجة وذلك لأن عبارة “زوج”وردت مطلقة ،وما تجدر الإشارة إليه إن هذه الجريمة لم تكن موجودة قبل تنقيح المجلة الجزائية بمقتضى قانون عدد 72 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993.

كذلك جعل المشرع الزوجية ظرفا لتشديد العقاب في إطار تنظيمه لجريمة التوسط في الخناء بالفصل233 من نفس المجلة إذ يشدد في عقاب التوسط في الخناء والتمعش منه إذا كان الجاني زوجا وذلك بالترفيع في العقاب من ثلاثة سنوات سجنا إلى خمس أعوام وبالخطية من خمسمائة دينار إلى ألف دينار[87].

والعلة من تشديد العقاب هي الحفاظ على الترابط الأسري و جعل العلاقة الزوجية مبنية على أساس الاحترام المتبادل، وبتالي ضمان تماسك الأسرة لكي تكون فعلا الخلية الأولى للمجتمع. وقد اقر المشرع إن الصفة المكتسبة بحكم علاقة الائتمان أو السلطة الرابطة بين الجاني و المجني عليه ظرفا مشدد للعقاب.

الفقرة الثالثة الصفة المكتسبة بحكم علاقة الائتمان أو السلطة بين الجاني والمجني عليه:

لقد جعل المشرع الصفة المكتسبة بحكم العلاقة الائتمانية أو السلطوية أساسا لتشديد العقاب في جانب من توفرت فيه هذه الصفة .

أ – الصفة المكتسبة من العلاقة الائتمانية بين الجاني والمجني عليه :

لقد جعل المشرع من صفة المؤتمن ظرف تشديد للعقاب عليه ويتجسم ذلك من خلال الفصل 156 من المجلة الجزائية الذي نص ” يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام كل من يرتكب اختلاس أو رفع أو إعدام أو تغيير على معنى الفصل 155 من هذه المجلة ويكون العقاب بالسجن مدة اثني عشرة عاما إذا كان مرتكب ذلك هو المؤتمن نفسه “[88].

ومن خلال هذا النص نلاحظ أن المشرع يتدرج في عقاب من يرتكب اختلاس أو رفع أو تغيير الأختام وغيرها من الأشياء الواردة بالفصل155 من المجلة الجزائية. إلا أن المشرع يميز بحسب صفة الجاني فان كان الجاني هو المؤتمن نفسه على تلك الأشياء فان العقاب هو اثنتي عشرة عاما سجنا ومن ثمة فان صفة المؤتمن تمثل ظرفا مشدد للعقاب عليه ،أما إذا كان الجاني إنسان عادي فالعقاب المقرر هو عشرة أعوام سجنا.

كما تبرز صفة المؤتمن كظرف تشديد للعقاب عليه في جريمة خيانة مؤتمن الواردة بالفصل 297 من المجلة الجزائية [89]. أما مظاهر تشيد العقاب على الجاني خائن الأمانة يتجسم من خلال تدرج المشرع في العقاب المقرر لخيانة الأمانة فالعقاب يكون بالسجن مدة ثلاث سنوات وخطية قدرها مائتان و أربعون دينار لمرتكب جريمة الخيانة و الاستلاءات غير المشروعة .لكن العقاب يصبح عشرة سنوات سجنا إذا كان الجاني له صفة المؤتمن أو الوكيل أو الأجير أو متصرفا قضائيا أو مدير لوقف أو مستخدما به أو وليا أو وصيا أو ناظرا أو مقدما أو مستخدما أو خادما . وتبعا لذلك فان صفة الجاني تمثل ظرف تشديد سواء في الترفيع في العقاب من ثلاثة سنوات إلى عشرة سنوات سجنا أو تغير وصف الجريمة من جنحة إلى جناية. وهذه الصفة كظرف تشديد أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 9 جانفي 1989 “ويكون ظرف تشديد إذا صدرت تلك الأعمال عن وكيل “ [90].

كما أن صفة المؤتمن كظرف تشديد للعقاب على الجاني اقرها المشرع بالفصل 576 من المجلة التجارية [91] الذي أحال على خيانة مؤتمن الواردة بالفصل 297 من المجلة الجزائية.

كذلك شدد المشرع العقاب على المقدم المكلف بحماية أموال القاصر وذلك في أمر 18 جويلية 1957 الذي أقر في فقرته الثانية إمكانية تتبعه على أساس الفصل 297 من المجلة الجزائية [92] . وهو ما قررته محكمة التعقيب في قرارها المؤرخ في 10 جويلية 1985 [93]. كما أن المشرع جعل من صفة المؤتمن ظرف تشديد في العقاب على الجاني في جريمة إهمال عيال على معنى الفصل 212 من المجلة الجزائية[94].

نتحصحص مما سبق أن المشرع جعل من صفة المؤتمن ظرفا مشدد للعقاب عليه إلا انه جعل صفة العلاقة السلطوية بين الجاني و المجني عليه ظرفا مشددا في العقاب على الجاني كذلك.

ب- العلاقة السلطوية:

إن المقصود بالعلاقة السلطوية بين الجاني و المجني عليه في أن الشخص الذي له سلطة على المجني عليه لا يجد عناء كبيرا في ارتكاب جريمته إذ بحكم المودة التي تقوم بينهما يكون المجني عليه فريسة سهلة لأنه لا يحتاط من الجاني و لا يخشى منه بل يعتبر مصدر حماية و أمان . لذلك فان المشرع شدد العقاب على الجاني الذي له سلطة على المجني عليه و ذلك ما اقتضاه الفصل 301 من المجلة الجزائية فقرة ثانية ” ويكون العقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام و بخطية قدرها مائتا دينار إذا كان المعتدي عليه موضوعا تحت رقابة المعتدي أو سلطته “[95].

كذلك شدد المشرع العقاب على الشخص الذي له سلطة على المجني عليه في الجرائم الأخلاقية على معنى الفصول 227مكرر.228و228 مكرر من المجلة الجزائية وذلك من خلال مضاعفة العقاب على الجاني حسب منطوق الفصل 229 من نفس المجلة.

كما أن المشرع شدد العقاب على الجاني الذي له سلطة على المجني عليه في جرائم التوسط في الخناء و التمعش منه حيث يصبح العقاب يتراوح بين ثلاثة سنوات وخمسة سنوات وخطية متراوحة بين خمسمائة وألف دينار وهو ما نص عليه الفصل 233 فقرة رابعة من المجلة الجزائية [96].

نستنتج مما سبق أن المشرع جعل من صفة الجاني ظرفا مشددا للعقاب وهي صفة متعلقة بشخص الجاني بحيث تلحق الجانب الشخصي للمجرم وحده دون الشريك عند تشديد العقاب عليه إلا أن المشرع جعل من صفة المجني عليه ظرفا مشددا للعقاب على الجاني.

المبحث الثاني: الظروف المستمدة من صفة المجني عليه:

لقد شدد المشرع العقاب على الجاني بموجب صفة المجني عليه وهذه الصفة كظرف تشديد للعقاب تتمثل أساسا في كونه يضطلع بوظيفة من الوظائف أو لعجزه عن الدفاع عن نفسه.

الفقرة الأولى: المجني عليه موظفا عموميا

يعد الاعتداء الواقع على الموظف العمومي اعتداء على حرمة الإدارة و سيادة الدولة وهو ما حمل المشرع على توفر حماية جزائية صارمة للموظف العمومي صلب المجلة الجزائية في الباب الرابع من القسم الثاني تحت عنوان ” في هضم جانب الموظفين العموميين وأشباههم ومقاومتهم بالعنف ” لذلك سنتاول الأحوال التي يقع تشديد العقاب فيها على الجاني بموجب اعتدائه على موظف عمومي ثم آثار الاعتداء داخل المجلة الجزائية وخارجها.

أ – حصول الاعتداء وقت أداء الوظيفة أو بمناسبتها :

إن جريمة الاعتداء على موظف عمومي أثناء أداء وظيفته أو بمناسبتها تستوجب عدة شروط من بين هذه الشروط أن تكون صفة المعتدي عليه موظف عموميا أو شبهه كذلك أن يكون الاعتداء ماديا أو بالإشارة أو التهديد وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرار صادر عنها في 18 فيفري 1932حيث نصت ” إن الفصل 125 من المجلة الجنائية لم يفرق بين مباشرة الوظيفة بصفة قانونية أو غير قانونية إذ يكفي أن يكون القول إن الإشارات التهديدية موجهة نحو الموظف المباشر للعمل بالصفة المذكورة لا بصفة نفر اعتيادي”[97].

كما أن هذه الجريمة تستوجب حصول الاعتداء أثناء مباشرة الوظيفة أو بمناسبتها.

1 الاعتداء على الموظف أثناء مباشرة الوظيفة:

إن استخدام المشرع التونسي لعبارة حال مباشرة الوظيفة تعني بوضوح إن الاعتداء المسلط على الموظف يجب أن يحصل وقت تأدية الوظيفة ، ويعتبر الفقهاء أن الاعتداء يكون موجها ضد الموظف أثناء تأدية وظيفته ” عندما يؤدي عملا داخلا في اختصاصه أو في شؤون وظيفته “[98] . وبتالي فان عدم وجود الموظف أثناء تأدية وظيفته في المكان المخصص أصلا لإدارة عمله والذي يباشر فيه شؤون وظيفته لا يحول دون توفر هذا الشرط المتعلق بمباشرة وظيفته .وفي هذا الإطار اعتبرت محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 3 نوفمبر 1986 ” إن قاضي الناحية من الضابطة العدلية .وبموجب تلك الصفة يمكنه مباشرة أعماله في كل آونة سواء في أوقات العمل أو خارجها في المحكمة أو غيرها “[99].

نستنتج مما سبق انه من الضروري أن يكون الموظف مباشرا لوظيفته حال تعريضه للاعتداء حتى يتسنى للقاضي تشديد العقوبة المسلطة على الجاني لكن ذلك يحصل عندما يستهدف الموظف للاعتداء بمناسبة أداء وظيفته.

2 حصول الاعتداء على الموظف بمناسبة مباشرته لوظيفته:

إن تكريس المشرع التونسي لهذه الصفة صلب المجلة الجزائية فيه تدعيما واضحا للحماية الجزائية للموظف العمومي من الاعتداءات التي قد تسلط عليه ذلك إن “صفة الموظف” لا يمكن أن تنفصل عنه بمجرد مغادرته لمقر عمله و الانتهاء من أداء وظيفته .فلو اقتصرت الحماية على وقت أداء الوظيفة فقط فان ذلك سيشجع كل من أراد الاعتداء على موظف أن يتخذ اعتداءه خارج مجال أداء هذا الأخير وظيفته وهذا التوجه أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 14 ديسمبر 1974 حيث نصت ” إن جريمة الاعتداء على شبه الموظف العمومي تعبر قائمة ولو بعد إتمامه المأمورية المسندة إليه لكن يشترط أن يكون الاعتداء بمناسبة القيام بتلك المأمورية “[100].

ولقد حاول بعض الفقهاء وشراح القانون إعطاء تعريف دقيق لعبارة بمناسبة مباشرة الوظيفة ،فالأستاذ ناجي البكوش “يعتبر أن هذه العبارة تقتضي أن يكون هناك صلة سببية بين أعمال الوظيفة و الاعتداء بصرف النظر عن الزمن الذي وقعت فيه سواء وقعت في أوقات العمل اليومية أو خارجها “[101]

وهو نفس المنحى الذي نحته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 14 ديسمبر 1974 .

ب – تشديد العقاب بسبب صفة الموظف العمومي أو شبهه :

لقد شدد المشرع العقاب على الجاني عند اعتدائه على موظف عمومي أو شبهه حال مباشرة وظيفته أو بمناسبتها إلا أن هذا التشديد في العقاب لا يقتصر على النص العام إنما ورد أيضا في مجلة الصحافة.

1 التشديد الوارد بالمجلة الجزائية:

بالرجوع إلي المجلة الجزائية نلحظ أن المشرع عمل على توفير حماية جزائية للموظف العمومي و ذلك من خلال شدة العقوبات المسلطة على الجاني وأية ذلك ما ورد في بالفصل 127 المجلة الجزائية المتعلق بحماية الموظف العمومي من الاعتداءات البدنية وذلك بتشديد العقاب على المعتدي حيث يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها اثنتان وسبعون دينار كل من يعتدي بالضرب الخفيف على معنى الفصل 319 من هذه المجلة على موظف عمومي أو شبهه حالة مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها[102] .ومظاهر التشديد يتمثل في كون في الفقرة الأولى من الفصل سالف الذكر هو أن توفر صفة الموظف العمومي في جانب المجني عليه يجعل الوصف القانوني يتغير من جنحة إلى جناية .

أما إذا كان العنف الواقع على الموظف العمومي من طرف الجاني مقترن بسابقية القصد أو نتج عن ذلك العنف جروح أو مرض فان العقاب يرتفع إلي عشرة سنوات سجنا وخطية مالية قدرها أربعمائة وثمانون دينار و ذلك ما نص عليه الفصل 127 فقرة ثانية من المجلة الجزائية[103].

كما أن تشديد المشرع العقاب على الجاني المعتدي على الموظف العمومي يتجسم في الفصل 125 من المجلة الجزائية الذي ينص ” يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها مائة وعشرين دينار كل من يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها[104]. لكن المشرع يستعمل عبارة التهديد دون أن يعطيها تعريف واضحا ودقيقا و حتى بالرجوع إلى جرائم التهديد التي كرسها المشرع بالفصل222 و223من المجلة الجزائية نجده يعاقب على التهديد دون تعريفه وقد اعتبرت محكمة التعقيب التهديد الصادر من الجاني و المعاقب عليه” هو التهديد المعاقب عليه إنما هو التهديد الجدي لا التهديد الذي يطرأ في حالة الغضب و الهيجان ” [105].

كما تبرز حماية المشرع للموظف العمومي أو شبهه في تشديد العقاب على الجاني في جريمة الاختطاف إذا كان الشخص الواقع عليه الاختطاف موظفا عموميا وذلك ما نص عليه الفصل 237 من المجلة الجزائية [106] المتعلق بجرائم الفرار بشخص إذ يكون العقاب عشرة أعوام إذا كان الاختطاف متعلق بشخص عادي إلا أن الاختطاف إذا كان متعلق بموظف عمومي فان العقاب يرتفع من عشرة سنوات إلى عشرين سنة .كما تبرز صفة الموظف العمومي أو شبهه في جانب المجني عليه كظرف تشديد في العقاب علي الجاني في إطار جريمة التعدي على الحرية الذاتية الواردة صلب الفصل 250 من المجلة الجزائية الذي يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام وبخطية قدرها عشرين ألف دينار كل من قبض على شخص أو أوقفه أو سجنه دون إذن قانوني إلا أن العقاب يرفع إلى الضعف إذا كان الاعتداء على الحرية الذاتية واقع على موظف عمومي وذلك ما نص عليه المشرع في الفصل 251 من المجلة الجزائية [107] .

نستنج مما سبق بيانه أن المشرع الجزائي حاول تكريس حماية جزائية مطلقة للموظف العمومي من الاعتداءات التي قد يتعرض لها عند مباشرته لوظيفته أو بمناسبتها إلا أن هذه الحماية لا تتوقف في إطار المجلة الجزائية إنما تمتد إلى مجلة الصحافة .

2 تشديد العقاب على الجاني الوارد بمجلة الصحافة

امتدت حماية المشرع للموظف العمومي أو شبهه من الاعتداءات التي قد تطاله أثناء ممارسة وظيفته أو بمناسبتها خاصة الاعتداءات اللفظية على غرار الثلب و الشتم الواردة بمجلة الصحافة . فالبرجوع إلى مجلة الصحافة نلاحظ أن المشرع كرس نظاما عقابيا ميز فيه بين ثلب وشتم الخواص و ثلب وشتم الموظف العمومي.

وتبعا لذلك فان الثلب الموجه إلى أحد الخواص فالعقاب يكون بالنسبة لهم من ستة عشر يوما إلى ستة أشهر وبخطية من مائة وعشرين إلى ألف ومائتين دينار أو باحدي العقوبتين وذلك ما نص عليه الفصل 53 من مجلة الصحافة ” [108] .إلا أن هذه الجريمة أي الثلب إذا كانت واقعة على موظف عمومي فان العقاب يشدد وذلك من خلال الترفيع في العقاب بالسجن من سنة سجنا إلى ثلاثة سنوات سجنا إلى جانب الخطية و ذلك حسب منطوق الفصل 51 من ذات المجلة “إذا كان موجها ضد موظف موظف عمومي فان العقوبة تتراوح عام و ثلاثة أعوام سجنا إلى جانب الخطية “[109].

كما شدد المشرع العقاب على الجاني الصادر عنه الشتم ضد الموظفين العموميين و يتجسد التشديد بموجب الشتم من خلال توقيع عقاب السجن و الخطية معا على الجاني المعتدي وذلك ما أقره المشرع في الفصل 54 من مجلة الصحافة[110].

نتحصحص مما سبق أن صفة المجني عليه في جانب الموظف العمومي جعلها المشرع ظرفا لتشديد العقاب على الجاني المعتدي إلا أن صفة المجني عليه بموجب سنه تمثل كذلك ظرفا لتشديد العقاب على المعتدي.

الفقرة الثانية : سن المجني عليه ظرف تشديد للعقاب

لقد عمل المشرع على تكريس حماية جزائية للطفل القاصر يمكن وصفها بالمدعمة وذلك من خلال الحزم و الصرامة في العقوبات المقررة للاعتداءات الماسة بالكيان المعنوي للمجني عليه وكذلك الاعتداءات الماسة بالحرمة الجسدية للمجني عليه .

أ – تشديد في العقوبة في الجرائم الجنسية المرتكبة ضد قاصر:

إيمانا بحق الطفل في النمو السليم وضمان مستقبل مزدهر ولما تخلفه الجرائم الجنسية الموجهة ضد قاصر من آثار نفسية وجسدية سيئة شدد المشرع العقاب على الجاني الذي يرتكب هذه الجرائم ضد قاصر.

1 الاغتصاب:

إن الاغتصاب أو المواقعة بدون رضا الضحية من أخطر وأبشع الجرائم الجنسية ولقد أقر مشرعنا هذه الجريمة الوحشية صلب الفصلين 227 و 227 مكرر من المجلة الجزائية لكن المشرع لم يعرف الاغتصاب تعريفا دقيقا شأن التشريعات المقارنة وأمام هذا الفراغ التشريعي اجتهد الفقهاء في إعطاء تعريف للاغتصاب .إذ يعرفه الأستاذ Garçon إن الاغتصاب وهو المواقعة غير المشروعة لامرأة مع العلم بانعدام رضاه[111]

كما يعرفها الأستاذ عبد الله الأحمدي الاغتصاب هو مواقعة الرجل للأنثى من غير رضاها مع العلم بذلك[112]

كما عرفت محكمة التعقيب الاغتصاب في قرارها الصادر في 16 جوان 1969 على أنه ” جناية الاغتصاب لا تقوم إلا إذا كان هناك وطء بالمكان الطبيعي من الأنثى وبطريق الإيلاج “[113] .

وجريمة الاغتصاب لها صورتان فهي قد تحصل بدون غصب أي بموافقة المجني عليها ,وقد تقع غصبا بدون موافقتها وفي الصورتين فان سن الضحية له دور في تشديد العقوبة وذلك ما نص عليه الفصل 227 من المجلة الجزائية .

فالمشرع شدد العقاب على الجاني في جريمة الاغتصاب بموجب سن المجني عليها وقسم العقوبة إلى نوعين

إذا كان سن المجني عليها دون عشر سنوات فان العقاب المقرر للجاني هو الإعدام أما إذا كان سنها دون الثلاثة عشر عاما فان عنصر الرضا كذلك يعتبر مفقودا وبتالي يعاقب الفاعل بالسجن بقية العمر واعتبر المشرع إن سن الضحية الأقل من الثلاثة عشرة سنة قرينة اقصائية لا تقبل الدحض على انعدام الرضا . وتبعا لذلك فان مسألة ضبط السن جوهرية لابد من التثبت فيها قبل الحكم فهو ركن من أركان الجريمة ويقع إثبات سن الضحية بواسطة بطاقة الحالة المدنية وبالتصريح الوارد بها ما لم يقع الطعن فيها بالطرق القانونية [114].

ونلحظ أن المشرع لئن أقر عقاب مشدد لجريمة الاغتصاب فانه كرس مفهوم ضيق لها إذ لا يجريمه إلا في صور محددة على خلاف بعض التشاريع المقارنة التي توسعت في جريمة الاغتصاب على غرار المشرع الفرنسي [115] و المشرع البلجيكي[116] و المشرع الكندي [117]. لقد اعتمدت هذه التشاريع على مفهوما واسع للاغتصاب واعتبرته عدوانا جنسيا يتمثل في انتهاك الحرمة الجسدية للمجني عله باستعمال القوة أو التعذيب أو غير ذلك من وسائل القهر للإرادة ،ولابد لقيام أركانه من حصول الإيلاج سواء بالمكان الطبيعي أو غير الطبيعي وهو بهذا المعنى يشمل الذكر و الأنثى [118].

أما جريمة المواقعة برضا المجني عليها فقد تعرض لها المشرع في الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية فقد عرفتها محكمة التعقيب في عديد القرارات من بينها القرار الصادر سنة 10جوان 1969 ” إن معنى المواقعة لا ينصرف لمجرد الفعل الفاحش ولا تقوم إلا إذا كانت هنالك وطء بالمكان الطبيعي “

وقد تدرج المشرع في جريمة المواقعة الواردة بالفصل 227 مكرر في تشديد العقاب حسب سن المجني عليها فإذا كان سن القاصرة التي وقع مواقعتها برضاها يفوق خمس عشرة سنة ودون العشرين سنة كاملة يعاقب الجاني بخمسة أعوام وتكون الجريمة بذلك جنحة ،أما إذا كان سن المجني عليها أقل من خمسة عشرة عما فان الفعلة عدت جناية وسلطت على الفاعل ستة أعوام وهذه الحماية الجزائية للقاصر في الجرائم الأخلاقية لا تتوقف عن جرائم الاغتصاب إنما تنسحب هذه الحماية على جرائم الاعتداء بالفاحشة .

2الاعتداء بالفاحشة:

لقد تعرض المشرع لجريمة الاعتداء بالفاحشة بالفصلين 228و 228 مكرر من المجلة الجزائية إلا أنه رغم تجريمه هذه الفعلة الوحشية لم يعرف ما المقصود بالاعتداء بالفاحشة وهو ما حمل محكمة التعقيب على تعريفها في قرارها الصادر في 16 جوان 1969 ” الفعل الفاحش الذي جاء يعاقبه الفصل 228 من المجلة الجنائية هو كل فعل منافي للحياء يقع قصدا ومباشرة على جسم الذكر أو الأنثى أو على عورتها”[119].

ويمثل سن المجني عليه ركنا جوهريا في تكييف الفعلة على أنها جنحة أو جناية و بتالي التشديد في العقاب فان كان سن المجني عليه حسب الفصل 228 من المجلة سالفة الذكر دون الثمانية عشرة ووقع الاعتداء عليه بفعل الفاحشة دون قوة فان الجاني يعاقب بخمسة أعوام سجن [120] والجديد في هذا النص هو الترفيع في سن المتضرر من 15 إلى 18 عاما كاملة ومن خلال هذا الترفيع في سن المجني عليها إبراز إرادة المشرع في إقرار حماية جزائية مدعمة[121] .أما إذا كان سن الضحية أقل من 18 عشرة عاما فحسب منطوق الفصل 228 مكرر فان العقاب يصبح أكثر شدة على الفاعل إذ يرفع العقاب إلى اثنى عشر عاما[122].

ونلاحظ كذلك أن المشرع المصري شدد العقوبة على الجاني في جريمة الاعتداء بالفاحشة فسن الطفل يكيف الفعلة على كونها جنحة أو جناية[123]. كذلك المشرع الفرنسي شدد العقاب على الجاني في جريمة الاعتداء بالفاحشة بالنظر إلى سن المجني عليه الجديدة[124] ويبرز التشديد في هذه الجريمة من خلال ترفيع المشرع الفرنسي العقاب على الجاني إلى سبعة سنوات وخطية قدرها 700000 ألاف فرنك إذا كان سن المجني عليه اقل من خمسة عشرة سنة حسب الفصل 222-29 من المجلة الجنائية الفرنسية الجديدة .

كما أن المشرع التونسي شدد العقاب على الجاني في جريمة التحريض على الخناء و التمعش منه إذا كان الضحية قاصر فحسب الفصل 233 من المجلة الجزائية فان الفاعل تسلط عليه عقوبة متراوحة بين ثلاثة و خمسة سنوات سجنا كما ترفع الخطية من خمسمائة إلى ألف دينار[125].كما شدد المشرع العقاب على الجاني في جريمة تحريض الشبان القاصرين على الفجور في الفصل 234 من المجلة الجزائية إذ ارتكبت ضد قاصر إذ يرفع العقاب من عام إلى ثلاثة أعوام وخطية من مائة إلى خمسمائة دينار [126] .

كذلك المشرع الفرنسي شدد العقاب على الجاني الذي يحرض القاصرين على الفجور بالفصل 227 -22 من المجلة الجنائية الجديدة[127].

التشديد الوارد في الفصل 15 من أمر 1940 المتعلق بالاعتداء على الأخلاق الحميدة.

إن هذه الجريمة لم تتعرض لها المجلة الجزائية إنما تعرض لها أمر 25 فيفري 1940 وقد وقع تجريمها بالفصل 12 من الأمر المذكور و أقر لها عقاب بالسجن لمد تتراوح بين شهر واحد و عامين و خطية من مائة دينار إلى خمسمائة دينار وهذا العقاب لا يستوجب إلا متى ارتكبت ضد راشدا أما إذا كان الضحية قاصرا فان الفصل 15 يزيد في حجم العقوبة و يرفعها إلى الضعف .

وقد كرس المشرع المصري بدوره هذه الجريمة في الفصل 178 من قانون العقوبات وعبر عنها “بجريمة الإخلال بالآداب العامة” كما كرسها المشرع الجزائري في الفصل 333 فقرة ثانية من قانون العقوبات الذي عبر عنها “بجريمة تداول الأشياء المخلة بالحياء “،أما المشرع الفرنسي فقد كان يستعمل تسمية L’outrage au public a la pudeur لكنه تخلى عن هذا المصطلح في المجلة الجنائية الجديدة وأصبحت الجريمة ثلاث أصناف .[128]

– الوسائل العنيفة أو الخليعة التي يمكن أن يسمعها أو يشاهدها قاصر الواردة بالفصل 227-24 من المجلة الجنائية.

– استغلال صورة خليعة لقاصر الفصل 227-23 من نفس المجلة.

– توزيع وسائل مخلة بالحياء الفصل 624-2 من نفس المجلة سالفة الذكر.

نستنتج مما سبق بيانه أن المشرع التونسي وأغلب التشارع المقارنة جعلت من سن المجني عليه قاعدة لإتباع سياسة التشديد في عقوبة الجرائم الأخلاقية الموجهة ضد قاصر .فهل كرست نفس التوجه في جرائم الاعتداء على الحرية الذاتية للقاصر؟

ب – التشديد بموجب الاعتداء على الكيان المادي للضحية :

أقر المشرع حماية جزائية خاصة للحرمة الجسدية للقاصر في ثلاثة مواطن وهي حمايته من الإهمال ومن سوء المعاملة وكذلك حمايته من الاختطاف ونلاحظ أن جريمة الإهمال تعرضنا إليها في موطن سابق لذلك سنقتصر على في تحليننا على جريمة سوء المعاملة والاختطاف

1جريمة سوء المعاملة:

لقد كرس المشرع حماية جزائية للأطفال من سوء المعاملة التي قد يتعرض لها وذلك ضمن الفصل 224 من المجلة الجزائية الذي نص “يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينار كل من اعتاد سوء معاملة طفل أو غيره من القاصرين الموضوعين تحت ولايته أو رقابته دون أن يمنع ذلك عند الاقتضاء من العقوبات الأكثر شدة المقررة للاعتداء بالعنف والضرب ويعد من سوء المعاملة اعتياد منع الطعام والعلاج “[129].

وقد عرف المشرع سوء المعاملة بالفصل 24 من مجلة حماية الطفل بكونها “يقصد بسوء المعاملة تعريض الطفل للتعذيب والاعتداءات المكررة على سلامته البدنية أو احتجازه أو اعتياد منع الطعام أو إتيان أي عمل ينطوي على القساوة من شأنه التأثير على توازن الطفل العاطفي أو النفسي”.

