أجاز المشرع في القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ رهن المحل التجارى دون أن تنتقل حيازته إلى الدائن المرتهن، ويعتبر ذلك خروجاً على القواعد العامة لأن المحال التجارى مال منقول ورهن المنقول لا يكون إلا حيازياً، وخروج المشرع التجارى على هذا القواعد العامة الهدف منه تيسير الائتمان التجاري . ويخضع المحل التجارى للقانون رقم ) ١١ ( لسنة ١٩٤٠ حيث نظم أحكام الرهن في الفصل الثاني ويخضع أيضاً للقانون التجارى رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ حيث وضع حكم متعلق بالشروط الشكلية في رهن المحل التجارى بالإضافة لخضوع رهن المحل التجارى للقواعد العامة في القانون المدني إذا لم يرد بشأنه نص خاص في القانونين السابقين .

أولاً: شروط انعقاد رهن المتجر:

يشترط لاعتبار عقد رهن المحل التجارى صحيحاً توافر شروط موضوعية وأخرى شكلية ٠

الشروط الموضوعية:

يشترط لصحة الرهن توافر كافة الشروط الموضوعية التى يجب توافرها طبقاً للقواعد العامة في عقد الرهن عموماً كالرضا الصحيح والمحل والسبب والأهلية بالإضافة للشروط الموضوعية الأخرى التى تتعلق برهن المحل التجارى والتي أشار إليها القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ فقد نصت المادة ٨ منه على أنه “يجوز بالشروط المقررة في هذا القانون رهن المحل التجارية” .

وهذه الشروط تتعلق بالمدين الراهن وبالدائن المرتهن وبمحل الرهن وقبل الحديث عن هذه الشروط الموضوعية الخاصة نود أن نشير إلى أن هذه الأحكام الخاصة برهن المحل التجارى لا تطبيق إلا إذا توافر له فكرة المحل التجارى بالمعنى القانوني أى توافرت العناصر والمقومات التى تجعله محلاً تجارياً خاصة عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية .

الشروط الخاصة بالمدین الراھن

يشترط وفقاً للقواعد العامة في الرهن أن يكون المدين الراهن مالكاً للشيء المرهون وأهلاً للتصرف فيه، وقد خرج القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ على هذه القواعد حينما أعطى لمستأجر المحل التجارى من خلال عقد تأجيراستغلاله )إيجار بالجدك( حق رهن المحل التجارى حيث نصت المادة ١٨ على أنه “يعتبر باطلاً كل شرط فى عقد الإيجار يترتب عليه الإخلال بحق المستأجر في الرهن طبقاً لهذا القانون” . وبالتالي يجوز رهن المحل التجاري من المستأجر الذى لديه حق استغلال من خلال عقد إيجار استغلال المحل التجارى والذى يطلق عليه أحياناً عقد الإيجار بالجدك . بالإضافة لذلك يجب ألا يقع الرهن من المدين الراهن خلال فترة الريبة لأن الرهن في هذه الحالة سوف يكون باطلاً بطلاناً وجوبياً أو جوازياً على حسب الأحوال، وهذا يتضح من نص المادة ١٢ من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ التى تقرر بأنه ” في حالة الإفلاس تطبق على الرهون التى تنشأ وفقاً لهذا القانون الأحكام المقررة في المواد 231،228،227من القانون التجاري”، وقد حلت المواد ٦٠١ ،٥٩٩ ، ٥٩٨ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ محل هذه المواد التى ألغاها بإلغاء القانون التجارى الصادر سنة ١٨٨٣.

الشروط الخاصة بالدائن المرتھن

فرض المشرع في القانون ١١ لسنة ١٩٤٠ على المدين الراهن دائناً معيناً لا يجوز رهن المحل التجارى إلا لديه، وذلك خروجاً على القواعد العامة التى تعطى للمدين حرية اختيار الدائن الذى يرغب في الاقتراض منه ورهن محله لديه، حيث نصت المادة ١٠ على أنه ” لا يجوز أن ترتهن لدى غير البنوك أو بيوت التسليف التى يرخص لها بذلك وزير التجارة والصناعة بالشروط التى يحدوها قرار من الوزير المختص لهذا الغرض” ٠

وقيل في تبرير ذلك أن المقصود بهذا النص حماية المدين الراهن من استغلال وجشع المرابين عن طريق فرض شروط قاسية تحت ضغط حاجة النقود وهو ما تتنزه عنه المؤسسات المصرفية أو التمويلية(1) وقيل أيضاً(2) أن هذا النص يعتبر ميزة منحها المشرع للمشروعات الرأسمالية الكبيرة التى تتمثل فى المصارف وبيوت التسليف، فقصر عليها هذا الامتياز .