ويتجسم تشديد المشرع العقوبة على الجاني بموجب سوء معاملة قاصر من خلال التدرج في العقاب المسلط على المجرم فالأصل في هذه الجريمة هو أنها جنحة تعاقب عليها الفقرة الأولى من الفصل 224 من المجلة الجزائية بخمسة سنوات سجنا وخطية قدرها مائة وعشرين دينار إلا أن هذه الجريمة وصفها القانوني يتغير من جنحة إلى جناية في ثلاثة صور حسب الفصل 224 من نفس المجلة .

الصورة الأولى إذا ترتب عن اعتياد عن سوء المعاملة سقوط بدني تجاوز نسبته العشرين في المائة.

الصورة الثانية إذا كان ذلك باستعمال السلاح .

الصورة الثالثة إذا نتج عن اعتياد سوء المعاملة وفاة وذلك ما نصت عليه الفقرة الخيرة من الفصل 224 “ ويكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن سوء المعاملة الوفاة “.

2جريمة الاختطاف:

كذلك اقر المشرع حماية جزائية للطفل القاصر من خلال تشديد العقاب على الجاني في جريمة الاختطاف حيث جعل المشرع العقوبة المستوجبة للجاني في جريمة الاختطاف إذا كانت واقعة على راشد وبدون عنف أو تهديد أو استعمال سلاح أو حيلة عشرة سنوات سجنا، أما إذا كانت هذه الجريمة واقعة على طفل اقل من ثمانية عشرة سنة فان العقاب يصبح عشرون سنة وذلك ما نص عليه الفصل 237 من المجلة الجزائية [130] وما يمكن ملاحظته هو أن المشرع إضافة إلى تشديد العقاب باعتبار السن فانه قام بتمديد المرحلة العمورية المستوجبة لهذه الحماية الجزائية الخاصة من خمسة عشرة سنة إلى ثمانية عشرة سنة بموجب تنقيح 9 نوفمبر 1995 .ويمكن القول أن هذه السن المكرسة في القانون التونسي ارفع مما هو مكرس في التشريع الفرنسي الذي يقر سن الخامسة عشر سنة لتشديد العقاب في جريمة الاختطاف وذلك بالفصل 224-3 من المجلة الجنائية الجديدة[131]،وتبعا لذلك فان المشرع التونسي يكرس حماية جزائية للطفل في جريمة الاختطاف أفضل مما هي عليه في التشريع الفرنسي [132].

كما أن الحماية الجزائية للطفل من جريمة الاختطاف تتجسم في الفصل 238 من المجلة الجزائية حيث شدد المشرع العقاب على الجاني مرتكب جريمة الاختطاف دون عنف أو حيلة أو تهديد بصفة تدريجية على الجاني بالنظر إلى سن المجني عليه فكلما انخفض سن الضحية كان العقاب أكثر شدة على الجاني [133].

كما أن الحماية الجزائية للطفل تتجسم في تشديد العقاب بسبب استغلال طفل في الإجرام المنظم ذلك أنه إذا وقع استخدام طفل أو عدة أطفال دون الثمانية عشرة عاما في الجريمة الواردة بالفصل 131 من المجلة الجزائية فان العقاب يضاعف حيث يرتفع من ستة أعوام إلى اثني عشرة عاما سجنا حسب الفصل 132 من نفس المجلة [134]. كما أن الحماية الجزائية للطفل من أشكال العنف المنظم هو ما جاء في قانون 10 ديسمبر 2003 التعلق بدعم المجهود الدولي في مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال وهذه الحماية تتجسد من خلال التشديد في العقاب إذا تم ارتكاب جريمة إرهابية باستخدام طفل حيث أن الحكم يجب أن يكون بأقصى العقوبات المستوجبة للجريمة الإرهابية وذلك ما نص عليه الفصل 30 من القانون سالف الذكر“يكون الحكم بأقصى العقوبة المستوجبة للجريمة إذا ارتكبت باستخدام طفل “[135].

كما أن الحماية الجزائية التي كرسها المشرع للطفل من استغلاله في الإجرام المنظم يتجسم في جرائم المخدرات من خلال تشديد العقاب على الجاني في صورة استغلال طفل في جرائم المخدرات أو عدة أطفال دون ثمانية عشر عاما حيث يكون الجاني مستهدف للعقوبة بالسجن قدرها عشرين سنة إذا وقع ارتكاب الجريمة ضد قاصر أو في مؤسسة علمية وهو تشديد منطقيي وله ما يبرره في كلتا الحالتين [136].

كذلك المشرع الفرنسي شدد على الجناة الذين يستغلون طفل أو أطفال اقل من خمسة عشر عاما كاملة في ارتكاب جرائم المخدرات وذلك بالفصل 227-18 من المجلة الجنائية الجديدة[137].

نتحصحص مما سبق بيانه أن المشرع التونسي عمل على تكريس حماية جزائية للطفل ضد كل الأعمال الإجرامية التي قد يتعرض لها الطفل على غرار الاغتصاب أو الاعتداء بالفاحشة أو التوسط في الخناء، كما وفر للطفل حماية جزائية ضد الجرائم الماسة بكيانه المعنوي والجسدي على غرار جرائم العنف وسوء المعاملة و الاختطاف كذلك سحب المشرع هذه الحماية ضد كل أشكال الاستغلال الإجرامي الذي قد يتعرض له الطفل مثل الجرائم الإرهابية و جرائم المخدرات .

لقد حاولنا في هذا الفصل الأول من الجزء الثاني المتعلق بظروف التشديد الخاصة أن نتعرض إلى الظروف الشخصية المشددة للعقاب غرار ظرف الإضمار في القتل و الاعتداء بالعنف الشديد و الباعث على الجريمة . كذلك الصفة كظرف تشديد للعقاب على الجاني وتبعا لذلك فالظروف الشخصية المشددة للعقاب هي ظروف تلحق الجانب الشخصي للجاني لا الجانب الموضوعي للجريمة .

وبعد ما فرغنا في الفصل الأول من التعرض إلى ظروف التشديد الشخصية سنخصص الفصل الثاني للظروف العينية أي الظروف المرتبطة بالجانب المادي للجريمة.

الفصل الثاني: ظروف التشديد العينية:

إن الظرف المادي أو العيني المشدد هو ما كان خارجا عن شخص الجاني ومتعلقا بالجانب المادي للجريمة فيجعله اشد خطرا لذلك فإن الظرف العيني المشدد للعقاب هو ما كان مرتبط بماديات الجريمة وهذا الظرف يمكن أن يكون مرتبط بتنفيذ الجريمة أو وسائل تنفيذ الجريمة .

المبحث الأول: ظروف التشديد المرتبطة بتنفيذ الفعل:

ظروف التشديد المتعلقة بتنفيذ الجريمة هي ظرف يمكن أن تكون متصلة بمكان أو زمان إيقاع الجريمة كما يمكن أن تكون متعلقة بتعدد الجناة الذي قاموا بتنفيذ الجريمة أو متعلقة هذه الظروف بالوسائل التي يلجأ إليها الجاني لتحقيق إرادته الإجرامية.

الفقرة الأولى: مكان وزمان ارتكاب الجريمة:

لقد أقر المشرع أن مكان ارتكاب الجريمة يعد ظرفا مشددا للعقاب على الجاني وذلك ما كرسته بعض فصول المجلة الجزائية.

مكان ارتكاب الجريمة:
لقد جعل المشرع مكن ارتكاب الجريمة ظرف مشدد في بعض الجرائم على الجاني على غرار الجرائم الواقعة بمحل مسكون.

1المحل المسكون:

لقد جعل المشرع السرقة الواقعة بمحل مسكون باستعمال التسور أو جعل منافذ تحت الأرض أو الخلع أو استعمال مفاتيح مفتعلة أو كسر الأختام ظرف تشديد للعقاب على الجاني ،إذا تصل العقوبة السجن مدى الحياة وذلك حسب منطوق الفصل 260 م .ج” يعاقب بالسجن بقية العمر مرتكبين السرقة الواقع مع توفر الأمور الخمسة:

ثانيا: استعمال التسور أو جعل منافذ تحت الأرض أو خلع أو استعمال مفاتيح مفتعلة أو كسر الأختام وذلك بمحل سكون”[138] لكن ما المقصود بالمحل المسكون؟

لقد عرف المشرع المحل المسكون بالفصل 267 المجلة الجنائية بأنه” المقصود بالمحل المسكون وهو كل بناء أو مركب أو خيمة أو مكان مسيج معد لسكنى الإنسان ويعتبر المحل مسكونا بالمعنى المقصود بالفصل 260 ولو لم يكن أحد نازلا به عند وقوع الجريمة”[139]

.فالمحل المسكون إذن المكان المستعمل للسكن بالفعل، غير أنه لا يشرط فيه أن يكون قد أعد أصلا لهذا الغرض[140].

وفي هذا السياق عرفت محكمة التعقيب المحل المسكون وذلك في عدة قرارات صادرة عنها على غرار قرارها الصادر في 26 فيفري 1986” المقصود بالمحل المسكون هو كل بناء أو مركب أو خيمة أو مكان معد لسكنى الإنسان ويعتبر المحل مسكونا بالمعنى الاتم ولو لم يكن أحدا نازلا به عند وقوع الجريمة”[141]

كما أن المحل المسكون عرفه الدكتور عبد الله الأحمدي على أنه “فان للمسكن مدلول خاصا فهو كل مقر دائم أو مؤقت يشغله من له حقا فيه أو الغير بموافقة صاحبه إذ ليس من الضروري أن يكون مالكه …

وعلى هذا الأساس لا تهم صفة شغول المسكن سواء بوجه الملكية أو التسويغ للمسكن… فقد يكون منزلا أو شقة أو باخرة أو خيمة أو كوخا …ولا يهم أيضا أن يكون المحل مسكونا فعلا إذا العبرة أن يكون معدا للسكنى. [142].

وتبعا لذلك يشمل المحل المسكون كل مكان مستعمل فعلا لسكنى زمن ارتكاب السرقة بقطع النظر عن تخصيصه الأصلي ،وعليه ليعتبر المحل مسكون ويعتد به كظرف تشديد في السرقة يجب أن يسكنه شخصا

ما كالمحل التجاري أو المدرسة أو المصنع الذي يقم فيه الحارس[143].

كما أن ظرف التشدد على الجاني في السرقة الواقعة على المحل المسكون ينسحب أيضا على المحل أو المكان المعد للسكنى وذلك ما تستشفه من خلال الفصل 267من المجلة الجزائية ” ويعتبر المحل مسكونا بالمعنى المقصود بالفصل 260 ولو لم يكن أحدا نازلا به عند وقوع الجريمة”. وتبعا لذلك فإن المحل المعد للسكنى مشمولا بالحماية الجزائية الواردة بالفصل 367 عند وقوع جريمة سرقة عليه. وبتالي فإن المحل المعد للسكنى هو ظرف تشديد للعقاب على الجاني شانه شان المحل المسكون لأن المحل المعد للسكنى هو محل مسكون فعلا ولكن لا يقيم به ساكنوه،كمنزل في مصيف لا يقيم به صاحبه وقت الشتاء أو كمنزله الأصلي إذا أغلقه وغادره إلى المصيف[144].

كذلك الظروف المشددة المرتبطة بالمحل المسكون تنسحب على ملحقات المنزل المسكون وملحقات المحل المسكون عددها المشرع بالفصل 268 من المجلة الجزائية “وهي الصحون ومحلات تربية الطيور و الإسطبلات والمباني الملاصقة لأحد المحلات المبينة بالفصل المتقدم ولو كان لها سياج خصوصي في السياج العام للمحل أو بحرمه تعتبر من المحلات المسكونة”.

وبتالي فإن الملحقات التابعة للمحل المسكون تخضع لأحكام المحل المسكون ومن ثمة فالسرقات الواقعة بها تخضع لنفس النظام القانوني الذي يخضع له المحل المسكون، وهو ما كرسته المشرع الفرنسي في الفصل 390 من المجلة الجنائية القديمة[145].

وقد واصل المشرع التشديد في مفهوم المحلات المسكونة من خلال الفصل 269 من المجلة الجزائية [146].

نستشف مما سبق أن المشرع توسع في مفهوم المحل المسكون حيث سحب ظرف التشديد على الجاني بموجب السرقات الواقعة سواء على محل مسكون أو معد للسكنى أو من توابع وملحقات المحل المسكون.

كذلك جعل المشرع المسكن ظرف مشددا على الجاني في جرائم الزنا بمحل الزوجية إذ جعل العقوبة المستوجبة لهذه الجريمة خمسة سنوات سجن وخطية قدرها خمسمائة دينار، إلا أنه في صورة ارتكاب هذه الجريمة بمحل الزوجية فانه لا يمكن إسعاف الجاني أو الجانية بظروف التخفيف الواردة بالفصل 53 من المجلة الجزائية وذلك ما نص عليه الفصل 236” زنا الزوج أو الزوجة يعاقب عنه بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسمائة دينار.وإذا ارتكب الزنا بمحل الزوجية فلا تطبق أحكام الفصل 53 من هذا الفصل”[147] . كما أن فقه القضاء التونسي اعتبر أن الزنا بمحل سكنى الزوجية ظرف مشددا في العقاب على الجاني وهو ما أقرته في قرارها الصادر 24 نوفمبر 1982 “الزنا بمحل الزوجية لا يعتمد فيه الفصل 53 م ج القاضي بتأجيل العقاب وبذلك فإن الإشارة في الحكم لعدم انطباقه مع إقرار الحكم الابتدائي القاضي بالعقاب مع تأجيله فيه تضارب يوجب نقض الحكم”[148].

كما أن تشديد العقاب على الجاني بسبب ظرف المسكن كرسه المشرع في جريمة التكفف إذ جعل العقوبة المقررة لهذه الجريمة ستة أشهر سجنا ،إلا أنه إذا وقعت هذه الجريمة في محل مسكون دون إذن صاحبه يرفع العقاب إلى سنة سجنا وذلك ما نص عليه افصل 171من المجلة الجزائية [149].

كذلك يتجسم المسكن كظرف تشديد للعقاب على الجاني في صورة إبرام نار بمحل مسكون أو معد للسكنى بحيث يكون العقاب المستوجب لجاني السجن بقية العمر وذلك ما اقتضاه الفصل 307 من المجلة الجزائية “يعاقب بالسجن بقية العمر من يتعمد مباشرة أو تعريضا إيقاد نار بمباني أو سفن أو مراكب أو مخازن أو حضائر مسكونة أو معدة للسكنى وبصفة عامة بمحلات المسكونة أو المعدة للسكنى”.

نستنتج مما سبق بيانه أن المشرع جعل من الجرائم الواقعة على محل السكنى أو المعدة للسكنى أو توابعه ظرف تشديد للعقاب على الفاعل . إلا أن المسكن ليس الظرف الوحيد المشدد للعقاب بل جعل المشرع مكان العبادة كذلك ظرف مشدد للعقاب.

2 أماكن العبادة:

لقد جعل المشرع التونسي من الاعتداء على أماكن العبادة ظرف مشدد للعقاب على المذنب وذلك ما نص عليه بالفصل 161 من المجلة الجزائية ” يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينارا كل من يتلف أو يعدم أو يفسد أو يعيب أو يشوه المباني أو الهياكل أو الرموز أو غير ذلك من الأشياء المعدة لممارسة الشعائر الدينية والمحاولة موجبة للعقاب”

نستشف من خلال هذا النص أن المشرع جعل من الاعتداء الواقعة على حرمة الأماكن المقدسة جريمة عادية دون أن يجعل منها ظرف تشديد، كما أنه حصر التجريم في الاعتداء على الرموز الدينية بالهدم أو الإتلاف أو التشويه دون أن يضع عقوبة خاصة بالسرقات التي تقع في أماكن العبادة. وذلك خلافا لبعض التشاريع المقارنة التي اعتبرت أن السرقة الواقعة على أماكن العبادة ظرفا مشددا للعقاب على الجاني على غرار المشرع المصري في الفصل 217 من قانون العقوبات[150]. كما أن هذا الظرف المشدد للسرقة في أماكن العبادة كرسه المشرع الأردني كذلك في الفصل 406 من قانون العقوبات الأردنية الذي يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات على السرقات التي تحصل في حال من الأحوال وان يكون الوقت نهارا والسارق اثنين فأكثر وتقع السرقة في مكان مأهول أو في مكان للعبادة[151].

كذلك من الأماكن التي جعلها المشرع التونسي ظرف مشدد للعقاب على الجاني الاعتداء الواقعة أثناء الجلسة.

لقد اقر المشرع صلب الفصل 126 من المجلة الجزائية تشديد العقاب عند ارتكاب أفعال اعتداء على هيئة المحكمة أثناء الجلسة، لكن منهم الموظفون من السلك العدلي أو متى يقع التشديد في العقاب في صورة الاعتداء عليهم؟

إن المقصود بالموظفين من السلك العدلي هم جميع القضاة الجالسين وكل أعضاء النيابة العمومية الذين يعتبرون قضاة عدليين فرغم خضوعهم للسلطة التنفيذية ولمبدأ التسلسل في السلطة والتبعية، فإن أعضاء النيابة العمومية معنيون بالحماية الجزائية التي اقرها المشرع للقضاة العدليين عند التعرض لانتهاكات بالجلسة، كذلك الحماية الجزائية الواردة بالفصل المذكور تشمل القاضي المدني والجزائي على حد سواء.

كذلك يعتبر من موظفون السلك العدلي كاتب الجلسة والحاجب المكلف بمساعدتها لأن كاتب الجلسة عنصرا متمما ومساعدا لهيئة المحكمة بدونه لا تكون الجلسة مكتملة بالوجه القانوني.

كذلك هذا الاعتداء على هيئة المحكمة يجب أن يحصل أثناء انتصاب هيئة المحكمة للنظر في القضايا المطروحة عليهم بمعنى ضرورة حصول الاعتداء أثناء جلوس أعضاء هيئة المحكمة للحكم .

وتبعا لذلك فالاعتداء على القاضي حاضر بالجلسة لكنه ليس منتميا لهيئة المحكمة لا يعتبر اعتداء واقعا بالجلسة على معنى الفصل 126 من م ج.

وعند توفر صفة الموظف من الصنف العدلي وحصول الاعتداء أثناء الجلسة فإن المشرع جعل من الاعتداء الصادر عن الجاني أثناء الجلسة ظرف مشدد للعقاب ويتجسم ذلك التشديد من خلال المقارنة بين الفصل 125 و 126 من المجلة الجزائية، فالمشرع جعل نفس الفعل الإجرامي إذ وقع على موظف عموميا ينتمي إلى الصنف العدلي مستوجب لعقاب بالسجن مدة عام وخطية قدرها مائة وعشرون دينار وذلك ما نص عليه الفصل من 125من نفس المجلة “يعاقب بالسجن مدة عام وبخطية قدرها مائة وعشرون دينار كل من يهضم جانب موظف عمومي أو شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرة لوظيفته أو بمناسبة مباشرة”.

أما إذا وقع هضم جانب موظف ينتمي إلى السلك العدلي أثناء الجلسة فإن المشرع رفع العقاب إلى ضعف ما هو منصوصا عليه بالفصل 125 من م.ج. إلى سنتين سجنا وذلك ما نص عليه الفصل 126 م.ج. إذا كان هضم الجانب واقعا بالجلسة لموظف من النظام العدلي فالعقاب يكون بالسجن مدة عامين”.

وقد برر الفقهاء هذه الحماية المضاعفة باحتمال تعرض الموظف المنتمي إلى النظام العدلي إلى الانتهاكات أكثر من غيره من الموظفين، ذلك أنه بمناسبة مباشرة مهامه يمكن أن يتخذ قرارات تثير استياء وغضب المتهم مما قد يدفعه هضم جانب أعضاء هيئة المحكمة [152] .

هو نفس الاتجاه الذي انتهجه المشرع الفرنسي صلب الفصل 434 – 24 من المجلة الجزائية الجديدة [153] ذلك اعتبارا إلى خطورة الاعتداء على هيئة المحكمة بقاعة الجلسة ومسه من هيئة القضاء بصورة مباشرة.

يتجسم جعل المشرع الاعتداء على هيئة المحكمة أثناء الجلسة ظرف تشديد للعقاب هو إقرار عقوبة الإعدام في صورة وقوع الاعتداء بالعنف باستعمال السلاح أو التهديد به قاضي بالجلسة وذلك ما اقتضاه الفصل 126 من م ج .

ونستشف من خلال هذا النص القانوني أن المشرع أوصل العقاب إلى حده الأقصى فالجرائم التي يقع معاقبة مرتكبها بالإعدام تكتسي خطورة كبيرة وهو ما ولدته حادثة أولاد القابسية التي مثلت سابقة خطيرة جدا اقتضى ردعها تكريس اشد العقوبات حتى لا تكرر مثل تلك المظاهر داخل قاعات الجلسات.

كما أن تشديد العقاب على الجاني بسبب الظرف المكاني يتجلى في الاعتداءات الواقعة بالطريق العام ذلك أن المشرع اعتبر الأعداء الذي يصدر عن الجاني في طريق عام من خلال وضع آلة انفجارية في الطريق العام يكون مستوجبا للعقاب بالسجن مدة اثنتي عشرة عاما سجنا و ذلك ما اقتضاه 306من المجلة الجزائية. ولعل جعل المشرع مجرد وضع آلة انفجارية بالطريق العام ظرف تشديد للعقاب هو ما تنطوي عليه هذه الفعلة من خطورة على أرواح الناس وممتلكاتهم. كما أن التشاريع المقارنة أقرت أن الجرائم المرتكبة بالطريق العام تعد ظرفا مشددا للعقاب على الجاني خاصة جرائم السرقة.

على غرار المشرع المصري الذي أقر ذلك بالفصل 315 من قانون العقوبات[154] المشرع اللبناني بالفصل 637 من قانون العقوبات[155] والمشرع الأردني بالفصل 402 من قانون العقوبات[156].

ظرف الزمان:
إن المشرع التونسي على غرار التشاريع المقارنة كرس الظرف الزمني واعتبره ظرف تشديد مثل

1 ظرف الليل:

إن ظرف الليل يعد من ابرز الظروف الزمنية التي اعتدت بها أغلب التشريعات في تشديد العقوبة في بعض أنواع الجرائم، نظرا لما لهذا الظرف من خطورة لان الليل هو ظرف مظلم مخيف و الناس يأوي فيه عادة إلى الراحة والنوم والسكينة وهذا ما يسهل على الجناة فرصة للسرقة [157]. وتبعا لذلك فإن المشرع جعل من الليل ظرف مشددا على الجاني صلب المجلة الجزائية، إلا أن المشرع على الرغم من جعل الليل ظرف تشديد فإنه لم يكلف نفسه تعريفه وحتى التعريف الوارد صلب الفصل 261[158] من م.م.ت.ت لظرف الليل الذي نص” ويشمل الليل من أول افريل إلى 30 سبتمبر الساعات التي بين الثامنة مساءا والخامسة صباحا ومن أول أكتوبر إلى 31 مارس الساعات التي بين السابعة مساءا والسابعة صباحا” غير أن هذا التعريف الموسع يبدو مقتصرا علي إجراءات وطرق التنفيذ المتعلقة بالمادة المدنية ولا يمكن أن يكون هو المعتمد عليه في المادة الجزائية.

وفي غياب تعريف قانوني لليل كظرف تشديد لعقوبات بعض الجرائم قد حاول بعض الفقهاء تقديم تعرفا له فقد ذهب رأي أول أن الليل هو” فترة الظلام التي تبدأ من الغسق وهذه تكون بزوال فترة الشفق التي تلي غروب الشمس. وتنتهي ببزوغ ضوء الضحى الذي سبق شروق الشمس فخرجت منه بذلك فترتا الشفق والفجر”[159] . إلا أن قارو” كان له رأي أخرى إن الليل هو الفترة بين غروب الشمس وشروقها”[160].

كما عرفت محكمة التعقيب الفرنسية “الليل هو الفترة بين غروب الشمس وشروقها[161].

وخلافا لذلك فالمشرع الأردني حسم الخلاف القضائي والفقهي حول مسألة الليل بأن عرفه على أنه “الفترة التي تقع بين غروب الشمس وشروقها”[162] .

وقد جعل المشرع التونسي ظرف الليل في جرائم السرقة ظرفا مشدد للعقاب إذ تصل العقوبة مدى الحياة وذلك ما اقتضاه الفصل260 من المجلة الجزائية ” يعاقب بالسجن بقية العمر مرتكب السرقة الواقعة مع توفر الظروف الخمسة الآتية:

ثالثا وقوعها ليلا:

أما إذا اجتمع عنصر الليل مع ظرف تعدد الجناة وحمل المجرمين أو أحدهم سلاحا ظاهرا أو خفيا فإن العقاب يكون اثني عشر سنة وذلك ما نص عليه الفصل 262 من المجلة الجزائية ” يعاقب بالسجن مدة اثني عشرة عاما مرتكب السرقة الواقعة بتوافر الأمور الثلاثة الأخيرة المقررة بالفصل 260 ”

كذلك اعتد المشرع بظرف الليل كظرف لشديد العقاب في هتك الملك والمسكن، ففي جريمة انتزاع عقار بالقوة من يد مالكه يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أشهر و بخطية قدرها مائة وعشرون دينار وذلك حسب منطوق الفصل255من المجلة الجزائية [163] إلا أن هذه الجريمة إذا وقعت في الليل فإن العقاب يصبح مشددا على الجاني وذلك بمضاعفة العقاب وذلك ما نص عليه الفصل 257 “إذا وقعت الجرائم المقررة بالفصلين المتقدمين ليلا فالعقاب يكون بالسجن مدة ستة أشهر”.

كذلك في جريمة هتك حرمة المسكن فإن المشرع جعل العقوبة المستوجبة للجاني ثلاثة أشهر سجنا وذلك ما اقتضاه الفصل 256من المجلة الجزائية “الإنسان الذي يدخل أو يستقر بمحل معد للسكنى وذلك بالرغم من صاحية يعاقب بالسجن مدة ثلاثة أشهر”.

إلا أن هذه الجريمة في صورة وقوعها في الليل فإن العقاب يضاعف حسن منطوق الفصل 257 [164].

2 ظرف الحرب:

لقد كرس المشرع التونسي زمن الحرب ظرف تشديد للعقاب على الجاني في الفصل 61 من المجلة الجزائية إذا اقر عقوبة الإعدام لكل تونسي في زمن الحرب يحرض عسكريين أو بحارة على الالتحاق بخدمة دولة أجنبية أو يسهل لهم الوسائل إلى ذلك أو يجند جنودا لحساب دولة في حرب ضد البلاد التونسية.

كذلك يكون عرضة لعقوبة الإعدام كل تونسي في زمن الحرب يتصل بدولة أجنبية أو بأعوانها ليساعدها في اعتداءها على البلاد التونسية.

كما تعرض المشرع في الفصول 60 مكرر و60 مكرر ثانيا 60 مكرر ثالثا و 61 .61 مكرر 61 مكرر ثانيا و 61 مكرر ثالثا محددا الجرائم ما إذا كانت تلك الجرائم ارتكبت زمن الحرب أو زمن السلم فإن ارتكبت تلك الجرائم زمن الحرب فإنه يقع معاقبة الفاعل باثني عشرة سنة سجنا و ذلك ما اقتضاه الفصل 62 من نفس المجلة .

كما أن ظرف التشدد على الجاني بموجب الجرائم الواقعة على أمن الدولة الخارجية زمن الحرب يتجسم من خلال إمكانية تسليط العقوبات التكميلية على الجاني إلى جانب العقوبة الأصلية وذلك ما نص عليه الفصل 62 من المجلة الجزائية .

وعلة تشديد العقاب على الجاني في الجرائم التي يرتكبها زمن الحرب هو أن الدولة تكون منشغلة بمقاومة عدوان الخارجي وكل خيانة داخلية من شأنها أن تعرقل المجهود الذي قامت به الدولة وتيسر فرص إسقاطها وإلحاق أضرار جسمية بها [165] .

كذلك شدد المشرع العقاب على الجاني في جرائم السرقة الواقعة زمن الكارثة إذ يعاقب بالسجن مدة عشرة أعوام مرتكب السرقة الواقعة أثناء الحريق أو بعد انفجار أو فيضان أو غرق أو حادث حل بالسكة الحديدية أو عصيان أو هيجان أو غير ذلك من أنواع الهرج.

وقد كرست أغلب التشاريع الكارثة كظرف تشديد للعقاب عند ارتكاب جرام أثنائها، على غرار المشرع الأردني بالفصل 405 من قانون العقوبات الذي نص” يعاقب بالاشاغل الشاقة المؤقتة كل من ارتكب سرقة في حالة العصيان أو الاضطرابات أو الحرب أو الحريق أو غرق سفينة أو نائية أخرى”[166].

وكذلك المشرع اللبناني كرس النائية كظرف تشديد للعقاب بالفصل 641 من قانون العقوبات يعاقب بالأشغال الشاقة حتى سبع سنوات على الأقل كل من ارتكب سرقة في حالة الثورة أو الحرب أو غرق سفينة أو أي نائية [167]. وكذلك المشرع الفرنسي شديد العقاب على الجاني زمن الحرب [168] .والنائية هي كل ظرف غير مألوف يهدد بالخطر غير المحدود والمدة أشخاصا أو أمولا ، فأهم ما يميز النائية من خروجها عن الأمور العادية والمألوفة وما يصحبه من أخطار قد تتسع وتشمل أفراد غير معنيين بأشخاصهم [169].

كذلك جعل المشرع الزمن ظرف تشديد على الجاني في جرائم الاعتداء على الحرية الذاتية الواردة بالفصول 250 و 251 من المجلة الجزائية، ذلك أن الشخص الذي يحتجز شخص آخر دون إذن قانوني يعاقب بعشرة أعوام سجنا [170] أما إذا أطلق الجاني سراح المجني عليه قبل مضي اليوم الخامس ابتداء من يوم ارتكاب إحدى هذه الأفعال مع التخلي فإن العقوبة تنخفض حيث تصبح متراوحة بين عامين وخمس أعوام [171] .

نلاحظ إذن أن العامل الزمني له أهمية كبيرة في تشديد العقاب على الجاني أو تخفيفه ذلك أن الحجز أو الإيقاف إذا لم يتجاوز خمسة أيام يعد جنحة لا جناية ،أما إذا تجاوز مدة خمسة أيام فإن الجريمة تعد جناية باعتبارها تستوجب عقاب بالسجن مدة عشرة سنوات سجنا.

كذلك جعل المشرع ارتباط جريمة بجريمة أخري ظرف مشدد للعقاب حيث لهذا الاقتران تأثير على تقدير العقوبة لان الجاني في هذه الصورة يكون أكثر خطورة إجرامية باعتباره من مرتكبي ما يمكن تسميته بالإجرام المركب لذلك سلك المشرع إزاءه التشديد وهو ما يتجسم في الفصل 204 من المجلة الجزائية المتعلق بجريمة القتل الذي نص “يعاقب بالإعدام قاتل النفس عمدا إذا كان وقوع قتل النفس اثر ارتكابه جريمة أخرى أو كان مصاحبا لها أو كانت إثره و تلك الجريمة موجبة للعقاب بالسجن أو كان القصد من قتل النفس الاستعداد لارتكاب تلك الجريمة أو تسهيل ارتكابها أو مساعدة فاعليها أو مشاركيهم على الفرار أو ضمان عدم عقابهم”.

وفي نفس هذا الإطار يندرج الفصل 98 من مجلة الطرقات الذي اعتبر فرار الجاني اثر اقترافه لحادث مرور لا يعتبر جريمة مستقلة، وإنما هي متصلة بجريمة القتل والجرح على وجه الخطأ فتكون بذلك ظرفا مشدد للعقاب المستوجب أصالة، وفي نفس هذا الاتجاه سارت محكمة التعقيب وهو ما أقرته في قرارها الصادر سنة 25 جوان 1983 [172].

إلا أن ظروف تشديد العقاب لا تقتصر على مكان وزمان ارتكاب الجريمة إنما تمتد إلى وسائل تنفيذ الجريمة.

الفقرة الثانية: وسائل تنفيذ الجريمة:

لقد أقر المشرع التونسي جملة من الوسائل المتعلقة بتنفيذ الجريمة كظروف تشديد على الجاني في صورة استعمالها عند إيقاع جريمته على غرار.

استعمال العنف:
بالرجوع إلى المجلة الجزائية نلاحظ أن المشرع اعتبر استعمال العنف في بعض الجرائم من طرف الجاني لتحقيق مأربيه ظرف تشديد في العقاب عليه. إلا أن المشرع رغم اعتبار استعمال العنف في بعض الجرائم ظرف تشديد للعقاب فإن لم يكلف نفسه بتعريفه مما جعل الفقه وفقه القضاء يجتهد في سد هذا الفراغ التشريعي فقد عرفته محكمة التعقيب التونسية في قرارها الصادر في 13 أفريل 1977 “فإن العنف المقصود بالفقرة الأولى من الفعل 260 من المجلة ليس مقصورا على العنف الوارد بالفصل 218 بل يشمل كل وسيلة قسرية تقع على المجني عليه لتعطيل قوة المقاومة فيه أو إعدامها تسهيلا للسرقة “[173].

و في نفس هذا السياق عرفته محكمة النقض المصرية ” العنف يعني الإكراه المادي .أي عملا من أعمال القسر و الإجبار يأتيه السارق ليحط المقاومة التي يبديها المجني عليه أو غيره”[174]

وقد اقر المشرع أن العنف المرتكب من الجاني في بعض الجرائم لتنفيذ جريمته ظرف مشدد للعقاب ويتجلى ذلك في الجرائم الأخلاقية على غرار جريمة مواقعة أنثى باستعمال العنف الواردة بالفصل 227 من المجلة الجزائية [175].

ذلك أن العقوبة المستوجبة لهذه الجريمة الوحشية هي عقوبة الإعدام وهنا يظهر العنف كظرف تشديد للعقوبة. كذلك اعتبر المشرع العنف ظرف تشديد للعقاب في جريمة التوسط في الخناء و التمعش منه على الجاني وذلك ما اقتضاه الفصل 233 من المجلة الجزائية” يكون العقاب بالسجن من ثلاثة أعوام إلى خمسة أعوام وبخطية من خمسمائة دينار إلى ألف دينار في الصور الآتية:

ثانيا: إذا صاحب ارتكاب الجريمة إكراه أو تجاوز في السلطة [176].

ويتجلى العنف كظرف تشديد للعقاب في جريمة التوسط في الخناء في أن مرتكب هذه الجريمة الواقعة بدون عنف يعاقب مرتكبه على معنى الفصل 232 من م.ج بعقوبة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام وبخطية من مائة دينار إلى خمسمائة دينار. كذلك جعل المشرع استعمال العنف ظرف تشديد في جريمة الاعتداء على الحرمة الذاتية وذلك بأن جعل العقاب المستوجب لمرتكب هذه الجريمة عشرون سنة وبخطية قدرها عشرون ألف دينار وهو ما نص عليه الفصل 251 من المجلة الجزائية [177].

مقابل ذلك في صورة القبض على شخص أو وقفه أو سجنه أو حجزه دون إذن قانوني فإن العقاب المستوجب له عشرة سنوات سجنا وعليه نلاحظ كيف أن العنف أو التهديد به ظرف شديد للعقاب.

كما أن العنف كظرف تشديد للعقاب يتجسم كذلك في جرائم السرقة ذلك أنه إذا اقترنت السرقة بتوفر الوسائل الخمسة المنصوص عليها بالفصل 260 بما في ذلك العنف الشديد أو التهديد بالعنف الشديد، حيث يصل العقاب المقرر للجاني السجن بقية العمر ،أما إذا وقعت السرقة باستخدام العنف الشديد أو التهديد الشديد فقط فإن عقوبة الجاني عشرين عاما وهو ما نص عليه الفصل 261 من المجلة الجزائية . وتبعا لذلك فإن العنف المصاحب للجريمة السرقة يغير الوصف القانوني للجريمة من جنحة إلى جناية. وهذا الظرف أقره كذلك المشرع الفرنسي حيث شدد العقاب على الجاني في صورة استخدام الجاني العنف عند ارتكاب جريمة السرقة وذلك بالفصل 311.4 من المجلة الجنائية [178].

كما أن العنف كظرف تشديد للعقاب كرسه المشرع كذلك في الاعتداءات الصادرة من موظف عمومي أو شبهه في الفصلين 101 .103 من المجلة الجزائية ،حيث يكون عرضة لعقاب بالسجن خمسة أعوام وخطية قدرها 120 دينار[179] ويتجسم التشديد في كون الاعتداء بالعنف على معنى الفصل 218 الواقع على عامة الناس يكون عقاب الجاني سنة سجنا وخطية قدرها ألف دينار.

كما يتجسم العنف كظرف تشديد في العقاب في جرائم الفرار من السجن ذلك أن الشخص المحكوم عليه لمدة معينة و فر أو حاول الفرار من السجن يعاقب بسنة اضافية إلى جانب العقاب المحكوم به عليه، أما إذا صاحب الفرار أو محاولة الفرار من السجن عنف فإن العقوبة ترفع إلى ثلاثة سنوات إضافية إلى جانب العقوبة المحكوم بها عليه وذلك ما اقتضاه الفصل 147 [180].

كما أن المشرع شدد العقاب على الشريك الذي يساعد المسجون على الفرار والتشديد يتجلى في كون المساعدة إذا تمت بدون عنف أو تهديد فإن عقوبة السرقة تكون سنة سجنا ،أما إذا اقترنت المساعدة على الفرار من السجن باستعمال العنف أو تهديد فإن العقوبة تضاعف حيث تصبح عامين سجن وذلك ما اقتضاه الفصل 148 ” الإنسان الذي في غير الصورة المقرة بالفصل 111 يوقع أو يسهل فرار مسجون يعاقب بالسجن مدة عام وإذا استعمل العنف أو تهديد أو أعطى أسلحة مدة السجن تكون عامين” [181].

كذلك استعمال العنف من طرف الجاني لتنفيذ جريمة جعله المشرع ظرف تشديد في جريمة كسر الاختتام أو الاختلاسات أو الدفع أو إعدام الأشياء إذ يعاقب المجرم بالسجن لمدة خمسة عشرة سنة وذلك ما اقتضاه الفصل 157[182] ،هذا الظرف المشدد للعقاب أقر المشرع الفرنسي كذلك [183].

نستشف مما سبق أن المشرع التونسي كغيره من التشاريع المقارنة جعل من استعمال العنف عند تنفيذ جريمته ظرف تشديد للعقاب عليه .

إلا أن العنف ليس هو الوسيلة الوحيدة التي جعلها المشرع ظرف تشديد على الجاني إنما استعمال السلاح من طرف الجاني أثناء تنفيذ جريمة جعله المشرع ظرف شديد للعاب أيضا .

ب – استعمال السلاح:

لقد جعل المشرع استعمال السلاح في عديد الجرائم لتنفيذ الجريمة ظرفا مشددا للعقاب إلا أن المشرع جعله ظرف تشديد دون تحديد مفهومه بصورة عامة ،إنما حدده في جرائم العصيان 118 وجرائم السرقة 270 من المجلة الجزائية .

فالسلاح في جرائم العصيان الواردة بالفصل 118 من المجلة الجزائية “يعني لفظ السلاح يشمل المعنى المقصود بالفصلين المتقدمين كل الآلات القاطعة أو الثاقبة أو المثقلة بالحجارة وغيرها مما هو معد للرمي ويوجه بالأيدي و كذلك العصي لا تعد سلاحا مادامت لم تستعمل لقتل وجرح أو ضرب أو تهديد“[184]

كما أن السلاح في جرائم السرقة يعني حسب الفصل 270 م ج ” تعتبر أسلحة بالمعنى المقصود بالفصل 260 كل آلة مصنوعة لمهاجمة الناس أو لمدافعتهم وتعتبر أيضا أسلحة العصي وأمواس الحلاقة وغيرها من الأمواس والآلات التي من شأنها إحداث جروح ويستعملها السارق لإيقاع السرقة”[185].

كما أن المشرع في قانون عدد 33 لسنة 1969 المؤرخ في 12 جوان 1969 المتعلق بالسلاح الناري لم يقدم تعريفا لمعنى السلاح إنما قام بتصنيف السلاح إلا خمسة أصناف[186].

وتستنتج مما سبق أن المشرع ميز بين الأسلحة بطبيعتها و الأسلحة بالتخصيص. وهذا التعريف للأسلحة أقرته بعض التشاريع المقارنة على غرار المشرع اللبناني 323 من قانون العقوبات [187] كما أن المشرع الأردني عرف السلاح في الفصل 155 من قانون العقوبات. [188]

المشرع الفرنسي بدوره قسم السلاح إلى قسمين سلاح بطبيعته وسلاح بالتخصيص وذلك ما أقره الفصل 132-75 من المجلة الجنائية الجديدة[189]. وبالرجوع إلى المجلة الجزائية نلحظ أن مشرعنا جعل من استعمال السلاح أو من حملة في بعض الجرائم ظرف تشديد للعقاب على الجاني على غرار حمل السلاح في جريمة العصيان الواردة بالفصل 116 م ج حيث يرفع العقاب إلى ثلاث أعوام وخطية قدرها مائة وعشرون دينارا إذا كان الجاني مسلحا في هذه الجريمة[190].

كذلك شدد المشرع العقاب على الجناة في جريمة العصيان إذا ارتكبت من أكثر من عشرة أفراد وكان شخصان مسلحين فالعقاب المستوجب السجن مدة ستة أعوام[191].

وهنا نلاحظ كيف أن حمل السلاح يغير الوصف القانوني للجريمة من جنحة إلى جناية ذلك أنها حسب منطوق الفصل 117 إذا كانت جريمة العصيان الواقعة من طرف عشرة أشخاص أو أكثر بدون سلاح فإن العقوبة المستوجبة لهم ثلاثة أعوام سجن وخطية قدرها مائتا دينار. كذلك شدد المشرع العقاب على الجاني في جريمة هضم الجانب الواقع بالجلسة الواقع باستعمال السلاح أو التهديد به ،حيث تكون العقوبة المقررة للجاني الإعدام[192] .كذلك المشرع اعتبر مواقعة أنثى غصبا باستعمال السلاح أو التهديد به ظرف تشدد للعقوبة على الجاني إذ يعاقب هذا الأخير بالإعدام[193]، ومظاهر الشديد تتمثل في كون من واقع أنثى بدون عنف سنها دون الخمسة عشرة عاما كاملة يعاقب بستة أعوام أما إذا كانت الضحية سنها فوق الخمسة عشرة سنة كاملة ودون العشرين سنة فإن العقاب يكون خمسة سنوات سجنا[194]، ولكن مجرد حمل السلاح ولو كان ظاهرا لا يكفي لتوفر جريمة الاغتصاب المتشدد ما دام المشرع لم يتحدث عن حمل السلاح فقط بل يجب استعمال السلاح فعلا أو التهديد باستعماله[195] كذلك شدد المشرع العقاب على الجاني في جريمة التوسط في الخناء و التمعش منه إذا كان الجاني حاملا لسلاح ظاهر أو خفيا حيث تكون العقوبة المستوجبة للجاني متراوحة بين ثلاثة أعوام وخمسة أعوما وخطية متراوحة بين خمسمائة دينار إلى ألف دينار[196].

كما شدد المشرع العقاب على الجاني في جريمة اختطاف شخص باستعمال السلاح حيث يكون العقاب السجن بقية العمر إذا تم الاختطاف أو تحويل الوجهة باستعمال السلاح[197] مقابل ذلك إذا تم الاختطاف بدون سلاح أو استعمال الحيلة أو العنف أو التهديد فان العقاب يكون عشرة سنوات سجنا.

كما أن المشرع جعل من حمل السلاح سواء كان ظاهرا أو خفيا ظرف تشديد في العقاب على الجاني في جريمة السرقة حيث تكون العقوبة المستوجبة السجن بقية العمر في صورة وقوع السرقة بواسطة خمسة الأمور الواردة بالفصل 260[198]، أما إذا كانت السرقة واقعة بتوافر الأمور الثلاثة الأخيرة من الفصل 260 فإن العقاب المقرر للجاني هو اثني عشرة سنة سجنا [199] والشديد يتجسم في كون السرقة الواقعة بدون الأمور الوارد بالفصل260 و263 فإن العقاب المقرر لها خمسة سنوات سجنا وذلك ما نص عليه الفصل 264 من المجلة الجزائية ، وهو ما يجعلها جنحة وليست جناية . كذلك المشرع الفرنسي جعل من استعمال السلاح في جريمة السرقة ظرفا مشددا للعقاب على الجاني بالفصل 311-8[200]. والسلاح أو التهديد به كظرف لتشديد العقاب على الجاني عديدة على غرار استعمال السلاح في جريمة الاعتداء على الحرية الذاتية الوارد بالفصل 251 م ج .وكذلك في جرائم انتزاع ملك الغير بالقوة الفصل 255 وجريمة الدخول على محل معد للسكنى 256 م.ج[201].

وكذلك شدد المشرع العقاب في جريمة التكفف وذلك بأن جعل حمل السلاح ظرف تشديد على المذنب فالعقاب يكون عام سجنا[202].كما جعل المشرع حمل السلاح ظاهر أو خفي ظرف تشديد على الجاني في جريمة الإخلال بالراحة العامة الوارد بالفصل 79 من م ج فالعقاب ويكون مدة عامين[203] .

إن العلة من تشديد العقاب على الجاني الحامل للسلاح سواء كان ظاهرا أو خفي هو أن المجني عليه عند رؤية السلاح يجعله يجبن على الدفاع على ماله وعلى نفسه، وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر في 2جويلية 1980[204].

استعمال آلة انفجارية:

كما جعل المشرع من استعمال الجاني لمادة انفجارية عند تنفيذ الجريمة ظرف مشدد للعقاب نظرا للنتائج الوخيمة التي يمكن أن تلحقها تلك المادة بالأرواح والممتلكات، كما أن ذلك يعكس خطورة الجاني الإجرامية لذلك اقر المشرع عقوبة الإعدام للجاني الذي يحرق أو يعدم بمادة انفجارية أبنية أو مخازن الذخائر العسكرية أو غيرها من أملاك الدولة[205] .كما أن المشرع جعل من الاعتداء بآلة انفجارية ظرف تشدد في جريمة الإضرار بملك الغير فالجاني الذي يلحق أضرار بملك غيره سواء كان عقارا أو منقولا بدون استخدام وسيلة انفجارية أو حريق يعاقب بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبخطية قدرها ألف دينار[206]. أما إذا كان الاعتداء على ملك الغير واقع بواسطة آلة انفجارية فإن العقاب المستوجب للجاني هو عشرين عاما[207] كما شدد المشرع العقاب على الجاني بسبب الآلة الانفجارية إذا تم وضعها بطريق عام أو بمحل مسكون إذ يعاقب مرتكب هذه الجريمة بالسجن للمدة اثني عشر عاما[208].

نستنتج مما سبق أن المشرع جعل من الاعتداء الواقع على أمن الدولة الداخلي أو ملك الغير بواسطة آلة انفجارية ظرف تشديد للعقاب نظرا لما تنطوي عليه هذه الوسيلة من خطورة بالغة الأهمية على الدولة واستقرارها ومصالح الأفراد.

إلا أن المشرع جعل من استعمال وثائق مدلسة أو ادعاء إذن من السلطة العامة ظرف مشدد للعقاب على الجاني .

ج – استعمال وثائق مدلسة أو انتحال صفة أو ادعاء صدور إذن من السلطة العمومية:

لقد اعتبر المشرع التونسي استعمال الجاني وثائق مدلسة أو انتحال صفة غير صحيحة أو ادعاء صدور إذن من السلطة العمومية ظرفا مشددا للعقاب عليه، هو ما كرسه فعلا في جريمة التكفف الوارد بالفعل 171 م ج حيث اقر المشرع عقاب بالسجن لمدة ستة أشهر الشخص الذي يوهم بنفسه سقوطا بدنيا أو قروحا بقصد الحصول على صدقة[209]. إلا أن المشرع شدد في العقاب على الجاني في صورة قيامه بالتكفف وهو حامل لشاهدات مدلسة أو غير ذلك من الأوراق المدلسة المعدة للتعريف بالأشخاص[210]. كذلك المشرع جعل من استعمال الجاني زى أو هوية مزيفة ظرفا تشديد في العقاب في جريمة الفرار بشخص حيث ينص الفصل 237 من المجلة الجزائية الفقرة الرابعة “إذا كان الاختطاف وقع بواسطة استعمال زى أو هوية مزيفة فإن العقاب يكون بالسجن بقية العمر“[211] إذن فالمجرم الذي يعمد عند الاختطاف استعمال هذه الوسائل يكون من سهل التغرير بالطرف المقابل بغاية حثه على مصاحبة الجاني إلى حيث يريد.

وقد تعرض المشرع المصري بدوره إلى هذا الظرف المشدد في إطار تنظيمه لجريمة القبض على الناس وحبسهم بدون حقا وذلك ضمن الفصل 282 من قانون العقوبات ورفع العقوبة المسلطة على الجاني لتصل إلى السجن بقية العمر وذلك في الصورة التي يقع القبض من شخص تزيا بدون حق بزي مستخدما الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو ابرز أمرا مزورا مدعيا صدوره من طرف الحكومة.[212].

كما أن المشرع جعل من انتحال صفة موظف عموميا أو ادعاء إذن من السلطة العامة زورا ظرفا تشديد للعقاب على الجاني في جريمة السرقة، ذلك أنه إذ استخدم الجاني زى موظف عمومي أو ادعاء إذن من السلطة العامة زورا أو وجد متلبس بلقب مع بقية العناصر الأربعة الأخرى الواردة بالفصل 260 فإن العقاب المستوجب للجاني هو السجن بقية العمر[213] .أما إذا استعمل الجاني في تنفيذ السرقة التي قام بها زى موظف عمومي أو ادعاء من السلطة العامة زورا أو وجد متلبسا بلقب فإن العقاب يكون اثني عشر عاما سجنا وهو ما نص عليه الفصل 261 م ج.” يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب السرقة الواقعة باستعمال احد الأمرين الأوليين من الأمور المقررة بالفصل المتقدم”.

إلا أنه إذا كان الجاني يرتدي زى يشبه إلى حد كبير زى الموظف العمومي مما يجعل الضحية غير قادر على التمييز بينهما فهل يعد ذلك الزى الشبيه المعتمد في جريمة السرقة ظرفا مشددا للعقاب؟

بالرجوع إلى الفصل 260 نلحظ أن الزي المكرس كظرف تشديد في السرقة هو زى الموظف العمومي وليس زى شبهه إلا أنه يمكن القول أن الزي الشبيه يمكن عده ظرفا تشديد للعقاب ،لأنه يغالط المجني عليه إذ يجعله يعتقد أن الجاني بموجب ارتدائه ذلك الزى من موظفي الحكومة وكذلك يجب أن يكون الزى الشبه والزى الحقيقي للموظف العمومي قوي بحيث يصعب التمييز بينهما وهو ما ذهب إليه بعض الفقهاء[214].

كما أن الجاني يمكن أن ينفذ جريمته عن طريق ادعاء إذن من السلطة العامة وذلك باستظهاره إذنا كتابيا مزورا يقضي أنه مفوض للقيام باسم السلطة العامة أو لحسابها بخدمة يقتضي أداؤها الدخول إلى مسكن لتفتيشه مثلا. لكن ماذا لو كان ذلك الإذن صحيحا أو تلك الصفة المتعلقة بالموظف العمومي صحيحة حيث استغلها صاحبها لتنفيذ جريمة السرقة فهل يتوفر ظرف الشديد في هذه الصورة؟ السؤال يكون بالنفي وذلك لأن المشرع نظم الجرائم الواقعة من الموظفين العموميين أو شبههم عند مباشرتهم أو بمناسبة مباشرتهم لوظائفهم بأحكام خاصة بهم[215] ،إلا أن المشرع الفرنسي خلافا لذلك حيث اعتبر بالفصل 4-311 جديد من م.ج. فرنسية أن استغلال الموظف العمومي الصفة الحقيقة في تنفيذ السرقة ظرفا مشددا كما هو الشأن لمنتحل هذه الصفة الفصل 4-311[216].

نستنتج مما سبق أن استعمال الجاني شهائد مدلسة أو انتحال صفة موظف عمومي أو ادعاء إذن من السلطة العامة زورا هي ظروف مشددة للعقاب. إلا أنها ليست الوسائل الوحيدة بل الجاني قد يستخدم وسائل أخرى تيسر عليه تنفيذ جريمته.

د – التسور و الخلع واستعمال مفاتيح مفتعلة:

لقد اقر المشرع صراحة أن التسور والخلع واستعمال مفاتيح مصطنعة ظروف مشددة لجريمة السرقة كما نص على الخلع و التسور أيضا كظرفين مشددين لجريمة هتك حرمة ملك الغير[217]

1التسور وجعل منافذ تحت الأرض:

يعتبر التسور من بين الظروف الموضوعية المشددة لعقوبة السرقة إذ يعاقب الجاني مدي الحياة حسب منطوق الفصل 260 [218] كما أن التسور يعد ظرف تشديد في جريمة انتهاك حرمة ملك الغير إذا استعمل تسهيلا لارتكاب هذه الجريمة .

وقد عرف المشرع التسور بالفصل272 م.ج.” كل دخول للديار والأماكن و الصحون ومحلات تربية الطيور وغير ذلك من المباني والبساتين و المعاطن والمرابض و المسيجات وقع بتسور الجدران أو الأبواب أو السقوف أو غير ذلك من الأسيجة”.

إلا أن هذا التعريف ركز على بيان المحلات التي يدخلها الجاني بواسطة التسور دون تحديد مدلول عبارة التسور في حد ذاتها وهي نفس الأماكن التي يمكن الأخذ ها بالنسبة لوسيلة جعل منافذ تحت الأرض للدخول إليها كمن يقوم وبحفر نفق تحت الأرض[219] لاجتياز الحاجز الذي وضعه المالك حماية لملكه.

أما مدلول التسور فهو كلمة من أصل يوناني scala وتعني السلم[220] وقد عرفته محكمة النقض المصرية بأنه ” دخول اللص في المحل الذي أراد ارتكاب السرقة فيه من غير بابه أيا كانت الطريقة التي استعملها لتحقيق هذه الغاية. يستوي في ذلك أن يكون استعمل للغرض سلما أو صعد على الجدران أو وثب إليه من نافذة أو هبط إليه من أي ناحية“[221]

ونلاحظ أن عبارات الفصل 272 م.ج. توحي بأن المشرع قصد التسور الخارجي للدخول لمحل السرقة دون التسور الداخلي المسلط على تقسيمات المحل الداخلية التي يراد منها تقسيم المحل لغاية تنظيمه وليست حمائية كالتي يرمي إليها السياح الخارجي[222].

إلا أن محكمة التعقيب اعتبرت في قرار صدر عنها 4 أوت 1961″ يعتبر سورا خارجيا دخول المنزل من باب حديقته المفتوح ثم تسلق جداره الداخلي” .

وقد كرس المشرع الفرنسي بدوره التسور كظرف تشديد في جريمة السرقة [223]والمشرع المصري 317 من قانون العقوبات [224].

2 الخلع وكسر الأختام:

عرف المشرع الخلع بالفصل 271 م ج” يوصف بالخلع أو تفكيك أو تخريب أو هدم أو إزالة الجدران أو السقوف أو القاعات أو الأبواب أو الشبابيك أو الأقفال بأنواعها أو غير ذلك من الآلات المعدة للقفل أو لمنع المرور أو غير ذلك من الأسيجة كيفما كانت…”

ومن ثمة يعتبر الخلع إذن الطرق العنيفة التي يعتمدها السارق للاعتداء على الأشياء أو الحواجز التي تعترض طريقه. وهو ما ينطبق أيضا بالنسبة لكسر الأقفال الذي اقتصر المشرع على ذكره فهي وسائل تنفيذ السرقة المشددة دون تعريفه. والتي تتمثل في استعمال العنف ضد الأختام الذي تضعها السلطة العامة على الأبواب والصناديق قصد منع الوصول إلى الأشياء الموضوعة بداخلها.

كما أن الخلع يسلط على الخزائن وهو ما اقره المشرع صلب الفصل 271 م ج “ويوصف أيضا بالخلع كل الخزائن أو الصناديق وغير ذلك من الحروز المغلقة“.

وبتالي فإن ظرف التشديد المذكور يقوم بمجرد استعمال السارق للعنف ضد الحواجز التي تعترض سبيله لتسهل مقصده وذلك سواء قبل الدخول للمحل المسكون أو توابعه أو بعد دخوله، وذلك ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر1ديسمبر 1971 “لا لزوم لوقوع الخلع بالأبواب الخارجية للمنازل المعدة للسكنى إذ يكفي توفر ركن الخلع فتح الخزائن والصناديق”[225].