شروط متعلقة بمحل الرھن

نصت المادة ٩ من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ على العناصر التى يجوز أن يشملها الرهن حيث قررت بأن رهن المحل التجارى يجوز أن يشمل ما يأتي: العنوان والاسم التجارى والحق في الإجارة والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية والأثاث التجارى والمهمات والآلات التى تستعمل في استغلال المحل – لو صارت عقاراً بالتخصيص – والعلامات التجارية والرخص والإجازات وعلى وجه العموم حقوق المكية الصناعية والأدبية والفنية المرتبط به . ومن المقرر أن العناصر الواردة في المادة ٩ من قانون بيع ورهن المحل التجارى تعد واردة على سبيل الحصر فلا يجوز أن يرد الرهن على غيرها من العناصر حيث قالت المذكرة التفسيرية لمشروع القانون رقم ١١لسنة ١٩٤٠ أن المادة التاسعة قد بينت على سبيل الحصر الأشياء التى يجوز أن يشملها الرهن وهى العناصر المعنوية والمهمات دون البضائع حيث لم يرد ذكرها . فإذا لم يتفق طرفي عقد الرهن على العناصر التى يشملها، فإن المادة ٢ /9 قررت في هذه الحالة قصر الرهن على العنوان والاسم التجارى والحق فى الإيجار والاتصال بالعملاء والسمعة التجارية .

 الشروط الشكلية:

تشترط المادة ٣٧ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ كتابة عقد رهن المحل التجارى وقيده فى سجل خاص وشهره في السجل التجارى .

الكتابة:

تعتبر الكتابة ركناً لانعقاد الرهن، حيث يكون العقد باطلاً إذا لم يكن مكتوباً . وقد ظهر خلاف قبل صدور قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ حول المقصود من نص المادة ١١ من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ ، هل تعتبر الكتابة ركناً لانعقاد رهن المتجر أم أنها للإثبات فقط؟ وكان الرأي الراجح يذهب إلى أن المقصود من هذا النص هو أن تكون الكتابة ركنا لانعقاد العقد(3) بينما كان هناك اتجاه أخر(4) يرى أن الكتابة ما زالت للإثبات فقط ٠

وقد جاء قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ وحسم هذا الخلاف واعتبر الكتابة ركنا لانعقاد رهن المحل التجارى، ويترتب على تخلفها بطلان العقد )مادة ٣٧ تجارى(. ومما لا شك فيه أن قيد الرهن وشهره الذى تطلبه قانون التجارة يستوجب أن يكون عقد الرهن عقداً مكتوباً .

 القيد:

رهن المحل التجارى من العقود التى يجب إعلامها للغير، لذلك أوجب قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ قيد رهن المتجر في سجل خاص يصدر بتنظيمه قرار من الوزير المختص ويحفظ في مكتب السجل التجارى )مادة ٣٧ أو تجاري( ولم ينص قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على جزاء عدم إجراء القيد مثلما فعل بالنسبة لبيع المتجر(5) وبالرجوع للقانون ١١ لسنة ١٩٤٠ الخاص ببيع ورهن المحل التجارى نجد أن المادة ١٢ تقرر قيد الرهن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عقد الرهن وإلا كان باطلاً، ويميل الرأى الراجح(6)، على أن المقصود بالبطلان هنا هو بطلان القيد ذاته وليس عقد الرهن . وعلى ذلك نرى أن عدم قيد الرهن فى السجل الخاص بذلك يترتب عليه بطلان القيد أى عدم نفاذ الرهن فى مواجهة الغير .