وثمة سؤال يطرح نفسه بنفسه يتعلق بخصوص الخلع كغيره من وسائل تنفيذ السرقة الذي يستعمل للخروج بالمسروق من محل الجريمة فهل يعتبر ذلك ظرفا مشددا للسرقة؟

لقد اختلفت الآراء الفقهية والقضائية في تحديد هذه المسألة في حين ذهب رأي إلى اعتبار أن الخلع الذي يستعمله السارق عند خروجه من محل السرقة للفرار بالمسروق لا يعتبر ظرفا مشددا لأنه حصل بعد إتمام السرقة[226].

في حين ذهب رأي ثاني إلى اعتبار أن السرقة وإذا كانت جريمة حينية فإنها لا تتم بمجرد وضع السارق يده على المسروق بل تقتضي نقل الشيء من محل الجريمة إلى المكان الذي يقصده الجاني

وعليه فإن الخلع كغيره من وسائل تنفيذ السرقة يعد ظرفا مشددا إذا استعمل للتسهيل إتمام هذه الجريمة ولو عند الفرار بالمسروق والخروج له من محل السرقة . [227]

3 استعمال مفاتيح مفتعلة:

لقد اعتبر المشرع استعمال السارق مفاتيح مفتعلة ظرفا مشددا للجريمة السرقة من محل مسكون أو من أحد توابعه بالفصل 260 م ج وقد تعرض المشرع للمفاتيح المفتعلة كظرف تشديد في الفصل 273 م ج “توصف بمفاتيح مفتعلة المخاطيف والمفاتيح المقلدة أو المفتعلة أو المقلدة أو المغيرة أو التي لم يعدها صاحب المحل أو مكتريه لفتح الأقفال كيفما كانت واستعملها السارق لذلك ويعتبر كمفتاح مدلس المفتاح الحقيقي الذي يستولي عليه المجرم بدون موجب”.

ونستشف من هذا النص أن المشرع تبنى مفهوما موسعا لعبارة المفتاح المفتعل فكل ما يفتح الغلق يعتبر مفتاحا مهما كان اسمه أو شكله، من ذلك المخاطيف التي يستعين بها السارق في فتح الأقفال والتي اعتبرها المشرع مفاتيح مفتعلة .

كما تخضع لنفس هذا الحكم المفاتيح التي يعدها صاحب المحل مكتريه لفتح الأقفال كيفما كانت واستعملها الجاني لذلك وقصد بها المفاتيح الخاصة بأماكن أخرى والتي يكتشف الجاني أنها مماثلة لمفاتيح المكان الذي يريد ارتكاب السرقة فيه فيستعمله للدخول إليه, بدليل أن المشرع اعتبر المفتاح الحقيقي مفتاحا مفتعلا[228].

كما شدد المشرع العقاب إذا كان الصانع محترفا وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 274 م ج .والمشرع الفرنسي بدوره جعل استعمال مفاتيح مفتعلة ظرفا مشددا للعقاب على الجاني في جرائم السرقة [229]

كما أن المشرع شدد العقاب على المشارك في جريمة السرقة التي يقع فيها استعمال مفاتيح مفتعلة لتنفيذ السرقة [230].

نستنتج مما سبق أن المشرع جعل من الخلع و التسور واستعمال مفاتيح مفتعلة في تنفيذ جريمة السرقة ظرفا مشدد للعقاب. إلا أنها ليست الوسائل الوحيدة التي كرسها المشرع كظروف تشديد للعقاب بل جعل من تعدد الجناة ظرف تشديد للعقاب أيضا.

ه – تعدد الجناة:

لقد اقر المشرع أن تعدد الجناة في عديد الجرائم ظرف مشدد للعقاب على غرار جرائم الأخلاقية حيث يبرز التعدد كظرف مشدد ضمن الفصل 229 م.ج ذلك أن المشرع ضاعف العقاب المستوجب لجرائم مواقعة أنثى بدون رضها والاعتداء بفعل الفاحشة بدون رضا الضحية والاعتداء بفعل الفاحشة على طفل لم يبلغ سنه الثمانية عشر عاما كاملةٍ [231]. بيد أن ظرف التعدد في هذه الجرائم يثير بعض التساؤلات نظرا للعبارة التي أوردها المشرع إذا كان الاعتداء بإعانة عدة أشخاص فهذه العبارة تدل أن “الإعانة” على وجود فاعل أصلي وحيد والبقية ساعدوه على اقتراف فعلته الإجرامية.

لكن ظرف التشديد يتحقق بقطع النظر عن الدور الذي لعبه كل واحد من المجرمين وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها الصادر بتاريخ 17 فيفري 1966 والذي جاء فيه “بمقتضى الفصل 229 من القانون الجنائي أن الظرف المشدد للعقوبة يتوفر سواء بإعانة الفاعل الأصلي على اقتراف الجناية أو تسهليها أو بالمشاركة في الفعلة نفسها وذلك بارتكابها معه”[232].

كذلك تعدد الجناة في جريمة التوسيط في الخناء والتمعش منه ظرف تشديد في العقاب على الجناة إذ تتراوح العقوبة المستوجبة بين ثلاثة سنوات إلى خمسة سنوات والخطية من خمسمائة إلى ألف دينار .[233] كذلك تعدد الجناة أقره المشرع كظرف تشديد للعقاب على الجناة في جريمة الاعتداء على الحرية الذاتية حيث أن الجريمة إذ اقترفت من عدة أشخاص ترتفع من عشرة سنوات إلى عشرين عاما وبخطية قدرها عشرون ألف دينار[234].

كذلك تعدد الجناة يعد ظرفا مشددا في جريمة هتك حرمه الملك والمسكن ذلك أن هذه الجريمة إذا وقعت من عدة أفراد يرفع العقاب المقرر للجناة من ستة أشهر إلى عامين سجنا [235].

كما أن تعدد الجناة يعد ظرف تشديد للعقاب عليهم كذلك في جريمة السرقة فالعقاب يكون بقية العمر إذا ارتكبت السرقة من عدة أشخاص وكانت مقترفة بالأمور الأربعة الوارد بالفصل 260 من م.ج. أما إذا ارتكبت السرقة من خلال عدة أشخاص ووقعت ليلا وكان الجناة أو واحد منهم حاملا سلاحا ظاهرا أو مخفيا فإن العقوبة المستوجبة لهم اثني عشر عاما [236] .

كذلك تعدد الجناة يعد ظرف تشديد في جريمة العصيان وذلك تحسبا من المشرع أن يتحول من العصيان إلى هيجان أو نوع من أنواع التمرد على السلطة جعل من تعدد الأفراد المتعاصين عنصر موجبا لشديد العقاب من قبل القاضي، و العقاب المستوجب كلما كان المتعاصون أكثر من عشرة أفراد و كان العصيان بدون سلاح هو السجن مدة ثلاثة أعوام و بخطية قدرها مائة دينار [237] .أما إذا كان شخصان على الأقل من الأشخاص المذكورين مسلحين فالعقاب المستوجب لجميعهم هو السجن مدة ستة أعوام مقابل ذلك إذا كان الجاني منفردا فالعقاب المستوجب للجاني ستة أشهر و بخطية قدرها ثمانية و أربعون دينار[238].إلى جانب

اعتماد ظرف التعدد عند تقدير العقاب فإن المشرع يشدد في العقاب بالنسبة للجرائم الجماعية بحسب دور كل فرد من الأفراد في هذه الجريمة، بالنسبة لجريمة تشارك المفسدين فقد خص المشرع رؤساء العصابات بعقاب أشد من عقاب الأفراد الآخرين حسب منطوق الفصل 132 م ج “و مدة هاته العقوبة تكون أثني عشر عاما لرؤساء العصابات المذكورة”.

و كذلك الشأن بالنسبة لجرائم النهب حيث رفع المشرع في العقاب إلى عشرين عاما إذا ما تم ارتكاب أعمال النهب من طرف رؤساء العصابات[239]. و يعود سبب إفراد المشرع لهؤلاء بعقوبات خاصة و مشددة إلى الخطورة التي يمثلونها باعتبارهم عادة ما يكونون الرأس المدبر والمنظم لمختلف الأعمال الإجرامية.[240]

و نلاحظ أن تعدد الجناة كظرف تشديد للعقاب تعرض لها عديد التشاريع المقارنة على غرار المشرع الفرنسي الذي أقر هذا الظرف في مواضع مختلفة من المجلة الجنائية و خاصة في جرائم العنف على غرار الفصل 222.8[241] و كذلك الفصل 13-222[242].

نستنتج مما سبق بيانه أن المشرع أقر عديد الوسائل المتعلقة بتنفيذ الجريمة والتي تعد ظروف تشديد للعقاب كلما اقترنت هذه الوسائل سالفة الذكر بتنفيذ الجريمة. إلا أن النتائج المترتبة عن الجريمة تعد كذلك ظروف تشديد للعقاب على الجاني.

المبحث الثاني: خطورة الجريمة المرتكبة

تعد الجرائم ذات الخطورة البالغة على الأمن و السلم الاجتماعي ظرف تشديد للعقاب على الفاعل، و قد أقر المشرع في المجلة الجزائية و بعض النصوص القانونية الجزائية الخاصة بعقوبات مشددة نظرا لخطورة الجريمة المرتكبة على غرار جرائم الاعتداء على أمن الدولة و الجرائم المنظمة .

الفقرة الأولى: جرائم الاعتداء على أمن الدولة

لقد شدد المشرع العقاب على الجاني في صورة ارتكابه جريمة اعتداء على أمن الدولة سواء كان داخليا أو خارجيا.

مظاهر تشديد العقوبة في جرائم الاعتداء على أمن الدولة:
بالرجوع إلى المجلة الجزائية نلحظ أن المشرع كغيره من التشاريع المقارنة أقر عقوبات متشددة لمرتكبي جرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي و الخارجي وهذه الشدة والقسوة تبررها التشريعات الجزائية بخطورة الحق المستهدف للاعتداء.

و تتجسم قسوة و شدة العقوبات المستوجبة لجرائم الاعتداء على أمن الدولة في إقرار المشرع أقصى العقوبات المقررة بالفصل 5 من المجلة الجزائية و نقصد بذلك عقوبة الإعدام هذه العقوبة التي قررت في أكثر من عشرين مناسبة تتعلق كلها بجرائم الاعتداء على أمن الدولة بنوعية الداخلي و الخارجي[243]، مقابل ذلك لم تقرر بالنسبة لباقي الاعتداءات المذكورة بالمجلة الجزائية في أكثر من خمسة مناسبات[244].

تتمثل مظاهر تشديد العقاب على الجاني في جرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي و الخارجي من خلال تسليط العقوبات التكميلية المنصوص عليها بالفصل الخامس من المجلة الجزائية إلى جانب العقوبات الأصلية و هو ما نص عليه الفصل 62 المنقح سنة 27 فيفري 1989 ” كما يمكن في جميع الأحوال الحكم زيادة على ذلك الحكم بالعقوبات التكميلية الواردة بالفصل 5 من هاته المجلة لمدة أدناها خمسة أعوام و أقصاها عشرون عاما”[245].

كذلك تسليط العقوبات التكميلية إلى جانب العقوبة الأصلية المحكوم بها على الجاني ورد بالفصل 70 المنقح في 6 جوان 2005 من المجلة الجزائية ” و يمكن زيادة على ما ذكر حرمان الجاني من التمتع بكل أو بعض الحقوق المدنية بالفصل 5 من هذه المجلة”[246].

من مظاهر تشديد العقاب كذلك نشير أيضا إلى تجريم تلك المرحلة النفسية بجميع صورها و إقرار عقوبات قاسية للمتآمرين على أمن الدولة سواء في صورة المؤامرة البسيطة أو المؤامرة المتبوعة بأعمال تحضيرية بل أن المشرع واصل تشديد الخناق على المتآمرين.

فلم يكتف بتسليط العقاب على مجرد العزم و التقارير و اعتبار الأعمال التحضيرية ظرف تشديد، بل و أكثر من ذلك فقد جرم حتى مجرد إبداء الرأي و هو ما وورد بالفصل 70 م ج الذي اقتضى “إبداء الرأي لتكوين مؤامرة للقيام بالاعتداءات ضد امن الدولة الداخلي المبينة بالفصول 63 و 64 و 72 من هذه المجلة يعاقب مرتكبة بالسجن مدة عامين”[247].

المشرع الفرنسي كذلك في المجلة الجنائية الجديدة جعل من جرائم الاعتداء على أمن الدولة الداخلي و الخارجي ظرف تشديد للعقاب على الجناة[248].

و نستشف من خلال هذا النص القانوني أن المشرع خرج عن القواعد العامة التي تخضع لها فصائل الجرائم الأخرى كالجرائم الواقعة على الأشخاص و الأموال ،فهي تحيد عنها و عن الطرق المألوفة وهو ما يتجلى من خلال تجريم مجرد إبداء الرأي. كما أن ما يبرر عدول المشرع عن القواعد العامة من خلال طرق الصياغة التشريعية المتبعة في النصوص المجرمة للاعتداءات على أمن الدولة الداخلي فلئن كانت أبرز الخصائص التي يتسم بها النص الجزائي هي الدقة و الوضوح فإننا نجد أن الفصول التي تعاقب على الاعتداءات الواقعة على أمن الدولة يشوبها الغموض على غرار عبارات الفصل 60 م ج “الذي ينص كل تونسي اتصل بدولة أجنبية ليدفعها إلى القيام بأعمال عدوانية ضد البلاد التونسية” فهذه العبارات الواردة في هذا النص القانوني هي عبارات مطاطية مثل عبارة أعمال عدوانية فما المقصود بالأعمال العدوانية؟ و من هي السلطة المختصة في تحديد ما إذا كانت الأعمال المقترفة من قبل الجاني من قبيل الأعمال العدوانية أم لا؟

و تبعا لذاك فهذا الغموض الذي يكتنف النصوص المتعلقة بالاعتداءات على أمن الدولة قد يعرقل محاولة تكييف بعض الأفعال و بالتالي تسليط العقاب المستوجب لها على الجاني. وقد وجهت عديد الانتقادات لهذا التوجه الذي شدد العقاب على مرتكبي الاعتداء على أمن الدولة.

ب- الانتقادات الموجهة لانتهاج الشدة في العقاب :

لقد وجهت عديد الانتقادات لأغلب التشاريع التي جعلت من الاعتداءات على أمن الدولة ظرف مشدد للعقاب، وأهم هذه الانتقادات تلك التي تنبع من اعتبار جرائم الاعتداء على امن الدولة من قبيل الجريمة السياسية وبما أنها كذلك فان مقترفها يجب أن يحظى بمعاملة خاصة نظرا لانتفاء الطبيعة الإجرامية و العدوانية لديه ، إذ انه يطمح أي المجرم السياسي إلى أكثر من مصلحته الشخصية بل إلى المصلحة العليا للوطن الذي يهدف إلى تخليصه من بعض المظاهر التي لم يرضها وانتهاج مسلك الشدة في العقاب لا يستجيب لمثل هذا التحليل [249] .

ومن الانتقادات الهامة كذلك ما ورد على لسان الأستاذ محمد الفاضل وذلك بأن راي أن منهج الشدة المتبع في العقاب في جرائم الاعتداء على امن الدولة له أسباب تاريخية تكمن وراءه من ذلك الوضعية التي كانت سائدة لدى التشريع الروماني القديم التي تخلط بين شخص الحاكم و الدولة والتي لا تزال بصماتها في تشريعاتنا الحالية . كذلك الأفكار السائدة في تاريخ ليس ببعيد عن عصرنا وبالتحديد القرن التاسع عشر وذلك بالمغالاة في مبدأ اعتناق القومية و التهاب مشاعر الوطنية والحالة القدسية التي حفت بفكرة الأمة.

كذلك نشوء الأنظمة الدكتاتورية عقب الحرب العالمية الأولى من فاشية ونازية وشيوعية التي دعت إلى اعتبار الجرائم أشد خطرا من الجرائم العادية حتى المجرم السياسي عرّف في تلك الفترة “بعدو الشعب..” كل هذه العوامل تقف وراء تشديد العقاب على مرتكبي الاعتداءات على أمن الدولة وزوال هذه المعطيات اليوم يجب أن يكون حافزا على التخلص من هذه الشدة التي لم تعد هناك موجب للإبقاء عليها [250].

ونحن بدورنا نساند هذا الرأي وخاصة في ظل التوجهات الجديدة لتشريعنا التونسي التي تجسمت في عديد الاتجاهات والمظاهر بهدف إلغاء مظاهر الاستثناء في هذا النوع من الجرائم إلاّ أن ذلك مازال يتطلب من المشرع عملا كبيرا في إطار نظرة جديدة للجريمة السياسية.

نستنتج مما سبق أن المشرع التونسي على غرار التشاريع المقارنة جعل من الاعتداء على أمن الدولة ظرف مشدد للعقاب وذلك بغية الضرب بقوة على كل من اعتدى على المصالح العليا للوطن.

إلا أن الاعتداء على امن الدولة ليس الظرف الوحيد لتشديد العقاب على الجاني بل أن المشرع جعل من الجريمة المنظمة بدورها ظرفا مشددا للعقاب.

الفقرة الثانية: الجريمة المنظمة

تعد الجريمة المنظمة ظاهرة جديدة خاصة بالنسبة للبلدان العربية وقد برزت خاصة في جرائم المخدرات وبعض جرائم العنف والتطرف وقد أخذ التنظيم الإجرامي في هذه الجرائم يتفاقم وذلك لما يشهده العالم من تفشي ظاهرة الإجرام المنظم.

ونلاحظ أن المشرع التونسي كغيره من التشاريع العربية لم يكلف نفسه بتعريف الجريمة المنظمة وذلك بموجب تغيير مفهوم الجريمة المنظمة من بلد إلى آخر. وقد بادرت البلدان الأكثر عرضة لخطر هذه الظاهرة بسن قوانين جديدة تمتاز بالشدة والصرامة خاصة في الجرائم المرتكبة من قبل عصابات المفسدين.

وقد أقر المشرع التونسي بالمجلة الجزائية قسم ثالث مستقل متعلق بجرائم تشارك المفسدين، وكذلك اعتبر أن جرائم المخدرات يعد من الإجرام المنظم إلى جانب الجرائم الإرهابية.

جرائم تشارك المفسدين:
تعد جرائم تشارك المفسدين من الجرائم المنظمة وهي تمثل خطرا على الأمن والسلم الاجتماعي لذلك تصدى لها المشرع بصورة صارمة وذلك من خلال تشديد العقاب على مرتكبي هذه الجريمة وذلك من خلال الفصل 131 من المجلة الجزائية .

وتبعا لذلك فإن هذا الفصل يجرم كل اتفاق حصل بين عدد من الأفراد بقصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك، ويوافق الفصل 450.1 من المجلة الجنائية الفرنسية الجديدة الذي ألغي فيه تلك التفرقة القديمة بين الاعتداءات على الناس والاعتداءات على الأموال ورفع في العقاب من خمسة إلى عشرة سنوات [251] خلافا لذلك فإن المشرع التونسي يعاقب على جريمة الانخراط في عصابة أو تشارك في وفاق من النوع المقرر بالفصل 131 بمدة سنة أعوام[252].

كذلك جرّم الفصل 132 من المجلة الجزائية الانخراط في عصابة أو المشاركة في وفاق من النوع المقرر بالفصل 131و أقر عقوبة مشددة لمرتكبي هذه الجرائم تقدر بستة أعوام وهو ما نص عليه الفصل 132 “يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من انخرط في عصابة أو شارك في وفاق من النوع المقرر بالفصل 131”.

كما أن المشرع يعاقب على مجرد المساعدة في الإجرام المنظم إن نص الفصل 133” يعاقب بالعقوبات المقررة بالفقرة الأولى من الفصل المتقدم كل إنسان تعمد قصدا إعداد محل لاجتماع أعضاء عصابة مفسدين أو أعانهم على الاستفادة بمحصول أفعالهم الخبيثة أو أعطاهم محلا للسكن أو الاختفاء”[253].

ونلاحظ أن جريمة تشارك المفسدين لا تقوم إلا بتحقيق عدة أركان فإذا غاب أحدها يصبح الفصل 131 من المجلة الجزائية غير منطبق وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرار صادر عنها بتاريخ 9 فيفري 1968

“أولا أن يكون هناك اتفاق على ارتكاب جنايات لا جنح .

ثانيا أن يكون الغرض منه اقتراف جنايات متنوعة دون لزوم لضبط نوع تلك الجنايات المتفق على ارتكابها وبذلك يختل نظام الأمن بالبلاد .

ثالثا أن يكون ذلك الاتفاق مبنيا على القصد الإجرامي الذي يشير إليه المشرع “[254]

ب – جريمة الانخراط في عصابات منظمة :

1 عصابات المخدرات .

لقد عمل المشرع التونسي على مقاومة الجرائم المنظمة التي ترتكب في إطار جرائم المخدرات كالانخراط في عصابة أو المساهمة في أنشطتها وذلك من خلال قانون عدد 52 لسنة 1992، وبالرجوع إلى هذا القانون نلاحظ أن المشرع ميز بين ثلاثة أنواع من عصابات المخدرات أو المقترفة لمثل هذه المواد. وهي عصابات استهلاك مخدرات وعصابات ترويج وعصابات اتجار وتهريب.

ولقد شدد المشرع العقاب على مرتكبي هذه الجرائم إذ تتراوح العقوبة بين عشرين عاما سجنا والسجن مدى الحياة وخطية من مائة ألف دينار إلى مليون دينار وهو ما نص عليه الفصل 6 من قانون 18 ماي 1992 “يعاقب بالسجن من عشرين عما إلى مدى الحياة وبخطية من مائة ألف دينار إلى مليون دينار كل من كون أو أدار أو انخرط أو شارك في إحدى العصابات سواء كانت موجودة داخل البلاد أو خارجها لارتكاب أي الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون داخل البلاد أو كان يعمل لحسابها أو يتعاون معها بأي طريقة غير قانونية ولو بدون مقابل”[255] .

ولعل هذا الشديد في العقاب على عصابات المخدرات أساسه سد المنافذ أمام التجار والمروجين والمستهلكين وذلك من خلال إقرار عقوبات رادعة وخاصة أن القانون القديم المتعلق بالمخدرات [256] لم يكن رادعا بما فيه الكافية وذلك بشهادة المختصين في علم الإجرام وأصحاب الخبرة الميدانية في أجهزة الردع[257].

كما أن مظاهر تشديد العقاب على عصابات المخدرات تتجسم في عدم إسعاف مرتكبي هذه الجريمة بظروف التخفيف الواردة بالفصل 53 من المجلة الجزائية المتمثلة بالنزول بالعقوبة درجة أو درجتين، أو القضاء بالعقوبة المستوجبة مع الإسعاف بتأجيل التنفيذ وهو ما اقتضاه الفصل 12 من قانون 12 ماي 1992” لا تنطبق أحكام الفصل 53 من المجلة الجنائية على الجرائم المنصوص عليها بهذا القانون”[258] كما أن المشرع الفرنسي بدوره جرم بالفصل 34-232 و 51-222 من المجلة الجنائية جرائم المخدرات وجعل من هذه الجرائم ظرفا مشدد من مرتكبها في الفصول 35-222، 36-222، 36-222 ، 37-222، l37-222. من المجلة الجنائية[259] .

كذلك مظاهر التشديد على عصابات المخدرات تتجسم من خلال ترفيع المشرع في آجال التقادم حيث رفع المشرع بالفصل 13 من القانون سالف الذكر في أجال الدعوى العمومية والعقاب، حيث تسقط الدعوى العمومية بمرور خمسة أعوام إذا كانت ناتجة عن جنحة وبمرور عشرة أعوام إذا كانت ناتجة عن جناية.

أما العقاب فيسقط بمرور عشرة أعوام بالنسبة للجنحة وبمرور عشرين عاما بالنسبة للجناية وفق هذا القانون[260] ، وهذه الآجال لتقادم الدعوى العمومية والعقاب تعد مشددة وذلك بالمقارنة مع الآجال الواردة بالقواعد العامة[261].

و سن آجال مشددة لتقادم الدعوى العمومية في مادة المخدرات سبق وأن تبناها المشرع المصري في المادة 46 مكرر” أ”من قانون المخدرات الذي اقر عدم تقادم الدعوة الجنائية أو العقوبة المحكوم بها.

كما نلاحظ أن الترفيع اقتصر على الجنح دون الجنايات خمسة أعوام عوضا عن ثلاثة أعوام سقوط الدعوى العمومية وعشرة أعوام عوضا عن خمسة أعوام بالنسبة لسقوط العقاب.

وهو أمر يدعو للاستغراب فهل قصد المشرع التشديد في عقوبة المسك و الاستهلاك دون الترويج و الاتجار في المخدرات والحال أن روح التشريع عكس ذلك؟

كذلك مظاهر الشديد في الجرائم المخدرات هو إمكانية تسليط عقوبات تكميلية على الجاني إلى جانب العقوبة الأصلية المقررة للجريمة المرتكبة و هو ما اقتضاه الفصل 16 من قانون 1992” يمكن للمحكمة المختصة أن تأذن إلى جانب العقوبات الأصلية بفرض المراقبة الإدارية على المحكوم عليه لمدة عشر سنوات وبحرمانه لمدة تتراوح من خمسة وعشرة أعوام من مباشرة الحقوق”[262] .ونلاحظ من خلال هذا النص أنه مخالف لأحكام الفصل 25 م.ج الذي نص على أن الحكم بالمراقبة الإدارية يكون لمدة أقصاها خمس سنوات إذا كانت عقوبة السجن المحكوم بها أكثر من العامين.

نتحصحص مما سبق أن المشرع كرس عقوبات مشددة على مرتكبي جرائم المخدرات وذلك من خلال تسليط عقوبات أصلية تتمثل في السجن والخطية معا إلى جانب العقوبات التكميلية .

كذلك تعتبر من قبيل الجرائم المنظمة الجريمة الواردة بالفصل 74 م.ج إذا نص “يعاقب بالإعدام كل من يجمع ويمد بالأسلحة جموعا أو يرأس جموعا بقصد نهب أموال عمومية أو خاصة أو الاستيلاء على عقارات أو منقولات أو إفسادها أو يحارب القوة العامة حال مقاومتها لمرتكبي هذه الاعتداءات أو يتصدى لها”[263] ويقابل هذا الفصل 412 6 -من المجلة الجزائية الفرنسية الجديدة [264].

كذلك تعد جريمة منظمة جريمة التكفف إذا ما تمت هذه الجريمة في شكل جماعي منظم وقد تصدى المشرع لهذه الجريمة من خلال تشديد العقاب المستوجب لها وذلك بالفصل 171 م ج الذي نص “يعاقب بالسجن مدة ستة أشهر الإنسان الذي يوهم بنفسه سقوطا بدنيا أو قروحا بقصد الحصول على صدقة ويرفع العقاب إلى عام لمن يركن …ويرفع العقاب إلى ضعفه إذا تم الاستخدام في شكل جماعي منظم”[265].

وقد تم استحداث هذه الفقرة بمقتضى القانون عدد 93 لسنة 1995 المؤرخ في 9 نوفمبر 1995 وقد كان ذلك متزامنا مع مصادقة تونس على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل والتي حجرت استخدام الأطفال في الإجرام المنظم. هذا وقد ظهر نوع جديد من الإجرام المنظم وهو الإرهاب والعنف المنظم وهو ما يسمى بالجريمة الإرهابية.

2 الجريمة الإرهابية:

تعد الجريمة الإرهابية جريمة منظمة لأنها تستوجب تخطيط مسبق لتنفيذها في إطار فردي أو جماعي، وهي من اخطر الجرائم على الأمن والسلم الاجتماعيين. ونظرا لخطورة هذه الجريمة فقد تصدى لها المشرع من خلال إقرار عقوبات صارمة ومتشددة لمرتكبي هذه الجريمة وذلك بالفصل 52 مكرر من المجلة الجزائية الذي تمت إضافته بموجب القانون المؤرخ في 22 نوفمبر 1993 [266] على الرغم من تضمن هذا النص القاني عقوبات مشددة فإنه تم إلغاؤه، وذلك بسبب ما عرفته الظاهرة الإرهابية من تطور في السنوات الأخيرة وما صاحب ذلك من صدور عديد القرارات عن مجلس الأمن ودعوة الدول لتطوير تشريعاتها . وتبعا لذاك قام المشرع كغيره من المشرعين بتطوير الأحكام الجزائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وقد تم في هذا الغرض إلغاء الفصل 52 مكرر من المجلة الجزائية وإصدار قانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.

وبالرجوع إلى هذا القانون نلاحظ أن الجريمة الإرهابية تنقسم إلى قسمين الجريمة الإرهابية بطبيعتها والجريمة التي تعامل معاملتها كما أنه كرس تشديد في العقوبة بكيفية متنوعة ومختلف عما كان سائدا في قانون 1993. فالقانون الجديد يميز بين التشديد في عقوبة السجن والتشديد في عقوبة الخطية ويميز كذلك بين المرتكب العادي للجريمة الإرهابية وبعض المرتكبين الآخرين الذين يشدد عليهم أكثر في العقوبة.

بالنسبة للمرتكب العادي للجريمة الإرهابية فإنه عقوبته تكون أشد من المجرم الذي لا توصف جريمته بالإرهابية وذلك ما نص عليه الفصل 7 من قانون 10 ديسمبر 2003 حيث “أنه إذا كان العقاب المستوجب السجن بقية العمر فإن أدناه يحدد بثلاثين عاما.وإذا كان العقاب المستوجب السجن لمدة معينة فإن أدناه يحدد بنصف أقصى العقوبة المقررة للجريمة الأصلية”[267].

ومن هنا نلاحظ أن القانون الجديد قد اعتمد طريقة القانون القديم فيما يتعلق بتشديد عقوبة السجن على مرتكب الجريمة الإرهابية.

فالترفيع في كلا القانونين لا يتعلق إلا بالحد الأدنى للعقوبة وهذا الحد يساوي في كليهما نصف الحد الأقصى لعقوبة السجن المنصوص عليها بالنص التجريمي، إلا بالنسبة لعقوبة السجن المؤبد التي لم يبين القانون القديم حدها الأدنى وقام القانون الجديد بتفادي هذا النقص في البيان معتبرا هذا الحد الأدنى مساويا لثلاثين سنة سجنا .إلا أن ما يلفت الانتباه في قانون 10 ديسمبر 2003 هو تغافل المشرع عن تحديد الحد الأدنى إذا كان العقاب المستوجب للجريمة الإرهابية الإعدام وقد اقترح أحد الشراح أنه يجب في هذه الحالة النزول بالعقاب درجة واحدة لا غير لجعله السجن المؤبد[268] .

وقد أقر المشرع الجزائري نفس التوجه إذا نص بالمادة 9 من مرسوم 30 سبتمبر 1992 أن الحد الأدنى للعقوبة عشرين سنة سجنا إذا كانت العقوبة المستوجبة هذا السجن المؤبد ونصف العقوبة إذا كانت عقوبة السجن محددة المدة.

أما المشرع الفرنسي فقد اختار من باب التشديد في العقاب في الجرائم الإرهابية أسلوب الترفيع المباشر في العقوبة[269].

كذلك مظاهر التشديد في العقوبات الواردة بقانون 10 ديسمبر 2003 تتجسد من خلال تشديد العقاب على بعض الأشخاص إما بسبب صفة معينة تعلقت بهم أو بسبب نوع الضرر الحاصل من الاعتداء أو بسبب المهمة الموكولة إليهم أو بسبب استعمالهم للأطفال. وعليه فإن الصفة التي تعد ظرفا لتشديد العقاب على الجاني في القانون سالف الذكر صفة العائد حيث اقتضى الفصل 29 من قانون 10 ديسمبر 2003 مضاعفة العقوبة في صورة العودة ولا يمكن للمحكمة النزول بها إلى ما دون النصف بعد اعتبار التضعيف[270].

كذلك شدد المشرع العقاب على مرتكبي الجريمة الإرهابية سبب صفتهم وحسب الفصل 30 من 10 ديسمبر 2003 هو أعوان قوات الأمن أو أعوان القوات العسكرية المسلحة أو أعوان الديوانة سواء كانوا فاعلين أصليين أو مشاركين.

كذلك الأعوان الذين عهد إليهم بإدارة المنشآت أو الأماكن أو المرافق المستهدفة أو بحراستها أو من العاملين فيها فاعلين أصليين كانوا أو مشاركين.

كذلك إذا ارتكبت الجريمة الإرهابية باستخدام طفل حيث يكون العقاب المستوجب أقصى العقوبة المقررة للجريمة[271].

كذلك مظاهر التشديد على الجاني مرتكب جريمة إرهابية تتجلى من خلال تشديد عقوبة الخطية، فحسب الفصل 8 من 2003 يصبح الحد الأقصى للخطية بالنسبة للجريمة الإرهابية مساويا لعشرة مرات الحد الأقصى المنصوص عليه بالنص التجريمي[272]، أما الحد الأدنى لعقوبة الخطية بالنسبة لهذه الجريمة مساويا للحد الأقصى للخطية التي يستوجبها النص التجريمي وذلك ما نص عليه الفصل 9 من نفس القانون[273].

ومن مظاهر التشديد أيضا تكريس منع ضم العقوبات وذلك في صورة ارتكاب الجاني عدة جرائم متباينة وذلك ما نص عليه الفصل 31 من قانون 10 ديسمبر 2003 “إذا ارتكب الجاني عدة جرائم متباينة، يعاقب لأجل كل واحدة بإنفرادها وفي كل الحالات لا تضم العقوبات لبعضها”[274].

ومن مظاهر التشديد على الجناة في قانون 10 ديسمبر 2003 هو تكريس آجال متشددة لسقوط الدعوى العمومية والعقوبات المتعلقة بالجريمة الإرهابية، بالنسبة للدعوى العمومية حسب منطوق الفصل 37 إذا كانت متعلقة بجناية فإنها تسقط بمرور عشرين عاما أما إذا كانت متعلقة بجنحة فإنها تسقط بمرور عشرة أعوام كاملة[275].

ومن ثمة فهذه الآجال لسقوط الدعوى العمومية المتعلقة بالجرائم الإرهابية تعد مشددة لأنها أرفع من الآجال الواردة بالفصل 5 من مجلة الإجراءات الجزائية[276].

كذلك بالنسبة لسقوط العقوبات المتعلقة بالجريمة الإرهابية فهي متشددة هي الأخرى، حيث تسقط العقوبات المحكوم بها في الجرائم الإرهابية بمضي ثلاثين عاما كاملة إذا كانت متعلقة بجناية، أما إذا كانت متعلقة بجنحة فتسقط بمضي عشرة أعوام كاملة[277]وهو بدوره أجل مخالف للقاعدة العامة الواردة بالفصل 349 م.إ.ج حيث تسقط العقوبات بمعنى عشرين عاما إذا كانت ناتجة عن جناية، وخمسة أعوام كاملة إذا كانت عن جنحة [278] .

كذلك شديد المشرع الفرنسي على مرتكبي الجريمة الإرهابية من خلال ترفيع آجال سقوط الدعوة العمومية والعقوبات المحكوم بها على الجاني[279].

مظاهر التشديد على الجاني في قانون 10 ديسمبر 2003 يتجلى كذلك من خلال ضرورة الحكم على مرتكب الجريمة الإرهابية بعقوبة تكميلية تتمثل في المراقبة الإدارية التي كرسها الفصل 25 من القانون سالف الذكر.

وهذه العقوبة التكميلية كان الفصل 52 مكرر ينص عليها كذلك وكانت محددة بخمسة أعوام مراقبة إدارية لا تزيد ولا تنقص. أما الفصل 25 من قانون 2003 أعطي للقاضي سلطة تقديرية في تحديدها وذلك من خلال إقرار المشرع حدّين حدّ أدنى خمسة سنوات وحد أقصى عشرة سنوات مراقبة إدارية[280]. بالإضافة لذلك حسب الفصل 25 من القانون سالف الذكر لا يمنع من الحكم على مرتكب الجريمة الإرهابية بكل أو بعض العقوبات التكميلية الأخرى المقررة قانونا.

كذلك المشرع فرنسي كرس عقوبات تكميلية لمرتكب الجريمة الإرهابية إلى جانب الجريمة الأصلية [281].

نتحصحص مما سبق بيانه أن المشرع جعل من خطورة الجريمة ظرفا مشددا للعقاب وذلك نظرا لما تمثله مثل هذه الجرائم من خطورة على الأمن والسلم الاجتماعي من جهة واستقرار الدولة من جهة ثانية، إلا أنه جعل كذلك من النتائج المترتبة عن الجريمة طرفا مشددا للعقاب.

المبحث الثالث: ظروف التشديد المترتبة عن الجريمة:

لقد جعل المشرع التونسي النتائج المترتبة عن الفعل الإجرامي الصادر عن الجاني ظرفا لتشديد العقاب عليه، ويتجسم ذلك خاصة في جرائم الاعتداء بالعنف الشديد وجرائم الاعتداء بالعنف الشديد المفضي إلى الموت وكذلك الإضرار بملك الغير.

الفقرة الأولى: جريمة الاعتداء بالعنف الشديد

بالرجوع إلى المجلة الجزائية نلحظ أن المشرع جعل من النتائج المتولدة عن الاعتداء بالعنف الشديد ظرفا مشددا للعقاب. وهذه النتائج حسب مقتضيات الفصل 219 من المجلة الجزائية يمكن أن تكون متعلقة بالعجز المستمر أو السقوط كما يمكن أن تكون متعلقة بالآثار البدنية للمجني عليه.

العجز المستمر أو السقوط:
قبل التعرض إلى آثار العجز المستمر أو السقوط على العقاب لابد من تحديد مدلول العجز المستمر أو السقوط.

بالرجوع إلى الفصل 219 من المجلة الجزائية نستشف أن المشرع التونسي يميّز بين السقوط والعجز المستمر إذ نص” إذا تسبب عن أنواع العنف المقررة آنفا قطع عضو من البدن أو جزء منه أو انعدام النفع به أو تشويه بالوجه أو سقوط أو عجز مستمر”.

لكن رغم هذا التمييز التشريعي بين العجز المستمر والسقوط فإن فقه القضاء قد أقصى هذه التفرقة وذلك ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر 16 مارس 1983 “العنف المتولد عنه السقوط واجب فيه تحقيق نسبية ذلك العجز نهائيا بعد الرد النهائي لا مراجعة فيه إذا أن تلك النسبة هي التي يتحقق منها مرجع النظر”[282] . لكن مقابل ذلك على المستوى الفقهي هناك من ميّز بين السقوط والعجز و اعتبر أنه رغم اعتياد القانون والأطباء على عدم التمييز بين العجز والسقوط فإن هناك من يرى التفريق بينهما معتبر أن العجز هو حالة من صيره حادث أو مرض غير قادر على العمل بصفة مؤقتة أو مستمرة سواء كان ذلك العجز جزئيا أو كاملا، وكذلك حالة من أصبح غير قادر على شيء.

أما السقوط فهو حالة من أصبحت إمكانياته في تعاطي نشاط مهني منخفضة بصفة جديّة لنقص في قدراته البدنية أو العقلية. كما أن هناك من يعتبر أن العجز يفوق السقوط ومن يعتبر السقوط أشد من العجز، فيرى أن العمل القضائي المستقر وكذلك القوانين الحديثة جرت على عدم التمييز بين المفهومين المذكورين واستعمالهما في معنى واحد[283].

وتحديد نسبة العجز المستمر له أهمية بالغة نظرا لآثار ذلك على العقاب المسلط على الجاني، فبالرجوع إلى الفصل 219 من المجلة الجزائية نلاحظ أن المشرع ميز بين درجتين لنسبة السقوط تكون الأولى في حدود العشرين بالمائة في حين تتجاوز الثانية هذه النسبة.

ففي الحالة الأولى فإن العقاب المستوجب لنسبة السقوط هو خمسة أعوام سجنا وذلك ما نص عليه الفصل 219 م.ج فقرة أولى:”إذا لم تتجاوز درجة السقوط أو العجز العشرين في المائة فالمجرم يعاقب بالسجن لمدة خمسة أعوام”[284].

وبالتالي تتخذ الجريمة وصف الجنحة وتكون من أنظار الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية.

في حين في الحالة الثانية: إذا تجاوزت نسبة السقوط العشرين بالمائة فإن العقاب المستوجب لهذه الجريمة يصبح ستة سنوات[285]. وكذلك المشرع الفرنسي جعل من الاعتداء بالعنف الشديد المفضي إلى العجز عن العمل ظرفا مشددا للعقاب على الجاني[286].

وقد تعرض المشرع كذلك إلى هذا الظرف المشدد للعقاب المتعلق بحصول سقوط أو عجز مستمر للمجني عليه صلب الفصل 224 من المجلة الجزائية المتعلق بسوء معاملة قاصر، حيث ضاعف المشرع العقاب على الجاني في صورة ما إذا نتج عن سوء المعاملة سقوط بدنيا تتجاوز نسبته العشرين في المائة[287].ومن ثمة فإن نسبة العشرين في المائة هي المعيار للزيادة في تشديد العقاب وتغيير الوصف القانوني للجريمة لتتحوّل من جنحة إلى جناية.

أما في جريمة الفرار بشخص فقد جعل المشرع من السقوط ظرفا مشددا للعقاب دون تحديد نسبته إذ الجاني الذي قام باختطاف شخص ونتج عن ذلك الاختطاف سقوط بدني أو مرض يعاقب بالسجن بقية العمر حسب مقتضيات الفصل 237 من المجلة الجزائية ” يكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا ما تم الاختطاف أو تحويل الوجهة …ونتج عن ذلك الأعمال سقوط بدنيا أو مرض”[288].

كذلك في جريمة الاعتداء على الحرية الذاتية الواردة بالفصل 251 من المجلة الجزائية إذا ما نتج عنها سقوط بدنيا أو مرض يكون العقاب المستوجب للجاني هو السجن المؤبد[289].

إلا أن تشديد المشرع العقاب على الجاني بسبب الآثار المترتبة على الجريمة لا تقف عند حدّ السقوط أو العجز المستمر للجاني إنما هذا التشديد ينسحب كذلك عند إحداث آثار بدنية للمجني عليه.

الآثار البدنية المترتبة عن الجريمة الواقعة على المجني عليه:
لقد تعرض المشرع إلى هذه الآثار صلب الفصول 219 ، 221 و 228. من المجلة الجزائية .

بالنسبة لظرف لقطع عضو من البدن أو انعدام النفع به أو تشويه بالوجه كرسه الفصل 219 من المجلة الجزائية الذي نص “إذا تسبب عن أنواع العنف المقررة آنفا قطع عضو من البدن أو جزء منه أو انعدام النفع به أو تشويه بالوجه “ حيث شدد المشرع العقاب على مرتكب هذه الجريمة إذ يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام ،وتبعا لذلك فالمشرع شدد في العقاب بالنظر إلى النتيجة الجسيمة المترتبة عن السلوك الإجرامي. لكن السؤال الذي يطرح هل أن القائمة حصرية ؟ الجواب يكون بالنفي لأن هذا الفصل غير قادر على استيعاب جميع الأضرار والتي تلحق بالمجني عليه جراء فعل العنف سواء كان ضربا أو جرحا، وكان على المشرع في هذا الفصل استعمال عبارة تفيد أن هذه القائمة على سبيل الذكر لا الحصر.

فالمشرع السوري مثلا عدد صلب المادة 543 من قانون العقوبات بعض النتائج الخطيرة المترتبة عن السلوك الإجرامي لكنه جعل الباب مفتوحا أمام أصناف أخرى من الأضرار التي قد تلحق بالمتضرر إذ نص” إذا أدى الفعل إلى قطع أو استعمال عضو أو بتر أحد الأطراف، أو إلى تعطيلها، أو تعطيل إحدى الحواس عن العمل أو تسبب في إحداث تشويه جسيم، أو أية عاهة أخرى دائمة أو لها مظهر العاهة الدائمة. عوقب المجرم بالأشغال الشاقة المؤقتة عشرة سنوات على الأكثر[290] . والمشرع الفرنسي بدوره جعل من العنف المضفي إلى أثار بدنية جسيمة على غرار قطع عضو أو سقوط أو تشويه ونص بالفصل 2-1022 من المجلة الجزائية الجديدة [291].

لكن التشويه الناجم عن العنف قد يطال الأعضاء التناسلية للمجني عليه بما يصيره خصيا أو محبوبا، وقد شدد المشرع التونسي العقاب على الجاني الذي يعتدي بالعنف على المجني عليه مما يصيره خصيا أو محبوبا، حيث يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما وذلك ما نص عليه الفصل 221 من المجلة الجزائية” يعاقب بالسجن مدة عشرين عاما مرتكب الاعتداء بما يصير الإنسان خصيا أو مجبوبا“.

لكن الآثار البدنية العالقة بجسد المجني عليه من الممكن أن تكون ناتجة عن تعرضه للاعتداء بفعل الفاحشة بدون رضاه، وهذه الآثار البدنية المترتبة عن فعل الاعتداء بالفاحشة من الممكن أن تتمثل في الجرح أو في بتر عضو أو تشويه.

بالرجوع إلى الفصل 228 من المجلة الجزائية نلاحظ أن المشرع أقر عقوبة شديدة على الجاني المعتدى بفعل الفاحشة إذا نتج عن ذلك الفعل جرح حيث يعاقب بالسجن مدى الحياة وهو ما نص عليه 228 م ج.” ويكون العقاب بالسجن المؤبد إذا سبق أو صاحب الاعتداء بفعل الفاحشة في الصورة السابقة استعمال السلاح …أو نتح عنه جرح “[292].

إلا أن ما يلفت الانتباه أن عبارة الجرح غير دقيقة إذ لا وجود لتعريف تشريعي واضح لها، وقد عرفها بعض الفقهاء على أنها “مساس بأنسجة الجسم يؤدي، إلى تمزيقها”[293] وعادة ما يكون الجرح مصحوبا بسيلان الدم وهو بذلك يختلف عن الضرب المتمثل في الضغط على أنسجة الجسم دون إراقة الدم .فالمشرع أخذ بعين الاعتبار تشديد العقاب المسلط على الجاني بالجرح دون سواه فهولم يتحدث عن الضرب أو العنف والحال أن كلاهما يلحق ضررا بالجسم[294].

نلاحظ أن المشرع في إطار الفصل 228 من المجلة الجزائية لم يستوجب أن يكون الجرح على غاية من الخطورة أو العمق أو متسببا في سقوط مستمر، وتبعا لذلك يكون الجرح البسيط كاف وحده لتشديد العقاب ليرتقي العقاب إلى السجن المؤبد.

وقد تساؤل بعض رجال القانون عن جدوى تكريس الجرح كظرف لتشديد العقاب في جريمة الاعتداء بفعل الفاحشة بدون رضا الضحية[295] . فهذه الجريمة تتم في معظم الأحيان باستعمال القوة وبالتالي فإنه من المفروض في عديد الحالات أن يكون هذا السلوك الإجرامي مصحوبا بإلحاق أضرار بجسم المجني عليه وخاصة في مكان الاعتداء ومادام الأمر كذلك فلماذا نجعل من الجرح ظرف تشديد.

وبالإضافة إلى ذلك فإن العقوبة المسلطة تتسم بالشدة مقارنة بالفصل 30-222 من المجلة الجنائية الفرنسية المستوحاة منه والتي أقرت عقابا بالسجن لمدة عشرة سنوات مع خطية[296].

ونشير أنه العقاب المقرر لهذه الجريمة لا يتسم بالتناسب مع الجريمة المرتكبة وهو ما يعتبر خرقا لأحد المبادئ التي تقوم عليها المادة الجزائية. فمثلا إذا قبل شخص فتاة عنوّة وغضّها متسببا لها في خدش بسيط بشفتيها نتج عنه تمزّق في الأنسجة وسيلان قطرة دم فإنه يكون مستهدفا للعقاب بالسجن المؤبد. وبالتالي فان العقاب المنصوص عليه بالفصل 228 لا يتناسب إطلاقا مع الجريمة المرتكبة فيما يتعلق بظرف التشديد المأخوذ من الجرح.كما أن المشرع اقر عقوبة مشددة للجاني الذي يعتدي بفعل الفاحشة وينتج عن ذلك الفعل بتر عضو أو تشويه حيث يعاقب بالسجن مدى الحياة وذلك ما اقتضاه الفصل 228 من المجلة الجزائية ” ويكون العقاب بالسجن المؤبد إذا سبق أو صاحب الاعتداء بفعل الفاحشة في الصورة السابقة بتر عضو أو تشويه”[297].

وعليه يمكن القول أن العقاب المنصوص عليه بالفصل 228 سالف الذكر يتسم بالشدة مقارنة بالعقوبة المقررة بالفصل 219 من نفس المجلة فيما يتعلق بظرف التشديد المتصل ببتر عضو أو التشويه يعني صورة الاعتداء بالعنف فإن العقوبة تكون خمسة سنوات سجنا، في حين أنه بالنسبة لجريمة الاعتداء بالفاحشة فإن العقوبة تصل إلى السجن المؤبد.

وما نشير إليه في إطار تحليلنا لظروف التشديد الوارد بالفصل 228 من المجلة الجزائية أن المشرع سوى بين الجرح ولو كان بسيط وبين بتر عضو أو تشويه و اعتبر العقاب واحد والحال أنه يوجد فرق واضح بين هذه الظروف.

نتحصحص مما سبق بيانه أن المشرع شدد العقاب على الجاني بسبب النتائج المرتبة عن الاعتداء بالعنف الشديد وكذلك بسبب الاعتداء بالفاحشة. إلا أنه جعل كذلك من الاعتداء بالعنف المفضي إلى الوفاة ظرفا مشددا للعقاب على الجاني.

الفقرة الثانية: جريمة الاعتداء بالعنف المفضي إلى الموت:

لقد جعل المشرع التونسي من جريمة الاعتداء بالعنف و الإهمال والتعدي على الحرية الذاتية والفرار بشخص المفضي إلى الموت ظرف مشدد للعقاب على الجاني، لكن قبل إبراز مظاهر التشديد في هذه الجرائم لابد من تعرف العلاقة السببية بين فعل الاعتداء ووفاة المجني عليه.

العلاقة السببية بين فعل الاعتداء ووفاة المجني عليه:
إن تعرض المجني عليه للاعتداء الذي أدى إلى وفاته ليس وحده كفيلا بتشديد العقاب المسلط على الجاني بل يجب أن تتوفر رابطة سببية بين الفعل المجرم الصادر عن الجاني وحصول وفاة المجني عليه.

ونلاحظ أن العلاقة السببية لا تثير واقعيا في بعض الأحيان مشكلا إذا ما كان حصول النتيجة ملتصق زمنيا مع ارتكاب السلوك الإجرامي الواحد، فكلما كان السلوك واحد كان الفاصل الزمني بينهما قصير إلا وتقلص مشكل العلاقة السببية إلى حدّ الانتفاء ،وتبعا لذلك تعد الرابطة السببية قائمة لا تشوبها شائبة وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قرارها الصادر 29 جانفي 1975 “تعتبر رابطة قائمة ولا تشوبها شائبة متى أثبت الاختبار الطبي أن الموت ناتج عن نزيف دموي من أثر الجرح الذي أصيب به الرأس”[298] .

وبالرجوع إلى المجلة الجزائية نلاحظ أن الفصول المنظمة لجرائم الاعتداء على الأشخاص المفضي إلى الوفاة تستوجب توفر رابطة سببية بين السلوك الإجرامي وحصول الوفاة وذلك من خلال العبارات المستعملة، ففي الفصل 208 من المجلة الجزائية المتعلق بجريمة الاعتداء بالعنف الناجم عنه الموت استعمله “الذي نتج عنه الموت“.

وهي نفس العبارة المستعملة بالفصول 213-215-221-237-251 و 307 من المجلة الجزائية [299]والفصل 30 من قانون 10 ديسمبر 2003.

وفقه القضاء أكد على ضرورة توفر هذه الرابطة السببية وهو ما أقرته محكمة التعقيب في قراراها الصادر بتاريخ 14 أكتوبر 1981 .”إن جريمة الجرح والضرب الناشئ عنه موت المنصوص عليها بالفصل 208 ق ج لا تنهض قانونا إلا بتوفير عدة أركان من بينها، يجب أن تقوم بين الضرب الصادر عن الجاني وموت المجني عليه رابطة السببية وبالتالي يجب أن يثبت أن موت المجني عليه قد حصل نتيجة للضرب المنسوب للجاني مباشرة”[300].

لكن مسألة الرابطة السببية في الاعتداء والوفاة ليست مسألة على غاية من السهولة لأنه في بعض الأحيان يقع تداخل بين السلوك الإجرامي مع عامل أو أكثر فيصعب بالتالي معرفة السبب الذي أدى إلى حصول الوفاة خاصة أمام غياب حل تشريعي واضح. كما أن القضاء التونسي لم يستقر على نظرية واحدة فمحكمة التعقيب ولئن كانت تحرس على التثبت من وجود العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة وتراقب مدى قيام هذه الرابطة السببية فإنها لا تحدد معيارا واضحا لوجودها بل تترك لمحكمة الموضوع إظهار هذه الرابطة وهو ما قررته في قرارها الصادر في 14 جويلية 1982، “جريمة العنف الشديد المتولد عنه الموت الفصل 208 توجب في الحكم إظهار الرابطة السببية بين صدور ذلك العنف عن المتهم و ارتباط الموت بذلك العنف وتقصي ذلك من ظروف القضية وإبراز وجدان المحكمة فيه عن يقين مأخوذ مما له أصل صحيح بالملف. فالحكم على المتهم طبق الفصل 208 المذكور دون إبراز تلك العناصر فيه بصفة جلية فإن الحكم يكون قاصر التسبب مما يعرضه للنقض”[301] .

كذلك مسألة ضرورة توافر الرابطة السببية بين الاعتداء والوفاة يطرح بعض الإشكاليات في صورة تعدد الجناة، مثلا إذا قام عدة أشخاص بالاعتداء بالعنف على شخص وأدى ذلك الاعتداء إلى وفاة هذا الأخير. فهل ستقع مساءلتهم جميعا على أساس فاعلين أصليين أم أنه يجب تحديد الإصابة التي أدت إلى وفاة المجني عليه؟

لقد أجاب فقه القضاء التونسي على هذا الإشكال في قرار صادر عن محكمة التعقيب في 28 مارس 1981” إذا تعاون عدة أشخاص على إزهاق نفس بشرية بواسطة الضرب المبرح بدون قصد القتل ولم يتوصل إلى معرفة من منهم صدرت عنه الإصابة القاتلة فإنهم يعتبرون فاعلين أصليين ويعاقبون طبق الفصل 208 من المجلة الجنائية”[302] .

وهذا التوجه أقرته محكمة النقض المصرية إذ اعتبرت أنه إذا ثبت أن الوفاة نشأت عن مجموع الضربات التي وقعت على المجني عليه فيعد كل ضاربا مسؤولا عن جناية الضرب الذي أفضى إلى الموت. لمساهمة ضرباته في إحداث هذه النتيجة”[303].

وبقطع النظر عن هذه الإشكاليات القانونية فإنه متى ثبتت الرابطة السببية بين السلوك الإجرامي وحصول الوفاة فإن العقاب سيكون مشددا.

ب- تشديد العقاب بموجب الاعتداء المفضي إلى الوفاة:

عندما تتوفر الرابطة السببية بين الفعل المجرم وحصول الوفاة فإن ذلك سيؤدي إلى تشديد العقاب على الجنائي أو الجناة.

ففي جريمة الاعتداء بالعنف المفضي إلى الوفاة الواردة بالفصل 208 من المجلة الجزائية فالعقاب المقرر لمرتكب هذه الجريمة هو عشرين عاما سجنا[304] .كذلك المشرع الفرنسي جعل من جريمة الاعتداء بالعنف الشديد الذي ينجم عنه وفاة المجني عليه ظرفا مشدد للعقاب على الجاني بالفصل -7222[305]. كذلك في إطار جريمة إهمال قاصر شدد المشرع العقاب على الجاني الذي انجر عن إهماله للطفل وفاته إذ يرفع العقاب إلى اثنى عشر عاما[306].

كما أقر المشرع صورة أخرى لتشديد العقاب المسلط على المذنب في الحالة التي يحصل فيها وفاة المجني عليه وذلك في الفصل 215 من م ج .حيث يكون العقاب بالسجن بقية العمر إذا نتج عن ذلك موت[307] .

وما يمكن أن نلاحظه بخصوص هذا النص القانوني هو أن محكمة التعقيب تشترط توفر ثلاثة أركان لهذه الجريمة وهو ما قررته في قرار صادر عنها 27 فيفري 1940.

أولا فعل مادي وهو إعطاء مواد.

ثانيا: أن تكون تلك المواد خطرة.

ثالثا: أن يكون للفاعل نيّة سيّئة أي أنه يعلم أن هذه المادة لها صبغة خطرة[308] .