 الشهر:

أيضاً أوجب قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ شهر عقد رهن المتجر بالقيد فى السجل التجارى ويجب أن يشتمل هذا الشهر على أسماء المتعاقدين وعناوينهم وجنسياتهم وتاريخ العقد ونوعية ونشاط المتجر وعنوانه والعناصر التى اتفق على أن يشملها العقد، قيمة الدين المبين فى عقد الرهن والشروط المتعلقة بسعر الفائدة ومواعيد استحقاقها وبيان وجود أو عدم وجود حق فسخ أو امتياز للبائع أو رهن سابق أو حق عينى آخر(7) ولم ينص قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ على جزاء عدم شهر عقد الرهن، ونرى أن الجزاء المترتب على ذلك هو عدم نفاذ عقد رهن المتجر فى مواجهة الغير، ويجب توافر القيد والشهر معاً فلا يغنى أحدهما عن الآخر ٠

ثانياً: آثار عقد رهن المتجر :

إذا توافرت الشروط الموضوعية والشكلية لعقد رهن المتجر فإنه يرتب أثاراً قانونية بالنسبة للمدين الراهن والدائن المرتهن والدائنين العاديين .

١- أثار رهن المتجر بالنسبة للمدين الراهن:

لا يترتب على رهن المحل التجارى انتقال حيازته إلى الدائن المرتهن بل تظل الحيازة للمدين الراهن ليتمكن من الاستمرار في استغلاله واستثماره . وإذا كان المشرع أعطى المدين الراهن حق حيازة المحل التجارى، إلا أنه من ناحية أخرى الزمة بالمحافظة على حقوق الدائن المرتهن، فقد نصت المادة ١٣ من القانون رقم ١ لسنة ١٩٤٠ على أن ” المدين الذى يرهن المحل التجارى مسئول عن حفظ الأشياء المرهونة بحالة جيدة دون أن يكون له حق في الرجوع على الدائن بشيء في مقابل ذلك” . يتضح من ذلك أن المدين الراهن عليه أن يقوم بكل ما من شأنه المحافظة على العناصر التى تقع عليها الرهن وبصفة خاصة عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية، وإذا كان المحل مؤجر فعليه المحافظة على حق الإجارة بأن يقوم بدفع الأجرة في مواعيدها حتى لا يتعرض لفسخ عقد الإيجار، وإذا كان الرهن يشمل المهمات فإن المدين الراهن عليه واجب المحافظة عليها وصيانتها .

وإذا أخل المدين الراهن بالتزامه بالمحافظة على عناصر المحل التجارى محل الرهن فإنه يكون قد أخل بالتزامه فى مواجهة الدائن المرتهن مما يؤدى إلى إضعاف التأمين المقرر لضمان الدين مما يؤدى إلى سقوط أجل الدين وحق الدائن في التنفيذ على المال المرهون في حالة الامتناع عن الوفاء(8). والجدير بالذكر أن الرهن لا يمنع المدين الراهن من القيام بالتصرف في المحل التجارى بجميع أنواع التصرفات، لأن هذه التصرفات لا تضر الدائن المرتهن حيث يكون له حق تتبع المحل في أى يد تكون، كما يكون للدائن حق التقدم على غيره من أصحاب الديون المقيدة طالماً كان تاريخ قيد وشهر رهنه أسبق .

٢- أثار رهن المتجر بالنسبة للدائن المرتهن:

رهن المحل التجارى يعطى للدائن المرتهن حق التقدم وحق التتبع .

حق التقدم:

فالدائن المرتهن إذا لم يستوفى دينه كان له حق التنفيذ على المتجر وأخذ دينه بالأولوية وفقاً لتاريخ قيد وشهر الرهن في السجل الخاص وصحيفة السجل التجاري، ويجب توافر القيد والشهر معاً لكى يعتد بالرهن في مواجهة الغير . وإذا كان هناك أكثر من دائن مرتهن وتم القيد والشهر في يوم واحد، كانت له مرتبة واحدة (المادة ٦١/1 من القانون ١١ لسنة ١٩٤٠ والمادة ٣٧ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩). إذا كان هناك دائن مرتهن للمحل التجارى ودائن مرتهن للعقار –بأن كان المدين مالكاً للعقار الذى فيه المحل التجارى ورهن العقار رهناً رسمياً مع الأثاث والمهمات بوصفها عقاراً بالتخصيص – فإن الأولوية هنا تكون بحسب تاريخ قيد وشهر الرهن، أما إذا أجرى القيدان في يوم واحد تقدم الرهن العقاري على رهن المحل التجارى )مادة ١٦ من القانون ١١ لسنة ١٩٤٠) ويضمن الرهن للدائن أولوية في استيفاء الدين وفوائد سنتين(9) وإذا كان المتجر المرهون مؤمناً عليه وهلك انتقل حق الدائن المرتهن إلى مبلغ التأمين )مادة ١٥ من القانون ١١ لسنة ١٩٤٠)