كذلك الشأن شدد المشرع العقاب على الجاني في جريمة الاعتداء على شخص الذي صيّره خصيا أو مجبوبا إذ يكون حسب الفصل 221 من المجلة الجزائية مستوجب للعقاب بقية العمر إذ نتج عن ذلك وفاة[309] كذلك يكون ظرف حصول الوفاة موجبا لتسليط عقوبة الإعدام على مرتكب جريمة الفرار بشخص وذلك ما اقتضاه الفصل 237 من المجلة الجزائية، ويكون العقاب في هذه الجرائم الإعدام إذا ما صاحبها أو تبعها موت”[310].

كذلك في جريمة التعدي على الحرية الذاتية الواردة بالفصل 251 من المجلة الجزائية فإن ترتب عنها موت الضحية فإن الجاني يعاقب بعقوبة الإعدام وهو ما نص عليه الفصل سالف الذكر ويكون العقاب المستوجب لهذه الجرائم الإعدام إذا ما صحبها أو تبعها موت[311].

كذلك المشرع شدد العقاب على الجاني في جريمة الحريق إذا نتج عن الحريق وفاة إذ يكون الجاني مستوجب لعقوبة الإعدام وهو ما نص عليه الفصل 307 من المجلة الجزائية ” ويكون العقاب بالإعدام إذا نتج عن الحريق موت”[312].

كما كرّس المشرع تشديد العقاب على الجاني بسبب الاعتداء الناجم عنه الوفاة خارج المجلة الجزائية إذ تعرض إلى هذه الجريمة بقانون 10 ديسمبر 2003 إذ نص على هذا الظرف المشدد بالفصل 30 من القانون سالف الذكر إذ شدد العقاب على مرتكب الجريمة إذ نتج عنها وفاة حيث يكون مستوجب لأقصى العقوبة المستوجبة للجريمة[313].

كما أن المشرع جعل من جريمة إدخال الأشخاص أو إخراجهم من التراب التونسي خلسة ظرفا مشدد للعقاب على الجاني إذ نتج عن هذه الجريمة وفاة وهو ما أقره الفصل 44 من قانون 3 فيفري 2004“ويكون العقاب بالسجن مدة عشرين عاما وبخطية قدرها ألف دينار إذ نتج عن الجريمة وفاة وما تجدر ملاحظته أن المشرع التونسي بالمجلة الجزائية راوح في العقوبة بين السجن لمدة عشرين عاما والسجن بقية العمر والإعدام بالنسبة لمرتكب إحدى جرائم الاعتداء على الأشخاص وذلك بالنظر لاقترانها بظرف مشدد وهو حصول وفاة المجني عليه.

إلاّ أن هذه المراوحة في العقوبة تثير بعض الاستغراب إذ أن النتيجة الحاصلة في مختلف هذه الجرائم واحدة وهي وفاة الشخص المعتدى عليه، وبالتالي حرمان هذا الأخير من أبرز حق من حقوقه وهو حقه في الحياة وحسب اعتقادنا فإن حماية هذا الحق وتدعيمه يستوجب تسليط أقصى العقوبات مهما كانت درجة خطورة السلوك الإجرامي.

كما أن المشرع كرّس تشديد العقاب على الجاني بموجب جسامة النتائج المترتبة عن فعله الإجرامي في جريمة الإضرار بملك الغير.

الفقرة الثالثة: جريمة الإضرار بملك الغير:

لقد جعل المشرع جريمة الإضرار بملك الغير ظرفا تشديد للعقاب على مرتكب هذه الجريمة لكن قبل التعرض للعقاب المستوجب لهذه الجريمة ب لابد من تحديد أركانها أ.

أركان جريمة الإضرار بملك الغير:
تستوجب جريمة الإضرار بملك الغير توفر بعض الأركان التي بدونها لا يمكن الحديث عن جريمة الإضرار بملك الغير وأول ركن لهذه الجريمة.

أولا: أن يكون المال موضوع الضرر ملك للغير.

يعد ملكية الغير للمال موضوع الضرر ركن أساسي وجوهري في جريمة الاعتداء على ملك الغير ذلك لما تفترضه جرائم الإضرار من اعتداء على حق الملكية وهو اعتداء لا يتصور ما لم يترتب الفعل عن مال مملوك لغير مرتكبه.

وقد ذهبت محكمة التعقيب في هذا الاتجاه في قرارها الصادر في 16 مارس 1983 “الإضرار بملك الغير يستدعي وجوبا ثبوت أن ذلك الغير يملك الأرض المدعي الإضرار بها فمن أدعى ذلك بلا سند وعارضه المتهم بأن الأرض له وتصرف فيها بما دعته الحاجة لذلك. فإن محاكمة المتهم بموجب اعترافه بالهدم دون البحث وراء ما يثبت منه ملكية الشاكي للأرض ويكون به الحكم مخالفا لمقتضيات الفصل 304 ويستوجب النقض”[314] .

إلا أن جريمة الاعتداء على ملك الغير تستوجب أيضا ركنا ثانيا.

ثانيا: حصول الضرر لملك الغير من جراء الاعتداء الواقع عليه.

إلى جانب ركن مليكة المال موضوع الاعتداء للغير يجب كذلك لقيام هذه الجريمة أن يكون هذا المال موضوع الاعتداء قد حصل له ضرر، وركن الضرر الحاصل لملك الغير نص عليه فقه القضاء التونسي في قرار جناحي صادر في 11 جويلية 1933 :”إن التهمة المنصوص عليها بالفصل 304 من المجلة الجنائية تتعلق بالأضرار الواقعة لما هو على ملك الغير من عقار ومنقول عمدا بفعل فاعل وإن هذا النص لا يتعلق بالإضرار الواقعة بالحيوانات“[315].

كما أن جريمة الإضرار بملك الغير تستوجب لقيامها ركنا ثالث وهو القصد الجنائي لدى المعتدي وهو ما أقرته محكمة في قرارها الصادر في 31 أكتوبر 1989″ يؤخذ من نفس الفصل 304 من المجلة الجنائية أن جريمة الإضرار بملك الغير لا تتكون إلا بثبوت قصد الإضرار وأن إحداث الضرر كان لملك الغير”[316].

نتحصحص مما سبق بيانه أن جريمة الإضرار بملك الغير تستدعي لقيامها توفر ثلاث أركان مجتمعة في غياب أحدهما لا يمكن الحديث عن جريمة الإضرار بملك الغير وعند توفر أركان الجريمة فإن المشرع رصد لها عقوبة جزائية.

عقوبة الإضرار بملك الغير:
لقد وضع المشرع عقوبة صارمة للجاني الذي يلحق أضرار بملك غيره وذلك بالفصل 304 من المجلة الجزائية. الذي ينص ” من يتعمد بغير وسيلة الانفجار أو الحريق إلحاق الضرر بما يملكه غيره من العقار أو المنقول يعاقب بالسجن مدة ثلاث سنوات وبخطية قدرها ألف دينار .

وإذا كانت المفاسد قاضية بصيرورة صحة الشيء أو وجوده في خطر فالعقاب يكون بالسجن خمسة سنوات وخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار”[317].

نلاحظ أن المشرع من خلال هذا النص القانوني جعل العقوبة المستوجبة لجريمة الاعتداء على ملك الغير متراوحة بين ثلاثة سنوات وعشرين سنة في صورة الاعتداء بالمتفجرات بل حتى الإعدام في صورة ترتب عن الاعتداء وفاة شخص، أما العقوبات المالية فتعد بدورها مشددة إذ تتراوح بين ألف دينار وثلاث آلاف دينار. ولعلّ هذا الشديد يجد تفسيره في حرص المشرع في الحفاظ على القيمة الاقتصادية للعقارات التي على ملك الغير وذلك بالضرب على أيادي من يسمحون لأنفسهم إلحاق الضرر بمكاسب غيرهم.

إلا أن هذه العقوبات الواردة بالفصل 304 من المجلة الجزائية يشوبها بعض الغموض المتمثلة في كون المشرع لم يأخذ بعين الاعتبار قيمة الشيء، لا قيمة الضرر لتسليط العقوبة ذلك أن الفصل 304 قد سوى في التجريم والعقاب بين الأشياء ذات القيمة المالية الهامة والأشياء البسيطة.

كما أن المشرع تعرض في إطار الفصل 304 م.ج إلى نوعين من العقوبات عقوبة ثلاثة سنوات سجنا وخطية قدرها ألف دينار في صورة إلحاق الضرر بملك الغير.

وعقوبة خمس سنوات سجنا وخطية قدرها ثلاثة آلاف دينار في صورة جعل الشيء الواقع عليه الإتلاف خطر. ومن هنا نلاحظ أن المشرع اعتمد في تقديره للعقوبة على قيمة الضرر الناجم عن الاعتداء ولكن مع ذلك يبقى المشرع غير دقيق فصيرورة صحة الشيء في خطر تعبير مبهم، ولا يوقفنا على مقصد المشرع الحقيقي. فهل يعني به إتلاف الشيء أو إلحاق أضرار جسيمة به، إلى درجة تهدد صحته ووجوده.

ويمكن القول بأن المشرع قد اعتبر أنه كلما تعلق الأمر بأضرار جسيمة متولدة عن فعل الاعتداء إتلاف تنطبق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 304من المجلة الجزائية ، أما إذا كانت الأضرار بسيطة تنطبق أحكام الفقرة الأولى من الفصل 304.

نستنتج مما سبق بيانه أن الظروف الموضوعية التي كرسها المشرع التونسي لتشديد العقاب على الجاني أو الجناة سواء داخل المجلة الجزائية أو خارجها متعددة ومتنوعة فهذه الظروف المشددة للعقاب منها ما هو متعلق بمكان وزمان تنفيذ الجريمة على غرار تنفيذ الجريمة بمكان معد للسكنى أو تنفيذ الجريمة في الليل. كذلك الظروف المشددة لارتكاب الجريمة التي أقرها المشرع تتصل بوسائل تنفيذ الجريمة على غرار التسور والخلع واستعمال مفاتيح مستعملة وكذلك استعمال آلة انفجارية.

كذلك الظروف الموضوعية المشددة للعقاب التي أقرها المشرع تتصل بخطورة الجريمة على غرار جرائم الاعتداء على أمن الدولة والجريمة المنظمة كذلك هذه الظروف الموضوعية المتعلقة بتشديد تتعلق بالنتائج المترتبة عن السلوك الإجرامي على غرار جرائم الاعتداء بالعنف المفضي الموت أو إحداث سقوط أو عجز مستمر أو إحداث أضرار لملك الغير.

الخــــــــاتمة

إذا كانت ظروف التخفيف تخضع إلى السلطة التقديرية للقاضي إذا توفرت أسباب التخفيف إذ ينزل القاضي بالعقوبة من النوع الأشد إلى النوع الأخف فإن الأمر على خلاف ذلك في تشديد العقوبة. حيث أن القاضي لا يملك الحرية التي خولها له إياها المشرع بالفصل 53 من المجلة الجزائية أي لا يملك سلطة تقديرية في تشديد العقوبة، إذ لا يمكنه أن يرفع العقوبة من نوع الأخف إلى النوع الأشد إلا إذا كان هنالك نص قانوني سابق الوضع ينص على تشديد العقاب صراحة وذلك عملا بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المقرة بالفصل 13 من الدستور المنقح بالقانون عدد 1 لسنة 2001 في 1 جوان 2002 الذي ينص ” العقوبة شخصية ولا تكون إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع عدا حالة النص الأرفق “.

كما أن هذا المبدأ أقره المشرع بالفصل الأول من المجلة الجزائية” لا يعاقب أحد إلا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع لكن إذا وضع قانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره.”

وتبعا لذلك فإن تشديد العقاب على الجانب لا يكون إلا بنص قانوني سابق الوضع وهو ما يمثل ضمان للجناة

وظروف التشديد العامة المقصود بها الأسباب المشددة العامة التي يشمل نطاقها كافة الجرائم.والمشرع التونسي على غرار المشرع المصري كرس ظرف تشديد عام وحيد وهو العود الذي نظم المشرع أحكامه بالفصول من 47 إلى 52 [1] .

والعود ينقسم إلى قسمان عود عام ينطبق على كافة الجرائم دون استثناء كلما توفرت شروطه كيفما تعرضنا له بالتحليل في الفصل الأول من الجزء الأول . ومن أهم أثاره تشديد العقاب على الجانب إذ يرتفع الحد الأدنى للمقر للجريمة إلى حدها الأقصى والحد الأقصى يضاعف على معنى الفصل 50 من المجلة الجزائية[2]. أما النوع الثاني من العود يطلق عليه عود خاص لأنه يختلف عن العود العام من حيث شروطه ومن حيث أثاره.

فمن حيث شروط العود الخاص يستوجب التماثل بين الجريمة الأولى التي عوقب من أجلها الجاني بحكم بات والجريمة الجديدة التي ارتكبها على غرار جريمة العود إلى السكر. وجرائم القتل على وجه الخطأ و الجرح على وجه الخطأ و الجرائم و جرائم الغابات …

أما من حيث الآثار فإن العود الخاص يخالف القاعدة العامة لتشديد العقاب في صورة العود الواردة بالفصل 50 من المجلة الجزائية…

أما ظروف التشديد الخاصة فتنقسم بدورها إلى قسمين ظروف شخصية وظروف عينية موضوعية.

فالظروف الشخصية هي الظروف التي تعني ازدياد خطورة الإثم أو ازدياد خطورة الشخصية الإجرامية. ومثالها سبق الإصرار في جرائم القتل والجرح كذلك توفر صفة معينة في جانب الجاني على غرار الموظف العمومي و صفة الخادم في جريمة السرقة وهتك العرض وصفقة الطبيب أو الجراح والمعلم…

كذلك صفة المجني عليه كأن يكون موظف عمومي أو يكون أصل للفرع المعتدي في جرائم القتل والاعتداء بالفاحشة على معنى الفصل 228 و 228 مكرر.

أما الظروف العينية المشددة فهي ظروف تتعلق بالجانب المادي للجريمة مما يعني تحققه على نحو يزيد من جسامته سواء أكان اتصال بالفعل أم بالنتيجة الإجرامية ،فإن تعلقت بالفعل فهي تفترض ارتكابه على نحو يجعله أكثر خطورة تزيد من جسامته كاستعمال الإكراه في السرقة، وقد ترجع هذه الخطورة إلى ارتكابه في مكان معين كالسرقة من مكان مسكون أو محل عبادة أو ارتكابه في زمن معين كالسرقة ليلا.

وقد تتصل بالنتيجة الإجرامية وتفترض جسامة الأذى الذي أحدثه الفعل مثال حدوث الموت أو العاهة المستديمة أو المرض أو العجز عن القيام بالأعمال الشخصية كأثر لفعل الجرح أو الضرب.

[1] الفصل 202 من م .ج

[2] Art 132-72 Nouveau code pénal français la préméditation est la dessein formé avant l’action de commettre un crime ou un délit déterminé

[3] عمرو عيسى الفقي ، الوجيز في جرائم القتل العمدي 2001 ،دار الكتب القانونية –مصر- المجلة الكبرى ص 56 .

[4] محمد زكي أبو عامر وسليمان عبد المنعم ،قانون العقوبات الخاص منشورات الحلبي الحقوقية ، ص 303

[5] قرار تعقيبي جزائي عدد 63785 مؤرخ في 28 ديسمبر 1994 ن .م .ت.ق .ج عدد 1 لسنة.1994

قرار تعقيبي مؤرخ عدد 3466 مؤرخ في 10نوفمبر 1965 ن.م .ت.ق .ج .ق .ج .عدد 1 لسنة 1965 ص 142

[6] J .P radel , Droit pénal général 8 éme édition 1992 éd cujas p213

[7] محمد الهادي بن عبد الله ، جرائم الاعتداء على الأشخاص وعلى الأموال، مرجع سابق ،ص 83

[8] السيد حسن البغال، الظروف المخففة والمشددة للعقاب، مرجع سابق ص 131

[9] السيد حسن البغال ، الظروف المشددة والمخففة للعقاب ،مرجع سابق ص 114

[10] قرار تعقيبي جزائي عدد 3548 مؤرخ في 20 أكتوبر 2005 ن .م. ت .ق .ج لسنة 2005 ص 172

[11] رضا خماخم ، المجلة الجزائية معلق عليها ، مرجع سابق ص 256

[12] قرار تعقبي جزائي عدد 100132 مؤرخ في 11 ديسمبر 1998 ن.م. ت.ق .ج لسنة 1998 ص 217

قرار تعقبي جزائي عدد 3548 مؤرخ في 20 أكتوبر 2005 ن .م .ت .ق .ج لسنة 2005 ص 172

[13] جلال ثروت ، جرائم الاعتداء على الأشخاص ، نظم القسم الخاص الجزء الأول ، المكتب المصري الحديث لطباعة و النشر 1971، ص 222

[14] قرار تعقيبي جزائي عدد 1816 مؤرخ في 21 أفريل 1963 ن .م. ت .ق .ج لسنة 1963.ص 101

قرار تعقيبي جزائي عدد 64977 مؤرخ في 30 جانفي 1995 ن .م. ت .ق .ج لسنة 1995 ص 94

[15] رضا خماخم ،المجلة الجزائية معلق عليها، مرجع سابق ص 256

[16] قرار تعقيبي جزائي عدد 100132 مؤرخ في 11 ديسمبر 1998 ن .م .ت .ق .ج لسنة 1998 ص 217

[17] السيد حسن البغال، الظروف المشددة والمخففة للعقاب ، مرجع سابق ص 122

[18] عمرو عيسى الفقى، الوجيز في جرائم القتل العمد، مرجع سابق ص 58

[19] Michel Véron , Droit pénal spécial 7éme édition mise ajour janvier 1999 p 25

[20] جلال ثروت ، جرائم الاعتداء على الأشخاص، نظم القسم الخاص، الجزء الأول ، مرجع سابق ص 239

[21] عمرو عسى الفقى ،الوجيز في جرائم القتل العمد، مرجع سابق ص 60

[22] Michèle –Laure Rassat . Droit pénal spécial infraction des et contre particuliers 4 édition 2004 Dalloz p 30

[23] قرار تعقبيي جزائي عدد 844 مؤرخ في 7 أفريل 1976 ن. م .ت .ق .ج عدد 1 لسنة 1977 .ص 90

قرار تعقيبي جزائي عدد 9817 مؤرخ في 6 جوان 1973 ن. م. ت.ق .ج عدد 1 لسنة 1973 .ص 21

قرار تعقيبي جزائي 1021 مؤرخ في 19 جويلية 1976 ن .م .ت. ق .ج عدد 1 لسنة 1976

قرار تعقيبي جزائي عدد 1711 مؤرخ في 20 أفريل 1977 ن. م. ت. ق .ج لسنة 1977

[24] رضا خماخم ، المجلة الجزائية معلق عليها ،مرجع سابق ص275

[25] قرار تعقيبي جزائي عدد 10573 مؤرخ في 29 جانفى 1975 .ن .م .ت . ق .ج . عدد 1 لسنة 1975 ص 74

[26] رضا خماخم ، المجلة الجزائية معلق عليها، مرجع سابق ص274

[27] السيد حسن البغال الظروف المشددة و المخففة للعقاب ،مرجع سابق ص 174
[28] Alice Gotopoulos .Maramgo Poulos Les mobiles des délit étude de criminologie et droit pénal paris 1973 –p13

[29] أحمد عبد العزيز الألفي، شرح قانون العقوبات الليبي القسم العام المكتب السعودي الحديث للطباعة و النشر الاستمرارية ،1969 ص 399

[30] جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية الجزء الخامس عقوبة القتل والضرب والجرح، مرجع سابق ص 707

[31] قرار تعقيبي جزائي عدد 3834 مؤرخ في 10 مارس 1965 ن .م .ت .ق .ج لسنة 1965 ص 88 -89

[32] فرج القصير، القانون الجنائي العام ،مرجع سابق ص 126

[33] الدكتور عبد الحميد الشورابى، ظروف الجريمة المشددة المخففة للعقاب دار المطبوعات الجامعية 1985 ،ص204

[34] أسماء الغربي، العناصر المعتبر في في تقدير العقاب ،مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الإجرامية كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس لسنة 2004-2005 ص 39

[35] G .Levasseur et Doucet , Le Droit pénal appliqué éd cujas 19 rue cujas paris p148

[36] G . Guillaume et G . Levasseur , Terrorisme internationale ,éd pedonne 1976-1977 p 62

[37] عدنان الخطيب، موجز القانون الجزائي، مرجع سابق ص699

[38] J.P..Doucet , Précis de droit pénal général,p 247

[39] الفصل الأول من القانون عدد 112 لسنة 1983 ، مؤرخ في 12 ديسمبر 1983 يتعلق بضبط النظام الأساسي العام لأعوان الدولة و الجماعات العمومية و المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية .

[40] الفصل 82 من المجلة الجزائية نقح بالقانون عدد 33 لسنة ،1998 المؤرخ في 23 ماي 1998 .

[41] الفصل 83 من م. ج

[42] Valérie .Malabat, Droit pénal spécial 2002 Dalloz p 354

[43] رضا خماخم، المجلة الجزائية معلق علها مرجع سابق 2007 ص 159 .

[44] الفصول 88. 89. 90. من م .ج

[45] Patrice, Gattegno, Droit pénal spécial .5 édition 2003 Dalloz p 340

[46] الفصل 99 من. م .ج

[47] الفصل 95 من. م .ج

[48] الفصل 96 من. م .ج

[49] الفصل 87 من م .ج

[50] Art 432 .432-2 . Nouveau code pénal français

[51] الفصل 100 من.م .ج

[52] قرار تعقيبي عدد 98173 مؤرخ في 10 ديسمبر 1998 م. ق.ت .جويلية 1998 ،ص 187

[53] Patrice, Gattegno, Droit pénal spécial op. .cit. p. 379

– Valérie .Malabat .D roit pénal spécial . op. .cit. .p 381

[54] الفصول 101 .101 مكرر .و103 من م .ج

[55] قرار تعقيبي جزائي عدد 6647 مؤرخ في 23 أفريل 1969 ن. م .ت. ق.ج لعام 1969 ص 137

[56] Michel ,Véron, Droit pénal spécial op. .cit. p 282.283.284

[57] الفصول 101.101.مكرر و 103 من . م .ج

[58] قرار تعقيبي جزائي عدد 4960 مؤرخ في 16 جانفي 1967 ن .م. ت .ق ج .عدد 1 لسنة 1967 ص 79

[59] الفصل 229 من .م .ج

[60] الدكتور عبد الحميد الشورابي، الظروف المشددة و المخففة للعقاب مرجع سابق ص 214

[61] الفصل 214 من .م .ج

[62] الفصل 214 فقرة ثانية من .م .ج

[63] الفصل 214 فقرة أولى من. م .ج

[64] آمال المسعودي، الإجهاض وحق الجنين في الحياة مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الإجرامية كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس لسنة 1997-1998 ص36

[65] الدكتور محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال في قانون العقوبات اللبناني دراسة مقارنة، دار النهضة العربية للطباعة و النشر ص 133.

[66] الدكتور محمود نجيب حسني ، جرائم الاعتداء علي الأموال في قانون العقوبات اللبناني، مرجع سابق ص 134

[67] الدكتور جندي عبد الملك ، الموسوعة الجنائية الجزء الرابع، رشوة ظروف الجريمة دار إحياء التراث العربية بيروت لبنان، ص 80

[68] الدكتور محمد صبحي نجم ، قانون العقوبات القسم الخاص 2001 ص 142

[69] جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية الجزء الرابع رشوة ظروف الجريمة مرجع سابق ص 317

[70] ليلى بالحاج، ظروف التشديد في السرقة ، مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعقمة في العلوم الجنائية كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس سنة 1998 -1999 ص 19

[71] Art 386 Code Pénal français « si le voleur…un individu travaillant habituellement dans l’habitation ou ila volé

[72] E.Garcon .code pénal annoté T1 p 1213

[73] انظر الفصول 227مكرر و228 و228 مكرر من .م .ج

[74] الفصل 263 من .م .ج

[75] جندي عبد الملك ، الجزء الرابع رشوة ظروف الجريمة ، مرجع سابق ص 285

[76] الفصل 67 من مجلة المرافعات و العقوبات العسكرية

[77] الفصل 274 من .م .ج

[78] الفصل 203 من م . ج

[79] محمد الهادي بن عبد الله ، جرائم الاعتداء على الأموال وعلى الأشخاص، مرجع سابق ص89

[80] جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية الجزء الخامس،مرجع سابق ص 712

[81] الدكتور محمد زكي أبو عامر و الدكتور سليمان عبد المنعم، قانون العقوبات الخاص مرجع سابق 203

محمد الفاضل، الجرائم الواقعة على الأشخاص الطبعة الرابعة منشورات وزارة الثقافة، ص385

[82] الفصل 218 من .م .ج

[83] جندي عبد الملك ،الموسوعة الجنائية الجزء الخامس، مرجع سابق ص 788

[84] السيد حسن البغال، الظروف المشددة و المخففة في العقاب، مرجع سابق ص 192

جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية الجزء الخامس مرجع سابق، ص 787 . 788

[85] الفصل212 من .م .ج

[86] الفصل 218 من .م .ج

[87] الفصل 233 من م .ج

[88] الفصل 155 من م .ج

[89] الفصل 297 من م .ج

[90] قرار تعقيبي جزائي عدد 30116 مؤرخ في 9 جانفي 1989 ن. م. ت . ق.ج عدد 1 لسنة 1989 ص 132

قرار تعقيبي جزائي عدد 74184 مؤرخ في 24 أفريل 1996 ن. م. ت .ق .ج .عدد 1 لسنة 1996 ص 209

[91] الفصل 576 من المجلة التجارية

[92] الفصل 9 من أمر 18 جويلية 1957

[93] قرار تعقيبي جزائي عدد 12606 مؤرخ في 10 جويلية 1985 م . ق . ت . لسنة 1986 ص 101

[94] الفصل 212 من م . ج

[95] الفصل 301 فقرة ثانية من .م .ج

[96]لفصل 233 فقرة رابعة من .م .ج

[97] قرار تعقيبي عدد 788 مؤرخ في 18 فيفري 1930 م. ق. ت .عدد 3 لسنة 1963 ص 82

قرار تعقيبي عدد 19942 مؤرخ في 3 نوفمبر 1986 ن. م. ت . ق. ج عدد 1 لسنة 1987 ص 311

[98] جندي عبد الملك .الموسوعة الجنائية الجزء الثالث، دار العلم للجميع بيروت ص 639

[99] قرار تعقيبي جزائي عدد 19942 مؤرخ في 3 نوفمبر 1986 ن.م. ت .ق .ج لسنة 1987 ص 311

[100] قرار تعقيبي جزائي عدد 9397 مؤرخ في 14 ديسمبر 1974 ن .م.ت عدد 1 لسنة 1974 ص 178

[101] Nejie Baccouche , la protection de l’autorité publique dans le code pénal tunisien C.R .E .A. P 100

[102] الفصل 127 فقرة أولى من م . ج

[103] الفصل 127 فقرة ثانية من م .ج

[104] الفصل 125 من م . ج

[105] قرار تعقيبي جزائي عدد 11131 مؤرخ في 26 جانفي 1976 ن. م. ت .ق .ج .عدد 1 لسنة 1976 ،ص 102

[106] الفصل 237 من المجلة الجزائية ينص ” يعاقب بالسجن عشرة أعوام كل من يختطف شخص أو يجره أو يحول وجهته أو ينقله أو يعمل على جره أو تحويل وجهته أو نقله من المكان الذي كان به وذلك باستعمال الحيلة أو العنف أو التهديد .

ويرفع العقاب إلي عشرين عما إذا كان المختطف أو الواقع تحويل وجهته موظفا عموميا أو في السلك الدبلوماسي أو القنصلي أو فردا من أفراد عائلتهم أو طفلا سنه دون الثمانية عشر عاما

[107] الفصل 251 من م ج

[108] الفصل 53 من مجلة الصحافة

[109] الفصل 51 من. مجلة الصحافة

[110] الفصل 54 من. مجلة الصحافة

[111] Code .Pénal ,annoté 2éme éd art 332-n°13 E ,Garcon ,

[112] الأستاذ عبد الله الأحمدي ، مرجع سابق ص21

[113] رضا خماخم، مجلة جزائية معلق عليها مرجع سابق ص 317

[114] قرار تعقيبي جزائي عدد 6362 مؤرخ في 23 جوان 1969 ن. م. ت لسنة 1969 ص 117

[115] Valérie . Malabat .Droit pénal spécial op. .cit. p 112 .113

Les .A rt . 222-27 a 222-30 Nouveau code pénal français

[116] رضا خماخم مرجع سابق ص 322

[117] رضا خماخم مرجع سابق ص 322

[118] رضا خماخم . أطروحة دكتورة دولة الطفل والقانون الجزائي ، كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس لسنة 2006-20007 ص 123

[119] قرار تعقيبي جزائي عدد 6417 مرخ في 16 جوان 1969 ن. م.ت لسنة 1969 ص 175

[120] الفصل 228 من م .ج

[121] هدى جبالية حرم الخميسي ، حماية القاصر في الجرائم الأخلاقية مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الإجرام لسنة 1999-2000 كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ص 19

[122] الفصل 228 مكرر من .م .ج

[123] الفصل 268 من قانون العقوبات المصري

[124] Patrice .Gattegno . Droit pénal . spécial . op. . cit. p 91

Michèle . Laure Rassat .op. .cit. .p 544

[125] الفصل 233 من .م .ج

[126] الفصل 234 من .م ج

[127] Art 227-22 Nouveau code pénale français

[128] Patrice .Gatteno .Droit pénal spécial .op. .cit. .p 95

[129] الفصل 224 من .م .ج

[130] الفصل 237 من المجلة الجزائية

[131] Patrice Gattegno . Droit pénal spécial .op. .cit. .p 55

[132] لبنى خميسي، جريمة الاختطاف مذكرة للإحراز على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الجنائية كلية الحقوق والعلوم السياسية 2001-2002 ص 124

[133] الفصل 238 من .م ج

[134] الفصل 132 من. م .ج

[135] الفصل من قانون عدد 75 لسنة 2003 ،مؤرخ في 10 ديسمبر ،المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال

[136] الفصل 11 من قانون 18 ماي 1992

ليلى الجميل،المستشارة لدى محكمة الاستئناف بنابل المجلة القانونية العدد 12-13 نوفمبر 2006

[137] Patrice Gatteno . Droit pénal spécial .op. cit. .p 103

[138] الفصل 260. م . ج

[139] الفصل 267. م . ج

[140] السيد حسن البغال ، الظروف المشددة والمخففة للعقاب ،مرجع سابق ص 21.

[141] قرار تعقيبي عدد 13172 مؤرخ في 26 فيفري 1986.

قرار تعقيبي عدد 5617 مؤرخ في 7 أكتوبر 1981.

قرار تعقيبي عدد 7964 مؤرخ في 1 ديسمبر 1971 ن .م .ت .ق ج . عدد 1 لسنة 1971 ص 200

رضا خماخم، مجلة جزائية معلق عليها مرجع سابق ص 399

[142] الأستاذ عبد الله الأحمدي ، حقوق الإنسان والحريات الأساسية

[143] Cass. Crime 2 août 1929 Dalloz 1929.

[144] عبد الحميد الشورابي ،ظروف الجريمة المتشددة والمخففة للعقاب مرجع سابق ص 148.

[145] السيد حسين البغال، الظروف المشددة والمخففة للعقاب، مرجع سابق ص 22.

[146] الفصل 269 من م . ج

[147] الفصل 236 .من م ج

[148] قرار تعقبيي جزائي عدد 7692 مؤرخ في 24 نوفمبر 1982 ن .م .ت.ق. ج لسنة 1982 ص 38

[149] الفصل 171 من. م .ج

[150] الدكتور رؤوف عبيد ، جرائم الاعتداء على الأشخاص، مرجع سابق ص 371.

[151] الدكتور محمد صبحي نجم ،قانون العقوبات القسم الخاص ، مرجع سابق 193.

[152] Néji Baccouche : la protection de l’autorité publique dans le code pénal. Mémoire D.E.A juin 1981 fac droit et sc. Pol. Tunis p 108.

[153] Art 434-24 Nouveau Code Pénal francais

[154] السيد حسن البغال، الظروف المسندة والمخففة للعقاب في قانون العقوبات مرجع سابق ص 82.

[155] الدكتور محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال القانون العقوبات اللبناني مرجع سابق ص 637.

[156] الدكتور محمد صبحي نجم ، قانون العقوبات القسم الخاص مرجع سابق ص 168.

[157] الدكتور محمد صبحي نجم، قانون العقوبات القسم الخاص مرجع سابق ص 134

[158] الفصل 261 من م .م . ت. ت .

[159] الدكتور رؤوف عبيد، جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال مرجع سابق ص 376.

[160] الدكتور رؤوف عبيد، جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال مرجع سابق ص 377.

[161] جندي عبد الملك، الجزء الرابع الرشوة ظروف الجريمة مرجع سابق ص 264.

[162] الدكتور حمد صبحي نج،قانون العقوبات القسم الخاص مرجع سابق مرجع سابق ص 134.

[163] الفصل 255 من .م .ج

[164] الفصل 257 . من .م .ج

[165] أسماء الغريي، العناصر المعتبرة في تقرير العقاب، مرجع سابق ص 99.

[166] الدكتور محمد صبحي نجم ،قانون العقوبات القسم الخاص 2001 مرجع سابق 149

[167] الدكتور محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء على الأموال في القانون اللبناني، مرجع سابق ص 147

[168] Michel .Laure Rassat . droit pénale spécial infraction contre les particulier 4 éme édition .op.cit. p118

[169] الدكتور محمد صبحي نجم، قانون العقوبات القسم الخاص، مرجع سابق ص 149.

[170] الفصل 250 من م .ج

[171] الفصل 252 من م. ج

[172] قرار تعقيبي جزائي عدد 8762 مؤرخ في 25 جوان 1983 ن. م. ت .ق. ج .لسنة 1983. ص 223

[173] قرار تعقيبي جزائي عدد 11309 مؤرخ في 10 مارس 1975 ن.م.ت.ق .ج عدد 1 لسنة 1975. ص 140.

[174] الدكتور محمود نجيب حسني، جرائم الاعتداء علي الأموال و الأشخاص ، مرجع سابق ص 163

[175] الفصل 227 من م .ج

[176] الفصل 233 من م .ج.

[177] الفصل 251 م.ج

[178] Valérie . Malabat, Droit pénal spécial .op. cit. p 268

[179] الفصول 101 . 103 من. م .ج

[180] الفصل 147من م. ج

[181] الفصل 148 من م. ج

[182] الفصل 148 من م . ج

[183] Michel . Véron, Droit pénal spécial .op. .cit. . p303

Michel .Laure Rassat. Droit pénal spécial .op. .cit. .p 112

[184] الفصل 118 من م.ج

[185] الفصل 270 من م.ج.

[186] قانون عدد 33 لسنة 1469 المؤرخ في 12 جوان 169 المتعلق بضبط توريد الأسلحة وإلا تجار فيها …

[187] محمود نجيب حسنى ،جرائم الاعتداء على الأموال في قانون العقوبات اللبناني، مرجع سابق ص 129.

[188] الدكتور محمد صبحي نجم، قانون العقوبات القسم الخاص مرجع سابق ص 139

[189] Patrice . Gattegno, Droit pénal spécial . op. . cit. p222

[190] الفصل 116 من م . ج

[191] الفصل 117 من م . ج

[192] الفصل 126 فقرة ثانية من م. ج

[193] الفصل 227 من . م. ج

[194] الفصل 227 مكرر من .م . ج

[195] عبد الله الأحمدي، قانون جنائي خاص الجرائم الأخلاقية مرجع سابق ص54

[196] الفصل 233 من . م. ج

[197] الفصل 237 من .م .ج

[198] الفصل 260 من .م .ج

[199] الفصل 263 من .م .ج

[200] Jean, Larguier, Anne ,Marie Larguier .op. cit. .p 161

Michel .Véron, Droit pénal spécial. op. .cit. .p .204 .

Michel .Laure .Rassat , Droit pénal .spécial .op. cit. p213

[201] راجع الفصول 251 .255 .256 و257 من. م .ج

[202] الفصل 171 من .م .ج

[203] الفصل 79 من .م . ج

[204] محمد الهادي بن عبد الله، جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال ، مرجع سابق ص175

[205] الفصل 76 من. م. ج

[206] الفصل 304. من. م. ج

[207] الفصل 306- 306 فقرة 2. من .م . ج

[208] الفصل 306 من . م.ج

[209] الفصل 171 فقرة أولى من. م . ج

[210] الفصل 171 فقرة رابعة .م.ج.

[211] الفصل 237 فقرة ثالثة م.ج.

[212] جندي عيد الملك،الجزء الرابع رشوة –ظروف الجريمة مرجع سابق ص 667.

[213] الفصل 260 م ج.

[214] احمد الخمليشي مرجع سابق ص 293.

[215] الباب الثالث من الكتاب الثاني من م.ج. تعرض للجرائم الواقعة من الموظفين العموميين أو المشبهين بهم حال مباشرة أو مناسبة وظائفهم.

كما تعرض القسم الثالث من هذا الباب بالتحديد إلى مسألة الاختلاس من ظرف الموظفين وأتباعهم

[216] Art 311-4 Nouveau Code Pénal Français.

[217] الفصل 257 من م.ج.

[218] الفصل 260 فقرة ثانية من .م .ج

[219] محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم الخاص- دار النهضة العربية: 1987 ص 888.

[220] B. Charles,: Introduction à l’étude du vol en droit Belge et en droit Français : Bruxelles : 1961. p123.

[221] جندي عبد الملك ،الجزء الرابع مرجع سابق ص 171 نقض 15 ماي 1939 قضية عدد 685.

[222] R.Merle et A.Vitu : Traité de droit criminel , droit pénal spécial é, Cujas p 1862.

[223] Michel .Véron ,droit .spécial .op. cit. . p 202

Jean .Larguier Anne. Marie Larguier .op. cit. . p 163

[224] جندي عبد الملك ،الجزء الرابع مرجع سابق ص 258

[225] قرار تعقيبي جزائي عدد 7964 مؤرخ في 1 ديسمبر 1971ن . م .ت . ق. ج عد 1 لسنة 1971 ص 2000.

[226] جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية الجزء الرابع مرجع سابق ص 270

[227] رؤوف عبيد ، جرائم الاعتداء على الأشخاص و الأموال مرجع سابق ص 376

[228] الفصل 273 م ج.

[229] Jean .Larguier , Anne .Marie Larguier .op. cit . p 163

[230] الفقرة 274 فقرة ثالثة من .م .ج

[231] الفصل 229 من م. ج

[232] قرار تعقيبي جزائي عدد 4476 مؤرخ في 17 فيفري 1966 ن. م. ت .ق . ج . عدد 1 لسنة 1966 ص 68

[233] الفصل 233 من م .ج

[234] الفصل 251 من م .ج

[235] الفصل 255 من م .ج

[236] الفصل 262 من م .ج

[237] – الفصل 117 من.م.ج

[238] – الفصل 116 من .م.ج

[239] – الفصل 257 ثانيا من .م .ج

[240] – نورة نويرة، الجرائم الجماعية، مذكرة ختم التدريس بالمعهد الأعلى للقضاء 2003-2004 ص 124

[241] – Art 222-8 Nouveau Code Pénal Français

[242] – Art 222-13 Nouveau Code Pénal Français

[243] – أنظر الفصول 60 و 60 مقرر 60 ثالثا و 63 و 72 و 74 و 76 من .م .ج

[244] – الفصول 2001 و 2003 و 204 و 227 مقرر و 307 من .م ج

[245] – الفصل 62 . م. ج

[246] – الفصل 70. م .ج

[247] – الفصل .70 .من. م. ج

[248] Art 410-1 a 414 -9 , Nouveau Code Pénal Français

[249] Néji . Beccouche .Précité 54 le code pénal tunisien est loing de favoriser le delinquand politique

[250] الأستاذ محمد الفاضل الجرائم ، شرح قانون العقوبات السوري، القسم الخاص، الجرائم الواقعة على أمن الدولة،ص ،31 ،32 و 33.

[251] رضا خماخم ،المجلة الجزائية معلق عليهم لسنة مرجع سابق ص 200.

[252] الفصل 132 من م ، ج

[253] الفصل 133 من م.ج

[254] قرار تعقيبي جزائي عدد 5570 مؤرخ في 9 فيفري 1968، ن. م .ت ، ق .ج عدد 1 لسنة 1968، ص 133

[255] الفصل 6 من قانون عدد 52 لسنة 1992، المؤرخ في 18 ماي 1992 المتعلق بالمخدرات .

[256] القانون عدد 47 لسنة 1964 ،المؤرخ في 3 نوفمبر 1964.

[257] ليلى الجميل، المستشارة لدي محكمة الاستئناف بنابل المجلة القانونية ، مرجع سابق ص19.

[258] الفصل 12 من قانون 17 ماي 1992

[259] Patrice Gattegno droit pénal spécial .op. .cit. .p 101 .102. 103.

[260] الفصل 19 من قانون 18 ماي 1992، متعلق بالمخدرات

[261] الفصل 5 ، 349من مجلة الإجراءات الجزائية

[262] الفصل 16 من قانون 2 جوان 1992

[263] الفصل 74 من م ،ج

[264] Art 412.6 Nouveau Code Pénal français

[265] الفصل 171 من م ،ج

[266] الفصل 52 مكرر من م ،ج

[267] الفصل 7 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[268] المعز بن نصر الله ،الإرهاب في القانون المقارن ، رسالة ختم الدروس بالمعهد الأعلى للقضاء، السنة القضائية 1993/1994، ص 402.

[269] Art 421-3 nouveau code pénal français.

Valèrie. Malabat. Droit pénal spécial 2002, p 344-345
Michel Véron Droit pénal spécial op .cit. p 320.
[270] الفصل 29 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[271] الفصل 30 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[272] الفصل 8 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[273] الفصل 9 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[274] الفصل 31 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[275] الفصل 37 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[276] الفصل 5 من م.إ.ج ” تسقط الدعوى العمومية فيما عدا الصور الخاصة التي تسعى عليها القانون بمرور عشرة أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جناية وبمرور ثلاثة أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جنحة.”

[277] الفصل 61 من قانون 10 ديسمبر 2003.

[278] الفصل 349.5 من م.إ.ج.

[279] Jean Larguier et Anne. Marie Larguier , Droit pénal droit spécial .op. .cit. . p 320

[280] الفصل 25 من قانون 10 ديسمبر 2003.

Michel . Véron , Droit pénal . spécial .op.cit p 279[281]

[282] قرار تعقيبي جزائي عدد 8336 مؤرخ في 22 جوان 1983 ن. م. ت. ق .ج عدد 1 لسنة 1984

[283] محمد اللّجمي، كتابة التعويض عن الضرر البدني في القانون التونسي والقانون المقارن الجزء الأول ، ص 153.

[284] الفصل 219 من فقرة أولى. م. ج

[285] الفصل 219 فقرة ثانية من .م ج.

[286] Michèle. Laure Rassat. Droit pénal spécial op.cit p 304, 305

[287] الفصل 224 من .م .ج

[288] الفصل 237 من .م .ج

[289] الفصل 251 من م .ج

[290] محمد الفاضل ،الجرائم الواقعة على الأشخاص مرجع سابق ص 521.

[291] Patrice .Gattegno op. .cit. .p 43

[292] الفصل 228 من. م ج

[293] الدكتور محمود نجيب حسنى: شرح قانون العقوبات القسم الخاص نشر دار النهضة العربية بالقاهرة، 1986، ص 432.

[294] الأستاذ عبد الله الأحمدي، قانون جنائي خاص الجرائم الأخلاقية مرجع سابق ص 93.

[295] الأستاذ عبد الله الأحمدي مرجع سابق،ص 94.

[296] Art 222-30 Nouveau Code Pénal français.

[297] الفصل 228 من. م .ج

[298] قرار تعقيبي عدد 10573 مؤرخ في 29 جانفي 1975 ن. م .ت. ق. ج. عدد 1 سنة 1975 ص 74.

[299] راجع الفصول 213.215 221. 237. 251 و307 من . م .ج

[300] رضا خماخم، المجلة الجزائية معلق عليها 2007 ص 274.

[301] رضا خماخم ، المجلة الجزائية معلق عليها 2007 ص 274.

[302] رضا خماخم ،المجلة الجزائية معلق عليها 2007 ص 274.

[303] جنده عبد الملك, عقوبة موت جرح وضرب مرجع سابق ص

[304] الفصل 208 من م .ج

[305] Michele . Laure Rassat . Droit pénal spécial op .cit p 305

Patrice Gattegne, Droit pénal spécial op .cit p 42

[306] الفصل 213 من م . ج

[307] الفصل 215 من م ج .

[308] رضا خماخم ،مجلة الجزائية معلق عليها مرجع سابق ص 292.

[309] الفصل 221 من. م ج

[310] الفصل 237 من. م ج

[311] الفصل251 من. م .ج

[312] الفصل 307 من. م .ج

[313] الفصل 30 من قانون 10 ديسمبر 2003 ، يكون الحكم بأقصى العقوبة المستوحية للجريمة .

نتج عنها وفاة أو عجز بدني مسمى تجاوزات نسبة عشرين بالمائة

[314] قرار تعقيبي جزائي عدد 6335 مؤرخ في 16 مارس 1983 ن.م.ت.ق.ج عدد 1 1984 ص 179.

[315] قرار جناحي عدد 1146 مؤرخ في 11 جويلية 1933 م.ق .ج عدد 3 لسنة 1963 ص 127.

[316] قرار تعقيبي جزائي عدد 24843 مؤرخ في 31 أكتوبر 1989 ن.م.ت .ق .ج . عدد 1 لسنة 1989،ص 120.

قرار تعقيبي جزائي عدد 785 مؤرخ في 7 جويلية 1976.

[317] الفصل 304 م.ج.

1 – لسان العرب ابن منظور، الجزء الثالث،ص 316ومابعده

[2] لسان العرب ابن منظور، الجزء الثالث ص 315

[3] عبد الكريم مقطوف ، النظام العقابي مذكرة تخرج المعهد الأعلى للقضاء، سنة 1996 ص194

[4] الفصل 47 من. م . ج

[5] Tomas.Didier « la récidive » juris classeur pénal 1994

[6] – الدكتور محمود زكى أبو عامر و سليمان عبد المنعم ، قسم عام من قانون العقوبات ،دار الجامعة للنشر سنة2002 ، ص 643 -644

[7] – محمد عوض قانون العقوبات قسم عام الطبعة 2000 ،ص634

[8] – الدكتور محمد السالم عياد الحلبي، شرح قانون العقوبات القسم العام عمان ، مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع لسنة 1998 ،ص 568

[9] – قرار تعقيبي جزائي عدد 14422 مؤرخ في 26 جوان 1985 ن .م.ت ،قسم جزائي عدد1 لسنة 1986 ،ص 104

[10] – قرار تعقيبي جزائي عدد 23232 مؤرخ في سبتمبر 1987 ن.م.ت، قسم جزائي ص152

قرار تعقيبي جزائي عدد 6682 مؤرخ في 14 افريل 1969 ن . م . ت . قسم جزائي عدد 1 لسنة ،1969 ص127

[11] – محمد زكى أبو عامر و سليمان عبد المنعم ، القسم العام من قانون العقوبات ، مرجع سابق ص 654

Jean Claud Soyer.droit pénal et procédure pénal. 15 éd paris librairie général de droit et jurisprudence. p 148

[12] – راجع قانون عدد 76 لسنة 1973 “الذي ألغى مرسوم عدد 14لسنة 1964 المؤرخ في 30 مارس 1964 ) مؤرخ في 8 ديسمبر 1973”

[13] فرج القصير ،القانون الجنائي العام لسنة 2006، ص 90

[14] -قانون عدد 21 مؤرخ في 13 مارس 1991 الفصل 6 المتعلق بممارسة الطب

[15] – الفصل 32 من . م .ج

[16] – بيع العرض ركن مادي اضافى أقرته محكمة التعقيب جزائي 7509 مؤرخ في 21 ديسمبر 1970 ن.م .ت .ق .ج . عدد 1 سنة 1971 ص 219

[17] – الدكتور سليمان عبد المنعم، نظرية الجزاء الجنائي، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر والتوزيع لسنة 1999 ص 106

– الدكتور عبد الله الاحمدى، توارد الجرام المجلة القانونية عدد 46 – 47 ماى 2008 ص 6 .7. 8

Jean Claud Soyer . droit pénal et procédure pénal.op. cit. p148

[18] – محمد الهادي بن عبد الله ،جرائم الاعتداء على الأشخاص و على الأموال من خلال فقه القضاء التونسي إسهامات في أدبيات المؤسسة تونس 2008 ،ص 65

– قرار تعقيبي جزائي مؤرخ عدد14422 مؤرخ في 26 جوان 1985 ن.م.ت.ج عدد1 ص 104

– قرارتعقيبى جزائي عدد 23232 مؤرخ في 23 سبتمبر 1987 ن.م .ت 1987 ق.ج 152

[19] -رضا خماخم، المجلة الجزائية معلق عليها منشورات المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية 2007 ،ص 127

[20] -الفصول 54. 55 من .م . ج

– رضا خماخم،المجلة الجزائية معلق عليها مرجع سابق ص 127

[21] – الفصول 54.55 من م . ج

– قرار تعقيبي جزائي عدد 9756 مؤرخ في 18 مارس 1975

– قرار تعقيبي جزائي عدد 6619 مؤرخ في 4 ديسمبر 1985 .ن.م. ت ق.ج عدد1 سنة 1986 ص 171

[22] – الفصل 56 من. م . ج

– قرار تعقيبي جزائي عدد 15902 مؤرخ في 2 فيفرى 1985 ن.م .ت.ق .ج عدد 1لسنة 1986 ص167

[23] – عدلي خليل العود و رد الاعتبار الطبعة الأولى توزيع المكتبة القانونية لسنة 1988 ص 352

جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية الجزء الخامس الطبعة الثانية دار العلم للجميع بيروت لبنان ص272

Gaston stefani. George levaseur et Bernard bouloc. droit pénal général. 15éme éd 1995 Dalloz .p 466

[24] Art 1382-8 noveau code pénale français

Gaston .stefani . George levassseur et Bernard bouloc. droit pénal générale 15éme éd 1995 Dalloz. p 466

[25] الدكتور عوض محمد. قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 641 و642

عدلي خليل العود ورد الاعتبار مرجع سابق ص 11

[26] – الدكتور محمد محي الدين عوض،القانون الجنائي مبادئه الأساسية ونظرياته العامة في التشريعين المصري و السوداني1963، ص 852

[27] الفصل 155 من الجلة الجنائية المغربية

[28] – الدكتور رؤف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري الطبعة الثالثة 1965 مطبعة نهضة مصر بالفجالة ،ص 604

[29] Gaston stefani .Georges Levasseur et Bernard bouloc . droit pénale général o. .cit. p 466

[30] الفصلان 157 -158 من المجلة الجنائية المغربية

[31] -الفصل 47. م.ج

[32] -قرار تعيقبى جزائي عدد 6355 مؤرخ في 7 جانفى 1982 .ن. م. ت . ق .ج لسنة 1982 ص 20

[33] -قرار تعقيبي عدد 15397 مؤرخ في 8فيفرى 1986 ن. م .ت ق.ج .عدد 1 ص 319

– قرار تعقيبي جزائي عدد 13273 مؤرخ في 29 أكتوبر 2001 ن.م.ت .ق .ج لسنة 2001 ص 213

– قرار تعقيبي جزائي عدد 12067 مؤرخ 22 نوفمبر 2001 ن.م.ت ق .ج لسنة ص 216

[34] -الفصل 48. م .ج

[35] -قرار تعقيبي جزائي عدد 14422 مؤرخ في 26 جوان .1985. ن.م.ت ق .ج لسنة 1986 .ص 104 قرار تعقيبي جزائي عدد 12067 مؤرخ في 22نوفمبر 2000 .ن. م .ت .ق .ج لسنة 2001 ص 216

[36] – عدلى خليل، العود ورد الاعتبار، مرجع سابق ص 11

الدكتور محمد محي الدين ،القانون الجنائي ومبادؤه الأساسية و النظرية العامة في التشريعين المصري و السوداني مرجع سابق ص 850

[37] – Art 132.10 132.11 132.13 132.14 132.15 132.16 Nouveau Code Pénal français

[39] قرار تعقيبي جزائي عدد 6355 مؤرخ في 7 جانفي 1982. ن. م. ت لسنة 1982. ص 20

[40] – الفصول 154، 155، 156 ،157 من المجلة الجنائية المغربية

[41] Art 132-8 .132-9. Nouveau Code Pénal Français

[42] -patrik Kolb Laurence leturmy. l’essentiel du droit pénal général .3éd p 74

[43] – عدلي خليل، العود و رد الاعتبار مرجع سابق، ص 354

[44] -الدكتور محمد جعفر ، فلسفة العقاب والتصدي للجريمة ، مرجع سابق ص 13

عدلي خليل، العود ورد الاعتبار مرجه سابق ،ص 355

– علي عبد القادر القهوجي، شرح قانون العقوبات القسم العام دراسة مقارنة منشورات الحلبي الحقوقية ،ص820

قرار تعقيبي جزائي عدد8308. مؤرخ في 14 أوت 1983 ن. م. ت.ق .ج .عدد 1 لسنة 1984 ص158
قرارتعقيبى جزائي مؤرخ في12 جوان 1983 ن م ت .ق .ج عدد 1 لسنة 1984 .ص 150
[45] الدكتور محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 839

[46] الفصل 43 من .م .ج

[47] – العجمي الحاج حمودة، المجلة القانونية التونسية 1996ص13

[48] – احمد عبد العزيز الالفى، العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام، مرجع سابق ص183

[49] – احمد عبد العزيز الالفى، العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام ، مرجع سابق ص217

Gaston Stefanie. Georges Levasseur.et Bernard Bouloc. droit pénal général 15éme éd Dalloz p 467

Garraut. traité théorique et pratique droit pénal général tom 2 paris laroset forcel . p312

[50] احمد عبد العزيز الالفى ، العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام مرجع سابق ص 220 221

frid .jean Didier.droit pénal général 2éme éd Montchrestien 1991. p472 – Wil

Jean larguier. droit pénal général et procédure pénale 5éme éd Dalloz p81
[51]الدكتور سليمان عبد المنعم، نظرية الجزاء الجنائى مرجع سابق ص 101

عبد القادر القهوجي ، شرح قانون العقوبات القسم العام دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص820

[52]عدلي خليل ، العود ورد الاعتبار ،مرجع سابق، ص 354

– منيرة مشارك ،الجريمة المجلسية مذكرة جامعية كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس 1999. 2000 ص 73

[53]الفصول من 66الى 131 من مجلة مرافعات وعقوبات عسكرية الصادرة في 10جانى 1957

[54] كلثوم بن عطية بن هداج ، الجريمة العسكرية مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الجنائية كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس لسنة 2000 -2001 ص162

[55] قرار تعقيبي جزائي عدد 92490مؤرخ في 30 أفريل 1998 ن. م. ت سنة 1998 ص 207

قرار تعقيبي جزائي عدد 1002 مؤرخ في 21 سبتمبر 1999 ن .م. ت.ق .ج سنة 1999 ص 197

[56] Wil frid jean Didier droit pénal général. Op. cit . p472

Jean larguier droit pénal général et procédure pénal .op .cit .p 81

أحمد عبد العزيز الألفي ،العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام مرجع سابق ص 140

[57]-الفصل 48 من م ج

[58] – قرار تعقيبي جزائي عدد 29158 مؤرخ في 28جوان .1989. ن. م. ت. ق .ج عدد 1 لسنة 1989ص 239

– قرار تعقيبي جزائي عدد 8897 مؤرخ في 2 جويلية 1982 ن .م .ت.ق .ج عدد 1 لسنة 1984 ص 160

– قرار تعقيبي جزائي عدد 16748 مؤرخ في 6 نوفمبر 1985.ن. م . ت . ق .ج عدد 1 لسنة 1986 ص 174

– قرار تعقيبي جزائي عدد 19159 مؤرخ في 28 جوان 1986 ن . م . ت . ق .ج عدد 1 لسنة 1987 ص 351

– قرار تعقبيي جزائي عدد 15177 مؤرخ في 6 جويلية 1985 ن . م . ت. ق .ج عدد 1 لسنة 1986 ص 98

[59] – Gaston Stefani . Georges Levasseur et Bernard Bouloc . droit pénal général op. cit p 465 –

Benoît Chabert et pierre Olivier. droit pénal général. 2éd 1997 Dalloz p153 –

Garraud. traité théorique et pratique du droit pénal français op. .cit. p312 –
[60] – عدلي خليل، العود إلى الجريمة و رد الاعتبار مرجع سابق ص 255. 256

رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائى منشاة المعارف بالإسكندرية ص 952

الدكتور محمد السالم عياد الحلبي ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع عمان 1997 ،ص 569 .570

R Garraud traité théorique et pratique droit pénal français op. cit p 312. 313

[61] – الدكتور سليمان عبد المنعم نظرية الجزاء الجنائى مرجع سابق ص 99

[62] -قرارتعقبى عدد 6861 مؤرخ في 12 جوان 1983. ن.م . ت .ق .ج سنة 1984 ص 150

[63]الفصل 213 و262 من م. ا .ج

[64] الفصل 47 من .م .ج

[65] قرار تعقيبي جزائي عدد 12067 مؤرخ في 22نوفمبر 2001 ن. م. ت .ق .ج لسنة 2001 ص 216

[66] قرار تعقيبي عدد 7921 مؤرخ في 23 فيفرى 1983 ن. م. ت. ق .ج عدد 1 لسنة 1983 ص 152

قرار تعقيبي جزائي عدد 8308 مؤرخ 14 أوت 1983 ن. م. ت .ق .ج .عدد لسنة 1984 ص 158

قرار تعقبى جزائي عدد 16748 مؤرخ 6نوفمبر 1985 ن. م. ت .ق. ج .عدد 1 لسنة 1986 ص 174

قرار تعقببى جزائي عدد 29158 مؤرخ 11 جانفى 1989 ن. م. ت. ق .ج عدد 1 لسنة 1989 ص 239

قرار تعقبي جزائي عدد 13273 مؤرخ 29اكتوبر 2001 ن. م. ت .ق .ج عدد 1 لسنة 2001 ص 213

[67]الدكتور محمود نجيب حسنى شرح العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 838

N.C apogne .L’essentiel. Droit Pénal Général 2éme éd 1993 p 90
[68]الدكتور محمد عوض قانون عقوبات قسم عام مرجع سابق ص 639

-الدكتور سليمان عبد المنعم نظرية الجزاء الجنائى مرجع سابق ص 101

Gaston. Stefani . GorgesLevasseur et Bernard Bouloc. op cit P467

[69] الفصل 376 -377 من م .ا .ج

[70] عدلي خليل العود و رد الاعتبار مرجع سابق ص 356

عبد القادر القهوجي شرح قانون العقوبات القسم العام دراسة مقارنة مرجع سابق ص 831

الدكتور محمد جعفر فلسفة العقاب و التصدي للجريمة مرجع سابق ص 131

Garraut. Traité théorique et pratique. de Droit pénal français tome 2 . op.cit p 314- 315
Jean. claud soyer. Droit pénal et procédure pénal .op .cit .p 149

[71]محمد الحبيب يوسف، السجل العدلي مجلة القضاء و التشريع جانفى 1992 ،ص 45

[72] احمد عبد العزيز الالفى، العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام مرجع سابق، ص 211

[73]الفصل 371 من مجلة الإجراءات الجزائية “العفو الخاص هو إسقاط العقاب المحكوم به أو الحط من مدته أو إبداله بعقاب أخر اخف منه نص عليه القانون ”

[74]الفصول 367 إلى 370 من .م .ا . ج

[75]محمد الحبيب يوسف .السجل العدلي مرجع سابق ص 46

[76]احمد عبد العزيز الالفى العود للجريمة و الاعتياد على الإجرام مرجع سابق ص 208

الدكتور محمد محي الدين عوض القانون الجنائى مبادؤه الأساسية ونظرياته العامة في التشريعين المصري والسوداني مرجع سابق ص 856

Jean Claud Soyer. droit pénal et procédure pénal . Op.cit . p 148

[77] الفصل 53 -18 من م .ج

[78] قرار تعقبي جزائي عدد 12067 مؤرخ في 22 نوفمبر 2001. ن .م. ت .ق.ج لعام 2001 ص 216

قرار تعقيبي جزائي عدد 13273 مؤرخ في 29 أكتوبر 2001. ن. م. ت . ق. ج لعام 2001 ص 213

قرار تعقيبي جزائي عدد 6682 مؤرخ في 14 أفريل 1969 .ن. م. ت .ق .ج لعام 1969 . ص 127

قرار تعقيبي جزائي عدد 14422 مؤرخ في 26 جوان 1985. ن. م. ت. ق .ج لعام 1986 ص 104
قرار تعقيب جزائي عدد 15177 مؤرخ في 6جويلية 1985 ن .م. ت .ق .ج. لعام 1986 ص 98
[79] الفصل 49 من قانون العقوبات

[80] الفصل 154 من المجلة الجنائية المغربية

[81] قرار تعقيبي جزائي عدد 6355 مؤرخ 7 جانفى 1982 .ن . م .ت .ق .ج لسنة 1982 ص 20

[82] الفصل 48 من م. ج

[83] رضا خماخم، مجلة جزائية معلق عليها ، مرجع سابق ص 90

Art 132-8 132-9 132-10 Nouveau code pénal français [84]

Philippe Salvage .Droit pénal général 5éme éd 2002p 135 -136

Philippe Contre et patrik Maistre du chambon . Droit pénal général 4éme éd p267

[85]أحمد عبد العزيز الالفى، العود للجريمة والاعتياد على الإجرام مرجع سابق،ص 234

عدلي خليل ، العود ورد الاعتبار مرجع سابق، ص 357

[86] الدكتور محمد محيى الدين عوض ،القانون الجنائى مبادؤه الأساسية و نظرياته العامة في التشريعين المصري و السوداني مرجع سابق ص 857

[87] – الدكتور محمد على السالم عياد الحلبي، شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق،ص 572

– عدلي خليل ، العود ورد الاعتبار مرجع سابق، ص 357

– احمد عبد العزيز الالفى، العود للجريمة والاعتياد على الإجرام مرجع سابق، ص 233

Garraud. Traité théorique et pratique du Droit pénal français tomdeuxieme op. cit p 381 .R

Wil frid jean Didier Droit pénal général .op .cit p 472

[88] الفصل 32 من م . ج

[89] الدكتور محمد على السالم عباد الحلبي، شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق، ص 571

رمسيس بهنام ،النظرية العامة للقانون الجنائى مرجع سابق، ص 953

محمد زكى أبو عامر و سليمان عبد المنعم ، القسم العام من قانون العقوبات دار الجامعة الجديدة للشرح 2002، ص 645

[90] الدكتور محمود نجيب حسنى ، شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 842

[91] الفصل 49 من قانون العقوبات المصري

Art 132-8 Nouveau Code pénal francais [92]

[93] الفصل 47 من م. ج

[94] قرار تعقيبي جزائي عدد 12067 مؤرخ في 22 نوفمبر 2001 ن.م .ت. ق. ج سنة 2001 . ص 216

قرار تعقيبي جزائي عدد 13273 مؤرخ في 29 أكتوبر 2001 ن .م . ت . ق .ج 2001 .ص 213

قرار جزائي عدد 14422 مؤرخ في 26 جوان 1985 ن. م. ت. ق.ج 1986 ص 104

قرار تعقيبي جزائي عدد 5577 مؤرخ في 12 فيفرى 1969 ن. م. ت. ق .ج. 1969 ص 114

قرار تعقيبي جزائي عدد 6142 مؤرخ في 24 فيفرى 1969 ن. م. ت. ق .ج 1969 ص 116

قرار تعقيبي جزائي عدد 6238 مؤرخ في 9 جوان 1969 ن. م .ت .ق. ج 1969 ص 167

[95] فرج القصير قانون جنائي عام مرجع سابق . ص 278

[96] محمود نجيب حسنى شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 917

– فرج القصير قانون جنائي عام ص 278

[97] الفصل 236 من .م .ج

[98] الفصل 218 من م .ج

[99] الفصل 217 من . م. ج

[100] الفصل 225 من .م . ج

[101] الفصل 309 من .م . ج

[102] فرج القيصر القانون الجاني العام مرع سابق ص 277

[103] الفصل 47 من. م .ج

[104] أحمد عبد العزيز الالفى العود للجريمة و الاعتياد على الإجرام مرجع سابق ص 73

[105] الفصل 52 من م .ج

[106] قرار تعقيبي جزائي عدد 6355 مؤرخ في 7 جانفي 1982 ن .م . ت .ق. ج لسنة 1982 ص 20

[107] قرار تعقيبي جزائي عدد 7306 مؤرخ في 27 أفريل 1983 ن .م .ت عدد 1 لسنة 1989 ص 156

[108] الفصل 52 من م . ج

[109] الفصل 122 من مجلة الإجراءات الجزائية و الفصل 14 من المجلة الجزائية

[110] فرج القصير القانون الجنائى العام مرجع سابق ص 281

[111] الفصل 35 من مجلة الصرف و التجارة الخارجية

[112] الفصل 159 من مجلة المياه

[113] الفصل 230 من مجلة الغابات

[114] الفصل 237 من مجلة الشغل

[115] قانون عدد 46 لسنة ،1963 مؤرخ في 19 ديسمبر 1963 يتعلق بترتيب وتوريد و توزيع وتحويل الذهب و الاتجار فيه

[116] قانون عدد 32 لسنة ، مؤرخ في ماى 1969 يتعلق بإحداث بطاقة مهنية للاحتراف الفني الفصل 7

[117] قانون عدد 34 لسنة 1988 مؤرخ في 3ماى 1988 يتعلق بتسيير المساجد الفصل 10

[118] الفصل 11 من نفس القانون

[119] الفصل 38 قانون عدد 177 لسنة 1992، مؤرخ في 7 ديسمبر يتعلق بحماية المستهلك

[120] الفصل 53 من قانون لسنة 2004 مؤرخ في 3 فيفرى يتعلق بتنقيح و إتمام القانون عدد 40لسنة 1975 المؤرخ في 14 ماى 1975 المتعلق بجوازات السفر ووثائق السفر

[121] الفصل 50 من . م . ج

[122] قرار تعقيبي جزائي عدد 8897 مؤرخ في 2 جويلية 1983. ن.م . ت.ق .ج لسنة 1984 ص 1

[123] عبد العزيز الألفي ،العود والاعتياد على الإجرام، مرجع سابق ،ص269

Jacque Henni robert. Droit pénal général 2000 p 389. 390[124] .

Jean Pradel . Droit pénal Introduction général. Droit pénal général tom 1 éd Cujas 4.6.8.rue de la maison blanche par tom 1 p 699

[125] عبد العزيز الألفي ، العود للجريمة والاعتياد على الإجرام، مرجع سابق ص 267- 268

[126] عبد العزيز الالفى ، العود للجريمة والاعتياد على الإجرام، مرجع سابق ص 268

[127] – قرار تعقيبي جزائي عدد 280 مؤرخ في 1 أكتوبر 1963. م. ق. ت .عدد 3 لسنة 1963. ص 293

– قرار تعقبي جزائي عدد 13273 مؤرخ في 29 أكتوبر 2001 ن. م. ت .ق .ج سنة 2001 ص 213

– قرار تعقبيي جزائي عدد 12067 مؤرخ في 22 نوفمبر 2001. ن. م ت. ق .ج 2001 ص 216

[128]– محمود نجيب حسنى، شرح قانون العقوبات اللبنانى القسم العام، ص 819

[129] – عنان الخطيب، موجز القانون موجز القانون الجزائي، الكتاب الأول المبادئ في قانون العقوبات ،مطبعة دمشق 1963 ص 703

[130] جندي عبد الملك، الموسوعة الجنائية الجزء الخامس ، مرجع سابق ص 295

– أحمد عبد العزيز الالفى، العود للجريمة و الاعتياد على الإجرام،مرجع سابق ص 270

[131] Gaston Stéfani , Gorges Levasseur et Bernard Bouloc , Droit pénal général 15éme éd op. cit. p 475 476

[132] قرار تعقبي جزائي عدد 280 مؤرخ فئ 1 أكتوبر 1928. ن. م. ت. ق. ج عدد3 لعام 1963 ص 293

قرار تعقبي جزائي عدد 6969 مؤرخ في 9 جويلية .1983 ن .م. ت. ق .ج .عدد 1لعام 1984 ص 162

قرار تعقبي جزائي عدد 9917 مؤرخ في 28 جوان 1975 ن. م. ت . ق. ج .عدد 1لعام 1975 ص 73

[133] الفصل 262 من قانون عقوبات البنانى

[134] عدلي خليل، العود و رد الاعتبار مرجع سابق ،ص 367

[135] الدكتور محمد جعفر، فلسفة العقاب و التصدي للجريمة مرجع سابق ،ص234

علي عبد القادر القهوجي، شرح قانون العقوبات القسم العام دراسة مقارنة مرجع ،سابق ص 831

[136] الفصول من 15 إلى 54 من قانون العقوبات المصري

[137] عدلي خليل العود، ورد الاعتبار مرجع سابق ص 372

[138] عدلي خليل، العود ورد الاعتبار مرجع سابق ص 375

[139] الفصل 263 من قانون العقوبات اللبنانى

[140] الفصل 51 من المجلة الجزائية قبل تنقيحه في 27 فيفرى 1989

[141] الفصل 1 من قانون عدد 76 لسنة 1973، مؤرخ في 8 ديسمبر 1973 يتعلق بعقوبة بالإقصاء

[142] الفصل 3 من قانون عدد 76 لسنة 1973، مؤرخ في 8 ديسمبر 1973 يتعلق بعقوبة الإقصاء

[143] الأستاذ عبد الله الأحمدي، قانون جنائي خاص، الجرائم الأخلاقية الطبعة الأولى ،1998 ص261

[144] قرار تعقبي جزائي عدد 5787 مؤرخ في 11 نوفمبر 1981 ن. م .ت . لعام 1981 ص 189

[145] فرج القصير، القانون الجنائي العام مرجع سابق،ص 280

[146] الفصل 52 من .م .ج

[147] الفصل 315 من .م ج

[148] الفصل 50 من . م .ج

[149] قرار تعقبي جزائي عدد 7306 مؤرخ في 27 أفريل 1983. ن. م. ت .ق .ج عدد 1 لسنة 1984 .ص 156

[150] الدكتور عوض محمد، قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ، ص327

[151] الفصل 49 من قانون العقوبات المصري

[152] الفصل 35 من، مجلة الصرف والتجارة الخارجية

[153] الفصل 159 من مجلة المياه

[154] الفصول 193 194 مجلة الغابات

[155] الفصل 230 من مجلة الغابات

[156] الفصول 209 210 إلى 216 و الفصول 209 ،221 ،222 ،226 من مجلة الغابات

[157] الفصل 229 من مجلة الغابات

[158] الفصل 230 مجلة الشغل

[159] الفصل 7 من قانون 19 ديسمبر ،1963 المتعلق بترتيب و توريد و توزيع و تحويل الذهب و الاتجار فيه .

[160] الفصل 7 فقرة 1 و 2 من قانون 19 ديسمبر 1963 سالف الذكر

[161] الفصل 7 فقرة 3 من قانون 19 ديسمبر 1963

[162] الفصل 7 من قانون عدد 32 لسنة 1969 مؤرخ في 9 ماى1969، المتعلق بإحداث بطاقة مهنية للاحتراف الفني .

[163] الفصل 8 فقرة أولى، من قانون عدد 53 لسنة 1969، مؤرخ في 26 جويلية يتعلق بالأمراض السارية الواجب الإعلام بها وتطهيرها

[164] قانون عدد 54 لسنة 1969، مؤرخ في 26 جويلية 1969 يتعلق بتنظيم المواد السمية.

[165] الفصل 5 من القانون عدد 34 لسنة 1988، مؤرخ في 3ماي 1988 يتعلق بالمساجد .

[166] الفصل 10 فقرة ثانية من نفس القانون

[167] الفصل 10 فقرة أولى من نفس القانون

[168] الفصل 11 من نفس القانون

[169] الفصل 38 من قانون عدد 117 لسنة 1992، مؤرخ في 7 ديسمبر 1992 يتعلق بحماية المستهلك .

[170] الفصل 32 من قانون عدد 117 لسنة 1992 من القانون سالف الذكر

[171] الفصل 38 من القانون سالف الذكر

[172] الفصل 34 من قانون 7 ديسمبر 1992

[173] الفصل 29 من القانون عدد 35 لسنة 2003 ، مؤرخ في 10 ديسمبر 2003 ،يتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب و منع غسل الأموال.

[174] الفصل 12 من القانون سالف الذكر

[175] الفصل 53 من قانون عدد 6 لسنة 2004، مؤرخ في 3 فيفري 2004، يتعلق بالهجرة السرية

[176] الفصل 7 من قانون 19 ديسمبر 1969

[177] الفصل 11 من قانون عدد 44 لسنة 1974 ، مؤرخ في 22 ماي 1974 ،يتعلق بتنظيم مهنة بائع النظارات البصرية.

[178] الفصول 24 .26 .28 من قانون عدد 4 لسنة 1969، مؤرخ في 24 جانفي 1969، يتعلق بالاجتماعات العامة والتجمهر .

[179] محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ص 831

– الدكتور محمد علي السلم عياد الحلبي، شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 562

[180] رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون ،مرجع سابق ،ص 950

[181] Didier Thomas « récidive »juris classeur pénal 1994, P17

[182] أحمد عبد العزيز الألفي، العود و الاعتياد علي الإجرام ، مرجع سابق 275

[183] الفصل 43 من م .ج

[184] فرج القصير، القانون الجنائي العام، مرجع سابق ص 288 و 289

[185] الفصل 50 من. م .ج

[186] معز بالحاج علي، مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الإجرامية ،كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية لسنة 2000-2001 ص 130

[187] رضا خماخم، مجلة جزائية معلق عليها، مرجع سابق ،ص 118

[188] Jean Pradel, introduction général tom 1 .op, cit , p 713

Jacque Herni robert Droit pénal général 2000 op. .cit. p 394

[189] أحمد عبد العزيز الألفي، العود إلى الجريمة والاعتياد على الإجرام، مرجع سابق ص 276

عادل عزار، النظرية العامة في ظروف الجريمة ص 692

[190] الفصل 77 من قانون العقوبات المصري

[191] أحمد عبد العزيز الألفي، العود إلي الجريمة و الاعتياد على الإجرام، مرجع سابق، ص 278

[192] أحمد عبد العزيز الألفي، العود إلي الجريمة والاعتياد علي الإجرام ، مرجع سابق،ص 279

[193] الفصل 123 من مجلة الإجراءات الجزائية

[194] الفصل 123 من مجلة الإجراءات الجزائية

[195] الفصل 124 من مجلة الإجراءات الجزائية

[196] عدلي خليل، العود ورد الاعتبار مرجع سابق ص 350

الدكتور محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات القسم العام ، مرجع سابق ص831

[197] عدنان الخطيب، موجز القانون الجزائي، مرجع سابق ص692

الدكتور عوض محمد، قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق ص 223

[198] محمد أحمد حسن و محمد رفيق السطوسي ،قانون العقوبات في ضوء أحكام محكمة النقض الطبعة الثانية 2003 المجلد الأول ص 292

محمد زكي أبو عمار وسيلمان عبد المنعم، القسم العام من قانون العقوبات طبعة 2002 دار الجامعة الجديد للنشر ص 257

[199] – قرار تعقبي جزائي عدد 8897 مؤرخ في 2 جويلية 1984 ن .م..ت. ق .ج عدد 1 ص 160

– قرار تعقبي جزائي عدد 2351 مؤرخ في 27 جانفي 1964 ن .م. ت. ق .ج عدد1 ص 69

– قرار تعقبي جزائي عدد 15177 مؤرخ في 6 جويلية 1985 ن. م. ت. ق .ج عدد 1 ص 98

[200] – قرار تعقبي جزائي عدد 29158 مؤرخ في 11 جانفي 1989 مجلة القضاء و التشريع عدد 1 لعام 1989،ص 239

[201] – الفصل 48 من م . ج

– قرار تعقبي جزائي عدد 92490 مؤرخ في 30 أفريل 1998 ن.م .ت. ق .ج لعام 1998. ص 207

[202] – قرار تعقبي جزائي عدد 23232 مؤرخ في 23 سبتمبر 1987 ن. م .ت . .ق .ج .1987 ص 152

[203] – قرار تعقبي جزائي عدد 6148 مؤرخ في 24 فيفري 1969 ن. م. ت .ق. ج لعام 1969 ص 116

– قرار تعقبي جزائي عدد 6238 مؤرخ في 9 جوان 1969 ن.م. ت . ق.ج .لسنة 1969 ص 167

[204] Cass. .crime. 13 oct. .1965 .bull .crime n° 197

[205] Cass. crime 20 mars 1984 bull –crime n°116

[206] محمد الحبيب يوسف ، السجل العدلي ، مجلة القضاء والتشريع عدد 1 جانفي 1992، ص 3

[207] قرار تعقبي عدد 3577 مؤرخ في 12 فيفري 1969 ن .م. ت. ق. ج .عدد 1 لعام 1969 ص 194

قرار تعقبي عدد 14637 مؤرخ في 21 أفريل 2006 ن. م .ت .ق . ج . لعام 2006 ص 271

قرار تعقبي عدد 15050مؤرخ في 31 ماي 2006 ن م ت. ق.ج .لعام 2006 ص 275

[208] Jacques Borricand et Anne Maine Simon , Droit pénal et procédure pénal 2éme éd op. .cit. p176

Gaston Stefanie .Georges Levasseur et Bernard Bouloc, Droit pénal général 15ème éd op. .cit. p471

[209] محمد الحبيب يوسف ،السجل العدلي،مرجع سابق ص 48

[210] حاتم البرهوني، الطعن بالتعقيب في الأحكام الجزائية ،مذكرة لنيل شهادة الدراسات المعمقة في الحقوق شعبة العلوم الجنائية كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس لسنة 1996-1997 ص 9 .

[211] قرار تعقبيي جزائي عدد 5577 مؤرخ في 12 فيفري 1969 ن .م.ت ..ق .ج لعام 1969 ص 114

[212] قرار تعقيبي جزائي عدد 15177 مؤرخ 6 جويلية 1985 ن .م .ت. ق .ج عدد 1 لعام 1986 1 ص 98

قرار تعقيبي جزائي عدد 29158 مؤرخ 11 جانفي 1989 مجلة القضاء والتشريع عدد 1 1989 ص 239

قرار تعقيبي جزائي عدد14422 مؤرخ في 26 جوان 1985 ن .م. ت. ق.ج عدد 1 لعام 1986 ص104

قرار تعقيبي جزائي عدد 6142 مؤرخ 24 فيفري 1969 مجلة القضاء والتشريع عدد 1 لسنة 1969 ص 211

[213] قرار تعقيبي جزائي عدد 6969مؤرخ في 9 جويلية 1983 ن .م. ت. ق .ج .عدد 1 لعام 1984 ص 16

قرار تعقيبي جزائي عدد 7409 مؤرخ في 14 مارس 1984ن. م .ت.ق .ج عدد 1 لعام 1985 ص 152

قرار تعقيبي جزائي عدد 5731 مؤرخ في 27 أفريل 1983 ن. م .ت.ق .ج عدد 1 لعام 1984 ص 154

[214] أحمد عبد العزيز الألفي، العود إلي الجريمة والاعتياد علي الإجرام، مرجع سابق ص 283

[215] قرار تعقيبي جزائي عدد 3260 مؤرخ في 23 أفريل 1980 ن.م. ت. ق .ج لعام 1980 ص 100

[1] عمرو زكي أبو عامر ، دراسة في علم الإجرام والعقاب الدار الجامعية 1982، ص9

[2] فرج القصير ، القانون الجنائي العام ، مركز النشر الجامعي 2006، ص 37

Jacques .Borricand .Anne Marie Simon , droit pénal et procédure pénal 2éme édition 2000, p 1

[3] Garafalo, Criminologie 1° part chapitre 1 cité par vidale et Mongonl .1 p 74

[4] محمود نجيب حسني،شرح قانون العقوبات القسم العام النظرية العامة للجريمة والنظرية العامة للعقوبة و التدابير الاحترازية الطبعة السادسة 1989 مطبعة جامعة القاهرة و الكتاب الجا معي ، ص 40

[5] الفصل 13 من الدستور ، الذي نقح بالقانون الدستوري عدد 51 لسنة 220 المؤرخ في 1 جوان 2002، المصادق عليه بالاستفتاء الجاري في 26 ماي 2002

[6] الفصل الأول من . م. ج

[7] رضا خماخم ،المجلة الجزائية معلق عليها تونس 2007 ،ص 17

[8] Gaston Stefanie . Georges Levasseur .Bernard bouloc . droit pénal général. 15 éme. Edition. 1995 Dalloz

[9] محمود نجيب حسني شرح قانون العقوبات القسم العام مرجع سابق ص 41

M .N.Capogne .L’essentielur. droit pénal général 2éme éd 1993 . p 10

[10] Georges Levasseur A .Chavanne . droit pénal et procédure pénal . 3éme éd sirey1972. p 47-48

M .N. Cagone .L’ensentielur . droit pénal général. op. cit. p 62-63- 64

[11] الفصل 38 من م.ج

[12] ابن منظور، لسان العرب ،طبعة دار الجبل دار لسان العرب المجلد الرابع ،ص 733

[13] المعجم العربي الحديث لاروس، تأليف الدكتور خليل، مكتبة لاروس ،ص 844

[14] محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات قسم عام ،مرجع سابق ص538

[15] الفصل 37 -38-39 من قانون 14 ماي 2001 ،المتعلق بنظام السجون

[16] الدكتور محمد جعفر ، فلسفة العقاب و التصدي للجريمة ، المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر ص 12

[17] الدكتور سليمان عبد المنعم علم الجرام و العقاب ، منشورات الحلبى الحقوقية 2003 ،ص 412

[18] الدكتور سليمان، عبد المنعم علم الإجرام و العقاب، مرجع سابق ، نص 410

[19] الدكتور سليمان ، عبد المنعم علم الجرام و العقاب ،مرجع سابق ،ص 412

[20] الدكتور سليمان عبد المنعم ، علم الإجرام و العقاب ، مرجع سابق ، ص 412

[21] الدكتور سليمان عبد المنعم ، علم الإجرام والعقاب ، مرجع سابق ، ص 412

[22] الدكتور سليمان عبد المنعم ، علم الإجرام و العقاب، مرجع سابق ، ص413

[23] محمود أبو زهرة ، الجريمة و العقوبة في الفقه الإسلامي، العقوبة ، دار الفكر العربي ص 18

[24] محمود أبو زهرة مرجع سابق ص 18

[25] الدكتور سليمان عبد المنعم ، علم الإجرام والعقاب، مرجع سابق، ص 484

[26] محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق، ص 16

[27] محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام ،مرجع سابق، ص 16

[28] محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام ، مرجع سابق ،ص 16

Jacques Borricand . Anne Marrie Simon. droit pénal général. o. .cit. p 13.14

[29] فرج القصير ، القانون الجنائي العام، مرجع سابق، ص 25

Jacque .Borricand .Anne Marie Simon. droit pénal général . op.. cit.. p 15 [30]

[31] فرج القصير،القانون الجاني العام ، مرجع سابق، ص 27

[32] محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات القسم العام ، مرجع سابق ،ص 20

[33] فرج القصير، القانون الجنائي العام ، مرجع سابق ص 28

[34] الدكتور سليمان عبد المنعم ،علم الإجرام والعقاب، مرجع سابق،ص 549

[35] فرج القصير، القانون الجنائي العام ، مرجع سابق، ص 29

Jacques. Borricand . Anne Marrie Simon . droit pénal général .op. cit. p 18

[36] مختار الجلولي الهاني ، التوجهات للسياسة العقابية في تونس ، مجلة القضاء و التشريع ،أكتوبر 2000 عدد 8 ص 68

[37] الفصل 13 من الدستور التونسي

[38] مختار الجلولى ، مرجع سابق ص 72

الفصل 53 من م .ج

[39] الفصل 80 من .م .ج

[40] الفصول 131.132.134 من .م .ج

[41] الفصل 93 من .م .ج

[42] الفصل 252 فقرة ثانية من .م .ج

[43] الفصل 242.243 من .م .ج

[44] الفصل 149 من .م .ج

[45] الفصل 266 من .م .ج

[46] الفصل 26 من قانون 10 ديسمبر2003 ،المتعلق بالإرهاب ومنع غسل الأموال

[47] الفصل 211 من. م .ج

[48] الفصل 27 من قانون 10 ديسمبر 2003 سالف الذكر

[49] الفصل 50 من . م .ج

[50] الفصل 13 فقرة ثانية من الدستور

[51] الفصول 43.47 من . م .ج و الفصل 68 من . م .ح .ط

[52] قانون 10 ديسمبر 2003 سالف الذكر و الفصل 60 وما عده من .م .ج