 حق التتبع:

للدائن المرتهن ميزة تتبع المحل التجارى في أية يد ينتقل إليها إذا ما قام المدين بالتصرف في المحل التجارى ٠

فإذا قام المدين الراهن ببيع المتجر فإنه ينتقل للمشترى محملاً بالرهن ولا يستطيع المشترى الاحتجاج بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية لأن المحل التجارى منقول معنوي لا تسرى عليه هذه القاعدة، أما إذا قام المدين الراهن ببيع بعض العناصر المادية فإن المشترى يستطيع أن يمسك بقاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية إذا كان حسن النية(10)

٣- آثار رهن المتجر على الدائنين العاديين:

من حق الدائنين العاديين السابقين على قيد وشهر الرهن، متى كان الغرض من ديونهم استغلال المحل التجارى، أن يطلبوا سداد ديونهم قبل مواعيد استحقاقها إذا أصابهم ضرر من ذلك القيد )مادة ٢٥ من القانون ١١ لسنة ١٩٤٠) وإذا كان المتجر المرهون مؤمناً عليه وهلك انتقل حق الدائن المرتهن إلى مبلغ التأمين )مادة ١٥ من القانون ١١ لسنة ١٩٤٠)

التنفيذ على المحل التجارى

قرر القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ إجراءات مبسطة وسريعة للتنفيذ على المحل المرهون يفيد منها الدائن المرتهن وكذلك البائع الذى ينفذ على المتجر بمقتضى امتياز ٠

هذه الإجراءات تنص عليها المادة ١٤ وهى كما يلى:

١- يقوم الدائن طالب التنفيذ بالتنبيه رسمياً على المدين أو الحائز للمحل التجارى بوفاء الدين ٠

٢- يجوز للدائن الذى يقوم بإجراءات التنفيذ أن يقدم عريضة إلى قاضى الأمور المستعجلة فى المحكمة التى يوجد بدائرتها المحل التجارى، يطلب الأذن بأن تباع بالمزاد العلنى عناصر المحل التجارى كلها أو بعضها التى يتناولها الامتياز أو الرهن .

٣- يحدد القاضي في الأذن بالبيع مكان البيع وتاريخه وساعته .

٤- يعلن عن البيع قبل حصوله بعشرة أيام على الأقل، وذلك بالنشر واللصق، وتعلق صورة من هذه الإعلانات قبل البيع بخمسة أيام على الأقل فى المكان الذى يشغله المحل والدائنين المرتهنين المقيدين فى محالهم المختارة المبينة في قيودهم، حتى يتمكنوا من المطالبة بحقوقهم .

____________________

1- هذا التبرير وورد في المذكرة التفسيرية للقانون المصري رقم ١١ لسنة ١٩٤٠ .

2- د . محمود سمير الشرقاوي – القانون التجارى – الجزء الأول – الطبعة الثالثة – دار النهضة العربية – ١٩ – صفحة109.

3- د . محمود سمير الشرقاوي – المرجع السابق – صفحة ١١٠ .

4- د . أبو زيد رضوان – مبادئ القانون التجارى6 ١٩٩ صفحة ٣٨٢ .

5- راجع المادة ٣٨ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ التى نقرر عدم انتقال ملكية المتجر فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا من تاريخ قيد التصرف”،وقد سكت المشرع عن جزاء عدم قيد التصرفات الأخرى .

6- د. محمود سمير الشرقاوي – المرجع السابق – صفحة ١١١ ، وأيضاً الدكتور أبوزيد رضوان – المرجع السابق – صفحة ٣٨٣.

7- راجع المادة ٣٧/ ٣ من قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ ، والمادة ١٩ من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٤٠.

8- د .محمود سمير الشرقاوي – المرجع السابق – ص ١١٢.

9- د- على جمال الدين عوض – الوجيز في . القانون التجارى – الجزء الأول – ١٩ – ص ١٩٧5.

10- ثروت عبد الرحيم – شرح القانون التجارى المصري الجديد – دار النهضة ٢٠٠ – ص ٢٦٧ ود ٠ محمود سمير. الشرقاوي – المرجع السابق – ص113.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .